قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

رواية غرامة غدر للكاتبة شاهندة الفصل السابع عشر

وضعت (قمر)الهاتف مابين عضديها وهي تمنح (تيام)ملعقة الدواء قائلة:
-آه والله ياامنية. زي مابقولك كدة بالظبط، خَدنا على بيت المزرعة لغاية مايظبطوا الكوخ من تانى. افتح بقك كويس ياتيام.
منحته الدواء ثم اعتدلت وهى تربت على رأسه بحنان، ثم تنهض من مكانها وتتجه إلى الشرفة تسمع (أمنية )تقول:
-أقطع دراعى ان ما كان أكرم لسة بيحبك ياقمر.
قالت (قمر):.

-انتِ اتجننتى؟بيحبنى إيه بس؟كل الحكاية انه حب تيام واتعلق بيه وده اللى خلاه سمحلنا بالقعاد هنا، انتى لو شفتى بيعامله ازاي.
قالت(امنية)بحيرة:
-ودى حاجة تزعلك ياقمر؟
وضعت(قمر)يدها على السور وتنهدت قائلة:
-لأ طبعا متزعلنيش بس فى نفس الوقت تقلقنى.
قالت(أمنية):
-ليه طيب؟
قالت قمر بحنق:
-يعنى مش عارفة ليه ياأمنية؟
لتزفر مردفة:.

-عموما أنا مش عايزاه يقرب منى تانى أو يقرب من إبني، عايزة أقطع كل حاجة بينى وبينه لانى اكتشفت انى ضعيفة قوى من ناحيته ومشاعرى لسة متعلقة بيه وهو زى ماهو. لا حبنى ولا عمره هيحبنى، كنت سِلم زمان عشان يوصل للى هو عايزه ودلوقتى بقيت واحدة بينتقم منها وبس. وفى وسط ده كله أنا متعلقة لا قادرة أكرهه ولا عارفة أبطل أحبه، قربه من تيام خطر علية وعليه وبعادنا عنه هو الخطوة السليمة اللى مش قادرة أنفذها، نفسى آخد ابنى واهرب من هنا بس عارفة انه هيدور علية، أكرم عارف عنى كل حاجة وكمان بقت ايديه واصلة. يعنى مسألة وقت قبل ما يوصلى وساعتها هيفرق بينى وبين تيام.

تنهدت(أمنية)قائلة:
-طب والعمل هتفضلى فى العذاب ده لحد امتى؟
قالت:
-لحد ماربك يفرجها.
طرقات على الباب جعلتها تقول:
-اقفلى دلوقتى الظاهر جه.
قالت( امنية):
-طيب سلام. سلام.
أغلقت(قمر)الهاتف بينما رأته يدلف إلى الحجرة بطلته الرائعة تلك التى تسلبها خفقاتها. خاصة وهو يبتسم للصغير قائلا:
-ازيك دلوقتى عامل ايه ياتيام؟
هز (تيام)رأسه قائلا:
-بخير الحمد لله.

دلفت(قمر)إلى الحجرة فى ذلك الوقت فتعلقت عيناه بها تمر على تفاصيلها قبل ان ينتبه لنفسه مشيحا عنها بوجهه وموجها الحديث ل(تيام) قائلا:
-شمس كانت مصممة تيجى تلعب معاك بس أنا أجلت اللعب لحد ماتبقى كويس بجد.
قال(تيام):
-انا كويس صدقنى وياريت تبقى تسمحلها تيجى تقعد معايا، ماما بتنزل الشغل وببقى قاعد فترة كبيرة لوحدى.

هذا الطفل بالتاكيد يشعر بالوحدة، يشبهه كثيرا حين كان صغيرا مثله، لا أهل ولا اصدقاء ولا عائلة. فقط هو حتى دلفت هى الى حياته.
نحى ذكرياته جانبا وهو يقول:
-انت عندك ربو من امتى ياتيام؟
شعرت (قمر)بالتوتر وهو يتطرق الى هذا الموضوع تسمع (تيام)يقول:
-ماما قالتلى انى مولود بيه وانى لازم آخد بالى من صحتى لان أزمة ربو ممكن تموتنى.
قال(أكرم) بحنان:.

-ماما عندها حق. لازم تاخد بالك من نفسك فعلا ولو عملت كدة هتبقى زى الفل.
ليخرج من جيبه منشقة إغاثة مردفا:
-الجهاز ده ميفارقش جيبك أبدا لانه بالنسبة لك حياة.
ناوله إياه وهو يخرج من جيبه الآخر منشقة إغاثة اكبر قليلا مردفا:
-زى ماجهازى مابيفارقش جيبي أبدا.
اتسعت عينا(تيام)قائلا:
-انت عندك ربو زيي؟!
هز (أكرم)راسه قائلا بابتسامة:.

-عندى. كانت زيك فى الأول كدة وأنا صغير. نوبة أو اتنين فى الأسبوع ومع العلاج بقت نوبة كل شهر ودلوقتى مبتجليش غير لما أتعصب قوى او أشم ريحة دخان جامدة زي اللى انت شميتها دى.
قال(تيام):
-وانت لما أنقذتنى مخفتش من الدخان يأثر عليك.
قال(اكرم) وهو يهز رأسه نفيا:
-لأ مخفتش. لما تكون حياة حد فى خطر وقتها لازم نمدله ايد المساعدة لاننا لو فكرنا فى نفسنا عمرنا ماهنساعد حد ياتيام.

قال(تيام)وقد اعتلت وجهه نظرة اعجاب قائلا:
-انت مختلف اوى عن بابا ياآنكل.
نهرته (قمر)قائلة:
-تيام!
صمت (تيام)واطرق برأسه فربت (اكرم)على يده قائلا:
-همشى دلوقتى وابعتلك شمس تسليك لإنى عايز ماما فى كلمتين.

رفع(تيام)إليه عيون ممتنة امتزجت بالحزن فى نظرة أذابت قلبه وجعلته يتعلق أكثر بهذا الصغير الذى رأى فيه نفسه، كما رأى نفسه فى (فارس)ولكن هذا الصغير يمتلك قلبا حساسا ونفسا رقيقة تذكره بما كانت عليه(قمر)قبل ان يكتشف أنها مخادعة.
نهض بهدوء واستدار مغادرا ولكنه توقف دون أن يلتفت إليها قائلا ببرود:
-حصلينى على المكتب.

ثم غادر بخطوات سريعة بينما ظلت هى ساهمة واجمة، فمنذ أن قال أنه يريدها فى حديث خاص وهى ترتجف، تتساءل عن مبتغاه الذى تدرك أنه بالتأكيد ليس فى صالحها ولكنها مُجبرة على الانصياع له حتى فرج قريب، لذا فقد ألقت لطفلها نظرة حانية قبل أن تتبع (أكرم)بقلب مرتعش.
دلفت إلى المكتب بخطى ثابتة وهى تتطلع إلى الذى رمقها بثبات بدوره لتتوقف أمامه قائلة:
-خير يااكرم بيه.
قال بهدوء وهو يفتح زر سترته جالسا:
-اقعدى ياقمر.

قالت:
-انا كدة مرتاحة.
قال بنبرة صارمة:
-قلتلك اقعدى.
جلست بحنق تطالعه بينما اردف هو قائلا:
-الحاج فاضل وبنته وابن اخوه جايين يتغدوا معايا بكرة.
قالت بهدوء:
-تحب نحضرلهم ايه على الغدا؟
قال بحنق:
-انا مش نادهلك عشان الأكل، انا عايز أخطبك.
نهضت كالملسوعة تواجهه بملامح اعتلتها الصدمة قائلة:
-انت اتجننت؟!
نهض وامسك ذراعها بقسوة قائلا:
-احترمى نفسك وخدى بالك من كلامك.

ظهر الألم على وجهها فترك ذراعها على الفور وهو يلاحظ تلك العلامات التى تركتها أصابعه على ذراعها البيضاء، ليقول بحنق:
-الخطوبة مش بجد. كدة وكدة يعنى. قدام هند وباباها.
شعرت بالغضب وهى تقول:
-ممكن اعرف سبب التمثيلية دى؟
قال بهدوء:
-زي ماشفتى هند بتحبنى وانا عايز أبعدها عنى، حاولت بحجة انى بحب واحدة تانية لكن هى مااقتنعتش ومصممة تتجوزنى.
قالت(قمر)بسخرية رغم تلك الغصة التى اعتصرت قلبها:.

-وليه رافض الجواز منها؟دى بتحبك من زمان قوى وبصراحة شبهك. يعنى لايقين على بعض قوى.
تجاهل الشِق الأخير من جملتها وهو يستشعر بعض الغيرة فى نبراتها أصابته بالتسلية قائلا:
-لو على اللى بيحبونى فكتير وهند مش اول واحدة ولا هتكون آخر واحدة.
استشاطت غيظا بينما يردف:
-المشكلة مش فى انها بتحبنى، المشكلة فى ان باباها عايز يجوزها ابن عمها ولو محصلش هيتضايق جدا وممكن يتعب وأنا ميرضنيش تعبه.

قالت رغم الالم فى قلبها:
-وليه يتضايق؟عم فاضل بيحبك جدا واكيد بعد اللى وصلتله هتكون فرصة اكبر من مناسبة لبنته.
مال يقترب منها حتى لفحتها انفاسه الساخنة وهو يقول:
-عندى احساس انك عايزة تخلصى منى بالجواز.
تراجعت برأسها تطالعه بحنق، فابتسم ساخرا وهو يعتدل قائلا:
-عموما. انا مبحبهاش وبحب واحدة تانية فعلا.
قالت بنفاذ صبر:
-ولما انت بتحب واحدة تانية متخليها تيجى وتكون مكانى خطيبة ليك قدامهم.

سار باتجاه المكتب قائلا بسخرية:
-هيحصل بس مع الأسف مش دلوقتى لان وراها شغل برة ولسة مخلصتوش.
اذا هو يحب فتاة اوربية على الارجح او ربما من اصول عربية وتعيش بالخارج، لا يهم. المهم هو هذا الألم فى قلبها والذى يخبرها مرارا وتكرارا أنها مازالت، تحبه.
رفعت إليه عيون باردة وهى تقول:
-والتمثيلية دى قدامها قد ايه؟
قال بهدوء:
-معلش تعالى على نفسك ياقمر هانم كل الموضوع شهر بالكتير.
هزت رأسها ثم قالت:.

-فيه حاجة تانية ولا أقدر أمشى.
أشار لها بالذهاب فغادرت قبل ان يجلس هو على مقعده ويظهر على ملامحه التفكير.

تعالى صوت شجار يأتى من الشارع، تناهى إلى مسامعها إسمان جعلاها تهرع إلى النافذة وقلبها يتوجس خيفة أن يكون احد طرفى الشجار هو (فارس)ابن زوجها (صادق)لتتاكد مخاوفها بالفعل وهى تراه يصارع (عصام) الولد الشقي والذى يفتعل المشاكل مع كل أولاد الحي كانوا يتبادلون اللكمات بينما تجمهر الناس حولهم لا أحد منهم يحاول فض النزاع أبدا يخشون اجرام الصبي، أسرعت تسحب هاتفها وتتصل ب(صادق )تخبره بما يحدث وهى تخرج من الشقة تهبط الدرج بسرعة، أجابها (صادق)وامرها أن تظل بمكانها ولا تتدخل مطلقا بينما هو قريب من المنزل سيتصرف ويفض نزاعهم بنفسه، لم تستطع (أمنية)الامتثال لأوامره تخشى ان يصيب (فارس)مكروه ولا احد إلى جانبه فى مقابل هذا الولد سيئ السمعة، اقتربت منهما بينما يشهر (عصام)سلاح أبيض فشهق جمهور المشاهدين للحدث وهو يهاجم (فارس)، أسرعت (أمنية)وأمسكت بخشبة وجدتها فى طريقها لتضرب يد (عصام)بها فوقع السلاح من يده وهو يمسك يده بألم، أسرعت هى إلى(فارس)تقول بلهفة:.

-انت كويس؟
أجابها من بين أنفاسه المتسارعة:
-أنا كويس، صدقينى أنا معملتش حاجة هو اللى..
قاطعته قائلة:
-عارفة، المهم انك بخير.
ثم استدارت تواجه الجموع قائلة بغضب:
-لحد امتى هتفضلوا ساكتين عليه؟لحد مايموت حد من ولادكم، ساعتها بس هتتحركوا مش كدة؟
أطرقت بعض الرءوس خجلا، بينما قال أحدهم:
-وهنعمل ايه بس يامدام؟نبلغ عنه وبعدين يخرجوه اهله وينتقم مننا فى ولادنا.
قالت بحزم:.

-كدة كدة ولادنا فى خطر، بس لازم نعلمهم ميسكتوش عن الظلم ويطاطوا راسهم ويخافوا، واننا نموت واحنا بندافع عن الحق أحسن مانعيش والجبن مالى قلوبنا وكأننا مش عايشين أساسا.
تعالى صوت تحذير احد السيدات وهي تقول بجزع:
-حاسبى يابنتى.

شعرت (أمنية)بألم حاد فى ظهرها قبل أن تسود الدنيا امام عينيها وتقع مغشيا عليها وقد طعنها (عصام)بسلاحه فى ظهرها، بينما هرع إليها (فارس)يصرخ بإسمها والدموع تغمر وجهه يطالبها بأن تفتح عيونها، يتوسل إليها ألا ترحل كما رحلت أمه، ثارت الدماء فى عروق بعض الرجال الذين تأثروا مما حدث واقتنعوا بكلماتها ليهجموا عليه هجمة رجل واحد ويكبلوه ساحبين منه السلاح ومطالبين المشاهدين بصمت الاتصال بالشرطة والاسعاف، ليصل (صادق)فى تلك اللحظة وتتسع عيونه بقوة وهو يرى مايحدث تتعلق روحه بصورة زوجته المسجية أرضا مُدرجة فى دمائها يحتضن (فارس)يدها بضعف ويناديها بدموع وصوت مذبوح، ليشعر فى تلك اللحظة بالضعف وأنه على وشك الموت حقا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة