قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل السادس

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل السادس

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل السادس

جلست سماح تضغط شفتيها معا فى محاولة منها لمنع نفسها عن الانفجار بالضحك وهى ترى شقيقتها تقف امام الخزانة الخاصة بملابسها تعبث بمحتوياتها تتفحص هذا وترمى ذاك وهى تتحدث بعصبية وتوتر
: لااا بس برضه انا مكنش ينفع اوافق على كلامه كده على طول، علشان ميقولش يعنى انى هتجنن عليه وماصدقت انه خلاص هيتجوزنى.

وافقتها سماح بصوت مختنق بالضحك
: عندك حق كان لازم برضه.

رفعت فرح احدى الفساتين امام نظريها تتطلع له بتركيز واهتمام قائلة
: ااه طبعا اومال ايه، هو انا فعلا هموت عليه وهتجنن من الفرحة بس مش لازم يعرف ده يعنى وكمان...

هنا لم تستطع سماح المقاومة طويلا لتنفجر ضحكاتها بصوت عالى صاخب حتى اصبحت تستلقى بظهرها فوق الفراش تمسك بمعدتها وجسدها كله يهتز وبشدة بسببها لتلتفت اليها فرح تضيق عينيها وهى تضغط فوق اسنانها غيظاً هاتفة
: تصدقى انك عيلة رخمة، بقى بتاخدينى على دا عقلى يا سماح.

جاهدت سماح حتى تتمالك نفسها تنهض بصعوبة وتقف على قدميها متجهة اليها وصوتها اجش من اثر ضحكاتها تهتف بمرح ساخر
: هو انا بس اللى باخدك على اد عقلك ياقلب اختك، ده كله بقى عارف انه ده الحل الوحيد معاكى
اتسعت بسمتها تكمل بخبث
: ده حتى صالح بقى عارف علاجك ايه، عينى عليه ده هيشوف ايام سودا معاكى.

صرخت بها فرح مستنكرة وهى ترميها بقطعة الملابس التى بيدها لتصيبها فى وجهها بقوة هاتفة
: ليه ياختى بقى، والله مافى حد فى عقلى، ولا عمره هيلاقى واحدة تحبه زى مانا بحبه.

تغيرت ملامح سماح فورا تشع بالحنان تبتسم لها برقة وهى تمد اناملها ترجع خصلات شعرها الى خلف اذنيها قائلة بجد
: طبعا يابت، ده صالح ده امه دعياله علشان كده رزقه بواحدة زيك تعوضه خير عن جوازته الاولنية وتحطه جوا عينيها.

خيم فورا على اجواء الغرفة التوتر بعد كلماتها تلك يفسح لنفسه المجال بها بعد الجو المرح ومزاحهم يعكر صفحة وجهه فرح الحزن عند لحظة ذكر شقيقتها لزواجه السابق ترفع عينيها وقد غشاها القلق والخشية الى شقيقتها هامسة بكل مخاوف قلبها اليها بصوت مرتعش خائف
: بس انا خايفة ياسماح خايفة يكون لسه بيحبها، خايفة اكون جوازة اضطر ليها علشان الظروف و اللى حصل.

اسرعت سماح تمسك بكفيها بين يديها مؤكدة بصوت حازم قوى
: بطلى عبط، تفتكرى صالح من اللى ممكن يعملوا حاجة مش عوزنها، ولا ظروف تتحكم فيه، بعدين ماهو بقاله شهر وزيادة سايب مراته مرجعش ليها ليه؟!، ده لو كان عاوز يرجع.

حدقت فرح فى عينى شقيقتها تنشد الطمأنية منها لتهز لها سماح رأسها قائلة بهدوء
: ارمى كل حاجة ورا ضهرك، وافرحى بحلمك اللى كلها كام ساعة ويتحقق، متخليش حاجة تعكر عليكى فرحتك بيه، وكفاية انك هتبقى مراته وانتى وشطارتك بقى تخليه يحبك زى ما بتحبيه واكتر كمان.

ابتسمت بحنان تكمل بتأكيد والحب يشع من نظراتها
: وانا متأكدة انه مش هيحبك بس، لا ده هيعشق التراب اللى هتمشى عليه لما يفهمك ويعرفك كويس.

شع الحب والامتنان لها على وجه فرح تسرع وترتمى فى احضانها تهتف بحب وسعادة
: ربنا يخليكى ليا، مش عارفة من غيرك انا كنت هعمل ايه.

احتضنتها سماح هى الاخرى هاتفة نبرات مختنقة بالبكاء والعاطفة
: ويخليكى ليا، هتوحشينى يابت و هيوحشنى الخناق معاك.

ظلا بين احضان بعضهما بصمت كان ابلغ من اى حديث وكلمات، تستمد كلا منهما الامان والحب من الاخرى حتى ابتعدت سماح تمسح عبراتها قائلة متصنعة الحزم والجدية
: كفاية كلام بقى ويلا تعالى نشوف هتلبسى ايه، الناس زمانها على وصول.

ابتسمت فرح تمسح عبراتها هى الاخرى تهز رأسها لها بالموافقة ليمضى الوقت بهما بعدها فى البحث عن ثوب لائق حتى تنهدت فرح باحباط وهى تلقى بقطعة ملابس ارض قائلة
: مفيش حاجة نافعة، كل باهت و قديم ومينفعش.

تنهدت سماح هى الاخرى تعقد حاجبيها بتفكير للحظات لتهتف بعدها قائلة بحماس وهى تنهض واقفة سريعا
: بس لقيتها انا هكلم البت نجلاء ونقولها على فستان شبكتها وهى بت جدعة مش هتقول لا.

قطمت فرح شفتيها غير واثقة للحظة قائلة بعدها بقلق
: بس مش هياخدوا بالهم انى لابسة فستان شحاتة.

سماح وهى تمسك بغطاء شعرها الملقى فوق الفراش تضعه سريعا عليها تتجه ناحية الباب قائلة بحزم
: وهما هيعرفوا منين، بصى انا هخطف رجلى ليها احسن واروحلها، هى زمانها خلصت شغل وروحت وساعة زمن واكون عندك.

فتحت الباب تهم بالخروج لكنها توقفت بغتة تلتفت الى فرح محذرة اياها بشدة
: بت اوعى تخرجى من الاوضة لحد ما ارجع وابعدى عن طريق خالك خالص الساعة دى، انتى شايفة اهو العفاريت بتتنطط ادامه من ساعة ماعرف الخبر، خلى يومك يعدى على خير.

ثم القت لها بقبلة فى هواء خرجت بعدها مسرعة لتنفذ فرح تحذيرها فتظل جالسة فى امان غرفتها للحظات لم تدم طويلا فقد تعال فجأة صوت صراخ زوجة خالها يصاحبه اصوات تحطم للأوانى بضجيج شديد جعلها تهب فزعاً من مكانها تسرع للخروج من غرفتها تتسمر على بابها حين وجدت زوجة خالها ساقطة ارضا وهى تبكى بحرقة وقد تبعثر من حولها بقايا الطعام وخالها يقف مشرفاً فوقها يهم بصفعها ووجهه محتقن شديد الغضب لكن توقفت يده فى الهواء يلتفت الى فرح فور ان شعر بوجودها وقد اصبح غضبه كلها وجهاً اليها صائحا بصوت ثقيل غير مترابط.

: اهلاا بالعروسة، اهلا ببنت ال الفقر اللى ضيعت عليها وعليا لقمة طرية كانت هتشبرقنا طول العمر.

لم تعير فرح لغضبه اهتماما تسرع الى كريمة الملقاة ارضا وهى تبكى متألمة تنحنى عليها بحماية صارخة فيه بغضب وحرقة
: حرام عليك عملتلك ايه علشان كل يوم والتانى تبهدل فيها كده.

ترنح مليجى للخلف وقد اخذ يشيح بيده بحدة قائلا بكلمات متعثرة تحمل اثر سكره
: صوتك مايعلاش عليا يابنت الولا تكونى فاكرة عريس الغفلة هيقدر يحميكى منى دانا، دانا.

اخذ يكرر كلمته الاخير وهو يتمايل فى وقفته بعدم ثبات حتى كاد ان يسقط ارضا فأنتهزت فرح الفرصة لتنهض كريمة على قدميها سريعا هامسة لها
: اجرى استخبى فى اوضة العيال بسرعة.

امسكت كريمة بيدها تجذبها معها هامسة برعب وصوت مرتجف
: تعالى معايا لحد ما يغور ولا ينام بدل ما يعمل فيكى حاجة، ده مش حاسس بنفسه.

وافقتها فرح تتحرك معها بسرعة باتجاه الغرفة لكن ما ان دخلتها كريمة حتى جذبت يد فرح منها و تعالى معها صرختها المتألمة بعد ان جذبها مليجى من خصلات شعرها للخلف يلفها اليه بعنف ثم يهوى على وجنتها بلطمة قاسية صارخا بشراسة
: رايحة فين يا بنت ال دانا هعمل على امك حفلة ضرب النهاردة، وهو نفرح العريس بكام ضلع مكسور.

لطمها لطمة اخرى اشد قسوة وعنف جعلتها تصرخ عاليا وقد اطاحت بها الضربة للجانب لتصطدم رأسها بحافة الطاولة بقوة سقطت بعدها ارضا مغشيا عليها لتصرخ كريمة جزعة تهرع الى فرح الملقاة ارضا لا حول لها ولا قوة تلتقطها بذراعيها صارخة بهستريا بأسمها وحين لم تجد منها استجابة رفعت وجهها الى مليجى تصرخ به بحرقة
: قتلتها ياظالم، قتلتها يا مفترى، روح ربنا ينتقم منك.

جفت الدماء من وجهه وقد اتسعت حدقتيه رعبا ترتعش اوصاله هو يرى وجه فرح وقد غطته الدماء وجسدها الهامد بين ذراعى زوجته ثم اخذ ينظر حوله بفزع واضطراب بحثا عن مهرب قبل ان يهرول مسرعا و يقوم بفتح الباب الخارجى مغادرا فورا دون لحظة تردد واحدة لتشق صرخة كريمة الملتاعة عنان السماء مستنجدة.

: معقولة يابا هتوافقه على جنانه ده.

رفع منصور الرفاعى رأسه ببطء يتطلع الى ولده الاكبر حسن بصرامة وقد جلسوا جميعا داخل المكتب الخاص به فى الطابق الثانى فى محل عملهم قائلا
: جنان ايه اللى بتكلم عنه ياحسن، هو شرع ربنا يبقى جنان؟!

نهض حسن على قدميه هاتفا بحدة قاسية
: اه، لما يبقى من بنت اخت العايق يبقى جنان، حد فيكم فكر مليجى هيذل فينا ازى لما يعرف هو ولا بنت اخته ان صالح مش...

فز الحاج منصور من مقعده هو الاخر صارخا بغضب بأسمه ليوقفه عن الباقى من حديثه يتوتر وجه حسن بعدها لكنه لم يستسلم يكمل بعدها وقد اخذ يتلعثم بكلماته قائلا بأرتباك
: يابا انا خايف على صالح، اذا كان بنت الحسب والنسب باعت واشترت فيه وفينا لما عرفت، مابالك بقى بتربية مليجى العايق هتعمل فيه ايه لما تعرف.

كان صالح اثناء حديثهم يتكئ على مقعده يتطلع نحو اخيه وهو يدخن سيجارته ببطء يوحى مظهره الخارجى بالراحة وعدم مبالاته بما يدور من حديث لكن بداخله كان كالعاصفة الهوجاء وكلمات شقيقه القاسية تثير به الفوضى العارمة وهى تبعثر اشلاء قلبه ينتزع مع كل كلمة يتفوه بها قطعة منه يشعر كأنه بالجحيم وهو يقود معركة شرسة مع نفسه حتى لا ينهض من مقعده ويخرسه بأكثر طريقة قد تريحه فى تلك اللحظة وهى بتسديد لكمة الى فمه عنيفة بعنف غضبه ليصمته بها فورا عن الحديث لكنه جلس كما هو يحدق به ببرود شديد اصاب حسن بالارتباك اكثر بعد ان التفت اليه يحدثه بصوت مستعطف مترجى.

: اسمع كلامى ياصالح، بلاش منه الموضوع ده، وبعدين انت مش قلت مش هتتجوزها ايه حصل بقى وغير رأيك؟!

نظر صالح الى طرف سيجارته المشتعل يجيبه بهدوء وصوت غير مبالى
: ده حاجة متخصكش، ليه وعلشان ايه دى بتاعتى انا.

جف حلق حسن توترا من لهجة اخيه التى يعلم جيدا انه حين يستخدمها فقد وصل الى حافة صبره لكنه لم يتراجع يزدرد لعابه بصعوبة وهو يسأله ببطء وفضول
: طب هتعرفها قبل كتب الكتاب ولا...

عند هذا الحد ولم يعد بأمكانه الصبر او السيطرة على غضبه بعد الان يهب من مقعده مواجها لشقيقه بهدير قوى جعله يتراجع للخلف وهو يرتعش فزعا قائلا
: حسن لحد هنا وخلص الكلام، قلتلك دى حاجة ماتخصكش..

ثم اقترب منه وعينيه تثبته بنظراتها الحادة القاسية جعلت وجه حسن يتصبب عرقا حين نكزه صالح فى صدره بسبابته قائلا بنبرة تحذرية صارمة
: ويكون فى علمك فرح لو عرفت من حد قبل ما تعرف منى انا مش هعديها واعرف ان دى بالذات هيكون ليها حساب تانى خالص ممكن انسى فيه اننا اخوات من الاساس.

شحب وجه حسن بشدة يزدرد لعابه مرة اخرى ولكنه هذه المرة وجده جاف كأنه يقف فى صحراء قاحلة وعينيه تتطلع له بأرتعاب وهو يرى اخيه ولاول مرة فى حياتهم معا يتحدث اليه بكل هذا العنف والصرامة ليهمس بتوتر واضطراب
: بقى كده ياصالح من اولها كده، طيب ياسيدى براحتك وكلامك وصلنى كويس اوى ياعم، ومبروك عليك جوازة الهنا.

ثم التفت الى والده قائلا بحدة فى محاولة لحفظ ماء وجهه امامهم
: بس لامؤاخدة بقى يابا، انا مش هحضر اى حاجة تخص الجوازة دى لأنا ولا مراتى.

ثم تحرك فورا مغادرا دون ان ينتظر لحظة اخرى برغم نداء والده له والذى التفت الى صالح بعدها قائلا بأسف ورجاء
: حقك عليا انا ياصالح، متزعلش، منه كل الحكاية انه قلقان وخايف عليك.

التوت شفتيى صالح بسخرية بتهكم قائلا
: لاا كان واضح اووى خوفه فى كلامه يابا بس للأسف قلقه وخوفه مش عليا وانت عارف ده كويس.

نكس الحاج منصور رأسه ارضا وقد ادرك ما يقصده صالح جيدا فلم يستطع الانكار يشعر بالخزى من ضعف ولده البكر امام زوجته وتسلطها وقد اصبح امرا لا يخفى عن احد متنهدا بعمق قبل ان يتحدث قائلا فى محاولة لتغير مجرى الحديث والذى اصبح يصيبه بالهم والعجز
: انا هطلع اشوف امك حضرت اللى قلتلها عليه ولا لسه، وبالمرة اكلم المأذون، وانت شوية وحصلنى.

اومأ صالح رأسه له موافقا ليقترب منه منصور مبتسما بحنان يربت فوق وجنته بحب وعينيه تشع بالفرحة قائلا
: مبروك ياصالح، صدقنى يابنى انا الدنيا مش سيعانى من الفرحة النهاردة.

احنى صالح رأسه يرفع كفه الى شفتيه مقبلا اياه بحب واجلال قائلا
: ربنا يخليك ليا ياحاج، وانا كفاية عندى اشوف الفرحة دى فى عنيك.

قاطعهم صوت يحاكى الزغرودة ارتفع فى المكان لكنها بصوت رجالى يعقبها صوت عادل الساخر قائلا
: ده يوم المنى ياعم صالح اننا نخلص منك ونفرح فيك، ولا ايه ياعم الحاج.

ضحك الحاج منصور وعينيه تلتمع بالسعادة قائلا
: طبعا ده يوم المنى عندى افرح بيه، وخصوصا انه هتجوز بفرحة قلبه ولا ايه.

غمز منصور لصالح بخبث ليهتف عادل بصدمة وذهول قائلا
: حلاوتك، وهو انت عرفت ابوك انك واقع لبوزك فيها من بدرى ولا ايه.

اتسعت عينى صالح له محذرا ليكمل عادل دون ان يبالى بنظراته قائلا لمنصور يسأله بمرح وخبث
: طب وقالك بقى انه من عبطه راح اتجوز غيرها علشان كان فاكر نفسه كبير عليها وانها عيلة صغيرة مينفعش يفكر فيها، بس اهى لفت لفت ووقع ليها برضه على بوزه.

التفت منصور الى صالح مذهولا وقد رأه يحنى رأسه خجلا وتوتر كطفل صغير مذنب لتتسع ابتسامة منصور السعيدة قائلا بحنان ورفق
: لا ماقالش الحتة دى، بس اهو ادينى عرفت منك وزى ماقلت عبيط بقى هنعمله ايه.

هلل عادل فرحا يلكم الهواء بسعادة جعلت صالح يرفع له نظراته متوعدا ليحرك عادل حاجبيه له مغيظا يهم بالحديث قبل ان تدوى صرخة سيد العامل ينادى من اسفل بلهفة وجزع
: ياحاج منصور، ياسى صالح، الحقوا بيقولوا مليجى العايق قتل فرح بنته اخته وهرب.

لا يعلم كيف قادته قدميه الى منزلها وقد كان مغيب الفكر ومتجمد الشعور كأن روحه غادرت جسده منذ ان وصل اليه الخبر لا يستطيع التصديق مصدوما بأن يقسو عليه قدره الى تلك الدرجة ويختطفها منه بعد كل معاناته تلك فقد كانت ساعات وستصبح ملكاً لقلبه اخيرا وتنير حياته ببهجة وجودها بها.

تجتاح جسده البرودة فتجمد اطرافه يرتعد قلبه بين جنبات صدره وهو يصعد درجات الدرج سريعا حتى توقفت خطواته امام بابها وقد امتلئ المكان بجمع غفير من الناس اخذت يديه تفرقهم بعنف حتى يستطيع الوصول لها ليتخشب جسده فورا حين وجده خالى من وجودها فاخذت عينيه تدور فى الارجاء بلهع ورعب بحثا عنها يلتفت الى احدى النساء يسألها بأرتجاف رغم خشونة صوته وحدته
: حصل ايه، فين فرح؟!.

لوت السيدة شفتيها بشفقة تشير ناحية احدى الغرفة قائلة
: هناك ياخويا مع الدكتطور، المخفى خالها ضربها فى دماغها فتحه وهرب اللى يتشك فى قلبه بدرى.

لم يقف ليستمع للباقى من حديثها يهرع ناحية الغرفة يفتح بابها فورا دون استأذان تهفو روحه للمحة منها حتى يطمئن قلبه الملتاع عليها.

يرتجف بقوة حين وجدتها عينيه اخيرا يراها تستلقى فوق الفراش برأس مضمد ووجه شاحب وبجوارها زوجة خالها الباكية وعدد من نسوة الحارة المتابعات لحديث الطبيب بأهتمام لكنه توقف عن الحديث لحظة دخوله يتطلعون اليه بذهول وفضول لكنه تجاهلهم جميعا نظراته تتعلق بها وهو يناديها بصوت خرج منه اجش ملهوف لتتملل فى رقدتها تحاول الجلوس بأعتدال فى الفراش باضطراب بينما اسرعت كريمة ناحيته هاتفة بلهفة وصوت باكى.

: شوفت ياسى صالح المفترى عمل ايه، كان هيموت البت ويضيعها فى شربة مية.

ابتسم الطيب ببشاشة متجها اليه هو الاخر قائلا بصوت مطمئن
: مش لدرجة دى يا ست ام امير دى خبطة بسيطة وعدت على خير.

مد الطبيب بيده الى صالح هو يلقى بالسلام يسأله عن حاله لكن الاخير تشبث بها ضاغطا فوقها بقوة كأنه ينشده الاطمئنان وهو يسأله بخوف
: يعنى فرح كويسة، مفيش فيها حاجة.

هز الطبيب رأسه بالايجاب يهتف بحزم وقد ادرك خوفه وتفهمه جيدا
: طبعا بخير وزى الفل، دول يدوب غرزتين مش هياخدوا كام يوم ويتفكوا..

ابتسم الطبيب ابتسامة مطمئنة بشوش يكمل يربت فوق كتف صالح الواقف وعينيه معلقة عليها لاترى احد غيرها هى فقط بأهتمام ولهفة جعلت الهمهمات تتعالى بين النسوة المتابعةلما يحدث بحقد وغيرة
: انا سمعت كمان ان كتب كتابكم كان النهاردة، فمفيش داعى خالص انكم تأجلوه لو تحبوا، هما يومين راحة وهتبقى زى الفل.

هتفت كريمة تأكد بحزم ولهفة
: يومين، تلاتة، عشرة براحتها خالص، دى انا اخدمها بعنيا، وان كان على كتب الكتاب لما تقوم بالسلامة خالص..

كانت هى جالسة مكانها كالمسحورة مشدوهة بنظراته لها لا تستطيع التركيز او الاهتمام بشيئ مما يحدث حتى لو كان الحديث عن حالتها الصحية كل حواسها معلقة عليه فقط لذا اتسعت عينيها ذهولا وصدمة وصوته يهز جميع حواسها انتباها له حين قال بحزم وشدة وبصوت لا يقبل بالمجادلة او النقاش
: زى ما الدكتور قال مفيش حاجة هتتأجل، وان كان على يومين الراحة هيحصل، بس وفرح مراتى وفى بيتى.

بعد ان القى قنبلته المدوية تلك تم كل شيئ فى لمح البصر من استعدادات صارت على قدم وساق من تعليق الزينة لتشع بانوارها المبهجة فى اجواء الحارة حتى فستان الزفاف تم احضاره مع مستلزماته بصحبة احدى الفتيات للقيام باى تعدلات قد يحتاج اليها اما عن زينة وجهها فقد قررت وضعها بنفسها بمساعدة من سماح بعد حضورها وتجاوزها صدمة ماحدث مؤيدة لقرار صالح هى الاخرى بحسم تسألها فرح بعدها فى عزلة غرفتهم لما فعلت هذا لتجيبها سماح وهى تمسك بكفيها بشدة لتشعر بارتجافة جسدها من خلالهم وهى تتحدث قائلة والخوف يعلو نبراتها.

: كده احسن، خالك عمره ما هيرتاح الا لو عمل مصيبة فشكل بيها الجوازة وطول ماأنت مش فى بيت صالح وفى حمايته مش هيرتاح ولا هيريحنا وقليل لو ماعمل مصيبة تانية من مصايبه وياعالم هتعدى ولا لا.

اغروقت عينيها بالدموع يتجشرج صوتها تكمل
: والحمد لله انها جت على اد كده، والنهاردة جوازتك مش جنازتك.

احتضنتها سماح بعدها بقوة كانت ابلغ لها من اى حديث اخر بينهم تسرعان فى اتمام كل شيىء بعدها ليتم انتقالها من منزل خالها لمنزله بعد عقد القران فورا تصاحبها اليه نسوة الحارة ومعهم والدته الحاجة انصاف والتى اخذت تصفق وتهلل بالغناء معهم تمسك بيدها برفق حتى الجمع المنتظر من رجال الحارة امام باب منزله لكنها لم ترى احداً منهم وقد خطف قلبها قبل عينيها شخصا واحدا فقط يقف معهم بكل وسامته وهيبته مبتسماً لها وهو يمرر نظرات عينيه الولهه عليها مقتربا منها ببطء تعال معه نبضات قلبها بصخب ويتورد خديها خجلاً حين انحنى عليها مقبلا لجبينها ببطء ونعومة تنحدر شفتيه برقة نحو اذنيها يهمس بصوت اجش وانفاسه تدفىء بشرة عنقها.

: مبروك، يافرحة قلبى وكل مناه.

ارتجفت تشعر بالضعف فى قدميها حين شعرت بلهيب انفاسه على بشرتها كالنيران تشعلها تتسابق انفاسها وهى تجاهد حتى تتماسك بعد كلماته الهامسة تلك تراه يتراجع عنها ببطء تاركا قلبها بحالة مبعثرة وانفاس مقطوعة لا تصدق اذنيها ماسمعته تنسبه فورا وخوفا على سلامة عقلها لاشتياق قلبها لكلمة منه فاختلق لها اكاذيب مستحيلة.

لكن غاب عن عقلها فورا اى تفكير شاهقة بذهول حين رفعها بين ذراعيه يحملها بينهم يتجه بها الى داخل المنزل ثم يصعد الدرج بسرعة هامسا لها وابتسامة سعيدة تزين ثغره غامزا بخبث
: فاكرة زى زمان، ولو تحبى كمان اخليكى ترنى الجرس انا معنديش مانع، بس المرة دى جرس شقتنا انا وانتى مش جرس حد تانى انتى مابقتيش عيلة صغيرة، انت بقيتى مراتى وعروستى.

اشتعل وجهها خجلا تلف بذراعيها عنقه تختبىء بوجهها عن عينيه بنظراتها المشتعلة فى حناياه لترتفع عالية ضحكته الاجش الرائعة لكنها لم تغضبها هذه المرة بل تركتها مرتجفة سعيدة يهلل قلبها فرحا بها تشعر بين ذراعيه كأنها تحلق عاليا فى سماء السعادة والفرحة تدعو الله ان تظل دائما داخل غيمة سعادتها الى الابد ولا يعكر صفوها شيئا ابدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة