قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل السادس عشر

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل السادس عشر

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل السادس عشر

بعد مرور يومان داخل مدينة أسوان
كان ناجي و والدته يجلسون داخل منزلهم الفخم بأساسه الفاخر و الذي كونه بأموال نهب و سرقة أثار و حضارة البلد و بيع تاريخها العظيم، إستمعا معا إلى صوت جرس الباب ل يعلن عن وصول زائر
تحدثت نجية ب كبرياء منادية بأعلي صوتها على تلك العاملة بت يا نرجس، شوفي مين على الباب.

في حين تحدث ناجي إلى والدته ب فخر البهوات جاي لهم ضيوف بعد يومين و عاوزين ياكلوا مشلتت و ملوحه يا أم ناجي، عاوزك تخلي البنات يعملولهم مشلتت ما داقوش زيه طول حياتهم
ضحكت و أجابته بسعادة و إنتشاء بس كدة من عيوني يا غالي، إنت تؤمر إنت و البهوات
و كادت أن تكمل حديثها لولا دلوف تلك الغاضبة التي تحدثت بصوتها الهادر و هي تنظر إليه ب عيون حادة تطلق شزرا إنت عاوز أيه مني بالظبط يا ناجي!

و ما أن رأي وجهها المنير أمامه حتى إنتفض قلبه و دق بوتيرة عالية، و وقف منتصب الظهر و قد إلتمعت عيناه ب بريق العشق عندما رأي بسمته أمامه في منزله، فكم تمني أن يدلفها إلى هنا ك عروس حاملا إياها ببن ساعديه القويتان
تمالك من حاله إلى أبعد الحدود كي يخرج صوته بثبات ثم تحدث إليها بنبرة أهدي و أرق مما هو عليه صوته الطبيعي إبتسام، ده أية المفاجأة الحلوة دي، نورتي دارك يا بنت عمي.

حدقت به و عيونها تطلق شزرا و أردفت قائله بنبرة غاضبة حادة دي مش داري و لا عمرها هتبقي يا ناجي، و ده اللي إنت مش قادر و لا عاوز تفهمة طول المدة اللي فاتت دي
براحة على نفسك شوية يا سنيورة ل يطق لك عرق و لا يجري لك حاجة، مالك داخلة علينا زي الفرسة المطلوقة إللي مش لاقية لها خيال يشكمها و لا يلمها كدة ليه؟
كانت تلك كلمات وجهتها نجية إلى إبتسام و هي ترمقها بإستهزاء و تحادثها بنبرة ساخرة.

هدر بها ناجي بنبرة صوت عالية حاده أمااااا، ما لهوش لازمه الكلام بتاعك ده.

ثم حول نظرة إلى تلك الغاضبة و تحدث و هو يتأكل جسدها ب عيناه ممررا بصرة علية من أعلاها لأسفلها الغالية تعمل و تقول كل اللي على كيفها و يحلالها، و أنا أستحمل دلالها و يبقا على قلبي أحلا من الشهد كمان، و أكمل ب غمزة وقحة من عيناه و هو يشير على جسده بيداه رافع قامته لأعلي بتفاخر و إن كان على خيالها موجود و يسد عين الشمس، بس دلال الغالية ليه حكم على قلبي!

لوت نجية فاهها بعدم رضي عن أفعال و أقوال ولدها العاشق و لكنها لم تستطع صد حديثه أو إعتراضه خشية غضبته، ف كظمت غيظها داخل قلبها عنوة عنها!
أما بسمه فقد رمقته بنظرة مقززة حين رأت نظراته القذرة و هي تمشط جسدها بتمني
و أردفت قائلة بنبرة حادة طب إسمعني بقا كويس يا ناجي علشان أنت خلاص، الذوق ما بقاش يجيب نتيجة معاك و لازم تفوق،.

و أكملت بنبرة صادمة له و هي ترمقه بنظرة إشمئزاز لازم تعرف كويس أني عمري ما حبيتك و لا حتى شفت فيك فارس أحلامي و الراجل اللي بتمني أكمل عمري معاه، و عمري ما فكرت إني ممكن أتجوزك و لو إنت أخر راجل في الكون ده كله يا ناجي أنا أفضل إني أقعد باقي عمري من غير جواز على إني أربط إسمي بإسم واحد زيك.

ثم نظرت إلى والدته و أكملت بنبرة غاضبة و هي تشير إليهم بسبابتها و أوعي خيالك المريض يصور لك إن تهديدك إنت و أمك لأهلي هيهزني و يخليني أغير رأيي و أوافق على الجواز منك، بالعكس، ده خلاني مصرة على رفضك أكتر و أكتر بعد ما شفت وشوشكم البشعة و بجاحتكم.

و أكملت ل تشعل روحه و تنهي له أية أمال متبقية داخله و بعدين أنا مش فاهمه إنت بتفكر إزاي بجد، أنا و خلاص إتخطبت ل راجل محترم و بيكسب ماله من الحلال، و موافقة علية و هو عاوزني، و قبلها رفضت عرضك ست مرات
و أكملت و هي تنظر إلى عيناه بقوة و إشمئزاز أية، ما فهمتش من رفضي المتكرر ليك إني ما بقبلكش و مبطقش حتى أشوفك قدامي؟

كان يستمع إلى حديثها القاتل ل قلبه و رجولته بجسد يشتعل و ينتفض و صدر يعلو و يهبط من شدة غضبه، بصعوبة بالغة تمالك من حاله و سيطر على غضبة كي لا يتهور و يحزنها، و أكثر ما أشعل جسده و جعل روحه تتألم هو ذكرها إلى ذاك الشاب السكندري بهذا التفاخر و التباهي، نظر لها ثم تحدث إليها بفحيح ك فحيح الافعي قولتي كل الكلام اللي في نفسك يا مالكة القلب و الروح، إسمعي بقا أخر الكلام و مسكة و ركزي كويس أوي فية علشان أنا مش هعيدة تاني،.

ثم أسترسل حديثه بشر و هو يشير إلى حالة بثبات و تأكيد من الاخر كدة و علشان تريحي نفسك و تريحيني معاك، لازم تتأكدي إنك مش هتكوني ل حد غيري و اللي هيفكر بس يمسك و لا يقرب لك أنا هبعته في رحلة مستعجلة للأخرة.

جحظت عيناها من تهديده الصريح ثم نظر هو بعيون تطلق شزرا و أكمل بنبرة غاضبة مفيش راجل غيري هيلمسك يا غاليه و لو ده حصل هيبقا أكيد على جثتي، و لو كنتي خايفة على المهندس ده بجد، إبعدية عنك على قد ما تقدري،
و أكمل مهددا بشر و إلا و رحمة أبويا الغالي أبعته لأهلة في إسكندرية متحمل في صندوق خشب.

نظرت إليه و تحدثت بقوة زائفة عكس ما بداخلها من رعب و أرتجاف إتكلم على قدك و ياريت تعرف حجمك كويس يا ناجي، و لو كنت فاكر إنك هتتعرض للباشمهندس و تضايقة و هو هيقف يتفرج عليك تبقا غلطان،
و أكملت بنبرة إستفزت بها داخله و يكون في معلومك، حسن من عيلة كبير أوي و معروفة في كل إسكندرية، و لا أنت و لا شلة الحرامية اللي حواليك دول تقدروا عليها.

نظر لها و أبتسم بتسلي متحدث بكرة نشوف مين فينا اللي هيقدر على التاني يااااا، يا قلب ناجي من جوة
إرتعب داخلها من نظراته الغريبة و تحركت سريع متجهه إلى الخارج تحت نظرات ذاك المستشاط التي إشتعلت النيران بقلبه حين لمح رعبها و قلقها على ذاك الدخيل، و أكثر ما جعل الغل و الحقد يستوحشان بداخلة هو نطقها لإسمه بكل هذا الدلال و التفاخر
ضغط على كف يده بغيظ و غل حتى أبيضت يده و برزت عروقها من شدة غضبه.

حين تحدثت إلية نجية بنبرة حادة غير راضية عن كل ما جري أمامها و لكنها فضلت عدم التدخل إمتثالا لأوامر ولدها انا مش عارفة إنت ليه ماسك في البومة اللي مش عوزاك دي و مصمم عليها، من قلة البنات يعني، طب شاور بس بصباع إيدك الصغير و أنا أجيب لك ست ستها، و في خلال شهر واحد أكون مجوزاك أجمل و أحلا بت فيكي يا أسوان و أقهرها هي و أمها و جدتها و أعرفهم قيمتهم بجد.

نظر إلى والدته بهدوء و تحدث بنبرة حنون لرجل عاشق حتى النخاع بسمة ملهاش زي علشان يبقا لها ست يا أم ناجي، بسمة ست البنات كلهم و اللي تملكة ما فيش حرمة غيرها تعرف تديهولي
و أكمل بإستكانة و هو يجلس فوق مقعده الوثير مرة أخري كل ما في الموضوع إنها عارفة غلاوتها عندي و إنها مالكة القلب و الروح علشان كده بتدلل عليا و ده حقها يا أما.

وحك ذقنه و تحدث و هو يمرر لسانه فوق شفته بإشتياق و نشوة و يليق لها الدلال بنت دياب
كانت تنظر إليه بغضب و نار الغيرة تشتعل داخل صدرها ل حالة العشق الواصل لها ولدها، لوت فاهها بإعتراض و فضلت الصمت كي لا يصيبها غضبه و يمنع عنها تدفق الأموال الكثيرة التي يغمرها بها طيلة الوقت.

مرت خمس أيام على أخر مكالمة تحدث بها حسن إلى بسمة و بدأ القلق يقتحم عالمها و يتسلل إلى داخلها من إبتعادة و إنسحابه من وسطها بهذا الشكل المفاجئ
كان الليل قد أسدل بستائره منذ وقت بعيد، و عم الهدوء و السكون على المكان، صعدت إلى سطوح منزلها ثم رفعت وجهها إلى السماء تنظر إلى ذاك القمر المنير حيث إكتمالة بليلة النصف من الشهر العربي.

نظرت إلى القمر و نجومه اللامعة المنتشرة حوله تقتبس من نوره و تتراقص حوله فرح، و بدون سابق إنذار نزلت دموعها الساخنه تجريان على وجنتيها، جففتهم بكفوفها الرقيقة و بدأت ب محادثة حالها بقلب يتمزق ألما
ماذا دهاك خليلي، أحقا تخليت عني مثلما تحدثني و تلومني نفسي السيئه؟
أيمكن أن يكون غرامك لي مجرد نزوة و أنتهت؟
لا، لا عاشقي و مبتغاي، لا تفعلها أرجوك، سأصاب بالجنون حتما إذا تأكدت ظنوني.

ثم رفعت وجهها و نظرة إلى السماء و بدأت بمناجات خالقها و مولاها بتوسل و تضرع، و من لنا سوي الله لنلتجأ إليه حين نضيع من أنفسنا و تتقطع بنا السبل
في نفس التوقيت ب محافظة القاهرة، كان يقف داخل شرفة غرفته بالأوتيل، مستندا عليها بجسده بتراخي واستسلام، يناجي الله و يستعطفه كي لا يتركه وحيدا بذاك الطريق الصعب
حدث حالة بأسي، تري كيف هو حالك الأن بدوني سمرائي؟
أتشتاقيني و عيوني مثلما بجنون أنا أشتاق؟

أم أن طول الجفاء و البعد أنساك؟
أعرف تماديت على قلبك الرقيق بسخاء!
فالعفو كل العفو أرجوك مولاتي!
أخشي محادثتك بصوتي هذا و نبراتي
و ما تحمله من خزلان و يأس و حصرات!
ستكتشفي خيباتي من بين كلماتي!
و هذا كل ما أخشاه عليكي حسنائي!
تنهد بأسي و رفع رأسه من جديد إلى السماء مناجي الله، يالله كن معي و بعوني و لا تتركني إلى نفسي طرفة عين.

بعد مرور إسبوع على جميع أبطالنا.

انتهت إجازة حسن و عاد من جديد إلى أسوان منذ ثلاثة أيام و لكنه أمضاهم داخل الباخرة حيث أنه مازال تحت تأثير الصدمه من قرارات والده الظالمة، لم يستطع الذهاب إلى إبتسام و لا إلى أهلها، فبما سيبرر لهم عدم حضور عائلته و إتمام خطبته من تلك السمراء التي سحرته، فضل المكوث حتى يهدأ و بعدها يبدأ بالمواجهه، فقد قرر بين حال نفسه أنه لم و لن يستسلم لأوامر والده و سيحاول معه مرارا، و لن يتنازل أبدا عن عشق سمرائه الذي أسر روحة.

كانت تجلس فوق سطوح منزلها، ممسكة بتلك الحمامة البيضاء التي تؤنس وحدتها منذ أن إنسحب ذاك العاشق من حياتها غير مبررا، تطعمها بيدها و هي حزينه شارده و قد ذبل وجهها و نحل جسدها وةفقد بعض وزنه من تأثير إبتعاد الشاطر حسن عنها
و أكثر ما أحزنها و جعل الخيبات تتسلل إلى أعماق كيانها و جعلها تتأكد من تخلي حبيبها عنها هو علمها بمجيئة إلى أسوان منذ ثلاثة أيام.

حيث كانت صديقتها المقربة تهاني تتواجد داخل مطار أسوان تجاور صاحب البزار الذين يعملون به كي يستقبلان وفدا أجنبيا جاء خصيصا من رحلته في القاهرة ل زيارة البزار و أقتناء ما يلزمهم منه، و بالصدفة رأت حسن يهبط من الطائرة بصحبة صديقه أشرف و بالطبع أبلغت بسمه بما رأته بأم أعينها.

و منذ ذلك اليوم و هي تنتظر أن يأتي إليها حبيبها بشغفه المعهود و لهفته عليها و يقدم لها مبرراته لإبتعادة المفاجئ و التي بالطبع سيقبلها قلبها العاشق و يسامحه و يسترجعا معا وصلة عشقهما من جديد و التي بالطبع ستختلف بعد إعلان خطبتهما أمام العلن،
و لكن للأسف دائما يخزلها الإنتظار، و تأكدت شكوكها بأنه بالفعل قد تخلي عنها و قرر نسيانها و ذبح روحها و الحكم على قلبها بالإعدام بعدا.

أخرجها من شرودها صوت شقيقتها نورا التي صعدت إليها دون أن تشعر الأخيرة بها ثم تحدثت بنبرة مشفقة على حال شقيقتها و بعدين معاكي يا بسمة، هتفضلي قاعدة فوق السطوح ل وحدك كدة كتير، طب إتكلمي معايا و خرجي لي اللي في قلبك و تاعبك اوي كدة،
و أكملت بنبرة حنون مش يمكن أقدر أساعدك أو حتى أخفف عنك وجعك.

أخذت نفس عميق ثم زفرته بهدوء و تحدثت بنبرة صوت حزينه جربتي إحساس إنك تلاقي حلمك اللي عشتي عمرك كله تحلمي بيه و اللي كنتي فكراه عبارة عن خيال و مجرد أحلام يقظة ملهاش وجود، فجأة تلاقية بيتحرك قدام عيونك و خلاص قرب منك و قربتي تلمسيه بأديكي و تحسيه و تعيشي جوة دايرته.

و أكملت بعيون حزينة و ملامح وجه يشوبها الإحباط و فجأة تلاقي حلمك ده إختفي بعد ما علقك بيه و خلاكي ترسمي دنيتك اللي جايه كلها عليه، و من غير حتى ما تعرفي أيه هي أسباب البعد ده، و كأنه كان سراب، مجرد سراب و أختفي.

تنهدت نورا بأسي ثم تحدثت إلى شقيقتها بنبرة معترضة طب و إنت ليه بتقدري البلا قبل وقوعه، مش تستني لما يظهر و ييجي يتكلم معاكي الأول، مش يمكن عندة أسباب شديدة و مقنعة هي اللي منعته من إنه ييجي و يقابلك؟
و أكملت بحيرة أو يمكن كلام اللي إسمة ناجي ده و تهديدة ليه قلقه و خوفه و خلاه يقرر يبعد شويه لحد ما يشوف هيرسي على أية و يتصرف إزاي!

نظرت لها بشراسة و تحدثت بنبرة حادة لو ده فعلا السبب اللي خلاه يبعد يبقا ما يلزمنيش رجوعة ليا تاني و لا وجودة في حياتي من الأساس،
و أكملت بتأكيد علشان مش أنا اللي هحب و أتجوز راجل ضعيف و جبان
أجابتها نورا بهدوء يا بنتي بقولك يمكن، إنت ليه بس مصرة تسبقي الأحداث و تحكمي على الجدع من قبل حتى ماتسمعي منة.

ردت عليها إبتسام بنبرة غاضبه و أنا بقا ما بقاش يلزمني لا كلامه و لا حتى تفسيراته، لو كان عاوز يتكلم كان جه في التلات أيام اللي قعدتهم الباخرة على المرسي قبل ما تتحرك في النيل.

نظرت لها نورا بحزن و هي تري تألم شقيقتها و حيرتها و حزنها الذي تملك من ملامحها البريئة و تمكن من إطفاء بريقها و مرحها و كأنه حولها من فتاة عشرينية مليئة بالحيوية، إلى إمرأة في العقد السابع من عمرها فاقدة الشغف لكل متع الحياة من حولها.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة