قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثالث والثلاثون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثالث والثلاثون

رواية ست الحسن الجزء الثاني للكاتبة أمل نصر الفصل الثالث والثلاثون

الضوء الخفيف المنبعث في خيوط ضعيفة. وهي مخترقة شباك غرفة النوم والستاير. جعله يصحى من نومته بدرى عن موعده. على الرغم انه نام متأخر ونومه كان تخاطيف. ومع شعوره بحركة خفيفة على دراعه. التفت بدماغه لقاها نايمة عليه وهي بتبصله بعيونها اللى بتقلب الوان حسب الاضاءة او الحالة اللى جواها. المرة دى شاف لونهم صافى بلون السما مع ابتسامتها اللى نورت وشها. بعد غياب طويل عن عيونه. اتأوه بصوت عالى وهو بيقربها منه وبيطبع على جبهتها بوسة اشتياق وحنين.

- صباح الهنا والجمال على احلى عيون في الدنيا كلها.
خرج هي صوتها بانزعاج: - براحة يا عاصم انت هاتعصرنى في هدومك التجيلة دى.
خرجها من حضنه وهو بيلتفت للى لابسه: - واه، دا انا نسيت والله انى نمت بالجلابية.
- نسيت!
قالتها بتعجب وهي بترفع جزعها تتعدل من نومتها فكملت.
- برضك في حد ينام على سريره بالجلابية الصوف التجيلة دى يا عاصم. لا وكمان مشدد على بدرعاتك لما كنت هاتخنجنى.

اتعدل هو كمان يجاريها في الكلام: - سلامتك من الخنقة ياام الغايب. سلامتك من اى حاجة تزعلك يا بدور ياوش الجمر انتى.
فتحت بقها بابتسامة بتحاول تداريها: - واه، دا انت جايم فايق ورايق على اول الصبح. هي لدرجادى كانت حلوة؟!
ملامحه اتغيرت بارتياب من سؤالها: - هي ايه اللى كانت حلوة بالظبط؟
ردت بابتسامة خبيثة: - انا اقصد ليلة الفرح بتاعة امبارح ولا انت نسيت انك كنت حاضر خطوبة وائل على هدير اخت عبد الرحيم.

ضغط على شفته بغيظ منها وهو بيحاول يسيطر على اعصابه: - بجيتى غويطة جوى يا بدور وماحدش بيفهمك يابت عمى!
ابتسامتها زادت مشاكسة: - بعض ماعندكم يا أستاذ عاصم يا، واض عمى.
رفع لها حاجبه بابتسامة متلاعبة: - يابوى. وكمان بجيتى تردى الكلمة بكلمتين. بعد ما كنتى قطة مغمضة.
- لا ما انا اتعلمت وفهمت زبن بعد ما...

وقف الكلام على لسانها بابتسامة اختفت. وحل محلها الوجوم والتفكير في الرد، لوح بكف ايده قدامها يوقف شرودها بعد ماقرا افكارها: - حن عليكى ماتجلبى في المواجع وانسى. ممكن تنسى اللى فات يا بدور. وتفكري في اللى جاى.
بحركة خفيفة هزت دماغها: - ممكن يا عاصم انسى اللحظة المرة دى اللى مريت بيها في احلى يوم كنت مستنياه. بس لو انت عوضتني بغيرها.

بابتسامة واثقة رد بيها: - تمام، انا بجى هاعوضك بلحظات مش لحظة واحدة. وليكى عليا من دلوك نبتدي.
قال الاَخيرة وهو بيقوم من فرشته ويخلع جلابيته. وفجأة بدون مقدمات شعرت بنفسها وهي بتتشال من فرشتها وبتترفع في الهوا.
سألته بفرحة: - انت هاتلف بيا الشقة يا عاصم صح؟
بضحكة مدارية: - ايوة بس انا بجول اخدك عالحمام الاول تتسبحى وتغيرى خلجاتك.

رفست برجليها وايديها باعتراض: - لا ياخوى مش عايزاك تشلينى ولا توديني. نزلنى احسن ها انا بجولك نزلنى ياعاصم.
بضحكة مجلجلة وهو بيحاول يسيطر على اعتراضها: - خلاص خلاص انتى الخسرانة.
نعم! فرح ايه دا اللى في اسبوع؟!
خرجت منها بصوت عالى بعد مانهضت عن الكرسى مخضوضة. رد على عصبيتها بتهكم: - في ايه يابت مالك؟ قومتى مفزوعة من مكانك وصارخة كده ليه؟ وكأن في تعبان قرصك؟

برقت بعيونها وهي بترد بشراسة: - امال عايزنى ارد عليك بأيه بعد اللى قولته ده؟ ازغرط ولا ارقص مثلاً بعريس الهنا اللى خطبنى الاسبوع اللى فات ودلوقت عايز يتجوزنى في الاسبوع اللى وراه.
خبط بكفه على السفرة بقوة قلبت الاطباق المرصوصة عليها وهو بيرد عليها بلهجة تخوف: - اتعدلى يا نورا في كلامك معايا بدل ما اعدلك انا بطريقتى. ولا تحبى افكرك بعُلق زمان...

اهتزت من نبرته وتهديده اللى عارفاه كويس. بلعت ريقها وهي بتحاول تتماسك قدامه. اتدخلت نجلاء في محاولة لتهدئة الوضع: - براحة ياخويا بس وفهمنا. هي البنت مستغربة مش قصدها حاجة. ما انت عارفها متسرعه دايماً وعصبية.
نفخ بقوة قبل ما ينزل على مقعده من تانى وهو بيحاول يسيطر على غضبه منها: - اقعدى يا نورا وخلينى افهمك كويس. زى ما بتقول المحروسة اُمك. اقعدى يابنتى انا مش عايز اتعصب عليكى.

قعدت تانى وهي بتحاول التماسك قدامه عشان ماتنفجرش في وشه.
- نعم ياوالدى، هاتفهمنى ايه بالظبط؟
بنبرة خفت حدتها عن الاول بكتير: - قبل ما افهمك انا. ممكن افهك منك ايه سبب اعتراضك على تقديم الميعاد؟ هو انتى مش عارفة من الاول. أن الخطوبة اَخرتها الجواز؟
ردت بانفعال: - طيب وفترة الخطوبة دى اللى بتعيشها اى بنت وبتتمتع بيها. اتحرم منها انا ليه؟ دى بتبقى احلى من الجواز نفسه. دى...

- دى ايه يا نورا؟ هو انتى بتحبى الواد اصلاً؟ عشان تتمعى بالخطوبة والكلام الفارغ ده؟
قالها بمقاطعة لجمتها. واثارت دهشتها هي ووالدتها اللى ماقدرتش تمسك لسانها في سؤاله: - يعنى انت عارف انها مابتحبوش. ومع ذلك عايزها تتجوزا كمان من قبل ما تاخد عليه ولا تحبه؟

زغر لها بعيونه قبل مايرجع لبنته تانى: - سيبك من كلام والدتك الهبلة دى. انتى مهما قعدتى معاه مش هاتاخدى عليه غير لما تتجوزيه. وانا لما بقولك تتجوزيه يعنى هاتتجوزى فلوسه يابت العبيطة. هو انت يابت عامية؟ مش عايزة تقبى على وش الدنيا وترفعى اهلك معاكى؟ مش دريانة بالفلوس اللى بيتمرمغ فيها معتصم ومافيش حد مشاركه فيها؟ حتى خواته البنات مافيش واحدة فيهم قادرة تكلمه عن نصيبها في العز ده. ماتفوقى يابت وحسى بالهنا اللى انتى داخله عليه. بلاخطوبة بلا كلام فارغ.

ساعتها مااتحملتش تستنى اكتر من كده. قامت قدامه من غير رد وهي رايحة على غرفتها وبتتوعد معتصم بالشتيمة واقذر الألفاظ.
وفى البيت الكبير
دخلت صباح على وائل في غرفته عشان تصحيه. ولكنها فوجئت بيه صاحى وهو بيتكلم في الفون مع خطيبته. وكعادة اى ام مصرية وقفت تتصنت من غير ما تطلع اى صوت وهي مطرطقة ودانها كويس اوى على اى كلمة او همسة.

بنص نومة وهو مسنود بضهره على قائم السرير، ايده ماسكة الفون على ودنه وهو بيكلمها بسعادة
- بقولك وحشتيني. انتى ردك ايه؟
وصله صوتها بصعوبة: - وانت كمان...
زود في هزاره معاها بغلاسة وهو بيضحك: - لا ما سمعتش كويس. علٌى صوتك شوية كمان عشان انا سمعى تقيل.
سمع صوتها وهي بتزوم بكلام مش مفهوم. زودت البهجة اكتر في قلبه منها. خاطبها تانى بتصنع الجدية.
- بتبرطمى بتقولى ايه؟ مش فاهم حاجة؟

ردت بنفاذ صبر: - ماخلاص عاااد باه.
- بااه!
قالها هو بضحكة مجلجلة طالعة من القلب رجت الغرفة كلها. ولكنها وقفت فجأة لما شاف جدته صباح وهي واقفة مسنودة على الحيطة جمبه بشكل فاضح قوى اللى بتعمله. اتحمحم وهو بيتعدل في قعدته.
- طيب اقفلى انتى دلوقتى يا هدير وانا هابقى اتصل بيكى بعد شوية نكمل كلامنا.
بعد ماقفل معاها وجه كلامه لجدته بابتسامة ماكرة: - صباح الفل عليكى ياست الكل. انتى واقفة بتعملى ايه عندك؟

قربت تقعد جمبه وبروح الفضول سألته: - صباح الخير ياجلب ستك. كنت بتجولها ايه؟
بابتسامة مشاكسة: - يعنى عايزة تفهميني انك ماسمعتيش حاجة في وقفتك هنا جمبى وانا مش حاسس ولا دريان بوجودك؟
جاوبت بخجل بتحاول تداريه: - اااا ياولدى انا كنت جاية اصحيك بس اتكسفت اقطع كلامك مع خطيبتك.

بطرف صوابعه قرص على خدها بخفة ومداعبة: - ياستى الكل انتى ياقمر. اقطعى المكالمة واعملي مابدالك. هو انا عندى اغلى منك في الدنيا دا كلها.
شدته من قميصه تطبع على خده بوسه كبيرة: - شالله يهنيك ياغالى انتى يانور عينى. طب ياللا قوم بجى عشان تفطُر مع جدك.
- ماشى انا قايم معاكى احسن انا جعان اوى ونفسى افطر أى حاجة من ايديكى الحلوة دى.

قالها وهو بيقوم من فرشته وبيقومها معاه حاوط بدراعه على كتفها يسألها: - قوليلى ياست الكل بقى عجبتك ليلة امبارح.
لوحت بكفوفها المفرودة قدامه بفرحة باينه في عيونها: - يوووه. دى كانت ليلة ولا احلى الليالى. ربنا يتم فرحتك على خير يارب.
رد عليه بفرحة وسعادة هو كمان: - يارب ياستى يارب.
راحت منها الابتسامة وهي بتكمل بنبرة متغيرة: - حاجة واحدة بس اللى نقصت عليا فرحتى؟

زم شفايفه وهو بيهز دماغه بتفهم: - عارف ياستى عارف. اللى كانت عاملاه نور و معتصم. انا رايح لها النهاردة البنت دى اشوف ايه حكايتها بالظبط!
كان في عز نومته لما صحى على الصوت العالى للفون. اللى كان بيرن على طول من غير ما يوقف، تناوله من على الكمود بعين مقفولة والتانية لسه بيفتحها بصعوبة. لدرجة انه فتح الاتصال من غير ماياخد باله من نمرتها. وبصوت متحشرج من اثر النوم.
- الو، مين معايا؟

ردت بعصبيه وسخرية في نفس الوقت: - الو ياعنية. سلامة الشوف. ايه مش عارف تقرا اسم خطيبتك ولا انت مش مسجل اسمى اساساً؟
رد عليها وهو بيفوق من كلامها: - واه. انتى نورا مش بعاده يعنى؟
كملت هي بتهكم: - ايه بقى؟ انت مستغرب انى باكلمك؟ اطمن ياحبيبى انا مش بتصل عشان جمال عيونك. لا انا بتصل عشان اعرف منك بالظبط. انت ليه كلمت والدى وقدمت ميعاد الفرح؟ وامتى لحقت تكلمه أساساً؟

اتعدل في فرشته يرد على كلامها المستفز بعد ماطار النوم من عينه: - وانتى بجى مصحيانى مخصوص عشان تسأليني السؤال الماسخ ده؟
ردت بزعيق وصوت عالى: - انت هاتحرق دمى ياجدع انت؟ بقى بتقرر من دماغك وتفاتح والدى في حاجة زى دى من غير متاخد رأيى. دا اسميه ايه بقى استهبال ولا استعبا...
- لمى نفسك يابت واحفظى لسانك.
قالها بمقاطعة حادة وصوت قوى فجأها قبل ما يكمل.

- انا ساكتلك من الصبح على جلة ادبك بمزاجى. لكن كلمة تانية هاتزوديها وهاكون معرفك مجامك صح؟
فضلت فاتحة بقها ومبرقة عيونها بصدمة قبل مايطلع صوتها اَخيراً: - انت بتقول ايه يابنى ادام انت؟
سمعت صوته بشخطة تكاد تشق ودنها.
- انا جولت مش هاسمحلك تجلى ادبك. وان كان على الفرح فلو مش عاجبك نفضها سيرة على كده من دلوكت.
قال الاَخيرة وقفل السكة في وشها. زود الصدمة عندها اضعاف.

خرجت نهال من شقتها وهي بتقلب في شنطتها تتأكد من محتواها على ما مدحت يخرج وراها ويقفل الشقة. ولكنها فوجئت ب رأفت ابن جارهم الصغير وهو نازل من الدور اللى فوق بيجرى عليها بفرحة: - طنت نهال الحلوة.
شهقت بفرحة وهي بتلقفُه بين ايديها: - حبيبى يا رأفت وحشتنى خالص.
شبط الولد فيها بأيديه الاتنين يضمها اكتر: - وانتى كمان والله ياطنت وحشتينى اوى اوى اوى.
ضحكت بمرح: - يااااه. كل ده. تلاتة قوى.

اكد عليها ببرائة الطفولة وهي بيحضنها من تانى: - واكتي كمان ياطنت.
ضحكت بصوت عالى: - يالهوى عليا. وحشتنى اللدغة الحلوة دى في لسانك.

خرج مدحت عالصوت وعيونه مبرقة. هم يزعق في الاتنين الحبيبة وهما حاضنين بعض بفرح. ولكن رؤية والدة رأفت وهي نازلة من شقتها بابتسامة ودودة لجمته: - صباح الخير يادكاترة. قال وانا اللى بدور عليه فوق. لو كنت اعرف انك وصلتي من البلد. كنت نزلت على طول من شقتى عشان كنت هابقى متأكدة انه هايكون عندك!
قربت منها نهال تسلم عليها بابتسامة صافية وهي لساها شايلة رأفت وحضناه.

- ياحبيبتى انتى صباح الفل. دا رأفت ده واحشنى جدا والله.
- ربنا يدوم المحبة يارب. عامل ايه انت يادكتور؟
قالتها وهي بتقرب تسلم على مدحت والبنت في ايدبها.
بابتسامة ماوصلتش لعيونه مد كفه يصافحها بمجاملة: - اهلاً يا استاذه. انا كويس والحمد لله.
اللتفت تانى ل رأفت ابنها وهو في حضن نهال: انزل بقى يا رأفت خليهم يلحقوا مشوارهم واحنا كمان نلحق مشوارنا.

نزل رأفت على الارض وهو بيعترض: - طب احنا نروح معاهم مشوارهم وهما يروحوا معانا
ماهو احنا كده كده رايحين المستشفى برضوا.
والدته وهي بتزغر بعيونها: - عيب ياولد. دول رايحين الجامعة مكان شغلهم. واحنا رايحين مستشفى عادى عشان تطعيم البنت.
كشر مدحت وهو بيحاول يمسك لسانه و نهال
ردت بضحكة مع والدته وهي بتلعب في شعره: - طب ماتيجوا نوصلكم في سكتنا مدام اكيد والد رأفت في الشغل دلوك؟

ردت الست بحرج: - هو فعلا في الشغل حالياً. بس ياجماعةاحنا مش عاوزين نزعجكم واحنا عربيتنا موجودة تحت.
اتحمحم يرد عليها بشوية زوق: - لا حضرتك مافيش ازعاج. دا مشوار زى اى مشوار يعنى.
قربت منها نهال تسألها عن البنت: - هي عاملة ايه دلوكت؟ كبرت كده عن اَخر مرة شوفتها فيها؟
- اهو ياحبيبتى شوفيها بنفسك واعرفى.
قالتها وهي بتناولها البنت وهما نازلين لمشوارهم.

صرخ الولد بسعادة: - احلى حاجة والله. نهال الكبيرة وهي شايلة نهال الصغيرة.
اللتفت له مدحت بغيظ وهو نفسه يفتك بيه. ولكن نظرة ليها وهي شايلة البنت الصغيرة. نسته الدنيا ومافيها. وهو شايف قدامه الحلم اللى بيراوده ليل ونهار ومش قادر يبوح بيه عشان دراستها ومستقبلها.

دخل شقته والعفاريت بتنطط في وشه. الغضب اللى جواه لو خرجه عليها مش هايهدى اللى لو خنقها بأيديه الاتنين. وجدها في الشرفة مع اخوها ووالدتها بيضحكوا ويهزورا. دخل عليهم كالاعصار. يمسكها من دراعها على غفلة وهو بيقومها من مكانها وبيكلمها بغضب جحيمى: - انت صحيح يابت؟ بلغنى معتصم بعدم رغبتك في الجواز وانك عايزه تفركشى الخطوبة؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة