قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس

خرجت الحاجة صفية الى الرواق مقفلة الباب بفظاظة امام عيني سيرين الذاهلتين هل يعقل ان ما تعيشه حقيقي هل قدمت حماتها بكل وقاحة الى هنا لتلقي بلباس الخادمات امامها. هل كان نادر يتوقع انها سترضخ لاستفزازه الحقير بعد الذي حذث امس. للجحيم لا اذا قبلت بابتزازه عليها فقط ان تخرج من هنا. ان تجد اغراضها وجواز سفرها وترحل من غير عودة ستغتنم فرصة رحيله لتغادر هذا المكان وتنسى يوما انها اعتبرته منزلها. بعد هذه الكلمات المحفزة والتي حاولت ان تطمأن بها نفسها ففي الأخير هي لم تكن تملك خيارا فلا ملابس امامها غير ما قدمته حماتها ولاهي قادرة على الرحيل مسربلة بثيابه. استجمعت قوتها و ارتدت الزي الوردي للخدم والذي ناسب قوامها تماما. لابد انه صنع خصيصا من اجلها فكرت بحنق و طعم المرارة يستقر بحلقها وحده التفكير في ان النادر قد توهم ولو للحظة انها قد تصبح خادمة لديه جعلها تشعر بالمرض. تتنفست بقوة محاولة اخفاء توترها الشديد لتفتح باب الغرفة نحو الرواق حيث كانت الخادمة التي احضرت لها الطعام سابقا في انتظارها لتريها طريقها نحو المطبخ.

سيدة سيرين قالت الخادمة وهي تحرك رأسها باحترام.
لاحت ابتسامة متهكمة على فم سيرين وهي تتأمل الخادمة الصغيرة والتي ظهر الاندهاش واضحا على ملامحها. لابد انها كانت مرتبكة من فكرة وجود زوجة رب عملها في ملابس الخدم.
ابتسمت سيرين لها بدورها بين التفتت الفتاة لتريها الطريق الى المطبخ. وكأنها كانت جاهلة لموقعه بالفعل.

حين وصلا اخيرا الى الرواق المؤدي الى المطبخ في الطابق الأرضي شعرت سيرين باندفاع ذكرياتها بقوة جعلتها ترغب في البكاء وهي تتذكر ايام سعيدة قد مرت هنا امامها. اصوات صاخبة للحياة ذكرتها بطفولتها الى جانب والديها وعادل في بداية مراهقته حين كان يشاركها صخبها الطفولي ولعبها البريئ بين جنبات الفيلا الفسيحة. مسحت دمعة حاولت التسلسل من مقلتيها بعناد وهي تحاول التشبث بقوة ماعادت تملكها منذ اجتياح نادر لها ثم نبدها كشيء بائس قذر. تنفست بعمق قبل ان تدلف المطبخ وتخرس الدهشة لسانها.

طوال الطريق الى المطار ظل وجه نادر متصلبا يحاول بضراوة امتصاص الغضب الذي كان يعلو مع كل نفس تمتصه رئتاه كيف لها ان تملك كل تلك السيطرة القوية والغامضة على مشاعره. مفعولها يسري كالسحر يتوغل في عروقه ليصل الى دمه ويستوطن في اعماق مشاعره المظلمة المشبعة بكرهه. كان عليه ان يستمتع بتعذيبها ان ينتقم لكل الألم الذي سببته عائلتها لهم. لكنه وجد نفسه يرسب في أول امتحان بينما حصون دفاعاته تنهار واحدا تلو والاخر. شعر أن عليه الرحيل قبل ان يحنث بقسمه. كان لابد له من عقاب قلبه الذي عاد ينبض لها رغما عنه. عليه ان يرحل لاعادة ترتيب اوراقه. لقد أقسم منذ سنوات على تدميرها كما دمر عادل شقيقته على نبدها له. هذه المرة هو من سينبذها لكن هي لن ترحل عن منزله سوى لزنزانة تؤنس فيها وحدة شقيقته.

في مستشفى الأمراض النفسية: تجاهل معاذ كل منطق يملكه وهو يجري الاتصال الذي اجله لايام. كان يحاول مسح كل الافكار التي غرسها أمين في راسه بالتأكيد هنالك خطب بمنار وهو شبه متأكد ان ما شعر به في غرفته لم يكن من وحي خياله ذلك الكائن المنبعث من أعماق الجحيم لم يكن من تمثيلا لهواجسه أو خوفه أو أي من الهراء النفسي الذي حاول أمين اقناعه به صباحا بل شيئا أسود شريرا اراد ايقافه عن مساعدتها ويكون ملعونا اذا استسلم لخوفه.

اخيرا جاء صوت الراقي من الجهة الأخرى رزينا وعمليا وهو يبادله السلام. تنحنح معاذ محاول ايجاد صوته ليجيب بهدوء لا يعكس ما بداخله من رهبة وقلق وهو يقول هل انت الشيخ أنس الفزازي
هو بعينه جاء الرد من الجهة الاخرى منتظرا طلب أمين الذي بدا واضحا من ارتباكه.
هنالك حالة ارجو ان تمنحها القليل من وقتك.

في منزل نادر: فتحت سرين فمها اندهاشا وهي تراقب المكتنزة الجسم والتي كانت تقوم بتقليب محتويات قدرها على النار قبل ان ترفع رأسها وتلجمها المفاجئة هي الاخرى.

سيدة سيرين قالت الخادمة وهي تقترب منها غير مصدقة هل هذه انت فعلا سيدتي. انهمرت الدموع غزيرة على وجه سيرين وهي تنظر الى مربيتها والتي فرقهما القدر رغما عنها. دادا حليمة صرخت سيرين بقهر لترتمي بين احضان مربيتها وتنهمر دموعها سيولا وجسدها الرقيق يعلو وينخفض بنشيج يدمي القلب.

تركتها تبكي في حضنها الى ان تحول بكائها الشديد الى شهقات مكتومة. رفعت عينيها بلونهما العسلي المخضر لتنظر الى مربيتها والكثير من الأسئلة تقفز منهما. فهمت دادا حليمة انها تريد معرفة كيف انتهى بها الحال تخدم عائلة نادر بعد أن عاشت سنوات عمرها الى جانب عائلتها.

بعد رحيلك المفاجئ قالت وهي تمسد شعر سيرين بحنان بالغ. لم يكن لدي مكان الجئ اليه فالحاج رحمه الله اخذني من قريتي منذ كنت في السادسة عشر ولم أعد الى هنالك يوما. لم يكن لدي احد غيركم والبحث عن وظيفة جديدة بعد كل تلك السنوات. كان ليبدو كمزحة سمجة من كان ليوظف خادمة في عمر الستين تعاني من أعراض انقطاع الطمث قالت شبه ممازحة. ظهرت ابتسامة واهية على شفتي سيرين لتختفي سريعا كما ظهرت وهي تستمع باهتمام الى مربيتها الحبيبة. لقد عرض علي السيد نادر الوظيفة حين قام بشراء المنزل وأنا قبلت. لم اكن قادرة على ترك المنزل الذي عشت فيه اغلب سنوات عمري الى جانب والديك رحمهما الله وعادل قالت بأسف.

احرقت العبرات حلق سيرين وهي تتذكر والديها وصخبها في هذا المطبخ بالذات فزادت حرقة قلبها وهي تتأمل كيف تغيرت حياتها في ظرف سنوات قليلة لتصبح من سيدة المنزل المحبوبة الى خادمة بزي رخيص.
ابتعدت اخيرا عن حضن مربيتها لتنظر اليها بتساؤل. هل كنت تعرفين بعودتي دادا.

حركت راسها نفيا وهي ترتب شعر سيرين الغجري كما كانت تفعل وهي صغيرة. لم اعلم حتى اليوم قالت بحزن. لم اكن اعرف ان السيدة صفية قد تكون بمثل هذه القسوة فلطالما تعاملت بحزم لكنها لم تكن ظالمة يوما، ابتلعت سيرين الغصة التي وقفت في حلقها وهي تتذكر المعاملة السيئة التي تلقتها من والدة نادر منذ عودتها الى المنزل. قبل ان تمسك بيدي مربيتها العجوز بينما توسلت عيناها برجاء. دادا عليك مساعدتي على الرحيل من هنا قبل عودته. هو لن يتركني أغادر أبدا بعد الان.

تأملتها بعينين يشعان حنانا قبل ان تقول بصوت واثق، فهي تعلم بظروف هربها: أي شيء صغيرتي اطلبي فقط حتى لو كانت حياتي هي الثمن.
بللت سيرين شفتيها بلسانها وهي تقول: علي أن اجد حقيبتي. لديه جواز سفري وهاتفي وكل متعلقاتي علي الحصول عليهم دادا والا علقت هنا الى الأبد. وقبل ان تقول المزيد.

ظهرت الحاجة الصفية من الباب الخلفي. تأملت سيرين بعينين خلتا من المشاعر قبل ان تشير اليها بيدها. دفعت داد حليمة سيرين لتقف وهي تحرك رأسها نحوها كان عليها ان تكون مطيعة اذا ما ارادت الرحيل من هنا سريعا.
نظرت بخوف الى مربيتها والتي ابتسمت لها محفزة قبل ان تلحق الحاجة صفية والتي عادت ادراجها نحو الباب الخلفي المفضي الى حديقة الفيلا.

نظرت الحاجة صفية الى سيرين مطولا قبل ان تسمح لها بالجلوس. كانت راكعة الى جانب احواض الورد التي كان اغلب ورودها ذابلة دون حياة. ظلت سيرين تتأملها بذهول كانت بنفس ملامح منار تقريبا بوجهها الشاحب وعينيها بلونهما الشبيه بزرقة المحيط لكن هنالك شيء مختلف في تلك العينين ربما تلك القسوة التي تشع منهما لم تمتلك منار منها شيئا. عادت الى الواقع على صوت الحاجة الصفية وهي تأمرها بالامساك بالأغصان جيدا بينما تقوم بقطعها بمقص حاد كبير الحجم وهي تتذمر بصوت مسموع:.

اللعنة انها المرة الثالثة التي تفسد فيها الورود في ظرف سنة لابد انها الأرض الملعونة صرحت وهي تقص الأغصان بعصبية وعنف.
لابد وانها تعلم بما حصل بينها وبين نادر وهذا ما يزيد من غضبها وحقدها عليها فكرت سيرين وهي تنظر الى حماتها بفم مطبق. وفي جميع الأحوال هي على عتبة فقدان احد اصابعها امام حركات حماتها الفوضوية.

تمسكي جيدا بالاغصان ايتها ا لغبية صرخت الحاجة صفية وهي تنظر اليها بغضب بينما توقفت عينا سيرين دون ان ترمشا وهي تتابع تنفسها العصبي المتلاحق. فكرة وحشية غريبة عبرت من العدم وهي تتأمل عنقها العاجي الطويل.
الى أي مدى كان عليها ان تغرس ذلك المقص الكبير في عنق حماتها قبل ان ترى الدماء اخيرا.

اعادتها كلمات الحاجة صفية المتنمرة الى الواقع وهي تخلع قفازيها المطاطين لترميهما على الارض الى جانبها. وهي تقول: اعيدي الأدوات الى المراب واحرصي على تنظيفها جيدا.
حركت سيرين راسها متفادية النظر الى حماتها وفكرتها الدموية لازلت تتراقص في عقلها. يا الهي كيف فكرت بمثل هذا الحل البغيظ.

اخيرا نهضت الحاجة صفية لتمسح التراب عن بنطالها الازرق الداكن وتتجه نحو باب المنزل تاركة سيرين تحدق الى خطواتها بعينين ميتتين.

حين عادت اخيرا الى المطبخ بعد ساعة من التنظيف المظني. كانت دادا حليمة قد انتهت من تحظير العشاء. تناولته سيرين وهي تحدق الى طبقها بصمت. نظرت اخيرا الى المجموعة الصغيرة التي تحلقت حول مائدة المطبخ لم يكن هنالك سوى السائق والخادمة التي تعرفت عليها من قبل كانا يتبادلان نظرات الاعجاب الخجولة مما جعلها تبتسم رغم ألمها. اخيرا حين انتهى العشاء. حاولت رفع الأطباق من على الطاولة قبل ان تمنعها يد حليمة بحزم.

دعيها سيدتي مريم ستقوم بذلك. اذهبي واستريحي قليلا فوجهك اصبح شديد الشحوب.
تأملتها سيرين ونظرة امتنان تعلو وجهها حين قررت اخيرا جر نفسها الى غرفتها ظهرت الحاجة صفية لتقول بصوت حاد. حين تنتهين من جلي الاطباق تعالي الى لأريك غرفتك.

عقدت الصدمة لسان سيرين وهي تنظر الى عيني الحاجة الصفية المليئتين بالاشمئزاز قبل ان تحرك راسها موافقة عليها الاذعان اذا ما ارادت الحصول على الحرية. وحريتها تقبع هناك في مكتبه فمن الغريب ان يسافر بمتعلقاتها الشخصية لابد انه يحتفظ بها هنا في المنزل وهي عازمة على استرجاع اغراضها مهما كلفها الأمر.

حركت سيرين رأسها بالايجاب قبل ان تعود الى الطاولة لتحمل ما عليها وتضع الأطباق في المجلى برتابة. ظلت الحاجة صفية تتأملها قبل ان توجه كلامها الى الجميع. كل واحد هنا يعرف ما اوكل به ولن اتوانا عن طرد من يساعد سيرين في عملها الى الشارع وسأهتم بنفسي على ان لا يحصل على عمل جديد. مفهوم صرخت بعصبية بينما حرك جميع من في الغرفة راسه باحترام وخضوع. لقد كانوا بحاجة الى العمل وهي كانت تعلم ذلك جيدا.

اخيرا بعد نصف ساعة من الجلي المتواصل رغم توفر المطبخ على جلايتين اليتين انتهت سيرين مما اوكل اليها اخيرا قبل ان ترحل مقبلة حليمة والتي كانت تنظر اليها باشفاق.
اتجهت الى الصالة الكبيرة بخطوات بطيئة. حيث كانت الحاجة صفية منهمكة في تطريز مفرشها الثمين.
توقفت وراء احد الارائك بلونه الذهبي وهي تمسك بمقبضه محاولة ان تستمد القوة من ضغطها عليه لتقول بصوت خافت.

حاجة صفية لقد انتهيت. خيم الصمت طويلا حتى شعرت انها لم تسمعها مطلقا حين حاولت الكلام مجددا.
رفعت الحاجة صفية راسها لتنظر الى سيرين بتعال وهي تغرس ابرة الحياكة بداخل الثوب الشفاف لتضعه على الاريكة وتنهض لتتأمل وجهها الشاحب دون اهتمام.

اتبعيني قالت وهي تتجه نحو الطابق العلوي تتسلق الدرج برشاقة لا تناسب عمرها. عبرا الطوابق الأولى للفيلا ومع كل درج كانت سيرين تتوجس خيفة لابد انها تمزح. لايوجد شيء هنا سوى غرفته. تحققت اسوء كوابيسها حين توقفت أمام الغرفة الوحيدة التي لم تطأها قدمها منذ تحول عادل من مراهق مرح الى شاب يحب العزلة شديد الاهتمام بخصوصيته لدرجة الهوس. لابد انها تمزح كانت هذه الغرفة معزولة تماما عن كل الفيلا. لماذا تعاقبها حماتها بمثل تلك القسوة.

كبثت الدموع التي حاولت التسلل الى مقلتيها محاولة الظهور بمظهر قوي والحاجة صفية تفتح باب الغرفة الذي اصدر صريرا قويا لابد ان الغرفة لم تفتح منذ اعوام. شعور بالخوف يتسلل اليها لتتشبع به حواسها المستفزة وهي تحدق الى الظلام المخيم على الغرفة قبل ان تقول الحاجة صفية بصوت جامد. هذه غرفتك الجديد استمتعي. بهذه الكلمات الباردة القليلة التي خرجت من بين شفتيها تركت الحاجة صفية سيرين ونزلت الدرجات تاركة ورائها انسانة ترتعش من مجرد فكرة الدخول الى ملاذ عادل الغامض.

لم تنم. من ان تمكنت اخيرا من ايقاف نبضات قلبها الثائرة وتمكنت من مواجهة خوفها الدفين لدخول عرين عادل. وهي تتأمل الغرفة المظلمة بغبارها وألوانها السوداء القاتمة. كانت اسوء حتى من غرفة نادر نفسها. سرير عريض اختفت مفارشه. طاولة منخفظة بلون بني محروق وأريكة كبيرة داكنة اللون الى جانب خزانة مليئة بالكتب. لطالما عشق عادل المطالعة والدراسة ولطالما كان فخرا لوالدها عكس احباطه منها.

اشعلت سيرين نور اخر فهي حتى وانوار الغرفة مظاءة بالكامل كانت تشعر بالظلام الذي يزحف ليبث فيها رعبا قوامته بضرواة لكي لا تستسلم لمشاعر الخوف.
انها مجرد غرفة سيرين. على الأقل هي ليست غرفة نادر حيث ذكريات سيئة بدأت للتو طمأنت نفسها وهي تقترب من السرير لتنفض عنه كمية الغبار الذي جعلت صدرها يختنق. كان عليها تنظيف الغرفة. فمما يبدو هي لم تستعمل منذ سنوات.

اقتربت اخيرا من الكرسي القابع قرب النافذة المطلة على الحديقة. فتحتها بجهد محدثة صوتا مجلجلا مزق سكون الليل لتتنفس هواء البحر الممزوج بخضرة أشجار الحديقة. شعرت اخيرا بالقليل من السلام يعود اليها لتجلس الى الكرسي الوحيد والذي بدا لونه الشاحب مناقضا لقتامة الوان الغرفة. تأملت ضوء القمر الخافت وسرحت في السنوات التي قضتها بعيدا عن عالم نادر تشعر بأمان زائف سحب منها على حين غرة.

في المستشفى: توقف معاذ كثيرا أمام غرفتها غير قادر على ان يخطو خطوة الى الداخل قبل ان يفاجئه أمين الذي وضع يده على كتفه لينتفض معاذ من المفاجئة.
هل أنت بخير سأل أمين وهو ينظر الى وجه صديقه الشاحب. بأحسن حال رد معاذ ببرود قبل ان يضع يده على مقبض الباب يفتحه ويفاجئ بأمين الذي أمسك يده يمنعه من الدخول.
دعني اتحدث اليها اولا
ماذا رد معاذ غير مصدق لما يقوله صديقه هل تمعني من رؤية مريضتي.

زفر أمين وهو ينظر الى عناد صديقه بضيق واضح. لا انا لا امنعك من رؤيتها لكن كصديق لك افضل ان اراها أولا.
اذا كصديق لي من الأفضل أن تبتعد عن طريقي فورا قال معاذ وهو يدفع يده الممسكة بذراعه ويدلف الغرفة.

توقف لوهلة يتأملها كانت عيناها بلونهما المميز تنظران اليه بدهشة كبيرة. بينما توقفت نبضات قلبه للحظة. انها منار هذه ليست الفتاة الغريبة التي عالجها لمدة اربع سنوات طويلة. المراة المقيدة الى ذلك السرير كانت حبيبته منار!
اقترب من السرير بهدوء يتأمل علامات الدهشة والخوف على ملامحها قبل ان تقول بصوت مرتعش.
معاذ اهذا انت. لكن لا افهم ما الذي تفعله هنا. ما الذي افعله انا هنا.

توقف عقل معاذ لدقيقة عن التفكير يتأملها بدهشة فاقت دهشتها ليقول باظطراب: الا تعرفين سبب وجودك هنا منار؟
حركت راسها نفيا. وهي تنظر اليه بعينين ملأهما الخوف.
حركت يديها محاولة النهوض. انتبه معاذ الى الأربطة المحكمة حولها، ودون تفكير بدأ بفتحها أمام انظار أمين الذي دخل الغرفة بهدوء.
أنصحك بعدم فك رباطها معاذ. انها عنيفة جدا.
وانا انصحك بالابتعاد عن طريقى ما دمت اعتبرك صديقا الى الأن.

اخيرا تحركت سيرين لتجلس بهدوء على السرير الصغير وهو يتمسد رسغها الذي ظهرت اثار الأربطة واضحة على جلده الرقيق.
حركت شعرها الى الوراء بطريقة جعلت معاذ يرتعش لا اراديا ليبتعد قليلا محاولا المحافظة على بروده. قبل ان تعود منار لتسأل بذهول:
ما الذي افعله هنا معاذ. أين هو زوجي؟
اقترب أمين لينظم الى صديقه وهو يحاول تحليل الشخصية الجديدة التي تتقمصها. قطب جبينه وهو يسألها ببرود.
ألا تعرفين حقا اين هو عادل.

حاول معاذ التدخل. لكن يد أمين أوقفته بحزم. اشاحت منار بعينيها عن الرجل الفظ لتستقر نظراتها برجاء على معاذ و الذي أظلم وجهه بشدة.
معاذ. قالت منار بخوف. أين هو عادل؟
اقترب أمين منها ليرفعها لتواجه عينيه محاولا استخدام طريقة الصدمة في معالجتها
تأمل عينيها اللتان استعدتا لونهما الطبيعي الشفاف ليقول بصوت بارد: عادل قد مات. وأنت فعل ذلك.
لوهلة ظل الصمت مخيما على المكان. ظلت منار تنظر الى أمين بعدم تصديق.

قبل ان تنقل عينيها الى معاذ الذي بدا وانه فقد القدرة على النطق فجأة.
لا لا لا! مستحيل هذا مستحيل صرخت منار وهي تنظر الى معاذ محاولة التأكد مما سمعته.
تلك النظرة في عيني معاذ حملت التأكيد الذي جعل منار تنفجر بصراخ علا ليسمع صداه في انحاء الغرفة.
لا انتم تكذبون صرخت منار لتمسك بياقة معطف أمين بوحشية. انت تكذب مستحيل. انها احد الاعيبه النفسية. معاذ اخبرني الحقيقة.

ظل معاذ صامتا وكأنه يراها لأول مرة. فهي لأول مرة منذ أربع سنوات تتفاعل مع موت عادل المأساوية بهذه الطريقة الواعية.
امسكها أمين محاولا تهدأتها مما جعلها تصبح اكثر هياجا لتضرب يديه اللتان تحاولان تثبيتها على السرير لقيدها مرة اخرى.
معاذ صرخ أمين في صديقه والذي ظل واجما ينظر الى تخبطها بصدمة. معاذ صرخ فيه مرة اخرى دون جدوى اخيرا دخل الممرضان ليساعدا أمين على تقييدها ليحقن المهدئ في أوردتها.

والذي جعل صراخها يتحول الى بكاء صامت لتفقد الوعي اخيرا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة