قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس والثلاثون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس والثلاثون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الخامس والثلاثون

تحدث عثمان بقلب يرتجف خشية إستماعة لتأكيدها لما يخبرة به حدسة منذ الصباح: إجفلي خاشمك وبطلي عويل وجولي لي إية اللي حصل يا بت؟
أجابتة علية بصراخ وانهيار: زيدان أخوي إنجتل يا أبووووي.

حالة من الفزع والهلع أصابت الجميع، ورد وصفا اللتان تصرخان بكل صوتهما وهلعهما الذي أصابهما تخوف من صحة الخبر المشؤم، عثمان الذي لم تعد ساقيه تتحملان جسده الهرم، رسمية، فايقة اللتان تتصطحتان الإرض وفاقدتا للوعي، قدري ومنتصر اللذان شلت حركتهما وتحول داخلهما لنار ستحرق الأخضر واليابس لأجل أخذ الثأر للإنتقام من قاتل غاليهم
ثواني، ما هي إلا ثواني حدث بها كل هذا.

سأل قدري شقيقته بنبرة صارخة متغاضي عن تلك الملقاه على الأرض وليلي والعاملات تحاولن إفاقتها: مين اللي جال لك على الخبر الشوم دي يا علية؟

أجابته تلك التي تضع رأس والدتها فوق ساقيها وتحاول إفاقتها هي ومريم ونجاة: البلد كلياتها مجلوبة برة وعتتحدت يا أخوي، وعيجولوا إنهم إترصدوا ل زيدان النعماني وإصطادوه بره النچع وهو راچع وضربوه بالنار، ورچالة النچع واجفين بره بالسلاح رهن الإشارة لجل ما يشوفوا أبوي ناوي على إيه.

تحدث عثمان إلى قدري بنبرة قوية إصطنعها بصعوبة كي لا يضعف أمام أبنائه وأحفاده الذين يستمدون منه القوة: إتصل لي بالمأمور وشوف لي الخبر الشوم دي صحيح ولا لا، وأكمل بقلب يرتعب: ولو لاجدر الله صحيح، إسأله عن مكان أخوك وشوفه فين لچل ما نروح نچيبه.
أطاعه قدري ودلف للداخل سريع ومنه للأعلي ليحضر هاتفه.

أما حسن إبن منتصر الذي دلف للداخل وأتي بالسلاح وقام بتوزيعه على الجميع، ثم أمسك بقطعة منه وضرب طلقة في الهواء معلن بها أن الدمار أتي لا محال، وتحدث بغضب: الله في سماه لاحزن أمك ومرتك على حياتك يا كامل يا أبو الحسن إنت ورچالة نچع الديابية كلياتهم
تحدث يزن الذي أمسك بندقية ألي وهتف بتهديد: اللول نشوف صحة الخبر الشوم دي، وبعدها نچع الديابية بحاله معيطلعش عليه نهار.

وبلحظة صدح رنين هاتف فارس الذي يحمل سلاحه بقلب مشتعل، أخرجه من جيبه سريع ونظر بشاشته وجده قاسم الذي تحدث سريع بنبرة متعجلة: إسمعني زين يا فارس، عمك زيدان إنضرب بالنار عند الترعة الغربية، وأني دلوك معاه في المستشفي، هات صفا وتعال حالا لجل ما تخرچ لأبوها الرصاصة.

حالة من الهرج والغضب واللاعقل أصابت الجميع، وهنا علا صوت العقل حين تحدث فارس إلى جده: قاسم إتصل من المستشفي يا چدي وعيجول إنه مع عمي زيدان وإنه لساته عايش وبخير، وهنا كان التخبط سيد موقف الجميع حيث جري الجميع بسياراتهم متجهين إلى المشفي ليجدوا جميع رجال النجع ملتفون حول المشفي، حاملين أسلحتهم وفي إنتظار إشارة من كبيرهم ليتحركوا إلى الحرب التي أصبحت محتمة.

عودة إلى ما قبل الساعتان
داخل أحد السرادق المنصوب لغرض الدعاية الإنتخابية ل زيدان، والمتواجد داخل بلدة مجاورة لنجع النعماني والذي أعده له كبير البلدة إكرام لصديق صباه الحاج عثمان،.

كان يجلس أعلي، بالمكان المحدد له ليخاطب أبناء دائرتة ويكشف لهم عن ما سيقوم بتقديمه من خدمات لهم إذا ما حصل على مقعده داخل البرلمان، كان محاط بأبناء عائلته العريقة من أعمامه وأبناء عمومته وأشقائه وأبناء أشقائة، فارس ويزن وحسن، والذين كانوا دائمين التحرك معه إينما ذهب إمتثالا لتعليمات جدهم.

بعد إنتهاء المؤتمر، ضل زيدان لإكمال سهرته مع بعض أصدقائه من ساكني البلدة بدعوة ملحة منهم، وأرسل أبناء أشقائه يزن وفارس وحسن رغم إعتراضهم على تركه بمفردة، وذلك بناء على تعليمات جدهم عثمان، إلا أنهم رضخوا لحديث زيدان بعد إصراره لعدم إرهاقهم معه.

وصل قاسم إلى مطار سوهاج في وقت متأخرا حيث تخطت الساعة الواحدة صباح، أتي به الشوق بعد غيابه إسبوعان كاملان عن من حرمته من التنعم داخل أحضانها الدافئة، وكعادته مؤخرا لم يخبر أحد بميعاد وصوله، إستقل سيارته التي يصفها داخل جراچ خاص بجانب المطار، وتحرك بها عائدا وكله أمل أن يري وجه حبيبته ويستطيع إقناعها بالرجوع إلى أحضانه وعودة الروح إلى جسده من جديد،.

وأثناء قيادته وجد سيارة نقل مكشوفة تقف بمنتصف الطريق وتقطعه أمام سيارة ملاكي، ونزل منها ثلاثة رجال ملثمين ويحملون السلاح بأيديهم ويتوجهون إلى السيارة الملاكي لينهوا ما بدأوة بعدما أطلقوا رصاصة اصيبت سائق الملاكي، جن جنونه حين دقق النظر ورأي سيارة عمه زيدان من وسط الظلام الدامس، أمسك سلاحه المرخص ثم أدار مصباح سيارته ووجهه على المأجورين الذين إنتبهوا له، وترجل من السيارة كالمجنون.

أخذ من باب سيارته ساترا له وصوب بعناية ثم بدأ بإطلاق النار على أحدهم، اصابه بمنتصف قدمه مما أرعب الرجلين الاخران وبدأوا بالتراجع عن تقدمهم بإتجاة سيارة زيدان، بدأ أحدهم بجذب الرجل المصاب والاخر يحميهما بإطلاق النار على قاسم حتى وقفوا خلف سيارتهم وأخذوا منها ساترا لهم وبدأوا بتبادل إطلاق النار الكثيف قاصدين قتل قاسم والعودة إلى زيدان مرة اخري لينهوا تلك المهمة التي أتوا من أجل إنهائها.

لفت إنتباههم ظهور بعض الخفراء (بعض من الحرس حاملي السلاح، التابعين لعمدة البلدة والمعينين من قبل مأمور المركز) كانوا يأتون مهرولين ويطلقون بأسلحتهم بعض من الطلقات النارية في الهواء لإرهاب هؤلاء الخارجين عن القانون، وأيضا زعزع موقفهم وأرعبهم ظهور بعض الناس التي خرجت وتوجهت إلى المكان حيث تتبعوا خروج أصوات إطلاق الرصاص.

بسرعة البرق أسرع كلا الملثمين بإصعاد الرجل المصاب خلف السيارة، أما قاسم الذي كان يدقق النظر بحكم عمله، كي يري أية دلائل توجهه إلى معرفة هوية المجرمين وتتبعهم بالقانون،
وأثناء تفحصه للسيارة ومراقبته للأشخاص، لفت إنتباهه شامة كبيرة ومميزة على ذراع أحدهم، اثناء رفعه للمصاب ومساعدته للصعود إلى أعلى السيارة
وفروا هاربين كالجرذان بسيارتهم سريع.

هرول قاسم إلى عمه وقام بفتح باب السيارة وجده غارق وسط دمائه نتيجة تلقيه رصاصة بصدره ويبدوا أنها بمنطقة خطر، كان زيدان ما زال واعي وشاهدا على كل ما حدث، نظر إلى قاسم بلهفة، فهو كان ينتظر الموت المحتم حين تلقي رصاصته على أيديهم حين قطعوا عليه الطريق واطلقوا عليه الرصاصة كي يجبروه على التوقف، لم يستسلم زيدان وضل يقود سيارته كي ينأي بحاله من الهلاك، فأطلقوا إحدي الرصاصات على إطار السيارة وأصابوه فتوقفت، وبعدها ترجلوا من سياراتهم ليكملوا مهمتهم بالإكمال عليه وعدم تركه إلا بعد التأكد التام من وفاته،.

تحدث زيدان وهو ينظر إلى قاسم بلهفة وأمتنان: چيتني بوجتك يا ولدي
هتف قاسم بلهفة ليطمأنه: بلاش تتحدت يا عمي ومتخافش، أني هنجلك على المستشفي حالا وهتبجا زين
إتجه إليه خفيران بأسلحتهم وتحدث أحدهم: خير يا قاسم بيه، فيه حد إتصاب إياك
صاح الخفير الاخر عندما تعرف على هوية المصاب: يا سنة سوخة يا ولاد، ده زيدان النعماني اللي متصاب، البلد عتتحرج الليلة والدم هيبجا للركب.

علي عجاله تحدث قاسم بلهجة حادة: بطل رط وشيل وياي إنت وهو لجل ما أنجله في عربيتي عشان أوصله للمستشفي
وبسرعة البرق إمتلئ المكان بالناس اللذين إلتفوا حول قاسم ورأوة وهو ينقل زيدان بمساعدة الخفيران، ورأوا زيدان والدماء تسيل بغزارة من جسده المتراخي، بعدما فقد وعيه مما جعل البعض يعتقد أنه لقي مصرعه.

وصل قاسم المشفي بصحبة عمه والخفيران في أقل من سبعة دقائق، سأل قاسم حارسي المشفي عن دكتور ياسر، فأخبره أحدهم أنه بالإستراحة الخاصة به، إستدعوه سريع لإستقبال الحالة
بعد الفحص تحدث ياسر إلى قاسم بنبرة حزينة. : الرصاصة شكلها في منطقة خطيرة ولازم حد متخصص وماهر هو اللي يخرجها، وأكمل بملامح وجه مقتضبة: لأن أي غلطة ولو بسيطة، زيدان بيه هيدفع حياته تمنها
صاح قاسم متسائلا بجمود: وإنت ماتعرفش تطلعها له؟

أجابه ياسر بتفسير: أنا مش جراح، مفيش قدامنا غير صفا هي اللي هتقدر تخرجها، لكن أنا مضمنش تماسكها جوة غرفة العمليات، وهز كتفيه قائلا بتفسير: ده بردوا أبوها.

وأكمل بتناقض: وفي نفس الوقت لو بعتنا نستدعي دكتور من العاصمة هياخد وقت طويل على ما يوصل، ومن اللي أنا شايفه قدامي أقدر أقول لك إن عامل الوقت مهم جدا، وإن كل دقيقة بتعدي مش في صالح زيدان بيه، وقبل كل ده زيدان بيه محتاج نقل دم بدل الدم اللي فقده ده كله.

تحدث قاسم وهو يخرج هاتفه ليحادث فارس: أنا فصيلة دمي نفس فصيلة دم عمي زيدان، جهز كل اللازم لإجراء العملية، وأنا هكلم فارس يجيب صفا على ما تسحب مني الدم اللي إنت محتاجه
أردف ياسر مفسرا له: لازم الأول أعمل لك تحليل علشان أتأكد إنك نفس الفصيلة، وكمان لازم أتأكد من إنك مش مصاب بأي مرض أو فيروس يأثر على المريض داخل أوضة العمليات ويسبب لنا مشكلة جوة.

زفر قاسم وصاح به بضيق من شدة توتره وقلقه على عمه الذي يصارع الموت بالداخل وايضا لعدم تقبله لشخص ياسر: ياسيدي قولت لك إني نفس فصيلته
وأكمل شارح لإقناعه: من حوالي سنتين حسن إبن عمي كان عامل حادثة كبيرة بعربيته، وقتها إحتاج لنقل دم وكلنا عملنا تحاليل، وأنا وعمي زيدان وقتها طلعنا نفس الفصيلة.

وأكمل مفسرا لإطمأنانه: ولو على خوفك من نقل الفيروسات فأحب أطمنك، أنا بعمل تشيك اب كل 6 شهور، واخر مرة كان قبل فرحي بإسبوع، يعني تقريبا كده من ثلاث شهور ونص
إطمئن ياسر لحديثه وأكمل قاسم مكالمته قائلا: فارس، عمك زيدان إنضرب بالنار، هات صفا وتعالي حالا على المستشفي.

عودة إلى الحاضر
بدأ ياسر بسحب أكياس الدماء من قاسم للتحضير إلى العمليه
وأثناء ما كانت الممرضة تقوم بسحب الدماء، أمسك قاسم هاتفه وطلب رقم رجل ذو منصب رفيع بالدولة، كان قد تعرف عليه مؤخرا من خلال إحدي قضاياه،
وتحدث إلية بنبرة وقورة: عزام باشا، بعد إذن حضرتك، أنا طالب من سيادتك خدمة ضرورية وهيترتب عليها إنقاذ حياة ناس كتير جدا في سوهاج.

وقص له الروايه وطلب منه إيصاله المباشر إلى مدير أمن سوهاج والمحافظ، وطلب منه توصيتهما لبذل أقصي ما عند كلاهما لسرعة كشف هوية المجرمين،
ما هي إلا ثواني وكان مكتب المحافظ يهاتف قاسم وقاموا بإيصاله بالمحافظ مباشرة والذي إستغرب وسأل قاسم متعجب: الحقيقة أنا إستغربت جدا لما عرفت إسمك الثلاثي من مكتب سيادة مدير الأمن.

وأكمل متسائلا بتعجب: هو إنت ليه وسطت بينا طرف ثالث وإنت عارف كويس إني صديق لجدك ولو كلمني ماكنتش هتأخر عليه؟
أجابه قاسم بصدق: أنا بكلم سيادتك قبل ما جدي يعرف الموضوع علشان تلحق تتصرف، وتدي تعليمات جنابك لرجالتك علشان يتتبعوا خط سير المجرمين قبل مايهربوا برة المحافظة،.

وأكمل مفسرا ليطلعه على خطورة الموقف: جدي لو عرف قبل ما تقبضوا على كمال أبو الحسن نجع الديابية هيتحول لبركة دم، وأظن حضرتك عارف صحة كلامي كويس، بما إن سيادتك بقا لك كتير في سوهاج وعارف تفكير الناس هنا وعوايدهم.

تفهم المحافظ حديثه وأثني على تفكير قاسم الحكيم، أعطي قاسم مواصفات السيارة والثلاث رجال وأخبره عن إصابته لساق أحدهم والشامة، وأكمل قاسم: أنا هحاول أمنع جدي من أي تصرف متهور، وهحاول أقنعه إننا نخلي العدالة تاخد مجراها وناخد حقنا بالقانون،
وأسترسل حديثه شارح: بس ما أقدرش أوعد سيادتك إن هقدر أسيطر لوقت طويل، فياريت حضرتك تعمل أقصي ما عندك قبل ما جدي يفقد صبره أو لا قدر الله عمي يجرا له حاجة.

أغلق هاتفه بعدما إتفقا على ما يجب فعله.

- -
أتي الجميع مهرولين إلى المشفي، وبدأ جميع رجال عائلة النعماني الكبيرة بالإنضمام إلى قاسم والتسابق لغرفة الفحص، لفحص زمرة دمائهم وتجهيز المتطابق منهم للتبرع بالدماء.

دلفت صفا لداخل حجرة الفحص بساقان مهتزتان تجرهما خلفها، أجرت الكشف على غاليها بيدان ترتعشتان ودموع منهمرة فوق وجنتيها لم تستطع التحكم بها، صدمت وأرتعب داخلها حين وجدت إستقرار الرصاصة قريب جدا من القلب، مما جعل عملية إستخراجها أمرا في غاية الصعوبة ويحتاج إلى جراح بارع
هتفت ورد التي أصرت على الدخول معها لتري معشوق عيناها: أبوك ماله يا صفا، طمني جلبي على حبيبي يا بتي.

إبتلعت لعابها وخبأت أهاتها داخل صدرها وتحدثت إلى والدتها بنبرة بها طمأنة رغم هلعها: حاچة بسيطة يا أما إن شاء الله، أبوي كيف الأسد، مفيش حاچة عتجدر عليه وعيجوم لنا بالسلامة.

إقتربت ورد التي تستمد قوتها من إيمانها بالله، إلتصقت بحبيبها المتمدد على الشيزلونج ثم دنت منه ووضعت قبلة فوق جبينه، سقطت دمعه من عيناها فوق عيناه فتساقطت وظهرت وكأن عيناه هي من زرفتها، رفعت وجهها وتحدثت وهي تتحسس وجنته بحنان: مستنياك برة يا أسدي لچل متطلع لي سالم غانم،
وأكملت بتأكيد وكأنه يستمع إلى حديثها: إوعاك تخلي بوعدك ليا يا إبن النعماني.

وأكملت بقوة رغم دموعها التي تنهمر على وجنتيها: مش إنت وعدتني ليلة دخلتك على إنك معتسبنيش واصل؟
وجولت لي كمان إنك معتخليش الدموع تعرف طريج لعنيا طول ما أنت چاري، وأكملت بتيهه: يكون في معلومك، أني معسامحش في اللي يفرط في كلمته واصل، سامعني يا زيدان، عستناك برة يا حبيبي،
وأكملت بتوصية وهي تضع قبلة ما قبل الخروج والذي أجبرها عليه ياسر كي يأخذ زيدان لتجهيزه لدخول غرفة العمليات: مطولش علي يا سيد جلبي.

قالت كلماتها وخرجت بقلب يتمزق حزن وهي تري حبيبها القوي ممددا فوق التخت لا حول له ولا قوة، وهو القوي الذي لم يعرف الإنكسار يوما طريق له.

خرج قاسم من غرفة سحب العينات، وجد جميع أفراد العائلة حاضرة، النساء تنتحبن وشهقاتهن تصدح بالمكان وتشق صدورهن على غاليهم الذي يقبع داخل الغرفة فاقدا للوعي يصارع الموت، أما الرجال فيقفون بقلوب تغلي وتشتعل نارا، كل ممسك سلاحه بيده وفي إنتظار الإشارة من كبيرهم كي يتحركوا ويحرقوا بطريقهم الاخضر واليابس ليثأروا لغاليهم.

تحرك إلى محل وقوف مريم الباكية وسألها متلهف عن صفا، فأعلمته أنها بداخل غرفة الفحص، قرر ان يهرول إليها لولا وجود الممرضة التي أسرعت إليه وتحدثت بتوجس: معينفعش تجف إكده يا قاسم بيه، حضرت إتبرعت بكمية دم كبيرة ولازمن ترتاح على السرير لجل جسمك ميتأثرش،
رفض بقوة فتحدثت زميلتها بالعمل إليها: هاتي له علبة عصير يشربها يا هالة.

تحرك منتصب الظهر بطريقه كي يدلف إلى صفا، أوقفه صوت عثمان الذي سأله بعيناي يطلقان شزرا وملامح قاسية لرجل يستعد لحرق كل ما ستطاله أياديه: قاسم، إحكي لي كل اللي حصل وكيف عترت في عمك
توقف قاسم عن الحركة وأخذ نفس عميق وبدأ بقص كل ما دار أمام عيناه
أردف يزن قائلا بنبرة عالية: محدش يچرؤ يعمل العملة الخسيسة دي غير الچبان اللي إسميه كمال أبو الحسن.

صاح فارس بنبرة غاضبة مؤكدا على حديث يزن: عندك حج يا يزن، هو الكلب اللي إسميه كمال مفيش غيره
هتف حسن برعونة شباب ونبرة غاضبة وهو يرفع سلاحه لأعلي كناية لجاهزيته: وحج رجدت عمي زيدان معيطلع النهار غير وهو وناسه العفشه غرجانيين في دمهم الزفر
وتحدث إلى جده بإلحاح: إديني الإذن يا چدي وأني أروح أچيبه لك متكتف وأرميهولك تحت رچليك جبل ما أدبحه كيف الخروف وعيني في عينه، مش مستخبي زي النسوان كيف ماعمل هو.

هتف قاسم بنبرة صارمة: إجفل خاشمك وبطل رط ملوش عازه يا حسن، حج عمي عناخده بالعجل وبالجانون
هتف قدري بنبرة غاضبة معترض على حديث ولده: عجل وجانون مين اللي عتتحدت عنيهم يا قاسم، عمك إتغدر بيه وساح دمه على إدين عالم رمم متسواش وتجولي جانون؟
وأكمل بنبرة غاضبة: الله في سماه معيطلع الصبح غير وأني معلج كمال أبو الحسن على باب السرايا، ومجطع من چسمة بالساطور نساير كيف مبيجطعوا الچزارين من الدبيحه المتعلجه.

دوي صوت منتصر الذي صدح بهتاف غاضب وحسم: واني معاك يا قدري، وحج رجدتك يا زيدان لاولع في نچع الديابية دار دار
صدح صوت قاسم الصارم وهو يحدث جده ويحثه على التدخل لوقف هذه المهاترات الغير مجديه بنفع: عتفضل ساكت إكده يا چدي، متجول حاچة اومال!

كان يجلس فوق مقعدا، ساندا على عصاه الأبنوسية، ينظر أمامه بعيون كذئب خبيث يترقب فريسته لينقض عليها ويفتك بها، فتحدث بنبره هادئة عكس ما يدور داخله: إنت إيه رأيك يا قاسم؟

أجابه قاسم بنبرة قاطعة غير قابلة للجدال: رأيي إن نسيب الجانون ياخد مجراه، وأكمل بثقة: أني شفت الحادثة وعرفت تفاصيل إكتير عتخليني أصطاد الاندال اللي عملوها كيف الفيران هما والخسيس اللي أچرهم، وأكمل بقوة: خليك واثج فيا يا چدي وتوكد إن حج عمي عچيبه في خلال ساعات، وكيف ماجولت من إشوي، عجيبه بالعجل وبالجانون عشان محدش من العيلة يتإذي والدم يبجي للركب بيناتنا وبين نچع الديابية.

علت الأصوات الرافضة لحديث قاسم المنافي لعاداتهم والذي يطالبهم بالرضوخ والمذلة وتسليم الامر إلى القانون كالضعفاء والجبناء، وهذا ما لم ولن يتقبلوه رچال النعمانية.

دلفت دكتورة أمل وهي تهرول على عجالة بصحبة الموظف الذي بعثه لها ياسر كي يجلبها بالسيارة لتقف بجانب باقي أطباء المشفي للمساعدة في تلك الكارثة، كانت تتلفت حولها وتدور بمقلتيها متلهفة لرؤية من حرم على عيناها النظر إلى وجهه البرئ منذ الثلاثة أسابيع المنصرمة وبالتحديد من اليوم اللذان تشاجرا به،.

وجدته يقف وعلامات الغضب والتشنج تستحوذ على ملامحه، نظر إليها وبلحظة دق قلبه بوتيرة عالية وانتفض جسده جراء رؤياها ونظراتها المتفحصة لملامحه بلهفة وعناية، سحب عيناه سريع إمتثالا لكرامة الصعيدي بداخله التي تطالبه بالتمرد على قلبه ودعسه تحت قدماه، ولا للمذلة لتلك المتبلدة المشاعر.

رغبه ملحة كانت تطالبها بالهرولة إليه وسحبه وضمه إلى أحضانها كي تطمئن قلقه الظاهر بعيناه ولتطمئن قلبه المتألم جراء مشاجرتهما الاخيرة، والتي حاولت الإتصال عليه مرارا كي تعتذر منه عليها، لكنه أضاف رقمها في قائمة الحظر إمتثالا لعزة نفسه وكرامته التي اهينت على أيديها
تحدثت إلى الجميع بألم من نظرته الجامدة وسحب عيناه عنها: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، سلامة زيدان بيه، ما تقلقوش، إن شاء الله خير.

رد عليها البعض والبعض الاخر يقف بجسد متيبس مترقب لما سيحدث، تحدثت إليها السكرتير الواقف: الدكتور ياسر مستني حضرتك چوة هو والدكتورة صفا
ألقت نظرة سريعة على ذلك الواقف متيبس الجسد كاشر الملامح ثم دلفت سريع تحت نظرات ليلي التي إستغربت حال تلك الأمل.

تحدث قاسم مترجيا جده وهو ينتوي الدخول إلى تلك التي تستحوذ الان على قلبه وعقله ليراها قبل البدء في إجراء عملية إخراج الرصاصة: أني داخل أشوف مرتي يا چدي جبل ما تبدأ العملية، معايزش أطلع من چوة ألاجي مصيبة حصلت
هز عثمان رأسه بإيجاب، إطمئن وما أن تحرك بساقاه حتى وجد باب حجرة زيدان يفتح وتخرج منه تلك المنهارة والتي تهز رأسها بإرتياب وتهتف بهياج شديد: معجدرش يا ياسر، معجدرش.

هرول إليها قاسم وحاوط كتفيها بكفاه شاملا إياها برعاية وهتف متسائلا: مالك يا صفا، عمي چري له حاچة؟
نظرت له بتيهه، وكأنها تراه ولأول مره، مازالت تهز رأسها بإستنكار ورفض تام
تحرك الجميع يهرولون إلى وقفتها عدا عثمان الذي ينهش القلق داخل قلبه، ويجلس مستسلم لوضع أغلي غواليه الذي يقبع بالداخل يصارع الموت بجسد منهك
تحدث ياسر إلى قاسم والجميع: الدكتورة صفا مش عاوزة تعمل العملية لزيدان بيه.

نظرت لها ورد المنهاردة وهتفت بحدة بالغة: كيف يعني معايزاش تعملي العملية لأبوك؟
مجدراش يا أما، مجدراش، كلمات نطقت بها صفا برفض وتيهه وارتياب وتشتت وضياع
جرت عليها ورد كالمجنونة وأمسكت ذراعها وهزتها بعنف وتحدثت بنبرة غاضبة: معناتها إيه مجدراش دي يا بت؟
أبعد قاسم كف يد ورد عنها وتحدث إليها بهدوء: إهدي يا مرت عمي لجل مانفهموا إيه الموضوع.

ثم نظر إلى تلك المنهارة وحاوط وجهها بكفي يداه وتسائل بهدوء: معايزاش تعملي العملية لأبوك ليه يا صفا؟
نظرت له بتيهه ومالت رأسها له بتألم وتحدثت بدموعها المنهمرة فوق خديها: معجدرش أمسك مشرط وأشج بيه صدر أبوي،
وأكملت بصراخ وذهول: معجدرش يا ناس، معجدرش معجدرش.

تحدثت إليها أمل بتعقل كي تعيدها إلى وعيها الذي فقدته جراء رؤيتها لغاليها وهو بتلك الحالة: صفا فوقي، معندناش رفاهية الوقت علشان نستدعي جراح تاني، غرفة العمليات جهزت خلاص والامر كله أصبح بين إديك.

مازالت تهز رأسها برفض وهزيان، أمسكها قاسم من كتفيها وهزها بعنف كي تستفيق من حالة اللاوعي والهزيان اللذان تملكا منها وهتف بصياح عال: فوجي وإوعي على حالك يا صفا، أبوك راجد چوة بين الحياة والموت وإنت الوحيدة بعد ربنا اللي في إيدك تساعديه، كل لحظة بتمر وإنت واجفة ضعيفة إكده بتجربه من الموت أكتر، أمالت له رأسها بضعف وأردفت ببكاء: كيف عتطلب مني أمسك مشرط وأشج الصدر اللي ياما ضمني وغرجني بحنانه.

أجابها بنبرة حنون: كلامك ده لازمن يكون حافز ليك ودافع إنك تعملي له العملية، لازمن تمسكي مشرطك وتنقذي حياة أبوك لجل ميرچع ويضمك لصدره من چديد، فوجي يا صفا جبل مترچعي تندمي، وأكمل لإرهابها: بس ساعتها عيكون فات الاوان، ووجت الندم عدي وفات
وحثها على التحرك قائلا بعيون مترجية حانية: يلا يا حبيبتي إلبسي جميص العمليات وإچهزي.

وأكمل بنبرة حماسية لبث روح الأمل بها: وأني كمان هدخل ألبس وأتعجم وأدخل وياك غرفة العمليات
إستمعت لحديثه وكأنه أزال رعبها وقلقها فأستعادت به وعيها، هزت له رأسها بطاعة بعدما شعرت بالأمان من بين كلماته المشجعة وتحركت بجانب أمل لتتجهز، ودلف ياسر لنقل زيدان إلى غرفة العمليات
خرج ياسر وتحرك بالترولي المتواجد فوقه جسد زيدان، هرول إليه الجميع.

وفايقة التي إقتربت عليه وهي تنظر إليه بقلب ينزف دم على من ملك الروح والفؤاد، وأستحوذ عليهما حتى جعلها تفقد حدسها وشعورها بالجميع عداه، و عدا رغبة الإنتقام التي دائما ما تصاحبها، فها هو حب فايقة المرضي لزيدان.

كان ينظر إليها بقلب يشتعل، ذاك المصاب بداء عشقها الملعون والذي يجري بدمة كسريان الماء داخل الأنهار، كان دائم الشك لعشق ساحرته لشقيقه الذي لم ولن يبادلها إياه ذات يوم، لكنه الان بات متأكدا، وخصوصا بعد وقوعها كجثة هامدة بعدما إستمعت لخبر وفاته ومظهرها التي تبدو عليه الان، توعد لها بالعقاب الرادع لكن بالتأكيد ليس الان، فالان هو حقا يرتعب على شقيقه الراقد كجثة هامدة.

أدخل ياسر زيدان داخل غرفة العمليات وخرج للتعقيم وإرتدائه للباس المعقم، وجدها تقف بجانب ورد المنهاره، تحتضنها في محاولة منها لتضميد جراحها، رغم عن إرادته وجد حاله مشدود البصر للنظر إليها وكأنها سحرا أسود يجذبه إليها دون إرادة، إنتفاضة عنيفة هزت صدره وكأن قلبه العاشق يريد التمرد عليه وعلى كل شئ ويخرج من داخل صدره ليهرول إليها ويضمها لداخله ليطمأن هلعها وخوفها على عمها.

وعي على حاله بعدما وجدها تسحب بصرها عنه سريع بعد أن نظرت عليه بشكل طبيعي جدا وهو يخرج من غرفة العمليات، سحب بصره عنها وتوجه إلى داخل غرفة التعقيم تحت إشتعال جسد فارس الذي ولسوء حظه رأي تلك النظرات العاشقة التي تصوب من عيناي غريمه وتتجه نحو زوجته الرقيقة، رغم عنه كظم غيظه الذي لو خرج لأشعل المشفي بأكملها، فبالتأكيد هذا ليس بالوقت المناسب لتلك المشاعر
بعد. قليل.

بدأت صفا بإجراء العملية لمالك قلبها بعدما إستجمعت قوتها وفصلت مشاعر البنوه عن عملها، وتعاملت مع الحاله وكأنها لمريض وفقط، مجرد مريض عادي وليس والدها الحبيب، ساعدها على ذلك قاسم الذي كان يمدها بالقوة من خلال نظراته الحماسية الذي كان يغمرها بها بين الحين والاخر.

بالخارج، كان الجميع يجلس بقلوب مترقبة مرتعبه، دعوات وصلوات وتضرع إلى الله من الجميع طالبين من المولي عز وجل أن ينجي غاليهم ويشمله برحمته وعطفه
خرجت رسمية من الغرفة التي قبعت بداخلها منذ أن جلبوها إليها لفحصها من قبل ياسر، بعد وقعتها جراء إستماعها لذلك الخبر المشؤوم، كانت تتسند على مريم ونجاة، تحركت إلى جلسة عثمان الممسك بمسبحته ويقوم بذكر الله.

نظر لها وتحدث بحنان: جومتي ليه يا حاچة، خليكي راجده على السرير لجل ما ترتاحي
تحدثت بأنفاس متقطعة وقلب يتمزق لأجل ولدها الأقرب من قلبها: وعتاچي منين الراحة والغالي راجد چوة ومعرفاش إيه اللي بيه،
وأكملت بنبرة تقطع نياط القلب: النار ماسكة في جلبي ومشعلله في جسدي كلاته يا عثمان.

أجلستاها مريم ونجاة وتحدثت وهي تنظر إلى عثمان بمقلتان غاضبتان: حج ولدي لازمن يتاخد جبل النهار مايشج يا حاچ، مليكش صالح باللي عيجوله ولد المدارس اللي شرد عنينا ونسي عوايدنا.

وأكملت بجبروت وهي ترفع سبابتها بوجه الجميع رغم تعبها: وإلا ورب الكعبة معيچيب حجك يا زيدان غير أمك
تحدث حسن بنبرة حادة مؤكدا على صحة حديثها: براوه عليك يا چده، هو ده الحديت الزين
رمقه عثمان بنظرة نارية وهتف بنبرة غاضبة: إجفل خاشمك يا وااااد، معايزش أسمع حس حد فيكم وإلا يمين بالله عطخه بيدي
وأكمل بنبرة غاضبة ولوم للجميع: چايين تتحدتوا دلوك بعد خراب مالطه؟

كان عجلكم فين لما فتوه لحاله للكلاب تغدر وتنهش فيه مع إني موكد عليكم متفتهوش لحاله
صمت تام عم المشفي بأكملها حتى رسمية المكلومة على صغيرها الغالي صمتت خشية غضب ذلك الثعلب
أما ذلك المستشاط الذي لم يعد لديه القدرة للتحمل بعد، تحرك بقلب مشتعل نارا إلى جلوس مريم وتحدث إليها هامس وهو يسحبها من يدها متوجه بها داخل الغرفة المحجوزة لجدته: تعالي معاي چوة.

دلفت معه وأغلق هو الباب وتحدث بنبرة غاضبة: تاخدي بعضك دلوك وتروحي على البيت لچل متكوني چار بتك
جحظت عيناها وهتفت بإستغراب: عاوزني أروح وأفوت عمي چوة بين الحيا والموت يا فارس؟
وأكملت بتعجب: وينه عجلك يا حبيبي!

صاح بها بطريقة جنونية لرجل على وشك فقدان عقله: عجلي اللي عتتكلمي عنيه دي عفجده لو فضلتي جاعده جصاد إبن المركوب اللي بره دي، وأكمل بفحيح: جسما بالله يا مريم إن مامشيتي لأطخه لك وأسيح دمه جدام الكل
تجصد مين بحديتك دي يا فارس؟ سؤال طرحته مريم عليه بروع وتلبك لعلمها الإجابة
رمقها بنظرات حارقة وتحدث بإمتعاض: بلاش شغل الحريم العوج دي يا بت منتصر، إنت خابرة زين أني عتكلم عن ولد المحروج اللي إسميه ياسر.

إرتعب داخلها وانتفض من حالة الإحتدام التي تملكت من فارس، إقتربت عليه وأمسكت يده تتحسسها وتحدثت بهدوء: إهدي يا فارس وفكر زين، أني معينفعش أمشي وأسيب صفا ومرت عمي وچدتي في الشندلة اللي هما فيها دي، وأروح أجعد في البيت وأحط يدي على خدي،
وأكملت بإرتياب وجسد يرتجف وشفاه ترتعش خشية فقدانها لعمها زيدان الخلوق: ده غير عمك اللي راجد چوة وحالته الصعبة واللي محدش عارف عيجوم من رجدته دي ولا...

وهنا لم تستطع التماسك وبكت بشدة وتحدثت: عمك لو چرا له حاجة صفا ومرت عمك وچدتك عيروحوا فيها يا فارس، ده غير چدك اللي جاعد برة وعامل حاله كيف الأسد، وهو من چواته بيموت مع كل دجيجة بتعدي وعمك راجد على حاله چوة
وبرغم رعبه من حديثها إلا أنه أمسكها من ذراعيها وهزها بعنف قائلا: أني اللي عنجلط لو اللي إسميه ياسر دي خرچ من چوة وبص لك تاني يا مريم، مجدراش تفهميني ليه؟

وأكمل بقسم: ورب الكعبة لو ما مشيتي دلوك على بيتك لكون مبندجه واللي يحصل يحصل
لطمت خديها وتحدثت: عتضيع حالك يا فارس
إقتربت عليه وتحدثت مرغمة: حاضر يا فارس، أني عمشي لچل ما جلبك يهدي ويرتاح
نظر لها وصدره يعلو ويهبط من شدة إشتعال جسده الغيور على من ملكت قلبه وتملكت من كيانه مؤخرا بهدوئها وروحها السمحة الجميلة.

ما شعر بحاله إلا وهو يجذبها بعنف لترتطم بصدره بقوة، حاوطها بساعديه وضمها إليه بطريقة عنيفه وتحدث بنبرة حادة تنم عن مدي إشتعال روحه: أني عحبك وعموت من غيرتي عليك يا مريم، ساعديني وخليني أكتم غيرتي چواتي بدل متخرچ وتولع في الكل كليلة
حركت يدها فوق ظهره وتحسسته بحنان وأردفت بنبرة صوت حنون: عتعمل في حالك كل ده ليه يا فارس، ما أنت خابر زين إني عشجاك ومعشوفش بعيوني راچل غيرك.

أخرجها سريع وحاوط وجهها بكفاه ثم نظر لداخل مقلتيها وسألها متلهف بجنون: صح عشجاني يا مريم؟
اجابته بإبتسامة خافتة نظرا للظروف المحيطة بهما: لساتك عتسأل يا فارس، وأكملت مبررة: وأني إيه اللي كان مصبرني على معاملتك الباردة ليا من وجت چوازنا غير إني عحبك
شعر بإنتفاضة داخل صدره وطالبها متلهف: جولي لي عحبك وعشجاك ومعشوفك راچل غيرك يا فارس.

إبتسمت له وكررت ما أملاه عليها كي تريح قلبه العاشق الغيور، وتدخل عليه السكينة: عحبك وعاشقة لتراب رچليك، وعيوني معتشوفش راچل في الدنيي كلاتها غيرك يا حبيبي.

ما أن إستمع لكلماتها التي غزت قلبه وادخلت عليه السرور برغم ما يحيطهما من ظروف، حتى مال بجزعه عليها وألتقط شفتاها بين شفتاه وبات يذيقها من قبلاته العاشقة الممزوجة بالغيرة حتى إبتعدا رغم عنهما ليأخذا نفس، نظرت إليه بعيون صارخة بالعشق ورمت حالها بين أحضانه الحنون، بادلها بضمة قوية وتحدث بنبرة عاشقة وقلب ينبض بشدة داخل صدره: عحبك يا مريم، عحبك وعموت عليك.

خرجت من بين أحضانه مجبرة وتحدثت بتعقل بعدما وعت على حالها: بكفياك يا فارس لحد يدخل علينا،
هز لها رأسه بإيجاب وتحدث بنبرة حماسية: عندك حج يا حبيبتي، يلا لجل ما أوصلك على البيت وأرچع لهم طوالي
أومأت بإيجاب وكادت أن تتحرك للخارج جذبتها يده من جديد وأدخلها داخل أحضانه وضمها بشدة أسعدتها وأشعرتها بمدي قيمتها لديه، أخرجها ونظر لعيناها بوله وتحدث وهو يتحرك بها للخارج: يلا يا حبيبتي.

خرجا سويا وتحدث هو إلى جده: بعد إذنك يا چدي، عروح أوصل مرتي عشان چميلة لوحدها في السرايا مع حسن وزمنتها بتبكي وعرچع طوالي
أومأ له عثمان حين تحدث قدري بنبرة حادة وهو ينظر إلى فايقة الجالسه تنظر أمامها بشرود وتيهه: خد أمك وياك يا فارس
حولت له فايقة نظرها وتحدثت برفض تام غير مبالية بمن حولها: أني معتحركش من إهنيه غير لما زيدان يطلع وأطمن إنه بجا زين.

وعت على حالها عندما لمحت إشتعال نظرات قدري فتحدثت من جديد بتلبك وأرتباك: وكمان معجدرش أسيب عمتي و ورد وهما في حالتهم المشندلة دي
نظر لها وتحدث من ببن أسنانه بطريقة تظهر كم الغضب الذي وصل إليه: فااااايقة، جولت لك جومي مع ولدك وروحي على بيتك
إرتعب داخلها من إشتعال ذلك الذي يشبه الثور الهائج بغضبه، فوقفت مرغمة لتجاور فارس وهي تلعنه بداخلها.

فتحدث أيضا يزن مستغلا الوضع كي يتخلص من رؤية تلك الليلي ووجودها الذي بات يؤرق روحه ويشعل كيانه بالغضب كلما تقربت منه وحاولت خلق حديث معه: خد ليلي هي كمان وياك يا فارس، وأكمل معترض: من ميتا الحريم عيجعدوا في المستشفيات إكده.

إعترضت ليلي بقوة حيث أنها إستغلت تلك الحادثة كي تجلس أمام يزن وتشبع عيناها من النظر إلى من بات يحرمها طلته، حيث أنه لم يعد يحضر إلى المنزل ككقبل متعمدا، وبات يقضي معظم أوقاته بالإستراحة المتواجدة داخل حدائق الفاكهة، كي يتجنب ذهابها المستمر إلى غرفته وعدم إستسلامها وأحترامها لقرار إنفصاله عنها
ليلي بنبرة قوية وعناد: أني عفضل إهنيه مع چدتي.

رمقها يزن بنظرة لا تقبل الجدال وصاح بها غاضب: ليلي، معكررش حديتي تاني
زفرت بضيق وتحركت بجانب والدتها ومريم بصحبة فارس واستقلوا سيارة فارس وتحركوا عائدين إلى السرايا.

بعد قليل، دلف مدير أمن سوهاج ومأمور المركز التابع له نجع النعماني، وبصحبتهما لفيف من رجال الأمن، وقف عثمان صالب طوله إحترام لإستقبالهم، تم الترحيب بهم وبعد أن إطمأنوا على وضع زيدان
تحدث مدير الامن موجه حديثه إلى عثمان: أنا جاي لك يا حاج وكلي ثقة في حكمتك إنك هتساعدنا في ضبط الأمن وعدم إثارة الفوضي في المركز
تحدث عثمان بمكر كثعلب: أني تحت أمرك وطول عمري راچلكم وفي خدمة البلد يا بيه.

وأكمل مدعي بنبرة مستسلمه: وأديني جاعد أني وناسي كيف ما سعادتك واعي، ماسكين كتاب الله بنجروا فيه، وجاعدين تحت رحمتة ومستنيين عفوه علينا، وخروچ ولدي من أوضة العمليات سالم غانم
لم يقتنع مدير الامن بحديث عثمان الماكر، فادعي إقتناعه وأردف قائلا بدهاء: وهو ده المتوقع من عقل وحكمة الحاج عثمان
وأكمل بوعد: وأنا أوعدك يا حاج، إن مش هيعدي أربعة وعشرين ساعة، غير واللي عملوا الجريمة البشعة دي تحت إدينا.

أومأ له عثمان بهدوء، وأثناء حديثهم خرج زيدان من غرفة العمليات محمولا على الترولي ومعلق به جهاز تنفس إصطناعي لييساعدة على التنفس، هرول الجميع إلى صفا التي كانت تجاور أبيها وتتحرك به قاصدة غرفة العناية المشددة كي تضعه على الاجهزة ليضل تحت الملاحظة، فبرغم نجاحها في إخراج الرصاصة من جانب القلب، إلا أن الخطر على حياته ما زال قائم.

يجاورها قاسم الذي أدي دوره في دعمها وبث القوة والعزيمة داخل روحها على أكمل وجه
سألها عثمان بتلهف وهو ينظر لعزيز عيناه بقلب ينتفض: طمنيني على ولدي يا بتي؟
أجابته بملامح وجه مرهقة وصوت ضعيف يدل على كم الضغط والتعب التي تعرضت إليه داخل غرفة العمليات: إطمن يا چدي، الرصاصة الحمدلله خرچت، بس الحالة لساتها محتاچة متابعة
وأكملت بنبرة حنون: إدعي له.

أما ورد التي هرولت إلى معشوق عيناها وأمسكت الترولي بيداها وهي تنظر إليه بعيون متلهفه، عاشقة هي لكل إنش بوجهه، تحدثت إليه بدموعها وكأنه يستمع إليها: حمدالله على سلامتك يا سيد الناس
ورسمية التي أسندتها نجاة لتصل إليه، تحسست وجنة ولدها وتحدثت بإبتسامة: كت خابرة إنك حنين ومعترضاش الوچيعة لجلب أمك يا وليدي.

وصلت صفا بوالدها إلى داخل غرفة العناية المشددة، أوصلت جسده المنهك ببعض الاجهزة التي ستساعده على التعافي وتجاوز تلك الفترة الحرجة، ساعدها ياسر في ذلك الأمر، بعدما إنتهيا طلب منها ياسر الخروج لإخذ بعض الراحة لأجل جنينها
أصرت ورد على المكوث مع حبيبها ورفضت بإستماتة تركه وحيدا داخل تلك الغرفة البارده، أبلغت صفا إحدي الممرضات مساعدة والدتها في إرتداء ملابس معقمة لتجاور زوجها الحبيب.

جلست ورد بمقعد مجاورا لمعشوقها، تطلعت إليه بعيون متفحصة لملامحه الغالية وتحدثت بدموع: زيدان، فتح عنيك لجل ما الشمش تطلع يا حبيبي، معجدرش أني على رجدتك دي يا غالي، جوم لجل حبيبتك يا زيدان،
أمالت على كف يده الموصلة بأسلاك، وضعت قبلة حانية بثت له بها مدي عشقها الجارف لروحه.

في الخارج أتي إتصال إلى قاسم من مكتب مدير الامن ليخبره بأنه قد تم القبض على الثلاث رجال والسائق بعدما عثر على السيارة التي أدلي قاسم بمواصفاتها ل مأمور المركز، وقد تحرك المأمور برجاله وداهموا القرية التابعة لكمال أبو الحسن ووجدا السيارة في إحدي الجراچات.

وبعد التحقيقات والملاحقات إستدلوا على الرجال من خلال وصف قاسم الدقيق لهم، وتم القبض على كمال وشقيقاه وكل من شارك في تلك الجريمة البشعة، بعد إعتراف الرجال عليهم.

تحدث عثمان إلى قاسم بطريقة أمره: أول ما النهار يشج تروح على المركز وتتابع التحجيج بنفسك، معاوزش كمال أبو الحسن يشوف النور بعنيه تاني، وأكمل بملامح وجه غاضبة وعيون تطلق شزرا: عاوزه يجضي اللي باجي له من عمره في السچن لچل ميعفن چواته هو ورچالته، وأكمل بتأكيد: فاهمني يا قاسم
وأكمل شارح: أني سمعت كلامك ومشيت بعجلك ومرضيتش أتحرك لجل الدم ميسيحش ويغرج وياه المركز كلاته.

أومأ له بطاعة وتحدث: حاضر يا چدي، كل اللي حضرتك عايزة عيحصل وأكتر كمان
وأكمل: بس جوم روح وخد چدتي وياك لچل مترتاحوا
تنهد بأسي وتحدث بنبرة ضعيفة: معرتاحش غير لما أشوف ولدي مفتح عيونه وعيكلمني
إقترب منه ودني للأسفل وأمسك ركبتا جده وتحدث مطمأن إياه: إطمن يا چدي، عمي زيدان جوي وعيجوم بأمر الله، روح لجل متريح چسدك لتتعب لاقدر الله.

وتحدث إلى قدري ومنتصر: وإنت يا أبوي إنت وعمي، خد چدي وچدتي ومرت عمي وروحوا لچل متريحوا چسدكم،
ثم نظر إلى يزن وفارس وحسن وهتف قائلا بقوة: ومتجلجوش، أني إهنيه أني والشباب
بالفعل ذهب الجميع وتبقي الأربع رچال وصفا وورد اللتان تجاوران غاليهم بغرفة العناية المشددة ويراقباه بقلوب متلهفة، ملتجأة إلى الله وتدعوه بتضرع لينجي لهما حبيبهما.

دلف قاسم إلى الغرفة مرتديا اللباس المعقمة الخاصة بدخول غرفة الإنعاش، وجد ورد ممسكة بيد حبيبها وتنظر بتمعن لملامحه وكأنها تحسه على النهوض
حول بصره إلى تلك القابعة فوق مقعدها وتغط في ثبات عميق من شدة إرهاقها
تحرك إلى زوجة عمه ووضع كف يده فوق كتفها وتحدث بقوة: عيجوم يا مرت عمي، متخافيش عليه، عمي زيدان جوي.

حولت بصرها إليه وتحدثت بإمتنان ودموع: ربنا يحميك لشبابك يا ولدي، لولاك كان زمان المچرمين دول مخلصين عليه
تنهد بهدوء وتحدث: دي تدابير ربنا يا مرت عمي
ثم تحدث وهو يقترب من ملاكه الغافي إستعدادا لحملها: أني عاخد صفا لچل ما أمددها برة على سرير عشان اللي في بطنها مايتإذيش
أومأت له بموافقة فحملها هو بين ساعديه وضمها من صدره، افتحت عيناها سريع ونظرت إليه بفزع وتحدثت: أبوي چرا له حاچة؟

طمأنها سريع وتحدث متلهف: متخافيش يا صفا، عمي بخير
نظرت حولها وجدت والديها، وعت على حالها وتحدثت إلية بإقتضاب: نزلني
أجابها وهو يتحرك بها إلى الخارج متجه إلى غرفة جانبية: لازمن ترتاحي يا صفا، إنت تعبتي كتير وإكده في خطورة عليك وعلى ولدي
نظرت إليه بحقد وتحدثت بتهكم: متخافش على ولدك يا متر، زي ما هو ولدك هو كمان ولدي.

وباتت تتملص بين ساعديه محاولة الفكاك منه ولكن هيهات، فكان يضمها ويقربها من صدره مشددا عليها كما المقيدة حتى وصل بها إلى التخت ومددها عليه بعناية، وبدأ بفك القميص لها كي تغفي براحة، تحدثت بنبرة حادة رغم تعبها وإنهاكها وهي تنفض يده عنها وتبعدها بعنف: إطلع برة.

تحرك إلى الأريكة وفك قميصه هو الأخر وخلع عنه غطاء رأسه الخاص بملابس التعقيم، ثم خلع عنه حلة بدلته وتحدث وهو يلقي بجسده المنهك فوق الأريكة وتحدث بنبرة هادئة: نامي يا صفا، نامي وخليني أنام لي ساعتين جبل النهار ميشج وأجوم أروح المركز لچل ما أتابع التحجيجات
أجابته بنبرة صارمة وهي تتأهب للتحرك خارج الغرفة: تبجا بتحلم لو خيالك صور لك إن ممكن يچمعنا مكان واحد من تاني.

إنتفض من نومته وتحرك إليها وأمسك ذراعها، وبعيون تطلق شزرا أرهبها قائلا: جسما بالله لو إتحركت خطوة واحدة برة الاوضة دي لأكون واخدك على الببت لجل ما تنامي فيه
وأكمل بحده ونبرة رجل يشتعل بنار الغيرة: فاكراني راچل هفأ وعديم النخوة لجل ما أسيبك نايمة چار أبوك واللي إسميه ياسر داخل وخارچ عليك بحچة متابعة الحالة
أجابته بعناد: مليكش صالح بيا، أني أنام مكان مايعچبني ومليكش حكم علي.

أمسك يدها وهتف بغيظ من بين أسنانة: روحي على السرير وإتخمدي وخلي ليلتك السودة دي تعدي
وأكمل مهددا بنبرة حادة: إسمعيني زين يا بت زيدان، إنت لساتك مشفتيش الوش الغبي بتاع قاسم، ونصيحة مني بلاش تستفزي الحيوان اللي چواتي وتخرچيه، عشان إنت مش جد جلبتي السودة ولا جد غضبي
وأكمل بنبرة صارمة: ودلوك إنجري على السرير ونامي بدل ما أطلع غلب اليوم كلياته عليك.

نظرت إليه بعيون مشتعلة تطلق شزرا لو خرجت لأشعلت في الغرفة بأكملها، لكنها الان مجبرة على الإنصياع لتهديده لسببين، أهمهما أنها حقا منهكة وجسدها يحتاج للراحة لأجلها ولأجل جنينها
والاخر هو صحة حديثه بخصوص نومها بغرفة والدها في وجود ياسر، ولذلك فأئمن مكان مناسب لنومها هي تلك الغرفة في حضرته وحمايته.

زفرت بضيق وتحركت إلى التخت ومددت جسدها عليه بتعب وإرهاق، وتحرك هو إلى أريكته وارتمي بجسده المشتعل وتمدد فوقها، ما هي إلا دقائق وأستمع لإنتظام أنفاسها التي تعلن عن دخولها في ثبات عميق.

قام يتحرك على أطراف أصابع قدماه كي لا يقوم بإزعاجها، إقترب منها بقلب ينتفض عشق وخوف ورعب عليها، حزن من حاله لقيامه بإرهابها ومحادثتها بتلك الطريقة الجافة ولكن لم يكن لديه طريقة اخري لترويض تلك الفرسة الجامحة سوي تلك، ليس لإرهابها، بلا لخشيته عليها وعلى جنينه.

وصل لمكانها ومال عليها، وضع شفتاه فوق جبهتها وأغمض عيناه وبات يشتم عبير جلدها بقوة ليحتفظ به داخل رأته، تغلغلت رائحة جسدها العطرة داخل انفه فجعلت من قلبه وجسده مشتعلان، كان يريد أن يشتم خصلات شعرها منعه حجابها المحكم عليها، فتح عيناه وبات يدقق النظر لملامح وجهها الملائكي، تنفس عاليا وزفر،.

همس بنبرة حانية إستمعت إليها تلك التي وعت عندما شعرت بلمسات شفتاه فوق جلدها، لكنها إدعت النوم وتلقت قبلاته بإستسلام لا تدري لما، : حجك عليا يا جلب قاسم من چوة
وضع قبلة خفيفة بجانب شفتاها ثم تحرك عائدا إلى أريكته مثلما أتي، تمدد عليها وفي خلال دقائق معدودة دخل في ثبات عميق من شدة إرهاقه
نظرت عليه بدموع الألم والملامه وبعدها دلفت هي الاخري بدوامة نومها
- -
بنفس الوقت.

كان يتمدد فوق الأريكة الخاصة داخل مكتبه ليريح ظهره قليلا بعد عناء ذلك اليوم المرير، واضع كفاي يداه المتشابكان تحت رأسه وينظر لسقف الغرفة بشرود، إستمع إلى طرقات خفيفة فوق الباب، تحدث قائلا بنبرة ضعيفة: خش يلي عتخبط
أخذت تلك الواقفه خلف الباب نفس عميق لتشجع حالها، ثم أدارت مقبض الباب وخطت بساقيها للداخل، وجدته ممددا، نظر عليها وأعتدل سريع إمتثالا لأخلاقة العالية وإحترامه لذاته قبلها.

برغم إحترامه الذي أظهره في حضرتها إلا أنه أزاح بوجهه عن مقلتيها متلاشي النظر لوجهها
تحمحمت وأردفت قائلة بنبرة هادئة: حمدالله على سلامة زيدان بيه
أجابها بجمود وبملامح وجه مقتضبة ومازال متغاضي النظر لها: الله يسلمك
أردفت بنبرة خجلة: عاوزه أتكلم معاك.
أجابها بجمود وهو على وضعه برفض قاطع: سبج وجولت لك معادش فيه بيناتنا أي كلام
إبتلعت غصة مرة من طريقته الجافة وتحدثت بإصرار: يزن، إحنا لازم نتكلم.

إنتفض قلبه حين إستمع لحروف إسمه وهي تتغناها، لكنه تمالك من حاله لأبعد الحدود وأدعي الجمود
فأكملت هي: أنا مش مرتاحة ومش عارفة أسامح نفسي من يوم اللي حصل بينا، وأسترسلت حديثها بنبرة نادمة وهي تتحرك لتقف أمام عيناه: أنا عارفة إني زعلتك وقتها بكلامي البايخ، بس صدقني كان غصب عني،
نظر لها بجمود وتحدث بصرامة إمتثالا لكرامته التي اهدرت على يدها: جولت لك معايزش أسمع حاچة، إطلعي بره وخدي الباب في يدك.

تنهدت بأسي وتحدثت بإصرار: ريح نفسك، مش هخرج من هنا قبل ما أتكلم وتسمعني
وقف ليقابلها وصاح بنبرة غاضبة: عتسمعيني غصب عني إياك؟
هتسمعني برضاك يا يزن، جمله حنون تفوهت بها واربكت بها جسد ذلك العاشق المجروح
أجابها بنبرة حادة: معتمشيش الدنيي على كيفك يا دكتورة.
تحركت إليه وتحدثت بلكنه صعيدية مداعبة بها إياه كي تستدعي مرحه السابق: متجفلش معاي أومال يا بلدينا، ميبقاش مخك صعيدي أوي إكده.

نظر لها بضعف وسألها بروح منهكة: إنت عاوزة إيه مني بالظبط يا بت الناس
إبتسمت له بخفوت وأجابته: عاوزاك تسمعني بقلبك علشان تعذرني وتسامحني على إسلوبي الحاد اللي إتكلمت معاك بيه
أرجع رأسه للخلف بإستسلام وزفر بقوة وهو يرجع شعر رأسه ويسحبه للخلف بعنف وتحدث: وبعدهالك يا أمل، أني مش جد اللي عتعمليه فيا ده
نظرت إليه وتحدثت بترجي: أرجوك يا يزن.

أشار لها بالجلوس وبدأت هي بقص حكايتها المأساوية على مسامع ذاك الذي يستمع إليها بعدة مشاعر مختلطة، غيرة، ذهول، شفقة، حزن، قهر على تلك المغدور بها
كانت تحكي له بنبرة حزينة، بصعوبة بالغة كانت تقاوم دموعها التي أقسمت على أن لا تزرفها أمام أيا من كان،
تحدث إليها بعدما إنتهت من السرد: معجولة أمك وأختك عملوا فيك إكده؟

تلاشت الإجابه على سؤاله خشية إنهيارها، وتحدثت إليه بنبرة مختنقة بفضل محاربتها لإحتباس الدموع: كل الكلام اللي قولته لك يومها ماكنتش إنت المقصود بيه،
وأكملت وهي تبتلع غصة مرة شقت بها صدر حبيبها: فجأة لقيت الماضي الملعون وكأنه بيتحرك قدام عنيا،.

وأكملت قاصدة بحديثها وائل التي أصبحت تبغض حتى نطق حروف إسمه بين شفتاها: شفته وكأنه واقف قدامي بكامل هيأته، صعب أوي إحساس الخيانة والغدر لما ييجي من الشخص اللي عمرك ما تخيلت إن خيبة أملك الكبيرة هتكون على أديه
إستشاط داخله وشعر بنار داخل صدره، سألها بغيرة مرة: كل دي جهرة في جلبك لجل خاطره، للدرچة دي كنتي عتحبيه؟

نظرت إليه وتحدثت بملامح وجه متألمة: مكنش حب قد ما كانت ثقة حطيتها في شخص وأمنته على حياتي اللي جايه،
وأكملت بنبرة حزينة: الغدر والخزلان والخيانة لما بيحصلوا لك على إدين ناس المفروض إنهم الأقرب لروحك، بيخلوك تفقد الثقة في أي حد على وجه الأرض
أجابها بنبرة هادئة: مش كل الناس كيف بعضيها يا أمل، لساتها الدنيي بخير ومليانة بالجلوب الصافية والنضيفة.

إبتسمت إليه وتحدثت بصدق: عندك حق، وكلامك ده عرفته لما جيت هنا وعاشرتك إنت وصفا وياسر ومريم، حتى أهلك اللي مشفتهومش غير مرات تتعد على الصوابع، حسيت وأنا في وسطهم بالحنان والطيبة
لساتك عتحبيه؟ سؤال وجهه إليها والغيرة تنهش داخله
أجابته بكل قوة: عمرك شفت ضحيه حبت جلادها؟
تنفست براحة بعدما أخرجت ما ضاق به صدرها وهتفت قائلة لإنهاء الحديث: أتمني تكون فهمتني ومتكنش لسه زعلان مني.

رد عليها بإبتسامة حنون: مزعلانش يا أمل
إبتسمت له ووقفت وادارت ظهرها لتخرج، إستمعت لصوته يناديها: أمل
إلتفتت إليه فأكمل بعيون تنطق عشق وصوت هائم: أني عاشجك
إرتبكت وأنتفض قلبها فأكمل هو بعيون مترقبه لردة فعلها: أني رايدك لچل متكوني مرتي في الحلال يا أمل
جحظت عيناها وأنتفض جسدها بالكامل وتحدثت:.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة