قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني والعشرون

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني والعشرون

رواية ظلمها عشقا للكاتبة إيمي نور الفصل الثاني والعشرون

جلست وعينيها تتطلع نحو الباب الخارجى تفرك كفيها معا بتوتر وهى تهز قدميها بسرعة واضطراب فى انتظاره يتحفز كل عصب بها لما هو قادم وتعلمه جيدا لكنها مستعدة له جيدا تتذكر تلك النظرة بعينيه وهو يرى والدته تهرول نحوها تقبلها على وجنتها بحنان بعد ان لحقتها عند الباب تحاول جذبها الى حديث عن احوال اهلها بصوت مرتبك مشفق تحاول به تمرير الامر اجابتها عليه بصوت متلعثم خافت ثم ساد الصمت المكان بعدها وكل الاعين تتطلع اليها بأهتمام كأنهم فى انتظار شيئ منها لتمر اسوء خمس دقائق فى حياتها قبل ان تسرعت بعدها بالاستئذان لانصراف بعد ان القت نظرة اخيرة نحوه تراه يحنى رأسه ارضا يتطلع لموضع قدمه وهو يضغط على فكه بقوة وقد دس قبضتيه داخل جيبه كأنه يمنع رغبته فى تحطيم المكان من حوله لتفر هاربة بعد عدة كلمات غير مفهومة منها.

لتجلس من وقتها حتى الان فى انتظاره لشرح الامر له تهتف بغيظ تتحدث لنفسها عندما عاودها مشهده هذا
: عليكى وعلى بختك يافرح، دلوقت زمانهم قاعدين يقولوا انك زعلانة ان المخفية سمر حامل.

هتفت تحدث نفسها بحنق كأنها شخص امامها
: وانتى ياختى مش عارفة تمسكى نفسك وراحة تشهقى ادامهم ما كنتى تطلعى من سكات. اهو زمانه هو كمان بيقول انك زعلانة.

تنهدت بحسرة تكمل قائلة بندم كأنه حدث لها انفصام فى الشخصية
: هو مش زمانه هو اكيد افتكر انى زعلانة بس غصب عنى والله، انا كل اللى جه فى دماغى ساعتها هو وبس واللى هيحس بيه بعد الخبر ده، واننا نرجع تانى من الاول وجديد وانا ماصدقت انه يلين شوية.

رفعت كفيها وهى تنظر للسماء قائلة بغضب
: روحى منك لله ياسمر حتى وانتى مش موجودة مؤذية، كانت حكمت ياختى انك تحملى دلوقت، اكيد هيطلع دلوقت من تحت مركب الوش الخشب ويبعد عنى تانى.

مرت بها عدة دقائق على حالها هذا تنصب لنفسها المحاكمات حتى سمعت اخيرا صوت المفتاح يدار فى قفل الباب لتنهض على قدميها بتحفز واستعداد وهى تراه يدلف الى الداخل بهدوء ووجه بارد دون تعبير يلقى بمفاتحيه فى مكانهم المعتاد ثم يتحرك بالأتجاه المعاكس لها متجاهلا اياها تماما لتضرب الارض بقدميها هامسة بحنق
: اتفضلى ياستى اتبسطى، اهو اللى حسبته لقيته، اعمل ايه انا دلوقت.

لكنها لم تتوقف لتفكير طويلا بل اسرعت خلفه لداخل غرفة النوم تراه وقد شرع فى تغير ملابسه بوجه جامد كان لااحد معه فى المكان لتقف مراقبة اياه وقد انعقد لسانها تبحث عن طريقة لبدء الحديث للحظات صامتة حتى وجدته يستلقى على الفراش بعد اغلق الضوء بالجانب المخصص له فأدركت ان لا وقت لتردد اخر لتسرع نحوه تجلس خلف ظهره على الفراش تناديه بهمس متردد مع لمسة رقيقة منها فوق كتفه انتفض لها جسده بعنف كأن مسته الكهرباء وشعرت هى بها كانها انتفاضة نفور منه لها لكنها لم تستسلم تناديه مرة اخرى فيرد عليها هذه المرة ولكن بصوت مجهد اجش.

: عارف يافرح، عارف عاوزة تقولى ايه بالظبط، بس صدقينى مش هقدر اتكلم فى حاجة دلوقت.

نغزها قلبها بألم وهى تسمع نبرة صوته هذه تشعر بكل ما يحس بها الان من اوجاع لتمتلأ عينيها بالدموع رغما عنها تجيبه بصوت مرتعش من اثر اختناقها بالدموع
: طيب ممكن تسمعنى الاول، انا بس كنت عاوزة، اقولك، انى...

لم تستطيع اكمال حديثها تختنق بغصات البكاء حاولت مقاومتها كثيرا لكنها فشلت فشلا ذريع وهى تراه بهذه الحالة امامها والتى كانت هى السبب بها حتى ولو كان دون قصد منها، تشهق بالبكاء عالية بصوت جعله يتنفض فى الفراش جالسا ثم يلتف اليها يهتف بجزع
: طيب بتعيطى ليه دلوقت، مفيش اى حاجة تستاهل ان دموعك دى تنزل علشانها.

انفجرت اكثر فى البكاء تلقى بنفسها بين ذراعيه تحتضنه بقوة تتشبث به بقوة ليزفر صالح بقوة هامسا بصوت حزين متألم
: عارف والله بكل اللى انتى حاسة بيه، وعارف انى انانى وجبان، بس غصب عنى كل اللى بيحصل ده وصدقينى لو بأيدى مش هخليكى تعيطى فى يوم بسببى، بس مش قادر ابعدك عنى واسيبك لواحد غيرى يحقق لك حلمك..

ابتعدت عنه تهتف بقوة وحزم رغم الدموع بعينيها تسرع بالتصحيح له بعد ان اساء فهم سبب بكائها
: بس انا مش عاوزة من الدنيا دى غيرك. انت حلمى ياصالح، انت وبس، ليه مش قادر تفهم ده، ليه غاوى توجعنى كل شوية.

احاط بكفيه وجنتيها تتعاقب على وجهه المشاعر كأنه داخل حرب مع نفسه لا يدرى لها نهاية كأنه حائف ان يعطى نفسه امل زائف يسألها بعدها بتردد وعدم يقين
: يعنى انت مش بتعيطى دلوقت علشان الاخبار اللى سمعتيها تحت عن سمر وانها حامل، طب، واللى حصل منك تحت ده كان سببه ايه.

صرخت به بصوت باكى نافذ الصبر
: وانا مالى ومال سمر، انا كل اللى يهمنى انت، واللى حصل منى كان علشانك انت وبسببك انت، علشان كنت عارفة انك اكيد هتزعل واكيد هتفتكر ان انا كمان هزعل وهنرجع تانى لنفس الدوامة.

ااخفضت نظراتها بعيدا عن عينيه تهجرها شجاعتها يتلون وجهها قائلة بخفوت وصوت يائس
: انت ليه مش عاوز تفهم ان مفيش حاجة غيرك انت بس اللى تهمنى، ليه مصمم كل مرة تعمل نفسك مش سامعنى وانا بقولك بحبك، ليه فاكر انها شفقة او عطف منى عليك.

رفعت عينيها مرة اخرى اليه ولكن هذه المرة التمعت بالاصرار والحزم تشن هجومها عليه دون ان تمهله فرصة للرد او حتى التفكير وهى تكمل له
: تفتكرى ايه اللى يخلينى ارجع تانى معاك بعد كلامك اللى زى السم اللى سمعته ليا، وشكك فيا انى اكون طلعت اسرارك واسرار بيتى بره حتى ولو لاختى.

هم بالرد عليها وقد تحفز كل عصب به بأنتباه لحديثها تتعالى خفقات قلبه لكنها وضعت سبابتها فوق شفتيه توقفه عن الكلام تسرع قائلة بتأكيد
: لاا مش علشان شلتنى زى شوال الرز، ولا علشان انت الراجل الجامد ال...

تنحنحت تقطع كلماتها بعد ان اتسعت عينيه بتحذير وتهديد جعلها توقف تهور لسانها
: احمم، لاا هو انت فعلا جامد وتخوف لما بتغضب وتتعصب وبتخلينى اترعب منك بس برضه مش ده السبب اللى خلانى ارجع معاك.

همس من تحت سبابتها يسألها بنعومة ورقة
: طيب ياترى ايه هو السبب مدام مش كده؟!

اقتربت بوجهها منه صارخة به بنفاذ صبر
: مانا بقالى يومين عمالة اقوله لجنابك وانت برضه مش مصدق، سادد ودانك عن اى كلام منى.

قطع المسافة بين وجهيهما حتى اصبحا لا يفصل بينهم سوى انشا واحدا تزدرد لعابها بصعوبة حين انحنت نظراته على شفتيها يهمس فوقهم بأنفاس دافئة وبصوت ناعم بطيئ اذابها تماما
: طيب قوليه مرة كمان، واوعدك ان هصدقك المرة دى.

وفى لحظة تهور منها ودون تفكير قطعت هى المسافة المتبقية بينهم تلثم شفتيه بشفاه مرتجفة هامسة بصوت اجش فوقهم
: بحبك، يا، قلب، ونن، عين، فرح، من، جوه.

اغمض عينيه بأستسلام مستمتع وقد كانت مع كل كلمة تنطق بها تقبله قبلات رقيقة كهمس النسيم تزداد شغفا ولهفة مع كل حرف حتى انتهت كلماتها وكانت قدرته على التحمل قد انتهت معها ينقض على شفتيها يتأوه فوقها قبل ان يلتهمها فى قبلة اطاحت بكل تمهل او تعقل بينهم وفى لحظات كان يأخذها برحلة الى نعيم عالمهم الخاص بهم اعادها منها بعد فترة طويلة على وقع كلمات رفعتها للسحاب حين همس بصوت لاهث مرتجف وهو يستند بجبهته فوق جبهتها.

: بحبك يافرح، بحبك يا فرحة قلبى وحياتى كلها.

فجأة توقف بها الزمن تتسائل بلهفة وذهول لنفسها
هل من الممكن ان يموت الانسان من فرط سعادته هل من الطبيعى ان يقفز القلب خارج الصدر من شدة ضرباته الفرحة السعيدة.

هذا ما شعرت به وتسائلت عنه بعيون متسعة مذهولة لاتستطيع ان تصدق بأنها قد سمعتها اخيرا منه حتى ولو كانت نتيجة للحظات التقارب هذه بينهم تبتسم ابتسامة سعيدة بلهاء انارت ملامحها بشدة قبل ان تحتضنه بقوة اليها وقد اغمضت عينيها هى الاخرى بنشوة ترغب بالاحتفاظ به و بتأثير كلماته الثمينة عليها الى الابد.

انت اتجننت ياشاكر انور مين اللى عاوزنى اتجوزه.

صرخت امانى بغضب وعلى وجهها ارتسمت الاهانة من طلبه هذا منها تكمل بعدم تصديق وذهول
: بقى بعد ما كنت مرات صالح الرفاعى ابقى مرات الحشرة ده، عقلك خرف ولا ايه حكايته بال...

صرخت بألم حين هوى شقيقها بلطمة منه على خدها يخرسها عن حديثها لتهب والدتهم صارخة هى الاخرى بفزع تقف حائل بينهم خوفا من ولدها وقد ارتسم الشر فوق وجهه وهو يصرخ بحنق ووجه محتقن غاضب
: الخرف ده حصل فى مخك انتى، واديكى قلتى ياعين امك كنتى مراته، يعنى خلاص فركش وانتهى وكل واحد راح لحاله، هتستنى ايه تانى بعد ما اتجوز واحدة تانية غيرك، ها عاوز اعرف مسنية ايه تانى ردى عليا.

كانت امانى بتبكى بشدة وهى تندس فى احضان والدتها بحماية التى وقفت بظهرها امام شاكر خوفا من بطش يديه وقد حاول ان يطال خصلات شعر امانى حتى يجذبها بعيدا عنها لتهتف به والدته برجاء وذعر
: خلااص يا شاكر، كفاية لحد كده، روح انت لشغلك وانا هقعد معاها واعقلها.

شاكر وقد انتفخت عروقه واسود وجهه الغاضب هادرا بصوت جهورى ثائر
: عقليها ياما، وعرفيها ان صالح خالص مبقاش منه رجا، والا والله لكون دفنها تحت رجلى واخلص منها ومن همها بقى.

تحرك مغادرا بخطوات واسعة غاضبة لكن توقف على بعد خطوتين من الباب يلتفت مرة اخرى لهم قائلا بسخرية واحتقار
: ولما هو صالح ياختى كان حبيب القلب اوى كده، كنت بتقلى بأصلك معاه ليه، ولا هى الوساة فى دمك وخلاص، اتفوا على صنف الحريم اللى زيك.

اكمل طريقه يفتح الباب وهادرا بغضب وتقزز
: ده يبقى راجل ناقص لو فكر يرجع رمة زيك لعصمته تانى.

دوى صوت اغلاق الباب خلفه بعد ان انهى كلماته كطلق الرصاص لتنهار امانى بعدها بين ذراعى والدتها قائلا ببكاء
: شوفتى شاكر ياماما، شوفتى بيقولى انا ايه.

اسندتها والدتها حتى جلست بها فوق الاريكة تحتضنها بحنو وهى تربت فوق شعرها قائلة بصوت هادئ ولكنه تخلله بعض الحزم
: اخوكى عنده حق يا امانى، كفاية لحد كده يابنتى.

رفعت امانى رأسها تنظر لها بصدمة والم ولكنها لم تهتز بل اومأت لها تكمل بشيئ من القسوة
: ايوه يا امانى صالح لو عاوز يرجعك كان عمل ده من بدرى وعدتك خلاص مبقاش فيها غير هو الاسبوع..

اسرعت تكمل حين وجدتها تهم بالصراخ مستنكرة توقفها قائلة
: انا مش بقولك وافقى على ظاظا بس كمان مش هنوقف حالنا على حد هو اصلا مش سأل فينا، وبعدين يعنى...

ترددت للحظة بحرج لتسرع امانى بالاكمال بدلا عنها قائلة بحسرة وندم
: كملى ياماما، وقولى اللى ابنك متكسفش يقوله، قولى انه عنده حق ميعبرنيش بعد اللى عملته فيه.

لكن فجأة اختفت الالم والحسرة من عينيها لتمتلأ بالاصرار والشراسة تكمل بتصميم
: بس لااا. مش هيفضل الحال ده كتير، ولازم كل ده يتغير.

سألتها والدتها بخشية وقلبها يرتجف من الرعب
: ناوى على ايه يا امانى؟اعقلى يابنتى مش ناقصين فضايح.

وقفت امانى على قدميها تنظر امامها كأنها فى عالم اخر شاردة عن اى حديث اخر غير ما اهتدى له عقلها ولكن يوقفها شيئ عن تنفيذه.

داخل الشقة الخاصة بانور ظاظا وفى جو معبأ بالادخنة جلس مليجى ارضا وفى يده كوب من احدى المشروبات الروحية وفى الايد الاخرى احدى للفات التبغ وبوجهه حزين وصوت صغيف غير مترابط اخذ يتحدث لنفسه اكثر من الى انور المستلقى فى الاريكة بحالة مماثلة لحالته
: مكنتش عارف ان كريمة و العيال هيوحشونى كده، ده حتى البت سماح هى وفرح كمان وحشونى، هو البعد ممكن يعمل كده فى الواحد ولا ايه.

صدحت ضحكة انور الساخرة تتعال معها صوت سعاله الشديد وهو يحاول تمالك نفسه قائلا بصوت اجش
: ايه يامليجى هى الحبسة هتخليك تحب على روحك ولا ايه، اجمد كده ياراجل عيب عليك.

ومليجى وقد اغرورقت عينيه بالدموع
: والله مانا عارف مالى، بس انا مبقتش قادر ابعد عنهم اكتر من كده.

اسرع انور بالنهوض يتهف به بصوت مرح لكنه لا يخلو من التحذير
: لا بقولك ايه اقفل على اسطوانة الحنين والشجن دى يومين بس وليك عليا كل حاجة هتتحل وترجع تحب فيهم زى مانت عاوز، بس نهدى كده ونعقل والا انت عارف صالح هيعمل فيك ايه لو عرفلك طريق ولا لمحك بس.

نهض مليجى على قدميه يهتف به بحدة غير معتادة منه
: صالح ده هو اللى بيصرف على بيتى من بعد سماح ما قعدت من الشغل، كريمة كلمتنى وقالت ليا كل حاجة.

نهض انور على قدميه هو الاخر صارخا
: مايصرف ولا يولع، يعنى هو كان بيصرف علشان سواد عيونك، لا ياحبيبى اصحى وفوق، لو عليه كان فرمك تحت رجله من زمان بس هو شارى خاطر عيون البرنسيسة بنت اختك.

اقترب منه يربت فوق كتفه قائلا
: اعقل كده وزى ما بقولك كلها يومين واللى فى بالى هيحصل وكله هتحل، محصلش يبقى ليها ترتيب تانى مكنتش عاوز الجأ ليه بس هقول ايه بقى هو اللى هيضطرينى لكده.

مليجى بوجه شاحب ومتوجس،
: وايه هو الترتيب ده بقى، دم برضه زى المرة اللى فاتت.

ارتسمت ابتسامة غل وخبث فوق شفتى انور قائلا ببطء وهدوء
: لا متخفش مفيهاش دم المرة دى، وبعدين انا عارفك مش بتاع الكلام ده، وبصراحة يا مليجى الشغلانة دى مينفعش فيها غيرك انت، ولا علشان اكون واضح ومظبوط معاك فى كلام، الشغلانة دى مفيش حد هيعرف يعملها غير كريمة مراتك، بس طبعا بعد انت ما تقنعها.

فغر مليجى فاه ينعقد لسانه داخل حلقه وقد اتسعت عينيه بالرعب وهو يرتجف فى وقفته وقد اصبحت الامور خارجة عن السيطرة تمام يشعر كأنه فوق رمال متحركة تجذبه حتى كاد قاب قوسين من الغرق بداخلها ولا طريق امامه للنجاة.

تمللت فى نومها على صوته الحنون يهمس برقة يناديها حتى تفيق لتتمطى فى الفراش كقطة صغيرة مدللة تهمهم له بكلمات غير مفهومة جعلته يبتسم بحنان وينحنى عليها مقبلا شفتيها ويده تزيح خصلات شعرها المبعثرة حول وجهها هامسا
: قومى يلا، انا حضرتك الفطار، افطرى وانا هنزل الشغل وهبقى ارجعلك على الغدا.

رفعت ذراعيها تعقدهما خلف عنقه وهو تفتح عينيها هامسة له برجاء
: علشان خاطرى خليك معايا النهاردة وبلاش تنزل.

لثم شفتيها قبل ان يهز رأسه لها بالرفض قائلا بصعوبة وصوت متحشرج
: مش هينفع، انتى عارفة حسن اليومين دول دماغه مش فيه ومش هيقدر يمشى الشغل لوحده ولازم ابقى موجود معاه.

اصابها الاحباط من اجابته تضم شفتيها كطفلة صغيرة حزينة لتعلو الابتسامة وجهه وقد ادرك محاولتها للتأثير عليه قائلا لها بحزم رقيق وابهامه يمر فوق شفتيها بلمسة ناعمة
: برضه مش هينفع، ويلا قومى وبطلى دلع.

ابتعد عنها بعدها خارجا من الغرفة فى اتجاه الحمام لتتابعه بنظرات محبطة حزينة قبل ان تلتمع بالخبث والشقاوة تنهض عن الفراش سريعا ترتدى ملابسها ثم تجرى للخارج لتمر عدة لحظات وقفت خلالها داخل المطبخ تعطى ظهره للباب ولكن بحواس منتبة حذرة حتى ارتفعت بسمتها ببطء حين دلف الى المطبخ يسألها بحيرة
: فرح ما شوفتيش مفاتيحى، قلبت عليها الشقة ومش لقيها.

عدت من واحد الى ثلاثة ببطء قبل ان تلتفت اليه بوجه برئ حائر قائلة
: لا ياقلب فرح، بس هتروح فين يعنى هتلاقيها وقعت هنا ولا هنا.

قاوم الابتسام بفرحة للفظ التحبيب والذى خرج منها بعفوية خطفت قلبه يهز رأسه لها بالايجاب قبل ان يختفى مرة اخرى لتتراقص بخطوات سعيدة منتصرة وهى تدور حول نفسها غافلة عن عودته واقترابه البطىء منها حتى اصبح خلفها تماما يلف ذراعه حول خصرها قائلا بخشونة وصوت اجش وهو يمد يده الاخرى لها
: اطلعى بالمفاتيح يافرح وبلاش شغل العيال بتاعك ده.

تجمد جسدها بعد شقهة صدمة منها تزدرد لعابها بصعوبة بعد ان كشف امرها قائلة بتلعثم وانكار
: مخدتش حاجة، وعلى فكرة المفا...

قطعت كلماتها وهو يلفها بين ذراعيه ببطء فتحنى رأسها بخجل حين رأته ينظر لها وعلى وجهه ابتسامة معرفة وهو مازال يمد يده نحوها كأنه لم يصدق حرف من انكارها لتزفر بحنق واحباط تقلب عينيها بأستسلام وهى تمد يدها الى مقدمة قميصها تخرج له المفاتيح لتصدح ضحكته العالية تهز ارجاء المكان وتخطف معها دقات قلبها وهى تراه يهز رأسه وهو ينظر بعدم تصديق للمفاتيح بيده هاتفا.

: يخرب بيت عمايلك وجنانك، انا عارف ان اخرتها هتجنينى معاكى.

التمعت عينيها وعلى حين غفلة منه اسرع بخطف علاقة المفاتيح من يده تجرى بها ناحية الباب قائلة
: حيث كده ومدام جنان بجنان، لو عرفت تمسكنى يبقى حلال عليك المفاتيح وتخرج زى ما انت عاوز.

وقف مكانه مذهول للحظة قبل ان تسرع قدميه خلفها يجرى ورائها فى انحاء المكان تتعالى صوت صرخاتهم الممازحة حتى استطاع اخيرا وبصعوبة الامساك بها يرفعها فوق كتفه يتجه بها ناحية غرفة النوم وقد تدلت رأسها وخصلات شعرها تنسدل على ظهره لتسأله بتدلل وغنج
: ايه ياصالح باشا مش عاوز المفاتيح علشان تلحق مصالحك وشغلك ولا ايه.

لم يجيبه حتى دخل بها الغرفة يلقيها فوق الفراش ثم يشرع فى فك ازرار قميصه وعينيه مثبتة عليها قائلا بأبتسامة متلاعبة
: لاا مش عاوزها، الشغل اللى هنا اهم كتير.

تراقص قلبها بفرحة وعينيها تتشرب ملامحه بنظرات هائمة وهى تراه يقترب منها ثم يستلقى بجانبها يجذبها اليه بنعومة ثم يدفن وجهه فى حنايا عنقها يقبل بشرتها ببطىء اصابها بالارتجاف ينتبها شوق عارم لسماع تلك الكلمات منه مرة اخرى الان فلا تستطع المقاومة تهمس له تناديه بتعثر ليهمهم لها بذهن غائب وحواس هائمة بها يجيبها فتسأله بصعوبة وتلعثم
: امبارح واحنا، انت يعنى، قلت ليا، بعد يعنى...

رفع وجهه ببطء نحوها وقد ادرك عن اى شيئ تريد ان تسأله يرى مدى حاجتها لتلك الكلمات وهو يرى عدم يقينها وقلقها فى عينيها ليبتسم برقة يمرر ظهر انامله على بشرة وجهها يهم بأجابتها ويعيدها عليها مرة بعد مرة دون كلل او ملل منه.

ولكن ولحظها السيئ دوى صوت جرس الباب عاليا كسرينة انذار بعد ان وضع من بالخارج اصبعه على الجرس دون رفعه للحظة لينهض صالح بسرعة بعيدا عنها يختطف قميصه قائلا باستياء
: تلاقيه سيد وطالع يستعجلنى علشان المفاتيح، هروح اطرقه وارجعلك هوا.

اومأت له بصعوبة ليسرع بالخروج فورا من الغرفة فتهتف بعدها بحسرة وغيظ
: شوفتوا الحظ، يعنى مكنش عارف يتاخر ثوانى، ده كان هينطقها خلاص.

زفرت باحباط تمر عليها لحظة بعد اخرى حتى نفذ صبرها بعد ان طال تأخره عليها تنهض وترتدى احدى العبائات فوق قميصها وتضع حجابها بعشوائية تغطى به شعرها ثم تخرج من الغرفة تتجاهل ما تخبرها به افكارها بأنه ربما قد خرج وتركها دون حتى وداع منه حتى وصلت بها اقدامها الى غرفة الاستقبال لتتجمد اطرافها بعد ان انسحبت الدماء من داخل عروقها تفغر فاها بصدمة وهى تراه كما توقعت ان تجده ولكنه لم يكن لوحده بل وقف فى منتصف الغرفة وقد تعلقت بعنقه اخر شخص كانت تتوقعه رؤيته هنا وفى تلك اللحظة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة