قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل الرابع والعشرون

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل الرابع والعشرون

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل الرابع والعشرون

ذهب دياب و تعرف على جثة ناجي و نظر له بقلب ينزف دم على شباب إبن شقيقه الذي أضاعه هباء و بالنهاية خسر حياته و أخرته أيضا، و حولت النيابة الجثة إلى الطب الشرعي لتشريحها و معرفة سبب الوفاة، أما عن عز المغربي الذي قرر أن يستغل ذكائه المخابراتي لكشف الجريمة سريع، حيث أمر رجالة بتتبع الخيط الذي أمسكه بين يديه و هو تلك السجادة التي وجدت بها الجثة،.

و أمر بمعرفة نوع السجادة و أين صنعت و لمن بيعت، و لحسن حظهم كانت تلك السجادة باهظة الثمن و نادرة و يصعب على الأهالي إقتنائها، و بدأ الضابط بالتحري و البحث عن صاحب تلك السجادة
أما داخل المشفي خرج حسن من داخل العمليات بعدما مكث داخلها فوق الخمس ساعات حتى سيطروا على النزيف و نقلوا له دم تبرع به شقيقه فريد و عز الذي هما نفس فصيلتة،.

خرج محمولا على ترولي و أتجهوا به إلى غرفة الإفاقة حيث أوصلوا جسده ببعض الأجهزة لخطورة حالتة الحرجة
كانت تنتظرة تلك العاشقة أمام غرفة العمليات و ما أن رأته يخرج بتلك الهيئة حتى إنهارت و دخلت في نوبة بكاء شديد و أنهيار تام عندما لمحته بتلك الحالة الصعب على قلبها العاشق تحملها، مما أستدعي إستغراب عزيزة و صلاح و محمد و فريد، و كل تساءل داخل نفسه، متي خلق هذا العشق الهائل بين ذاك الثنائي برغم قصر المدة.

كانت تنظر إلية من خلف الزجاج العازل بقلب يتمزق لأجل حبيبها الغائب عن الوعي و بهيئتة التي هزت كيانها بالكامل،
جاورتها عزيزة الوقوف و هي تبكي بمرارة قلب أم كادت أن تفقد عزيز عيناها
و تحدثت إليها برجاء و نبرة حانية بعدما إستشفت مدي عشقها لولدها إدعي له ربنا ينجية يا بنتي، إنت شكلك طيبة و قريبة من ربنا و إن شاء الله ربنا يتقبل دعواتك.

نظرت إليها و أردفت قائله بيقين و إيمان بالله ما تقلقيش حضرتك، ربنا عظيم و رحيم بعبادة و أكيد مش هنهون عليه يوجع قلوبنا و أرواحنا، إن شاءالله ربنا هيشفية و يقومه بالسلامة.

ثم حولت بصرها بإتجاهه مرة أخري و أردفت قائله بقلب مفطور لأجل عاشق عيناها و بنبرة مرتجفة هو عارف و متأكد إن فيه ناس بتحبه و مش هتقدر تعيش في الدنيا لو مكنش هو موجود فيها، و علشان كده هو هيقوي نفسه و يتحدي الصعب و يقوم علشان كل اللي بيحبوة
أردفت عزيزة قائلة بدموع يا رب يارب.

و بعد مدة عادت إبتسام إلى منزلها شاردة حزينة متألمة، وجدت جدتها و والدتها تنتحبان و تبكيان بمرارة على ناجي و تجاورهما نساء المنطقة التي إرتدين الأسود و جئن ليقضين واجب العزاء و يقفن بجانب جيرانهم ذوات السمعة الطيبة و الأخلاق العالية.

تحركت من جوارهم و كأنها مغيبه و لم تعي لما يدور من حولها، دلفت لداخل غرفتها و الحزن ينهش داخلها، تارة لأجل ما حل بحبيبها، و تارة اخري لأجل إبن عمها الذي خسر شبابه، ماذا فعلت بدنياها ليلاحقها هذا الحظ العثر، ماذا إقترفت من أخطاء حتى تجني كل هذا الوجع من خلف عشقها الطاهر التي لم تتخطي معه حدود الله التي أمرنا بها و فرضها علينا كمسلمات.

بعد قليل إستمعت لصياح و صريخ في الخارج، إنها نجية زوجة عمها التي أتت إلى منزلهم و أقتحمته كالثور الهائج حيث صرخت بوجة الجده قائلة بحالة هياج و جنون و اتهام إرتاحتي يا بخيته؟
إرتاحتي إنت و بنت إبنك اللي جابت أجل إبني بفجرها و مشيها مع الغريب؟

وقفن بعض النساء ليبعدن نجية من الإقتراب للجدة أكثر، في حين ردت عليها الجدة بحده و غضب عارم ظهر على ملامحها التي دائما ما تتسم بالطيبة و الحنان إخرسي يا مرة و إتكلمي زين بدل ما أقطع لك لسانك اللي ما بيخرجش غير الكلام العفش اللي شبه وشك
و أكملت بحده مش مكسوفة من نفسك و جاية تلومينا كمان، واحدة غيرك كانت قتلت نفسها وقت ما سمعت خبر إبنها الشوم، إنت و طمعك و قلة دينك اللي وصلتي إبنك بإديكي على الموت.

كنتي فاكرة إن أخرة طريقة العفش ده هيكون مفروش بالورود إياك؟
إنت كنتي متوكده من جواكي إن أخرة طريقة الموت أو السجن و أنا ياما نبهتك و حذرتك، بس الفلوس و العيشة الحرام عمت عنيكي عن الحقيقة و خلتك تبيعي دماغك و تسلمي ضميرك للشيطان و إنتي مبسوطة بالعز و الفلوس الحرام اللي إنت متمرمغه فيهم
نظرت لها بحقد و تحدثت بذهول إنت شمتانه فيا يا بخيته؟

مش صعبان عليكي إبن إبنك اللي راح في عز شبابه بسبب بت إبنك الخاطية
أجابتها ناهرة إياها بحدة بالغة قولت لك إخرسي بدل ما أقوم أقطع لك لسانك، بت إبني مش خاطية، بت إبني متربية أحسن تربية و تعرف ربنا و حدودها اللي وضعها لها الدين زين، الدور و الباقي عليكي يا واكله الحرام و قاتلة ولدك بيدك، و بدل ما تخجلي و تحزني على اللي وصلتي إبنك ليه، دايرة ترمي بلاويكي على خلق الله.

و نهرتها طاردة إياها إمشي من هنا و إياكي تعتبي الدار ده تاني
و بكت و تحدثت بنبرة قطعت أنياط قلب كل من رأها إمشي يا شوم خليني أعرف أحزن على واد الغالي اللي قصفتي عمرة و عمر أبوة بعشرتك الشينة
وقفت تتنقل النظر بين جميع الجالسات و هن يلقين عليها النظرات الجالدة للذات و يتهامزن عليها بأصوات خافتة يصدقن فيها على حديث تلك العجوز ذات العقل الموزون،.

تحركت للخارج عائدة إلى منزلها بألم جديد يضاف إلى ألمها الناتج عن مصيبتها من فقدان صغيرها، و ذلك بعدما جلدتها بخيته بحديثها الحق و أزاحت الستار لتشاهد حقيقتها العارية بأم أعينها.

مر أربعة أيام على غياب الشاطر حسن عن الوعي و الحياة، أما عن بسمة فكانت تذهب له يوميا رغم إعتراض والديها و جدتها خشية عليها من حديث الناس الذي لا يرحم، و لكنها أصرت و أستعطفتهم و بدورهم لان قلبهما أمام قلبها العاشق.

كانت تقف أمام غرفته بدموعها و أنهيارها، تنتظر إفاقته بين الحين و الأخر، لان قلب الجميع لها حتى أنهم شعروا بأنها فرد من العائلة، و تأكد صلاح أنه كان مخطئ حين أبعد تلك الملاك عن أحضان ولده الملتاع بعشق تلك السمراء جميلة الملامح رائعة الحس و الخلق.

و في خلال تلك الأربعة أيام إستطاع عز بمساعدة بعض الرجال من داخل جهاز المخابرات إيجاد خيط البداية للوصول لصاحب السجادة و ذلك بعد تتبعهم خط سير المصنع ثم البائعين حتى أن وصلت السجادة إلى أسوان، و ربط عز علاقة ثراء ذلك الناجي و بعض الإشاعات المتداولة بين الأهالي و التي إكتشف أنها ليست إلا الحقيقة المؤسفة لهؤلاء الخونة بائعي تاريخ بلدهم الحبيب.

داهموا رجال الشرطة مكتب مجدي حين كان يجلس هو بداخل مكتبة بصحبة بديع يتابعان عملهما ككل يوم،
دلفت السكرتيرة على عجل دون أن تطرق الباب و نظرت إليه بإرتباك و أردف هو قائلا بإستغراب لحالة الزعر التي إرتسمت على وجهها إنت إتجننتي يا أسماء، من أمتي و إنت بتدخلي عليا كدة من غير ما تستأذني؟
تحدثت بتلعثم أنا أسفه يا أفندم بس فيه ناس عاوزة حض.

ثم إبتلعت باقي حديثها عندما داهم ضابط الشرطة و باقي القوة المصاحبة له المكتب موجه حديثه إلى مجدي قائلا بإبتسامة سمجة مش وقت عتابك لسكرتيرتك يا مجدي يا حمدان
إرتعب داخل مجدي و لكنه إدعي التماسك ثم وقف على الفور و تحدث بنبرة ثابتة خير يا حضرة الظابط، ممكن أعرف أية هي المناسبة السعيدة اللي خلت حضرتك تشرفني و تقتحم مكتبي بالطريقة دي حتى من غير ما تستأذن؟

نظر الضابط المكلف بالتحقيق في القضية و الذي يدعي إيهاب عرفة إلى مجدي بإبتسامة شامتة، فكم من المرات التي حاول بها إيقاع مجدي و البحث خلفه عن وجود دليل كي يثبت علية تلك الإشاعات التي تدور حوله، و لكن باءت كل محاولاته بالفشل بل و ما كان يحزن هذا الضابط أن ذاك المجدي كان يشتكية إلى رؤساءة و يتهمه بعرقلة عملة و التعمد إلى تسويئ سمعته داخل مدينة أسوان.

تحدث إلية الضابط إيهاب ساخرا و هو مبتسم بشماته واضحة أوعدك إن دي أخر مرة هدخل عليك فيها من غير إستئذان، بعد كده يوميا و أنا داخل عليك البورش و العساكر جايبين لك التعيين في الأروانة هبقا أخبط على سعادتك على باب الزنزانة
إبتلع لعابه برعب و تحدث بكبرياء و صمود عكس ما يدور بداخلة هو حضرتك لسه ما زهقتش يا باشا من إتهاماتك الباطلة اللي من غير أي دليل دي؟

إبتسم له إيهاب و أردف قائلا بتحدي المرة دي جاي لك و أنا معايا الدليل اللي إن شاء الله هيلف حبل المشنقة حوالين رقبتك يا مجدي
ثم أشار إلى رجالة فتشوا المكتب كله
إرتعب مجدي و بدأوا الرجال بالتفتيش و من سوء حظة أنه لم يتخلص بعد من السلاح الذي إستخدمه في إرتكاب جريمته و أطلق منه تلك الرصاصة القاتلة على جبين ناجي و التي أوقعته صريع على الفور.

و تم القبض الفوري على مجدي و بديع اللذان أنكرا كل ما حدث في البداية و لكن النيابة إحتجزتهما أربعة أيام على ذمة التحقيق لحين ظهور أدلة جديدة تثبت تورطهما أكثر
و بعد البحث الدقيق من رجال المخابرات تم العثور على مخزن تحت الأرض تابع لذلك المجدي ملئ بالأثار النادرة و العملات الأجنبية المتنوعة، و قد إعترف الرجال القائمون على حراستة ملكية المخزن لمجدي حمدان مما أثبت التهمة علية و ألصقها به.

ذهب عز إلى النيابة العامة مستأذن إياهم و أتخذ إذن بالسماح له بواسطة رئيسه بالعمل، بالمشاركة في التحقيق مع مجدي و بديع و ذلك لعدم قانونيتة، و بالفعل بدأ بالتحقيق معهما بوجود رجلي نيابة أحدهما لمساعدة عز بالتحقيق و الأخر ليسجل إعترافهما، لكنهما ضلا على إصرارهما على الإنكار و بعد ضغط عز عليهما و ممارسته أساليب الترهيب النفسي و التي تدرب عليها بإتقان داخل جهازة و التي مارسها عليهما داخل التحقيق إنهارت أعصابهما و إعترفا بجريمتها الكاملة بقتل ناجي،.

و أعترفا أيضا على تجارتهما بالأثار، و ذكروا أسماء باقي أعضاء التنظيم و الذي ضم شخصيات معروفة و مرموقة داخل الدولة و هذا ما عزز من موقع عز داخل الجهاز و الذي بالتأكيد سيحصل من ورائة على ترقية عالية و وسام
في اليوم الخامس ذهبت إبتسام كعادتها إلى المشفي وجدت ثريا جالسه و يبدوا وكأنها بإنتظارها،
تحدثت إليها بسعادة حسن فاق يا بسمة و الدكاترة قالوا إن الحمدلله عدي مرحلة الخطر و نقلوة لأوضة عادية.

شعرت و كأن روحها قد ردت إليها من جديد و تحدثت إليها الحمدلله، أنا كدة إطمنت علية، و أسترسلت حديثها بتألم خلي بالك منه كويس أوي يا ثريا، و ياريت تحاولي تقنعية يسيب أسوان و يرجع إسكندرية معاكم
و أكملت بدموع كفاية عليه اللي شافه من أسوان و ناسها
نظرت إليها ثريا بعيون متسعة و تساءلت بذهول معقولة يا بسمة اللي بسمعه منك ده، قد كدة إنت طلعتي ضعيفة و هشه، بالسهولة دي هتتخلي عن حسن و عن حلمك فية؟

إبتسمت ساخرة بمرارة و أردفت قائلة بنبرة إمراة بائسة مهزومة حلمي هو اللي إتخلي عني مش انا اللي إتخليت عنه يا ثريا، أنا و حسن إتقابلنا صدفة و أكتشفنا إن أرواحنا كانت بتتقابل في الملكوت قبل الزمان بزمان، حلمنا نبني بيت جميل و أتمنينا نكمل حياتنا فية مع بعض، بس فجأة الحلم ده إتحول لكابوس و خنقنا جوا دوامتة اللي سحبتنا للقاع من غير رحمة.

و تحدثت بيقين و تأكيد و أكيد بباكي اللي كان رافض جوازنا قيراط قبل ما يعرفني أو حتى يشوفني، هيرفض أربعة و عشرين بعد اللي حصل من إبن عمي الله يرحمه و يسامحة
تحدثت إليها ثريا بنبرة حزينه لعلمها بصحة حديثها طب حتى إدخلي سلمي علية لأخر مرة
أجابتها بنبرة يائسة كدة أحسن ليا و ليه يا ثريا، خلية يتعود من ده الوقت على غيابي!

قالت كلماتها و أنسحبت للخارج تحت دموع ثريا التي إنهمرت بغزارة فوق وجنتيها، لم تدري أكانت دموعها تلك حزن على حال شقيقها و بسمته و ما أصابهما؟
أم أنها على ألمها الذي ينتظرها، فقد باتت تنتظر مؤخرا رحيل مالك روحها و متيمها الوحيد بين الحين و الاخر بعد أن تملك المرض من جسدة و أصبح الرحيل أمرا محتم لا محال
ضلت جالسة بالخارج حتى هدأت ملامح وجهها و زالت أثار البكاء كي لا يراها شقيقها بتلك الحالة و يحزن.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة