قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل السادس والثلاثون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل السادس والثلاثون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل السادس والثلاثون

اوقات الواجب والأحساس بالمسؤلية. بيفرضوا علينا مهمات صعبة على القلب والروح. ولكننا بنبقى مضطرين اننا ننفذ حتى ولو كان على حساب راحتنا النفسية او راحة اقرب الناس لينا.
قدام المراية وهو بيبلبس بقية هدومه ويجهز نفسه. هز دماغه بيأس وهو شايف نظرة عيونها وحزنها اللى كانوا ظاهرين اوى في انعكاس صورتها في المراية.
- نفسى افهم بس. ايه سبب المناحة اللى انتى عاملاها دلوك دى؟ هو انا رايح عزا؟

نزلت منها دمعة كانت محبوسة على خدودها قبل ما ترد عليه: - بلاش تروح الفرح يا عاصم. اسمع كلامى يابن الناس وبلاها جلة التعبير وحرقة الدم دى، ولا انت ناسى ان الزعل عفش على المرة الحامل!

اتنهد بصوت عالى قبل مايرجع لها ويقعد جمبها على طرف السرير. مسك طرف دقنها عشان يرفع وشها وتقابل عيونها عيونه: - طب ومش عايزانى اروح ليه؟ مش احنا فضاناها خلاص من الموضوع ده. وهي سابت البلد واتخطبت والنهارده كمان فرحها. يبجى ايه لازمة الزعل ده بس؟

نزعت ايده عنها بحدة وهي بتجاوب عليه بانفعال: - لا عايزاك انت تشوفها ولا عايزاها هي تشوفك يا عاصم. دا انا مصدجت انها بعدت وسابت البلد. تجوم ترجع من تانى لا وكمان بجوازة. عشان تلبد قصادنا العمر كله
اتكلم بقلة حيلة: - واحنا مالنا بيها ياستى. ماهى في حالها واحنا فحالنا.
خرج صوتها بصرخة: - ولما هو كده. بتحضر فرحها ليه؟

رد هو عليها بتعب: - تانى يا بدور. هانعيد ونزيد في الكلام من تانى. ماينفعش ازعل جدك يا بدور اللى اصر علينا كلنا نحضروا معاه عشان خاطر عمتى صباح. ماينفعش اقصر انا دوناً عن الكل. هايبجى ايه منظرى ساعتها؟ لسانها اتلجم لدقايق وهي بتدور على حجة توقفها بيها. قبل ما تخرج عن اتزانها وتضربه بقبضتها على صدره: - ما انت كمان مزودها ولابس على الحبل ومتشيك. كان فرحك هو عشان تلبس بلدلة يا عاصم.

قالت الاَخيرة بصرخة جعلته يضحك بعلو صوته وهو بيمسك في ايديها الاتنين ويوقفها عن ضربه: - هههههه امال عايزانى احضرلك الفرح في القاعة ازاى بس يامجنونة؟ البس جلابية بلدى واكبر نفسى؟
اثار جنونها اكتر هي بتصرخ فيه: - تجوم تلبسلى بدلة عشان تلم البنته حواليك. وتخليها هي تفكر فيك من تانى. بلاش تحضر يا عاصم بلاش تروح.

قالت الاَخيرة بصوت مكتوم. ودا لانه ضمها لحضنه وهو بيحاول يهديها: - طب اهدى خلاص اهدى. اهدى يا بدور انا مافيش واحدة تملى عينى غيرك. واللى خايفة منها دى فرحها النهاردة. اهدى ياحبيبتى اهدى.

وفى البيت الكبير. كان جالس ياسين في الصالة الكبيرة بالجلابية الصوف وعليها العباية البلدى السودة. مع بعض افراد العيلة اللى حضروا في انتظار حضور البقية. ورغم ان المناسبة فرح لكن منظرهم وهما جالسين بجمود. مايدلش نهائى على كده.

استغل سالم تأخر اخته صباح وابن بنتها وائل في لبسهم. عشان يكلم والده بصوت واطى: - يعنى كان لازم نحضر احنا كمان بابوى. ماكان كفاية الشباب الصغيرين ولاحتى البنته والحريم. نحضر ليه احنا الكبار بس؟
نظرله ياسين بعتب وقبل ما يجاوب اتفاجأ برأى محسن كمان اللى اتدخل في الحديث: - بصراحة هو عنده حج يابوى. المشوار ده تقيل جوى على قلبنا. واحنا لولا خاطرك انت بس ماكنا اتحركنا من مكانا نهائى.

ياسين بلهجة صارمة لولاده الاتنين: - اسمعونى انتوا الاتنين وجولوها لأى حد من خواتكم ولا حريمكم يسأل السؤال ده. انا عايز البت يبجالها عزوة. حتى لو كان ابوها مايستهالش. مش عايز معتصم يجى في مرة ويعايرها بقلة الأهل. دى مهما كان برضك امها تبجى بتنا.

الاتنين ظهر على وجوهم الاقتناع من رد فعلهم وسكوتهم. دخل عبد الحميد ومعاه اسرته. وبعد السلام والمصافحة. قربت نيره من جدها تسألوا: - هي عمتى صباح لسة مخلصتش لبس؟ اطلعلها فوق واشوفها؟
شدها ياسين من ايدها وقعدها جمبه: - استنى هنا الاول انا عايزك قبل ما تروحيلها.
سألته بتعجب: - انت عايزنى في ايه دلوك ياجد؟!
كان واقف بعربيته مستنيها تنزل من الشقة بعد ماخلص لبس مقدماً كالعادة ونزل سبقها ينتظرها.

فى العربية. عشان تستعجل وتخلص بسرعة. لمحها وهي خارجة من المبنى. عينُه فضلت متابعها باعجاب وعشق بيزيد يوم عن يوم.
- ادينى وصلت اَخيراً.
قالتها وهي بتفتح باب العربية وتدخل. ضيق عيونه بتعجب من أسلوبها قبل مايرد عليها: - حمد الله عالسلامة ياستى. ايه مالك ضاربة بوز كده ليه؟

اللتفت بدماغها ترد عليه بتكشيرة: - بصراحة انا رايحة معاك غصب عنى. انا لا انا طايقة معتصم ولا انا طايق البت نورا دى. ومش فاهمة ايه سبب اصرار جدى في انى اروح معاك؟
دور العربية وهو بيرد عليها: - ياستى هي ظاهرة جوى ومفهومة على فكرة. بس انتى مش واخدة بالك. جدك عايز الرجالة عشان يشرفوا البنت ويرفعوا راسها. وعايز الستات عشان يجبروا بخاطر عمتك صباح وبنتها نجلاء وطبعاً نورا.

نفخت بصوت عالى من الضيق: - ماشى انا معاك. بس بصراحة المشوار ده تجيل وصعب جوى على نفسى. سبحان مايعديها عليا ساعات الفرح دى.
ساب الطريق واللتفت يرد عليها بابتسامة ومداعبة: - ايه يا نهال؟ حد يبقى زى القمر كده ويزعل؟
بابتسامة خفيفة شقت طريقها على وجهها الجميل: - والنبى صح؟ يعنى انا شكلى حلو النهاردة وزى الجمر يا مدحت ولا بتجاملنى؟

ردد وراها بغمزة مع ابتسامته اللى ازدادت اضعاف: - واحلى من الجمر كمان. ياحبيبتى انتى حلاوتك كل يوم بتزيد عن اللى قبله. وعشان تبجى عارفة. احنا نص ساعة كده في الفرح نعمل الواجب وبعدها بقى نلم نفسينا على طول ونروح. ماشى ياقمر، اصلك بصراحة وحشانى جوى.
ابتسامتها اتحولت لضحكة مرحة وهي بتشيح بوجهها الخجلان من امامه. زودت البهجة في قلبه منها اكتر.

وبداخل القاعة الفخمة والعروض الرائعة من انوار وزينة. مع فقرات فنية مبهرة تخطف العين. دخلت العروسة وهي ايدها في ايد معتصم اللى الفرحة كانت ظاهرة اوى عليه وهو بيسلم على قرايبه ويبتسم لكل اللى يشاوله ويباركله. اما العروسة فكانت حكاية وهي لابسه فستانها الابيض المكشوف عند كتافها ومضغوط باحكام عند الخصر ونازل بعد كده طبقات من الدانتيل والتل الابيض. شعرها الطويل كان مرفوع بتسريحة مبينة جمال وجهها الابيض المدور مع تاج صغير في نص شعرها بيظهرها كاميرة. كانت شاعرة بالسعادة وهي شايفة نظرات الاعحاب والانبهار في عيون المدعوين. ونظرات تانية من بعض الرجال هي فاهماها كويس. ومع ذلك مزودة عندها ثقتها في نفسها لدرجة التكبر. خصوصاً مع تصرفات معتصم معاها وانبهاره من ساعة ما كشف الطرحة عن وجهها وشافها في البيوتى سنتر. لدرجة شعرت ان عيونه هاتخرج من مكانها او انه هايفقد عقله من جمالها. ولا اخواته البنات كمان اللى شافت في عيونهم الحقد مشمول باعجاب ظاهر في عيونهم غصب عنهم.

دخلوا العرسان مع فرقة شعبيه زفتهم وفضلت ماشية معاهم طول مدة دخولهم، وفي وسط القاعة اشتغلت اغنية رومانسية عشان يرقصوا عليها. كاتقليد متبع في كل افراح القاعة.

مع رتم الاغنيه الخطوات كانت محسوبة. ايديه الاتنين كانت محاوطاها وهو ضاممها بقربه. وجهها اصبح قبال وجهها بالظبط. عيونها الجريئة كانت بتنظر لعيونه بتحدى وهما بيلتهموا كل تفاصيلها. لاول مرة تشوفهم بالوضوح ده وتقرأ اللى جواهم بعد الغموض اللى كانت شايفاه طول الفترة اللى فاتت. انتابتها حالة من الزهو بعد ما كشفته وحست باللى شاعر بيه نحوها في اللحظة دى. استغربت قوى انه بيرقص معاها بتمكن عكس ماكانت متخيلة تماما. قرب من ودنها يشوشوها بصوت واضح عشان تسمعه: - ايه رايك في الفرح. عجبك الشغل الجامد بتاع القاعة.

مطت شفايفها بشكل مغرى قدام عيونه وهي بتجاوب بدلع: - مش بطال يعنى الشغل والحركات اللى فيها. لكن اهو الفرح جميل وخلاص.
رجع لابتسامته الغريبة من تانى وهو بيرد على كلامها: - مش بطال يا نورا! ماشى ياستى المهم ان الفرح عجبك.
هزت دماغها مع ابتسامة متسلية منها وهي بتشيح بنظرها عنه لباقى القاعة والمدعوين بنظرة خاطفة. لكن دماغها ارتدت تانى بشكل سريع لفت نظر معتصم لما لمحت خياله وسط المعازيم.

- ايه مالك؟ شوفتى حاجة غريبة؟
- هاا، لاااا ممماتشغلش بالك انت؟

قالتها بلجلجة أثارت ارتيابه اكتر. خصوصاً لما اتعمدت انها ماتنظرش تانى وثبتت عيونها عليه لكن بنظرات مشتتة. اللتفت بدماغه للناحية المقصودة. عيونه برقت وتنفسه بقى بشكل اعلى لما شاف عاصم وسط المدعوين وهو جالس مع اولاد عمه بيضحك ويهزر وغير منتبه اساساً للى بيحصل. عيونه رجعت عليها وهو بيفحص كل همسة وكل لمحة منها. انتهت الأغنية وذهبوا العرسان لمكانهم المخصص في الكوشة.

بمجرد ما قعدوا الاتنين في مكانهم. نجلاء قربت من بنتها بفرحة باينة في عيونها: - جدك ياسين وستك صباح والعيلة كلهم انهاردة حاضرين يا نورا. جاينلك ياحبيبتى عشان يفرحوا بيكى ويرفعوا راسك قدام عريسك.
قرب منهم يسمع اللى بيتقال: - هو في ايه حماتى،
شورت نورا بدماغها على المدعوين بابتسامة وفخر: - جدى ياسين وستى صباح ربنا يخليهمولى يارب والعيلة كلها حاضرة النهاردة معايا.

حرك دماغه بابتسامة مش مفهومة: - اااااه. يأنسوا ويشرفوا يا نورا. ويألف مرحب بيهم ياحماتى.
وعند المدعوين سامح كان مايل على الطرابيزة الى جالس عليها ياسين وجمبه مدحت وباقى افراد العيلة وهو بيكلمهم بتفاخر وفرحة مش سايعاه: - يامرحب بيك ياعم ياسين انت وكل واحد شرفنى من العيلة.

رد عليه ياسين بكلام محسوب وشبه ابتسامة: - اهلا بيك يا سامح. اديك شوفت بنفسك اها. احنا مهما حصل مابينا عمرنا ماننسى لحمنا. ولا نقدر نجصر في حاجة مهمة زى دى
ادعى سامح عدم الفهم وهو بيهلل في كلامه: - طبعا طبعا ياعم ياسين. قد القول والله. يامرحب بيك يادكتور. هو انت ماجبتش الدكتورة نهال معاك ولا ايه؟

مدحت برزانة: - لا طبعا ازاى الكلام ده؟ نهال حضرت و موجودة حاليا على طرابيزة مع الستات. وعلى العموم الف مبروك لبنتك نورا وعقبال وائل ان شاء الله
ضحك بسماجة وهو بيرد عليه: - طبعا طبعا ماانتوا ولاد اصول. وربنا بقى يرزقكم بالذرية الصالحة بس على ما تخلص وتبقى دكتورة بقى. هانت هي كلها ست سنين يعنى ههههههه
. عند اذنكم اروح ارحب بباقى المعازيم.

مدحت شتم في سره قبل ما يتوجه بكلامه لجده: - شايف ياجدى الراجل ده وجلة زوقه.
طبطب ياسين بكف على دراع مدحت عشان يهديه: - سيبك منه ياولدى. الراجل اتهف في مخه لما شاف العز والهنا دا كله. وفاكر انه بكده فاز علينا وبيكدنا. ربنا يهديه بجى.

وفى الطرابيزة المجاورة كان جالس عاصم و حربى و رائف. اللى كان بيتكلم معاهم باعجاب عن اللى شايفه: - شايفين ياجدعان. القاعة والنظام اللى فيها. يخرب مطنك يا معتصم دا صارف ومكلف كتير جوى.
رد على كلامه حربى: - ابن المحظوظة لما فلوسه جاهزة خطب البت نورا واتجوزها في اقل من شهر. زى انا. اللى خللت انا والبت ولسة ماتجوزناش.
عاصم ضحك من اسلوبه و رائف الكلام عصبه.

- لم نفسك ياض واركز شوية في كلامك هو انت شايف ابويا بتاجر في ال، ماتخلنيش اكمل
حربى وهو بيلوح بايده بلامبالاه: - ياعم روح خلينى ساكت. انا بس اللى مصبرنى انها بت عمى. لكن غير كده كنت لا يمكن هاصبر.
رائف كان هايرد عليه بعصبية اكتر. لكن عاصم وقفه.

- خلاص يا رائف كبر مخك منه هو ببناغشك. المهم انا عايز اقولكم انى نص ساعة وهاروح مش هاستنى تانى. شوفوا مين فيكم هايروح معايا؟ ولا امشى لوحدى؟ انا مرتى حامل وعايز اطمن عليها.

وعند الستات نهال كانت جالسة مكانها وعيونها مركزة مع نوراً اللى كانت فاهمة كل تصرفاتها وكاشفة نظراتها المخفية ل عاصم اللى كان واضح قوى من تصرفاته انه بيحاول يتجنبها في قعدته وهو عطيها ضهره بقصد. اتفاجأت من اللى شدة ايدها على غفلة.
- في ايه يا نيره بتشدينى من ايدى ليه؟

قربت نيره من ودانها عشان تسمع: - قومى يا نهال خلينا نرقص ونهيص مع عمتى صباح والعروسة وامها. دا جدى موصينى جوى فيها دى عشان خاطر عمتى صباح.
نهال بضيقة: - كمان! عايزانا نرجص كمان! دا جدك مافيش حاجة تفوته واصل.
نيرة وهي بتشدها من ايدها توقفها: - لا ياستى مافيش والحمد لله احنا بعاد عن عيون الرجالة ياللا جومى بقى خلينا نولعها.

قاموا البنات وولعوا الفرح مع العروسة وصباح وباقى افراد العيلة من الستات. ومن ناحية تانية وائل كان جالس على طرابيزة اهل خطيبته زيه زى الغريب. بيتكلم مع خطيبته واخوها عبد الرحيم واكنه بقى منهم. لكنه كان بيضحك ويهزر معاهم. في محاولة منه انه مايظهرش اللى جواه قدامهم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة