قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

رواية عبق الماضي (ماضي قلوب حائرة) للكاتبة روز أمين الفصل الحادي عشر

في صباح اليوم التالي داخل منزل العائلة
إستغلت منال ثبات عز في نومه و تحركت من جواره بخفة و هي تتمشي على أطراف أصابعها كي لا يستيقظ و يراها و يسألها إلى أين تذهب في تلك الساعة المبكرة
و أتجهت إلى الدرج و نزلت سريع متجهه إلى الأسفل و منه إلى المطبخ، و جدت عزيزة تقف أمام المشعل تصنع وجبة الفطار لأهل المنزل بمفردها.

وقفت قبالتها و تحدثت إليها بنبرة هادئة و رسمت على محياها إبتسامة مزيفة صباح الخير يا طنط
شملتها عزيزة بنظرة إستغراب مضيقة العينان و ردت عليها الصباح بنبرة بها بعض التوجس صباح النور، خير يا بنتي، أية اللي مصحيكي في الوقت البدري أوي ده، ده أنت عمرك ما عملتيها قبل كده
أجابتها بإختصار لضيق وقتها و هي تتلفت حولها كا اللصوص من فضلك يا طنط، أنا عاوزة أتكلم مع حضرتك في موضوع مهم جدا قبل ما ثريا تنزل،.

و أكملت و هي تدقق النظر داخل عيناها بترقب بس قبل ما أتكلم و لا انطق بحرف واحد عاوزة حضرتك توعديني إن الكلام إللي هقوله ده هيفضل سر ما بينا إحنا الإتنين و مش هيخرج لأي حد مهما كان هو مين، و اكملت وهي تشير بيدها أنا مش عاوزة مشاكل مع عز ياطنط
ضيقت عزيزة بين حاجبيها بإستغرتب لحديث تلك المريبه منذ الصباح.

كادت أن تتحدث قاطعها دلوف عطيات، تلك السيدة التي تعمل لديهم في حظيرة الأبقار التابعة للعائلة، و التي من مهامها التي أوكلت إليها بالتحديد هي حلب الأبقار و جلب الألبان الطازجة إلى العائلة يوميا صباح الخير يا هوانم، وأسترسلت حديثها في إشارة منها إلى الإناء الذي بيدها أحط اللبن ده فين يا حاجة عزيزة؟

تحركت إليها عزيزة و أخذت منها سطل الحليب و سكبته في إناء واسع كي تضعه على النار و تحضره لأهل المنزل كي يتناولوة عند الفطور
و غادرت المرأة عائدة إلى الحظيرة من جديد لمتابعة باقي عملها
و تحدثت عزيزة إلى منال متسائلة بتوجس خير يا منال، قلقتيني يا بنتي، كلام أية ده اللي عاوزاه يبقا سر بينا؟

أخذت نفس عميق و أخرجته بهدوء كي تهدئ من حالها و تحدثت بخبث أنا طبعا عارفة إنت قد أيه رافضة جواز حسن من البنت بتاعت أسوان،.

و أكملت بنبرة تحريضية و بصراحة بقا يا طنط أنا موافقاكي جدا في رأيك ده، و بتمني من حضرتك إنك تثبتي على موقفك ده و ما تضعفيش، وأكملت بلؤم علشان كده أنا جاية أقول لك إن ثريا جت لعز بالليل و طلبت منه يتوسط للباشمهندس حسن عند عمو صلاح، هي طبعا مطلبتش ده من عز قدامي، بس أنا سمعتهم و أنا بعمل العصير في المطبخ.

و أرتبكت و صححت سريع حديثها كي لا تظهر أمام عزيزة بالمتسمعة على زوجها أصل صوتهم كان عالي و وصل لي و أنا في المطبخ، و بالتأكيد سمعت كلامهم غصب عني
بملامح وجه مكفهرة تحدثت عزيزة بوعيد بنبرة حاده غاضبة بقا كده يا ثريا، يعني بردوا عملتي اللي في دماغك و ما سمعتيش كلامي،
وأكملت حديثها بوعيد طب لما تنزلي لي هتشوفي أنا هعمل فيكي ايه.

إرتعب داخل منال و ارتجف جسدها و تحدثت بتلبك خشية غضب عزيزة و مواجهتها لثريا و بذلك سيتم إفتضاح أمرها أمام عز و يعلم بأمر تسمعها عليه أرجوك يا طنط، ياريت ما تخلنيش أندم إني خفت على مستقبل حسن و جيت قلت لحضرتك و نبهتك علشان تشوفي هتتصرفي إزاي!
ردت عليها عزيزة بإستفهام بنبرة غاضبة يعني إنت عوزاني أسمع منك الكلام اللي يحرق الدم ده و أقف أتفرج يا منال؟

أجابتها منال بخبث و دهاء لا طبعا مش عوزاكي تسكتي، أومال أنا جايه أبلغ حضرتك ليه، لكن كمان مش عوزاكي تعرفي ثريا إني قلت لك، أنا جيت لحضرتك و نبهتك علشان تاخدي بالك و تقفي في صف عمو صلاح و تخليه يصر على موقفه أكتر و ما يسمعش كلام عز اللي هيقوله له مهما حصل و مهما قالة من مبررات.

و أكملت و هي ترسم على وجهها المسكنة بإمتياز لكن لو حضرتك واجهتي ثريا بكلامي ده أكيد هتروح تشتكيني عند عز، و أكيد حضرتك ما ترضيش ليا الضرر، و أردفت قائله كي تكسب تعاطفها ومحبتها أنا أصلا علاقتي مع عز متوترة اليومين دول بسبب كلمة الحق اللي قولتها في موضوع جواز الباشمهندس قدامكم.

أومأت لها عزيزة بموافقة بعد إقتناعها بحديث تلك الخبيثة و تحدثت إليها لتطمئنها خلاص يا منال إطمني، و وعد مني إن الكلام اللي دار بينا ده مش هيخرج لأي حد مهما كان هو مين
هزت لها رأسها بإمتنان و تحدثت بتوصية ياريت يا طنط و خصوصا طنط منيرة لانها لو عرفت هتروح تقول لعز و تقومه عليا
أردفت عزيزة قائلة بتملل ما خلاص بقا يا منال، ما أنا قلت لك إني مش هقول لأي حد.

قبل موعد نزول منال إلى الأسفل
كانت تغفو داخل أحضان زوجها بسلام، إنتفضت من نومتها مرتعبة على صوت انين أحمد المتألم،
نظرت إليه سريع و الرعب و الإرتجاف تملكا من جسدها بالكامل و باتت تنتفض و تساءلت بلهفة و عيون مرتعبة مالك يا أحمد؟
أجابها كعادته مؤخرا و هو يعتصر كليته اليمني بنفس المكان ككل مرة نفس الألم في نفس المكان يا ثريا، أرجوكي إديني المسكن بسرعة.

إنتفضت من جلستها و تحركت سريع إلى درج الكومود و أخرجت منه المسكن و ناولته إياه مع كأس من الماء، و تحدثت بنبرة حاده محتقنة بعبرات الدموع و الله حرام عليك اللي بتعمله في نفسك و فيا ده، روح للدكتور و أرحمني من وجع قلبي و قلقي عليك كل ما بشوفك و إنت بتتعذب قدامي كده و أنا واقفة عاجزة و مش قادرة أعمل لك حاجه.

زفر بضيق و تحدث إليها بنبرة حادة رافض حديثها بشدة قلت لك قبل كدة إن الألم ده مجرد شوية أملاح على الكلي و هيروحوا لوحدهم مع الوقت
و أكمل بهدوء أدخلي المطبخ إغلي لي شوية بردقوش و أنا هشربهم و إن شاء الله هبقا كويس بعدها
إقتربت منه و تحدثت بنبرة صوت مترجية طب علشان خاطري يا حبيبي روح للدكتور و إطمن و طمني عليك.

أجابها متمللا بجلسته ما انت عارفة يا ثريا إن أكتر حاجة بكرها في حياتي هي الكشف عند الدكاترة و زيارتي لعيادتهم
و أكمل بملامح وجه مكفهرة ريحة المستشفيات و العيادات بتخنقني، لما بدخلها بحس إن روحي بتتسحب مني و بيحصلي هبوط فوري
و أكمل برجاء إدخلي بس إنت يا حبيبتي إعملي لي كباية بردقوش و أنا هبقا كويس بعدها،.

و اكمل محذرا إياها و ياريت زي ما اتفقنا قبل كده، ما تجبيش سيرة لأي حد بموضوع تعبي ده، أنا مش عاوز أقلق أي حد عليا يا ثريا وأصلا الموضوع مش مستاهل إنه يتقال
إستسلمت لحديثه رغم عدم إقتناعها بحديثه لكنها مجبرة على إحترام رغبته و قرارة و تحركت إلى خارج الغرفة، و دلفت إلى المطبخ كي تصنع له ما طلبه،.

و بعد قليل دلفت إليه من جديد حاملة بين يديها كأس مشروب البردقوش الذي طلبه، وجدته يغط في ثبات عميق من أثر ذاك المسكن، و وجدت صغيرها النائم بدأ بالتملل داخل مهده الصغير ليعلن عن إستيقاظة،
وضعت ما بيدها فوق الكومود بحرص شديد و ذهبت إلى صغيرها سريع و حملته بين أحضانها و هي تقبله بحنان و تهدهده بصمت كي لا يبكي و يتسبب بإزعاج أبيه الناعس.

تحركت به إلى خارج الغرفه و اتجهت به إلى المرحاض ثم نزعت عنه ثيابه و قامت بتنظيفه عن طريق إغتساله بالماء الدافئ تحت سعادة الصغير و لعبه داخل حوض الماء و ملاطفة ثريا له و مداعبته بسعادة ثم ألبسته ثياب نظيفة و أدفأته جيدا كي لا يشعر ببرودة الجو، و تدلت به للأسفل كي تساعد والدتها و زوجة عمها بتحضير وجبة الإفطار لأهل المنزل قبل إستيقاظهم.

كانت تتحرك تحت سعادة الصغير رائف بدلال ثريا له و قبلاتها الحنون التي كانت تنثرها عليه بسخاء
وقفت متسمرة بمنتصف الدرج و هي تنظر بإستغراب حين وجدت منال تخرج من المطبخ و تليها والدتها عزيزة التي بدا على وجهها ملامح الغضب، و أكثر ما أثار دهشتها هو إستيقاظ منال بذاك التوقيت المبكر، بدا الأمر لها غريب حقا و خصوصا أنها لا تستيقظ باكرا مهما حدث.

إرتبكت منال عندما لاحظت هبوط ثريا من فوق الدرج لكنها حاولت التماسك جاهدة كي لا تثير حولها الشكوك، صعدت الدرج بهدوء و ثبات نفسي إفتعلته بصعوبة حتى إقتربت من وقفت ثريا التي تسمرت و تحدثت إليها بهدوء و هي تمر من جانبها بثبات صباح الخير يا ثريا
و تحركت مباشرة إلى الأعلي دون انتظار رد ثريا لها تحيتها فتحدثت ثريا بشرود صباح النور يا منال.

ثم نظرت إلى والدتها التي بادلتها النظر و لكن بنظرة غاضبة و تحركت إلى المطبخ لتشرع من جديد في بدأ التحضيرات لصنع الوجبه
تحركت إليها ثريا و تحدثت بنبرة هادئة صباح الخير يا ماما
ردت عزيزة عليها بإقتضاب و ملامح وجه مكفهرة صباح النور
إستغربت ثريا حدة معاملة والدتها لكنها تغاضت عن الأمر و تساءلت مستفهمه أومال مرات عمي فين؟

أجابتها عزيزة بنبرة حادة و ملامح جامدة في أوضة الخبيز بتابع البنات اللي بيخبزوا العيش و الفطير
إقتربت منها ثريا و وقفت خلفها و أردفت متساءلة بترقب و إستغراب مالك يا ماما، إنت زعلانة مني في حاجة؟
إلتفت إليها عزيزة و تحدثت بنبرة حاده و عيون غاضبة للغاية و هزعل منك ليه، إنت عملتي حاجة تزعلني؟

أشار الصغير إلى عزيزة و هو يرتمي عليها بإبتسامته الخلابة، فالتقطته عزيزة و أدخلته لداخل أحضانها و باتت تنثره بالقبلات الحانية رغم حزنها من ثريا، و لكن يضل رائف حفيدها و إبن غاليتها الوحيدة
إستجمعت ثريا شجاعتها و تساءلت و هي تضع البيض داخل الإناء الخاص به لطهوة منال قالت لك أية يا ماما قلبتك عليا بالشكل ده؟

هنا لم تستطع عزيزة كتمان ما بداخلها أكثر من ذلك رغم تحذيرات منال لها و التأكيد لها على عدم البوح، و ذلك لعدم تعرضها لثورة عز الغاضبة، إلا ان غضبها الشديد من صغيرتها لم يجعلها تستطيع صون العهد التي قطعته على حالها و الصمود.
و تحدثت بنبرة حادة غاضبة و هي منال محتاجة تقلبني عليكي يا بنت بطني؟
كفاية عمايلك السودا اللي تخليني أتحسر على خلفتي ليكي بدري.

و أكملت بنبرة لائمة بقا بدل ما تعقلي أخوكي و تحاولي ترجعية لعقلة و تخليه يتنازل عن رأيه في جوازته من البت بتاعت أسوان رايحة تحرشي عز و تقولي له يروح يكلم أبوكي و يقنعه بالعروسه؟
و أكملت بصياح عال للدرجة دي أخوك رخيص عليكي و ما تهمكيش مصلحته عشان تدبسيه في جوازة زي دي؟

جحظت عيناها بذهول عندما إستمعت لإعتراف والدتها، هذا يعني أن تلك المنال تسمعت عليهما هي و عز، ليس هذا فقط، بل و أنها جاءت لتفتنها بوالدتها و توشي لها بما أستمعت و تجعل العلاقة تتزعزع بين الأم و إبنتها، ما لتلك المنال لا تبالي و لا تمتثل لأية أخلاق أو مبادئ
نظرت إلى والدتها بحزن و تساءلت حتى لا تظن السوء بمنال منال قالت لحضرتك هي عرفت كلامي مع عز منين؟

إتسعت أعين عزيزة و تساءلت بإستغراب من. حال إبنتها هو ده كل اللي هامك يا ثريا؟
ثم أجابت على سؤالها بنبرة حادة سمعتكم بالصدفة يا عين أمك و هي في المطبخ بتعمل لكم العصير،
و أكملت بوعيد و هي تشير بسبابتها مهدده إياها بوعيد و عارفه يا ثريا لو رحتي قلتي لعز على الكلام ده أنا هعمل فيكي أية؟

وأردفت قائلة بتفسير البنت عهدتني إني ما أجبش سيرتها علشان عز ما ينكدش عليها زي عادته، كتر خيرها جت تفهمني و تخليني ألحق أخوكي قبل ما عز يروح يكلم أبوكي و يتدبس في جوازة بالشكل ده بفضلك
يا ماما حرام عليكي، المفروض إنت أكتر واحدة تحسي بإبنك و بقلبه الموجوع من العشق، كانت تلك كلمات لائمة ألقتها ثريا على مسامع والدته.

نظرت إليها عزيزة بإستنكار و هي تهدهد حفيدها الغالي برقة كي لا ينزعج من صوتهما الهادر عشق أيه و مسخرة أيه دي كمان اللي بتتكلمي عنها يا بنت صلاح، ما تفوقي كدة يا بت و تشوفي مصلحة أخوكي فين
ثم أكملت بنبرة أمرة إسمعيني كويس يا ثريا، إنتي زي ما روحتي لعز و كلمتيه يتوسط لحسن عند أبوكي، تروحي له برده زي الشاطرة كده و تقولي له إنك خلاص راجعتي نفسك و لقيتي إن اللي أبوكي عمله هو الصح لحسن، سمعاني يا ثريا.

و أكملت بنبرة تهديدية و إلا هتكوني كده بتعاديني و ساعتها لا أنت بنتي و لا أعرفك
تمللت بوقفتها و تحدثت بريبة من مجرد تخيلها لمحادثتها مرة اخري إلى عز خشية غضبة حبيبها و أردفت قائلة بأسي وتملل أنا لا هتكلم مع عز و لا مع غيرة خلاص، الموضوع ده أنا سيبتهولكم و إنتوا أحرار في إبنكم، سبوني بقا في حالي كلكم.

ثم فجأة و بدون مقدمات شعرت بدوار حاد يهجم عليها و جعل توازنها يختل كليا حتى أنها كادت أن تنهار بوقفتها و تقع أرض لولا يدها التي تشبست بشدة بحوض المطبخ مستنده بجزعها عليه، ثم مالت برأسها إلى الأسفل و أغمضت عيناها لتفادي تلك السحابة السوداء التي هاجمتها بشدة و حجبت عنها الرؤية.

صاحت عزيزة منادية بإسمها و هي تتحرك إلى غاليتها سريع و تحدثت و هي تتفقدها جيدا بهلع ورعب مالك يا ثريا، فيكي أية يا بنتي إنطقي
أفتحت عيناها ببطئ شديد و تحدثت بأنفاس متقطعة و صدر يعلو و يهبط سريع متأثرا بما حدث مش عارفة مالي يا ماما، دوخت مرة واحدة و كنت هقع من طولي لولا لحقت نفسي و مسكت في الحوض.

أسندتها عزيزة بيد واحدة أما الأخري فكانت تحمل بها الصغير برعاية، و سحبتها من يدها و تحركت بها حتى أوصلتها إلى الطاولة الموضوعة بمنتصف المطبخ و سحبت لها مقعدا و أجلستها فوقه بإهتمام
جلست ثريا و بدأت تنظم أنفاسها بأخذ شهيق و زفير كي تهدأ حالها و تشعر بالتحسن، أما عزيزة التي جلست بجوارها و نظرت إليها شاملة ملامح وجهها بتدقيق و تساءلت بإبتسامة جانبية.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة