قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثاني والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثاني والعشرون

رواية قلبي بنارها مغرم للكاتبة روز أمين الفصل الثاني والعشرون

كم أعشق النظر إلى الغيوم في السماء
كم أنها تشبهني وتعبر عني بذكاء، وكأنها تذكرني بروحي، وتذكرني أيضا بعطايا الله لي بسخاء بعد سنوات من العسر والحرمان والجفاء، أشعر عند رؤياها وكأن روحي تحوم وتتراقص بين السحاب، أترقب هطول الغيث لتحوم حوله روحي وتتراقص برخاء، واداعب بأناملي قطرات الماء بصفاء
خواطر صفا النعماني
بقلمي روز امين.

فاقت باكرا من نومتها الهنيئة يتخللها شعور بالراحة والسلام الداخلي لم تحصل على درجتة تلك منذ أن كانت طفلة صغيرة تغفي بسلام داخل أحضان والديها، تملكت من جسدها إنتفاضة عشق أشعرتها بلذة عالية وإرتعاشة حين وجدت من يكبلها بساعدية ويحتضن جسدها بلهفة وينظر إليها وجنون العشق يطل من مقلتية الساحرتان،
إبتسمت له بسعادة وتحدثت بنعومة ودلال: صباح الخير يا حبيبي.

مال عليها وإقتطف قبلة ناعمة بجانب شفتها ثم نظر إليها وتحدث بعيون هائمة في سماء عشقها الهائل: توها الشمس طلعت وسطع نورها لما صفا فتحت عيونها.
إبتسمت له بسعادة وتسائلت: هي الساعة كام؟
أجابها بوجه بشوش: الفچر أذن من ساعة ولازمن نجوم علشان نلحج ميعاد الطيارة
وتسائل هو بإهتمام: نمتي كويس؟
أجابته وهي تتمطئ بين يداه بدلال انثوي أثار ذاك العاشق وجعل قلبه ينتفض عشق: عمري ما نمت براحة كيف ما نمت إنهاردة.

واكملت ضاحكة: صحيت مرتين وفي كل مرة ألاجيك مشدد عليا ومكتفني بإديك كيف اللي خايف لأهرب منيك.
أجابها بعيون حنون: لو هربتي من ضمة جسمي مش هتعرفي تهربي من جلبي اللي روحك بجت معششه جواة يا نبض جلبي.
أهرب كيف وأني ما صدجت إني أترمي في حضنك يا حبيبي، جملة حنون قالتها صفا بنبرة صارخة معترفة بعشق ذلك القاسم.

ضمها بشدة لداخل حضنة ودفن أنفه داخل خصلات شعرها ليشتم رائحته المسكية التي بات يعشقها وتحدث وهو يعتصرها لداخل حضنة: إوعي في يوم تسيبي حضني يا صفا، لو بعدتي عني هضيع ويمكن وجتها تموت روحي اللي مصدجت إني لجيتها في ضمتك
نظرت له بعيون مترقبة ثم تسائلت بنبرة مستفسرة: مالك يا قاسم؟
إنت لية من وجت ما چيت وإنت كل كلامك غريب وكل شوي تجول لي متبعديش، متسبنيش؟

صرخ قلبه متألم يحسه على أخذ الخطوة بالإعتراف لها وتخليص حاله من حالة تأنيب الضمير والشعور المميت بالذنب الذي يلازمة منذ أن وصل إليها ليلة أمس وبادر بأخذها لداخل عالمه وأندماج روحيهما وجسديهما معا،.

لكنه عاد لرشده من جديد لتيقنه أنه لو قام بمصارحتها بوقته الحالي لم ولن تتفهم علية وتتقبل تصرفاته، ففضل إسدال الستار عن تلك الرواية وإبعادها عنها على الأقل بالوقت الراهن، ولحين بناء جسورا بينهما من الثقة ومتانة حالة عشقهما أكثر مما هي علية.

تنهد ونظر لداخل عيناها ثم أحاط وجهها بكفية برعاية وحنان وتحدث بنبرة عاشقة لمست قلبها البرئ: أني حبيتك جوي يا صفا ومصدجت إني لجيتك وضميتك لحضني وحسيت بالراحة، من كتر ما أني مبسوط ومرتاح وياكي خايف لتضيعي مني ولا تحصل حاچة تبعدك عن حضني.

كانت تستمع إلية بقلب منتفض يريد الصراخ والصياح عاليا ليعلن للعالم أجمع أنه وأخيرا متيمها ومالك روحها شعر بقلبها المعذب وليس هذا وفقط، بل وأصبح يعشق قلبها ويتخوف من إفتقادة، يا له من شعور لا يوصف ولا توجد كلمات معبرة تعطيه قدر ما يستحق.

وضعت أناملها الرقيقة تحاوط بهما وجنته وتحسستهما بنعومة وتحدثت إلية بنبرة مطمأنة لروحة ولقلبه الذي أصبح عاشق بجنون بين ليلة وضحاها، ولكن أيعقل أن يصل المرء لمرحلة العشق الهائل تلك خلال هذه المدة البسيطة؟
أردفت صفا بعيون تنطق بإسم الهوي: طمن بالك يا حبيبي، الحاچة الوحيدة اللي ممكن تبعدني عنك هي الموت، غير كدة عمري ما أجدر أبعد عن ضمة حضنك اللي ياما حلمت بيها.

علي الفور وضع أصابع يده فوق شفتيها ليمنعها من إكمال حديثها وتحدث بعيون مرتعبة ونبرة رافضة: إوعي اسمعك تچيبي سيرة الموت مرة تانية على لسانك،
ثم ضمها بقوة وأغمض عيناة وتنهد بتألم وتحدث بنبرة تصرخ حنان: بحبك يا صفا، بحبك ومعاوزش من دنيتي كلاتها أي حاچة غيرك، والله العظيم معاوز أي حاچة غير إني أكون معاك وتفضلي چوة حضني.

إبتسمت بنعومة ثم وضعت كف يدها الرقيق فوق ظهره وتحسسته بحنان وأحتواء، كم كانت غريبة ودخيلة تلك المشاعر الهائلة على هذا المسكين الذي عاش حياته مفتقدا للمعني الحقيقي للإحتواء، ولم يتذوق لشعور الحنان طعم سوي بداخل أحضان تلك الشفافة، صافية القلب والروح.

إبتعد قليلا عن أحضانها ونظر بهيام لداخل فيروزتيها وأبتسم ثم أقبل عليها ومال، وتناول شفتاها وبدأ يتذوق شهد عسلها السائل على فمها بهدوء ونعومة، سرعان ما تحول إلى شغف جارف سحبهما داخل عالم السعادة اللذان بات يتذوقان بداخلة أحلا شراب من العسل الخام الذي ينعش روحيهما ويجعل الحياة أكثر جاذبية بنظريهما، بات يذيقها ويزيدها من العشق ألوان كي يسعد قلبها ويعوضها غيابه القاسي كل تلك السنوات.

بعد مده كانت تقف داخل كبينة الإستحمام بين أحضانة تحت صنبور المياة الذي يغمر جسديهما معا ويداعبها هو ويدللها بغمر جسدها بالماء وسائل الإستحمام بدلال ورعاية وإهتمام تحت خجلها الهائل الذي يزيده رغبة بها، حقا كان يعاملها كطفلتة المدللة التي يخشى عليها من كل شئ حولة.

بعد مدة خرج من غرفة نومهما مرتدي ثيابه كاملة حاملا بيداه حقيبتي ملابسهما، دارت عيناه تجوب المكان للبحث عنها وهدأت روحه حين وجدها تقف بجانب النافذة المتواجدة بالصالة وتطل على حديقة السرايا، كانت تتحدث بهاتفها بنبرة جادة عملية، تحرك بالحقائب نحو الباب الخارجي ليخرجهما، وبالفعل وضعهما أمام الباب وأعاد غلقة من جديد وأتجة إليها، وقف خلفها وضم جسدها إلية ودفن وجهه داخل تجويف عنقها ثم أغمض عيناه وتنهد براحة،.

إرتعش جسدها بلذة جراء تقربه المفاجئ لها لكنها تمالكت من حالة بعثرة مشاعرها التي تصيبها كلما إقترب منها متيم قلبها،
إستعادت توازنها وتحدثت بنبرة أكثر عملية قائلة: تمام يا دكتور، واني هتابع معاك على التليفون سير الشغل خطوة بخطوة، ولو عوزت أي حاچة لحد ما أرچع من أچازتي الباشمهندس يزن موچود.

لم يدري لما إشتعل جسدة بنار الغيرة عندما تيقن بفطانتة أنها تحادث ذلك الثئيل الذي يدعي بياسر، زفر بضيق شعرت هي به فأنهت مكالمتها سريع
وتحدثت بإلهاء لذلك المكبل لها بشدة: طلعت الشنط برة يا حبيبي.
أومأ لها بهزة رأسه ثم تنهد وتسائل بنبرة متحفظة: كنت بتكلمي اللي إسمة ياسر؟
تنفست بهدوء لعلمها عدم تقبله لشخص ياسر فتحدثت بهدوء: كنت ببلغة إني في أجازة لمدة إسبوع.

إبتعد عنها بجسده وهتف بنبرة حادة غاضبة: وهو مال اللي چابوة بأچازتك من عدمها، بتاخدي الإذن منية إياك؟!
تنهدت ونظرت إلية بحيرة وتعجب لغضبه المبالغ به من ياسر وتحدثت بنبرة هادئة كي تسترضية: مالة كيف بس يا قاسم، هو مش مسؤول معايا في إدارة المستشفي ولازم أعرفة كل خطواتي لجل ما يعمل حسابة ويوزع الكشفات بتاعتي علية هو والدكاترة.

إمتعضت ملامح وجهه وظهر عليها الغضب فأقتربت علية وبسطت يدها واضعة كف يدها الرقيق لتتلمس به ذقنة النابتة التي تدعوها للإثارة والجنون وتحدثت بنعومة مبالغ بها: بلاش تكشيرتك دي علشان خاطري، دي أول خروچة ليا معاك، يرضيك نجضيها وإنت مكشر في وشي إكدة!

علي الفور لان جسده المتيبس وإنفرجت أساريره وكأن بلمستها السحرية قد سحبت ما بداخلة من غضب وثورة، أمسك كفها الموضوع على وجنته وشدد علية ثم قربه من فمه ووضع قبلة حميمية بشفتاه بطريقة جعلتها تبتلع لعابها
فتحدث وهو يلف خصرها بذراعة محاوط إياه بحماية ويحثها على التحرك: طب يلا بينا ننزل حالا علشان لو فضلنا إهني أكتر من إكدة هيروح علينا حچز الطيارة، ويمكن منخرجوش من إهني لحد الإسبوع كلاته ما يعدي.

إبتسمت بنعومة وتحركت بجانبة واتجها معا نحو الدرج متشابكين الأيدي، كانت تتدلي وهي تنظر لداخل عيناة بوله وعيون عاشقة حتى النخاع،
في تلك الأثناء كانت تخرج من المطبخ ممسكة بيدها صحن كبيرا ملئ بالبيض الناضج في طريقها به إلى وضعه على سفرة الطعام،.

إستمعت لهمهمات وضحكات خفيفة تأتي من أعلي الدرج، رفعت قامتها بتوجس لتكذيب اذناها التي إستمعت لذاك الصوت التي تحفظة عن ظهر قلب، وبلحظة شهقت بصدمة وأتسعت عيناها بذهول، من يراها بتلك الهيئة يتيقن أنها رأت غولا مقبلا عليها كي يلتهمها، لم تستطع السيطرة على التماسك فأنفلت من بين يداها القدر وتبعثرت وحدات البيض حولها بشكل فوضوي، خرجت نجاة من المطبخ سريع على صدي الصوت وتحدثت: خبر إية يا فايقة، إية اللي حصل!

نظرت فايقة وهتفت بفحيح موجهه حديثها إلى قاسم بذهول: قاسم، إنت بتعمل إية إهني؟
وميتا چيت من مصر!
نظرت لها صفا وقطبت جبينها مستغربة حالة تلك المرأة العجيبة التي ترمقهما بنظرات نارية لو اطلقت لها العنان لأشعلت المنزل بأكملة
شدد هو من ضمة يد حبيبته وتحرك بها للأسفل برأس شامخ وقامة مرتفعة
سبقتة حسن بالإجابة قائلة وهي تنحني بجسدها لتلتقط وحدات البيض: سي الأستاذ قاسم چة بالليل متأخر بعد البيت كلياته ما نام.

رمقته بعيون غاضبة وقلب مشتعل حين تحدثت نجاة بإبتسامة حانية مرحبة: حمدالله على السلامة يا ولدي، چدك وعمامك جاعدين برة في الفراندا بيشربوا شاي بحليب، خد مرتك وأطلع لهم على ما الفطور يچهز والشباب ينزلوا من فوج وتفطروا ويا بعض
أومأ لزوجة عمه وشكرها ودلف بجانب ساحرته متجاهلا تلك التي أشرفت على الإصابة بذبحة صدرية جراء ما أصابها من خيبة أملها بولدها البكري الذي يحاول دائما إفشال مخطتها.

تحرك للخارج وتبادلا السلام مع الجميع تحت سعادة عثمان التي تخطت عنان السماء عندما رأي تشبث قاسم بيد صفا وراحة وجهه الظاهرة وهو ينظر إليها، وما زاد من سعادته هي تلك الصافية والفرحة التي سكنت عيناها وباتت ظاهرة كالشمس لكل من ينظر إليها
نظر قاسم إلى حسن وأردف قائلا بنبرة رحيمة: خلي بدرية تطلع تچيب الشنط اللي چدام الشجة وتچيبهم إهني يا حسن،
هتفت فايقة متسائلة بنار شاعلة: شنط إية دي يا قاسم؟

أجابها وهو ينظر لداخل عيناها بجمود: مسافر أني ومرتي هنجضي أسبوع في شرم الشيخ
قهقة قدري عاليا وتحدث لصغيرة المتمرد قائلا بإستحسان وهو يتخيل وجة تلك الشمطاء المسماة بكوثر: عفارم عليك يا قاسم، إبن النعماني صح.
رمقتة فايقة التي تكاد أن تصاب بالجنون وهتفت بحدة: وشغلة اللي في مصر يا أبو قاسم، هيهمله ويجعد چار الست صفا إياك؟

إستغرب الجميع حدتها بالحديث ونبرتها الغاضبة مما جعل رسمية تهتف متسائلة إياها بنبرة ساخرة: چرا لك إية يا فايقة، اللي يشوف خلجتك المجلوبة يجول إن صفا دي ضرتك مش مرت ولدك.
إبتلعت حديثها وباتت ترمق صفا بنظرات حادة غاضبة
في حين تحدث الجد وهو يشير إليه بملامح وجه مستكينة: إجعد يا قاسم إنت ومرتك إشربوا الحليب على ما الفطور يچهز ونفطروا كلياتنا ويا بعض.

تحدث معترض بنبرة هادئة: مهينفعش يا چدي، إحنا يا دوب هنسلم على عمي زيدان على الواجف إكدة ونتحرك بسرعة عشان نلحج ميعاد الطيارة، نبجا نفطر في شرم إن شاء الله
وافقة الجد وطلب منه أن يهتم لأمر إبنة عمه ويهاتفه حين يصل مباشرة كي يطمأن على غوالي قلبه.

أتت بدرية بالحقائب حين هتف قاسم منادي بأعلي صوته على الغفير عوض الذي يقف خارج بوابة القصر الخارجي، مد يده مناولا له مفاتيح السيارة وطلب منه أن يحمل الحقائب ويضعها داخل صندوق السيارة الخلفي
ثم تحرك تحت نظرات فايقة المسلطة فوق صفا التي رأت بها نسخة ورد المصغرة وبصغيرها شبح عشق زيدان الذي بات يؤرقها طيلة السنوات الفائتة.

داخل منزل زيدان، كانت تشدد من ضمتها لوالدها الذي يحتويها بذراعية داخل احضانة ويمسح فوق حجاب رأسها بحنان، تنفست براحة
فتحدث ذاك الواقف يتطلع عليهما بإعجاب واحترام لتلك العلاقة الصحية: لو فضلنا على إكدة مهنلحجش الطيارة يا صفا؟
اخرجها زيدان ثم حاوط وجنتيها بكفي يداه وتحدث بنبرة حنون: معيزاش حاچة؟
حولت بصرها إلى حبيبها وتحدثت بنبرة جريئة جديدة عليها: هعوز إية وأني ويا چوزي يا أبوي، ربنا يخلية ليا.

وهنا تسلل إلى قلبه شعور يتعرف علية لأول مرة، لأول مرة يشعر بأنة رجل مسؤول عن حبيبة وضعت كل ثقتها وحملها على أكتافة الصلبة وعلية أن يعمل جاهدا كي يثبت لها أنه على قدر المسؤلية التي وضعت على عاتقة.
سعد داخل زيدان عندما لمح سعادة صغيرته التي تملكت من روحها ورأي تبادل نظرات العشق التي يحفظها عن ظهر قلب، ومن أدري بحال العشق وأهله أكثر من زيدان العاشق.

تحدثت ورد إلى قاسم الذي يجاورها الوقوف لتحثه على رعاية صغيرتها: خلي بالك منيها زين يا قاسم.
نظر لداخل مقلتي ساحرته وتحدث بنبرة هائمة متناسيا من حولة: ما تجلجيش يا مرت عمي، صفا جوة جلبي وقافل عليها بضوعي.
نظرات عاشقة متبادلة بين ذاك الثنائي التي تكاد تتطاير من أعينهم قلوب حمراء وتتراقص من حوليهما ضارببن بكل شئ عرض الحائط سوي عشقهما الوليد، يتعاملان وكأن العالم قد خلي من الجميع إلا هما.

نظرت ورد إلى زيدان بإندهاش مذهل لحالة ذلك القاسم التي تغيرت على النقيض، تحدث زيدان بنبرة تهكمية ليجعلهما يستفيقا من حالتهما تلك: قاسم، الطيارة عتفوتكم يا حبيبي.
وعت هي على حالة هيامها وسحبت بصرها ونظرت أرض من شدة خجلها، إقتربت عليها والدتها واحتضنتها برعاية وتحدثت: خلي بالك على حالك وعلى چوزك يا بتي، وكلي زين عشان وشك أصفر ومعاچبنيش اليومين دول.

أومأت لوالدتها ثم تحركت بجانب زوجها واوصلوهما والديها إلى الباب الخارجي وأنتظرا حتى إستقلا سيارتهما تحت نظرات الجميع المودعة لهما، نظرت فايقة على زيدان الذي يحاوط صغيرته بنظرات متلهفة قلقة وهي تتحرك بسيارة قاسم التي غادرت بإتجاة المطار.

وأبتسمت بجانب فمها شامتة منتظرة على أحر من الجمر اليوم التي ستنكشف به حقيقة زواج قاسم على إبنة زيدان وورد، بل ومدللتهم العالية التي ستصبح إضحوكة جميع من في النجع عندما يعلمون أن تلك الطبيبة والتي يتباهي بها زيدان بين الناس، فضل زوجها عليها إمراة أخري بعدما إفتقد لوجود الراحة والسكون وانعدامهما.

إشتعل داخلها وأختفت بسمتها عند إستماعها لعتمان الذي وجه حديثه إلى زيدان قائلا بصوت جهوري: هات مرتك وتعالي إفطروا ويانا يا زيدان، عاوز اتكلم معاك بعد الفطار شوي
تحدث إلية بوجة بشوش وطاعة عمياء: أوامرك يا أبوي.

أمسك كف ورد وتحركا للداخل لإرتداء ثياب تناسب خروجهما من منزلهما، وبعد قليل دلف لداخل غرفة طعام العائلة بجانبه ورد التي تبتسم بسعادة تحت إشتعال روح فايقة وهي تري الرجل الوحيد التي تمنت وحلمت بضمة حضنه، وهو يجاور المرأة الوحيدة التي أضاءت شعلة الغرام بداخل قلبه العاشق.

أسرعت فايقة إلى الحديقة الخلفية وأخرجت هاتفها وضغطت زر الإتصال بكوثر وباتت تتلفت حولها يمين ويسارا مثل اللصوص وهي تترقب الرد.

كانت تجاور صغيرتها الباكية بعدما هاتفتها ليلا وقصت على مسامعها كل ما حدث، غضبت كوثر كثيرا و ودت أن تذهب لإبنتها على الفور لكنها تمالكت من حالها كي لا تظهر قلقها أمام رفعت الذي رمى عليها مسؤلية ما حدث معه ومع إبنته، فكظت غضبها وتحملت كي لا يشعر هو عليها، في الصباح أسرعت إلى مسكن إبنتها بعدما ذهب رفعت إلى عمله.

صاحت تلك الغاضبة قائلة بنبرة صوت حادة: شفتي عمايل إبنك المحترم، بقا فية واحد إبن أصول ومتربي يسيب عروستة لوحدها يوم صباحيتها ويسافر
هتفت بها فايقة التي لا تقل غضب عنها بل وتفوقها بألاف المرات: بطلي نويحك ده يا مرة وإحكي لي اللي حصل بالراحة لجل ما أفهم.

تحدثت كوثر بصياح مصطنع وهي تتطلع إلى إيناس الجالسة تترقب للحديث بقلب مشتعل محترق: اللي حصل إن إبنك شايف دلاله أوي على بنتي وبيستقوي عليها إكمنه عارف ومتأكد إنها بتعشقة،
وأكملت بنبرة تهديدية: بس ورحمة أمي لو ما أتعدل لاكون واقفة له ومعرفاة مين هي كوثر، هو فاكرها ملهاش حد يقف معاها ويوقفه عند حدة، لاااا ده يبقا غلبان أوي لو فكر بالشكل دة.

صاحت فايقة بصراخ وتحدثت بضيق: يا ولية جولي لي إية اللي حصل وبطلي ندبك ده على الصبح
تمالكت كوثر من حالة الغضب الكاذب التي إدعتها أمام تلك البلهاء كي تبث الرعب داخل قلبها لتحث صغيرها وتجبره على التعامل مع إيناس كزوجة طبيعية له، وبدأت بقص ما حدث عليها
تحدثت فايقة بنبرة تهكمية: بتك كنها خايبة وهتغفلجها على دماغنا كلياتنا، بجا معرفاش تشد راچلها وتخليه يدخل عليها؟!

وأكملت بنبرة تهكمية: أومال لو مكانتش محامية وشغلها كلياتة خطط وألاعيب
تسائلت كوثر بتخابث: تقصدي ايه بكلامك ده؟
أجابتها بفحيح: أجصد إنك تتصرفي وتوعي بتك لجل ما تحاول بأي طريجة تغرية وتخلية يدخل عليها وتحبل منية كمان،
وأكملت بنبرة حادة غاضبة: إنتوا إكدة بتخربطولي حساباتي خربيط.

أغلقت كوثر معها بعدما إتفقتا على ما يجب فعلة، إستمعت إلى صوت جرس الباب، تحركت إلية وجدت عامل توصيل الطلبات التي طلبت منه وجبات متعددة باهظة الثمن، وقامت بتسديد ثمنها من الأموال الكثيرة التي تركها قاسم فوق المنضدة الجانبية للباب الخارجي قبل رحيله
تحركت بالطعام وأفترشتة على السفرة بطريقة عشوائية دون إفراغة ورصه داخل صحون
وتحدثت وهي تحث إبنتها على النهوض: تعالي يا إيناس علشان تاكلي.

وقفت منتصبة الظهر وتحركت إلى والدتها ثم نظرت إلى الطعام وتحدثت بعيون متسعة بذهول:
إية الأكل ده كله يا ماما؟
ومين أصلا اللي هياكل حمام محشي وكباب وكفتة وشاورما ومحاشي على الصبح؟!
رفعت لها قامتها وتحدثت وهي تمد يدها وترفعها إليها بحمامة منتفخة جراء حشوها بالأرز وذات لون ذهبي داكن يشهي العين والنفس لمن ينظر إليها: إقعدي كلي واللي هيتبقي هاخدة معايا لأبوكي وعدنان علشان مش قادرة أعمل غدا إنهاردة.

جلست بجانبها وتحدثت بنبرة يائسة: أنا هتجنن من اللي حصل يا ماما، مش قادرة أستوعب، معقولة ده قاسم اللي كنت بحركة على كيفي زي حصان الشطرنج؟
وأكملت بذهول: ده إتحول وكأنة بقا واحد تاني أنا معرفهوش.
إبتسمت كوثر ساخرة وقضمت قطعة من الحمام داخل فمها وتحدثت أثناء عملية المضغ قائلة: الواد ده مطلعش سهل وقفل زي ما كنا فاكرينة، ماهو بالعقل كدة، ناس زي قدري وفايقة هيخلفوا إية غير شيطان وطماع زيهم.

نظرت لها إيناس وتسائلت مستفهمة: تقصدي إية بكلامك ده يا ماما.

هتفت كوثر مفسرة: أقصد إن قاسم ده طلع داهية ودماغة شغالة وعامل لكل خطوة حساب، هو مشي وراح مخصوص لبنت عمه علشان لو الموضوع إتعرف فيما بعد يقول لعمة ولجدة إنه كان مغصوب على الجوازة، والدليل إن يوم فرحة سابك وراح لها، وأكملت بإبتسامة ساخرة: وبكدة الهبلة اللي هو متجوزها هتصدقة وتغفر له ومتخليش أبوها يخرجة من الجنة اللي دخلها برجلية وهيلاقي فيها العز اللي عمرة ما كان يحلم بربعة.

قاطعتها إيناس معترضة: بس قاسم عمرة ما كان مادي ولا طماع يا ماما.
أجابتها برد قاطع ويقين: ده اللي هو حب يظهره في شخصيتة لينا علشان نشوفة كدة ونحترمة، لكن الحقيقة إن هو ما يفرقش في أي حاجة عن الشياطين اللي مخلفينة، بالعكس، ده يزيدهم لأنة بيخطط في الخفي بذكاء وخبث.
تسائلت إيناس بإرتياب: طب قولي لي هتصرف إزاي أنا معاه الوقت بعد اللي عملة معايا ده؟

إنتقت قطعة من اللحم المشوي ورفعتها لمستوي عيناها وباتت تقلبها بين أصبع يدها بتمعن وتحدثت ببرود: ولا حاجه، هتصبري لحد ما يرجع وبعدها هنشتغل له في الأزرق، وأكملت بتقليل واستهانة: وبعدين إنت ناسية كلام عدنان عن البنت اللي هو متجوزها، واسترسلت حديثها بتفاخر: سبيني أنا اتكتك له على الهادي وإنت نفذي لما يرجع، وخلينا نشوف إبن فايقة هيقدر يتحمل ويمسك نفسة لحد أمتي.

وأردفت بتحذير: المهم إنت ماتخرجيش من هنا خالص وإقفلي تلفونك، وأنا اللي هيسألني من أصحابك أو قرايبنا هقول لهم إنكم سافرتم إسبوع عسل، واللي عاوز ييجي يبارك لكم يبقا ييجي الاسبوع الجاي، لما يبقا البية يوصل بالسلامه.

داخل مسكن فارس ومريم، خرج من غرفتة يهندم جلبابه ويعدل من عمامة رأسه ناصعة البياض، نظر إلى غرفة صغيرته التي تختبئ خلف جدرانها تلك المتمردة التي أعلنت مؤخرا ورفعت راية عصيانها علية، زفر بضيق لشعورة بالإختناق وبأن الوضع بدأ يزداد سوء بينهما، خصيصا بعد تجاهلها الكامل وتلاشيها الذي يشعره بإهانة رجولتة على يداها.

تحرك إلى باب الغرفة وفتحه سريع دون طرق، إنتفض جسدها رعب وقامت بإغلاق زرائر كنزتها بإرتباك وهتفت بنبرة حادة لائمة: فيه حد يدخل على حد من غير إحم ولا دستور إكدة؟

أشارت الصغيرة الجالسة فوق التخت إلى أبيها بسعادة فتحرك إليها وألتقطها لداخل أحضانة وهو ينظر إلى تلك التي تخبئ جسدها بعيدا عن نظراته المتفحصة، فأراد أن يستشيط غضبها أكثر حيث أنه مؤخرا أصبح يشتاق للجلوس معها أو حتى تواجدها والمرور من أمام أعينة مثل سابق
وتحدث بنبرة باردة: هستأذن وأني داخل أوضة بتي لية إن شاء الله، داخل لرئيس الحي إياك؟

أجابته بنبرة حادة وهي تلف حجابها وتضع لمساتها الأخيرة للتأهب لذهابها للمشفي: تستأذن علشان الدين والإصول بيجولوا إكدة يا محترم، ولا أنت خلاص، بجت مغمي عيونك على كل شى حتى عن الأصول؟
قالت كلماتها وتحركت إلية وألتقطت طفلتها من بين أحضانة بطريقة عنيفة أرعبته، لا يدري لما أصابة شعور بالتخوف عندما وجدها تتحرك بطفلته قاصدة باب الشقة التي فتحته بعنف ومنه إلى الأسفل، تحرك خلفها بقلب محمل بأثقال من الهموم.

دلفت مريم وتلاها فارس إلى غرفة الطعام وجدوا الجميع يتناولون الطعام فتحدث فارس إلى زيدان بنبرة محبة: وأني أجول البيت زايد نورة لية، أتاري عمي زيدان ومرته منورينا
إبتسم له وشكرة هو و ورد تحت غضب فايقة، حين تحدثت الجدة بإهتمام: إجعد يا ولدي كل، إنشغل الجميع بتناول طعامة، تحت إستشاطة قلب فايقة وإشتعال جسدها بالكامل.

داخل الطائرة المتجهه إلى شرم الشيخ
كانت تجلس بالمقعد المجاور للنافذة مسلطة ببصرها على مجاورها وعاشق أنفاسها تنظر إلية بعيون تنطق عشق، مكبلا هو كف يدها الذي لم يتركه منذ أن خرج من مسكنهما للأن، وكأنه يرتعب من فكرة إبتعادها عنه أو تركه
سألها بإهتمام: سافرتي شرم الشيخ جبل إكدة؟

أجابته نافية: لا، أول مرة هروحها، سافرت مع أبوي وأمي الغردجة والعين السخنة والساحل الشمالي وأماكن تانية كتير، بس عمري ما سافرت شرم
أردف قائلا بتأكيد: شرم مدينة چميلة وهتعچبك جوي.
سألته بنبرة حماسية: روحتها جبل إكدة؟
أومأ لها متحدث: روحتها كذا مرة مع أصحابي وكمان حضرت فيها مؤتمرات خاصة بنقابة المحامين
وتحدث إليها: إن شاءالله أظبط شغلي الفترة اللي چاية وأخدك ونسافر برة مصر في البلد اللي تشاوري عليها.

هتفت بنبرة حنون صادقة وعيون هائمة في عشق حبيبها: مش مهم عندي المكان يا قاسم
وشددت من إحتضانها ليدة وأسترسلت: المهم عندي تكون معايا وتفضل ماسك ومشدد على يدي زي ما أنت عامل إكدة
كيف أسيبك بعد ما لجيت فيكي روحي التايهه اللي عشت عمري كلاته وأني بدور عليها، وما صدجت لجيتها چوة ضمة حضنك، كانت تلك كلمات معبرة بصدق عن مشاعره.

كانت تنظر له بإهتمام وأنبهار بكل كلمة تخرج منه فتحدث منبهرا أمام عيناها: عيونك حلوين جوي
وتحدث متذكرا بنبرة غائرة: مين اللي كان بيجول لك عيونك حلوين يا صفا؟
ضحكت متذكرة وتحدثت: هو إنت لساتك فاكر.
هتف بحدة مقاطعا حديثها بنبرة غير قابلة للمزح: مين اللي كان عيجول لك عيونك حلوين؟
أجابته بنبرة قوية شامخة: محدش يجدر يتجرأ ويجول لي إكدة لأن طول عمري وأني حاطة حواچز بيني وبين الناس عشان محدش يتخطي حدودة وياي.

سألها: اومال جولتي لي وجتها لية إكدة؟
شددت من مسكة يدها ليدة وتحدثت بإعتراف: عشان أشعللك وأضايجك كيف ما كنت بتضايجني بحديتك الماسخ.
تحدث إليها بنبرة حادة ونظرات محذرة: طب ياريت متكرريهاش لأنك هتشوفي وش عمرك ما كنتي تتخيلية
ضحكت فأكمل هو بحدة: إتجي شر غيرتي العامية يا بت زيدان، عشان لو المارد اللي چواتي طلع، الله الوكيل ليغفلجها على الكل.

شعرت وكأن روحها تتراقص من شدة سعادتها ومالت على كتفه واضعة رأسها علية بسعادة مما جعل إبتسامة جميلة تزين ثغره ورفع كفها ووضع به قبلة حنون وتنهد بثقل.

داخل مدينة شرم الشيخ
تحركت بجانبة داخل الأوتيل الشهير الذي إحتجز به قاسم جناح كاملا لأجل دلال أميرتة، وذلك قبل عقد قرانة على إيناس بثلاثة أيام حيث قرر أن يكون هذا بمثابة إعتذار على ما بدر منه في حقها وهو منساق بمنتهي الغباء
وقف أمام موظف الإستعلامات وبعدما إنتهي من ملئ جميع البيانات وأنهائة الإجراءت المطلوبة منهما، تحدث إلية الموظف ببشاشة وجه: نورتونا يا أفندم.

وتحدث إلى العامل: وصل الباشا ل Suite 1 4 يا حسين.
شكره وتحرك خلف العامل الذي يحمل حقائبهما، ومازال هو يحتضن كف يدها برعاية، دلف العامل وأدخل الحقائب وظل قاسم يقف خارج ينتظر خروج العامل،
خرج العامل وشكره قاسم بعدما أعطاه ورقة مالية من الفئة المتوسطة، وأنتظر حتى أختفي العامل من الرواق بأكملة تحت إستغراب صفا.

ثم وبدون مقدمات مال بجزعه وقام بحملها بين ساعدية القويتان ونظر لداخل عيناها وتحدث بغمزة وقحة أعجبتها: إنهاردة هتكون دخلتك اللي بجد يا عروسة.
وتحرك بها إلى الداخل تحت إنبهارها من تصرفه، ذهلت عيناها مما شاهدته أمامها، فقد أخبر قاسم سابقا إدارة الأوتيل بأنه حديثي الزواج ويريد حجز Suite خاص مجهز بكل ما يليق للإحتفال بليلة مميزة كليلة زفافه وعروسة.

كانت تتطلع حولها بإنبهار تام، نظرت إلى ورقات الورود بألوانها المتناسقة المنثورة بأرضية المكان بشكل يجذب البصر، وأيضا فوق التخت وكتبت إسميهما معا بعناية فائقة داخل رسمة قلب كبير.

والشموع ذات الروائح العطرية الموضوعة فوق المنضدة التي تتوسط الغرفة، ويوجد عليها أيضا سلة فواكة مليئة بالأنواع المختلفة المتنوعة، وبعض حبات الشيكولاتة المحببة لدي تلك العاشقة، وأيضا أنواع الحلوي الشرقية التي تعشقها هي بجانب عصير التفاح، مع تشغيل موسيقي ناعمة أدخلتهما في حالة مزاجية حسنة، حقا قد تفنن ذلك العاشق في إختيار جميع الأشياء التي تسعد قلب صغيرتة.

نظرت لداخل عيناه وتحدثت بعيون مغيمة بدموع فرحها: قاسم
أجابها وهو يقربها من صدره ويضمها إلية مداعب أنفه بأنفها: عيون قاسم وجلبة من جوة
لفت ذراعها حول عنقه تحتضنه مشددة من ضمتها الحنون وتحدثت بسعادة هائلة: كل ده عملته علشاني؟!
أنزل ساقيها وأوقفها بمقابلته بهدوء وأحاط وجنتيها بكفية وتحدث بنبرة نادمة متألمة: نفسي أمحي من جواكي ليلة دخلتنا واللي حصل فيها.

وأكمل بعيون متوسلة: إنسيها يا صفا علشان خاطري، عاوز ليلتنا دي تتحفر جوة ذكرياتك وتكون هي البداية، بداية السعادة وبداية حياتنا الحقيقية، نفسي أعيش معاك حياتي في راحة وهدوء وحب، نفسي أخلف منك ولاد كتير ونربيهم على الحب والتفاهم والحوار، وأكمل واعدا إياها: أوعدك إني من إنهاردة عمري ما هعمل أي حاجة تزعلك مني، هكون لك الزوج والعاشق والأخ والصديق الوفي، هكون لك فارس أحلامك اللي بيتمني إشارة واحدة منك ويسابق الزمن علشان يلبي الندي.

ثم ضمها لداخل أحضانة وشدد عليها وتحدث بتمني وهو مغمض العينان: بس إنت إوعديني إنك متبعديش عني يا صفا، إوعديني ما تسمحيش لأي حاجة حصلت في الماضي بإنها تنغص علينا وتوقفنا عن الإستمرار في حياتنا اللي حابين نبنيها مع بعض
كانت تستمع إلية بدموع منهمرة من مقلتيها بغزارة
وهل فيها أن تبتعد عن من عاشت حياتها بالكامل تتأمل نظرة رضا واحدة من عيناها؟

أيعقل أن تخرج من جنته التي كانت تغفو كل ليلة على أمل الدخول بها يوم.
أبعدته عن حضنها مضطرة وأجابته بدموع غزيرة: ياريت لو أجدر أعبر لك ولو بسيط عن اللي جوة في جلبي ليك يا قاسم، كنت هتعرف إن في بعدي عن جنتك موتي، وإن طلبك ده ملوش داعي لأن من المستحيل أفكر فيه مهما حصل.

وأكملت بدموع: أني عشت عمري كلة بأستني اللحظة اللي هتجف فيها جدامي وتعترف لي بحبك، معجولة بعد ما ربنا حجج لي أكتر من ما كنت بحلم، أسيبك؟
كيف أسيبك وأنت ضي عين صفا اللي عتشوف بيه يا حبيبي
هموت يا صفا لو سبتيني، والله هموت ومش هجدر أتحمل بعادك عن حضني، جملة قالها بعيون شبة دامعة وهو يترجاها بعيناه، مما جعلها تسحبه سريع إلى أحضانها وتربت علية بكف يدها ولمساتها الحنون التي تشعره بإستكانة روحه،.

تنفس عاليا كي ينظم أنفاسة ويعود إلى هدوئة، ثم أبعدها من داخل أحضانة وسحبها من كف يدها وتحرك بها ووقفا أمام المنضدة، مد يده وألتقط واحدة من حبات الشيكولاتة ونزع عنها غلافها، وأقتضم نصفها ثم وضع لها النصف الاخر بفمها، وما أن بدأت بمضغها حتى مال على شفتاها ليمتصها برغبة هائلة، وغاصا معا داخل ليلة تفنن في إذاقتها من عشقة المميز كي يجعلها ليلة مميزة محفورة داخل ذاكرتهما علها تمحي تلك الليلة السوداء التي عاشاها تحت ألم قلبيهما.

ليلا بالفيراندا داخل السرايا، حيث الجميع حاضرون حتى زيدان و ورد الذي دعتهما رسمية لحضور جلسة العائلة وإحتساء مشروب الشاي معهما
تحدثت نجاة متعمدة وجود الجميع كي تضع تلك المتهربة تحت الأمر الواقع: كان فية موضوع إكدة كنت محتاچة حكمك فية يا عمي.

نظر لها عتمان فاسترسلت حديثها بعدما سمح لها عتمان بالحديث: طبعا حضرتك عارف إني سافرت السبوع اللي فات أني ويزن وليلي وأم قاسم عند الحكيم اللي صفا جالت علية، وهو طلب منينا تحاليل وإشاعات بعد ما كشف عليها وعلى يزن، وجال نبجي نروح له بالتحليل لجل ما يفهمنا إية السبب اللي مانع الحبل لدلوك.

إرتعب داخل ليلي ونظرت مستنجدة بوالدتها، حين رمقت فايقة نجاة بنظرات مشتعلة وتحدثت بنبرة حادة وهي تتبادل نظرها بين زيدان و ورد: عيب جوي حديت خاص زي دي يتفتح وسط الأغراب يا أم يزن.
شعرت ورد بالحرج ووقفت سريع وتحدثت إلى رسمية: أني هروح على بيتي لجل ما أتصل على صفا وأطمن عليها يا مرت عمي
جاورها زيدان النهوض وتحدث بنبرة هادئة: وأني چاي معاك يا أم صفا.

كاد أن يتحركا حتى إستمعا إلى صوت عتمان الهادر الذي أردف بصياح أرعب فايقة: غرب مين اللي عتجصديهم بحديتك المايل دي يا واكلة ناسك إنت
كنك إتچنيتي ونسيتي حالك يا بت سنية
وتحدث إلى زيدان بنبرة عالية: إمسك يد مرتك وجعدها في عزك ودارك يا زيدان.

ودب بعصاه الأرض بحدة وتحدث إلى الجميع: ويكون في معلوم الچميع، من إنهاردة زيدان هيرچع بمرته دوار أبوة اللي إتحرم علية، هياچي هو ومرتة من صباحية ربنا ياكلوا ويعيشوا معانا إهني ويروحوا لدوارهم على النوم وبس
ونظر إلى ورد وأردف قائلا بنبرة صارمة غير قابلة للنقاش: سمعاني يا أم الدكتورة، من بكرة معايزش أكل غير من يدك، يعني تجومي من البدرية وتاجي تمسكي المطبخ وتشرفي على الحريم اللي هيشتغلوا إهني، مفهوم!

نظرت ورد إلى زيدان تترقب رد فعله، فأشار لها بعيناة بالموافقة فأومأت قائلة بطاعة: أني تحت أمرك في كل اللي تؤمر بية يا عمي.
اجابها بهدوء: تشكري وتعيشي يا بت الإصول
جلست ورد وزيدان من جديد ثم تحدث عثمان إلى قدري الجالس بقلب مستشاط بسبب رجوع زيدان إلى المنزل: عجل مرتك وعرفها حدودها في دواري زين يا قدري، بدل ما أجلب عليها وأوريها وش عتمان اللي لساتكم كلياتكم متعرفوش عنية حاچة.

إبتلعت فايقة لعابها وتحدثت بنبرة منكسرة، ترتجف من شدة هلعها: حضرتك فهمتني غلط وهنتني وأني مظلومة يا عمي
قاطعها عتمان قائلا بنبرة صارمة: بلاش لؤم الحريم دي عشان مهيخيلش على شيبتي يا فايقة، ودالوك خلي نچاة تكمل لجل منشوفك مهببه إية تاني، حكم أني خابرك زين، جرابك اللي كيف جراب الحاوي مهيخلاش من المصايب.

أكملت نجاة قائلة: دالوك يا عمي كان المفترض إن أبو قاسم وأم قاسم يچيبوا وياهم التحاليل إمبارح ونروح بيها للدكتور كلياتنا تاني،
وأكملت وهي تنظر لفايقة بضيق: بس أم قاسم جابتها وراحت بيها إمبارح للحكيم لحالها وجالت إنه جال لهم إن التحاليل زينة وكل اللي محتاچينه هو شوية وجت والحمل هيحصل لحاله.

واسترسلت حديثها بنبرة تشكيكية غاضبة: بس أني ممصدجاش حديتها دي وعاوزة تحاليل إبني اللي مرضياش تدهالي، وأني بنفسي اللي هوديها للحكيم وأشوف هيجول إية.
هتف قدري غاضب: متخلي بالك من حديتك زين يا نچاة، وإحنا هنكدبوا عليكي لية إن شاءالله؟
أجابه منتصر الغاضب: أومال مرتك مخبية التحاليل لية ومردياش توريهالنا يا قدري؟

كانت تستمع لتلك المناوشات بقلب مرتجف وجسد يرتعش وعيون تترقب الجميع بهلع، نظرت إلى يزن وجدته ينظر إليها بعيون حزينة، حقا هو متعاطف معها وحاول التقرب لها وأحتواء قلبها مرارا، لكنها دائما تجبره على النفور منها والإبتعاد بسبب تصرفاتها المخزية مع الجميع وقلبها الذي يحمل الكثير من الحقد والكرة الغير مبرر.

تحدثت الجدة بنبرة حادة إلى فايقة: وإنت مخبية التحاليل عنيها لية يا فايقة، الولية حجها تفرح وتشوف حتة عيل لولادها
تحدث عتمان إلى فايقة بنبرة حادة: هاتي التحاليل دالوك وأديها ليزن يا فايقة، وإنت يا يزن، خد مرتك وادلي على مصر وروح للحكيم وشوف هيجول لك إية عليها
تحدثت فايقة بنبرة قوية: إذا كان على التحاليل فأني هطلع أچيبها لكم حالا يا عمي،.

وأكملت بنبرة حزينة: بس اللول لازمن تعرفوا إية اللي فيها بالظبط، وإية اللي خلاني كاتمة على الخبر ومدارية وچعي وجهرتي جوات جلبي أني وچوزي وبتي من وجت ما روحنا بالتحاليل للدكتور وجال لنا على اللي فيها.
نظر لها الجميع بإرتياب وتحدثت هي بنبرة ضعيفة وهي تنظر إلى يزن قائلة بنبرة حزينة منكسرة: العيب طلع عند يزن يا عمي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة