قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والثلاثون والأخير

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والثلاثون والأخير

رواية كبرياء أنثى (نساء متمردات ج2) للكاتبة منى لطفي الفصل الخامس والثلاثون والأخير

- آآآآآه. الحقني يا مراد، مغص جامد أووي.
استيقظ مراد منتفضا على صو صيحة همس وهو يقول برعب: - ايه حبيبتي مالك؟
أجابت همس وهي تتلوى من شدة الألم: - مش عارفة يا مراد. شكلي بولِد!
قفز مراد من فوق الفراش وهو يهتف بقلق: - إيه هتولدي؟!، طيّب أنا هجيبلك حاجه تلبسيها وهكلم الدكتور حالا.

أسرع مراد بمساعدة همس في ارتداء ثيابها وتناول حقيبتها الخاصة بلوازم الولادة والطفل ثم تذكر والدته ووالدتها فحدّث والدتها ليخبرها فطمأنته بأنها ووالدها سيلحقا بهما إلى المشفى، ثم عاد واتصل مجددا بوالدته التي ما ان أجابته بصوتها الناعس حيث الساعة قد شارفت الثالثة فجرا حتى هتف مراد سريعا:
- ماما همس بتولد. أنا هاخدها ونروح المستشفى دلوقتي.

قالت ريتاج بلهفة وهي تنتفض من رقدتها وقد زال عنها أي أثر للنوم: - طيب يا حبيبي اسبقنا وانا هصحي باباك ونحصلكم...
أغلقت ريتاج الهاتف ثم دفعت أدهم في كتفه بخفة والذي كان غارقا في سبات عميق قائلة بلهفة:
- أدهم حبيبي قوم. همس بتولد يا أدهم...
فتح أدهم عينيه ونظر اليها وقال وهو يمسح بيديه آثار النوم عن عينيه: - أنت بتقولي إيه يا تاج؟
كررت بلهفة وهي تنهض من الفراش: - بقولك همس بتولد...

نهض ادهم بدوره وقال: - بجد؟، طيب انا هجهز في ثوانى.
ثم تقدم منها بينما كانت تخرج ثيابا لها من الخزانة ووقف محيطا بطنها البارزة بذراعه مردفا بحنان:
- ربنا يقومها بالسلامة. عقبالك يا تاجي.
ابتسمت ريتاج قائلة بحنان: - يا رب يا أدهم. المهم نطمن عليها هي الأول...

وصل الجميع الى المشفى نزار وراندا ومها ومحمود وريتاج وأدهم بينما مكثت ريما في صحبة جدتها سعاد والتي لم تسمح لها حالتها الصحية بالحضور. كما لم تحضر شمس الحامل في شهرها السادس حرصا على نفسيتها ومكث إسلام ملازما لها.

قالت راندا بخوف: - ريتاج دي داخله في ساعتين يا ريتاج وما حدش بيقول لنا فيه إيه؟
أجابت ريتاج محاولة طمأنتها: - انت ناسية يا راندا ان بنتك بكرية؟، والبكرية بتتأخر. عموما أنا هحاول أدخل لها...

ثم التفتت ريتاج الى مها متابعة: - خليكي مع راندا يا مها لغاية ما أحاول أدخل أطمن على همس.
قبضت راندا على يد ريتاج قبل أن تبتعد قائلة بترجي: - ريتاج. أرجوكي تحاولي تطمنيني على بنتي.
أجابت تاج وهي تبعد يدها برقة: - ما تخافيش يا راندا. مش هسيبها إلا وانا مطّمنة عليها...
وأسرعت في سيْرها على قدر ما يسمح لها حملها المتقدم في الذهاب حيث همس...

دخلت تاج إلى غرفة همس لتفاجأ بها وهي تصرخ عاليا متأوهة بألم شديد فتقدمت مسرعة اليها وهي تضع يدها أسفل بطنها بينما الأخرى تمسّد ظهرها وهي تهتف بنزق للممرضتين اللتان تقفان أمامها:
- أومال الدكتور فين؟
أجابت إحداهما: - الدكتور أن شاء الله عشر دقايق بالظبط وهيكون موجود، أحنا ركبنا لها طلق صناعي زي ما الدكتور قال، اتفضلي حضرتك لو سمحت من هنا لأنه وجود حضرتك هنا غلط...

تجاهلت ريتاج عبارة الممرضة الأخيرة وهتفت بها بحدة بينما شعرت بازدياد تقلصات بطنها:
- انتو بتستعبطوا؟، هي جاية في حالة ولادة واضحة تدُّوها طلق صناعي تخلوها بالحالة دي والدكتور مش موجود أنا...

بترت ريتاج عبارتها بغتة مطلقة صرخة ألم عميقة جعلت أحدى الممرضات تتجه إليها سريعا وتمسك بيدها لتساعدها على الجلوس فوق الفراش الآخر المقابل لهمس وهي تقول:
- حضرتك زي ما هو واضح كدا حامل وتعبانه والانفعال وحش عشانك. اطمني أختك هتقوم بالسلامة ان شاء الله.

قالت ريتاج بنزق وهي تحاول إلتقاط أنفاسها بصعوبة من شدة الألم: - مش أختي. دي مرات ابني!
نظرت الممرضتين إليها في دهشة وذهول قطعها صراخ ريتاج التي قبضت بقوة على يد الممرضة فنظرت اليها بحيرة موجهة حديثها الى زميلتها:
- الحقيني يا نورة. دي باينها بتولد!
هتفت نورا وهي تشير بيدها الى أسفل ريتاج: - الحقي يا أشجان. مايّة الراس نزلت...

لم يعلم أحد من الواقفين خارجا بما يحدث داخل الغرفة ليفاجئوا بخروج حمّالة المرضى وهي تحمل فوقها. ريتاج. متجهين بها وبسرعة الى غرفة الولادة وذلك بعد قدوم الطبيب المشرف على حمل تاج ومعاينته لها، ليلحقه سرير آخر ترقد عليه همس يتبعها طبيبها الخاص. وقف السريرين بجانب بعضهما البعض فأمسكت ريتاج بيد همس بينما تقدم ادهم بجوارها ممسكا بيدها الأخرى بلهفة وخوف وقالت ريتاج وهي تحاول الابتسام من بين ألمها موجهة حديثها إلى همس:.

- ما تخافيش يا حبيبتي. أنا هستناكي. ادخلي انت أولدي الأول. أنا كبيرة وأستحمل الوجع!..

امسك مراد بيد همس الحُرّة وقال بلهفة: - ان شاء الله هتطلعي لنا بالسلامة وهتجيبي لنا بيبي زي القمر زيك كدا يا همسي.
بينما هتف أدهم برجاء: - خليني أدخل معاكي يا تاجي علشان خاطري.
هزت ريتاج رأسها رفضا وهي تكتم شهقة ألم وقالت وكلماتها تخرج بصعوبة: - لا يا أدهم يا حبيبي. مش. هتقدر. تستحمل. المنظر، على كل. حال. أنا مش هولّد. إلا لما أطمن على، ه. همس. آآآآآآآه.

ثم بترت عبارتها وهي تطلق صراخا عاليا فقال الطبيب وهو يحث الممرضات على سرعة التوجه الى غرفة الولادة:
- معلهش يا جماعه. أطمّن يا أستاذ أدهم. أن شاء الله مدة بسيطة والمدام تطلع بالسلامة.

بينما همست ريتاج بتعب تعتذر من همس: - معلهش يا همس. مقدرتش أحبسها يا حبيبتي. مش قادرة أأخره أكتر من كدا.
ثم صرخت عاليا: - الحقوووووووني...
وُلد أدهم أدهم شمس الدين بفارق خمسة عشر دقيقة عن ريتال مراد أدهم شمس الدين، أصرت ريتاج على تسمية وليدها بأدهم تيمّنا بأدهمها عشقها الوحيد والأوحد، وطمعا في أن يماثل أبيه عندما يكبر في صفاته كلها!..

كانت الأنوار تملأ فيلا ادهم شمس الدين احتفالا بعيد ميلاد أدهم و ريتال الثاني عندما تقدم بضع خطوات من الحديقة حيث نظر الى الجميع ليقول هاتفا بصوت عال ضاحك:
- شكل كدا حماتي بتحبني، أنا مصدقتش لما روحت البيت والشغالة قالت لي ان كلكم متجمعين هنا...

صرخت مها بدهشة غير مصدقة لما تراه عينيها: - عصاااااام!
ثم ركضت باتجاهه فهرع اليها ليرمي بنفسه بين أحضانها بينما تقبله وهي تهتف وسط دموع فرحتها بعودة أبنها:
- عصام ابني حبيبي. وحشتني أوي أوي يا عصام...
تقدم محمود ليعانقه وسط فرحة الجميع بحضور الغائب كما عانقه أسلام وهو يربت عليه حاملا فتاة صغيرة تضع إبهامها في فمها وتنظر اليه بنظرات حائرة تخلب اللب قائلا بفخر أبوي:
- بنت أخوك يا كابتن...

حملها عصام وهو يقبلها بينما تطالعه هي بنظرات بريئة وهو يهتف بحبور: - بسم الله ما شاء الله. اسمها أيه يا إسلام؟
أجابت شمس بحب وفخر: - اسمها نادرين...
شعر عصام بمن يمسك بسرواله يجذبه الى الأسفل فنظر لتطالعه عينين كبركة العسل فتناول عنه إسلام ابنته ليركع هو على قدميه قائلا بابتسامة:
- وأنتِ أكيد بنت مراد وهمس صح؟
أجابت همس ضاحكة: - أكيد.
رفعها عصام سائلا إياها بحنان: - اسمك ايه يا قمراية؟

أجابته بصوت طفولي محبب: - اثمي، يي، يي.
ثم تأففت وهتفت بعصبية واضحة: - ييييييه...
ضحك مراد عاليا وقال: - ريتال. اسمها ريتال، كل مرة حد يسألها عن اسمها تعمل كدا وفي الآخر تقول ييييه!..

جلس عصام محاطا بالجميع ليتبادلوا الأحاديث وكان أدهم يستفسر منه عما قرره بشأن عمله حينما سمع صوت مهدي وهو يقول:
- أخيرا قدرت عليها ورضيت تنزل، قال قاعده مع تيته سعاد! تيته سعاد هي بنفسها اللي قالت لي خدها عاوزة أنام نازلة رغي. رغي. رغي. مش مخلياني عارفة أغمض عيني حتى!

هتفت ريما بحنق: - كدا يا مهدي!، أنت عارف أن تيته سعاد تعبانه وأنا مش عاوزة أسيبها لوحدها، وبعدين ما احنا طفّينا الشمع خلاص وما فيش حد غريب...

قالت لبنى وبطنها بارز أمامها يدل على حملها في شهورها الأخيرة بينما احمد يلهو مع أدهم الصغير وريتال:
- ما هي ماما أحلام قاعده معاها. أنت تعالي اقعدي معانا وفرفشي شوية.
قال مهدي وهو ينظر الى شقيقته بإغاظة: - لا وتفرفش معانا احنا ليه؟، كفاية عليها مجموعه الفنانين البوهيميين اللي لمّاهم حواليها!

ما ان همت بالرد عليه حتى قاطعها صوت تحفظه عن ظهر قلب ولم تنس نبرته مهما مر على غياب صاحبه من سنوات، كان يقول صاحبه بصوته الضاحك:
- لسه بردو آخر العنقود عاملة مشاكل؟
-عصااام...

صاح مهدي ملتفتا الى عصام مرحبا به فلم يكن قد رآه بعد. وما أن أنتهى من السلام على مهدي حتى تقدم من ريما مصافحا لها بابتسامة بينما عيناه تنتقلان عليها متفحصا إيّاها بدقة بدءا من شعرها الأسود القصير الذي يصل إلى كتفيها في تسريحة مدرّجة وعينيها الواسعتين بلونهما العشبي مرورا بخصرها الدقيق الذي يلتف بفستان ساحر ليصل الى بعد ركبتيها بقليل فتظهر ساقين ناعمتين ممشوقتين تنتعلان حذاءا فضيّا عال مفتوحا من الأمام تبدو منه أظافر ملونة باللون الأحمر الجذاب يتماشى مع لون الفستان الناري الذي يتضارب مع لون شعرها الأسود الخمري!..

قال عصام مبتسما: - وحشني دَلَعِك يا آخر العنقود.
صافحته ريما وهي تجيب بهدوء: - حمد لله على السلامة يا أول العنقود.
ثم انتبهت لتفرّسه الواضح بها فأفلتت يدها من قبضته بصعوبة متوجهة الى أختها لتحمل ريتال عنها.

قال ادهم بمرح بينما يجلس الجميع مستفسرين من عصام عن أخباره وماذا فعل في السنوات السابقة:
- ياللا شد حيلك انت يا عصام. أنت اللي فاضل دلوقتي، هيطلع عليك لقب عازب عيلة شمس الدين بعدين...

ضحك الجميع بينما ابتسمت ريما ابتسامة لم تصل الى عينيها وهمست محدثة نفسها: - انت طيب اووي يا خالي. يتجوز؟، وإيه اللي يخليه يتجوز وهو عايش حياته بالطول والعرض؟

ثم تابعت حديثها الهامس بينها وبين نفسها بدهشة: - أنا مش عارفة كان عاجبني فيه إيه دا؟، أزاي كان بيتهيألي أني بحبه؟
ليجيبها صوتاً من أعماقها قائلا: - اعترفي يا ريما انك ما اتغيرتيش من ناحيته إلا من ساعة ما شوفتي صور البنات اللي مشيّرها على صفحته الشخصية على الفيس بوك.

حركت ريما كتفيا بلامبالاة وهي تخاطب الصوت الداخلي في نفسها قائلة: - يمكن، بس عموما كويّس أن عينيا فتّحت، أنا كنت مراهقة وقتها...

ثم تجهّم وجهها وهي تتابع حديثها الهامس مع نفسها ساخرة: - هي الصور اللي حاطتها وبس؟، دا كفاية التعليقات اللي تحتها واللي بيتكلم مع صاحبة الصورة فيها!، ولّا الصّور اللي هو متصورها معهم!، ولّا بلاش. كفاية انه كاتب رجاء لأصحابه على صفحته. محدش يجيب له عروسة لأنه مبسوط كدا. عايش براحته يتنقل من الوردة دي للوردة دي من غير جواز أو التزامات...

انتبهت ريما من شرودها على صوت عصام الذي سألها بهدوء بينما عينيه تنظران اليها بغموض وقد انشغل عنهما الجميع بأحاديث جانبية:
- إيه رأيك يا ريما، الوقت دلوقتي مناسب أنى أتجوز؟!

حركت ريما كتفيها بلامبالاة وأجابت ببرود اعتمدته: - بيتهيألي انك تبعد عن أي التزامات وتعقيدات مالهاش لازمة. أنت دا كان رأيك. وأظن انك قلت كمان أن البنات زي الورد وأنت براحتك تحط على الوردة اللي تحبها وتشم ريحتها يبقى ليه تحصر نفسك في وردة واحدة يمكن ريحتها تزكمك؟!

سكتت قليلا ثم تابعت بتحد فيما لا تزال نظراته تطالعها بغموض وابتسامة صغيرة تزين ثغر صاحبها:
- مش دا كلامك؟!، أنا من وجهة نظري أنك تخليك عند رأيك ومتغيروش، عن إذنك. هقوم أشوف تيته سعاد...

ونهضت ريما منصرفة بدون أن تنتظر سماع جوابه على عباراتها النارية بينما لاحقتها عيناه بنظرات سوداء عميقة لو كانت رأتها لكان قلبها قد إرتج في داخلها وجلًا ما ينتويه صاحب هذه النظرات، همس عصام بقوة بعينين تلمعان بنظرة عميقة تحمل معان شتى:
- كلهم ورد أشم ريحتهم وأرميه. إلاّ، أنتِ!

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة