قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثاني والأربعون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثاني والأربعون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثاني والأربعون

لسانها اتعقد وشفايفها بقت تتحرك لوحدها بشكل هستيرى. وهي مش عارفة ترد بأيه على سؤاله المباغت لها. المفترى قلب الموضوع عليها. ومسك عليها حجة تفقدها موقعها بعد ماكانت هجوم. بقت هي في مطرح الدفاع عن نفسها. طيب هاتجاوب تقوله ايه؟ تقول ان اللى بلغها بالامر ده يبقى يونس عشان المصيبة تكبر اكتر فوق راسها. اكيد هي مش غبية قوى لدرجادى يعنى.
- ماتنطجى، سكتى ليه؟ هي القطة اكلت لسانك؟ ولا يكونش خرستى كمان؟

قالها بغضب مجنون وهو بيشدد بايديه على ذارعيها اكتر. وجهها مقابل وجهه اللى اتحول في اللحظة دى لشخص تانى ماتعرفوش. الغضب عماه عن اَلمها النفسى والجسدى. وبرغم قوتها اللى دايماً بتحاول تتظاهر بيها دايماً قدامه وقدام اى حد. في اللحظة دى ماقدرتش تتماسك اكتر من كده وانهارت في العياط امامه...

نفخ بقوة وهو بيبعد وجهه عنها وايده ارتخت عن مسكها. سابها وهو بينتفس بخشونة وبيمسح بكف ايده على شعر راسه. في محاولة عقيمة لتهدئة الغضب المشتعل جواه.
نزلت هي بتقلها على الكرسى اللى خلفها وهي بتبكى بحرقة.
اتنهد بصوت عالى وهو بينظر لها من اعلى بصمت. مستاء من اللى حصل منه ومنها.
قرب منها يلمس على شعرها بصوت أجش: - خلاص اهدى بقى كفاية. دى لحظة غضب وانا اعصابى فلتت منى.

رفعت عيونها اليه وهي بتنظرله بعتب مابين دموعها: - انت بجيت جاسى جوى يا مدحت. مسكت في حاحة تافهه زى دى. ونسيت السبب الأساسي لزعلى وحرقة قلبى وانا...

شهقت بصوت اعلى وبكاءها اصبح بنشيج مكتوم. زود الحزن في قلبه اكتر. شدها من ايديها يوفقها ويضمها على صدره بحنان يراضيها: - يابنتى والنعمة مافي اى حاجة من اللى في دماغك. ياحبيبتى افهمى. سبب عصبيتى دى وغضبى هو الانسان او الانسانة اللى حاولوا يوقعوا مابينا. يقلبوكى عليا ويخلوكى تصدقى عنى حاجة زى دى.
استكانت في حضنه واستسلمت لحنانه في ضمها. وهو بيمسح بايده على شعرها يهديها.

خرج من جلسته مع معتصم في غرفة لوحدهم. بوجه محتقن. بعد مااتصدم من المبلغ اللى عطاهولوا. وهو هايموت من الغيظ كان هاين عليه يفتح كرشه وياخد حقه من كنوز المقبرة غصب. البيه مفكره غبى وانه هايصدق ان ده حقه. وان البهوات اللى بيقول عليهم في القاهرة بياكلوا كنوز المقبرة لوحدهم. قال وبيرمولوا هو الفتافيت. كداااب!، دا حتى الفتافيفت هايجيبوا ملاين؟ التعبان الملاوع بيضحك عليه بمبلغ 150 الف جنيه وكأنه بيمن عليه. مش نظير تعبه في الصحرا تحت الشمس وفي عزا الحر والتراب كمان.

تمتم بصوت واطى مع نفسه: - ماشى يا معتصم ال، انا ان ماكنت اَحد حقى من عيونك مابقاش انا!
نجلاء وبنتها كانوا موجودين في الصالة وبيتكلموا في احاديث ودية. تخص البنت ووالدتها لدرجة انهم ماخدوش بالهم منه لما خرج ووقف خلفهم. جز على اسنانه ينده على مراته الغلبانة بغيظ: - فزى قومى ياولية انتى خلينا نروح على بيتنا. ايه؟ عجبتك قوى القعدة هنا ياختي؟

قامت نجلاء مفزوعة من لهجته وخلفها نورا اللى ردت على والدها باستنكار: - ومالها بقى القعدة هنا ياولدى؟ دى قاعدة في بيت بنتها يعنى مش حد غريب!
كملت نجلاء على كلامها: - هو انا لحقت اقعد معاها؟ ولا حتى الارض حست بينا من الاساس؟
زغر لها بعيونه بغضب: - عايز اروح بيتى. عشان افرد ضهرى واريح جسمى.
فأجته نورا تسأله وعيونها على اللى ماسكه في ايده الشمال: - ايه الشنطة اللى في ايدك دى يابابا؟

ارتد للخلف بحركة مكشوفة يقول بارتباك: - ااا دى شوية اوراق كده كنت شايلها عند معتصم. ودلوقت خدتهم عشان مروح
ظهر على وجه نورا عدم التصديق. فردت نجلاء الغافلة عن كل اللى بيحصل قدامها: - ماينفعش اروح معاك دلوقتى على طول يا سامح. لازم اسلم على والدتى وجدى ولا انت ناسى كمان عزومة جدى ياسين ليك امبارح وهو بيأكد عليك عشان تيجى مع كل العيلة النهاردة. بمناسبة ليلة الذكر اللى عاملها في البيت الكبير النهاردة.

قامت نورا من مكانها عالكنبة تقول بحماس: - الله ياماما. انا كمان عايزة اروح معاكم. لازم تاخدونى معاكم.
خرج معتصم من غرفته بعد ماقفل عليها كويس وانتبه على جملتها: - عايزة تروحى فين ياعروسة؟ ولازم كمان ياخدوكى معاهم؟
- عايزة اروح بيت جدى يا معتصم. النهاردة عامل ليلة للذكر وعازم فيها كل افراد العيلة.
قال بتهكم: - وانتى بقى من افراد العيلة؟

برقت عيونها بشراسة من تهكمه وهمت ترد عليه. لكن والدتها سبقت بأسلوبها الهادى: - خليها تيجى معايا يابنى. انا سمعت انها مابتخرجش من البيت نهائى. اقله عشان تفك عن نفسها شوية.
ضيق عيونه بتفكير قبل مايرد بهدوء: روحى يا نورا مع الست الوالدة. وانا هابجى اجى اخدك بعد ما تخلص الليلة.

قال من خلفه سامح: - وانا هاروح عشان تعبان. لو عايزة تيجى ياام العيال تمام. لو مش عايزة باتى عند امك ياختى. عشان انا معنديش مقدرة اروح المحافظة وارجع تانى واروح بيكى؟
نجلاء نظرت لبنتها بابتسامة مستترة ولا اكنها جابت لبس العيد.
وفى المسا.

افراد العيلة كلهم او معظمهم كانوا متجمعين سواء رجالة او ستات في البيت الكبير. الرجالة في المندرة بينظموا العشا من المغرب عشان القارئ يبتدى في قراية القرآن. والستات كانوا بيحضروا الاكل على صوانى كبيرة لجل الشباب تيجى تشيلها بعد كده وتدخل بيها في المندرة.
بدور و هدير كانوا في الصالة. بيقطعوا في العيش شرائح صغيرة. ويوزعوها على الصوانى بشكل مميز.

نزلت نيرة من الدور التانى. بعد ما اخدت شاور وشالت عنها غبار التنضيف ولبست عباية استقبال جميلة. وبضحكة بشوشة قالت: - هاى يابنات ايه الأخبار؟ الرجالة اتعشوا ولا لسة؟
ردت عليها بدور وهي بتنظر لها بتفحص: - يا اهلاً ياسنيورة. اَخيراً شوفنا وشك. بعد ما اتسبحتى ولبستى عباية جديدة. اقطع دراعى ان ماكانت العباية دى من جهازك؟

هجمت عليها بسرعة تكتم في بقها وتوشوشها بحذر: - بس يا زفته هاتفضحينا. دى امى لو سمعتك هاتعلجنى. وهي اساساً على اَخرها منى.
هدير وهي بتضحك: - يعنى امك مش هتاخد بالها من العباية الجديدة؟
جاوبت بصدق: - لا طبعاً مش هتاخد بالها. دا انا عملتها فيها كذا مرة وجبت غيرهم وعدت برضوا.
نزعت بدور ايدها عن بقها تقولها بمشاكسة: - وانتى بجى ياحلوة. قاصدة مين ياخد باله منك دلوك وانتى لبساها؟

مالت برقبتها تقول بدلع: - تفتكرى مين يا بدارة؟
هدير وهي بتشاور برقبتها مع ابتسامة خفية: - اهو جاه عالسيرة ياختى.
- نيرة.
انتفضت لما سمعت صوته وهو بينده عليها فجأة. بعد ظنت ان هدير بتهزر معاها. قامت ترد عليه بارتباك
- ايوه يا حربى. انت جيت امتى؟
وضع ايديه الاتنين بجيوب الجلابية وهو عاقد حواجبه مع ابتسامة لها مغزى: - ايه هو اللى جيت امتى كمان؟ ناوليني صنية العيش اللى جدامك يا نيرة.

- حاضر ياواض عمى. انا جاية اها.
قالتها وهي بترفع الصنية بسرعة لدرجة انها كانت هاتتكعبل برجلها في السجادة وهي ماشية. لكن هو لحقها على طول. يشيل الصنية عنها ويسندها من ايدها يقول بابستامة ومكر: - اسم الله عليكى. مش تحاسبى يا نيرة.
بدور و هدير وقعوا على نفسهم من الضحك على موقف صاحبتهم وارتباكها لمجرد رؤيته.

دخلت نهال تمسى بتحية على الجميع شتت البنات عن مراقبة حربى ونيرة اللى خدوها فرصة يتكلموا في زاوية لوحدهم.
- مساء الخير يابنات.
قربت من اختها تحضنها بشوق وصوتها خارج بشجن: - وحشتينى جوى يا بدور وحشتنى جوى ياخيتى.
خرجت من حضن اختها المذهولة وسلمت على هدير بترحاب شديد.
بدور بقلق: - مالك يا نهال؟ فيكى حاجة ياحبيبتى؟

هزت دماغها تنفي مع ابتسامة باهتة: - لا ياحبيبتى. ماتشغليش بالك انتى؟ دول بس شوية تعب. امال امى موجودة فين وبقية ستات العيلة.
حاوبت بدور: امك وحريم عمامك وعمتك صباح وخالتي رضوانة. حتى نسمة و زهرة بت عمك. كلهم جوا في اؤضة السفرا بيحضروا الاكل في اطباق على الصوانى. عشان عشا الرجالة. حكم جدك المرة دى ماكفهوش ناسنا اللى في الكفر. لا دى كمان عزم قرايبنا في بقية القرى اللى حوالينا.

المرة دى ابتسامتها خرجت من القلب: - ربنا يخليه يارب. ويوسعها عليه اكتر واكتر كمان.
سألتها هدير: - امال فين الدكتور مدحت؟ هو مجاش معاكى؟
بشبه ابتسامة جاوبت: - الدكتور مدحت وصل معايا. بس هو اتلم على عيال عمامنا قصاد المندرة بيسلم عليهم.

بناءاً على رغبته. قعدوا الاتنين في ركن لوحديهم بعيد عن الجميع. كان مكتف ايديه وهو بيتكلم بعصبية: - دى اول مرة تعملها يا عاصم وتتقلب منى بالمنظر ده. ضاربة بوز شبرين ولا اكنها ظبطتنى مع مها فى وضع مخل!
عاصم بهدوء: - راعى شعورها يا مدحت. انت شايف الموضوع من منظورك انت. لكن هي واضح جوى انها زعلت وشكت بجد. والبركة طبعاً في اللى فتن مابينكم.

- ايوه يا عاصم. انا معاك في كل اللى بتجوله. بس هي تشك فيا ليه؟ هو انا فاضى اهرش في شعرى. عشان اخونها ووزع عواطفى كمان مع واحدة تانية. سبق وانا اللى سبتها بنفسى عشان حسيت انها مش متمسكة بيا.
طبطب بايده على كتف ابن عمه.
- معلش يا مدحت. هما النسوان كلهم دماغهم كده. انت بتفكر بعقلك هما بيفكروا بعواطفهم. ودا بيلغى العقل اساساً. المهم انت راضيها واصبر عليها شوية.

- اصبر ايه يابنى؟ دى اول مرة من ساعة جوزانا. تكشر في وشى كده. دا احنا دايماً بنتخانق وبعدها بشوية صغيرين الاقيها ضحكت في وشى. بتنسينى الدنيا ومافيها. مش مها والكلام الفاضي ده، بس لو اعرف مين اللى بخ في ودنها لاكون ساعتها مربيه صح. سوا كان راجل او ست.

- هون على نفسك ياواض عمى هون. قوم تعالى اعرفك على ناس اول مرة تشوفها في عيلتك والبركة في جدك. اللى جابهم من بلادهم عندينا. ياخى انا مش عارف. جدى دا فاكر الناس دى ازاى؟
- الناس الكبيرة كلهم بيعرفوا بعض يا عاصم.
بعد ما انتهت مهمة تحضير الاكل للرجالة. الستات اتجمعوا في الصالة يستريحوا شوية. قبل ما تبتدى المهمة التانيه بتحضير الاكل لستات العيلة.
كل جماعة كانوا في حزب لوحدهم يضحكوا ويهزروا.

صباح وحريم اخواتها ومعاهم رضوانة لوحدهم. نهال وبدور في جمب لوحدهم. ونسمة ومعاها زهرة وهدير ونيرة في جمب لوحدهم.
قالت نسمة بتمنى: - ياما كان نفسى بطة تبقى وسطينا النهاردة يابنات. كانت هاتعمل جو جميل ساعتها.
ردت عليها زهرة وهي بترضع بنتها: - انتى بتقولى فيها يا نسمة دى مش بعيد. كانت جابت طبلة وعملتها مهرجان. دى بت عمى وانا اعرفها تعشق الفرح.

اتدخلت هدير معاهم في الكلام: - لكن هو جدى ياسين كل سنة بيعمل الليلة دى ياجماعة؟ ولا هي السنة دى بس؟
جاوبتها نيرة: - جدك ياسين ياحبيبتى. دايماً بيحب لمة العيلة والجماعة حواليه. يعنى مثلا هو كل جمعة في اول شهر. لازم يعمل عزومة لأولاده واحفاده. ليلة الذكر دى بيعملها كل سنة وبيجمع فيها معظم افراد عليتنا في بلدنا والبلاد المجاورة. وطبعاً انتوا معزومين السنادى بصفكتم. من العيلة ياحبيبتى.

ابتسمت لها هدير بخجل: - واه يا نيره. يجعله عامر يارب ويطول في عمره جدى ياسين.
نهال كانت مريحة دماغها على ضهر الكرسى ومسهمة بشرود. قربت منها اختها تداعبها في خدوها: - ايه ياست نهال مش بعاده يعنى. مانشوفش ضحكتك الحلوة؟ هو اتخانقتى مع مدحت؟
ردا على اختها قالت: - ليه يا بدور بتقولى كده؟ مش يمكن اكون تعبانة ولا حاجة.
- لا يا نهال. انتى حتى لو تعبانة بتضحكى. انا حاسة ان الموضوع في زعلة كبيرة جوى.

سكتت نهال وفضل بس التواصل البصرى مابين الاختين. واحدة عايزة تحكى والتانية منتظرة تسمع بكل اخلاص. نزع الاتنين من شرودهم. دخول نجلاء مع بنتها نورا بمكياجها الصارخ وبلوة ضيقة وقصيرة على جيبة صك برضوا ضيقة. محددين تماما تفاصيل جسدها.
دخلت تسلم على الموجودين بحرارة وتشاور بايدها ناحية بدور و نهال.
اتعدلت بدور في قعدتها بتحفز: - شايفة قلة الزوق يا نهال. بتشاورلنا احنا بطرف ايدها.

مسكتها نهال بابتسامة خفيفة غزت وشها: - اهدى يا بدور وبلاش تعصب. هي اساساً تخاف ماتيجى هنا تسلم عليكى. مش شايفة نظرت عنيكى المتحفزة ناحيتها؟
بابتسامة جانبية قالت: - يعنى خافت منى يا نهال؟ عشان تفكر الف مرة بعد كده لو حبت تلعب بديلها تانى. اى ده؟ هو صوت القران ده طالع من المندرة.
قالت نهال وهي بتنصت للقارئ.
- اه يا بدور يبقى اكيد الرجالة خلصوا عشا. وهايدخلوا بالصوانى حالاً.

قالت بدور بسأم: - يوووه. لسه هانحضر اكل تانى كمان.
بدأ الشباب يدخلوا بصوانى الاكل. واولهم كان حربى اللى مسكت منه نيره صنيته والتانى كان عاصم اللى داخل ينده بنيته: - واحدة تشيل منى بسرعة.
بسرعة البرق اتفاجأ ب نورا وهي بتشيل عنه. بابستامة. ودودة قدام الناس مع صوتها الناعم: - عنك يا عاصم. هات اشيل انا منك.
خبطت بدور بكفها على حرف الكنبة بغيظ تقول: - ياعنى اروح اجيبها من شعرها. البت مجصوفة الرجبة دى.

ضحكت نهال بمرح وهي بتمسك فيها تحوشها
- في ايه يا بدور؟ هي هاتاكله. دى بتشيل عن الصنية الوكل يعنى بتساعد ههههه
- ماتغيظنيش يا نهال.
كتمت بقها عشان تدارى ضحكها وهي مش قادرة توقف. تتحاشى غضب اختها. لكن وصول اشعار من الفون بوصول رسالة. جعلها تفتح تشوفها. اتعدلت بصدمة وهي بتنظر للصورة اللى وصلتها مع رسالة من رقم غريب. وكأن العالم كله انهار قوق راسها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة