قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل التاسع

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل التاسع

رواية مقيد بأكاذيبها للكاتبة هدير نور الفصل التاسع

عقدت صدفة ذراعيها اسفل صدرها بينما تهز جسدها بغضب و حركة عصبيه لكن سرعان ما ارتسمت فوق شفتيها ابتسامة واسعة اتجهت سريعاً نحو احدي خزائن المطبخ وهي تغمغم
=مش بنتك اللي طابخة طيب اشربى بقى انتى و هى...
اخرجت احدي العبوات الكبيرة المكتوب عليها شطة أسواني و التي كان معروف عمها بانها اشد الانواع حرارة.
اخذت تضع منها بكثرة في جميع الاطعمة و الابتسامة الواسعة التي على شفتيها تتسع بشر و فرح.

مغمغمة بانتصار
=و ديني ما هخليهم يعرفوا يحطوا معلقة واحدة في بوقهم. ان ما خلتهم يتفوا عليكى
=بتنيلى ايه عندك...
ابتلعت باقى جملتها منتفضة في مكانها صارخة بفزع فور سماعها تلك الكلمات تأتى من خلفها ليتجمد جسدها و يشحب وجهها بخوف فور رؤيتها لذاك الشخص الواقف بباب المطبخ يرمقها بنظرات حادة مشتعلة. لتدرك انه قد تم كشف امرها.

اسرعت باخفاء عبوة الشطة خلف ظهرها مراقبة باعين متسعة و انفس لاهثة ثقيلة راجح و هو يتقدم نحوها بخطوات ثابتة وعينيه مسلطة بتركيز عليها.
غمغم بحدة فور ان اصبح يقف امامها مشيراً برأسه نحو يدها التي تخفيها خلف ظهرها
=مخبية ايه ورا ضهرك.؟!

ظلت صدفة تتطلع اليه بصمت دون ان تجيبه فقد حاولت تحريك شفتيها و اجابته لكن لم تطعها شفتيها حيث تجمدت من سدة التوتر و الخوف. مما جعله يطبق على يدها التي تخفيها خلف ظهرها جاذباً اياها بحدة إلى الامام.
حدق بغضب بعبوة الشطة التي بيدها مغمغماً بقسوة و قد اشتدت قبضته حول يدها
=بتهببى ايه بالشطة دي.؟!
خرجت من صمتها لكى تنقذ نفسها مجيبة اياه بحدة و هي تنفض يده بعيداً عنها متصنعة الغضب حتى لا تكشف امرها.

=هيكون ايه يعني بظبط بهارات الاكل زي ما امك قالتلي...
ضيق عينيه محدقاً بها و عينيه تنتقل بشك بينها و بين عبوة الشطة التي لازالت بيدها
=اومال لما شوفتيني اتخضيتي ليه،؟
اجابته بسخرية وهي تهز كتفيها
=و انا من امتي شوفتك و متخضتش...
لتكمل بطريقة مأساوية واضعة يدها فوق صدرها تضرب عليه برفق
=بعيد عنك لما بشوفك كأني شوفت ولا اعوذ بالله عفريت، يا ساتر يارب كأن حاجة كده بتكتم على قلبي...

قبض على ذراعها جاذباً اياها نحوه لتصطدم بقسوة بصدره الصلب اخفض رأسه مزمجراً بجانب اذنها بصوت خشن
=قسماً بالله يا صدفة لأقطعلك لسانك اللي اطول منك ده.
ليكمل و هو يشدد من قبضته بقسوة حول ذراعها مما جعلها تطلق تأوه من الألم
=و عايزك تحمدى ربنا ان في ناس برا و الا و رحمة امك لكنت عرفتك ازاي بكتم على نفسك كويس...
ابتعدت عنه مغمغمة بارتباك فور ادراكها انه يعني تهديده هذا.

=بقولك ايه ما تطلع تعقد مع الرجالة برا بدل ما انت لزقلي هنا زي العمل الرادي كده...
لكنها توقفت عن تكملة جملتها تبتلع لعابها بخوف فور ان حدقها بنظرة حادة اخرستها على الفور.
تلاعبت اصابعها بتوتر باطراف غطاء الرأس الذي تضعه حول رقبتها جذبت حركتها تلك انتباهه إلى شعرها المسترسل على كتفيها و ظهرها...
قبضت يده على بعضاً من خصلاته جاذباً اياه بحدة للأسفل و هو يزمجر بشراسة و عينيه مشتعلتين بنيران الغضب.

=انا مش قولتلك تتنيلي تلبسي الطرحة و تغطي شعرك ده...
ارجعت رأسها للخلف محررة خصلات شعرها من بين اصابعه و هي تغمغم بعصبية
=اعمل ايه يعني خالتك اللي عايزة تشوف شعري...
قاطعها و هو يجز على اسنانه بقسوة بينما يحرر الطرحة من حول رقبتها و يضعه على رأسها مغطياً شعرها بأكمله بحركات منفعلة
=بلا خالتي بلا امي شعرك يتغطي، فاهمة
هزت رأسها قائلة بطاعة مزيفة يتخللها السخرية بينما تخفض عينيها.

=امرك يا سي السيد حاضر...
اخذ يحاول لف الطرحة حول رأسها لكن كانت تنزلق بكل مرة من فوق رأسها بسبب نعومة شعرها هتف بحنق و هو ينزعه من فوق رأسها واضعاً اياه بين يديها
=امسكى اعمليه انتى...
تنهدت صدفة بحده وهي تتناوله منه ثم بدأت بجمع شعرها بكعكة قبل ان تبدأ بعقد الطرحة حول رأسها.
و ما ان انتهت غمغمت بنفاذ صبر و هي تشير نحو رأسها
=تمام كده،؟

وقف راجح يتفحصها بنظرات ثاقبة حتى يتأكد من ان شعرها قد غطى تماماً...
اومأ رأسه بالنهاية برضا ثم ظل يتطلع اليها عدة لحظات بنظرات مشتعلة
قبل ان يلتف و يتجه نحو الباب و هو يهمهم بغضب...
=جهزي الاكل و طلعيه يلا و انا هخلي امي تيجي و تساعدك...
ليكمل بغضب و هو ينظر للساعة التي بساعده
=مش عارف الزفته اللي اسمها هاجر دي اتأخرت كده ليه تلاقيها بتهرب من عمايل الاكل كالعادة.

غمغت صدفة بخبث بينما تتصنع تعديل الوشاح حول رأسها
=تتهرب ايه بس ده هاجر اللى عاملة الأكل ده كله...
استدار اليها راجح بحدة مغمغماً بصدمة يتخللها الشك
=هاجر اللي طبخة الاكل ازاي،! دي مبتعرفش تسلق بيضة.
اجابته ببرود بينما تهز كتفيها
=معرفش امك اللي قالت كده لخالتك...
هز راجح رأسه مهمهماً بصوت منخفض
=اها خالتي قولتيلي...

حيث كان يعلم ان والدته دائماً تحاول ان تجمل صورة شقيقته امام اقاربهم مغرقة اياها بالمدح الكاذب فبالتأكيد و الدته من قامت بطبخ كل هذا و نسبته اليها حتى تبهر شقيقتها.
اكمل طريقه للخارج و هو يغمغم بهدوء
=جهزي الاكل الناس مستنية و هبعتلك امي تساعدك...
وقفت صدفة تراقبه وهو يغادر و ابتسامة واسعة على وجهها تملئ شفتيها شاعرة بالحماس لما سيحدث لحماتها عندما تعلم ما فعلته...
في ذات الوقت...

كانت هاجر شقيقة راجح في طريقها إلى المنزل حاملة بين ذراعيها الكتب الخاصة بدراستها و هي تتحدث بصوت منخفض بالهاتف
=يا حبيبي اجيبلك المبلغ ده كله منين ما انت عارف مصروفي على قدي...
تنفست بعمق و هي تستمع اليه يجيبها بحدة و قد شحب وجهها
=طيب خلاص. خلاص متزعلش انا هحاول اتصرف في اي مبلغ...
ثم اشرق وجهها بابتسامة واسعة فور سماعها كلماته على الطرف الاخر
=ويخاليك ليا يا حبيبى. و انا كمان بحبك...

و ما ان وصلت امام منزلها غمغمت بصوت منخفض حتى لا يسمعها احد
=طيب يا حبيبي انا هقفل بقي لان خلاص داخله على البيت، و بكره بعد درس العربي نتقابل و هديك الفلوس...
سمعت اجابته مبتسمة ثم اغلقت الهاتف واضعة اياه داخل بنطالها قبل ان تدخل إلى بهو المنزل و منه إلى الشقة الخاصة بعائلتها.

و فور ان فتحت باب الشقة وصل اليه الصوت الصاخب لضحكات و حديث عائلتها الأتي من غرفة الاستقبال حيث كان اقارب والدتها قد اتوا لزيارتهم لكى يهنئوا راجح بزواجه.

استغلت ان البهو خالي و دلفت مسرعة إلى غرفة والديها اتجهت بانفس لاهثة نحو خازنة الملابس تفتحها بحثاً عن الصندوق التي تحتفظ به والدتها بالاموال اخرجته سريعاً و هي تتلفت بخوف نحو باب الغرفة لكن خابت امالها فور ان فتحت الصندوق و وجدته فارغاً زفرت باحباط و غضب فكيف الان ستأتي بالاموال التي وعدت حبيبها بها.

لكن سرعان ما اشرق و جهها فور ان وقعت عينيها على المفتاح الخاص بشقة شقيقها راجح الذي تحتفظ به والدتها بالصندوق. حيث قامت والدتها قبل زواجه بنسخ مفتاح شقته دون علمه و قامت بتخبئته مخبره اياهم انه كنوع من الاحتياط.

التقطت المفتاح سريعاً ثم اعادت الصندوق إلى مكانه مرة اخري قبل ان تسرع بالخروج من الشقة كما دخلتها دون ان يراها احد ثم اسرعت بالصعود إلى شقة راجح قامت بطرق الباب و الامتظار قليلاً حتى تتأكد بانه لا يوجد احد بالداخل.
علي الرغم من علمها بان راجح و زوجته بالاسفل للترحيب باقاربهم الا انها فعلت ذلك كنوع من الأمان حتى لا يتم كشف امرها...
فتحت باب الشقة و دلفت إلى الداخل مغلقة الباب بهدوء خلفها.

دلفت إلى غرفة النوم الرئيسية و اتجهت نحو خازنة الملابس تهم بفتحها لكنها تذكرت ان شقيقها قبل زواجه كان معتاد على وضع امواله بالدرج الذي بالطاولة التي بجانب فراشه.

اتجهت مسرعة نحو الطاولة تفتحها لكنها وجدتها فارغة لتسرع نحو الطاولة الاخري التي على الجانب الاخر من الفراش تفتح درجها ليشرق وجهها بابتسامة واسعة فور ان رأت الاموال التي بها اسرعت بأخذ مبلغ من المال قامت بعده لتكتشف انه خمسمائة جنية كانت ترغب بأخذ اكثر من ذلك لكن المال الذي بالدرج لم يكن كثيراً و لا ترغب ان يكشف امرها...

خبئت الأموال بجيب بنطالها ثم اسرعت بالخروج من الشقة و هبطت الدرج بخطوات صامتة حتى لا يسمعها احد ويتم كشف امرها و دلفت إلى شقة عائلتها كما لو كانت عائدة للتو من دروسها...
بدأت صدف بوضع الطعام على الطاولة بمفردها فلم تأتى نعمات لمساعدتها لذا بدأت هي بوضع الاطباق المختلفة التي اعدتها بيدها. و التي خربتها بيدها ايضاً ابتسمت ضاحكة بصوت منخفض فور تخيلها وجه نعمات عندما تعلم ما فعلته.

=بتضحكى على ايه ضحكينا معاكى...
التفت صدفة حول نفسها لتجد شاب في العشرينات يقف عند باب غرفة الطعام.
هزت صدفة رأسها بصمت لا تدري ما تقوله بينما تقدم منها قائلاً و هو يمد يده نحوها
=مدحت الاباصيرى، ابن خالة راجح.
ليكمل سريعاً وهو يبتسم ببشاشة
=و انتى اكيد صدفة مرات راجح مش كدة...
اومأت صدفة برأسها بينما تمد يدها نحوه مصافحة اياه مغمغمة بابتسامة
=ايوة...

ترك مدحت يدها متراجعاً إلى الخلف قائلاً و يهز يدها برفق
=مبروك يا صدفة، الف مبروك راجح دايماً بيثبت انه ذوقه حلو...
اجابته صدفة بصوت منخفض و قد احمر وجهها بخجل
=الله يبارك فيك...
ليكمل بمرح مشيراً لرأسه الشبه اصلع
=على فكرة اوعى تفتكرى اني كبير ولا حاجة، لا ده انا 28 سنه بس ده اثر كلية الطب و المرار اللي شوفته فيها.
هتفت صدفة بدهشة بينما تسحب يدها بعيداً
=هو انت دكتور...

اومأ مبتسماً لها قائلاً يعدل من ياقة يصطنع الفخر
=دكتور بطرى قد الدنيا...
هزت صدفة رأسها مهمهمة دون حماس بصوت منخفض
=اممم دكتور بهايم يعنى...

انفجر مدحت ضاحكاً فور سماعه كلماتها تلك بينما ابتسمت هي بتشنج شاعرة بالخجل من اندفاع لسانها الاحمق غافلين عن ذلك الذي كان واقفاً بمدخل الغرفة يراقب ذلك المشهد و جسده ينتفض من شدة الغضب بينما عينيه كانت كالعاصفة تنطلق منها شرارات من النيران زمجر بحده لاذعة و هو يتقدم نحوهم
=خير بتضحكوا على ايه.؟
التف اليه مدحت قائلاً و هو لايزال يضحك
=تخيل يا راجح بقول لمراتك انى دكتور بطرى بتقولى دكتور بهايم يعنى...

همست صدفة باضطراب و خجل و قد ازداد احمرار خديها
=مكنتش اقصد والله.
غمغم راجح من بين اسنانه المطبقة بعنف و هو يحاول السيطرة على اعصابه و اخماد تلك النيران المشتعلة داخل صدره حتى لا ينقض على ابن خالته
=اكيد متقصدش...
ليكمل ضاغطاً على حروف كلماته بقسوة كما لو يثبت ملكيته لها
=معلش اصل مراتى عفوية في كلامها شوية.

التفت صدفة تنظر بدهشة إلى راجح الواقف بجانبها عند سماعها نبرة صوته الغاضبة التي لاحظتها على الفور.
حتي و ان كان ظاهراً انه يتحدث بشكلاً طبيعياً الا انها لاحظت غضبه فقد اصبحت تعرفه جيداً عندما يكون غاضباً...
بينما اسرع مدحت بمقاطعة راجح قائلاً و هو ينظر إلى صدفة و ابتسامة واسعة على شفتيه
=انا مش مضايق خالص و الله بالعكس دي عجبانى جداً...
زمجر راجح بشراسة بينما يندفع نحوه و شرارات الغضب تتقافز بعينيه.

=نعم يا خويا...
اسرع مدحت قائلاً بارتباك و هو يتراجع للخلف
=اقصد عفويتها طبعاً، عجبانى عفويتها انت فهمت ايه...
امسكت صدفة بذراع راجح هامسة له بصوت منخفض و هي لا تفهم ما به
=في ايه يا راجح ما تهدى شوية...
اخفض رأسه هامساً بأذنها بصوت خشن
=اكتمى خالص. مسمعش صوتك...
نظرت اليه بارتباك من حدته تلك فلأول مرة تراه بحالته الغير مفهومة تلك...
دلفت شوقية إلى الغرفة و التي ما ان رأتهم يقفون ثلاثتهم معاً هتفت بفرح.

=اخيراً اتعرفت على صدفة يا مدحت...
لتكمل و هي تتقدم نحوهم وتضع يدها حول صدفة مشيرة إلى مدحت بيدها
=بص بقى علشان نبقى متفقين من أولها انا عايزاك تتجوز بطاية حلوة كدة زي صدفة...
هتف راجح بحدة مقاطعاً اياها و يجز على اسنانه بغضب
=ايه يا شوقية، ايه يا شوقية، في ايه
اجابته شوقية بمرح و هي تضحك
=ايه يا ابن نعمات بطمن على مستقبل ابنى...
لتكمل وهي تربت على كتف صدفة
=ولا انت عايز تاكل بط لوحدك...

زمجر راجح بقسوة حيث اصبح على حافة اعصابه جاذباً صدفة التي كان وجهها بلون الدماء من شدة الخجل بعيداً عن خالته محيطاً خصرها بذراعه يضمها اليه بتملك واضح بينما عينيه تتسلط بغضب على مدحت الذي هتف
=يا عم بتبصلى كده ليه انا مالى خالتك اللي لسانها متبرى منها...
هتفت شوقية بصدمة ضاربة ولدها في كتفه بحدة
=مالها خالته يا ابن الجزم. ة الحق عليا انى خايفة على مستقبلك.
غمغم مدحت بسخرية بينما يشير نحو راجح.

=خايفة على مستقبلى اية ده انت هتضيعيهولى، راجح فضله تكه و يقتلنى...
ضحكت شوقية مربته على صدرها
=لا اطمن انك ابنى مديك الحصانة متخفش راجح لا يمكن يزعل خالته...
لتكمل بسخرية و مرح و هي تلتفت نحو راجح الذي كان يعقد ذراعه حول خصر صدفة ضامماً اياها اليه
=و انت يا خويا ضمها اكتر كمان
اقولك احسن افتح صدرك و خبيها جواه...
لتكمل و هي تضحك و تتعجب بداخلها من حالة ابن شقيقتها تلك فبحياتها لم تراه هكذا.

= ايه يا راجح مش هناكلها منك يا حبيبى...
قاطعها راجح شاعراً بالحرج من ردة فعله السابقة حيث شعر انه كان مكشوف
=عايزة ايه يا شوقية...
ربتت على كتفه قائلة بحنان
=عايزاك بخير و سعيد يا قلب شوقية...
لتكمل بحده وهي تلتفت نحو مدحت
=و عايزة ابن الهبلة ده يتجوز بقى هو كمان و يخلصنى. عايزة اطمن عليه هو كمان
هتف مدحت بغضب مصطنع بينما يتجه نحو باب الغرفة يغادرها مسرعاً و هو يلوح يده بضجر
=يوه مش هنخلص النهاردة...

لحقت به شوقية للخارج و هي تهتف
=خد تعالى هنا يالا و الله ما هسيبك...
وقفت صدفة تضحك عليهم بمرح بينما ادارها راجح بين ذراعيه قائلاً بحدة
=بتضحكى، عجبك اوى
ليكمل بقسوة و هو يشير نحو الباب الذي غادر منه مدحت و شوقية قبل لحظات
=ينفع تقفى مع راجل غريب و شغاله ضحك و مرقعه معاه
هزت كتفيها قائلة بارتباك
=انا مضحكتش. هو اللي كان بيضحك و انا مالى...
تشددت ذراعه التي تحيط خصرها
و هو يدرك انه بالغ بردة فعله...

غمغم بينما يشير إلى طاولة الطعام
=برضو بتشتغلى لوحدك اومال امى فين.
اجابته قائلة وهي تتلملم بين ذراعيه
=امك قاعدة مع مرات خالك برا، بتقول ضغطها عالى.
زفر راجح بحنق قبل ان يغمغم وهو يتحرك بها نحو المطبخ
=طيب تعالى انا هساعدك فى...
امسكت بذراعه توقفه قائلة بتردد وهي تشير نحو الغرفة التي يتواجد بها الرجال فقد كانت تعلم انه اذا شاهده احدو هو يساعدها من الممكن ان يسخر منه
=افرض حد شافك...

دفعها امامه نحو المطبخ قائلاً بصرامة و حدة
=ما اللى يشوف، يشوف هو انا بعمل حاجة غلط...
شعرت صدفة بقلبها يرتجف داخل صدرها تأثراً بينما تتبعه الى داخل المطبخ حيث اخذ يساعدها بالفعل بتوزيع الطعام بالصحون و وضعها على طاولة الطعام حتى انتهوا سريعاً...
في وقت لاحق...
كانت صدفة جالسة على طاولة الطعام بجانب زوجها الذي كان منشغلاً بالحديث مع خاله مأمون
و عينيها تمر بين الجميع بترقب و انفاسها منحبسة داخل صدرها.

وضعت يدها فوق فمها حتى تخبئ ابتسامتها عندما القت منيرة زوجة خال راجح الملعقة من يدها بعد تناولها اول ملعقة من الحساء و هي تهتف بوجه محتقن
=ايه ده...
بينما اخذ مأمون شقيق نعمات يسعل بقوة و قد احتقن وجهه من النيران المشتعلة داخل حلقه و كان الوضع كذلك بالنسبة لمدحت و باقى الجالسين على طاولة الطعام.
غمغم عابد بحدة بينما عينيه تمرر بينهم بارتباك
=جرى ايه يا جماعة في ايه،؟

اجابته شوقية وهي ترتشف بتعثر من كوب الماء محاولة اخماد الحريق للذي لحق بفمها من اول ملعقة وضعتها بفمها من هذا الطعام
=الاكل نار يا عابد...
لتكمل وهي تسعل بقوة ملتفة إلى شقيقتها التي كانت تتطلع اليهم بوجه مرتبك
= لما ده حصلنا من اول لقمة نحطها في بوقنا اومال لو كنا كلنا بقي كان هيحصل لنا ايه يا نعمات، ايه بنتك عايزة تموتنا...

احتقن و جه نعمات بغضب فور ادراكها ما فعلته صدفة صرخت بحدة وهي تجز على اسنانها بقوة و قد احتقن وجهها بشدة
=صدفة...
لكن قاطعتها شوقية بغضب
=و صدفة مالها ايه انتي هتتشطري على البت الغلبانة
لتكمل وهي تنتفض واقفة بغضب ملقية ملعقتها على الطاولة
=ياختي روحي اتشطري على بنتك الفاشلة و لا مش فالحة غير في تدلعيها و بس...
هتفت نعمات بحدة و هي تنهض واقفة.

=جرى ايه يا شوقية مالك مش طايقة البت كدة و ما بتصدقى تلقيلها غلطة علشان تقطعى في فروتها...
اجابتها شوقية بحدة
=علشان بنتك مدلعة و قليلة الذوق، من اول ما جت من الدرس دخلت اوضتها و مهنش عليها حتى تسلم علينا، و دى مش اول مرة تعملها يا نعمات...
لتكمل بسخرية لاذعة و هي تشير نحو طاولة الطعام
=و ياختى مادام مش هي قد الطبخ بتخليها تتنيل ليه. هو احنا ناقصين تعب معدة و مرض...

كانت صدفة تتابع كل هذا باستمتاع و شماتة بنعمات التي انكرت مجهودها و تعبها و نسبته إلى ابنتها لكن في الحقيقة الامر ليس هذا فقط ما اغضبها و اشعل رغبتها بالانتقام ما اغضبها حقاً هو تعميدها التقليل منها امام اقاربها و معاملتها بازدراء حتى وصل بها الامر القول انها تزدرى التناول من يدها كما لو كانت حثالة...

اخذت تتابع ما يحدث محاولة رسم الجدية على وجهها لكن ما ان نهضت منيرة و تشاجرت هي الاخرى مع نعمات لم تستطع السيطرة على نفسها اكثر من ذلك اسرعت بوضع يدها
فوق فمها محاولة كتم ضحكتها
لكن ذبلت ضحكتها تلك فور ان رفعت رأسها و تقابلت عينيها بعين راجح المشتعلة بنيران الغضب فقد كان يحدق بها بوجه متصلب و علامات الشر مرتسمة عليه.

مما جعل وجهها يشحب و قد جفت الدماء بعروقها فور ادركها انه قد علم بانها من قامت بتخريب الطعام فبالطبع قد توصل إلى ذلك بعد ان رأي عبوة الشطة بيدها و ارتباكها امامه و تخبئتها للعبوة خلف ظهرها عندما رأته لعنت غبائها و حظها العثر...
اطلقت تأوه متألم منخفض عندما قبض على يدها من اسفل الطاولة يعتصرها بقوة مؤلمة بين يده و هو يزمجر بصوت قاسى لاذع بجانب اذنها
=قسماً بالله لأدفعك تمن ده غالي اوى اصبري عليا...

همست بصوت مرتجف مصطنعة عدم الفهم
=و انا عملت ايه دلوقتى...
رمقها بقسوة و هو يزيد من ضغطه على يدها مزمجراً بنبرة يتخللها التهديد
=هتعرفى لما نطلع فوق عملتى ايه حاضر...
ثم انتفض واقفاً موجهاً حديثه إلى خالته التي كانت تصر على المغادرة
=اقعدي يا شوقية و الله ما انتي ماشية...
ليكمل و هو يخرج هاتفه من جيبه قائلاً
=هطلب اكل من مطعم هنا جنبنا ربع ساعة و الاكل هيكون هنا، اقعدى بقي...

رفضت شوقية و أصرت على المغادرة لكن ظل راجح يقنع بها و بالنهاية نجح باقناعها بالبقاء هي و باقى افراد العائلة.
بعد مرور ساعتين...
وقفت صدفة بجانب راجح بوجه شاحب من الخوف و قلبها ينبض داخل صدرها بسرعة جنونية من شدة القلق و التوتر.
تودع اقارب والدته و كل بين الحين و الأخر تلقى نظرة قلقة على راجح الذي كان الغضب لا يزال مرتسم بقسوة على وجهه.
غمغمت شوقية بينما تربت على كتف شقيقتها.

=ابقي سلميلي بقي على هاجر، و نبقى نشوفها مرة تانيه تكون بسيادتها فاضية فيها...
قاطعتها نعمات بنفاذ صبر
=ما انتى عارفة انها ثانوية عامة و عندها مذاكرة يا شوقية...
همهمت شوقية بسخرية وهي تعدل من وضع حقيبتها التي اسفل ذراعها
=و انا قولت حاجة ربنا معاها يا حبيبتي...
لتكمل وهي تغادر بعد ان ودعت راجح و صدفة ببشاشة
=يلا فوتكوا بعافية...

بعد مغادرة شوقية وقفت نعمات تتطلع نحو صدفة باعين مشتعلة بالنيران و جسدها بأكمله يهتز من شدة الغضب ترغب بالانقضاض عليها و جلبها من شعرها لما اوقعتها به و تسببها باحراجها امام عائلتها لكنها حاولت ان تسيطر على غضبها امام راجح حتى لا تثير غضبه. خاصة اذا علم ان صدفة من صنعت كل هذا الطعام بمفردها و نسبته هي إلى ابنتها.
خرجت هاجر من غرفتها هاتفه بمرح
=مشيوا،؟!
اجابها راجح بحده وهو يستدير اليها.

=انتي يا بت انتي مطلعتيش تقعدي مع خالتك و خالك ليه.
اجابته هاجر بارتباك و خوف فنادراً ما تحدث معها راجح بهذا الغضب والعصبية
=كان، كان عندي مذاكرة
قاطعها راجح بغضب و قسوة
=مذاكرة ايه دي اللي تمنعك انك حتى تسلمى عليهم انتى هتستعبطى.
اقترب عابد من ابنته محيطاً كتفها بذراعه مغمغماً بحدة
=ما قالتلك عندها مذاكرة، ايه هي قصة
ليكمل وهو يربت على كتف هاجر الذي اشرق وجهها بابتسامة واسعة.

=بعدين حبيبة ابوها براحتها تعمل اللي هي عايزاه، محدش له دعوة بها...
زفر راجح بحده قبل ان يغمغم موجهاً حديثه لهاجر
=روحي هاتي حلة الشوربة من جوا...
اومأت هاجر برأسها قبل ان تركض مسرعة نحو المطبخ بينما هتفت نعمات بصدمة
=هتعمل بها ايه يا راجح دي نار و مولعة يا بني...
لتكمل و هي تقترب منه واضعة يدها بحنان فوق بطنه
=تتعبلك بطنك يا حبيبي...
ربت راجح على كتفها بلطف
=متقلقيش ياما، مش هتتعبني...

ثم استدار يتطلع إلى صدفة بقسوة مما جعلها تبتلع بصعوبة الغصة التي تشكلت بحلقها وقد اخذت ضربات قلبها تزداد من شدة الخوف...
غمغم بحدة موجهاً حديثه لها و هو يتجه نحو باب المنزل
= يلا...
تبعته صدفة للأعلى بصمت و
فور دخولهم إلى شقتهم وضع راجح طنجرة الحساء على طاولة الطعام التي ببهو الشقة مشيراً برأسه نحوها قائلاً بصرامة لصدفة الواقفة بجانبه بجسد متوتر
=شايفة الحلة اللي قدامك دي. تشربيها كلها.

تراجعت صدفة إلى الخلف هامسة بصوت منخفض مرتجف
=اشرب ايه، دي كلها شطة نار عايزني اتعب...
اندفع نحوها قابضاً على ذراعها يهزها بقوة و هو يهتف بقسوة
=و لما انتي خايفة على نفسك اوي كده، مخوفتيش ليه على الناس الكبيرة اللي عندهم امراض سكر و ضغط اللى هتاكل من القرف اللي عملتيه...
ليكمل وهو يدفعها بقوة نحو المقعد لتسقط جالسة عليه بوجه شاحب كشحوب الاموات
=اشربي...

ظلت جالسة تتطلع اليه باعين متسعة ممتلئة بالدموع فور ادراكها فضاحة فعلتها فهي لم تفكر انه من الممكن ان يتأذي احد من فعلتها تلك.
ابتلعت بصعوبة لعابها و ما ان همت بفتح فمها و الاعتراض لكنها اسرعت بغلقه مرة اخرى عندما رأت تحفز عضلات صدره و التي كانت تشير بانه على حافة غضبه امسكت بالمعلقة بيد مرتجفة تشجع نفسها على تناولها حتى تنتهى من هذا الامر فهو لن يتركها الا بعد ان تنفذ ما قاله.

امسكت بالملعقة ثم بدأت ترتشف من الحساء الذي ما ان وضعته بفمها اطلقت صرخة متألمة
شاعرة كما لو ان هناك حمم من اللهب قد انفجرت بفمها...
تركت الملعقة من يدها تنظر إلى ذاك الواقف بجانبها باعين ممتلئة بالدموع و الرجاء لكنه امرها بصوت صارم
=اشربي...
ظلت صامتة تتطلع إلى الطنجرة الممتلئة بالحساء باعين دامعة ممتلئة باليأس.
بينما راقبها راجح منتظراً ان تتناول الملعقة الثانية من الحساء حتى يوقفها و ينهى الامر...

ظلت صدفة تتطلع إلى الطنجرة عدة لحظات قبل ان تقوم بحملها بين يديها وتبدأ ان تشرب من الطنجرة مباشرة حتى تنتهى سريعاً منها...
شعر راجح بالصدمة تشل حركته فور ان رأي ما فعلته تلك الحمقاء فهو كان سيجعلها ترتشف ملعقة اخري فقط حتى تدرك خطأ ما فعلته ثم كان سيدعها تنهض
هتف بها بحدة و هو يندفع نحوها جاذباً الطنجرة عن فمها
=بتعملي ايه. انتى اتجننتي...

ابعد سريعاً عن فمها الطنجرة التي كانت قد ارتشفت بالفعل نصف محتوياتها.
القتها صدفة من يدها بعيداً و هي تنفجر باكية تنتحب بصوت مرتفع بسبب الالم الذي يعصف بفمها و معدتها.
نهضت راكضة بتعثر نحو الحمام و هي تمسك ببطنها التي كانت تؤلمها بشدة.
فقد كان كما لو هناك حمم من النيران مشتعلة بداخلها.
اسرعت بدخول الحمام مغلقة بابه خلفها.

بينما اندفع راجح خلفها يضرب باب الحمام بقبضته و القلق و الخوف ينهشان بداخله هاتفاً بصوت مرتجف
=صدفة، انتي كويسة...
لكنها لم تجيبه و ظل الصمت يملئ المكان حتى سمع صوتها المتألم و هي تتقئ مفرغه ما في معدتها مما جعل قلبه ينقبض بقوة شاعراً بألم يكاد يحطم روحه إلى شظايا عندما وصل إلى مسمعه صوت شهقات بكائها الحادة...

حاول فتح الباب و الدخول اليها فلم يتحمل ان يقف مكانه دون ان يفعل شئ و هو يسمعها تتألم بهذة الطريقة.
لكنه وجد الباب قد اغلق من الداخل ضرب الباب بقبضته طالباً منها ان تفتح الباب له لكن لم يصله سوا صوت تقيئها المصحوب ببكائها الحاد...

شعر بالندم يمزقه من الداخل فهو من اوصلها الى حالتها تلك متسبباً في ايلامها فهو كان فقط يرغب بجعلها تتناول ملعقة او اثنين مما صنعته حتى تدرك انها كان من الممكن ان تأذي احداً ما بوضعها كل تلك الشطة بالطعام...

زفر بغضب لاعناّ نفسه عندما فتح الباب و شاهدها تخرج من الحمام بوجه وعينين محتقنين كالدماء بينما شفتيها متورمتين تراجع للخلف بينما القت هي عليه نظرة خاطفة قبل ان تتجه نحو الفراش وهي لازالت ممسكة ببطنها و استلقت عليه مغمضة عينيها المحتقنه بينما وقف راجح يحدق بها بنظرات مليئة بالبؤس والندم قبل ان يتركها و يغادر بصمت.
بعد مرور نصف ساعة...

دلف راجح إلى المنزل بملابس مبتلة بسبب الامطار الغزيرة التي تنهمر بالخارج فقد تعطلت سيارته مما جعله يضطر إلى الترجل على قدميه حتى اقرب صيدلية حتى يأتي لصدفة بدواء لحالتها.

حيث اخبر الطبيب الذي هناك عن ما تعانيه و اعطاه دواء مناسب سيخفف من الام معدتها ونصحه بجعله تشرب اكبر قد من الحليب الرائب لذا توجه على قدمية اسفل المطر المنهمر بغزارة إلى اقرب متجر و أتي بعدة عبوات من الحليب الرائب كما نصحه الطبيب حتى يهدأ من النيران المشتعلة بمعدتها.

فور دخوله إلى غرفة النوم تجمد مكانه شاعراً بقبضة تعتصره من الداخل و الضغط الذي قبض على صدره يهدد بسحق قلبه عندما وقعت عينيه على تلك المستلقية على الفراشة غارقة بالنوم و هي تحتضن جسدها كالطفل الصغير بينما الدموع تغرق وجهها المحتقن كالدماء و الذي يظهر عليه الالم بوضوح.

اقترب منها ببطئ جالساً على عقبيه على الارض بجانب الفراش ممرراً يده برقة فوق وجهها يزيل الدموع العالقة بوجنتيها مبتلعاً بصعوبة الغصة التي تشكلت بحلقه هامساً بصوت منخفض و هو يربت برفق على كتفها محاولاً ايقاظها
=صدفة...
و بعد عدة محاولات لايقاظها
فتحت اخيراً عينيها التي كانت لاتزال محتقنة تتطلع اليه بنظرات مشوشة غائمة.

غمغم بينما يضع يديه اسفل ذراعيها مساعداً اياها بالجلوس على الفراش واضعاً بيدها احدي عبوات الحليب الرائب
=اشربي ده هيريحك...
اطاعته على الفور مما جعله يشعر بالصدمة فقد كان يتوقع منها ان تجادله كعادتها لكنها جلست بهدوء ترتشف الحليب الرائب وهي تتطلع امامها بنظرات شبة غائمة مما جعل ضيق غريب يستولي عليه فهو بحياته لم يراها بهذا الضعف او الهدوء.

ظل يراقبها و هي ترتشف الحليب حتى انهت العبوة التي سرعان ما بدلها بأخري ممتلئة يحثها بلطف على ارتشافها و ما ان انتهت بدلها باخري ممتلئة مما جعلها تهمس بصوت ضعيف منخفض
= كفاية مش قادرة...
مرر يده برفق على وجنتها مبعداً شعرها المتناثر على عينيها إلى وراء اذنها بحنان وهو يهمس لها كما لو كان يحدث طفلة صغيرة
=معلش دي اخر واحدة. اشربيها و خلاص...

اومأت برأسها بضعف و عينيها شبه مغلقة و قد بدأت تتناول الحليب الرائب و ما ان انتهت مسح بحنان اعلي شفتيها باصبعه من اثر الحليب الذي عليها و هو يشعر بشعور غريب من الحماية يتعلق بها...
ساعدها على تناول الدواء الذي جلبه لها ثم جعلها تستلقي على الفراش مرة اخري همس بالقرب من اذنها و القلق لا يزال يسيطر عليه
=احسن.؟!
اومأت رأسها بصمت ثم اغلقت عينيها لتغرق على الفور بنوم عميق.

بينما ظل هو بمكانه عدة لحظات يراقبها باعين متلهفة مهتمة قبل ان يزفر بقوة و يتجه نحو خازنة الملابس حتى يبدل ملابسه المبتلة...
و ما ان انتهي استلقي على الفراش بجانبها و عينيه مسلطة عليها شعر بالتردد عدة لحظات قبل ان يقترب منها و يجذبها برفق بين ذراعيه محتضناً اياها ممرراً يده برفق فوق ظهرها دافناً وجهه بشعرها متنفساً رائحتها بعمق قبل ان يغلق عينيه و يغرق بالنوم...
في الصباح...

استيقظت صدفة و شعور غريب من الراحة يسيطر عليها فلم تعد بطنها تؤلمها ولم تعد هناك نيران بها.
فتحت عينيها بصدمة عندما شعرت بجلد حار يلامس خدها لتصدم عندما وجدت ان رأسها مدفون بعنق راجح الذي كان يحتضنها بقوة بين ذراعيه
شعرت بكامل جسدها يهتز بعنف عندما وجدت انه كان يحيطها بجسده الضخم كما لو كان يخشي ان تختفي ليصبح جسدها ملتصق بجسده الصلب الحار مما جعل الدماء تتدفق إلى خدييها...

نزعت برفق ذراعه التي كانت تحيطها قبل ان تنهض بهدوء من جانبه و تخرج من الغرفة و تتجه إلى غرفة الاستقبال التي ارتمت جالسة على اريكتها بجسد مرتجف شاعرة بالغضب يعصف بداخلها فور تذكرها ما فعله بها و تسببه بألمها فقد ارغمها على شرب ذلك الحساء رغم علمه انه قد يؤذيها.
نعم هي اخطأت عندما وضعت تلك الشطة بالطعام.

لكنها كانت تعلم بانهم ما ان يتناولوا ملعقة واحدة منه سوف يتركونه اي انها لم تقصد ان تأذي احد على عكسه تماماً فهو بالتأكيد يكرهها كثيراً حتى يفعل بها هذا...

اتت صور مشوشة برأسها له وهو يساعدها بتناول شئ ما لكنها هزت رأسها مقنعة نفسها بانها تتخيل هذا فبعد خروجها من الحمام بليلة أمس ارتمت فوق الفراش تنتحب من شدة الالم و شاهدته و هو يغادر الغرفة بكل برود كما لو كان ألمها شئ لا يعنيه لتظل بعدها تبكى حتى سقطت بالنوم و الألم بمعدتها يمزقها...
لن تنسى له فعلته تلك ابداً طوال حياتعها...
في وقت لاحق...
انتفض راجح مستيقظاً فور ان شعر بالفراش فارغاً بجانبه.

اخذت عينيه تدور بالغرفة بحثاً عن صدفة نهض بتعثر متجهاً نحو الحمام متوقعاً ان يجدها هناك مريضة لكنه وجده فارغاً.
مما جعله خرج من الغرفة إلى البهو ليجد ضوء غرفة الاستقبال مفتوحاً و فور ان دلف إلى الغرفة وقعت عينيه على تلك الجالسة بهدوء على الاريكة تنظر الى الفراغ الذي امامها بشرود.
اتجه نحوها مغمغماً بصوت اجش من اثر النوم جاعلاً اياه هادئاً قدر استطاعته عكس القلق الذي يشتعل بداخله.

=قعدة كده ليه، انتي كويسة؟!
اجابته صدفة بهدوء بينما تنهض على قدميها
=الحمد لله...
لتكمل و هي تتجاوزه في طريقها للخارج
=هروح احضرلك الفطار عقبال ما تاخد دش و تغير هدومك...
امسك بذراعها مديراً اياها نحوه مغمغماً بهدوء
=لا متحضريش حاجة مش مهم هبقي افطر في الوكاله...
حررت يدها برفق منه قائلة و هي تتجه نحو الخارج
= الفطار جاهز يدوب هحطه على السفرة...
ثم خرجت من الغرفة بكل هدوء.

وقف راجح مكانه يتطلع إلى اثرها باعين شاردة مندهشاً من انها لم تصرخ بوجهه على ما تسبب به لها حتى انها لم تلومه فقد اكتفت ان تتعامل معه ببرود.
زفر بضيق فاركاً وجهه بعصبية قبل ان يتحرك و يدلف إلى غرفة النوم حتى يتجهز للذهاب إلى عمله...
بعد مرور اقل من 5 دقائق...

دلفت صدفة إلى غرفة النوم وقفت تتطلع بقلق نحو باب الحمام حتى تطمئن ان راجح لايزال يستحم و ما ان سمعت صوت المياة الجارية بالداخل اتجهت مسرعة نحو خازنة ملابسها مخرجة حقيبة صغيرة سوداء كانت تخبئها اسفل ملابسها فتحتها و اخرجت منها عبوة صغيرة تحتوي على ما يسمي بودرة العفريت و هي مسحوق ابيض اذا لمس جلد الانسان يسبب له الحكة الشديدة فقد قامت بشراءها من العطار قبل زواجها من ضمن اشياء كثيرة قامت بشراءها كنوع من السلاح لكى تحمي نفسها كما كانت تعتقد وقتها من راجح.

حيث كانت قبل زواجها لا تعلم ما ينتظرها او ما هي مقبله عليه...
اتجهت نحو ملابس راجح التي اخرجها بوقت سابق لكي يرتديه و يذهب للعمل بها و التي كانت موضوعة بعناية فوق احدي المقاعد امسكت بقميصه الذي سيرتديه و اغرقته بتلك البودرة و ابتسامة واسعة تعلو وجهها...

لكن اختفت ابتسامتها تلك مطلقة شهقة منخفضة عندما توقف فجأة صوت المياه بالحمام لتعلم بان راجح سيكون هنا بأى لحظة لذا اسرعت بفتح درج الطاولة التي بجانب الفراش و خبئت عبوة البودرة بداخلها قبل ان تركض خارجة من الغرفة
عائدة إلى المطبخ مره اخري متصنعة بانشغالها باعداد الإفطار له بكل برائة كما لو كانت لم تكن السبب في حدوث المصيبة التي ستحدث بعد قليل...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة