قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس

رواية سفراء الشيطان الجزء الأول للكاتبة ياسمين عادل الفصل السادس

لحظات عسيرة للغاية أمر بها..
وشعوري بفقدان نفسي يتزايد بداخلي لدرجة تجعلني أختنق، لم أفقد مالًا أو أخسر أملاكًا، الأهم إني خسرت نفسي، ليت بأمكاني أن أستخدم آلة تعود بي للوراء، ف أتراجع عن كل قرار اتخذته بقلبي اللعين الذي وقع في حُب شيطان لا يفقه شيئًا عن الحُب، ولكن الآن ليس وقت الأمنيات، وإنما الندم على ما فات.

كان السرير النقال الذي يحمل وتين يسير في رواق المشفى الخاص والمُسعف يدفعه بعجلة نحو قسم الطوارئ..
داليدا تبكي بكاءًا مقهورًا وهي تتطلع لابنتها ذات الوجه الشاحب ملقاه على الفراش ونبضها ضعيف للغاية، بينما ذلك الغريب يسير بالقرب منهم عقب أن قام بنفسه بنقلها هنا.

ولجت داليدا للداخل وبقى هو متحرجًا بالخارج، تقوست شفتيه ب استنكار وهو يردد بتذمر: - أنا ذنبي إيه في اللعبة الرخيصة دي؟!، أعمل إيه انا دلوقتي، أطردها!
ثم نفخ بإنزعاج وتابع: - ماانا مش معقول هخسر كل الملايين اللي دفعتها في ال?يلا دي، ده يبقى خراب بيوت مستعجل.

خرجت الممرضة من القسم ف استوقفها وهو يسألها: - من فضلك، هي حالتها إيه دلوقتي؟
- هي كويسة، هنركبلها محاليل عشان ضعيفة ومكلتش من الصبح وبعد ما تخلص تقدر تاخدها وتمشي.

فسألها ب اهتمام: - طب هي فايقة؟
- هي شبه فايقة، يعني لسه مش واعية للي بيحصل بالظبط، عن أذنك بقى
أضطر في النهاية أن يدخل ليطمئن عليها، فهو الذي أحضرها هنا وهو الذي تسبب في هذه الحالة المتدهورة التي أصابتها.
تطلع للموقف من بُعد، ليشعر بالضيق من أجل داليدا التي لم تكف عن البكاء منذ أن رأت ابنتها فاقدة للوعي..
ضمّ شفتيه سويًا وهو يردد مواسيًا إياها: - متقلقيش هي محتاجة راحة وتغذية كويسة بس.

نزحت داليدا دموعها وهي تجيب ب عزة: - شكرًا على زؤك، حضرتك تقدر تمشي دلوقتي عشان متصحاش تشوفك، ولما نكون جاهزين نسيب ال?يلا هنبلغك
- براحتك ياهانم، عن أذنك
وخرج..
مضى في طريقه نحو حسابات المشفى، ثم قام بدفع مُقدم نظير فحوصات وكشف وما إلى غير ذلك، وغادر المشفى عقب أن فعل ما يرضي ضميره الذي ألمه تجاهها، مؤمنًا بأن هذه المشاكل الشخصية ليست من حدود تدخله.

كاد بدر يدخل ل نائل عقب أن تركه مع فضل قرابة الساعة، ولكنه تفاجأ ب انصراف نائل المفاجئ عقب مغادرة فضل مباشرة، تبدلت ملامحه لأخرى متجهمة وهي يتسائل وكأنه غير مصدقًا: - مشي؟!
فأجابه عمر: - أيوة مشي من أكتر من نص ساعة.

ف دلف بدر لغرفة المكتب كي يحضر أشيائه التي تركها، فتفاجأ بالتحفة الزجاجية المكسورة وبعد المستندات التي طارت من على سطح المكتب وتبعثرت في المحيط، ف فطن بدر بوجود شئ ما حدث بينهما جعل فضل ينفعل ف قام بعمل هذه الفوضى.
سحب بدر حوائجه بإنفعال وهو يتمتم: - ماشي يانائل، خليك كدا مخبي عني للآخر.

أستمع لرنين هاتفه بنغمة مميزة وضعها لها، فأجاب على الفور لتفاجئه كاميليا بهذا الخبر: - وتين في المستشفى!؟، ده أمتى وإزاي؟
— في نفس الآن —
كان نائل يجلس على مائدة الطعام في بيته بصحبة والدته، ولكنه كمن غائب عن المجلس.
عقله منشغلًا ومتعلقًا في مكان آخر، حتى أستمع لصوت رسالة نصية عبر أحد تطبيقات التواصل الإجتماعي، فقام بتصفح هاتفه: - وتين في المستشفى.

أبتلع الطعام وهو يطبق جفونهِ، ثم ترك الهاتف وقرر إنهاء الطعام، ولكن استوقفته ثريا بدورها وهي تتفحص وجهه الغريب: - رايح فين يانائل، ومال شكلك متغير كدا ليه؟!
- مفيش
ابتسمت ثريا وهي تسأله بتشوق: - البت دي عرفت إنك بيعت ال?يلا؟
- عرفت، ودلوقتي في المستشفى
فلم تترك ثريا تناول طعامها وهي تعقب على هذا الخبر الغير مهم على الإطلاق: - ألف سلامة، هو ده اللي قالب وشك؟

ف نظر بإتجاه والدته وسألها بأسلوب معترض: - مكنش ليه لزوم اللي عملتيه من ورايا، خلاص كل حاجه رجعتلنا، لزومها إيه الجرايد والكلام الفاضي ده.

ف قالت والشر يتدحرج بين جفنيها: - الحق من غير فضيحة يبقى طعمه ناقص يانائل، بكرة لما تشوف فضيحتها في الجرايد وعلى المواقع وتتصدر أخبار المشاهير مش هتخرج من المستشفى بقيت حياتها.

ثم قالت ب غيظ أكبر: - عقبال أمها
سحب نائل هاتفه عن المائدة وقال بغير رضا: - تصبحي على خير ياماما
دست ملعقة من الأرز بفمها ولم تجيب، حتى اطمئنت أنه قد غادر محيطها تمامًا، ف ابتلعت الطعام وحدقت في الفراغ وهي تهمس لنفسها: - بقالي سنة ونص مستنية اليوم ده وحاطه إيدي على قلبي أحسن تعملها وقلبك يلين يانائل، ربنا يستر والموضوع ده يخلص من غير ذرة شفقة واحدة على بنت سامي، وإلا يبقى صبر السنين ضاع عليا.

صباحًا باكرًا، أصرت فيه وتين على العودة لمنزلها الذي ستغادره للأبد، عقب أن صرح لها المحامي الخاص بها بأن أي إجراء ضد المشتري أو نائل لن تجدي نفعًا، وأن الأجراءات القانونية كانت تسير بشكل مقنن للغاية وكأن الخطة لا وجود للخطأ فيها.
بدأت سوسن تحزم الأمتعة وتجمع الأشياء الهامة حسب تنبيهات داليدا، تاركين وتين بغرفتها لتستريح..
ولكنها لن تجد معنى لمفهوم الراحة منذ هذه اللحظة.

هي الأخرى أشرفت على تجميع حوائجها ووضعها على الفراش حتى تحضر سوسن فتضعهم بالحقائب..
وهنا لمحت حقبتين عائدتين له، ملابسه وأشيائه التي تركها أثناء السفر، مازال كل شئ بحوزتها حتى الآن.
ركضت بإتجاه منضدة الزينة، وراحت تعبث في محتويات الأدراج وهي في حالة إنهيار حقيقية، حتى أخرجت المقص.

فتحت الحقائب، وبدأت تُقصقص كل ما يقابلها لقطع صغيرة بهيستيريا وهي تصرخ وتبكي بشدة، ثم قذفت المقص وبدأت تقطع فيهم بأصابعها وهي تتذكر كل لحظة قضتها في أحضانه وكل ليلة اجتمعا فيها سويًا، فتتأجج النيران بصدرها أكثر وأكثر ويزداد حقدها وحنقها أكثر، كل ذلك لم يفرغ ما بداخلها من كبت مميت، هي الآن بحاجه لأن تمزقه هو شخصيًا أربًا أربًا، لعل ثورتها تخمد.

دلفت داليدا إليها عقب أن وصل صراخها وصياحها لمسامعها، لتجد هذه المتبعثرات التي أحدثتها.
جذبتها داليدا من جلستها على الأرضية وضمتها بإنفعال وهي تحثها على الثبات: - وتين أنتي أقوى من كدا، أهدي يابنتي ومتسيبيش الغضب يعميكي عن حقك
وتشبثت بها وهي تتوعد: - والله ما هيلحقوا يتهنوا، صدقيني، أنا هقف في وشهم وفي وش كل اللي يتعرضلك بالأذى، بس لازم تكوني معايا.

كانت صرخات وتين المكتومة بصدر داليدا تؤلم روحها أكثر، فهي بريئة تمامًا مما حدث، مسحت داليدا على رأسها وشعرها مدعية القوة بالرغم مما تخفيه من حزن وقهر: - بس، أهدى ياحببتي، معاش ولا كان اللي يأذي منك شعره وانا موجودة
وبقيت عيناها گجمرتين مُسعرتين وهي تتوعدهم ب: - بس يصبر عليا إبن ثريا، وانا هطلع كل ده عليه.

وكأن شيئًا لم يكن، بالرغم من حالتهِ الثائرة بالأمس والتي نبأت بأنه سوف يرتكب جريمة قتل فعلية إلا إنه بدأ كأنسان آخر اليوم..
أكثر راحة وطمأنينة، مما جعل ابنته نداء تتعجب لذلك عقب أن علمت بما أصاب ابنة عمها من نكبة..
كانت تراقب سكونهِ وهدوءه المستريح بذهول، وفي الأخير لم تستطع الصمود أمام فضولها كثيرًا، ف راحت تسأل والدتها علها تعلم ما حدث.

كانت شريفة في غرفتها عندما دلفت إليها نداء وهي تسألها: - ماما، مش ملاحظة أن بابا أهدى بكتير من امبارح؟!، تفتكري يكون حل المشكلة؟
كان عقل شريفة أيضًا منشغل بهذه المسألة ولكنها لم تظهر ذلك، وبعد أن وجدت من شاركها خواطرها باحت بذلك: - صح يانداء، أبوكي رجع امبارح متغير، في حاجه مش فهماها.

فكرت نداء قليلًا وقد خالجتها الشكوك حول أبيها، ف تخوفت من صحة شكها تخوفًا شديدًا، ف هي الوحيدة ضمن عائلة فضل التي تحب وتين وكانت تتود إليها دائمًا، ولن تكون سعيدة إن وصل لمسامعها هذه الحقيقة، حبذت أن تحتفظ بشكوكها لنفسها، ف هي تعلم حقيقة مشاعر شريفة أيضًا، والتي ترى بها الوريثة التي حرمتهم حقهم الشرعي.

خرجت نداء من غرفة والديها وقررت التواصل مع وتين بنفسها، ولكنها وجدت هاتفها مغلقًا، وإذ بهاتفها يرن بأسم زوجها، ف نفخت بإنزعاج وهي تغلق الهاتف وتمتمت متبرمة: - مفيش إحساس خالص، قولت مش عايزة أشوفك ولا اسمع صوتك، ده إيه البلاوي دي، خلاص مبقاش في رجالة خالص كدا!

ودلفت لغرفتها تختلي بها مرة أخرى، على غير رغبة برؤية أو سماع أحدهم.

لم يكن يدري أن اليوم س يُصادفها أيضًا، ذهب لمقر مصنعها مستعدًا لمهام جديدة سيقوم بها عقب أن استولى عليه بحيلتهِ المنحطة، فتفاجأ بها تنتظره في مكتب والدها الراحل والذي أتخذه مكتب له، كان دخولها للمصنع أمرًا سهلًا ويسيرًا، فهي معروفة بين الجميع حتى وإن كان انتشر خبر نقل ملكية المصنع لزوجها فهي وتين، التي كانت ومازالت صاحبة هذا الصرح العظيم في منظورهم.

وقف يرمقها بنظرات عابثة، وعيناها تقدحان بالحقد والغيظ، تغيرت ملامحها التي كان معتاد عليها، حتى نظرة الشغف والشوق بهتت واختفت، وكيف لا تختفي بعد ما نالها منه؟!
تقدم منها وهو يضع يسراه في جيب بنطاله، ثم سألها بوقاحة: - جاية هنا بنفسك! هو انا وحشتك ولا إيه؟!
نظرة محتقرة جابت أعلاه وأسفله منها، ثم رددت: - وحشتني لدرجة مش قادرة أوصفها، ده انا حتى مش طايقة أبص عليك من كتر ما وحشتني.

ف ابتسم متعمدًا استفزازها وإخراج عصبيتها قائلًا: - مش ده الوش اللي كنتي بتكتبي فيه شعر زمان؟
ثم نفخ في وجهها مما جعلها تحيد عنه، ومضى نحو مقعد المكتب العريض والضخم، أعتلاه بأريحيه وعاد يتابع بفظاظة: - عايزة إيه؟!
قذفت بخاتم زواجها دبلة في وجهه، ثم نطقت بنبرة حامية لأول مرة يسمعها منها: - تطلقني.

تطلع لوجهها بفتور وهو يتحرك بالمقعد يمينًا ويسارًا، مستمتعًا بتلك اللعبة التي يلعبها معها، في حين أكملت هي: - وانا مستعدة أتنازل عن كل حقوقي بعد الطلاق
مط شفتيه للأمام قبيل أن يهز رأسه بالرفض و: - تؤ، مش هطلقك، بصراحة ماليش نفس
وبنظرة شهوانية أكثر استطرد: - وبعدين أنا راجل ميقبلش مراته تفضل برا بيته كتير، أيام وهترجعي تعيشي جمبي، لحد ماانا أقولك أمشي.

أحتدمت نظراتها وهي تستند على المكتب بإنحناءه و: - هخلعك يانائل
فضحك مستخفًا بها و: - هتندمي ياتينا، مش انا اللي يتخلع
وعقد حاجبيه ببوادر إنفعال و: - وبكرة تقولي نائل على حق
بحركة واحدة منها، أطاحت بكل ما يحمله سطح المكتب، وبعثرت كل شئ في الأنحاء، وهو مازال جالسًا بنفس الهدوء المثير للأعصاب..

وآخر ما قالته وهي تضغط على أسنانها بغيظ شديد وهي تضرب على المكتب: - أنت لسه متعرفنيش كويس، ومشوفتش مني غير وش الحب والحنية، مشوفتش لسه قلبتي، بس عهد عليا، ورحمة بابا اللي مربيني ومعرفني إزاي آخد حقي، لأندمك بجد.

خطت نحو الحائط، رفعت الإطار الذي يحمل صورة والدها الراحل، سحبت حقيبتها وتقدمت من الباب بينما كان هو يقول: - مع السلامة مؤقتًا يامراتي ياحبيبتي
ثم أطبق جفونه يطرد الأفكار التي تطارده، وغمغم قائلًا: - هتفضل حلوة برضو بنت الصباغ.

أكثر من عشرين دقيقة كاملة، و داليدا تنتظر حضور ثريا في غرفة الإستقبال.
تحاملت على نفسها وكرامتها حتى تحصل على مرادها وتعرف ما الذي دعاهم لفعل ذلك، وصورة إنهيار ابنتها في الصباح لا تفارق ذهنها، كلما تذكرت كلما آلمها قلبها أكثر على ذلك الحال الذي أصابها.
نظرت داليدا في ساعة يدها للمرة العاشرة، ثم تمتمت بصوت خفيض: - مشوفتش قلة زوء زي دي في حياتي!

ولجت عليها ثريا بخطواتها المتبخترة، تنظر إليها بعجرفة لا مثيل لها، لم تلقي عليها حتى التحية أو السلام، بل جلست بالجهة المقابلة بعيدًا عنها وهي تسأل: - خير؟
تماسكت داليدا لئلا تنفعل ف تفشل في مهمتها التي حضرت من أجلها، وتحدثت بهدوء متعقل: - أكيد عرفتي اللي حصل بين وتين ونائل، يرضيكي اللي عمله أبنك ياثريا؟!
- طبعًا يرضيني، ده كان قليل عليها وعليكي كمان.

لم تكن الإجابة صادمة بالنسبة إليها، بل إنها تأكدت أن ثريا هي رأس الأفعى، ومن الممكن أن تكون هي المُحرضة على ذلك أيضًا، ولكنها تصنعت الذهول، رفعت حاجبيها ب استنكار ووقفت عن جلستها وهي تقول: - إيه اللي بتقوليه ده ياثريا!، بدل ما تعقلي أبنك وتقوليله يرجع عن عمله!

ف نهضت ثريا هي الأخرى وأصبحتا في مواجهة بعضهما البعض، ل تقرأ داليدا الآن ملامح الكراهية والعداء، لم تنتظر ثريا أكثر من ذلك، ف هذه هي اللحظة التي تنتظرها منذ سنوات طويلة، وها قد أتت..
وباستفاضة شديدة تحدثت ثريا: - عمرك سمعتي عن اتنين أعداء عمرهم ما شافوا بعض!

ضيقت داليدا عيناها وهي صامتة محاولة الوصول لمغزى حديثها، بينما تابعت ثريا: - إنتي عدوتي اللي عمري ما شوفتها ولا شافتني غير لما ابني جه أتقدم لبنتك
رمشت داليدا غير مصدقة تفاقم الأمر بهذه الصورة و: - أنا؟!، أنا عدوتك انتي؟!
هزت ثريا رأسها ب نعم و: - آه، أنتي اللي خطفتي مني جوزي، خدتي مني الضهر اللي كان ساندني، مش كده وبس، خلتيه يحبك ويتعلق بيكي، لدرجة إنه يسيبني أنا ويسرق فلوسي ومالي عشانك انتي.

كانت حاقدة عليها للغاية، تبينت ذلك في ملامحها التي بدت گأنثى الشيطان أو أشد تصويرًا، وتابعت: - أنا لو بأيدي كنت خلصت منك انتي وبنتك بعد اللي حصل، لكن طعم الانتقام كان هيبقى ماسخ.

رفعت رأسها بتكبر واستكملت: - دلوقتي كل حاجه رجعت لأصلها، حتى فلوسي اللي ورثها سامي لبنته رجعتلي
ابتسمت ثريا بتشفي وهي تتطلع لوجه داليدا الشبه متفحم من المفاجأة، وقالت: - مفاجأة، صح؟!
- أنتي؟!، أنتي مرات سامي الأولانية؟!، طب، بنتي ذنبها إيه في كل ده!
فصاحت فيها ثريا بشدة: - ذنبها إنها بنتكوا، بنت الراجل اللي خاني واتجوز عليا وسرقني، وبنت الست اللي خطفت حياتي مني.

وهمست گالفحيح: - أنتوا تستاهلوا أضعاف اللي حصلكوا
فلم تجد ثريا سوى صفعة مفاجئة تضرب وجهها لم تكن تحسب لها حسابًا، لم تتحرك أو تصدر صوتًا، بينما قالت داليدا بصراخ وهي تبتعد عنها باشمئزاز: - أنتي مريضة، أكيد مريضة، مريضة
تحسست ثريا وجهها، ثم نطقت بتوعد: - هيتردلك ياداليدا، هيتردلك الضعف.

لم تصدق كاميليا أيًا مما سمعت، كيف؟!
مؤكد إنه حلم سخيف جدًا!، كيف يستطيع الإنسان العيش مع حدث گهذا؟!
تسارعت أنفاس كاميليا وقد أطبق الحجاب على عنقها، ف أرخته قليلًا وهي تردد: - مش ممكن، مش معقول!
رفعت وتين وجهها الذي كان مدفونًا بين يديها، لتلمح كاميليا دموعًا تختبئ خلف جفونها وتأبى الإستسلام.

وقالت بصوت خافت يكاد يكون مبحوحًا: - أنا عيشت أكبر كذبة ممكن تعيشها بنت في حياتها، لكن مستحيل اسمحله ينفذ تهديده ليا ويرجعني تاني أعيش معاه، أنا أهون عليا الموت ولا إني أشوفه قدامي تاني.

وضعت كاميليا يديها على كفي وتين وهي تسألها باهتمام حزين: - وهتعملي إيه مع الحقير ده!
فتشنجت وتين وهي تعترف بضعفها: - مش هقدر أواجهه لوحدي، ده أخد مني كل حاجه ياكاميليا كل حاجه، حتى بيتي، أنا مبقاش حيلتي غير شقة الزمالك اللي هعيش فيها انا وماما.

سحبت وتين شهيقًا عميقًا لصدرها وهي تقول: - لازم حد يساعدني ويقف في ضهري
ف اقترحت عليها كاميليا: - عمك، مش انتي قولتي إنه راح عنده وهيتصرف!
ف ابتسمت بسخرية وهي تردد: - عمي!، أنا روحت لعمي عشان ماليش حد، لكن لو عايزة آخد حقي فعلًا مش هيبقى في غير واحد بس.

تحيرت كاميليا وهي تسألها: - مين ده؟!
صمتت وتين وهي تنظر إليها بنظرات موحيه، ف حملقت كاميليا بعدم اقتناع و: - لأ متقوليش!، مش ممكن تكوني فكرتي في اللي جه في بالي؟!
فكانت الإجابة مؤكدة لتخمين كاميليا: - رحيم، هو الوحيد اللي هيقدر
اعترضت كاميليا على ذلك مبررة اعتراضها ب: - مش هيساعدك ولا هيقف جمبك، ده ما هيصدق يشوفك ويتشفى فيكي.

هزت وتين رأسها بالرفض وقد بدت مقتنعة بهذا الحل الذي لم يكن له بديلًا في منظورها: - مفيش غيره، رحيم نصار هو اللي هيقف ل نائل ويرجعلي حقي منه، وأي مقابل هيطلبه أنا هوافق عليه...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة