قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الخامس عشر

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الخامس عشر

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الخامس عشر

مرت عليها لحظات بعد كلماته الحادة المقتضبة تلك مذهولة عينيها تنسكب منها العبرات وقد عاودتها هواجسها مرة اخرى تهاجم بضراوة وشراسة هامسة لها كفحيح افعى تنشر سمها ببطء داخل عقلها جلست هى مستسلمة لها لتتلاعب بها للحظات قبل ان تصرخ بعنف رافضة لها هذه المرة وهى تنهض من مكانها تبحث عن ردائها للذهاب خلفه والبحث لديه عن اجوبة فلن ترضى هذه المره بالصمت والاحتراق ببطء بسبب ما قاله لذا خرجت سريعا خلفه تبحث عنه فى ارجاء المكان حتى دلها اخيرا الهواء البارد الاتى من خارج الشرفة المفتوحة عن مكانه وقد وقف بها يستند الى سورها بكفيه وهو يرفع رأسه عاليا نحو السماء عارى الصدر وقد القى بقميصه البيتى خلفه على ارضية الغرفة لتتقدم هى بخطوات بطيئة هادئة نحوه تقف خلفه على باب الشرفة تتطلع اليه بصمت وهو واقفا بتلك الطريقة كأنه فى عالم اخر لا يتفاعل مع شيئ ولا تهزه برودة الطقس المحيطة به يقف بجسد ثابت غير متأثر كما تهيئ لها.

لكنها كانت مخطئة فقد شعر بها على الفور وجسده يتفاعل بشدة مع عطر جسدها والذى حملته اليه نسائم الليل الملطفة من حرارة جسده المشتعلة بعد شعوره بالحاجة لتلك البرودة لتخرجه من حالة التشتت والاهتزاز والتى اصابته كلماتها بها منذ قليل لكنها لم تمهله الفرصة للتمالك اوالثبات تلحق به الى هنا فتقف خلفه الان لتواصل بعثرته كالشظايا بسؤالها الخافت له وصوتها مرتجف وهى تسأله برفق كأنها تخشى اجابته وما ستأتى لها من آلام بسببها.

: ليه يا صالح؟!، على الاقل من حقى اعرف ليه.

زفر بقوة وهو مازال يتطلع للسماء كأنه يبحث عما يجيبها به من خلالها قبل ان يتحرك ببطء الى الداخل يقف فى منتصف الغرفة يعطى لها ظهره فترى فى ضوء الغرفة الضعيف عضلاته المشدودة من شدة التوتر يسود الصمت لبرهة طويلة انتظرت فيها اجابته باعصاب على الحافة تهم بالصراخ عليه ليجيبها حتى التفتت اليها اخيرا ببطء شديد وحاجبيه معقودين بشدة وشفتيه متصلبة فتتسارع انفاسها وضربات قلبها تصم الاذان فى انتظار اجابته لكنه فاجأها حين سألها هو الاخر ردا على سؤالها بسؤال اخر قائلا بهدوء شديد.

: مهم عندك اوى موضوع الخلفة ده يافرح؟

احتضنت جسدها بذراعيها بقوة وقد فاجأها بسؤاله تشعر به كفخ نصبه لها لكنها اجابته بصدق وبصوت مرتجف
: كل بنت حلم حياتها يكون ليها اولاد وبنات من الراجل اللى اختارته يشاركها حياتها، وابقى كدابة لو قلت انى عكسهم او مش عاوزة ده.

وقف مكانه يتطلع اليها بنظرات متألمة شعرت معها كانها بأجابتها تلك عليه قد قامت بأهانته او اوجعته لكن سرعان مااختفت تلك النظرة سريعا من عينيه يحل مكانها نظرة شديدة البرود وعلى وجهه يمر تعبير خاطف لم تستطيع التعرف عليه وقد مر كالطيف فوقه قبل ان تكسو ملامحه هى الاخرى البرودة وهو يلتفت مرة اخرى الى الناحية الاخرى قائلا بقسوة.

: طيب ولو الراجل اللى اختارتيه زى ما بتقولى رافض الفكرة دى من الاساس ومش عاوز حتى الكلام فيها، ردك هيكون ايه.

وقفت تتطلع اليه ذهولا تقتلها كلماته وتحرقها ببطء وهى تراه يكررها عليها مرة اخرى ولكن هذه المرة لم تجد له ما يبررها سوى انه بالفعل لا يريد ما يربطه بها ولا مجال هذه المرة بتكذيب هواجسها وهى ترى منه كل هذا التعنت والقسوة تقف تتطلع الى ظهره وهى تلهث لطلب الهواء وقد خنقتها عبراتها تهتف به غير عابئة بشيئ بعد الان فهى تحارب كل يوم فى معركة خاسرة منذ زواجها منه تريد ان تألمه كما المها بوقوفه الغير مبالى وهو يلقى عليها بسهام كلماته لترشقها دون رحمة او شفقة بها قائلة بصوت قاسى وبارد تقصد بكل حرف تنطقه ان توجعه وتألمه كما يفعل معها.

: تبقى انانى يا صالح، لو فعلا عاوز منى ارفض وانسى غريزة ربنا خلقها فى قلب كل ست وانى ابقى ام فى يوم واضحى بيها علشانك انت لمجرد بس انك عاوز كده، تبقى انانى وقاسى يا صالح، سامعنى.

صرخت بكلمتها الاخيرة تنهى بها حديثها ثم اسرعت تتحرك مغادرة تمر من جواره وهى تدفعه بكتفها بغضب وعنف تاركة المكان له وقد انتهت منه ولا مجال لحديث اخر بينهم يسود الصمت المكان بعد مغادرتها لدقائق ظل هو خلالها واقفا مكانه كتمثال من حجر لا توجد على ملامحه او عينيه اى مشاعر او تعبيرات وقد ارتفعت مرارة كالعلقم فى داخل حلقه وشعور بالهزيمة والانكسار يسيطر عليه فبعد ان كان فى انتظار اجابتها كالظمأن فى صحراء قاحلة وهو يقسم بداخله لو جاءت اجابتها كما هو يتمنى سوف يخر فورا على ركبتيه اسفل قدميها معترفا لها بكل شيئ طالباً منها الغفران على كل ما فعل واخفائه عنها الحقيقة مبررا لها فعلته انه عاشق لها منذ سنوات طوال ويخشى خسارتها بعد ان اصبحت بين يديه لذا لجأ لخداعه هذا حتى يحظى بها فى حياته وبين احضانه المشتاقة لها ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، فقد جاءت اجابتها كما توقعها تماما يكررها عليه الزمن لمرتين كأنه لم يكتفى من اوجاع المرة السابقة.

ارتفعت على اطراف شفتيه بأبتسامه مريرة مرتجفة وهو يحاول السيطرة على تلك الدموع التى اغشت عينيه لكن أبى عليه كبريائه كرجل ذرفها فهو لم يكن ابدا بالضعيف ولن يسمح فى يوم ان يكون مهما كانت درجة عشقه لها.

لذا يوم وراء يوم مر عليهم وكل منهم التزم الصمت ومعاملته لاخر باحترام بارد لا يخلو من الفتور فبعد حديثهم المشئوم هذا عاد الى عمله مباشراً والتزام النوم بعيدا عنها فى غرفة اخرى و اصبح فى حديثه معها مهذب الى اقصى درجة كأنها شخص غريب عنه تماما لتشعر هى مع معاملته تلك كانها هى من قد قامت بأهانته وايلامه وليس هو تزداد المرارة بداخلها لحظة بعد اخرى وبعد ان اصبحت لا تراه تقريبا فى يومها فهو ينهض قبل استيقاظها ويحضر بعد نومها او كما يظن هو بنومها كقاعدة التزم بها طيلة هذان اليومين وهى ايضا لم تحاول كسر هذه القاعدة تتظاهر بلا مبالاتها لما يحدث برغم شوقها وتلهفها اليه تشعر بغضبها منه تخف حدته رويدا حتى كاد يصبح كالهباء الا من جزوة ضعيفة مازال يتمسك بها كبريائها تمر بها اللحظات شاردة يرتسم داخل عيونها الحزن كما الان وهى تجلس بجوار شقيقتها والتى اخذت تحدثها بحماس لكنها كانت غافلة عنها تماما فعقلها وافكارها كانت هناك لدى سارق قلبها وخفقاته تتسائل عما يفعله الان وما يفكر به حتى صرخت بها سماح بأستهجان مصطنع وبصوت جعلها تهب فى جلستها فزعا حين قالت.

: بت يافرح انتى معايا ولا انا بكلم نفسى، وربنا اقوم وامشى واسيبك، بلا نيلة عليكى.

التفتت اليها وعلى وجهها امارات الحيرة والارتباك والتى تدل على انها لم تكن منتبهة بالفعل لما كانت تقوله لها شقيقتها لتهتف بها سماح مازحة وقد اختفى غضبها فورا تصفو ملامحها
: لااا دانتى مش معايا خالص، كل ده علشان سى صالح سابك ونزل الشغل.

ثم اخذت ترفرف برموشها بطريقة حالمة ساخرة مع جملتها الاخيرة فجعلت ابتسامة ضعيفة ترتسم على شفتيها لتكمل سماح متنهدة
: ياااه على حب اللى مولع فى الدرة، يلا معلش شدة وتزول ياختى.

لم تبادلها فرح مزاحها كعادتها بل ظلت كما هى هادئة ساهمة النظرات لتعتدل سماح فى جلستها تتطلع لها بقلق قائلة
: بت مالك؟من ساعة ما كلمتك وقلتيلى تعالى وانت قاعدة مسهمة كده فى ايه؟

التفتت اليها فرح ببطء تتطلع اليها تتوق نفسها حتى تقوم بأخبارها بما حدث بينهم لعل لديها ما تستطيع به تهدئتها به كعادتها معها ولكنها لم تجد بداخلها الشجاعة لاخبارها او حتى التحدث بهدوء فهى لا تثق فى نفسها انها تستطيع الكلام دون الانفجار بالبكاء شفقة على نفسها كما انها لا تريد كلمات او نظرات مشفقة من احد حتى ولو من شقيقتها لذا اسرعت برسم ابتسامة ضعيفة قائلة بصوت متحشرج باهت.

: مفيش حاجة انا كويسة، بس الظاهر داخلة على دور برد مخلى دماغها مش مظبوط، كملى انتى بس كنت بتقولى ايه؟

تطلعت اليها سماح بقلق يظهر عدم تصديقها لها فى نظراتها لكنها مررت الامر لاتريد الضغط عليها للحديث تكمل بصوت عادى
: مفيش من ساعتها زى ما قتلك و انا عينى وسط راسى خايفة البت دى تعمل فيا مقلب تانى، خصوصا ان شوفت وشها عمل ازى لما دخلت لقيتنى لسه موجودة فى المكتب.

عقدت فرح حاجبيها بحيرة تسألها
: بت مين؟ انت تقصدى مين مش فاهمة؟تقصدى ياسمين؟!

هتفت سماح بها بغيظ
: اومال انا بقولك ايه من الصبح، البت ياسمين كانت هتودينى فى داهية لما سرقت..

قاطعتها فرح بصدمة وذهول صارخة
: نهار اسود هى ياسمين سرقت؟سرقت ايه؟ لااا انتى تحكيلى من الاول خالص.

زفرت سماح بحنق تقص عليها مرة اخرى كل ماحدث منذ بداية دخول ياسمين المكتب عليهم فجأة اثناء مزاحهم الى ماحدث فى اليوم التانى واختفاء التوكيل من داخل ملف القضية..

لتقاطعها فرح تنهض واقفة هاتفة تفرغ كل ما بداخلها من غضب ووجهها محتقن بشدة
: الحيوانة، هى اتجننت ولا ايه فاكرة نفسها مين، والله لكون مطينة عشيتها ال...

نهضت سماح تضع كفها فوق فمها توقف سيل الشتائم المنهمر منه وهى تهتف برعب
: يخربيتك اهدى، انتى اتجننتى ولا ايه، اعقلى كده انا بقولك شاكة فيها بس.

ابعدت فرح فمها من خلف كفها وعينيها تطلق الشرار صارخة
: يعنى ايه هنسكت ومش هنتكلم وهنسيبها تعدى بعملتها.

هزت سماح رأسها لها مؤكدة قائلة بحزم
: اه هنسكت يافرح، ولا عاوزة اهل جوزك يقولوا اننا بنخرب على بنتهم واحنا حتى مفيش بادينا دليل، اهدى كده وخلينا نتعامل بالعقل.

اخذت فرح تتطلع لها باستنكار ورفض لكنها وجدت من سماح نظرات ثابتة حازمة عليها جعلتها تحول التنفس بعمق وتهدئة غضبها المستعير بداخلها تجلس مرة اخرى لكن سماح لم تتبعها بل سحبت حقيبتها قائلة بهدوء
: انا همشى دلوقت وهجيلك تانى بعدين، وانتى حاولى تهدى كده وبلاش الجنونة بتاعتك دى وفكرى كويس فى اللى قلت ليكى...

اشارت لها بسباتها محذرة اياها بحزم تكمل
و اوعى اوعى يافرح جوزك ياخد خبر بكلامنا ده، متخلنيش ندم انى حكيت ليكى حاجة.

همهمت فرح بحزن قائلة دون وعى
: جوزى!مش لما نتكلم من الاساس ابقى احكيله.

اتسعت عينى سماح ذاهلة تهتف بحنق
: تانى يافرح تانى!، دانتى لسه مكملة اسبوع جواز وخاصمتى فيهم الراجل اكتر ما كلمتيه.

انفجرت فرح فى البكاء بصوت تقطع له قلب سماح وعلمت ان الامر لم يكن هيناً اوبسيط مثل ما تخيلت لتجلس مرة اخرى تحتضنها بحنان بين ذراعيها تربت فوق خصلات شعرها بحنو تتركها تفرغ ما بداخلها بالبكاء حتى هدئت شهقاتها اخيرا لتسألها سماح بحنان و مراعاة
: حصل ايه تانى بينك وبينه..؟! احكيلى يلا.

نكست فرح رأسها قائلة بحزن وطفولية
: هحكيلك علشان بعد ما اخلص تغلطينى زى كل مرة.

ابتسمت سماح وهى ترفع وجهها اليها قائلة بشاشة ورفق تحاول تطمئنتها
: لا متخفيش مش هعمل كده، وبعدين يعنى هو هيبقى عندى اغلى منك يا عبيطة.

كأنها كانت تنتظر كلماتها المطمئنة تلك تسرع بالقاء رأسها فوق كتف سماح تزيح عنها ثقل يجثم فوق صدرها تتسابق عبراتها فوق وجنتيها وهى تقوم بقص عليها ماحدث بنبرات حزينة منكسرة لم تقاطعها خلالها سماح ولو لمرة حتى انتهت اخيرا ليسود صمت حاد بعدها جعل فرح ترفع رأسها ببطء تسألها بعينيها فى انتظار رأيها ولكن حين اخفضت سماح رأسها هرباً من نظراتها اسرعت تهتف بها بصوت خائب الامل تعاتبها.

: شوفتى كنت عارفة، اتفضلى قولى اللى عاوزة تقوليه وغلطينى يلا، وانا هسمع ومش هتكلم.

تنحنحت سماح تتطلع اليها وهى تضغط على شفتيها شاعرة بالذنب لاخذها جانب صالح فى كل خلاف بينهم تحاول التحدث بشيئ من العقلانية برغم انها تعلم ان معها كل الحق فى غضبها وردة فعلها هذه المرة قائلة بهدوء
: لا ياقلب اختك، المرة دى انتى عندك حق، اى واحدة مكانك هتعمل كده واكتر، بس كل حاجة بالعقل يافرح تتحل.

ارتعشت شفتى فرح تسألها بصوت باكى
: اى عقل يا سماح؟! ده بيقولى مش عاوز خلفة عارفة يعنى ايه ده ومعنى كلامه ايه؟!

اسرعت سماح تهز رأسها بالنفى وقد علمت ما تريد ان تصل اليه بسؤالها هذا تهتف بها بحزم
: لا مش عارفة ومش عاوزة اعرف، وبطلى بقى كل حاجة تحشرى جوازته الاولنية فيها، انسيها يا فرح واديله فرصة ينساها هو كمان.

عقد فرح حاحبيها معا بشدة تسألها بحيرة
: يعنى ايه مش فاهمة؟

اجابتها سماح وهى تقترب من وجهها قائلة بجدية
: يعنى كل اللى بتحكيه ده بيقول ان صالح مش زى مانت فاكرة..

تكمل قبل ان تقاطعها فرح هتفت بها بحزم وقد ادركت ما تنوى قوله
: وانسى موضوع الخلفة ده خالص، هو كان جاب سيرته الا لما فتحتيه انتى فيه؟

هزت لها فرح لها رأسها بالنفى لتغمز لها بخبث سماح قائلة
: طيب ياعبيطة يعنى لو هو مش عاوز فعلا خلفة زى ما بيقول، كان قال من قبل كده وخلاكى تاخدى احتياطك، وانتى طبعا فاهمة انا اقصد ايه.

توردت وجنتى فرح خجلا لتبتسم سماح بحنان تربت فوقها قائلة
: اعقلى كده وبلاش القطر اللى ماشية بتدوسى بيه ده، واتكلمى معاه بالعقل، وبعدين مين عارف مش يمكن كل خناقكم ده ينزل على مفيش وابقى خالة عن قريب.

وضعت كفها اثناء تحدثها فوق بطن فرح مبتسمة لتبادلها فرح الابتسام وعينيهم تلتمع بالفرحة قبل ان تحتضنها سماح بقوة تنهض بعدها قائلة
: اروح انا بقى علشان اتأخرت على المكتب وهبقى اجيلك تانى، بس المرة الجاية عاوزة اسمع اخبار حلوة كده، وانك عقلتى، اتفقنا.

اومأت لها فرح لترفع سماح عينيها الى اعلى بنظرة متسألة تضع سبابتها فوق ذقنها هامسة
: والله انا بدئت اشك انى انا اللى فقر عليكم، ومش باجى هنا الا لما بتبقوا متخانقين، زى اللى قلبى كان حاسس..

نظرت لفرح المبتسمة تكمل وهى تتنهد بطريقة مسرحية
: يلا قلب الام بقى، وانا طول عمرى قلبى بيحس بيكى ياقلب امك.

ثم اخذت تتراقص بحاجبيها لها ممازحة لتنفجر فرح بالضحك لتكمل سماح وهى تتجه للباب كأنها ادت ما عليها قائلا بحزم مرح
: كده تمام اووى، اروح انا بقى، واشوفك الخناقة الجاية، بس ياريت ميكنش قريب.

وقفت بعد ذهاب شقيقتها تفكر بعمق وعقلانية فى حديثهم السابق وهى تجلس فوق الاريكة تجرى حديث جدى مع النفس استمر لوقت طويل وهى تحاول اخماد كبريائها حتى تستطيع البدء من جديد معه لينتهى الامر اخيرا مثل كل مرة بانتصار قلبها وقد رقت له كالبلهاء مرة اخرى.

ظلت جالسة شاردة تماما فى افكارها حتى دلف الى داخل الشقة بهدوء يلقى بمفاتيحه فى مكانها المعتاد وهو يلقى عليها بتحية مقتضبة سريعة ثم يكمل طريقة ناحية غرفة النوم متجاهلا لها بعد ذلك لتجز فوق اسنانها تهمس بغيظ وحنق تحدث نفسها قائلة
: شوفتى بيعاملنى ازى، طب وربنا مانا...

لكنها اسرعت بقطع كلماتها تضغط فوق شفتيها تغمض عينيها بقوة تهتف وهى تتنفس بعمق
: اهدى يافرح، اهدى وهدى القطر، انتى بتحبيه يبقى استحمليه وخليكى انتى العاقلة فى الجوازة دى..

ثم فتحت عينيها وقد امتلئت نظراتها بالتصميم والعزم تهتف
: ماهو انت هتحبى يعنى هتحبنى ياابن انصاف اما اشوف انا ولا انت بقى..

نهضت من مكانها تسير بخطوات سريعة لغرفة النوم ثم تقف على بابها ترمقه بنظراتها تراقبه للحظات قبل ان تهمس له برقة قائلة
: تحب اجهزلك العشا ياصالح؟

توقفت انامله فوق ازرار قميصه يلتفت اليها بجانب وجهه قائلا ببرود مقتضب
: لا مش عاوز، اكلت خلاص فى المغلق.

زفرت بحنق وهى تضغط على شفتيها غيظاً من رده البارد غير المبالى لكنها اجبرت نفسها على عدم الاستسلام تتحرك نحوه بخطوات رشيقة خفيفة حتى وقفت خلفه تماما تباغته بحركة جريئة منها قد ارادت بها كسر الجليد بينهم وهى تحتضنه من الخلف تضع كفيها فوق صدره العارى بعد ان قام بفتح ازرار قميصه لخلعه تبتسم بانتصار خفى حين شعرت بتشدد عضلاته وارتجافة بشرته تحت لمسات اناملها الرقيقة وهى تمررها فوقها ببطء زافراً بحدة تتصاعد انفاسه عاليا حين وضعت رأسها على ظهره تهمس تعاتبه بنعومة.

: كده يا صالح وانا اللى مستنية من الصبح علشان ناكل سوا.

لم يجيبها لكن اجابتها عنه ضربات قلبه المتعالية وهى تقصف تحت ادنيها استجابة لها فيتراقص قلبها طربا وتشجعها للقيام بخطواتها التالية لتدور من حوله حتى وقفت امامه تجده يتطلع اليها وقد برقت عيونه مشتعلة بالشوق لكن جسده كان متجمد يطبق بشفتيه بشدة كأنه يحاول المقاومة لكن اتت ارتجافة ضعيفة منه رغما عنه حين شبت فوق اصابع قدميها حتى تطاله تهمس امامه شفتيه
: اهون عليك تسيبنى اكل لوحدى ياصالح.

استمر على صمته لكن اتت هزة ضعيفة منه بالايجاب جعلتها تضم شفتيها بلوم عيونها تنظر اليه معاتبة قبل تحتضن شفتيه بشفتيها بقبلة صغيرة كانت لتأثيرها كالسحر عليه تذيبه ببطء حرارة انفاسها فوقه فأخذ يحاول مقاومة دفء بشرتها المتسرب اليه والمتحد مع عطرها المثير لحواسه حتى يقوموا بأضعافه اكثر امامها ليحاول فك تعويذة سحرها من حوله بعد ابتعاد شفتيها البطيئ عنه محاولا التحدث ولكن اتت كلماته مبعثرة غير مترابطة قائلا بأرتجاف.

: انت، وانا، كنا..

دفنت فرح وجهها فى دفء عنقه هامسة برجاء تقاطعه تحتضنه بقوة
: ايوه يا صالح انا وانت، ومش مهم اى حاجة تانية غيرنا..

كسر السحر من حوله يعقد حاحبيه بحيرة نتيجة لحديثها الحماسى عنهم قبل ان تلتمع عينيه بالمعرفة يبتسم ببطء يضمها اليه وهو يسألها بخفوت
: فرح، هى سماح اختك جت هنا النهاردة؟

تجمد جسدها من سؤاله غير المتوقع ترفع رأسها اليه بعيون مذهولة لتتسع ابتسامته قائلا بخبث
: اصل بدئت ألاحظ تأثيرها عليكى فى كل زيارة ليها بعد كل خناقة لينا.

اشتعل وجهها بأحمرار الخجل تتراجع للخلف مبتعدة عنه تشعر بنفسها كأنها كتاب مفتوح له قائلة بتلعثم وبصوت حرج
: اه كانت هنا، بس انا، انا، انا هروح اجهز العشا..

شهقت بصدمة حين جذبها بعنف ليرجعها لاحضانه يلف خصرها مقربا اياها منه ثم ينحنى بوجهه عليها عينيه المتلهفة تأسر عينيها هامسا بحيرة وتردد
: انا مقصدش اضايقك، انا كل اللى عاوز اعرفه ايه اللى فى دماغك، اللى شايفه منك ده معناه ايه؟

شعرت فرح بحاجتها هى الاخرى للأيضاح ووضع النقاط فوق الحروف مثله تماما لكنها خافت ان تعيدهم مناقشتهم مرة اخرى الى نقطة الصفر وتتفتح معها جروح استطاعت بصعوبة غلقها
لترفع اناملها تتلمس وجنته هامسة بضعف وانفاسها تمتزج بانفاسه
: بلاش يا صالح علشان خاطرى بلاش، خلى الايام بينا تجاوبك على سؤالك، انا مش قادرة نفضل كده بعاد عن بعضنا انت فى دنيا وانا فى دنيا تانية...

ثم لم تهمل الفرصة للتفكير تميل عليه تدك حصونه بقبلات متفرقة منها فوق وجهه لم يجد هو معها سوى رفع راية التسليم لها وقد ارتفعت مع كل قبلة منها حدة انفاسه حتى صارت كالهاث قبل ان ينقض على شفتيها ينهل من رحيقهم ينسى العالم وكل ما يحيط بهم يسلم لقلبه الدفة للقيادة فقد ادرك انه لا قدر له على تحمل فراقها عنه للحظة اخرى وليحدث ما يحدث بعد ذلك فيكفيه هذه اللحظات معها راضيا بها هى فقط، ليدع الايام بينهم تأتى بما تريد وفلا مجال له للتفكير فى شيئ اخر سواها الان.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة