قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل السابع والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل السابع والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل السابع والعشرون

وقف يزن وهو يلوح بتلك الأوراق عاليا وتحدث إلى الجميع بنبرة حزينة على ما حدث له من كسر رجولتة على يد أقرب الناس إلية، عمة وزوجتة المصون: الحجيجة كلها موچودة إهنية
إنتفض داخل ليلي ونظرت برعب إلى يزن، وشعرت أنه أن الأوان لإزاحة الستار وكشف الأسرار، ولم يكن حال فايقة وقدري ببعد عنها
قطب عثمان جبينة مستغرب، وتسائل مستفسرا: فية إية الورج دي يا يزن؟

أجاب جدة بنظرات مختنقة بالألم: الورج ده فية دليل رچولتي اللي إنكسرت، وهيبتي اللي إنداست تحت الرچلين من أجرب الناس ليا يا چدي،
وأكمل بألم وصوت واهن وهو يتناقل النظر بين عمة وليلي: الناس اللي المفروض يبجوا سندي وستر وغطا علي، هما اللي كانوا السبب في حرجة جلبي وكسرتي جدام العيلة كلياتها.

نظر قاسم إلى صفا الجالسة بجانبة بإستغراب لحديث يزن الغير مفهوم بالنسبة له، تنهدت صفا بأسي وعاد كلاهما ببصرهما من جديد إلى يزن لمتابعة إعترافاتة
إنتفض منتصر وهب واقف من جلستة وتحدث بنبرة حادة: متجول اللي عنديك يا ولدي وتخلصنا، هنجضوها حديت بالألغاز إياك؟
تحدث يزن بنبرة حادة غاضبة: هجول بعلو صوتي يا أبوي، معادش للسكات جواتي مكان.

ثم نظر إلى عمة وسألة بإستفسار: حضرتك جولت جدامنا كلياتنا إنك روحت إنت ومرتك للدكتور اللي صفا بعتتنا لية، و وريتوا له التحاليل وهو اللي جال لكم إني عاچز عن الخلفة ومهعرفش أخلف عيل من صلبي واصل، مش إكدة بردك يا عمي؟
إبتلع سائل لعابة من شدة توترة، نظرت له فايقة وشجعتة بعيناها وحثتة على الثبات، تمالك من حاله وتحدث بنبرة مهزوزة أكدت كذبة للجميع: إيوة حصل.

أحال ببصرة إلى فايقة بعدما حصل منه على ما يريد، ثم سألها هي الأخري: وإنت جولتي جدام العيلة كلياتها في نفس الصالة دي، إن الدكتور جال لك بالحرف الواحد إن بتك اللي هي مرتي صاغ سليم، حصل يا مرت عمي؟
أجابتة بقوة وعينان متسعتان ثابتتان: إيوة حصل، والدكتور بذات نفسية اللي جال لنا إكدة، وأكملت بتساؤل بنبرة حادة: وبعدين مالك نازل فينا سؤالات لية إكدة، مهنخلصوش منيها اللحكاية المغفلجة دي إياك؟

وما أن إستمع لها فارس ولكذبها حتى أنزل بصرة أرض تحت قدماة من شدة خجلة، فهو كان شاهدا مع إبن عمة على حديث الطبيب، وطبيب المركز أيضا
حين هتف لها يزن بنبرة هادئة ذات مغزي أربكتها: هنخلصوا يا مرت عمي، إصبري أومال على رزجك.
ثم أقترب من ليلي وسألها هي الأخري: إلا جولي لي يا ليلي، لما كنتي عتروحي للدكاترة في المركز مع أمك، كانوا عيجولوا لك إية على حالتك؟

إنكمشت بجلستها من شدة رعبها وأرتبكت، وقف قاسم وجن جنونه بعدما فقد السيطرة على حالة حين رأي الرعب تملك من ملامح وجة شقيقتة، فتحدث بضيق: ما بكفياك عاد يا يزن، مالك، عاملي فيها وكيل نيابة ونازل أسئلة في الكل لية إكدة؟
ما لو عنديك حاچة جولها وخلصنا، منجصينش إحنا التوتر دي.

نظرت له متيمة حبيبها وحزنت لأجلة، وشعرت بإنقباضة داخل صدرها لأجلة وسألت حالها بتألم وهي تنظر له: معشوق عيناي وكلي، كيف لك أن تتحمل ما ستستمع له اذناك من دلائل ستؤكد لك كذب وأفتراء، بل وجريمة أهلك البشعة في حق يزن. ، ذاك البرئ الذي لم يستحق ما حدث له على أيادى الشر التي طالتة ووجهت له أبشع وصمة يوصم بها رجل صعيدي.

في حين إبتسم يزن ساخرا على حالة وأجابة بنبرة تهكمية: المفروض إنك محامي وفاهم اللي هعملة زين يا متر، وتسائل: مش عيجولوا عنديكم بردك إن من حج المتهم يدافع عن حالة، ويحاول يكشف برائتة من الذنب الموجة لية بكل الطرج؟
أمسكت صفا بإحتواء يد حبيبها الباردة وكأنها لرجل فقد الحياة، وذلك بعدما بدأ بإستشعار القادم بحسة القانوني، نظر لها فطلبت منه بعيناها الهدوء والثبات النفسي.

حين تحدث عثمان الذي فهم هو الاخر مغزي أسئلة حفيدة، وذلك لعلمة الشديد طبع حفيدة الجاد الذي لا يحبذ الثرثرة ولا هي من طبعة من الأساس، بل أن يزن لا يخرج الكلمات من فمة إلا بموضعها المناسب، وجة حديثة إلى قاسم قائلا بنبرة هادئة كهدوء ما يسبق العاصفة: سيب ولد عمك يكمل حديتة وأجعد يا قاسم
جلس بجانب حبيبتة بنبضات قلب متسارعة
ونظر عثمان إلى يزن وتحدث مشجع على الإستمرار: كمل يا ولدي سؤالاتك.

ثم نظر إلى حفيدتة وحثها على التحدث قائلا بنبرة أمرة: وإنت چاوبي على چوزك يا ليلي
إبتلعت لعابها حين شكر يزن جدة بعيناة وعاد ببصرة إليها من جديد ونظر لها ينتظر ردها قائلا: أني سامعك يا ليلي، چاوبيني
تماسكت بعد نظرات فايقة المشجعة لها والتي تحثها على الإستمرار والمضي فيما إتفقتا علية من ذي قبل، وتحدثت بنبرة واثقة حادة: كل الدكاترة اللي روحت لهم كانوا عيجولو لي إني زينة وإن اللحكاية حكاية وجت مش أكتر.

نظر لداخل مقلتيها وهو يتحري الكذب من عيناها وأردف متسائلا من جديد: طب مفيش دكتور منيهم جال لك هاتي چوزك وياكي لجل ما نكشفوا علية لتكون المشكلة من عندية هو؟
هزت رأسها سريع وأجابت بالنفي
فأكمل هو: طب والدكتور عامر البحراوي، اللي روحتوا له أخر مرة من ياجي شهرين، جال لكم إية؟

إرتبك قدري وكادت ان تزهق روحة من شدة رعبة جراء تيقنة من موعد إنكشاف الحقائق، هتف بحدة وصوت غليظ موجة حديثة إلى والدة قائلا: خبر إية يا أبوي، إنت عاچبك المسخرة اللي عتحصل دي إياك؟
جاعد تتفرچ على حتة عيل إصغير وهو نازل فينا سؤالات كيف ما نكون مچرمين وعيمرمط في بنتي و إنت عتتفرچ وساكت؟

رفع عثمان وجهه من فوق عصاة الابنوسية العتيقة التي يستند عليها، ونظر لولده بحسرة ملئت قلبة على كبيرة الذي من المفترض ان يكون قدوة لاشقائة وأنجالهم، ولكن للأسف، ليس كل ما يتمناة المرء يدركة
ثم وجة حديثه إلى ليلي وهتف بصوت مهموم: چاوبي على سؤلات چوزك يا ليلي
نظرت فايقة إلى ليلي بثبات وكأن بنظرتها قد مدت إبنتها بقوة المواصلة، نظرت ليلي إلى يزن وأجابتة بقوة وثبات: جال لنا نفس الكلام اللي جالة غيرة.

كدابة يا ليلي، كدابة وخاينة وملكيش أمان، خونتي الراچل اللي أمن لك واداكي ضهرة بقلب سليم، وكان چزاته طعنة غدر شوهت رچولتة جدام العيلة كلياتها، : كانت تلك كلمات حزينة قالها يزن بنظرة يأس وجهها إلى ليلي
وأكمل متألم: وكل ده ليه؟ لجل ما تطلعي إنت صاغ سليم جدام الكل، وأكمل بسخط: ملعون أبو كذبك على أبو عجلي الغبي اللي صدج واحدة مشوة ومريضة زيك.

وقفت فايقة وتحدثت بكل صوتها قائلة بتبجح: إحفظ أدبك وإنت بتتحدت ويا بت قدري النعماني، ورمقت قاسم وفارس الصامتان بنظرات نارية وتحدثت: وإذا كانوا إخواتها الرچالة سامعين وشايفين بعنيهم أختهم وهي عم تتهان وساكتين، فأني مهسكتش واصل
صاحت رسمية بنبرة حادة بعدما بدأت بإسترداد عافيتها: إكتمي نفسك يا مرة واجعدي مكانك وإنت كيف المركوب، عتعلي صوتك في حضور الحاچ والرچالة يا واكلة ناسك؟

اجابتها بنبرة منكسرة لكسب تعاطف الجميع: لا عشت ولا كنت لو كنت جاصدة إكدة يا عمة، أني كل اللي بعملة إني بدافع عن بتي اللي كلياتكم شاهدين على إهانتها من يزن وساكتين
رد عليها يزن بتساؤل حاد: إهانة؟
هي فين الإهانة دي لا سمح الله يا مرت عمي؟
أجابتة بنبرة تبجحية: وإنت لما تجولها كذابة وخاينة يبجا إية يا سى يزن؟

كالأسد الجريح نظر لها وتحدث بنبرة غاضبة: أبجا بوصفها يا مرت عمي، يااللي المفروض أني كيفي كيف ولدك، ومع ذلك جبلتي يتجال عليا إني معيوب ومنيش راچل ومهجيبش عيال
إبتلعت لعابها، حين حزن زيدان على إبن شقيقة الجريح، أما منتصر فهتف بنبرة غاضبة: جول اللي عنديك من غير تزويج للحديت يا ولدي الله يرضي عليك.

وكأن بكلماتة قد أعطي الضوء الأخضر لولدة، فأخرج من جيب جلبابة هاتفة الحديث وتحدث بقوة وثبات وهو يبحث داخل هاتفة: أني معتكلمش يا أبوي، أني عسمعكم بودانكم اللي عرفتة وخلاني إتوكدت إني متچوز الشيطان بذاتة
حسرة كبيرة ملئت قلوب كل الحاضرين، ضغط يزن زر الهاتف وصمت الجميع لينصتوا بتمعن لصوت الطبيب المصري التي أرسلتهم إليه صفا
صوت الطبيب المسجل من قبل يزن دون علم الطبيب: أهلا وسهلا بيكم، إتفضلوا.

صدح صوت يزن وهو يسألة ويعطية الملف الخاص بالتحاليل: أني چبت لحضرتك التحاليل الخاصة بيا
قطب الطبيب وتسائل مستفسرا: أومال فين التحاليل الخاصة بمدام حضرتك؟
أجابة يزن: هچيبها لحضرتك في وجت تاني، المهم دلوك تطمني على التحاليل بتاعتي، أني عملتها في مكان تاني غير اللي حضرتك بعتنا لية.

نظر الطبيب لإسم المعمل وأشاد به ثم إطلع على النتائج وتحدث بنبرة هادئة: التحاليل بتاعتك ممتازة ومفيش فيها ما يمنعك من الإنجاب نهائي
إستمع الجميع إلى صوت فارس الواضح بالتسجيل وهو يقول: حضرتك متأكد من النتيجة دي يا دكتور؟
أجابة الطبيب بنبرة حادة: تقصد إية بكلامك ده يا أستاذ؟

هتف يزن سريع وأجاب الطبيب بعدما إستشف حنقة جراء حديث فارس: فارس ميجصدش اللي حضرتك فهمتة يا باشا، أصل التحاليل اللي عملناها جبل سابج جالت إني عقيم ومهعرفش أخلف واصل
ضيق الطبيب عيناها وهتف قائلا: إزاي ده، التحاليل اللي قدامي بتقول إن حضرتك معندكش أي موانع تمنع الإنجاب
أغلق يزن التسجيل ونظر إلى فايقة وليلي وقدري، إبتسم ساخرا حين وجد وجوههم شاحبة كشحوب الموتي.

تنفس منتصر براحة وحمد ربه داخل سرة في حين وقفت نجاة وجرت على صغيرها واحتضنتة بعيون متسعة من شدة سعادتها وتحدثت: أني كنت متوكدة إنك سيد الرچال وأسد كيفك كيف أبوك
وحولت بصرها إلى فايقة ورمقتها بنظرات محرقة
أما فايقة التي أصرت على إستكمال مخطتها الحقير والإستمرار في مسلسل الكذب وتحدثت بنبرة صارمة: أني بردك مفهماش، إحنا دخلنا إية في اللحكاية دي يا يزن.

إتسعت عيناة من شدة ذهولة من بجاحتها، تحدث منتصر إليها بنبرة غاضبة: يعني إية دخلك إية في الموضوع يا مرت أخوى؟
وهو مين اللي كان چاب لنا التحاليل المغفلجة دي وبلانا بيها وخلانا نعيش سبوعين سود؟
وقف قدري ورمق منتصر وتحدث إليه بحدة وصوت غليظ: وإنت چاي تسألنا إحنا لية، ماتروح تسأل المعمل
سألتة رسمية بنبرة حادة متهكمة: والمعمل مالة يا زين الرچال.

أجابتها تلك المتجبرة بعينان ثابتتان تحت إرتعاب جسد ليلي: أكيد التحاليل إتلغبطت بالغلط چوة المعمل يا عمة
سألها يزن بتشكيك: وتحاليل ليلي هي كمان إتبدلت يا مرت عمي؟
سألتة فايقة مستغربة بتصنع يخبئ ورائة إرتعاب بداخلها ظهر بمقلتيها ورأة يزن: وإية اللي دخل تحاليل ليلي في الحديت دي؟
نظر لها وشبح إبتسامة شامتة ظهرت فوق ثغرة وذلك لبداية سقوط قناع القوة التي ترتدية، وتحدث: دلوك هعرفك دخلها إية.

مد كف يده داخل جيب جلبابة وأخرج إحدي الروشتات الخاصة بحكيم المركز تحت إستغراب الجميع، ذهب إلى المقعد التي تنكمش داخلة ليلي بقلب ينتفض رعب وجسد مرتجف خشية فضح خطتهم البشعة،
رمقها يزن بنظرة كصقر غاضب، تمالك من حاله بصعوبة كي لا ينقض عليها ويفترسها، رفع تلك الروشتة أمام عيناها وسألها: الروشتة دي بتاعت دكتور المركز اللي كنتي عتروحي له، ودي الدوا اللي كان كاتبه لك صح يا ليلي؟

إبتلعت لعابها رعب ولم تجد للهروب سبيلا ولا مفر من كشف المستور، فاستسلمت وأجابتة بنبرة مرتبكة: صح
هز رأسه بيأس وأسف، كم كان يتمني نفيها وعدم معرفتها بالأمر برمتة، ولكن تحطمت أمالة، ثم تحرك إلى قاسم الذي نظر له مستغرب وتحدث يزن: خد الروشتة دي يا قاسم واتصل بالدكتور وأفتح الإسبيكر لجل ما الكل يسمع ويكون الحديت على عينك يا تاچر.

نظر قاسم للورقة التي بيدة بتردد لاحظة الجميع، وضل ناظرا بها حتى إستفاق على صوت جدة الصارم وكأنة يأمرة وذلك بعد علمة بمغزي ما يقوم به يزن: خد الورجة من إبن عمك وإتصل وناولني التلفون يا قاسم.

شعرت تلك العاشقة بإنقباضة شديدة بقلبها لأجل كم الأذي الذي يتعرض إلية معشوق عيناها، إنتفضت فايقة بجلستها وبدأ صدرها يعلو ويهبط، وتيقنت أنها النهاية، أما قدري فأرتبك وابتلع لعابة، بسط ذراعة وتناول الروشتة من يزن ثم أخرج هاتفة وضغط زر الإتصال وفتح مكبر الصوت ليصل إلى مسامع الجميع، إنتظر الرد، إستمع الجميع لصوت الطبيب الذي صدح من خلال السماعة قائلا: السلام عليكم.

أخذ قاسم نفس عاليا ثم زفرة ليستعيد توازنة وتحدث متسائلا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، دكتور شريف السلاب معايا؟
أجابة الطبيب بإيماء، وتحدث قاسم بنبرة قلقة: الحاچ عتمان النعماني كبير نچع النعمانية رايد يتحدت وياك في موضوع.

قطع يزن طريقة وهو يتحرك إلى جلوس جدة، وأمسك الهاتف من يدة وتحدث إلى الطبيب نبرة هادئة: أني يزن النعماني اللي چيت لحضرتك ويا فارس ولد عمي يا دكتور، چدي معاك وياريت تحكي له على كل اللي حكيته لنا
ثم سلم الهاتف إلى جدة بعدما وعدة الطبيب بقول كلمة الحق
تحدث عثمان إلى الطبيب بعدما عرفة على حالة: عاوزك تجولي على كل اللي حصل من وجت ما حفيدتي چت لعندك هي والست والدتها.

وأكمل بنبرة تأكيدية: وخلي بالك من كل كلمة هتجولها يا دكتور، لأن دي أمانة وهتتحاسب عليها جدام رب العالمين يوم الجيامة.

تنهد الطبيب وتحدث مفسرا موقفة: الباشمهندس يزن فهمني الوضع وشرح لي الموضوع يا حاج، ومع إحترامى لشخص حضرتك الكريم، لكن لولا إني شفت بعيني التحاليل المزورة اللي ورهالي وعرفت إن الموضوع فية تلاعب وضرر نفسي ومعنوي واقع علية، وأكمل مبررا: ماكنتش أفشيت سر مريضة عندي وخونت مهنتي مهما كان مين اللي بيكلمني، وكلامي طبعا مايقللش من قيمة سيادتك عندي.

تنهد عثمان وتحدث بنبرة شاكرة: وأني شاكر أفضالك يا دكتور، ويكون في معلومك، الحاچ عثمان النعماني مهينساش اللي بيجف وياة واصل
أجابة الطبيب بنفس عفيفة وضمير حي نال به إستحسان عثمان والمعظم من الجالسون: وأنا بعمل الموضوع ده لوجة الله يا أفندم، ومش مستني أي مقابل غير من ربنا سبحانة وتعالي
وبدأ بقص ما دار بينه وبين ليلي خلال زياراتها إلية بصحبة والدتها على مدار العامان والنصف.

وأردف قائلا بإستكمال تحت إرتجاف جسدي فايقة وليلي: ومن حوالي عشر شهور، جت لي مدام ليلي هي ومامتها في زيارة طبية بعد إنقطاع عن العيادة دام لأكتر من ست شهور، وكانت وقتها بتعاني من مغص متكرر في منطقة الرحم، طلبت منها تعمل تحاليل جديدة، لكن إنصدمت لما شفت نتيجة التحاليل اللي بينت لي إن الحالة سائت جدا وإن حالة البويضات أصبحت في خطر كبير، ولما سألتهم عن سبب التراجع الكبير اللي حصل ده انكروا، لكن انا ضغطت عليهم وطلبت منهم يصارحوني علشان أعرف أساس المشكلة واقدر أساعدهم، وقتها بس مامتها إعترفت إنها بتوديها لدجالين علشان يساعدوها في حل مشكلة الحمل، والمصيبة إنها قالت لي إنها كل إسبوع بتوديها لدجال مختلف وكل واحد منهم بيديها مشروبات غريبة ومضرة طبعا، وده كلة غير الأدوية اللي كانت بتاخدها من الدكاترة اللي بردوا متنوعين.

وأكمل بأسي: للأسف، مامت مدام ليلي كانت متسرعة وغير حكيمة بالمرة في تفكيرها، و إنها عاوزة حمل بنتها يتم بسرعة كبيرة، وأكمل: أنا وقتها طبعا نصحتها وحذرتها من خطورة اللي بتعملة ده، و طلبت منها توقف كل زيارتها للاطباء والدجالين الكتير أوي دول وتتابع معايا علشان أحاول ألحق أخر أمل لبنتها
وأكمل بنبرة اسفه: لكن للاسف، والدتها ضربت بكلامي كلة عرض الحائط وبطلت تيجي عندي العيادة،.

وأسترسل حديثه: ومن شهرين بالظبط، لقيتها جاية وفرحانة جدا وبتقول لي إنها شاكة إن بنتها حامل في شهرين، لكن بعد الكشف والتحاليل اللي عملناها تاني أكدت إن مدام ليلي ضيعت أخر أمل ليها وإن الجرايم اللي والدتها عملتها فيها عملت لها لغبطة في الهرمونات وإتسببت لها في عقم، للأسف، مدام ليلي من مستحيل تبقا أم.

صدمة ألجمت الجميع وشلت حواسهم، حتى عثمان، لم تكتمل فرحتة بيزن وأنكسر من جديد لأجل مصاب حفيدتة الجلل، وقف قدري وتحرك إلى مجلس أبية وتحدث للطبيب بنبرة غاضبة: إنت راچل كداب وشكلك إكدة جبضت تمن الهلفطة اللي عتفتري بيها على بتي دي.

صدح صوت الطبيب من الهاتف وتحدث بنبرة صارمة: بيني وبينك ربنا والمعمل اللي المدام هتعيد فية التحاليل من جديد، ولو أنا فعلا كذاب خلي مدام ليلي أو مامتها يكذبوني أنا والممرضة بتاعتي ومعمل التحاليل اللي مدام ليلي كانت بتجري فية التحاليل دائما، والصيدلي اللي قدام عيادتي اللي كانت المدام بتصرف منة الأدوية في كل زيارة.

كانت تستمع لكلمات الطبيب المميتة لأي انثي بقلب يتمزج وعينان تزرف منهما الدموع بألم وغزارة، وكأن الموقف برمتة أعاد إلى أذهانها روايتها المؤلمة، شعر بإنتفاضة جسدها جراء البكاء حبيب صباها ونضوجها، إنة زيدان الذي أمسك يد معشوقتة وضغط عليها بإحتواء وكأنه يخبرها أنه دائما بجوارها، شاعرا بها ومضمض لجراحها التي تؤلمة كألمها
نظرت إلية بمقلتيها الدامعتان حزن على تلك الليلي برغم أنها لا تستحق.

نظر قاسم والجميع إلى ليلي وفايقة اللتان كادت روحهما أن تزهق من شدة رعبهما، حينها تأكد عثمان من صحة حديث الطبيب وأغلق معة بعد أن شكرة
ثم تحدث إلى قدري وهتف بنبرة حادة بعدما رمقة بنظرة نارية: ريح رچليك من وجفتك اللي كيف جلتها دي وروح إجعد چار مرتك وبتك يا قدري
إرتبك بوقفتة وتحرك بخزي وجلس بجوارهم
في حين هتف منتصر بنبرة غاضبة وهيئة ثائرة: يعني العيب طلع من بتك وچاية تلبسيها لولدي يا أم قاسم؟

واكمل بنظرة مشمئزة: يا عيب الشوم عليك يا بت عمي
وهتفت رسمية موجة حديثها إلى فايقة بنبرة غاضبة وقلب يتمزق لأجل حفيدتها: ضيعتي بتك بچهلك وجلة عجلك يا مرة يا خرفانة، ربنا ينتجم منك يا بعيدة
صاحت نجاة بنبرة حادة: ويا ريتها خدت عبرة من اللي حصل لبتها بإديها يا مرت عمي، إلا راحت وزورت الورجات وإتبلت هي وبتها وچوزها على ولدي سيد الرچالة.

وقف قاسم وتحرك إلى أبية ووالدتة وتسائل بذهول: صحيح الكلام اللي عم يتجال دي؟
لم يتلقي رد من كلاهما، بل ضل صامتان ينظران في اللاشئ بوجة محتقن بحمرة الغضب وليس الخجل، وليلي التي تان وتبكي بإنهيار وتنظر خجلا ورعب إلى يزن الواقف ينظر إليها بجمود وحقد
فصرخ بأبية قائلا: رد يا أبوي وكذب الكل وجول لهم إن كل دي محصلش وإنة مچرد سوء تفاهم.

ثم حول بصرة إلى والدتة وهتف بنبرة متألمة ذبحت بها متيمتة العاشقة: إنطجي يا أماي، دافعي عن حالك وعن ليلي وإنفي التهم البشعة دي عنيكم
رفعت بصرها إلية وتحدثت بنبرة قوية غير مبالية لما فعلت من جريمة شنعاء: أني أم يا قاسم، وكنت بحمي بتي وبحاجي عليها وبحمي بيتها من الخراب.

نزلت كلماتها على قلبة دمرتة، حالة من الهرج والمرج أصابت الجميع، وعلت الأصوات اللائمة لتلك المتبجحة ذات الوجة المكشوف الذي لا يعرف الحياء مطلق، اخرج الجميع من حالة الغليان صوت عصا عثمان التي دبت بقوة على الأرض وصوته الهادر الغاضب حين تحدث: بكفياكم يا ولاد النعماني، معايزش أسمع صوت حد فيكم واصل.

ونظر إلى فايقة وتحدث: يعني إنت بتعترفي إنك زورتي الفحوصات بتاعت يزن؟
رد قدري مدافع عن حبيبته الذي لم يعشق سواها: إحنا مزورناش حاچة يا أبوي وتجدر تروح المعمل وتسأل فية وتتوكد بنفسك
صاح عثمان قائلا بنبرة غاضبة: إسكت ساكت يا خلفة الشوم والندامة، حسابك لساتة چاي يا جدري الشوم يا دلدول المرة.

تنفست فايقة وتحدثت بنبرة واثقة أجادت صنعها وذلك لتاكدها أن طبيب المعمل لم ولن يفصح عن ما تم بينهما من إتفاق دنئ مهما حدث، وذلك لأمانة قبل منهما: كيف ما جالك قدري يا عمي، نتيچة الفحوصات إحنا ملناش يد فيها، وتجدر حضرتك تتوكد من إكدة
نظر لها بنظرة تشكيكية وسألها: وحكيم المركز، عيكدب ولا عيجول الحج يا فايقة؟

تنهدت بأسي وتفوهت بالحق وذلك بعد أن تأكدت أن لا فائدة من الإنكار، بل أنه سيفقدها الكثير والكثير: الدكتور جال الحجيجة يا عمي
وأكملت بدموع مصطنعة: بس لازمن تعرفوا أسبابي اللول جبل ما تحكموا عليا وعلى بتي
ويا تري إية هي بجا أسبابك اللي خلتك تكسريني وتخليني معارفش أرفع عيني ولا اجيم رجبتي جدام حد؟
كان هذا سؤال يزن الغاضب لها.

أجابتة بنبرة ضعيفة ودموع مصطنعة كي تستدعي تعاطفة معها: كنت خايفة على بتي من كلام وشماتت الناس يا ولدي، إنت محدش شمت فيك، بالعكس، كلياتهم زعلوا عليك ووجفوا معاك لانهم عيحبوك، لكن أني وبتي الشماتة كانت هتبجا عيني عينك
تحدثت ورد من بين دموعها المنهمرة: في حد عاجل يشمت في إبتلاء ربنا ورحمتة لينا، ونشمتوا كيف في بتنا اللي وجعها بيوجعنا.

إستشاط داخل فايقة عندما إستفاقت من تيهتها وشعرت بوجود غريمتها اللدود وزيدان الجالس يترقب للجميع بصمت، وتحدثت بطريقة مريضة كي تذبح روحها، غير واعية ولا مبالية أن إبنتها أصبحت داخل وضع أكثر صعوبة: عتجولي إكدة لأنك معيوبة ومحساش كيف بيكون حديت الناس.

نزلت كلماتها الموجعة الخالية من الشعور والإنسانية على قلب تلك الوردة الصافية أحرقتة، إستشاطت صفا لأجل والدتها وكادت أن ترد، لكن نظرات والدها التحذيرية لها كانت كفيلة بأن تكظم غيظها بداخلها وتصمت لتري
نظر قاسم إلى والدتة بأسي على حالها الذي أصبح لا يطاق، هتف زيدان بنبرة غاضبة شرسة وكأنه تحول: إحفظي لسانك وإتحدتي زين يا فايقة.

وأكمل بكبرياء: أم الدكتورة صفا النعماني اللي النچع كلياتة بيحكي ويتحاكي عليها مهياش معيوبة، وأكمل بإهانة: المعيوب هو اللي الناس مسلماش من لسانة العفش وتخطيتة الشيطاني
صاح يزن بنبرة غاضبة بعدما جن جنونة وكأنة تحول إلى غول بفعل تلك التي فاقت الشيطان بتخطيتة: حضرتك عتفضل ساكت وسايب جلبي جايد نار كتير إكدة يا چدي؟
مهتخدليش حج كسرت نفسي إياك؟

تنهد الجد الذي يجلس بأسي والألم والحسرة تملئ قلبة على حال عائلتة، ثم تحدث بنبرة جادة: شوف إية اللي يرضيك يا يزن وأني هعملهولك
رمق ليلي بنظرات نارية وتحدث بقوة: الطلاج، الطلاج هو اللي هيبرد جلبي ويطفي ناري الشاعلة
وقفت ليلي وجرت علية وتحدثت بدموع عيناها: يبجا بتحكم عليا بالموت يا يزن، أني مهجدرش أعيش من غيرك يا حبيبي، هموت لو فوتني يا يزن.

رمقها بإشمئزاز وتحدث عثمان بنبرة غاضبة: ولما أنت عتحبية إكدة يا واكلة ناسك، كيف طاوعك جلبك ومشيتي كيف العامية ورا الخرفانة أمك وتخطيتها إلى كيف تخطيط الأبلسة، وسألها بحدة: كيف كنت بتنامي وعينك عتغفل چار چوزك وإنت دابحة روحة وشيفاه وهو عم يدبل چدام عنيك، جلبك مكانش بيتوجع علية؟
أجابت جدها بدموع: اني عملت اللي عملتة دي لجل ما أحافظ علية.

أردف يزن بغضب متلاشيا حديث تلك الخائنة: أني مهجدرش أعيش مع واحدة خاينة وكدابة يا چدي، كيف هأمن لها من تاني واني نايم چارها
حالة جديدة من الهرج والمرج أصابت الجميع، في حين أصدر عثمان عدة قرارات بنبرة صارمة بعدما اخرس الجميع: يزن هيتچوز من اللي يشاور عليها ويختارها بنفسة لجل ما يخلف منيها ويبجا له عزوة.

إشتعل داخل ليلي وجن جنونها، قاطع يزن جدة بإصرار: الطلاج يتم جبل كل شئ يا چدي، مهعيشش أني وياها يوم واحد
اجابة عثمان بنبرة صارمة: إنت عارف زين إن جانون العيلة مفهوش كلمة الطلاج دي يا يزن، ده غير إن بت عمك خلاص، معادش نافع لها چواز تاني
إشتعل داخل فايقة خشية شماتت الحاضرين بها.

غضب يزن وعارض جده لكنة بالأخير إستسلم لتعصب عثمان وإصرارة على ثبات موقفة، وصمت وجلس لمشاهدة ما تبقي من قرارات جدة بعدما اخبر الجميع أنه سيهجرها بالفراش ولن يعتبرها زوجة له من اليوم، تم ذلك تحت جنون ليلي ورفضها لزواج يزن عليها وهجرها له، ولكن اخرصها غضب عثمان.

أكمل عثمان وهو ينظر بألم لذلك المنكمش على حالة خشية غضبة أبية: وإنت يا كبيري يا أول فرحتي، يا اللي المفروض تكون جدوة لباجي عيلتك، بدل ما تحاجي على ولد أخوك وتاخدة تحت چناحك وتعتبرة واحد من عيالك، تجوم تتأمر علية ويا الحرباية مرتك وتكسرة جدام العيلة كلياتها
إبتلع لعابة وحزن عميق أصاب قلبي زيدان ومنتصر ورسمية والجميع، أما قاسم وفارس فشعرا بخزي وعار من قدوتهما السيئة.

تنفس عثمان عاليا ثم أكمل: إنت إتفجت على ولد أخوك ورضيت بذلة وكسرت عينة جدام الكل، وأكمل بنبرة صارمة: من اليوم مليكش مكان في داري لا إنت ولا الجادرة اللي مصانتش عيشنا وملحنا اللي كلته ويانا
إنشق قلب رسمية لنصفين، وصدم قاسم وفارس الواقفان صامتان والغزي والعار يشملهما، وإتسعت عيناي قدري وتحدث بنبرة مرتعبة: هروح فين أني ومرتي يا أبوي، عاوز تطوحني برات البيت وتضحك الخلج عليا بعد العمر دي كلياتة؟

صاح عثمان بنبرة غاضبة: تروح في ستين داهية إنت والملعونة اللي ماشي وراها كيف الدلدول
وأكمل أمرا بنبرة غاضبة: بكرة الصبح ملجيش خلجتك في الدوار لا أنت ولا وش الخراب اللي چارك دي، مفهوم
تحرك زيدان سريع إلى والده وأردف قائلا بنبرة مترجية: بلاش يا أبوي، متخليش أخوي يدوج الذل والمرار والمهانة اللي دوجتهم وعشت فيهم سنين أني ومرتي وبتي.

نزلت كلماتة على قلب والده حطمتة، ونظر قدري إلى زيدان بإستغراب وذهول من موقفة المساند له رغم أنه كان أول الداعمين لقرار عثمان لنفي زيدان خارج منزل العائلة، شعر بخزي من حالة وتحركت رسمية ومنتصر ليدعما زيدان بقرارة.

في حين تحدث يزن بنبرة قوية: أني اللي إتغدر بيا وإطعنت في ضهري يا چدي، ومهسامحش في حجي ليوم الدين، وبرغم إكدة، أني مموافجش على نفي عمي برات الدوار، وأكمل وهو يترجي جدة: بكفياك جرارات ترچع تندم عليها كيف سابج،
وأكملت رسمية بدموع مترجية: مبجاش في العمر كتير لجل ما نجضية في الحزن والفراج يا عثمان.

نظر للجميع وشعر بغصة داخل صدرة، شعر بحزن لما أوصل أولادة وأحفادة من ألام وأحزان بفضل قراراتة التي لم تكن منصفة للبعض
تحدث وهو يتحرك لداخل حجرتة بنبرة واهنة: إعملوا اللي يلد عليكم، بس من إنهاردة قدري ومرتة مهيجعدوش وياي على سفرة واحده ولا هتلمنا جعدة بعد إكدة
تنفس قدري وشعرت فايقة بالإنتصار المزيف من انها مازالت بالمنزل ولم تنفي كورد وزيدان في السابق.

تحرك قاسم سريع إلى الخارج بوجة محتقن بالغضب، وتحركت خلفة صفا التي باتت تنادية بصياح ولكنه لم يلبي نداها وتحرك سريع إلى سيارتة ووضع بها مفتاحة، وقبل ان يستقلها امسكتة تلك العاشقة حبيبت زوجها من ساعدية وتحدثت بدموع: رايح فين يا حبيبي.
أجابها وهو يواليها ظهرة لعدم قدرتة على النظر داخل عيناها: إطلعي على شجتك يا صفا، وأني هتمشي شوي بالعربية وأرچع طوالي.

إحتضنتة من الخلف وتحدثت بنبرة حنون: مهفوتاكش لحالك وإنت إكدة يا قاسم، رچلي على رچلك منين ماتروح
زفر بضيق وصاح بها عاليا وذلك لشعورة بالخزي من حالة ومنها: مهتسمعيش الكلام لية يا بت الناس، جولت لك فوتيني لحالي، معايزش أجعد مع حد أني
زادت من ضمتها له وتحدثت بإصرار: مهفوتاكش حتى لو فيها موتي
إستدار لها سريع وتسائل متلهف بعيون مرتعبة: صح مهتفوتنيش يا صفا؟

إبتسمت بخفة ونظرت لعيناة بولة وتحدثت: افوتك كيف وإنت النور اللي عشوف بيه يا ضي عين صفا
تنفس وضمها إلية بقوة وبات يشدد من ضمتها وهو مغمض العينان بتألم
بعد مرور أكثر من الساعتان.

، كانت تتحرك بجانبة بين أشجار ثمار الفاكهة ممسكة بكف يدة مشددة علية بحب، وهو يتحرك بجانبها بألم لم يشعر به من ذي قبل، لم يكن حزين لأجل ماحدث قدر حزنة وخزية من حالة وما فعل بحبيبتة الغالية، وعمة الذي وقف بظهر أبية رغم معرفتة وعلمه بمدي حقدة علية، وهل سيتحمل قلب جدة ضربة قاضية أخري مثل تلك الفعلة الشنيعة التي فعلها بحق من أهدتة الحياة، يا له من شعور مميت وهو يري عشق وتمسك تلك البريئة به وهو إلى يطعنها بظهرها طعنة غدر قاضية.

بعد مرور أكثر من ساعتان قضاها كلاهما بالمشي كل بجانب الاخر يدا بيد، أخرجة من شدة رعبة تلك التي رفعت كف يده وقربتة من فمها وقبلتة بحنان وسألتة بنبرة هادئة: لساتك متعبتش من المشي؟
أخذ نفس عميق ثم أخرجة وأجابها بنبرة مهمومة: مجادرش أروح البيت وأشوف حد جدامي يا صفا، حاسس حالي مخنوج وروحي عم تطلع من چسدي.
تحدثت بنبرة حنون: سلامتك من الخنجة يا ضي عيني، طب إية رأيك ننام الليلة في الإستراحة بتاعت الچنينة.

نظر لها وسألها: هتبات معاي إهنية؟
إبتسمت وأجابتة: هبات معاك في أي مكان تكون فية، أهم حاچة متفارجش حضني ولا تبعد عني
تحرك كلاهما للإستراحة وتمددا فوق التخت، وسحبها هو لداخل أحضانة، تحدثت بتردد وخجل: قاسم، أني مش عيزاك تتأثر باللي حصل...
لم تكمل جملتها لمقاطعتة الحادة: معايزش أتكلم في اللي حصل يا صفا.

تنهدت بأسي لحالة الحزن والخزي التي أصابتة وتملكت منه، شددت من إحتضانها له، مال على جبينها وقبله بحنان وبعد مدة غفت داخل أحضانة أما هو فظل متيقظ ومشددا عليها داخل أحضانة وكأنة يخشي رحيلها عن أحضانة.

ظهر اليوم التالي
ذهب يزن إلى المشفي كي يبحث عن أمل ليخبرها بأنه أعاد الفحص وتأكد من أنه قادر على الإنجاب بمنتهي السهولة، وأن رجولتة كاملة وليست منتقصة على حسب فهمة، فمنذ أن رأي والدتة تخرج من مكتبها وعلم أنها أصبحت على دراية بعجزة والنار تنهش داخل صدرة، وبات شغلة الشاغل أن يثبت لها أنة بكامل رجولتة.

وجد باب مكتبها مفتوح، نظر على موضع جلوسها وجدة خاليا طرق فوق الباب عدة طرقات ليتأكد لم يصلة ردا، دار ببصرة على الشزلونج ليري ما إن كانت تفحص أحد مرضاها، وحينها تأكد خلو الغرفة تمام، وما أن هم بالذهاب ليبحث عنها حتى وجدها تقابلة وهي تحمل قدح من شراب القهوة، نظرت إلية بإستغراب وتسائلت: خير يا باشمهندس؟
تحمحم وتحدث بنبرة هادئة: كنت عاوز أتكلم وياك في موضوع إكدة.

ضيقت عيناها بإستغراب وتحدثت وهي تشير إلية لداخل المكتب: إتفضل
وتحركت أمامة وجلست فوق مقعدها بعدما وضعت قدح قهوتها فوق سطح المكتب وسألتة: تحب أطلب لك قهوة؟
هز رأسة بنفي ثم سألها بعدما أثارة الفضول: هو أنت لية لما بتحتاچي حاچة من الكافيتريا بتروحي بنفسك تچبيها؟
معتطلبيش لية اللي عوزاة من العمال؟

تنهدت وأجابتة بوجة ونبرة صوت يشعان طاقة وتواضع: مابحبش أتعب ولا أتسبب لأي حد في مشقة وتعب، وبعدين أنا بحب أعمل كل حاچة بنفسي وبحب اتحرك كتير علشان أنشط الدورة الدموية بإستمرار
نظر لها بإحترام وأعجب بأدميتها وحسن معاملتها للاخر، في حين أكملت هي بنبرة جادة: ما قولتليش، حضرتك كنت عاوزني في إية؟

تحمحم ونظر لها وهو يرفع قامتة بكبرياء رجل إستعاد كرامتة بعدما هدرت ودهست تحت أقدام الجميع وأردف قائلا: أني روحت عيدت التحاليل في مصر
نظرت له بلهفة إستغربها هو وتسائلت: طمني، التحاليل كانت غلط زي ما أنا توقعت؟
رفع قامتة لأعلي وتحدث بكبرباء كطاووس ينفش ريشة: طبعا غلط، التحاليل طلعت متبدلة في المعمل وأني طلعت صاغ سليم وراچل من ضهر راچل.

نظرت له مستغربة حديثة الرجعي وتحدث بنبرة حادة: على فكرة يا باشمهندس، قدرة الراجل على الإنجاب مهياش دليل على رجولتة الكاملة، ولا عدم قدرتة عليها ينقص منها حاجة، رجولة الراجل بتكتمل بأخلاقة ومبادئة وتنفيذة للوعود
وأكملت بيقين: وبعدين دي مشيئة ربنا لعبادة المخيرين، وأكيد لية حكمة في كدة وهو وحدة اللي يعلمها.

شعر بالحرج من حالة وبضألة تفكيرة العقيم أمام تلك المتسامحة مع الحياة والمؤمنة بالقدر وبحكمة الله.

وتحدث مفسرا لها الوضع: أني عارف كل اللي جولتية دي، وأكمل بنبرة متألمة وهو ينظر إليها بعيناة التي ملأها الحزن: إنت بس عتجولي إكدة إكمنك معرفاش عوايدنا، موضوع الخلفة بالنسبة للراچل الصعيدي واعر جوي يا دكتورة، دي فية دبح لكرامتة وهيبتة جدام مرتة وكل اللي حوالية، ومهما حاولت أشرح لك مهتفهميش الإحساس والمهانة اللي حسيت بيها وجت ما سمعت الخبر الشوم ده.

كانت تستمع إلية بتمعن وإنصات، شعرت بأنها تريد إطالة جلستة والإستماع إلية، سألتة بنبرة حزينة: ممكن أسألك سؤال، بس طبعا لو مش حابب ترد أنا هتقبل ده جدا
نظر لها بإحترام وأردف قائلا بنبرة حماسية: جولي وأني عجاوبك مهما كان الموضوع محرج
أردفت مستفسرة: اليوم اللي جيت لقيتك نايم فية هنا في المكتب، ياتري حالتك اللي أنا شفتك عليها، كان ليها علاقه بالموضوع ده؟

سحب بصره عنها وتنهد بأسي وتحدث بصدق: كانت أسوء ليلة شفتها في عمري كلياتة، كان أول مرة أحس بالمهانة وكسرة النفس، وساعتها عرفت يعني إية جهر الرچال، الله لا يعودها تاني
أردفت مستفسرة بإستغراب ونبرة شجن: طب هو أنا لية مش حاسة ولا شايفة جوة عيونك فرحة إنك هتبقي أب؟
أجابها: عشان الطريجة اللي عرفت بيها إني معنديش مشاكل في الخلفة كانت واعرة عليا جوي، وكشفت لي إني عشت سنتين ونص من عمري وأني أكبر مغفل.

وأكمل بألم: عارفة يعني إية تدي الأمان لحد وتدي له ضهرك وإنت مطمنة ومتفوجيش غير على طعنة،
وأكمل وهو يصك على أسنانة من شدة غضبة: طعنة واعرة بطعم الغدر والخيانة والخسة
وأكمل وهو ينظر داخل عيناها بتمعن: وجتها بتحسي إن الدنيي معادش فيها خير ولا ناس طيبين، وإن المفروض متديش الأمان ومتسلميش تاني لأي مخلوج على وجة الأرض.

تنهدت بأسي وهي تستمع له بقلب يتمزق وروح تتهاوي بعد إستماعها لكلماتة المؤلمة والتي وكأنها تصف ما حدث معها بالتفصيل داخل تجربتها المريرة مع دكتور وائل.

نظر لها ورأي ألم مميت يسكن عيناها الحزينة، ظن أنها تأثرت لأجلة، لا يعلم أنه وبحديثة هذا قد نزع بدون رحمة تلك الضمامة الهشة عن جرحها الذي مازال نازف، فتنهد وأردف قائلا لها بشبح إبتسامة واهنة تخرج من إنسان محطم نفسيا: ربنا ما يكتبها عليك ولا تعيشي الشعور المميت دي
إبتسمت بجانب فمها ساخرة واردفت بنبرة واهنة تخرج من قلب إمراة محطمة: متأخرة أوي دعوتك يا باشمهندس.

وأردفت بدعابة وأبتسامة حاولت بها عدم السماح لتلك الدموع الملعونة التي تصرخ وتأن كي تطلق لها العنان وتسمح لها بالتحرر: للأسف أنا عيشت نفس إحساسك المر، بس بطريقة أبشع ومهينة لكرامتي وأدميتي، حكايتي غدر بطعم الإهانة، وعلى إيد أقرب الناس لقلبي وروحي، أو اللي كنت مخدوعة وفكراهم كدة
قهقة عاليا بطريقة جعلتها تخرج من حالتها وتنظر إلية بضيق وحزن، وذلك لإعتقادها الخاطئ بأنه يسخر منها ومن ما ذكرتة.

بادر بالحديث سريع عندما لاحظ بوادر غضبها، فرفع يده وتحدث بنبرة ساخرة على حالهما: يعني إحنا التنين طلعنا كيف بعضينا، إتغدر بينا وأتداس على كرامتنا من أجرب الناس
تنهدت براحة عندما فسر لها ضحكاتة المتألمة ونظرت إلية بأسي، نظر داخل عيناها وحزن لاجلها عندما رأي بهما ألم يدل على كم الخزلان التي تلقتة تلك المغدور بها
طال نظراتهما كل للأخر بتمعن وكأنة يقرأ رواية خزلانة في عين الاخر.

فاق على حالة، تحمحم ثم وقف وتحدث لها بنبرة هادئة: همشي أني لجل متشوفي شغلك
هزت رأسها بإيماء وأبتسامة خافتة، وتحرك هو للخارج، أما هي فأسندت ظهرها للخلف مستندة على ظهر المقعد وأراحت رأسها وأغمضت عيناها بألم، وبدأت بإسترجاع ما حدث معها بالماضي.

بعد مرور حوالي إسبوع على تلك الواقعة.

داخل محافظة القاهرة الكبري وبالتحديد داخل مسكن قاسم وإيناس، كان يجلس داخل غرفة المكتب المخصصة داخل الشقة يراجع أوراق هامة لقضية يجب دراستها بصحبة إيناس التي ذهبت إلى المطبخ لتعد قدح من القهوة لها لزيادة التركيز بتلك القضية المعقدة، أخرجة من تركيزة الشديد جرس الباب الذي إستمع له، وقف وتحرك إلى الباب حين تحدثت إيناس بصوت عال وهو يقترب من الباب ليفتحة: إفتح الباب من فضلك يا قاسم.

لم يكلف حالة عناء الرد عليها وقام بفتح الباب، ذهل وهو ينظر امامة للطارق بعينان متسعتان من شدة ذهولهما لرؤيتة
وما زاد الطين بلة هو صوت إيناس العالي وهي تحدثة بنبرة أنثوية رقيقة: لو اللي على الباب دليفري السوبر ماركت ياريت تحاسبة وتجيب لي الحاجة على المطبخ لاني محتاجة السكر للقهوة ضروري يا حبيبي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة