قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

كانا يجلسان بجانب (تيام)الذى أنهى زرعته للتو وذهب ليحضر الماء كي يرويها، إبتسمت (أمنية)قائلة:
-بيحب الزرع زيك.
تنهدت (قمر)قائلة:
-وأكتر منى كمان تمام زي باباه.
قالت(أمنية):
-حقيقي فعلاً.
ثم طالعت (قمر)مردفة:
-مقولتليش ياقمر، هتعملى إيه مع أكرم؟
نظرت(قمر)للأمام قائلة:
-ولا أي حاجة. هحاول أتجنبه وخلاص، مش عايزة أديله فرصة يذلنى فيها أو يسمعنى كلام مش هقدر أتحمله.
لتزفر مردفة:.

-ولسة كمان لما مراته ترجع من السفر..
قاطعتها (امنية)قائلة:
-ماتت.
نظرت إليها (قمر)بحيرة فأردفت:
-مرات اكرم ماتت من خمس سنين وهي بتولد شمس، الدكاترة كانوا محذرينها من الحمل عشان حالتها الصحية بس هي صممت وحملت وماتت وهي بتولدها، المسكينة مشافتش أمها خالص.

عاد (تيام)فى تلك اللحظة فأشارت لها(قمر)بعدم الخوض فى هذا الحديث، لتطمئنها( أمنية) بعينيها أنها لن تفعل. سمعوا صوت(سارة)وهي تنادى (تيام)فإستداروا بوجوههم تجاه الصوت لتظهر أمامهم وهي تمسك بيدها الصغيرة(شمس)، تتجه الأخيرة نحوهم بإبتسامة خجولة حتى صارا أمامهم تماما، لتقول (سارة):
-أنا قلت لشمس إن تيام بيزرع وردة جديدة وهي حابة تشوفه.
إبتسمت (قمر)قائلة:
-تنورنا طبعا...
قاطعها صوت الصغير وهو يقول بثبات:.

-باباكِ موافق دلوقتى نكون أصحاب؟
رمقت (قمر)(أمنية)بتوتر وهي تلاحظ نبرة صغيرها الجافة، بينما أجابت (شمس)قائلة:
-بابا عودنى دايما أفكر بنفسى. هو مقالش ليه مش ممكن نكون أصحاب ومادام ماأقنعنيش يبقى من حقى أوافق او أرفض، وأنا حابة نكون أصحاب ياتيام زيك انت وسارة بالظبط.

للحظات ظل (تيام) يرمقها بثبات، بينما تفرك فستانها بيدها ورغما عنها تضغط على يد صديقتها الجديدة التى رمقت صديقها بتحذير، لتلين ملامحه وهو يبتسم قائلا:
-طيب تعالوا أقعدوا، أنا زرعت واحدة ولسة التانية هتحبوها اوى.
تقدموا جالسين بملامح سعيدة، بينما رمقت(قمر)(أمنية)بنظرة إرتياح.
قالت (أمنية)بحنق:
-مستحيل طبعا أوافق، هو قاصد يعزمنا على الغدا عشان يِذِلك قدامنا.
أمسكت (قمر)يدها قائلة بهدوء:.

-من فضلك تهدى ياأمنية ده شيء متوقع منه. ياستى أنا مش متضايقة وهعتبر إنى عازماكِ انتى وجوزك وبقدملكم الأكل بنفسى.
قالت (أمنية):
-أيوة بس...
قاطعتها (قمر)قائلة:
-زي ما بقولك ياأمنية، تخيلى انى عازماكم وإمسكى أعصابك لإن هو قاصد يستفزك. متديلوش الفرصة، إسبقينى يلا وأنا هحصلكم.

طالعتها (أمنية) للحظات قبل أن تهز رأسها بقلة حيلة وتغادر المطبخ تتابعها (قمر)بعينيها، لا يهمها أن تقدم لهم الطعام كخادمة فستعتبر حقا أنها تقدمه لصديقتها ولكن ماتخشاه ان يحاول إذلالها أكثر أمامهم بتوبيخها على أي شيء، فهذا الأكرم قادر على أن يصل لأقسى درجات القسوة معها وهي لا تظن أن لديها القدرة على إحتمال ذلك ولكنها ستبذل قُصارى جهدها لتفعل من اجل طفلها، (تيام).

وضعت بولات المرق أمامهم بهدوء، تشعر بظهرها يحترق من نظرات الرجل الذى يقبع خلفها جالسا، أصابها التوتر ولكنها تمالكت نفسها وهي تتجه إليه وتضع بولة المرق خاصته أمامه، ليقول بصوت بارد:
-فين المناديل؟
قالت بهدوء:
-هجيبهم حالا.
قال بسخرية:
-هم معلموكيش إن المناديل بتتحط أول حاجة على السفرة؟!
كادت (أمنية)أن تتحدث ولكن (قمر)اشارت لها بعينيها أن تصمت وهي تقول:.

-علمونى طبعا الحقيقة هو غلط مش مقصود ومش هيتكرر بإذن الله.
قال بسخرية:
-اما نشوف.
قالت:
-تؤمرنى بحاجة تانية؟
قال متجهماً:
-لأ. روحى شوفى شغلك.
إستدارت لتغادر فإستوقفها قائلا:
-إستنى. شوفى الضيوف لو محتاجين حاجة، مدام أمنية مبتاكليش ليه؟
قالت(أمنية)ببرود:.

-مليش نفس، الحقيقة أنا قاعدة معاكم على السفرة مجاملة مش أكتر لكن انا إتغديت مع قمر، كانت عاملة بامية تجنن مقدرتش أقاومها، إنت عارف ياأستاذ اكرم بحب أكلها قد إيه، وانت كمان كنت بتحبه زيي. مش كدة، تحب أخليها تجيبلك طبق؟
اتسعت عينا (قمر) بصدمة بينما حانت من(أكرم) نظرة متجهمة تجاهها فشعرت فى تلك اللحظة بأنفاسها تختنق، خاصة وهو يعود بنظراته إلى (أمنية)قائلا ببرود:.

-مبقتش أحب البامية، لما بعدت عن المزرعة كرهت كل حاجة بتفكرنى بيها.
ليعود بنظراته إلى( قمر )قائلا:
-كل حاجة.
إستدارت (قمر)مغادرة بصمت، بينما (أمنية)تقول بحنق:
-ولما إنت بتكرهها قوى كدة، رجعتلها ليه؟
تقصدين المزرعة، أم تقصدين صديقتك، (قمر)؟
حاول (صادق)تلطيف الأجواء قائلا بمزاح:
-اللى بيشرب من نيلها لازم يرجعلها ويغنيلها، وده شرب من نيلها وإستحمى فيه كمان.

طالعته(أمنية)بحنق فشعر بالتوتر، بينما قال(أكرم)ببرود:
-اللى رجعنى هو حقى فيها، هى ملكى من يوم ماإتخلقت صحيح دنّسها اللى قبلى لكنى مصمم أوشمها بإسمى وأخليها ملك أكرم الصياد.
قالت(أمنية)بحنق:
-إحنا بنتكلم دلوقتى على المزرعة ولا قمر ياأكرم بيه؟
قال (صادق)بحدة:
-أمنية!
قال(اكرم )بهدوء:
-سيبها ياصادق. مدام امنية بتسأل سؤال أكيد بيدور فى دماغ الكل.
لينظر إلى (أمنية)قائلا بابتسامة باردة:.

-أكيد بتكلم عن المزرعة يامدام أمنية، قمر خدامة عندى وعمرها ماهتكون أكتر من كدة.
نهضت (أمنية)فجأة فأمسك (صادق)يدها يقول:
-رايحة فين؟
نفضت يده قائلة بحنق:
-هروح أشرب مية، حاسة بحاجة واقفة فى زورى.
أشار لكوب الماء قائلا:
-ما المية قدامك أهى.
طالعته بحنق قائلة:
-مش هتتبلع أصل الجو يخنق هنا. عن إذنكم.

ثم سارت مغادرة بإتجاه المطبخ، بينما نظر (صادق)ل(أكرم)نظرة ذات مغزى، فأشاح(أكرم)بنظره عنه متجهما وقد شعر حقا بشيء فى قلبه، كغِصة حاول نفضها ولكنه فى النهاية، لم يستطع.

كانت تجلس على طاولة المطبخ الصغيرة، مطرقة الرأس تنهمر دموعها بينما تجلس (سعاد)جوارها تربت على يدها بحنان تطالبها بالتوقف عن البكاء، وما إن رأت (أمنية)حتى نهضت تفسح لها مكانا للتدخل ومواساة سيدتها التى لم تراها قط تبكى هكذا حتى عند وفاة زوجها، ظلت صامدة ولم تنهمر دموعها قط، جلست (أمنية)جوار(قمر)قائلة:.

-أهو ده اللى كنت خايفة منه وحذرتك بسببه، مش قلتيلى إمسكى أعصابك ياأمنية وإنه شيء متوقع منه، مش قلتيلى إنك مش متضايقة وهتعتبرى نفسك عازمانا. ضعفتى ليه؟
رفعت (قمر)وجهها إليها قائلة من وسط دموعها:
-غصب عنى عمرى ماكنت أتصور إن توصل بيه القسوة للدرجة دى.
قالت (أمنية):.

-وأكتر من كدة كمان. إحساسي كمان بيقول ان اللى جاي هيكون أسوأ إنتِ نسيتى أكرم عمل معاكِ إيه؟خدعك بإسم الحب وبعدين إتخلى عنك لما باباكِ قاله إنه هيحرمك من الميراث، ودلوقتى راجع عشان ينتقم منك بسبب أمه اللى ماتت غدر، تفتكرى ممكن يكون عامل إزاي فى إنتقامه؟طبيعى يكون وحش معندوش ضمير، بس إنتِ كمان مينفعش تسكتى. إنتِ مش قمر الضعيفة اللى ممكن تقبل بذُله وتسكت من غير مايكون لها رد فعل، إنتِ قمر الجمال بنت الأكابر اللى ليها علاقات كتير وقادرة بعلاقاتها تلاقيلها حل.

عقدت(قمر) حاجبيها قائلة:
-قصدك إيه؟
قالت(أمنية):
-إشترى حريتك بأي تمن ياقمر.
قالت(قمر)بمرارة:
-لو كنت قادرة أشترى حريتي كنت حافظت على المزرعة، محدش لجأتله إلا وكان طمعان فية.
قالت(أمنية):
-إختارى واحد فيهم وإتجوزيه، على الأقل مش هتعيشى معاه بالشكل ده، حياتك هتكون أفضل بكتير.
نهضت (قمر)قائلة بجزع:.

-لأ طبعا مش ممكن أعمل كدة. مش ممكن أتجوز تانى، لو مش عشان تيام يبقى عشانى أنا، كفاية علية جوازة واحدة دُقت فيها المر وقاسيت فيها الويل، إنتى متعرفيش يعنى إيه واحد يقرب منك وإنتى مبتحبيهوش، بتتمنى وقتها لو كنتِ جثة عشان متحسيش بالمشاعر اللى انا حسيتها سنين ياأمنية، أنا مستحيل أعيد التجربة وأتجوز تانى ولو كان التمن حياتي أو حريتي وقتها الموت او السجن هيكون أرحم بكتير.

طالعتها (أمنية)بشفقة وقد صمتت لا تدرى ماذا تقول بينما هناك من وقف بالخارج يقبض على يده بقوة وقد إستمع إلى جملتها الأخيرة فقط، وجد نفسه رغما عنه لا يتخيلها زوجة لآخر مجددا، لقد ظن فى غربته رغم حنين الذكريات الذى كان يراوده دوما أنها لم تعد تهمه كإمرأة وأن ذكرياته لا تفارقه بسبب كونها حبه الأول الذى لا ننساه مهما مرت بنا السنون. يظل ذكرى عالقة بالأذهان، ولكن إتضح الآن أنها لم تكن ذكرى فقط بل كانت بقايا مشاعر حملها لها فى قلبه دوما، تصرخ به رافضة تخيلها مع رجل آخر، سيحول دون ذلك بأي طريقة كانت لتقسوا عينيه وهو يقسم على ذلك.

قالت(رجاء)بحنق:
-والله ياقمر الحياة من غيركم وحشة قوى، لدرجة إنى ندمانة إنى مشيت وسيبتكم.
قالت(قمر)بحنان:
-انتى كمان وحشتينا أوى يارورو.
قالت(رجاء)بلهفة:
-طب ماإحنا فيها أهو، إهربى إنتِ وتيام وتعالولى.
زفرت(قمر)قائلة:
-متعودتش أهرب من مشاكلى، وحتى لو حبيت مش هينفع، أكرم راجع ومش ناوى يتنازل عن حقه.
قالت(رجاء) بحقد:
-هو لسة بيعاملك وحش؟
قالت (قمر):
-عزم أمنية وجوزها النهاردة عشان يذلنى قدامهم.

قالت(رجاء)بصدمة:
-الندل الحقير، وإنتى عملتى إيه؟
قالت(قمر):
-هعمل إيه يعنى؟سيبك منى وقوليلى. طنط سوزان عاملة معاكى إيه؟
قالت(رجاء)بحنق:
-زي ماهى آخدة بالها منى وقاعدالى على الواحدة، طول عمرها مبطيقنيش عارفة إنى أحلى منها وعقلى أكبر منها كمان، دى مبوظة الدنيا خالص مع بناتها وبحاول أصلح على قد ماأقدر.

إبتسمت(قمر)تدرك تلك الغيرة القديمة بين خالتها وزوجة ابن خال الأخيرة، كانتا صديقتين. فإنتهت الصداقة على مايبدو حين تزوجت(سوزان)بابن الخال، وتعلم ايضا رغبة خالتها الدائمة فى التدخل فى الأمور ومحاولة تقويمها حسب ماتقول وأنه قد يصعب على الكثير تقبل ذلك، تدرك نية خالتها الطيبة ولكنها بالتأكيد فى غير محلها.
أفاقت من أفكارها على صوت(رجاء)وهي تقول:
-روحتى فين ياقمر؟
قالت(قمر):
-معاكى يارورو، هروح فين بس؟

قالت(رجاء):
-طب إدينى تيام أكلمه.
قالت(قمر):
-نام دلوقتى. بكرة هخليه يكلمك، إحكيلى شوية عن إسكندرية أصلها وحشتنى.
إنطلقت(رجاء)تحكى لها عن المدينة وكم تغيرت، بينما أغمضت (قمر)عيونها تحاول أن تتخيل نفسها هناك، بعيدة كل البعد عن المزرعة وتلك المشاعر العاتية التى تعتريها هنا، ما بين العذاب والحنين.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة