قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل التاسع

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل التاسع

رواية عندما شهدت مقتل أبي الجزء الثاني للكاتبة أفنان الفصل التاسع

نظرتُ إلى الكتاب وإلى قفل الأرقام وأنا أحاول تذكر ما قد يكون كلمة السر الخاصة بوالدي، هل هو يوم ميلادي؟، جربتُ التاريخ ولم ينفع ذلك، هل هو يوم ميلاد والدتي؟، هل هو ذكرى زواجهما؟ أم هو تاريخ ميلاده هو، لم تفلح جميع هذه التوقعات.
علي أن أفكّر أكثر قلتها وانا انظر إلى الرئيس ريك الذي ابتسم.
حسناَ، فكّري، وعندما تكونين مستعدة عودي لزيارتي أخذ الرئيس ريك فناجين الشاي وفهمت من ذلك بأن زيارتي انتهت.

أومأت ووقفت ودون أن أعرف كيف، فُتح باب البيت وظهرت عسكرية ويبدو بأنها هنا لترافقني إلى الخارج، لم يطلبها الرئيس ولم يتصل بأحد حتى، نظرت إلى العسكرية بتعجب، كانت العسكرية ذات شعر أسود ناعم سواده أشد من سواد الفحم، بشرتها البيضاء الصافية ذكرتني ببشرة والدتي التي كنت دوماَ أحسدها، وشفتيها حمراوتان كالكرز الذي يتربع قمة كعكة فانيلا بيضاء، انسحرت بجمالها.

تفضلي قالتها بنبرة باردة وتبعتها. لم ينظر نحوها الرئيس ريك حتى وقد انبهرت بذلك، هذه العسكرية تحمل جمالاَ لم أر مثيلاَ له، كيف للرئيس ريك ان يلتفت لي وان أشد ناظريه ولا تشد ناظريه هذه العسكرية. مشيتُ بجانب العسكرية وانا انظر إلى المكان المليء بالعساكر، ثم خرجنا من المبنى.

اسمي لانا، اضغطي الزر الاحمر على باب المبنى عندما تحضرين وسأخرج لكِ، تستطيعين زيارة الرئيس فقط الساعة الثانية ظهراَ ولن ينفتح لكِ هذا الباب في اي وقت قبل او بعد الساعة الثانية. تتوجه العسكرية إلى سيارة رباعية الدفع بنية اللون وتبعتها.
كان الصمت بيننا في السيارة ثقيلاَ ولم أحتمله، نظرتُ نحوها وقررت البدء بمحادثة، قد أستطيع أن أكسبها في صفي، نجحتُ سابقاَ مع قيس وصديقه، قد انجح مجدداَ.

اذاَ منذ متى تعملين لدى الرئيس ريك سألت وانا ابتسم ابتسامة مجاملة.
نحن لا نعمل لدى أحد، نحن نعمل لدى الحكومة الواحدة، يبدو أنكِ نسيتي ذلك
لستُ جندية لذا لا اعرف
كونكِ خائنة، لا اتوقع منكِ ان تعرفي قوانيننا جيداَ
الجميع يعرف بأنني خائنة؟ ها؟ أصبح هذا الصيت المنتشر عني؟ ضحكت وانا احاول تلطيف الجو ولكن لانا نظرت باتجاهي بتجهم وتوقفت عن الضحك.

أبهرني جمالكِ يا لانا. هل أخبركِ احد ذلك من قبل؟ سألتها وانا احاول ان استشف ردة فعل في وجهها.
نعم، أحد الضوئيين الذي قبضنا عليه، قال سبحان الاله الذي خلق جمالاَ مثل جمالك
وماذا حدث؟ هل اخجلكِ ما قاله؟ قلت وانا اشعر بأننا سندخل مرحلة الصداقة قريباَ.
قالها قبل ان نخرجه من السجن، أعدمناه في نفس اليوم قالت لانا ببرود تام، وشعرتُ بالارتباك، ولكنني لم أرد الاستسلام.

ولكنكِ تذكرتي ما قاله. لذا لا بد وان ما قاله أثر بكِ قليلاَ
تعلمين بأننا نحب الجمال أيضاَ، قد لا نسمح لأعيننا بالتحكّم بما نشعر به ولكنني الاحظ رجلاَ وسيماَ، والرجل يلاحظ جمالي. ولكننا على عكسكم لا نحكم على الشخص من شكله الخارجي قالتها بفخر، ولولا انني اعرف حقيقة ما تقصده، قد يبدو ما تقوله جميلاَ وشاعرياَ.

بل من الاحصائيات الخاصة به، ينتمي لأي حزب. يعمل في اي تجارة. تاريخه الطبي. وهكذا قلتها متهكمة ولكن لانا لم تفهم نبرة التهكم، فأومأت.

بالطبع، لن أرتبط برجل من حزب الرمل، الذي يعمل فقط في مجال البناء، لو كان أجمل رجال العالم. بل سأرتبط بعسكري مثلي او بضابط. أو رجل من الحزب الابيض الذين يبيعون الماس. ولن ارتبط برجل ذات تاريخ عائلي طبي سيء، قالتها وهنا جميع معالم جمالها قد اختفت من عيناي، ولم اعد منبهرة بجمالها، فقد رأيت بشاعة روحها هذه تطغى على كل ملامح وجهها.

بقيتُ وحيدة بقية اليوم، وأنا أفكر بطريقة لاستعادة قيس، ولاخراج آدم من المصح، وللكشف عن كلمة السر التي طلبها الرئيس ريك أيضاَ. دوّنت جميع الاحتمالات على ورقة، جميع التواريخ المهمة التي تذكرتها والارقام المهمة، ثم بقيتَ الليل بأكمله أحاول تذكّر أسماء وأماكن حزب المضيئين، رغم أنني قد لا اوافق على الأسلوب العنيف الذي اتخذوه آخر مرة، إلا انني شعرتُ بأنهم الوحيدون القادرون على اخراجنا من هذا المأزق.

وجدتٌ نفسي أكتب اسم بدر، بدر صديق الطفولة الذي كنت أعشقه بجنون ولكنه انضم إلى حزب المضيئين، ثم حاول جذبي للانضمام إليهم أيضاَ، وقد نجح في ذلك، ولكن حدثت أمور كثيرة غير مفهومة ولم أستطع أن أحكم عن دور بدر في هذه الأمور، بدر كان من أعز الاصدقاء لعدنان وهو عسكري أيضاَ. هل كانت صدفة تواجد بدر في حزب المضيئين؟ وقبض عدنان على هذا الحزب وقتل قائدهم وجميع من أعرفهم؟ هل هي صدفة أن يوصلني بدر إلى سفينة للهرب وأن يتركني وقيس نهرب ولكن في نفس الليلة يتم الكشف عن هويتنا ومحاولة قتلنا؟ ما دور بدر في كل ذلك؟ ولماذا لم يزرني؟ أو يتصل بي؟

أمي كانت جاسوسة لدى الجيش، وهي من أوقعت بوالدي وبي، فكيف لا يمكن لبدر أن يكون هو الآخر جاسوس؟
شعرتُ بالهلع وأنا أفكر في هذه الاحتمالات فطيرة تفاح هذا ما شعرتٌ بأنني بحاجة إليه الآن، وصناعته ستريح دماغي الذي لم يتوقف عن التفكير بنظريات، وستريح معدتي الجائعة أيضا. َ.

في الصباح الباكر، والبرد القارس يتبوأ كل جزء من البيت، أشعلت المدفأة الالكترونية وارتديت قلنسوة صوفية، بدت السماء رمادية والغيوم التي كست السماء كقطن متناثر مبلل أنبأتني باحتمال هطول المطر اليوم.
جلست لأكتب الاحتمالات وأنا آكل فطيرة التفاحة التي صنعتها الليلة الماضية، وفجأة سمعت طرق باب.

فتحت الباب لأجد أمامي آدم والرئيس ريك ومعه قيس بثيابه العسكرية، أغلقت الباب فوراَ، ركضتُ إلى الغرفة وقمت بتسريح شعري ثم وضع بعض مساحيق التجميل والعطر، ثم ركضتٌ عائدة.
فتحت الباب مجدداَ لأجد الرئيس ريك وقيس في حالة استغراب ودهشة، آدم كان يضحك كعادته. آسفة ذهبت لغسل وجهي. كنت نائمة قلتها بارتباك ولم استطع منع نفسي من النظر إلى قيس الذي بدا شديد الوسامة.

جلسنا جميعاَ في غرفة الجلوس ووضعت فطيرة التفاح على الطاولة، كان آدم يلتهم الفطيرة وكأن الفطيرة ستهرب من الصحن في أي وقت. نظرنا جميعاَ إلى آدم بارتباك وصوت قضمه للطعام وصوت دق ملعقته بالصحن قد قطعت جميع السبل لتنظيم افكارنا، ومحاولة التحدث في امر ما، نظر قيس إلى آدم منزعجاَ منه ثم سحب الصحن منه فجأة.
تباَ لك ماذا تفعل؟ صرخ آدم.

لقد طلبت جوهرة رؤيتك. وانت لم تشح وجهك عن الفطيرة، استقم في جلستك وانظر اليها يا فتى قالها قيس بصرامة.
فتى؟، انت تكبرني بسنة فقط يا رجل. لا تصدق لحيتك مسح آدم لحية قيس بيده.
الرئيس ريك ضحك بصوتِ عالِ. كانت حياتي مملة حتى قابلتكم انتم ايها الثلاثي.
صوت الرئيس جعل قيس يتجاهل آدم وينظر إلى الرئيس ويومئ له باحترام.

اذاَ إلى ماذا توصلتي؟ سأل الرئيس، وقدّمت له الورقة بكلمات السر، أخرج الرئيس ريك الكتاب من جيب معطفه وقدمه لي.
لم اتوقع ستحضر آدم اليوم قلتها وانا اتجاهل اسم قيس عن قصد، لم أرد ان يشعر بيأسي نحوه.

أردتً ان تكوني مدينة لي، ان تكوني مدينة أفضل من أن تكوني محتاجة، وثقل الدين أسوأ من ثقل الحاجة، لذا حققت خدمتك في اسرع وقت. والآن عليكِ ان تردي لي الدين ولن تستطيعي التهرب مما طلبته منكِ قالها الرئيس وهو يأكل قضمته الأولى من الفطيرة، وآدم ينظر إليه باستياء.

هل آدم حقاَ مجنون؟ سألت نفسي وانا الاحظ تصرفاته الغريبة. ربما استطيع الآن ان ارى مدى جنونه، عندما خرج للعالم الواقعي واصبح بين اناس عاديين، ولكن هل نحن عاديون؟
كيف حالك يا آدم؟ سألتٌ وانا اجرب كل رمز من الرموز التي دونتها لفتح القفل.
بخير. قالها وقد شعرتُ بأنه يخفي أمراَ ما من نبرته، نظرتُ نحوه وانا اشعر بأنه يخفي ألماَ ما في عينيه.
توقفت عن تجربة الرموز ونظرتُ نحو الرئيس ريك.

أريد ان يبقى آدم هنا الليلة
لم نتفق على ذلك.
ان فتحت الكتاب يبقى هنا
ولماذا تريدينه ان يبقى هنا؟ سأل قيس وسؤاله اسعدني قليلاَ، رغم نبرته الباردة إلا أنني اردت ان يشعر بالغيرة.
لا يعنيك الامر ايها الضابط تراجع قيس للخلف وقطّب حاجبيه وكأنه لا يفهم ما قلته.
الامر يخصني قلتها مجدداَ ونظرت اليه بتحدِ، ولكن ضحكة آدم فاجأتني.
أوووووووووووه، قالها آدم وهو يضحك، وقف قيس واتجه نحو المطبخ دون ان يتحدث.

بقيت لثلاث ساعات وانا احاول فتح الكتاب بجميع الرموز وشعرتُ باستياء شديد وبدأ الغضب يستولي على والرئيس ريك الذي لم يتحرك من منزلي يراقبني ويراقب انفعالاتي، قيس بقي في المطبخ يقرأ كتاباَ ما كالطفل الذي انجرحت كرامته، أما آدم فقد غفي، ولم اوقظه حيث انني ادركت بأن آدم لا يحظى بليلة هنيئة، فأنا لم احظ بليلة هنيئة في ذلك المكان، كنت اخشى ان اغمض عيني ويحدث امر ما.

بعد محاولات عدة حاولت التفكير بحل بسيط، قد يكون الحل ابسط مما اعتقد، مثلاَ رقم مفضل؟ ما هو رقم والدي المفضل؟ ثلاثة عشر؟ حاولت ولم انجح، سبعة! رقمه المفضل سبعة.

جربتُ رمز سبعة ثلاثة مرات وانفتح القفل، صرخت بفرحة، وصرختي اخافت قيس الذي اخرج مسدساَ من جيبه، والرئيس ريك وقف في ذعر، نعم الحقنة، الحقنة تمنعنا من الوصول إلى أقصى درجات الفرح أو الحزن أو الغضب، لذا ربما لم يسمع الرئيس ريك في حياته صرخة فرح أو لم يسمع في حياته نحيب حزن أليم.

هذه صرخة السعادة، فتحت القفل ولكن بعد سعادتي، انتابني شعور من الهلع فوراَ، فتحت القفل ولكن هل هذا من مصلحتي؟ ومصلحة والدي؟ أردتُ ان اعرف محتوى الكتاب وما قد كتبه والدي.
وعندما بدأت اشعر بالتردد سحب الرئيس ريك الكتاب فوراَ من يداي شكراَ جوهرة. قالها الرئيس مبتسماَ واشار لقيس الذي وقف واتجه نحوه.

سنغادر قالها الرئيس وقد اتجه إلى الباب، عندما فتح الباب وجدت لانا واقفة في الخارج وكأنها تحرس الباب، وذهبا معاَ، قيس مشي ليتبعهما ولكن التفت نحوي.
انتي تلعبين مع النار قالها بصوت هامس، ونظرتٌ نحوه ولم افهم ما يرمي إليه ماذا تقصد؟ سألت.
عليكِ ان تتعالجي، ان تصبحي واحدة منا، خذي الحُقن.
الحُقن لا تفيدني وانت تعرف ذلك.

لا. عليكِ ايجاد وسيلة وترك الطبيب يساعدكِ، الرئيس ولانا وعدنان والطبيب لا يكترثون بحياتك. انتي مجرد وسيلة اخرى ليصلوا إلى مرادهم، مجرد ان يشعروا بأن وقتك قد حان سيعدمونكِ فوراَ قالها قيس وهو ينظر إلى عيني بحزم وغضب.
وانت تكترث؟ سألت وانا اقترب منه، تراجع قيس فوراَ وكأنني وباء لا يريد ان يلتقطه.

والدكِ لم يكن مجرد فرد من حزب المضيئين، والدكِ اراد الانقلاب على الحكم، ولن يتركوا ابنة اكبر خائن تمشي على الارض هكذا قالها قيس بغضب وخرج من البيت.
استيقظ آدم ليكمل تناول فطيرة التفاح وجلستُ أمامه وانا ابتسم وقد رأيته مسترخياَ اكثر بعد مغادرة ريك وقيس.
ما قصتكِ مع الضابط قيس ذلك؟ سأل آدم.
لماذا؟
لم يرد ان يأتي إلى هنا، شعرتُ وكأنه شعر بالخوف منكِ. قال آدم وهو ينظر إلى مقطب الحاجبين.

لا استطيع اخبارك بعد، ولكن كل ما اريدك ان تعرفه هو انني اريد اخراجك من المصح، والهرب إلى مكان بعيد. هل تعرف إلى أين يمكننا ان نذهب؟
اتسعت عينا آدم خوفاَ وهو ينظر إلي.
لا يتنصتون
كيف تعرفين؟
قيس حذرني اليوم، لو يتنصتون، لما تحدث معي بالطريقة التي تحدث معي بها
ربما هي خدعة
ثق بي، . هنا العسكر يخشون من الحكومة أكثر من الشعب نفسه. قلتها وضحك آدم وهو يشعر بالسعادة.
اذاَ انا حر هنا.

لا اريد ان نكون احراراَ هنا، أريد ان نخرج ونصبح أحراراَ في مكان آخر قلتها ونظر إلى آدم وشعرتُ بأنه يخفي امراَ.
ما بك؟
نظر إلى آدم ثم اقترب، وعينه الزرقاء لمعت وعينه الخضراء أخفت خوفاَ دفيناَ
اعرف اين يختبئ المضيئين. نستطيع ان نذهب إليهم، ولكننا بحاجة إلى بصمة عسكري قالها آدم وقد ارتبكت، هل اصدق كلام شخص لازلت متشككة في قدراته العقلية.
لماذا؟ سألت وقد شعر آدم بنبرة التشكيك في صوتي.

انتي بحاجة إلى بصمة عسكري لكي تستخدمي أحد الطائرات العسكرية ولن يشك بكِ احد قالها وهو يقضم قضمة أخرى من الفطيرة.
ولكنني لا استطيع الذهاب معكِ قالها بنبرة باردة.
لماذا؟ سألت بغضب. علينا ان نذهب معاَ وهذا شرطي
موعد اعدامي في الغد يا جوهرة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة