قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس والعشرون

في المساء
وصل العاشقان إلى مطار سوهاج بسلام، وجدوا فارس بإنتظارهم ليقلهم بسيارتة إلى المنزل، وبالفعل إستقلوا السيارة وجلس إثنتيهم بالمقعد الخلفي
نظر فارس لإنعكاس كليهما بالمرأة وتحدث ساخرا: سواج اللي جابوكم أني لجل ما تلطعوني جدام لحالي وتجعدوا تحبوا في بعض إكدة
ضحك كلاهما وتحدث قاسم الذي يكبل كتف محبوبتة كمن يخشي هروبها: يا تسوج وإنت ساكت يا تنزل وتركب لك أي تاكسي وأسوج أني.

أجابه ساخرا: لا وعلى إية، أسوج وأني مكتوم لجل ما ترتاح حضرتك إنت والدكتورة
وصل الثنائي إلى السرايا ولقيا إستقبال حار من الجميع ما عدا يزن وذلك لعدم تواجدة حيث أنه أصبح يعود في وقت متأخر من الليل وذلك حين يتأكد من أن الجميع قد غفي في ثبات عميق كي لا يراة أحد من سكان المنزل.

وأيضا ليلي التي أصبحت حبيسة حجرتها بعدما تركها يزن وبات لا يطيق حتى النظر لرؤية وجهها البغيض بالنسبة له، أما فايقة التي كانت تنظر بحقد إلى صغيرها والسعادة التي تنطلق من عيناه،.

كم بغضت رؤية الراحة والسلام اللذان إرتسما على ملامحه وأستوطنا، بلحظة شعرت بالخطر وبأن عرش إنتقامها الأعمي بات مهددا بالإنهيار، وأكثر ما أرق روحها وأتعبها هو العشق الظاهر وأنسجام روحي هذا الثنائي ونظراتهما العاشقة المتبادلة والتي تؤكد وتظهر عشق كلاهما للأخر.

تحرك قاسم وقبل مقدمة رأس عتمان وتحدث بنبرة صوت هادئ وملامح وجة مبتسمة أكدت لعتمان أن حفيده قد سامحه وتأكد من حسن إختيارة له: كيفك يا چدي وكيف صحتك.
ربت عثمان فوق ظهر حفيدة وتحدث بنبرة إستحسانية: بخير طول ما أنت بخير يا سبعي
إبتسم له قاسم بإرتياح كقبل
ثم تحرك إلى والدته بعدما إطمئن على جدته وأحتضنها وتحدث إليها بنبرة هادئة: كيفك يا أما، إتوحشتك.

مالت على إحدي أذناه وهمست بنبرة حادة عاتبة: وعشان إكدة كنت عامل حظر لرقمي وكل ما أتصل بيك يجول لي مجفول؟

أجابها بمراوغة، فهو حقا كان مفعل تلك الخاصية لرقمها وإيناس وكوثر وذلك لعدم إزعاجة هو وحبيبته، وهذا ما أشعل روح فايقة وجن جنونها حين حاولت الوصول إلية بشتي الطرق لتخبره ما جري لشقيقته كي تجبره على قطع إجازتة وعدم إعطائه هو وصفا الفرصة للتقرب أكثر والإستمتاع معا كي لا تتقارب روحيهما أكثر: الشبكة هناك مكناتش زينة يا أما، حجك عليا.

تحدثت إلية من جديد: عاوزاك تاجي معاي نطلع فوج لأختك لچل ما أحكي لك على اللي حصل لها من إبن المركوب اللي إسمية يزن
إهتز داخله لأجل شقيقته وتسائل متلهف: إيه اللي حصل يا أما، إوعا يكون مد يده عليها؟
مد يده بس، ده بهدلها جدام العيلة كلياتها، ومحدش منيهم نطج ولا حتى جال كلمة نصف بيها خيتك: كانت تلك جملة خبيثة نطقت بها فايقة لتشعل داخل صغيرها تجاة يزن وتجاة جميع العائلة.

إستأذن من الجميع وصعد إلى مسكن شقيقتة هو وفارس الذي فهم مغزي همس والدته إلى شقيقه وأصر على الصعود معه كي يمنع والدته من ملئ رأس قاسم بأحاديث مغلوطة وغير صحيحة بالمرة، وشحنه بالكراهية ضد يزن الذي هو بالفعل يبغضة لعلمه أنه يكن داخل صدره عشق إلى صفا.

صعد إلى شقيقته وأخذها داخل أحضانة، وما كان من ليلي سوي الإنفجار بالبكاء الحاد وكأنها كانت تنتظر ضمتها إلى صدر أحدهم كي تشعر بالأمان داخله وتخرج كل ما تكنه داخل صدرها وتخفيه، وتعلن عن إنهيارها، ربت قاسم على ظهرها بحنان وتحدث بنبرة حنون: إهدي يا ليلي، إهدي يا حبيبتي وفهميني إية اللي حصل، وأكمل بنبرة متوعدة: وصدجيني، هچيب لك حجك من كل اللي چم عليك وظلموك.

جلست فايقة وقصت علية ماحدث من وجهة نظرها الكاذبة الحقود
إشتعل داخل قاسم وكاد أن يتحرك إلى يزن ليلقنة درس ويتقاتل معه، أوقفة فارس الذي أكمل له الحديث التي تعمدت والدته عدم ذكرة، تحت غضب فايقة وسخطها على فارس
جحظت عيناي قاسم وتحدث ملام إلى والدته قائلا: معجولة اللي بسمعة من فارس دي يا أما، كيف طاوعك جلبك تودي ليلي بيدك للناس الكفرة اللي ميعرفوش ربنا دول؟

ثم نظر إلى شقيقتة وأردف معاتب إياها: وإنت يا ليلي يا متعلمة يا اللي تعرفي حدود ربنا والصح من الغلط، كان فين عجلك وإنت ماشية تابع ورا أمك كيف العامية وبتغضبي ربنا وبتخدعي چوزك؟
أجابته من بين شهقاتها الحادة ودموع الألم: كنت عاوزني أعمل إيه يا قاسم، أني كنت كيف الغرجان اللي متعلج بجشاية، كنت مستعدة أعمل أي حاچة لجل ما أچيب حتة عيل أفرح بية جلب يزن وأربطة بيا أكتر.

سحبها لداخل أحضانة وتحدث وهو يربت على ظهرها بحنان: أني هاخدك وياي على مصر وهوديكي لأكبر دكاترة، ومهسيبكيش غير لما ربنا يراضيكي ويديكي العيل اللي نفسك فيه.
إرتبكت ليلي في حين هتفت فايقة بنبرة قاطعة: مبجاش لية لزوم المرواح والمجي يا قاسم، كل الدكاترة والتحاليل اللي عملناها جالت إن أختك صاغ سليم والعيب من يزن، هو اللي معيوب ومعيخلفش واصل.

تنهد قاسم بأسي على حال إبن عمه وما وصل إلية، فمهما كان يكن له بعض العداوة لأجل صفا إلا أنه يضل إبن عمه الذي يربطهما نفس الإسم والدم وبينهما الكثير والكثير من الذكريات الجميلة التي لم ولن تمحي بمرور الزمن
أردف فارس قائلا بإعتراض: متجوليش إكدة يا أما، يزن راچل من ضهر راچل، وأني متوكد إن فية حاچة غلط في التحاليل دي.

حول قاسم بصره إلية وتحدث بنبرة هادئة: طب ما تاخدة لمعمل كبير في مصر وتخلية يعيد له التحاليل من تاني ويتأكد
إرتعب داخل فايقة من إنكشاف أمر خطتها وتحدثت بنبرة قوية مصطنعة: الدكتور بعتنا لأكبر معمل في مصر كلياتها
أكدت تلك التي ورثت خبث وكذب والدتها كي تحمي حالها وعرشها: هي المعامل الكبيرة دي عتغلط بردك يا قاسم؟

تنهد قاسم وأجاب شقيقتة في محاولة منه لبث روح الأمل داخلها: كل شئ جايز يا ليلي، ممكن جدا تكون عينات الفحص إتبدلت وحصل لغبطة من دكتور التحاليل وهو بيكتب التقارير
تحدثت فايقة كي تغلق ذلك الباب بوجة نجليها: مليكش صالح باللحكاية دي يا قاسم لا أنت ولا أخوك، عمك منتصر ومرته مفكرينا عنكدبوا عليهم، وأي حد فيكم عيدخل معيصدجهوشي ولا هيأمنوا له، يبجا أسلم حل نبعد خالص ومندخلش.

هتفت ليلي بنبرة تأكيدية: أمي عنديها حج يا قاسم
إستمع قاسم حديث الأم وإبنتها وحزن كثيرا لأجل إبن عمه وما أصابة.

بالأسفل كان زيدان يحتضن صغيرته برعاية تحت نظرات الجميع المحبة، خرجت صفا من أحضان أبيها وتحدثت إلى عمها منتصر: أومال فين يزن يا عمي، مشيفهوش هو وليلي يعني؟
تحدث الجد كي يرفع الحرج والحزن عن كاهل ولده وزوجتة ذات القلب المتألم لأجل نجلها الحبيب: يزن عندية شغل في المحچر وزمناتة چاي يا دكتورة.

أومأت مبتسمة لجدها الحبيب، ثم أردفت متسائلة جدتها بعدما علمت بمرضها حين سألتها عن تغير لون وجهها وعيناها الذي يظهر المرض بداخلهما: والدكتور ياسر كتب لك على حجن الأنسولين من أول ما عمل لك التحليل وأكتشف إن عندك السكر يا جده؟
أجابتها الجدة بصوت واهن ضعيف: أداني برشام أول يومين مرتاحتش علية، بعدها حلل لي وجال لي إني لازمن أخد إبر لجل ما تجيب معاي مفعول زين.

تحركت صفا وجلست بجانبها ثم رفعت كف يدها وقبلته بحنان وتحدثت: ولا يهمك يا حبيبتي، أني هضبط لك الأكل وإن شاء الله مستوي السكر هينزل ومهتحتاجيش للأنسولين تاني
تدلي قاسم بجوار شقيقه من فوق الدرج بوجه مهموم لأجل شقيقتة وإبن عمة، تحرك إلى جدته وقبل جبهتها وسألها عن حالها وصحتها وبعدها تحرك الجميع إلى حجرة الطعام وتناولوا عشائهم بدون شهية.

إنسحب للأعلي هو وصفا دلفا لداخل المرحاض وأخذ كلاهما حمام دافئ كي يزيلا تعب السفر وجلسا سويا داخل غرفتهما
وقص لها ما حدث مع يزن وليلي مما جعل صفا تتسائل بإستغراب: كيف يعني العيب من يزن وأمك بذات نفسيها أخدت مني عنوان الدكتور بعد ما جالت لي إن ليها سنتين ونص بتلف على الدكاترة في المركز إهني، وكلهم بيجولوا لها إنها مسألة وجت؟
سألها مستغرب: جصدك إية بكلامك ده يا صفا؟

أجابتة بنبرة تشكيكية: جصدي إن لو فعلا الكلام دي صح، كان على الاقل دكتور منيهم طلب من ليلي إنها تخلي چوزها ياچي معاها ويعمل تحاليل، لجل ما يتأكد إن المريضة بتاعتة معنديهاش مشاكل
قطب جبينة وكاد أن يرد عليها لولا إستمعا كلاهما إلى طرقات عالية متتالية فوق الباب، مما أفزعهما وأسرع هو بإتجاة الباب ليري من الطارق، أما هي فأسرعت لترتدي ثياب ساترة لجسدها.

وجد فارس أمامة وتحدث بنبرة لاهثة تدل على وجود كارثة حدثت: چدك عاوزك تحت حالا يا قاسم
سأل شقيقة بنبرة مرتعبة: إية اللي حصل يا فارس، إنطج وجول فية إية؟
أجابة فارس: يزن تحت، وعيجول إن فية ناس تبع الشرطة هجموا على المحجر وخرجوة هو ورچالتنا منية بالعافية
خرجت لهما صفا وتساءلت بنبرة مرتعبة: فية إية فارس؟

أمسك قاسم مقدمة رأسها وقبلها بعدما قص عليها ما حدث، وتحدث إليها بنبرة مطمأنة: أدخلي نامي وإرتاحي يا حبيبتي، وأنا هنزل أشوف الموضوع وهطلع لك على طول
نزل بالفعل وجد جميع رجال المنزل و يزن بجاور جده فتحدث إلية بنبرة هادئة جديدة علية: إزيك يا يزن
أجابه يزن بإقتضاب: الحمدلله.
تحدث إلية قاسم بمهنبة: إحكي اللي حصل كله وشكلهم إية الناس دول، والراچل اللي قال لك إنة تبع الشرطة وراك الكارنية بتاعة؟

أجابة يزن بنبرة حادة: أني مش صغير علشان ينضحك عليا يا قاسم، ولا كنت هسيب مكاني واتحرك برچالتي من غير ما أتوكد إنهم فعلا شرطة وأشوف الكارنيهات بتاعتهم
عذر قاسم حدتة بالحديث، واردف قائلا بهدوء: وأني مبجولش إنك صغير يا يزن، أني بس بتأكد إنك شوفت كارنيهاتهم.

تحدث جدة إلية: أني كلمت مأمور المركز بس جال لي إن شكلهم جاصدين المحاچر بتاعتنا مخصوص وإنة معينفعش يتدخل لأنه بكدية هيبجا بيتحداهم وهيعملوا مشاكل هو في غنة عنيها، وأكمل مفسرا: أني كان ممكن أجمع رچالة النجع كلياتها بالسلاح ونمشوهم بالجوة، لكن معايزش الموضوع يخلص بالعنف وندخل الحكومة بيناتنا
هز قاسم رأسه وتحدث: شكلهم إكدة الظباط الفسدة اللي تبع كمال أبو الحسن وبيشتغلوا لصالحة في موضوع تهريب الاثار.

هتف قدري بنبرة حقودة وكأنة وجد مادة خصبة للحديث: أني جولت من اللول إن اللحكاية دي مهيجيش من وراها غير الخراب ووچع الجلب، وأهو كلامي طلع صح والمحاچر اللي هناكل من وراها الشهد ضاعت منينا
وأكمل وهو ينظر إلى زيدان قائلا بنبرة أمرة وكأنه أصبح الأمر الناهي: من بكرة تروح تسحب ورج الترشيح بتاعك يا زيدان، منجصينش مشاكل ووچع دماغ إحنا مع الحكومة.

نظر له قاسم مستغرب رد فعلة وتحدث بنبرة غاضبة: كلام إية اللي عتجولة حضرتك دي يا أبوي، عاوز ولاد النعمانية على أخر الزمن يطاطوا راسهم لواحد حرامي كيف كمال أبو الحسن؟
صاح زيدان بنبرة حادة وهو ينظر لداخل عيناي قدري بثقة: أني منكرش إني مكنتش رايد موضوع الترشيح دي من اللول، بس بعد اللي حصل من كمال دي، مسألة الترشيح بالنسبة لي بجت مسألة حياة أو موت يا قدري.

بعد الشر عنيك يا جلب أمك، إوعاك تچيب سيرة الموت ديت على لسانك تاني: كانت تلك جملة رسمية التي أصرت على الجلوس معهم رغم مرضها
أردف منتصر بنبرة قوية: وأني وولادي التنين واچفين في ضهرك يا زيدان
وافقاه يزن وحسن وأيضا فارس الذي خجل من كلمات أبية الشامتة.

في حين هتف عثمان الذي كان ينتظر ليري رد فعل الجميع، نظر إليهم جميعا متلاشي النظر إلى قدري وتحدث قائلا: هي دي رچالتي وعزوتي على حج، رچالتي اللي دائما جلبهم على جلب بعض ويدهم واحده جصاد أي عدو ياجي علينا
إنكمش قدري بجلسته خشية غضب أبية، حين تحدث قاسم إلى جدة بنبرة مطمأنة: مش عاوزك تجلج وإعتبر الموضوع إنتهي يا چدي.

وأمسك هاتفة وتحدث إلى رجل ذو هيبة وموقع حساس بجهاز أمن الدولة، كان قد تعرف علية من خلال قضية مهمة لأحد أقرباءة وانتصر قاسم بها، ابلغة قاسم أن هذه المحاجر ملك للدولة، وجدة يدفع المال التي حددته الدولة له سنويا.

قال له الرجل أن يذهب على الفور إلى هؤلاء الرجال ويهاتفه أمامهم ويفعل خاصية مكبر الصوت، وبخلال تلك الفترة القصيرة سيجري إتصالاتة ويتعرف على هويتهم بطرقة الخاصة والتي لا تصعب علية بكونة أحد الرجال الهامة في جهاز أمن الدولة، وقد ساعدة قاسم ومده ببعض المعلومات التي يعرفها عن كمال أبو الحسن، وأيضا أملاه يزن بأسماء بعض الرجال الذي رأي إثبات شخصيتهم.

بعد حوالي نصف ساعه كان قاسم وزيدان ومنتصر وقدري الذي ذهب بصحبتهم كي يستدعي رضا والده علية، وايضا يزن وفارس وحسن ومعظم رجال العائلة الذي إستدعاهم زيدان وعلى الفور لبي جميعهم النداء، يقفون أمام الضابط الفاسد ورجالة
وقف الضابط الفاسد وتحدث إليهم بنبرة قوية مهددا إياهم: جاي عاوز إية يا شاطر منك لية.

تحدث قاسم إلية بنبرة ساخرة: شاطر دي تقولها للي بيقدم لك الشاي في مكتبك، إنما لما تيجي تقف قدام رجالة النعمانية أسياد النجع وأسياد المركز بحالة، تبقا تقف كويس وتتكلم بأسلوب يليق بأولاد وأحفاد عتمان النعماني
هتف الضابط بنبرة حادة مهينة لشخص قاسم: وإنت بقا يا حيلة أمك اللي جاي تعلمني الإسلوب اللي هتكلم بيه مع امثالكم؟

أجابة قاسم بنبرة باردة وهو يضغط على زر الإتصال برجل الدولة المهم: هو أحنا فينا من قلة الأدب وطولة اللسان ولا إية
جن جنون الضابط وتحدث بنبرة غاضبة وهو يتحرك بإتجاة قاسم كي يتهجم علية ويلكمة: ولسة كمان هتدوق طولة الإيد يا روح أمك.

تسمر مكانه حين أوقفتة يد يزن الذي إحتجزة كي لا يقترب من إبن عمه، وجحظت عيناه حين إستمع إلى صوت قاسم وهو يتحدث إلى رجل الدولة: إيوة يا باشا، الظابط اللي كلمت جنابك عنه واقف قدامي وسامعك
تحدث الرجل موجة حديثة إلى الضابط الفاسد مهددا إياه: إسمع يا عمر يا منشاوي.

جحظت عين الضابط فأكمل الرجل حديثة: متستغربش إني عرفت إسمك، أنا أعرف عنك كل بلاويك والمخالفات اللي عملتها في شغلك المشبوة مع النائب الفاسد اللي إسمة كمال أبو الحسن،.

وأكمل بنبرة تهديدية: إسمعني كويس يا عمر، أنا هدي لك فرصة عمرك وده بس علشان ما أدمرش مستقبلك وإنت لسة في بدايتك، قدامك خمس دقايق بالظبط وتكون لامم البلطجية اللي حواليك دول وماشي من نجع النعمانية ومن سوهاج كلها، ولو في يوم شيطانك وزك وحاولت تأذي أي حد من عيلة النعمانية، ساعتها بس متلومش غير نفسك
وأكمل بنبرة حادة: مش سامع صوتك لية يا عمر؟

إرتجف جسد عمر وأجابة بنبرة مرتبكة: تحت أمرك يا باشا، حالا هتحرك أنا ورجالتي
تحدث الرجل إلى قاسم: لو فيه أي جديد حصل يا متر يا ريت تتصل بيا على طول وأنا هتصرف
أجابه قاسم بنبرة شاكرة: إن شاءالله يا أفندم، وشاكر جدا لأفضال جنابك.

أغلق الخط ونظر إلى الضابط الذي وبالفعل بدأ بجمع رجالة البلطجية وتحدث إلية بنبرة ساخرة: يلا يا شاطر، جمع البلطجية بتوعك دول ومشوفش خلقتك في سوهاج كلها وإلا إنت سمعت بنفسك الباشا قال إية
سحب نظرة بعيدا عن مرمي نظر قاسم المتشفي به وتحرك سريع منسحب هو ورجالة
حين هتف قدري بنبرة تفاخرية بنجلة: براوة عليك يا قاسم، سبع يا ولدي الله يحميك.

ربت زيدان على كتف قاسم وتحدث بنبرة استحسانية: ربنا يحميك لشبابك يا ولدي
إبتسم لعمه وأمسك كف يدة وضغط عليها دلالة على تضامنة
وتحرك الجميع عائدون إلى السرايا بعدما هاتف يزن رجالة وعادوا من جديد إلى المحجر لحمايتة
أما الضابط فهاتف كمال وقص علية تفاصيل ما حدث وأبلغه إنسحابه من القصة، غضب كمال وتوعد بالرد القاسي على عتمان وزيدان
في منزل زيدان النعماني.

كانت تجاوره الجلوس فوق فراش نومتهما وتحدثت إلية بنبرة حزينة: بلاش منية موضوع الترشيح ديه يا زيدان، أني جلبي ممطمنش للي إسمية كمال دي
وأكملت وهي تنظر لداخل عيناه والخوف يسيطر على نظرتها له: أني خايفة عليك يا حبيبي
سحبها لداخل أحضانة وربت على ظهرها كي يشعرها بالأمان والطمانينة: معادش ينفع الإنسحاب يا ورد، الموضوع كبر وبجا مسألة كرامة، وأني مهتنازلش عن كرامتي وكرامة عيلتي واصل جدام اللي إسمية كمال دي.

وأكمل: مش عايزك تخافي طول ما أنت چوة حضني يا زينة الصبايا
تنهدت بثقل وخبأت حالها داخل صدرة لتتناسي بضمتة أحزانها التي أصابتها جراء ما حدث.

في صباح اليوم التالي
فاق قاسم من غفوتة ثم أستعد وسافر إلى القاهرة تحت تألم روحة ودموع صفا وصرخات قلبها الذي ما عاد يحتمل البعاد عن وليفة ولو لساعات قلة.
ذهبت صفا إلى المشفي في محاولة منها لمتابعة سير العمل لسببين، الأول أن تتناسي ألم قلبها الناتج عن إبتعاد الحبيب، والثاني أن تعود لعملها التي تعشق مزاولتة.

أوصل فارس مريم إلى عملها بسيارته وترجلت منها داخل المشفي وتحرك هو إلى أعمالة التي يكلفه بها جده، دلفت وجدت بوجهها دكتور ياسر، نظر لها متلهف لرؤياها فقد إشتاقها وأشتاق رؤية عيناها حد الجنون،
تسمر بمكانه لينتظر مرورها بجانبة، إبتسم لها برقة وتحدث بنبرة هادئة تدل على عشق روحه لتلك الجميلة: حمدالله على السلامة يا أستاذة مريم
وأكمل بإبتسامة مداعب إياها: إحنا هنبتديها تقصير كدة من أولها ولا إية؟

أجابته بنبرة جادة: أني أسفة يا دكتور، وإن شاء الله هتكون أخر مرة ومهتتكررش تاني
إبتسم لها وتحدث بنبرة متسامحة: ولا يهمك يا مريم، المهم طمنيني، إنت كويسة؟
أجابتة بنبرة صارمة وهي تنسحب للأمام في طريقها إلى مكتبها: الحمدلله، بعد إذنك.

وهرولت سريع حتى أختفت داخل مكتبها، تنهد وتحدث بصوت يكاد مسموع لأذنه: لحد أمتي هتفضلي تهربي بعيونك مني يا مريم، لحد أمتي هتهربي من مشاعري وتعملي نفسك مش فاهمة ومش واخدة بالك من حبي ليك
تنهد ثم تحدث بنبرة متفائلة: على العموم هانت يا حبيبتي، أنا خلاص قررت أكلم يزن وأطلب إيدك منه، علشان خلاص، مابقتش قادر أصبر على معاملتك الجافة والرسمية دي أكتر من كدة.

ظهرا داخل سرايا النعماني
ذهب عثمان النعماني إلى حديقة الفواكة ليطمئن على المحاصيل بنفسة وليجلس مع يزن ويتحدث معه بخصوص إعادة الفحص مرة أخري، أما رسمية فبعد أن أخذت جرعة الدواء وإبرة الأنسولين دلفت لداخل حجرتها لتأخذ قيلولتها.

أما ورد فكانت تجلس في البهو بجانب نجاة وتحمل إبنة مريم وتدللها وتداعبها، نظرت ورد إلى نجاة المهمومة وأردفت بنبرة ملامة: وبعدهالك يا نچاة، عتفضلي لميتا جاعدة حزينة ومستسلمة لحالتك دي؟
تنهدت نجاة وتحدثت بنبرة محملة بثقل من الهموم: وأني إية اللي في يدي لجل ما أعملة يا خيتي ومعملتوش.

هتفت ورد بنبرة حادة: في يدك كتير إنت ومنتصر يا نچاة، إجعدوا وياة وحايلوة وخدوة لمصر من چديد لجل ما يعيد التحاليل، وأكملت بنبرة تأكيدية: كلياتنا وإنت أولنا خابرين زين إن فايقة ممكن تعمل أيتوها حاچة لجل ما تبعد الشك وتأكد للچميع إن عيب الخلفة عند بتها.

لم تكملا حديثهما حين إستمعتا صوت فايقة الهادر الذي يأتي من فوق الدرج وهي تنادي على العاملة إحسان بنبرة غاضبة، وهذا بعدما شاهدت ورد تحمل جميلة حفيدتها التي لم تحملها هي منذ ولادتها إلا مرات تعد على أصبع اليد الواحدة
وهتفت عاليا: إحسان، إنت يا اللي إسمك إحسان
خرجت العاملة مهرولة وتحدثت بنبرة مرتبكة لحدة وغضب صوت تلك الفايقة: نعمين يا ست فايقة.

أكملت فايقة حديثها بنبرة أمرة: هاتي لي چميلة وطلعيهالي على شجتي
وأنسحبت سريع إلى مسكنها فتحدثت نجاة بنبرة غاضبة: من ميتا وهي عتهتم بچميلة ولا حتى عتعتبرها حفيدتها، ونظرت إلى العاملة التي تنتظر لتأخذ الصغيرة لجدتها وتحدثت إليها: روحي على المطبخ يا إحسان، چميلة أمانة أمها ليا ومعسلمهاش لحد غير لأمها أو أبوها.

وقبل أن تتحرك العاملة أوقفتها ورد التي تحدثت إلى نجاة وأقنعتها بحديث العقل وأن تبعث بالفتاة إلى جدتها، وبالفعل أخذت العاملة الصغيرة إلى فايقة التي وضعتها فوق التخت لحالها وخرجت إلى بهو الشقة تتحدث مع إيناس لتخبرها بسفر قاسم إلى القاهرة وأن عليها الإستعداد التام لإستقبالة بشكل لائق وملفت للنظر.

أما بالداخل فتمللت الصغيرة بالجلوس لحالها وأرادت الذهاب إلى جدتها نجاة التي تداعبها وتغمرها بالدلال طيلة الوقت، باتت الصغيرة تصرخ بالنداء على جدتها ولكن لم تعيرها ذات القلب المتيبس أية إهتمام، بل تابعت ما تفعلة من تخطيط للإيقاع بفلذة كبدها داخل براثن إيناس ووالدتها، وذلك لتثأر من زيدان وإبنتة.

تحركت الصغيرة في محاولة منها للنزول، ولكن للأسف وقعت من فوق التخت المرتفع على مفصل ذراعها مما أدي إلى كسرة في الحال، صرخت الصغيرة صرخة مدوية إستمع إليها جميع من بالمنزل وتحركوا على أثره إلى الأعلى، إنتاب فايقة شعور سئ، أغلقت الهاتف بوجة إيناس وجرت سريع إلى الصغيرة وجدت ذراعها ملتوي ومنتفخ بشكل يستدعي الذعر والقلق.

وقفت متسمرة بمكانها لا تدري ما عليها فعله، إستمعت إلى خبطات سريعة متتالية فوق الباب، جرت سريع إلى الباب وفتحتة، وجدت نجاة وورد وليلي وجميع العاملات
تحركن جميعا وذهلن من وضع الصغيرة التي ما زالت ملقاة على الارض، كادت نجاة أن تحمل الصغيرة فصرخت بها ورد وحذرتها من خطورة الوضع وتحدثت إلى حسن: هاتي أي خشبة عريضة نحطها تحت يد چميلة لجل ما تتأذي أكتر.

وبالفعل وضعت ورد ذراع الصغيرة وثبتته فوقة ببعض الأقمشة، في تلك الاثناء حضر فارس بعدما هاتفتة ليلي وأخبرته بما جري
ذهب فارس والجميع إلى المشفي مما تسبب في ذعر للجميع، هرولت صفا إلى فارس وتحدثت بنبرة هلعة بعدما رأت وضع الصغيرة: إية اللي حصل يا فارس؟
أجابها ذلك الذي يتقطع لأجل صراخ صغيرتة: چميلة وجعت من فوج السرير يا صفا.

أتي ياسر بعدما أخبرته الممرضة بوجود حالة كسر مضاعف لطفله بالكاد تتخطي عامها الأول، فتحدث إلى فارس الذي يحتضن صغيرتة ممسك بها ومشددا: حط البنت على الترولي من فضلك يا أستاذ فارس.

نظر له بتيهه فطمأنه ياسر، فوضعها تحت صرخات الصغيرة وتشبثها بيد أبيها الذي تحرك معها لداخل غرفة الأشعة، تحركت صفا إلى مكتب مريم وأخبرتها بهدوء، صرخت مريم وأسرعت إلى إبنتها، وجدتها مازالت داخل غرفة الأشعة وممنوع الدخول بأمر من ياسر وطبيب الأشعة
سحبتها نجاة وأحتضنتها وربتت على ظهرها بحنان
تحدثت إلى والدتها بإستفسار: إية اللي حصل لچميلة وخلي دراعها ينكسر يا أما؟

نظرت نجاة إلى فايقة وتحدثت: حماتك هي اللي عتجول لنا إية اللي حصل، لأن بتك كانت معاها وجت ما دراعها إنكسر يا مريم
صاحت فايقة وأردفت بنبرة عالية: نصيبها يا حبيبتي، ربنا كاتب لها تنكسر وهي معاي، إيه، عتعترضي على أمر ربنا وحكمتة إياك؟
سألتها مريم بنبرة حادة: وإنت كنت فين يا مرت عمي وجت ما بنتي إنكسرت؟
أجابتها بتبجح: كنت في الحمام يا ست مريم، هتحكميني إنت كمان إياك.

سحبتها ورد إلى المرحاض كي تغسل وجهها وتزيل عنها تلك الدموع كي لا تراها الطفلة هكذا وتنهار أكثر
خرجت من المرحاض وجدت إبنتها قد خرجت ودلفت لحجرة الكشف، دلفت إليهم، وجدت ياسر وفارس وصفا ملتفون حول الصغيرة وفارس يستعد كي يجبر للصغيرة ذراعها،
جرت على صغيرتها وتحدثت بدموعها: چميلة، بنتي مالها يا فارس؟
نظر لها ياسر بذهول بعدما نزلت علية كلماتها فزلزلت كيانه، سألها بنظرات حائرة ونبرة مرتبكة: بنتك؟

بنتك إزاي يا مريم؟
إتسعت عيناي فارس حين رأي نظرات ياسر وتعبيرات وجهة المصدومة، وهنا عاد بذاكرته وتذكر نظراته إلى مريم ووقوفه قبالتها وطمأنته لها حين مرضت جدته رسمية،
إشتعل داخلة وأرتجف جسدة من شدة الغضب والغيرة وتحدث بنبرة غاضبة عالية: بتها مني يا دكتور، ولا هو سيادتك متعرفش إن مريم تبجا مرتي وأم بتي چميلة.

إتسعت عيناي ياسر ولم يستطع السيطرة على حالة وهتف بنبرة بائسة وعيون تصرخ ألما جراء أماله وأحلامه التي تحطمت بلحظة: مراتك إزاي، وأمتي ده حصل؟
ونظر سريع لأصبع مريم وصدم واتسعت عيناه عندما رأي خاتم زواجها بيدها، حدث حاله صارخ: يا إلهي، سأجن، كيف ومتي حدث ذلك؟
إرتبكت مريم وارتجف جسدها رعب من نظرات فارس التي لا تنذر بخير أبدا
حين تحدثت صفا بإستغراب: هو فيه ايه يا چماعة.

نظر فارس إلى صفا وتحدث بنبرة حادة: شوفي لي دكتور تاني يچبس لبتي دراعها
ثم حول بصره إلى مريم وتحدث وصدرة يعلو ويهبط من شدة الغضب والغيرة: تطلعي من إهني على البيت طوالي، وأني هچبس چميلة وهچيبها لك
هزت رأسها برفض وتحدثت من بين دموعها ممسكة بكف صغيرتها التي تصرخ باكية: أني مهسيبش بتي يا فارس، ومهروحش غير ورچلي على رچلها.

صاح بنبرة غاضبة وعيون تطلق شزرا: تروحي على البيت حالا ومعايزش كتر حديت يا مريم، ورچلك مهتخطيش المستشفي دي تاني، فهماني يا مريم
نظرت له تترجاة بدموعها فبادلها إياها بتحذيرية، لأول مرة تراه بهذا الغضب، إرتبكت فأخرجتها صفا بعد أن رأت غضب فارس العارم، وعادت إلى السرايا بصحبة ورد بعدما أبلغتهم صفا أن مريم لم تعد تتحمل رؤية إبنتها بهذا الوضع، وهذا بعدما فهمت صفا مغزي الحديث.

أما بالداخل، وقف ينظر بغضب إلى ياسر الذي مازالت الصدمة تلجم لسانة وتسمر قدماة، وتحدث إلية بنبرة غاضبة: واجف عنديك بتعمل ايه، جولت لك تتفضل تطلع برة
بالفعل تحرك للخارج يجر ساقية بخيبة أمل كبيرة، تحت إشتعال روح فارس وغيرتة التي تشعل جسدة، جاء طبيب العظام وجبر للصغيرة ذراعها.

بالخارج، تحركت نجاة منسحبة بهدوء كي لا تراها فايقة، ووصلت إلى غرفة طبيبة النساء والتوليد وتحدثت إلى أمل: هو أني لو چبت لحضرتك تحاليل معمولة في معمل في مصر، وشاكة إنها متزورة وملعوب فيها هتعرفيها؟

أجابتها أمل بنبرة صوت هادئة إرتاحت لها نجاة: على حسب، يعني ممكن تكون متزورة بطريقة مش مهنية فدي بسيطة وبسهولة نقدر نعرف إذا كانت ملعوب في نتايجها ولا لا، وممكن يكون اللي كاتبها حد مهني ومتخصص وساعتها هيكون صعب جدا إكتشافها
تحدثت إليها نجاة بنبرة بائسة: طب والعمل يا دكتورة؟
أجابتها أمل: الحل الوحيد والمضمون علشان تقطعي الشك باليقين، هو إن المريض يعيد التحاليل من جديد، وساعتها هنقدر نعرف النتيجة الصح.

تنفست عاليا واجابتها بإستسلام وملامح وجه حزينة: مش راضي يعيد التحاليل، مستكترها على حالة يا نضري
حزنت أمل لأجل تلك المكلومة، مع العلم أنها تجهل أن شخصية يزن هي المقصودة بالحديث، وتحدثت إليها: طب هاتي لي التحاليل دي وأنا هتصرف
هزت نجاة رأسها بإيجاب وتحركت من جديد إلى الخارج تنتظر خروج الصغيرة من الداخل.

داخل بهو سرايا النعماني
كانت تتوسط جدها وجدتها اللذان يحتضناها ويحاولا تهدأتها
تحدثت رسمية بنبرة حنون: إهدي يا بتي، دالوك هياچو بيها بالسلامة وهتبجا زينة
لم يكملا حديثهما حتى وجدوا فارس يحمل صغيرته وهي تغفوا بسلام بعدما حقنها الطبيب بإبرة منومة كي لا تشعر بألم ذراعها
جرت عليه وباتت تقبل كف يد ووجنة صغيرتها، تحرك بها ثم وضع الصغيرة فوق ساقي نجاة التي جلست بإسترخاء.

تحدثت جدته إلية: حمدالله على سلامة بتك يا فارس
أجابها بإقتضاب: الله يسلمك يا چدة
وتحرك إلى الدرج وتحدث بنبرة صارمة: مريم، عاوزك فوج
إبتلعت سائل لعابها وأرتبكت تحت إستغراب الجميع لحالة فارس وملامح وجهة شديدة الغضب.

داخل المشفي
تحركت صفا إلى مكتب ياسر الذي ظل حبيسه إلى الان وتحدثت إلية بنبرة هادئة: ممكن تفسر لي إية اللي حصل جدامي ده؟
نظر لها وهز رأسه بيأس وتحدث بنبرة حزينة متألمة: والله ما كنت أعرف إنها متجوزة يا صفا.

وأكمل بعيون شبة دامعة: أول مرة شفتها كان يوم فرحك، إتخبط فيها بالغلط وفونها وقع على الأرض وميلت جبتهولها، أول ما بصيت لعيونها سحرتني، على طول بصيت في إديها علشان اتأكد إذا كان من حقي أتمادي في مشاعري دي ولا لاء،
وهز رأسه بأسي وتحدث: مكانتش لابسه دبلة، والله يا صفا ما كانت لابسة، أنا أستغربت لما لقيت في صباعها دبلة جواز إنهاردة، والله ما كانت لابسة طول الفترة اللي فاتت.

حزن داخلها لأجل ذلك الخلوق لانها بالفعل تعلم مدي إحترامة وأدميتة، إنسحبت للخارج تحت تألم روحها وروح ذلك المذبوح الروح وتركتة يتألم بصمت.

بعد حوالي ساعة، جلست بداخل مكتبها
أمسكت هاتفها وضغطت زر الإتصال وتحدثت بنبرة جادة: مساء الخير يا دكتور محمد، أنا دكتورة صفا زيدان اللي كلمت حضرتك من مدة بخصوص حالة إبن عمي الباشمهندس يزن منتصر عتمان، ومراتة ليلي قدري عتمان
أجابها الطبيب حين تذكرها وتحدث: إفتكرتك يا دكتور، بس هو إبن عمك لية مجاش معاد الإستشارة وجاب التحاليل علشان أطلع عليها؟

نزلت كلماته على مسامعها زلزلتها وهذا بعدما تحدثت منذ الصباح إلى زوجة عمها فايقة لتسألها عن ما أخبرها به الطبيب، وأكدت لها فايقة أن الطبيب هو من أخبرها بما أخبرت به الجميع
سألته صفا: مرات عمي هي اللي جابت لحضرتك التحاليل يوم الجمعة اللي فات يا دكتور.

أجابها مؤكدا ان التحاليل لم تأتي من الأساس وتحدث إليها: أنا متأكد إن التحاليل دي بالذات أنا ما أطلعتش عليها، لأن دكتور حسن اللي موصيني على حضرتك قالي أكلمة وأبلغة بنتيجة التحاليل أول ما تظهر، علشان هو هيبلغك بيها بنفسة،
وأكمل مستغرب: ثم أنا مبشتغلش يوم الجمعة من الأساس يا دكتور.

أغلقت معه الهاتف وألف سؤال وسؤال يراودها، لما كذبت زوجة عمها وأخبرتها أنها قابلت الطبيب وهو بشخصة من أبلغها بنتيجة التحاليل؟
ومن أخبرها بتلك النتيجة إذا لم يفعل الطبيب؟
وهل ستخبر يزن بما علمته، أم ماذا عليها أن تفعل؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة