قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل العشرون

كانت سلمى تسير بجوار سهام في السوق، بينما كانت الاخيرة منشغلة في اختيار ملابس لها شردت سلمى واكملت سيرها خلف إمرأة اعتقدت انها والدتها.
- ماما شوفي اللعبة دي
قالتها سلمى وهي تمسك بثياب المرأة التي سارت خلفها، نظرت لها المرأة بإستغراب ثم سألتها عن والدتها فأجابتها وهي توشك على البكاء
- كنت ماشية وراها معرفش راحت فين
نظرت لها المرأة بشفقة قبل ان تنزل لمستوى سلمى وتسألها برفق.

- طب حافظة رقمها؟ رقم اي حد من عيلتك؟
- لا
صمتت المرأة للحظات قبل ان تعود وتسألها
- طب عنوان بيتكم اية؟
ولحسن الحظ كانت تعرفه، أخذتها المرأة بسيارتها وأوصلتها للمنزل، كادت ان تصعد معها لكن حين رأت الحارس قد تعرف على سلمى تركتها معه ليصعد هو بها.
فتح إبراهيم الباب بعد طرق متواصل على الباب، اندفعت عليه سلمى لتعانقه وهي تبكي بينما اعتلت الدهشة ملامحه، ماذا تفعل هنا دون سهام؟
- ازاي سلمى معاك لوحدها؟

- في ست جت ومعاها سلمى وقالت انها تاهت من الست سهام
هز رأسه وهو يربت على ظهر ابنته قائلاً للحارس
- شكراً
ثم اغلق الباب وهو ينظر خلفه بتوتر، عاد لينظر لها واتجه بها للصالون ليجلسها ويقول
- اقعدي هنا عقبال ما اجيبلك حاجة تشربيها
وتركها ليسرع لغرفة النوم ويتحدث بجذع هامس مع الفتاة التي ترتدي قميص نوم
- بنتي جت ومراتي على وشك وصول، بسرعة البسي وانا هخرجك بطريقتي، بسرعة
وألقى ملابسها بين ذراعيها فتمتمت بضيق.

- ماشي اهدى عليا شوية
تركها وكاد ان يتجه للخارج ألا ان ظهور سلمى عند عتبة الباب جعلته يتسمر في مكانه، بينما تحدثت الصغيرة
- مين دي يا بابا؟!
ازدرد إبراهيم ريقه بتوتر بينما حركت الفتاة حدقتيها بضجر وأسرعت لترتدي ملابسها قبل ان تنقلب الاجواء هنا.
- دي صاحبتي يا سلمى يا حبيبتي، جت تاخد حاجة
سألته بتذاكي، فهي ليست صغيرة حتى يخدعها، انها في العاشرة من عمرها
- في أوضة ماما يا بابا؟

انتهت الفتاة من ارتداء ملابسها، التقطت حقيبتها واتجهت للمغادرة، بينما جثى إبراهيم على ركبتيه ليصل لمستواها مُحاولاً السيطرة على الوضع
- يا حبيبتي..
قاطعته مُتسائلة بخفوت
- أنت بتخون ماما؟
يعلم ان ابنته ذكية ومن الصعب خداعها، تلعثم وهو ينكر ذلك
- طبعاً لا يا حبيبتي
صرخت سلمى ببكاء..
- انت كداب يا بابا، كداب
ضم قبضته بجواره وهو يدافع عن نفسه
- لا يا حبيبتي انا مش كداب، انا..

- متضحكش عليا انا مش صغيرة يا بابا
توقفت عن البكاء وهي تخبره
- هقول لماما على كل حاجة
وكادت ان تتركه لتذهب لغرفتها لكنه اوقفها ساحباً اياها من ذراعها بعنف موبخها
- استني هنا، تقولي اية لأمك؟ انتِ عايزة تخربي حياتنا!
صرخت بألم
- دراعي، آآة.

ترك ذراعها ليطوق عنقها بكفيه ويخنقها، هل ستهدم العائلة الذي بناها بعد شقاء؟ عائلته الوحيدة والذي نجح في تكوينها ستخربها طفلة حمقاء مثلها؟ لقد شعر منذ ان رأها بعد ولادتها بشعور سيء، وهو لن يسمح بحدوث ذلك، خسارتها اهون من خسارة عائلته بأكملها، هذا ما كان يتردد بداخله اثناء خنقه لها.

لم يشعر بنفسه، لم يدرك ما يفعله الا حين توقفت سلمى عن المقاومة ليسقط كفيها بإستسلام، استيقظ وقتها من حالته الهستيرية الذي اعتقد انه قد تعالج منها!
تلاحقت انفاسه وانتابه الخوف وهو يربت على وجنتها مُنادياً اسمها
- سلمى!، حبيبتي سلمى!

انتفض حين استشعر انفاسها التي انقطعت، هل ماتت؟، دار حول نفسه بجزع مُحاولاً إسعاف نفسه، لقد اصبح قاتل؟ قتل ابنته؟، عاد لها ليضع كفه على صدرها، كان نبضها ضعيف جداً، حملها بين ذراعيه، لم تمُت بعد يستطيع ان ينقذها، توقف عن ركضه امام الباب حين فكره عقله المريض بأنه إذ أنقذها ستنكشف خيانته.
وضعها على الارض وركض لغرفته ليحضر حقيبة السفر ويضعها بداخلها، سيخفي جريمته وسينقذ زواجه.

حين وصل للاسفل سأل إبراهيم الحارس
- شوفت سلمى؟
عقد الحارس حاجبيه مُتسائلاً
- هي نزلت تاني؟
- ايوة كانت رايحة البقالة
- لا مشوفتهاش
اومأ إبراهيم برأسه وغادر، صعد سيارته وانطلق بها لمكان يضع فيه جثة ابنته حتى يتم البحث عنها وتُسجل على انها ضحية خطف.
- سلمى!، سلمى!

نادت سهام عليها بلهفة فور دخولها الشقة، فقد اخبرها الحارس انها عادت مع إمرأة؛ لم تجدها، اخرجت هاتفها لتتصل ب إبراهيم الذي اخبرها انها ذهبت لشراء شيء من البقالة ثم عادت وتركها نائمة في المنزل.
وحين عاد عمر من النادي بعدالعصر وجد الاجواء منقلبة في منزله، اخته مفقودة؟ والشرطة تبحث عنها، والدته تبكي بحرقة على ابنتها الضائعة ووالده يحاول ان يصمد امام هذه الفاجعة المؤلمة.

مرت الايام ولم يجدوها، لكن سهام لم تفقد الأمل في إيجادها اما إبراهيم وضع صخرة على صوت ضميره الذي كان يخرج منذ حين لاخر، انه مقتنع ان ما فعله الأفضل للجميع، كان يجب ان يضحي، لذا ضحى بها ف روح ابنته ليست اهم من سعادته مع عائلته.

- موتي، موتي
لم تكن يارا من يخنقها، كان شبح سلمى الذي لاحقه كل هذه السنوات، شبح ابنته الذي قتلها دون وعي منه.
حاولت يارا إنقاذ نفسها، اخذت تجرح يديه بأظافرها فتركها مُتألماً، نظر لها بشر سرعان ما تحول لخوف وهو يرى سلمى الصغيرة امامه وقد خاض حديث معها فقد سألته
- مبسوط يا بابا؟
ارتجف وهو يُجيبها مُبرراً فعلته
- مكنتش عايز اموتك، انتِ استفزتيني
- مش ندمان؟

ضم كفيه وهو يهز كتفيه بطريقة مُريبة، اجابها بتناقض
- اة، ندمان، لا مش ندمان، انتِ تستاهلي
تراجعت يارا بخوف للخلف حين رأته يتحدث مع احد لا تراه هي، هل هو مجنون؟ وحتى إن كان كذلك كيف اخفى مرضه بمهارة؟، استدارت سريعاً لتركض وتتجه للخارج قبل ان يدرك وجودها مرة اخرى لكنها كانت جاهلة لإعتقادها انه قد نسى وجودها، فقد لحق بها وأوقفها قبل ان تصل للباب، جذبها من شعرها واقترب بوجهه منها وهو يهددها.

- اياكِ تقولي لحد على اللي عرفتيه النهاردة..
هزت رأسها بالإيماء دون ان تفكر بالاعتراض حتى، فحالته تُخيفها
- مش هقول...
- وواجهي سهام النهاردة بالحقيقة انك مش بنتها
- مش هقدر...
جفلت حين صرخ بجنون
- هتقدري..
ثم اكمل وهو يبتسم بشر مُهدداً اياها
- وإلا هقتل لك أمك
اتسعت مقلتيها بإرتياع وظهر الخوف جلياً في حدقتيها، صرخت بقهر
- متفكرش تقرب من..
ربت على كفها بخشونة وهو يقاطعها بجفاء.

- حسب تصرفاتك، لو سمعتي كلامي مش هقرب منها
- حاضر، حاضر
قالتها بخضوع خشيةً منه، ابتعد واتاح لها الطريق وهو يخبرها
- اطلعي لأوضتك عقبال ما..
اومأت برأسها وفرت هاربة قبل ان يكمل جملته حتى، فور دخولها لغرقتها بكت وهي ترتجف برعب، ما الذي ادخلها في كل هذا؟ كيف انقلب إبراهيم لثعبان سام مخيف!

بينما في الأسفل، جلس إبراهيم على الاريكة وهو ينظر امامه بفراغ، لقد ظهرت أعراض مرضه النفسي لذا يجب عليه ان يذهب للطبيب ويأخذ جرعة جديدة من الدواء، انتقل تفكيره لنقطة اخرى، هل يجب عليه ان يقتل يارا بعد ان كشف حقيقته لها؟

حملت ملك الحقائب البلاستيكية وشكرت البائع قبل ان تغادر البقالة، نظرت للورقة التي سجلت بها طلبات المنزل، ينقصها القليل من الأشياء والتي ستشتريها من بقالة اخرى موجودة في نهاية الشارع الرئيسي.
بعد ان عبرت الشارع وجدت هاتفها يرن وكان إياد المُتصل، اعادت الهاتف لحقيبتها بغضب، هل يتصل بها بعد ما فعله؟ لن تُجيب.
- شكل الموبايل زينة معاكِ!

توقفت وقد فرغ فاهها حين رأته امامها، من اين خرج؟، مد يده ورفع ذقنها مُغًلقاً فمها وعلى وجهه إبتسامة جذابة وهو يتأكد
- ولا بتتجاهليني عن قصد؟
ابتسمت ببلاهة وهي تُجيبه بصراحة
- بتجاهلك عن قصد
هز رأسه قائلاً بإنزعاج مزيف
- بقيتي صريحة زيادة عن اللزوم
انهى قوله ومد كفه ليأخذ منها الحقائب وبيده الأخرى امسك بكفها بينما كانت هي مذهولة من ظهوره المُفاجئ، تحدثت اخيراً
- جيت ازاي؟
- زي السكر في الشاي.

سار بها وهو يكتم ضحكاته بينما ظلت تحدق به، فأردف بجدية
- كنت رايح بيتِك وشوفتك صدفة في الطريق فوقفت العربية وجيتلك
ردت بإقتضاب بعد صمت
- مكنتش تتعب نفسك
قبل ان يرد كانت اضافت
- ومدام كنت مقرر تيجيلي، في حاجة؟
- كنت عايز اقولك..
قاطعته قبل ان يكمل بكذب
- لو على مكالمة الصبح مش فارق معايا
نظر لها رافعاً حاجبيه بعدم تصديق
- بجد!
استطرد بخفوت
- كويس.

سحبت يدها فسمح لها بذلك، فقد سأم من دفعها له، ندم على تنازله ومسامحتها رغم قراره الذي اتخذه بشأنه، كان من المفترض ان يتمسك بقراره كما تفعل هي.
توقف فجأة وقد انفجر بها واخرج كل ما بداخله من كبت وغيظ كظمه.

- لية بتتعاملي معايا بالطريقة دي؟ قولتي هتديني فرصة بس مش شايفها، بتاخدي كل حاجة بسوء نية كل ما اعمل حاجة عشان ابسطك الاقيكِ اتضايقتي، بتخطى إهانتِك ليا بتجاهلك، واخر حاجة طلعتيني بصاص وخلقتي سيناريو من دماغك وصدقتيه، ودلوقتي انتِ اللي مضايقة ومكملة بأسلوبك؟ شايفة ان دة صح؟
هل نسى انها هاتفته صباحاً واعتذرت؟ ستذكره إذ نسى
- كلمتك الصبح واعتذرت وانت رديت عليا ببرود، عايزني اكلمك تاني بعدها؟

انهت قولها بإستنكار، فرد
- يعني انتِ شايفة انه من حقك تطولي في زعلك وانا لا!
ردت بتسرع ودون تفكير
- اة
اظلمت حدقتيه وهو يكرر قولها بسخط وإحباط، تجهم وجهه وتلظى نيران الغضب والغيظ بداخله منها، قال وقد وصل للحد الأقصى من قدرته للتحمل والثبات امامها، يخاف ان يتهور وينهي كل شيء، أمازال يخاف فقدانها؟ وفي وضع كهذا؟
- انا همشي احسن
اسرعت لتوقفه بإمساكها لذراعه بندم
- استنى، مش قصدي والله.

دفع يدها بعيداً عنه، بينما اضافت سريعاً قبل ان يقول شيء
- عارفة اني دبش ومتهورة وبتكلم اي كلام بس، بس ممكن تعلمني واحدة واحدة
لم يلتفت لها بعد، ظل على وضعه للحظات، شعر بصدقها ونبرة الرجاء ليساعدها، تنهد وهو يبتسم بداخله بسخرية، سيوافق وسيعطيها فرصة، وكأن لديه خيار اخر!
- انا كمان مُعجبة بيك.

اتسعت مقلتيه تدريجياً بعد اختراق كلماتها لطبلة اذنه لتصل لأعماقه وتسبب الضجيج، لا يصدق ما سمعه، التفت لها وهو ينظر لها بعدم تصديق، فأكدت له رغم الخجل الذي صبغ وجنتيها
- ايوة، زي ما سمعت
كاد ان يندفع ويحملها مُعانقاً اياها لكنه تراجع في اخر لحظة، لكنه استبدل حركته السابقة بإمساك رأسها بكفيه وطبع قُبلة حانية عميقة على جبينها، تمتم ومازالت شفتيه على جبينها
- وانا بحبك!

توقف عقله عن العمل للحظة، هل نطق بها حقاً! هل وصل لذاك الشعور معها؟، بينما صدمت ملك وأيضاً اصابتها السعادة، ثبتت قدميها على الارض حتى لا تهرب بها، إلى متى ستهرب؟

هبطت يارا درجات السلم حاملة حقيبة صغيرة بها أغراضها التي جلبتها من منزلها حين مجيئها لهنا، توقفت عند نهاية السلم مُنتظرة وجول سهام و عمر لتواجهما، كم انه صعب عليها فعل ذلك.
تابعت دخولهما بضربات قلبها المضطربة والخائفة، ستخسره لا مُحال، بينا توقف عمر للحظة حين رأها، اتسعت مقلتيه بقلق وهو يترك والدته ليذهب ل يارا..
قال وهو يمد كفه لرقبتها حيث أثر يد على عنقها، سألها.

- مال رقبتك؟ مين عمل فيكِ كدة؟ ردي عليا؟
دفعت يده التي لامست عنقها ونقلت نظراتها ل سهام، كم ارادت ان تبتلعها الارض وتختفي ولا تفعل ذلك بهذه المرأة الطيبة، لكنها مضطرة، استجمعت شجاعتها وأخبرتها بثبات وهي تضم قبضتها بجانبها لعلها تمنحها القوة لتكمل
- انا اسفة بس مش قادرة اكمل..
اقتربت منها بضع خطوات وهي تُكمِل بقسوة أتقنتها
- انا مش بنت حضرتك، انا يارا مش سلمى.

توقف العالم للحظة بالنسبة ل سهام، كان قول يارا كالصفعة القوية التي تسقطك من نجوم الحقيقة الوهمية التي وصلت لها اخيراً، رمشت عدة مرات ببلاهة قبل ان تتأكد مما سمعته
- قصدك اية؟
- زي ما سمعتي، عن إذنك.

ارادت ان تنهي الحديث لهذا الحد ولا تقف ثانية اخرى امامها، ستبكي وتضعف امام هذه المرأة المثيرة للشفقة والتي أحبتها حقاً، اتجهت للخارج سريعاً بل فرت هاربة، لم تجرأ حتى للألتفات والنظر ل عمر فسيتحطم قلبها حتماً.

خرج إبراهيم من مكتبه بعد ان سمع ما حدث وانتصر، اسرع ليلحق سهام قبل ان تسقط من اثر صدمتها، اخذها للصالون ليجلسها بينما كان عمر مصدوم فلم يتحرك ابداً، تدارك نفسه اخيراً وركض خلفها ليجذبها بعنف من ذراعها ليصرخ بها بثورة يخفي خلفها خيبة، فقط طعنته بفعلتها
- عملتي كدة لية؟، ازاي عملتي كدة؟ ازاي جالك قلب تعملي فيها وفيا كدة؟
سحبت ذراعها بخشونة وهي تصرخ.

- عشان زهقت، مش عايزة اكمل في القرف دة، كنت غلطانة من الاول لاني وافقت على عرضك اللي مجبليش غير المصايب
كرر قولها الاخير بعدم تصديق
- مصايب!
بينما اضافت بجفاء
- اتصرف مع والدتك بعيد عني، كفاية عليا الشهرين
انهت قولها وهمت بالمغادرة لكنه اوقفها جاذباً اياها له ليصبح قريب منها، يواجه وجهها بوجهه ويحتجز حدقتيها حتى لا تهرب بهما وتخبره الحقيقة
- طب وانا، انتِ، احنا؟

ازدردت ريقها واضطربت من قربه، حاولت ان تُشيح بوجهها لكنه امسك بفكها رافضاً هربها، فأضطرت ان تُجيبه ببساطة قاتلة له
- جربنا ومنفعش، بالبساطة دي
ترك فكها وهو يحدق بها بألم اثناء همسه
- بالبساطة دي!
غادرت بخطوات مُتسارعة دون ان ترد، فليس لديها القدرة على الكذب والتصنع اكثر من ذلك، ستبكي فقط إذ بقت معه.
سمعت صراخه المتوعد لها من خلفها
- هحاسبك على اللي عملتيه، مش هسيبك.

سالت دموعها وهي تعتذر بداخلها له ولوالدته، لا يستحقان منها ذلك حتى لو كان الامر خارج عن إرادتها.

عادت يارا لمنزلها وكانت ملك هناك في انتظارها بعد ان اتصلت هي بها، القت تحية سريعة على والدتها كوثر دون ان تُظهر لها وجهها وينتابها القلق من حالتها، دخلت لغرفتها وخلفها ملك التي سألتها بقلق
- مال شكلك؟ معيطة؟ اية الحصل قوليلي!
قالت من بين شهقاتها
- قولت لماما سهام الحقيقة..
- نعم!
- بس مش بمزاجي
- يعني اية؟

اخبرتها يارا عما حدث، وأرتها اثر يد إبراهيم على عنقها، فشهقت ملك وهي تتلمس رقبتها بشفقة، هتفت بغضب
- ازاي الحقير دة يعمل فيكِ كدة؟ دة مجنون؟
- قتل بنته اللي من لحمه ودمه، فاللي عمله فيا واللي ناوي يعمله مش بعيد
- طب هتعملي اية؟ مش هتقولي ل عمر
- خايفة من ابوه ليأذي ماما، بقولك هددني بيها
اقترحت ملك ما تراه صائباً
- شايفة انك تقولي ل عمر واكيد هيساعدك وهيحميكِ.

- بس دة ابوه، مش عارفة الدنيا هتبقى بينهم اية
مسحت يارا وجهها بكفيه وهي تقول بضياع
- مش عارفة اعمل اية، لأول مرة احس اني ضعيفة كدة
حاولت ملك ان تُطمأنها
- اكيد هنلاقي حل، اكيد.

في فيلا إبراهيم السويفي
- ازاي تعمل فيا كدة يا عمر؟ ازاي تضحك على أمك؟
عاتبته سهام وهي تشعر بألم في قلبها، دموعها كانت تسيل بغزارة على وجنتيها من قهرها لخداع ابنها لها ولحقيقة انها لم تصل لابنتها لهذه اللحظة، كيف ستكمل حياتها الان! من اين ستجد الراحة بعد تم سرقتها بكذبته.
برر عمر لفعلته
- كان كل هدفي وقتها اني اريحك، اني اشوفك مبسوطة بوجود سلمى حتى لو كانت مزيفة
قبل يدها وهو يُضيف.

- انا اسف، بس اللي عايزكِ تكوني متأكدة منه ان نيتي كانت خير
تدخل إبراهيم موبخاً اياه
- خير! الخير منين من اللي عملته دة يا عمر؟
تنهد عمر وظل صامتاً امام توبيخ والده، وفي النهاية ترجته سهام
- خلاص يا ابراهيم، كفاية عشان تعبت
تمتم إبراهيم بسخط قبل ان يغادر الغرفة، فقالت سهام ل عمر
- سيبني لوحدي، عايزة ارتاح
لم يعترض، غادر وبداخله غضب مُتاجج ل يارا، غضب اثر خيبته بها.

اليوم التالي -في المقهى-
- اسألها حصل اية، لية عملت كدة، اصل معتقدش انها عملت كدة من نفسها
حاول إياد صناعة حجج ل يارا، فلا يصدق انها حقيرة لهذه الدرجة؟، بينما رفض عمر
- مش هسألها، انا بس هعاقبها على اللي عملته
- رأيي استنى، استنى واكيد هيبان اية الحصل
- ما انا هستنى، هستنى حالة ماما تستقر وأفضى ل يارا
ظهر في نبرته التوعد، استدار عمر حين قال إياد
- رضوى وراك.

جلست معهم دون ان يدعوها احد ورحبت بهم، رد عليها إياد فقط، فوجهت حديثها ل عمر
- عامل اية يا عمر؟
سألها بإقتضاب
- في حاجة؟
- كنت عايزة اقولك اني مسافرة
رد بعدم إكتراث
- مع السلامة
ابتسمت بسخرية من رده، يبدو انه توقف عن حبها..
- شكلك ما صدقت اسافر، بس هرجع متقلقش، مش هسيبك لغيري
- ميهمنيش
انه يحرجها بقسوة ودون اي مُراعاة وكأن ليس لها مشاعر، تخطت قوله لتقترح عليه.

- خلينا نتفق، لو رجعت من السفر ولقيتك لسة سنجل هنقض عليك ومش هسيبك، فأنتهز الفرصة قبل ما ارجع من السفر
مدت كفها لتصافحه وهي تسأله مع ابتسامة ودية
- اتفقنا؟
صافحها قائلاً بهدوء
- مع السلامة
ضحكت بخفة وقالت
- هعتبرها اتفقنا
وغادرت، بينما تأفف عمر وهو ينقل نظراته ل إياد مُتذكراً
- انا لية حظي وحش مع الجنس الاخر؟

مر اسبوع والأوضاع كالتالي...
عمر يعتني ب سهام التي ساءت حالتها ونُقلت للمستشفى لذا لم يتفرغ للذهاب ل يارا وحسابها، بينما الاخيرة عادت لعملها السابق في محل الملابس وعادت لحياتها السابقة لكنها ليست كالسابق، معرفتها لتدهور حالة سهام احزنتها، فكرت ان تذهب لزيارتها لكنها تراجعت عن تلك الفكرة تماماً، اما كوثر شعرت بشيء غريب في ابنتها لكنها امتنعت عن سؤال ابنتها، ستنتظر مجيء الاخيرة لتخبرها بنفسها.

بينما ملك أخبرت إياد بحقيقة امر يارا وسبب تصرفها، صُدِم حين اخبرته، كيف ابراهيم سيء لهذه الدرجة؟ لم يكن يتوقع ذلك.
فكر إياد بجدية في إخبار عمر، لقد تردد في البداية لكن حين فكر بإمعان وجد ان من حق الاخير معرفة حقيقة والده ومواجهته، فحق سلمى من سيحضره؟ هل سيعود يبحث عنها دون جدوى؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة