قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل التاسع

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل التاسع

رواية لروحك عطر لا ينسى للكاتبة مي علاء الفصل التاسع

- ايوة، مين معايا؟
أتتها إجابته بعد لحظات
- انا ابوكِ
اتسعت مقلتيها بصدمة عند اختراق تلك الكلمة لطبلة اذنها، دفعت الهاتف عن اذنها لتلقيه على السرير كأنه أفعى سامة وهي تلهث بعنف، توقف عقلها عن العمل لدقيقة كاملة وهي تجول بنظراتها حولها حتى ادركت نفسها اخيراً، اسرعت لتلتقط الهاتف مرة اخرى بلهفة وتضعه على اذنها بحذر، ازدردت ريقها قبل ان تخرج حروفها بخوف..
- با، با!

صوت انفاسه المتوترة وصلت لها، لم يأتي رده سريعاً التي استنتجت ان سببه هو توتر الاخر
- اخيرا! اخيرا وصلتلك! اخيرا سمعت صوتك!
ظهر على صوته التأثر حيث كان ضعيف ومشتاق، فرقت شفتيها وهي تجاهد ان تخرج حروفها بصعوبة بسبب صدمتها، أهو والدها حقاً!، ازدردت ريقها اكثر من مرة يتوتر شديد، نجحت اخيرا في إخراج صوتها الذي كان مُهتزاً
- جبت رقمي منين؟

ضربت رأسها بكفها على سخافة سؤالها، ألم تجد شيء لتقوله سوى سؤاله الان والتحقيق معه!، اجابها
- لقيته من بين الف رقم صاحب الاسم يارا
وجدت نفسها تبتسم براحة لأنها لم تتخلص من خطها القديم الذي تضعه بجانب الخط الجديد الخاص بإسم سلمى، فما كان والدها ليصل اليها، تنهد وهو يُكمِل بسعادة
- الموضوع كان صعب ومُتعب، بس وصولتلك في الاخر ودة المهم.

عم الصمت، صوت انفاسهم المتوترة فقط التي تصل للطرفين، اضطربت انفاسها اكثر وامتلأت مقلتيها بالدموع بغزارة وهي تسمع قوله الذي لامس قلبها المتعطش
- وحشتيني يا بنتي.

فرت منها شهقة بكاء بعد قوله والذي دفعها لتبعد الهاتف عن اذنها وتعلق الخط بأنامل حادة، ضمت قدميها اليها ورفعت كفيها الى وجهها تخفيه بهما وهي تبكي، تبكي لذلك الشعور التي لم تتخيل يوماً انها ستشعر به رغم حلمها المستمر، لقد عاد والدها!، عاد من تخلى عنها! عاد اخيراً بعد خمسة عشر سنة، تذكرها الان فقط!، زاد نحيبها بقهر، عاد الان لكنه تأخر كثيراً رغم ذلك، هي راضية!، بعد ما فعله هي راضية!

ابعدت كفيها عن وجهها لتنظر لشاشة الهاتف التي تنير برقمه، كم ترغب في الرد، ان تسمع صوته مرة اخرى لكن صورتها هي ووالدتها ترسخت امامها بطريقة موحشة منعتها، اغلقت الهاتف بغضب مُناقض لِم كانت تشعر به منذ لحظات؛ انتفضت بفزع اثر اقتحام عمر للغرفة حيث فتح الباب فجأة وبعنف، لاوته ظهرها وهي تتنفس بخشونة هاتفة بغضب حقيقي
- الف مرة قولتلك متفتحش الباب بالطريقة الزفت دي
- مش بيتي!

اجابها بطريقته المستفزة وهو يضع كفيه في جيوب بنطاله، أضاف بسلاسة
- وغير كدة انتِ بتعملي زيي وبتدخلي من غير ما تخبطي
وضحت له بخشونة وهي تتجه للخزانة وتفتحها
- في فرق بيني وبينك
لم يُطِل في الحديث عن ذلك فهو لم يأتي لإكمال سلسة الاستفزاز التي بينهم
- المهم، خدتي الدوا؟
استدارت له بتلقائية وحاجبيها مرفوعين بذهول اقرب للصدمة، قالت بريبة
- جيت عشان تسأل عن دوايا بس!

ادركت انها أظهرت له وجهها حين وجدته يحدق بها بعينين تتفحصانها بدقة وهو يقترب بضع خطوات، فأستدارت سريعاً لتمثل انها تبحث عن شيء داخل الخزانة، لكن تهربها لم يمنعه من سؤالها
- بتعيطي لية؟، حصل حاجة؟
ضحكت بإستخفاف وهي تنكر بتهكم
- مين بيعيط انت كمان!
لم يقتنع، استطردت هاربة بإجابتها عن سؤاله الاول
- لسة هاخد الدوا دلوقتي.

علم انها تتهرب من إجابته كما انها تتجنب إظهار وجهها له، لذا انسحب ولم يُصِر على الحصول على إجابة، قال بعد ثوان من الصمت
- ماشي، متنسيش تاخديه
ثم استدار وهو يتجه للباب لكن قبل ان يصل للأخير وجدها تخبره ب
- هروح ل ماما زي المرة اللي فاتت وارجع الصبح
توقف ينظر لها من فوق كتفه وهو يلويها ظهره قائلاً
- ولية بتقوليلي؟
تنفست بخشونة وهي تُجيب بإنفعال
- خلاص اعتبرني مقولتلكش.

ثم نهرت نفسها، لماذا اخبرته؟، التفتت ببطء حين استمعت لوقع خطواته تبتعد حتى غادر الغرفة.

اليوم التالي -الساعة السادسة صباحاً-.

كالمرة السابقة وجدت عمر جالساً في الحديقة يقرأ كتاباً، القت بجسدها على الأريكة الناعمة بفتور امامه، اعادت رأسها للخلف وهي تتنهد بثقل، فلم تستطع ان تنام كما توقعت، فقد ذهبت لقضاء الليل بجوار والدتها لعلها تستطيع ان تنعم بالراحة لكن مكالمة والدها عكرت ليلها وحتى الان، كم ارادت ان تتحدث مع والدتها عن الامر لكنها تراجعت ولا تعلم السبب، فكرت ان تتحدث مع ملك لكنها لن تفهمها، لا احد يستطيع فهم ألم الغير إذ لم يمر به، ولا يستطع مواساته بالطريقة المطلوبة، كم تبغض الكلمات الجاهزة التقليدية المتداولة.

- اية صحيت بسبب كابوس تاني!
وجدت نفسها تسأله، لعلها ارادت ان تهرب من ضجيج تفكيرها بإستفزازه!، لكنه تخطى نبرة السخرية التي لامست قولها وسأل دون ان يبعد نظراته عن الكتاب
- بقيتي احسن؟
رفعت رأسها لتنظر له، جذب انتباهها غلاف الكتاب الذي يمسكه، سألته بفضول
- اسم الكتاب اية؟
- علامات الحب السبعة
اجابها للمرة الثانية دون ان ينظر لها، اخبرته بهدوء
- بعد ما تخلصه ادهوني
- لية!
- اكيد عشان اقرأه.

رفع نظراته اليها اخيراً وهو يقول بتفكير زائف
- في واحدة كانت قايلة ان الحب تافه وانه مبيأكلش عيش
دُهِشت، كيف يتذكر الأمور الصغيرة بهذه الطريقة!، بررت بعناد
- ايوة ولسة عند رأيي، بس بقرأ عنه عادي
انتقضها بتهكم
- بتقرأي عن حاجة مش معترفة بوجودها؟
شردت وهي تقول بتلقائية، بدت مُحبطة
- مكنش في حياتي نموذج واحد يخليني اقتنع بوجوده.

شعرت بحدقتيه المُسلطة عليها بتعمق، تقابلت نظراتها معه لثواني قبل ان تهرب بهما بعيداً، شعرت بفضوله حولها!، اجابته على سؤاله بتوتر ظهر بشكل طفيف على نبرتها
- اهو بسلي نفسي وخلاص
هز رأسه عدة مرات قبل ان يُعيد نظراته الهادئة لكتابه الذي اشترته له رضوى في يوم من الايام، تطرقت لموضوع اخر بسؤالها
- بس مش غريبة راجل يقرأ كتاب عن الحب؟
رفع نظراته اليها عاقداً حاجبيه بإستغراب
- لية ممنوع نقرأ عن الحب؟

- مش كدة، بس بحس ان الكلام دة للبنات اكتر
عقدت حاجبيها بعدم فهم حين تمتم بشرود
- ممكن عشان منها قرأته
صمت قليلاً قبل ان يردف
- الراجل اللي يجرب الحب بيحب يقرأ عنه
تنهدت يارا وهي تشعر بالأسى، همست وهي تسند رأسها على ظهر الأريكة هامسة
- محظوظة بِك
- مين دي؟
- حبيبتك مين غيرها!

اجابته بتلقائية وهي شاردة، غفلت لوهلة عن وجوده وأنها تحدثت مع نفسها بصوت مرتفع كعادتها الغبية، حركت حدقتيها اليه ببطء حين وصل لها قوله المتهكم
- دلوقتي بقِت محظوظة!
احمر وجهها اثر إحراجها من قولها الذي خرج منها دون إرادة منها، بينما اكمل بحنق دفين مع الحفاظ على نبرته التهكمية
- مش من فترة كانت محظوظة لانها هربت مني عشان انا أناني وحقير!

ازدردت ريقها بصعوبة لترسم بعدها ابتسامة بالية على شفتيها قبل ان تنهض بحزم قائلة بصرامة مصطنعة
- ومازلت عند كلامي الاول
ابتسم بخشونة معاكسة بنبرته الهادئة المستفزة
- رأيك ميهمنيش
- باين اوي
قالتها بمشاكسة وهي تبتعد لتختفي خلال ثواني خلف زجاج الشرفة.

ظهر اليوم
خرجت ملك من شقتها وهي تضع أغراضها في حقيبتها بتعجل، هبطت درجات السلم سريعاً وهي تدعو الله ان تصل في وقت العمل ولا تتأخر، لاينقصنا إلا الخصم من راتبها بسبب تأخرها الذي اصبح عادة في الفترة الاخيرة، لكنها معذورة فهي لا تأخذ ذلك القسط الكافي من الراحة والنوم.

اقتربت من محطة الباصات وأكملت ركضاً حين رأت الحافلة التي توصلها تتوقف في المحطة ليصعد الرُكاب، لحقت بها بأعجوبة وصعدتها بين ذلك الحشد.

تنفست الصُعداء وهي تقف جانباً، نظرات للساعة، امامها نصف ساعة فقط لتصل لعملها، تتمنى فقط الا يحصل شيء ويُعيق وصولها، اخرجت هاتفها من حقيبتها لتفتح الرسائل التي وصلت لها صباحاً ولم تستطع قراءتها بسبب تعجلها، عقدت حاجبيها حين لمحت غرفة الدردشة الخاصة بصديقات الجامعة مُحدثة، دخلتها وقرأت محتواها، ومع كل حرف كان يحمر وجهها حنقاً
- اخس عليكِ مش تقوليلنا انك ارتبطتي؟ يعني نعرف من كريم بالصدفة!، كريم!

- افتكرنا اننا لسة صحاب زي ايام الجامعة
- يعني احنا بنقولك كل حاجة تخصنا وانتِ لا!، مخبية علينا!
تنفست بغضب وهي تقرأ رسائلهم المُعاتبة، ذلك الحقير اسرع لإخبارهم دون خجل، كيف لرجل ان يتصرف بهذه الطريقة!، رفعت رأسها محاولة منع دموعها من الانهمار، حتى وهي غاضبة تبكي!، تباً له ولليوم الذي أحبته فيه، كيف أحبته!، كيف كانت عمياء وحمقاء لتحب وغد مثله!

عادت لتنظر للشاشة وتبرر لهم مُتابعة الكذبة التي صنعها إياد، لذا صنعت قصة بينهما لترويها لهم.
- الموضوع لسة جديد يا بنات والله ومبقلهوش اسبوع حتى، كنت ناوية أقولكم بس كنت مشغولة اوي فأعذروني؛ الحصل اني اعرفه من شهرين كدة كان زبون عندي، ابتدت بنظرات وكلام بسيط كدة وبعدها اتكلمنا واتس وهوب فجأة لقيته بيقولي انه عايز يرتبط بيا
اتاها ردودهم خلال لحظات
- بالسرعة دي!
- مش تتقلي يا بنتي!

- لا عايزين نعرف التفاصيل يا لوكة
- تيجوا نتقابل النهاردة؟
ضربت ملك جبينها بفزع حين رأت اخر جملة، كيف تتصرف الان؟، توترت اكثر بعد موافقة جميع الأطراف سريعاً، لم يتبقى إلا هي، فوافقت رغماً عنها.
اسرعت لتهاتف يارا وهي تكاد ان تبكي بقهر مُنتظرة إجابة الاخيرة التي لا ترُد، ابعدت الهاتف عن اذنها بحدة وضغطت بأصابعها بقسوة على الشاشة وهي تُرسل رسالة الى يارا، رسالة مُشتتة غير مُنسقة بالمرة.

- الحقيني، انا كملت الكدبة بتاعة اياد واصحاب الجامعة هقابلهم النهاردة، اعمل اية؟، هعمل اية في المصيبة دي!، اتصلي بيا اول ما تشوفي الرسالة.

في فيلا إبراهيم السويفي
عادت يارا لغرفتها بعد ان ساعدت سهام في اخذ حمام ساخن أصرت هي على مساعدتها فيه، جلست على الأريكة مُلتقطة هاتفها، شهقت حين قرأت رسالة ملك لها وعاودت الاتصال بالأخيرة سريعاً لكنها لم تُجيب إلا مع الاتصال الخامس
- اخيراً رديتي يا بنتي!
عاتبتها ملك بحنق
- انتِ اللي اخيراً اتصلتي!، ها الحقيني وقوليلي اعمل اية؟ اتصرف ازاي؟
- فهميني طيب حصل اية؟

- اللي كنت خايفة منه حصل، الزفت كريم قالهم عن انه قابلني مع حبيبي الجديد ودلوقتي هما دخلوا كلموني وزعلانين لاني خبيت عليهم، وفجأة قالوا تعالو نتقابل واتفقوا فأضطريت أوافق
أكملت بتوتر ظهر جلياً على صوتها المُنفعل
- اكيد هيسألوني اسألة كتير وانا مش مظبطة حاجة، يعني قولتلهم اني عرفته بالصدفة وكدة بس هما عايزين تفاصيل مش موجودة اصلاً، فعمل اية؟ اتصرف ازااااي؟

- لو عليا كنت اجي معاكِ واساعدك بس مش هينفع ارد مكانك قدامهم فبالتالي تعالي نتفق دلوقتي على الكلام اللي هتقوليه
قالت ملك بصوت اقرب للبكاء
- انا متوترة اوي وأعصابي سايبة وحاسة اني هطين الدنيا وهعوك
- خلي عندك ثقة في نفسك و..
قاطعتها ملك بإحباط
- لا لا معنديش، الثقة مش موجودة عندي لما أتوتر
- خلاص عندي فكرة
- اية هي؟، قوليها بسرعة
- إياد يجي معاكِ ويتكلم بدالك
- نعم!، لا مش عايزة ادخله في الموضوع اكتر.

ضربت الارض بقدمها بغضب وهي تبكي بقهر
- ربنا يسامحه هو اللي دخلني في الموال دة
تنهدت يارا بإستياء وقالت مُحاولة تهدأة صديقتها
- يابنتي بتعيطي لية دلوقتي!، الحصل حصل خلاص وانا شايفة ان لما إياد يجي معاكِ الدنيا هتمشي كويس جدا ومحدش..
قاطعتها ملك بصراحة
- مكسوفة اطلب منه يجي، وشايفة ان مجيته مش صح بس تفتكري انه هيتصرف بالطريقة الصح قدامهم!
لم تنتظر الرد من الأُخرى واردفت بشجاعة حاولت ادخالها لقلبها.

- انا هحاول اتصرف، هحاول ابقى هادية هحا...
لكنها لم تستطع، قاطعت قولها لتستبدله بآخر مُستاء وجزِع
- لا لا انا مش هقدر، لا مش هعرف اتصرف
تنفست يارا بنفاذ صبر وقالت بحزم
- بس يا ملك بس، ابعتيلي عنوان المكان اللي هتتقابلوا فيه وانا هتصرفلك، اقفلي
دائماً ما كان الحال هكذا، يارا التي تحاول حل مشاكل ملك المُتذبذبة، رغم إن شخصياتهم مُختلفة إلا انهم مُتفاهمتان جدا ويُكملان بعضهما البعض.

نهضت يارا لتتجه لغرفة عمر وتقتحمها كالعادة، لكنها وجدته نائم، تقدمت لتقف بجوار السرير تنظر له بصمت، ظلت هكذا لعدة دقائق قبل ان تنتبه لنفسها، انحنت بإنفعال لتصبح اقرب اليه وهي تصرخ بجوار أذنه بقوة
- عمرررر.

اتسعت مقلتيه بفزع لتظهر حدقتيه المُشتعلة وتقابل بندقيتها بهذا القرب للمرة الاولى، رمشت اكثر من مرة ببلاهة وهي سجينة لعينيه التي اكتشتفت انها لم تكن خضراء من البداية!، بلعت ريقها بتوتر وهي تهرب بحدقتيها بعيداً عنه ثم اعتدلت لتقف مُستقيمة والأجواء أصبحت مضطربة من حولها.
بينما تنفس هو بخشونة وهو يعتدل رامقاً اياها بغضب، انفجر بها موبخاً اياها
- حد يصحي بني آدم بالطريقة دي؟

ابتسمت بنزق وهي تُجيبه بهدوء مستفز
- ايوة انا
- يارا مش هقدر استحملك كتير، ومش عايز استحملك اكتر م...
قاطعت قوله العنيف بطلبها
- عايزة رقم إياد
صمت لوهلة قبل ان يستفسر بعيون ضيقة
- لية؟
اجابته بإقتضاب
- محتاجاه في حاجة
- اية هي الحاجة؟
انه مُصِر، قالت بعناد
- مش لازم تعرف
- لا لازم
قالها بحزم، فزفرت بضيق وهي تقول بضجر
- تبقى تسأله، هتدهوني ولا لا؟
اعاد ظهره ليسنده على ظهر السرير، نظر لها بلامبالاة قائلاً
- لا.

تنفست بقوة وهي ترمقه بغيظ قائلة بشراسة وتوعد
- ماااشي
اتجهت للباب مُغادرة بخطوات غاضبة، عاودت الاتصال ب ملك لتطلب منها رقم إياد والتي أعطتها اياه بعد جدال طويل معها.

بدأ الليل يسدل ستاره
وصل إياد لعنوان المقهى الذي أرسلته له يارا، توقف للحظة فور دخوله باحثاً عن ملك بعينيه، اكمل سيره بخطوات واثقة حين وجدها وتوقف خلفها ليقول وهو ينظر لأصدقائها
- مساء الخير
تسلطت نظراتهم عليه وبدت الحيرة على وجوههم، حتى هي جفلت حين سمعت صوته ونظرت له بصدمة، فقد اخبرتها يارا ان إياد قد رفض ان يأتي لمساعدتها، هل كذبت عليها حتى تجعلها تطمأن!
ابتسمت بتوتر وهي تقف لتقدمه لهم.

- هو دة إياد
تعالت الدهشة على وجوههم ثم توالت نظرات الإعجاب والرضا والحسد!، انه جذاب بجسده الرياضي وقامته المديدة مع بشرته الحنطية وحاجبيه الداكنين كشعر رأسه المصفف بطريقة أنيقة تمنحه مظهراً جذاباً الى حد بعيداً، فهو مُلقب ب المدفع بين أصدقائه لجاذبيته وسرعة إقبال المرأة اليه.
- اسف اتأخرت عليكِ يا حبيبتي.

قالها بود وهو يتلمس وجنتها بظهر كفه قبل ان يجلس ويلتقط كفها بنعومة ليسحبها وتجلس بجواره، مازالت تحدق به كالبلهاء، مازالت مصدومة، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تُشيح بنظراتها عنه قائلة
- مش كنتم عايزين تشوفوه!، اهو جالكم بنفسه
ادركت انه يحتجز كفها بين أصابعه فحاولت سحبها بالخفاء بينما كانت تستمع لأقوالهم التي اتجهت بعضها للمزاح والأخرى للجدية
- صراحة حقك تحبيه بالسرعة دي ههه
- بجد مش مصدقة انك ارتبطتي تاني.

- حق كريم يبقى مضايق بعد ما شافه
توقفت ملك عن مُحاولاتها للتخلص من كفه حين وصل لها القول الاخير، لا تعلم لِم غمرتها السعادة فجأة والرضا لوجود إياد وتدخله، اتسعت إبتسامة ملك وهي تقول بحب، انها تتقن دورها
- طبعاً انا محظوظة ب إياد
احمر وجهها خجلاً من تقبيل إياد لكفها فجأة، رغم انها تعلم ان هذا تمثيل ولكن..
اشاحت وجهها بعيداً وهي تستمع لعرضه المُهذب
- اطلبوا اي حاجة، الحساب عليا.

نهضت ملك فجأة وقالت لصديقاتها
- هروح الحمام وارجعلكم
حانت منها نظرة سريعة ل إياد قبل ان تبتعد مِتجهة للمرحاض، بينما تجاذب هو وصديقاتها أطراف الحديث عن عمله وقصة حبهما.

في فيلا إبراهيم السويفي
كانت يارا جالسة بجوار إبراهيم في هذا التجمع العائلي السعيد، كان الجميع يتجاذب أطراف الحديث مع بعضهم البعض، تارة يتحدثون عن الماضي وتارة يضحكون على بعض النكت التي تلقيها يارا وتارة اخرى يتحدثون عن العمل، قطع حديثهم رنين هاتف الاخيرة فأستأذنت لترد مُتجهة للشرفة
- ايوة يا لوكة
اتاها صوت ملك المرتفع الغاضب
- انتِ بتضحكي عليا يا يارا وتقوليلي ان إياد مش جي؟

ردت يارا بهدوء وبساطة
- متقلقيش فهمته كل حاجة وعرفته باللي لازم يعرفه
تنفست ملك بخشونة وهي تقول بحدة
- بكره لما تتصرفي بمزاجك يا يارا
تنهدت يارا قبل ان تخبرها بثقة
- هتشكريني بعدين
استدارت يارا لتنظر للداخل بتلقائية وجدت عمر ينظر إتجاهها بعيون كالصقر، عادت لتلويه ظهرها وهي تقول ل ملك
- اهدي كدة ومتتوتريش وكملي التمثيلية مع إياد وكله هيبقى تمام
انهت المكالمة بعد عدة جمل تشجيعية، عادت للداخل وسألتهم.

- اعملكم حاجة سخنة؟
ردت سهام بلطف
- متتعبيش نفسك يا حبيبتي
- انا كدة كدة هعمل لنفسي فهعملكم معايا
اخبرها إبراهيم
- طب اطلبي من ام محمود تعملك
ردت عليه سهام
- ام محمود مشيت بدري النهاردة عشان ابنها تعبان
- مش مشكلة بقى انا هعمله، متقلقش بعرف اعمله
قالت جملتها الاخيرة بمزاح، فضحك إبراهيم وقال موافقاً
- ماشي اعملي ليا ولأمك شاي بنعناع
اومأت سهام برأسها برضا، قال عمر آمراً اياها بتسلط
- وانا قهوة.

قبل ان ترمقه بحنق كان قد اتى رد إبراهيم الرافض
- لا انت قوم اعمل لنفسك، انا مش فاهم انت لية خدت اجازة!
- ماشي، هقوم اعملها لنفسي..
نهض عمر بعنف ليتخطى يارا ويتجه للمطبخ، فلحقت به.
فور دخولهما للمطبخ، قالت يارا بشماتة
- احسن، وعلى فكرة مكنتش هعملك حاجة
استدار ناظراً اليها بهدوء قائلاً
- اعمِلك معايا؟
ارتفع حاجبيها بذهول من سؤاله، تمتمت ببلاهة
- نعم!

ابتسم بود كان مُريب بالنسبة لها، تخطاها ليصنع له ولها القهوة، قال بصوت مرتفع حتى تستيقظ من ذهولها
- يلا اعملي الشاي
تحركت سريعاً لتفعل ذلك، حانت منها نظرة تمتلأ بالشك ناحيته، سألته بريبة
- هتحطلي سم فيها ولا اية؟
ضحك بتسلية قائلاً بجدية
- مش هموتك دلوقتي عشان محتاجك
هزت رأسها بإقتناع، لكنها مازالت تشك به، فهذا تصرف غير متوقع منه، هل عمر حقاً عرض ان يصنع القهوة لها! اهو بكامل قواه العقلية؟

جذب انتباهها إعلان هاتفها عن وصول رسالة، أخرجته من جيبها لتفتح الرسالة وترى محتواها، كانت من والدها
- وحشتيني ونفسي اشوفك، هستناكِ بكرة الساعة تمانية في مطعم
ظلت تحدق في الرسالة لدقائق كثيرة، دق قلبها بسعادة لرسالته وسرعان ما تحولت سعادتها لحيرة وتخبط، هل تستطيع مقابلته حقاً!، هل لديها الشجاعة لفعل ذلك؟

استيقظت من شرودها على الصوت الإلكتروني الذي نبهها على انتهاء غليان الماء، اعادت هاتفها لجيبها لتصب الماء المغلي وتصنع الشاي.
رفعت رأسها لتنظر ل عمر الذي قدم لها فنجان القهوة، التقطته دون تفكير وقالت بفضول
- ياترى طعمها اية!

كان قد حرص عمر على الوقوف جانباً وإبتسامة شريرة تظهر وتختفي على شفتيه، تابعها بترقب وهي تُقرب الفنجان من شفتيها وتحتسي منه بجهل وإطمئنان، وما لبثت ان أبعدته بقرف وبصقت ما بفمها بقوة ليتناثر على الرخام وملابسها.
استدارت اليه بخشونة حين تعالت ضحكاته، الحقير خدعها ووضع الملح والفلفل الاسود في قهوتها، لقد استغل انشغالها بالهاتف ليضعهم.
قال بسخرية وهو ينظر لها بإنتصار
- انتِ صدقتي اني هعملك قهوة بجد!

اتجهت له بخطوات غاضبة وهي تحمل فنجان قهوتها في يدها، وبحركة سريعة كانت قد ألقتها على ملابسه حتى تتسخ وتحرقه!، لم تفكر حين تصرفت بأن القهوة ساخنة، كان كل تفكيرها ان تنتقم منه، لكن صرخته المُتألمة جعلتها تدرك تصرفها المتهور، صوب نظراته الحمراء اليه، يكاد ان يفتك بها لكن دخول إبراهيم وخلفه سهام منعه، ضربت الاخيرة على صدرها بهلع وهي تهتف بجزع اثناء اقترابها منه.

- بسم الله عليك يا حبيبي، انحرقت!، سخنة اوي؟
- انا وقعتها عليه بالغلط، انا اسفة
اعتذرت يارا بندم حقيقي وهي تخفض رأسها، قال إبراهيم بهدوء
- خلاص مش مشكلة، حصل خير
استنكر عمر بخشونة وهو يتنفس بألم
- مش مشكلة! بقولك اتحرقت
فتحت سهام أزرار قميصه لتنظر لأحمرار صدره، قالت بإطمئنان
- الحمدالله حرق بسيط، تعال بسرعة احطلك عليه كريم الحروق.

رفعت يارا حدقتيها بحذر لصدره، وبخت نفسها بشدة على تصرفها الغبي، بينما اتجه عمر مع سهام لغرفته.

بعد مرور ساعتين، في المقهى
ودعت ملك صديقاتها واتجهت مع إياد لسيارته لتتخذ مكانها بجواره، بعد صمت قليل قال الاخير
- مشلتيش البلوك للان
ردت بخفوت
- نسيت
قال بهزء يدل على عدم تصديقه، انه يعرف جيداً هذا النوع من التصرفات
- لا بجد نسيتي!
فهمت انه يكذبها، فقالت بإنفعال مُدافعة عن نفسها
- عفكرة مبكدبش، انا فعلاً نسيت
نظر لها بطرف عينيه للحظة قبل ان يقول بهدوء
- مش هتشكريني؟
ردت بغباء ودون تفكير
- اشكرك لية؟

ارتفع حاجبيه بذهول قائلاً بإستنكار
- مش عارفة لية؟!
ضمت كفها وهي تسب نفسها لسؤالها الغبي، قالت بإستياء بجانب نبرتها الخافتة
- عشان لسة متوترة فهتلاقيني تايهة شوية
رفعت نظراتها اليه وقالت بإمتنان
- طبعاً هشكرك على مساعدتك ليا، ان شاء الله دي هتبقى اخر مرة ومش هتضطر تواجه ظرف زي دة تاني
قال بتذمر وضيق
- يعني مش هشوفك تاني؟
اتسعت مقلتيها قليلاً وهي تهمس ببلاهة
- نعم!
فهمت قوله البسيط بعد ثوان، قالت بثبات.

- لا، ملهوش لازمة
اكمل بإنزعاج وهو يحدث نفسه بصوت مرتفع
- دة انا ما صدقت ان المحامية يارا رضيت اقرب منِك
لم تفهم ما يقصده، سألته بحيرة
- محامية يارا؟، مش فاهمة
ابتسم في حنق قائلاً
- كنت سألت يارا عليكِ، سؤال بسيط خالص لقيتها بتهددني اني مقربش منك، مع العِلم اني كنت مُعجب بيكِ بجد.

قال جملته الاخير قصداً، فأحمر وجهها خجلاً وشعرت بحرارة تصعد لوجنتيها، نزعت حزام الأمان بتوتر وهي تقول بتلعثم ناظرة لنقطة بعيدة عنه
- نزلني هنا لوسمحت
نظر لها ولاحظ خجلها الظاهر جلياً، ابتسم بهدوء مُعترضاً
- لا، هوصلك للمكان اللي هتروحي له
تنفست بقوة وهي تُعيد قولها لكن بحزم هذه المرة
- لوسمحت نزلني هنا
اوقف السيارة جانباً وهو يقول
- هتنزلي عشان قولت اني مُعجب بيكِ بس!

لم ترد، ترجلت من السيارة دون ان تودعه حتى، سارت بخطوات مُتسارعة هاربة منه ومن نظراته التي تشعر بتسلطها على ظهرها.
بعد ان تأكد من صعودها الحافلة انطلق من جديد وعلى وجهه إبتسامة مُستمتعة.

اليوم التالي -الساعة الخامسة عصراً-
صعدت يارا بجوار عمر في السيارة لينطلق لوجهتهم في صمت، كان من المفترض ان تذهب سهام لأحد أقاربها لتعطيهم أمانة، عرضت عليها يارا ان تذهب بدلاً منها فمن العصب على سهام الخروج، فوافقت الاخيرة بعد إلحاح من يارا.
طلبت سهام من عمر ان يذهب مع اخته حتى لا تذهب بمفردها وأيضاً حتى يتعرف الاخير على أقارب والدته التي لا توجد صلة قوية بينهم.
- صدرك لسة بيحرقك؟

قطعت يارا ذلك الصمت الطويل بسؤالها، لكنه لم يعيرها اي اهتمام، تجاهلها كما كان يفعل منذ صباح اليوم، ضمت قبتضها بقوة تحاول الانتصار على عنادها والاعتذار، وحدث لكنها عانت من صعوبة إخراج حروفها
- انا اسفة..
أكملت لكن بإنفعال مُبررة فعلتها بخشونة، لا تستطيع ان تكون ناعمة حتى اثناء اعتذارها!
- بس انت اللي بدأت فأستحمل الحصلك
قال عمر بصوته الأجش الصارم
- مش عايز اسمع صوتك، ممكن!

نظرت له ثم اومأت برأسها وهي ترد بخضوع، فهي لا تُلطف الاجواء بينهم بل تشعلها اكثر، لذا الأفضل ان تصمت
- ممكن
بعد مرور فترة وجيزة كانا قد وصلا للعنوان المقصود، امرها بجفاء
- يلا انزلي
- اية مش هتيجي معايا؟، ماما سهام قال..
قاطعها بنفاذ صبر
- لا مش هاجي، خلصي بسرعة وانزلي، هستناكِ هنا
لن تجادله، سألته لتتأكد
- بس الشقة رقم كام؟، عشرين؟
صحح لها
- عشرة
- مش عشرين!
نظر لها بطرف عينيه، فهزت رأسها وتمتمت
- عشرة عشرة.

ثم ترجلت واتجهت للمبنى، توقفت امام المصعد مُنتظرة قدومه، صعدته و نظرت للورقة المُلصقة على جدراه والتي توضح ما يحتويه كل طابق من شقق، ضغطت على الزر الذي يحمل رقم 4 وانتظرت لتصل للطابق المقصود.
توقفت في الطابق تنظر حولها باحثة عن الشقة التي تحمل رقم 10 وقد وجدتها، اتجهت لها ودقت الجرس وانتظرت اي استجابة، فُتِح الباب ليظهر لها رجل ثلاثيني حالته غير مُرتبة بالمرة، سألته بإحترام
- طنط حنان موجودة؟

تأملها الرجل من رأسها حتى اخمص قدميها مما اشعرها بعدم الراحة، عاد لينظر لوجهها قائلاًمع ابتسامة واسعة
- ايوة، اتفضلي
اومأت برأسها ودلفت، توقفت للحظة حين رأت تدهور حالة الشقة، انتشلها من مشاهدتها الصامتة قائلاً
- اتفضلي اقعدي
هزت راسها مرة اخرى وجلست على الأريكة بينما عينيها تدور في المكان، توقف بصرها عليه وهو يلويها ظهره ويبدو انه يصب مشروب ليقدمه لها، طلبت منه
- ممكن تنادي طنط حنان؟

استدار لها وهو يحمل كأس به سائل ذهبي قدمه لها وفي يده الأخرى يحمل زجاجة عرفت سريعاً انها خمر، هل يقدم لها خمر!، اخبرها بهدوء
- دي مش شقة طنط حنان، دي شقتي انا
شعرت بالخطر، سألته بريبة
- انت ابنها؟
سخر وهو يبتسم بسماجة
- ابنها مين بس!، دي الشقة رقم عشرة، بتاعتي، طنط بتاعتك شقتها رقم عشرين
انتفضت واقفة دافعة يده التي يقدم بها الكأس لها، هتفت بغضب
- ولية مقولتش لنها مش شقتها!

نظر للكأس الذي تهشم على الارض بجانب قدمه، عاد لينظر لها وقد اتسعت ابتسامته بقذارة وهو يقول بعدم تركيز
- حد يرفض النعمة اللي تجيله لبيته؟
شعرت بالتوجس والخطر يقترب منها، قفزت على الأريكة لتقف فوقها وهي تحذره بخشونة
- اياك تقرب اكتر من كدة، هتشوف حاجة مش هتعجبك
مد كفه لها وهو يقول بحماس
- وريني، يلا.

دفعت كفه عنها بنفور لتهرب بعدها وتتجه للباب وتفتحه لكنه اغلقه! الحقير قد اغلقه دون ان تشعر!، استدارت لتنظر له وهي تصرخ آمرة اياه
- افتح الباب وإلا هفضحك
طأطأ بعدم رضا وهو يقول بحدة
- تؤتؤ، هو انتِ تجيلي برجلك وبعدها تقولي افضحك!
تشنج جسدها وهي تراه يقترب مرة اخرى، استدارت سريعاً وتوالت ضرباتها على الباب تطلب النجدة لكنه امسك بذراعها ليقذفها الى الداخل بخشونة هامساً بحزم
- متصعبيش الدنيا عليا بقى.

استدارت حولها وهي تشعر بأنتفاض جسدها التي حاولت التحكم به، تحاول ان تُسعف نفسها وتفكر في طريقة للهرب، اسرعت لتركض لباب قد لمحته في نهاية الرواق ودخلته لتغلق خلفها، لكنها لم تجد مفتاح لتغلقه به!، لعنت حظها وهي تكاد ان تبكي، لكنها تمالكت نفسها وهي تهمس لنفسها بإرتجاف
- اهدي يا يارا اهدي، هتعرفي تتصرفي
أغمضت عينيها للحظة تلتقط انفاسها اللاهثة، اسرعت وفتحتها بفزع حين سمعت صوته يقترب.

- دخلتي الاوضة الصح يا حلوة
اخرجت هاتفها من حقيبتها بيد مُرتجفة واتصلت بالشخص الوحيد الذي يستطيع ان يصل اليها خلال لحظات وينقذها، انه عمر..
وضعت الهاتف على اذنها وهي تدعو الله ان يُجيب سريعاً، سمعت صوته الفظ وهو يقول بجفاء
- خير!
مع رده كان الرجل يحاول دفع الباب والدخول اليها، فبكت وهي تصرخ ل عمر
- الحقني يا عمر، الحقنييي
سقط الهاتف منها مع سقوطها اثر دفع الرجل للباب بقوة، نظر لها من فوق بشر قائلا.

- هتروحي مني فين؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة