قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس والعشرون

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس والعشرون

رواية طلسم عشق الجزء الأول للكاتبة عفاف مغنوي الفصل السادس والعشرون

عودة الى الحاضر: هذه المرة حين أفاقت سيرين كانت اكثر تقبلا لواقع انها فقدت طفلها وانه واقع عليها تقبله ومحاولة التعايش معه. انتحبت بصمت مما جعل نادر الذي كان نائما بجوارها يستيقظ ليمسك يديها بلهفة.
سيرين حبيبتي هل انت بخير سألها بصوت اجش ملأته العاطفة.
لم تنظر سيرين نحوه بل اكتفت بأن سحبت يديها بعيدا عنه لتحدق في السقف بنظرات ضائعة. رفعت يدها نحو بطنها لتقول بصوت بدا كالهمس:.

هل لازال الطفل بداخلي
ابتلع نادر ريقه بألم ليقول محركا رأسه: اجل سيرين لم ارغب باخراجه. ليس قبل ان نقرر.
التوى فمها مبتسما بسخرية لهذا التصريح الغريب منذ متى كان نادر يهتم لأي شيء تقوله او تريده.
اريد ان ينتهي كل شيء اليوم.
حسنا قال وهو ينهض لينظر اليها. عيناها كانتا مظلمتين من الألم. سأعلم عدنان وأعود.

اشاحت سيرين بوجهها لتنظر نحو النافذة بشرود. فلم يعد هنالك شيء يستحق المكافحة من اجله بعد ان فقدت السبب الوحيد الذي جعلها تتحمل قسوة الحياة.
تنهد نادر ملقيا نظرة اخيرة عليها كانت شاردة يعلم جيدا ان ما حصل لها شيء مدمر وليس هنالك كلمات كافية يستطيع بها التخفيف عنها او مواساتها. وعد نفسه هذه المرة انه لن يؤلمها ابدا.
بعد ساعة.

نقلت سيرين الى غرفة الولادة بعد ان قررت ان تخوض ولادة طبيعية حتى ما اعتراض نادر على هذا القرار...
الولادة الطبيعية افضل قرار سيرين قال عدنان مجيلا نظره بينهما كان يرى الرفض واضحا في ملامح ناادر لكنه لم يهتم استمر بالشرح بهدوء، التعافي من ولادة طبيعية اقل صعوبة و لا يحتاج الكثير من الوقت للشفاء. كذلك لن تحصلي على ندبة من الجراحة ولا تعقيدات الولادة القيسرية.

اشاحت سيرين وجهها بعدم اهتمام كل ما كان يهمها في تلك اللحظة هو ان تكون واعية حين يخرج الطفل. ترغب كثيرا برؤية ملامحه الصغيرة بحفظها داخل قلبها الى الابد انسابت الدموع مريرة على وجنتيها. بينما كان نادر يسأل عدنان وقد سيطر عليه الغضب من جديد:
. لكن كيف ستتمكن من الولادة بطريقة طبيعية وهي لا تشعر باعراض الولادة
ليست مشكلة قال عدنان وهو يسحب ابرة وضعها قرب الطاولة امامهما.

ما ان تقوما بالتوقيع على الأوراق وقدم لنادر حزمة اخدها نادر لينظر اليها بعينين مظلمتين.
مجرد شكليات شرح عدنان مستمرا في النظر اليهما. حالما تنتهيان من توقيع الأوراق سأحقن سيرين بمحفز للولادة وبعدها جسدها سيتكفل بالباقي.
مسحت سيرين بقايا الدموع بباطن كفها فقط لننتهي من توقيع الوثائق ولنبدأ فورا.
نظر اليها نادر باستغراب. صوتها كان باردا وعيناها خاليتين من اي تعبير وكأن الحياة سحبت منها.

ماذا عن الإسم سأل نادر مستمرا في النظر الى ملامحها الجامدة وكانها بفقدانها للطفل فقدت انسانيتها هي الاخرى فباثت تتصرف كانسان إلى لا حياة فيه.
يمكنك اختياره انا لا اهتم.

زفر نادر بضيق عاصرا فكه لينظر الى الاوراق مرة اخرى ويدون الاسم على شهادة الميلاد قبل ان يعيد الوثائق الى عدنان الذي ما ان نظر الى التوقيع حتى اخد الابرة من الصينية المعدنية الخاصة بالجراحة ليحقن سيرين التي ظهر الألم على ملامحها للحظة قبل ان تعود الى جمودها.

خيم الصمت على الغرفة. لدقائق طويلة كانت سيرين تنظر الى السقف رافضة تماما النظر الى نادر او حتى التعاطي مع اخيرا بدأت التقلصات القوية معلنة عن خروج الطفل الى الوجود.

الألم الذي شعرت به سيرين لم يشابه اي الم اخر. حاولت كبث صراخها دون جدوى كان الألم شديدا ورغم محاولتها الظهور بمظهر قوي الى ان الألم سيطر على حواسها لترفع يدها نحو نادر طالبة دعمه وهو ما كان نادر يتلهف منذ بداية لفعله. حملها لتقبع على صدره مطوقا جسدها بذراعيه.

. ولساعات لم يكن يسمع سوى صراخها وانينها المتألم. قلبه كاد يخرج من بين ضلوعه وهو يراها تعاني واكثر ما المه ان نهاية هذه المحنة لن تكون اسعد مما تعانيه الان.
اخيرا مع اخر دفعة. امسك عدنان بالطفل ليقطع الحبل السري حاول ان يبعده عن عيني لكن سيرين رفعت يداها نحوه. الدموع كانت تنساب غزيرة من عينبها كانت تتوسله ان يمنحها اللحظات الأخيرة مع طفلها وهو ما فعله حين رفع الطفل ليضعه بين ذراعيها.

لدقائق لم تتحرك سيرين فقط وضعت طفلها الساكن على صدرها العاري بينما طوقتها ذراعا نادرا مقبلا رأسها بحنان. كانت تتنفس بصعوبة. صدرها يعلو وينخفض وكأنها تقاوم رغبة دفينة في الصراخ. فجأة قفز نادر وهو يرا سيرين ترتعش بقوة بين ذراعيه وهي تمتم بكلمات غير مفهومة.
يا الهي يا الهي نادر لقد امسك بأصبعي صرخت سيرين وهي ترفع طفلها اليها وكأنها تحاول التأكد مما حصل.
انه حي.

رفع زياد راسه بعد ان كان منشغلا بتقطيب جرحها لينظر اليها بعدم تصديق. للوهلة الاولى ظل عدنان ينظر اليها بصدمة. ما تعرضت له سيرين كان كفيلا بجعلها تتخيل ان طفلها يتحرك. نهض ليأخد الطفل منها محاولا جعلها تهدأ
لكن ما ان حمله حتى عقدت الصدمة لسانه. لقد بدأ الطفل بالتجاوب. اسرع عدنان ليضعه على طاولة الفحص محاولا انعاشه قبل ان يبحث عن هاتفه سريعا ليتصل بطبيب الأطفال.

انها معجزة قال الطبيب وهو يضع الطفل داخل الحاضنة ليأمر بعدها الممرضة باصطحابه الى وحدة الاطفال حديثي الولادة.
منذ سنوات طويلة لم ارى طفلا يعود الى الحياة بعد الموت. لكنها معجزة طبية واردة قال موجها كلامه لسيرين التي كانت عيناها تتلألان بساعدة غامرة رغم تعبها الشديد.

اخيرا خرج الطبيب ليتبعه عدنان والذي كان الارهاق باديا على ملامحه. حاول نادر ان يتحدث فاجأته سيرين بصوتها الناعس. ليس الان نادر اشعر بالتعب. لنؤجل الحديث فانا الان سعيدة للغاية. لدرجة تمنعني حتى من الرغبة في الشجار معك. حالتك مزرية علقت اخيرا وهي تتأمل وجهه المتصلب وفي لفتة غريبة سمحت سيرين ليديه بتطويقها واغمضت عينيها لتنام على صدره كطفلة صغيرة. بينما ظل هو ساهما يمسد شعرها بحنان.

عاد عدنان ليطمأن على حالة سيرين الصحية. كانت لا تزال نائمة بينما نادر ينظر الى السقف بشرود. انتبه اخيرا لدخول عدنان رفع جسده بهدوء ليضع رأسها على الوسادة ويقترب من حيث وقف عدنان يدون بعض التعليمات على اللوح المعلق بسريرها
سعيد لما الت اليه الأمور معكما قال عدنان بنبرة هادئة. معيدا اللوح الى مكانه
ابتسم نادر للمرة الأولى منذ ايام. مستمرا في تأمل ملامح سيرين النائمة.

. انا ايضا سعيد بهذه المعجزة الالهية. لقد نجا الطفل بمعجزة اخيرا اصبحت ابا
مبروك ايها الاب مد عدنان يده مصافحا. يد نادر الممدودة نحوه
ليهم بعدها بالخروج ليوقفه صوت نادر. ارجو ان تتقبل اعتذاري عما حصل لوالدك.

اشتدت ملامح عدنان وتقلص فكه ليقول: اتمنى لو تعالجا مشاكلكما انت وزياد بعيدا عن والدي. هو رجل فخور عاش حياته من اجل عمله. اعلم انك قرش أعمال. وان لا وجود للمشاعر وسط صفقاتك وسعيك للفوز. لكن والدي رجل عجوز. لن ينجو خصوصا حين يكون تدمير شركته وسيلتك لتصفية امور شخصية.

حرك نادر رأسه بتفهم. ليقول بعدها ببرود رجل الأعمال: معك حق لا وجود للمشاعر او الصداقات في عالمي. لكن بما انك انقدت ابني اليوم فأنا مدين لك بحياتي وهذا يستوجب مني القيام باستثناء.
رفع عدنان حاجبه بعدم فهم. ليضيف نادر بشبه ابتسامة
سأتصل بوالدك غذا لأشرح له موقفي وسأحرص بنفسي على ابطال أي اجراء قامت به مجموعتي ضد شركتكم.

اشكرك قال عدنان بامتنان. وفي اللحظة التي هم فيها بالمغادرة فتح الباب بقوة واندفع زياد الى الداخل عيناه تتأجان بغضب شديد مسلط نحو نادر. الذي ظل ينظر اليه ببرود وكأن غضبه لا يعنيه. وقبل ان يستطيع الكلام صرخ عدنان فيه بقوة ممسكا ذراعه يمنعه من التقدم
اقسم زياد خطوة اخرى وسأقوم بالاتصال بأمن المستشفى.

نفض زياد يد شقيقه التي امسكته مستمرا في النظر الى نادر الذي لم يتحرك من مكانه يتأمل غريمه بملامح هادئة.
ستعود إلى ابدا لن اتركها معك.
يكفي زياد صرخ عدنان وهو يرى الجنون الذي تملك شقيقه. بينما ظل نادر يرمقه ببرود. نظراته كانت ساخرة مستفزة جعلت رغبة قوية تتملك زياد في تهشيم وجهه ومسح تلك النظرة من عينيه.
اخيرا تحدث نادر ليسأله بهدوء: هل تحبها.

ذلك السؤال الغريب جعل عينا زياد تتوسعان بصدمة وكأنه لا يصدق ما سمعه للتو
للحظة ظلا يحدقان لبعضهما بصمت ليعيد نادر السؤال بنفس النبرة الباردة: قلت هل تحبها.
اخيرا كسر زياد الجمود ليخرج صوته اجشا وهو يقول: بالطبع أفعل.
اذا ما رأيك ان نترك لها الخيار هذه المرة. ان كانت تحبك انا سأمنحها الطلاق لتعود اليك.

تصريحه هذا كانت اكثر غرابة حتى من السؤال الذي وجهه. ظل زياد للحظات ينظر الى غريمه بدهشة قبل ان يقرر اخيرا الرد.
انا موافق.
نظر زياد الى سيرين النائمة بسلام قبل ان يغادر هو وشقيقه تاركا لنادر حرية تأملها. عيناه تأملتا ملامحها الفاتنة بعمق وكأنه كان الوداع الأخير فهو يعلم انها ما ان تستعيد وعيها حتى تتحول تلك الملامح الهادئة الجميلة الى اخرى مليئة بالكراهية.

ربما هذه هي النهاية. عليه ان يستمع اخيرا الى ما قاله مروان. عليه ان يقفل صفحة الماضي ليستطيع البدأ من جديد. المعجزة التي كان شاهدا عليها اليوم بددت الكثير من الظلام الذي سكن روحه لسنوات. ربما التعويض الذي تحتاجه شقيقته ليس الانتقام للماضي لكن البدأ من جديد؟

بهذا الاستنتاج اعتلى نادر السريرالى جانب سيرين التي اقتربت منه لا شعوريا تنشد الأمان. احتضنها نادر بحنان بينما اصابعه تلهو بين خصلاتها الحريرية واخيرا اغمض عينيه ينشد الراحة التي لم يتذوقها منذ ان تركت منزله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة