قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية زواج مع سبق الإصرار للكاتبة سلمى المصري الفصل السابع عشر

رواية زواج مع سبق الإصرار للكاتبة سلمى المصري

رواية زواج مع سبق الإصرار للكاتبة سلمى المصري

الفصل السابع عشر

إلتفت غمر إلى مصدر الصوت ونظر إليه في دهشه وذهول

غمر بإرتباك: ليلة إنتي هنا من أمتي

شعرت بالضيق والإختناق بعد لقاءها بغمر وأحست وكأن الدنيا ضاقت عليها بما رحبت وأن حجرا ثقيلا قد أطبق على صدرها؛ سارت فى الطريق على غير هدى تغشى عينيها غلالة من الدموع ترى الناس أمامها وكأنهم أشباح لاملامح لهم فخطر لها أن تتصل بصديقتها الوحيدة شعرت منار بوقوع كارثه من صوت لبنى المنهار بعد أن هاتفتها فوصلت إليها وما أن رأتها لبنى حتى ألقت بنفسها فى أحضانها وإنسابت دموعها غزيرة على وجنتيها أخذت منار تربت على كتفها لتهدئتها وتتلفت يمينا ويسارا خوفا من أن يراهما أحد الجيران أو المعارف ولبنى فى هذه الحالة وما إن هدأت حتى أخذتها منار إلى بيتها ودخلا إلى حجرتها لتهدأ من روعها.

 

وبدأت لبنى تروى لها ماحدث عند لقائها بغمر فى المحل

طلب جدته من هاتفه

عمرو بمرح: ألو أيوه ياستي عامله إيه

نور بصوت ملأه الحزن: الحمدلله ياحبيبي بخير وإنت وهنا وبنوتك

عمرو: كلنا بخير ياستي طول ماإنتى بخير مال صوتك

نور بحزن: مافيش ياحبيبي

عمرو: غمر مزعلك صح

نور بحزن: ما إنت عارف دا العادي بتاعه مبيعديش يومين من غير مايزعلني

عمرو بأسف: حقك عليا ياستي بس هو مخنوق شويه الأيام دي وبكره يرجع أحسن من الأول

نور بحيره: بس لو أعرف إيه اللى مشقلب كيانه كدا شكلك ياواد إنت عارف حاجه

عمرو بسرعة مرتبكا: أعرف إيه ياستى دا غمر من البيت للمحل ومن المحل للبيت

نور بتنهيده: ربنا يهدي يابني

نجلاء معاتبه بلطف: كدا ياغمر متتصلش تطمن عليا خالص كدا نسيت أمك خلاص

ياسين معاتبا داخلا فجاة على أمه: على أساس إنك كنتي بتفتكريه قبل كدا؛ ولا علشان مره روحتيله وهو

تعبان يبقى المفروض بقه ينسي تسعة وعشرون سنه عذاب وينسى معاملتك ليه وبعدين إيه اللي هايحصل

يعنى لو إتصلتي إنتي بيه؛ على الأقل يحس إنك بتقلقي عليه وفاكراه إشمعنا يعنى أبيه محمد لما بيتأخر

شويه في المحل بتتصلي بيه وبتبقى هاين عليكى تروحيله المحل ولا هو مش إبنك زينا

نجلاء بغضب: مافيش فايده فى لسانك دا إنت ماحرمتش تكلم فى الموضوع دا يللا إمشى من قدامى

نظر لها ياسين وتركها وغادر مغاضبا على أسلوبها مع أخيه


ليلة: أنا هنا من قبل ماتيجي كنت عند جدو وقلت أزور عمي رأفت وعمي نصر وتفاجأت بوجودك

أومأ غمر برأسه وقال لها بجديه ومحذرا: مش عايز حد يعرف أى كلمة من اللي سمعتيها

ليلة: أكيد طبعا... بس عارف إنت طلعت قاسي أوي

غمر بحزن شاردا: ليه بقى

ليلة بهدوء: من خلال الكلام اللي سمعته دلوقت فهمت إنها بتحبك أوي طب إزاي واحدة هاتخون حبيبها

وهيه بتحبه الحب دا؛ طب ليه متقولش إنها كانت تحت تهديد الشخص دا لها وبالطبع ماكانتش هاتقدر تدافع

عن نفسها طب سمعت كلامها؛ إتكلمت معاها يعنى علشان تعرف حقيقة اللى حصل؛ مش يمكن الحقيقه

مش زي ماإنت شفتها؛ يعنى لو أنا واقفه دلوقتى هنا لوحدى ودخل عليا أى شخص يضايقنى وإنت جيت

لقيتنى فى الموقف دا هاتفتكر إيه يا غمر؛ كل بنت معرضة للمضايقات والمعاكسات وفيه بنى آدمين عاملين

زى الديابه ممكن ينهشوا أى فريسه

رفع غمر رأسه بسرعة ونظر إليها مكررا الكلمة وكأنه يكلم نفسه: ديابه ... ديابه؛ متذكرا حلمه

وإستطردت ليله: وإنت عارف البنات لاحول لهم ولا قوة فكان لازم تسمع منها قبل ماتحكم عليها؛ أنا مش

هقولك روح كلمها علشان عارفه إنك لسه شاكك؛ بس أقعد مع نفسك الأول، وفكر يمكن ربنا يلهمك الحقيقه،

بس إلحق قبل فوات الأوان وإبتمست له إبتسامة عذبه؛ رد عليها بإبتسامه صغيرة ونهضا ليرحلا وسارا

حتى وصلا لسيارته

غمر وقد هدأ قليلا: تعالى يللا أوصلك البيت

ليلة بمرح: يللا أهو ترحمنى من ركوب التاكسى

غمر بمرح: لأ ماتخافيش ما أنا هاخد منك أجرة التاكسى

ساد بينهما جو من المرح بعد أن شعر بأن تلميذته قد كبرت وأصبحت صاحبة عقل مستنير وفكر جدير

بالإحترام وإستقلا السيارة وغادرا

 

لبنى وقد هدأت تماما بعد أن روت ماحدث لمنار: وإنتى إيه رأيك يامنار أنا حاسه إن خلاص دا كان آخر

أمل علشان يسمعنى؛ طب ليه بيحكم عليا من غير ما يسمعنى الأول؛ أنا حاسه إنه خلاص مبقاش طايقنى

وإستطردت ببراءة: وشكله كده بيحب واحدة تانيه و..

منار مقاطعة بجدية: حبيبتى إحنا لسه بنقول أنه ظلمك وحكم عليكى ظلم بدون بينه تقومى إنتى كمان تحكمى

عليه أنه بيحب واحدة تانية بدون بينه لمجرد إنه زعلان شويه منك؛ مش علشان سوء تفاهم يبقى إنتى كمان

هاتعذبى نفسك زى ما هو بيعذب نفسه

لبنى بلهفة بريئة: صحيح يا منار يعنى هايعرف الحقيقة ويرجعلى تانى

منار بمرح: طبعا يابنتى وبكرة تقولى منار قالتلى

ألقت لبنى بنفسها فى حضن منار وضمتها وقد أشرق وجهها الملائكى رغم شحوبه: بحبك أوى يامنار يا

أعز أخت وصديقة

ونهضت مستعدة لتغادر بعد أن هدأت نفسها: طب يا منار هامش بقه أصلى إتأخرت قلت لماما هاصور

ورق دروس من منار ومش هاغيب يلا سلام يا قمر.

غادرت لبنى وقد ملأها الأمل بعودة غمر حبيب عمرها ليحتويها بقلبه وكيانه وأن ما حدث ما هو إلا سحابة

صيف وستمر بسلام

 

غمر ضاحكا: إتفضلى ياست ليله وصلنا ومش هاقولك هاتى أجرة خليها عليا المرة دى

ضحكت ليله ضحكة مجلجلة: ماشى هانضيفها على الحساب

ضحك هو الآخر ضحكته الآسرة: آه والحساب يجمع

كانت تمشي مطرقة رأسها لأسفل كعادتها حتى سمعت صوت ضحكة تعلم صاحبها جيدا ولكن هناك أيضا

ضحكة أنثوية

" هو إيه اللى بيحصل " سألت نفسها وهى تنظر تجاه الأصوات

رأته يقف مستندا إلى سيارته وتقف معه فتاة جميلة؛ يتضاحكان وكأنهما حبيبان أو خطيبان عائدان سويا من موعد أو رحلة.

توقف عن الضحك حين إلتقت أعينهما؛ وجدها تنظر إليه وقد إكتسى وجهها بالحزن وخيبة أمل

لم تستطع يدها حمل الأوراق التى سقطت من يدها فتناثرت على الأرض وكأنه قلبها الصغير وقد تبعثر

أشلاءا غير متحملا هذه الصدمه العنيفة وكانت قريبة منهما وتأكدت فى هذه اللحظة أنه لم يعد لها

لبنى وبدون وعى أو ترتيب للكلمات وكأنها تخرج من شخص آخر: ربنا يسعدكم ويهنيكم

وإنسحبت مسرعة من أمامهم تنهمر من عينيها الدموع

لم يقوى على الحركة وكأنه قد تسمر مكانه من أثر

صدمته من رؤيتها على هذا الحاله وكأنه إكتشف لتوه كم البراءة الكامن فى قلب هذه الطفلة وحدث نفسه

" أيخون هذا القلب البرئ أيغدر هذا الوجه الملائكى أين كان عقلى يالك من عقل غبى ويالك من قلب قاسى

كيف لم أتخيل حياتى بدون حبيبة عمرى ومليكة قلبى لقد تذكرت الأن أنها كانت حمرة خجلها وحياءها من

قرب هذا الشخص منها وإبتسامتها لتتخلص منه وهو الذى كان قابضا على يدها لم يدعها خجلها من

الصياح فى الشارع لتستنجد به يالها من ملاك ظلمتها بالفعل ظلمتها وهي الأن التى رأتني مع ليلة ولكنى

كنت فعلا أضحك معها ولم يمنعها هذا من أن تتمنى لى الخير أى ملاك هذا؛ لن أدعها تضيع منى مرة

أخرى وسأكون أسير قلبها وحبها للأبد "

وجدته ليلة وقد شرد بعيدا وتغير لون وجهه وكأنه تحول لتمثال فسألته: هي دي البنت اللي كنا بنحكى عنها

غمر بحزن: ايوه

ونزل راكعا على الأرض وأخذ يلملم أوراقها المتناثرة فى المكان

ليلة: غمر شفت الدنيا صغيرة إزاي الموقف بيعيد نفسه هي كمان إفتكرت نفس اللي إنت إفتكرته عليها

بجد لازم تتكلموا مع بعض

أوما برأسه بحسرة على ما فاته من وقت بعيدا عنها

 

أثناء عبورها الطريق وقد غشت عينيها غلالة من الدموع كانت مترددة خائفة وقد إنقبض قلبها مما ينتظرها

ومن ضياع أحلامها التى أصبحت هباءا تذروه الرياح وفجأة كانت فرملة السيارة شديدة جدا لدرجة أفزعت

المارة فى الشارع


دخل المحل وكأنه شخصا آخر لايعى ما حوله؛ يشعر وكأنه قد ضرب على رأسه ضربة أفقدته توازنه

وذهبت بعقله

دخل عليه عمرو المكتب بعد أن رآه على هذه الحالة من نافذة مكتبه

عمرو منزعجا: مالك ياغمر فى حاجة حصلت

غمر شاردا: ...

 


حملتها سيارة الإسعاف ونقلتها لأقرب مشفي ووجد أحدهم هاتفها فطلب آخر رقم فكانت منار التى أبلغت

وردة ووصلا جميعا للمشفى لحظة دخولها غرفة العمليات وهى غائبة عن الوعى لينهار والديها ومنار التى

تماسكت لتساند وردة فى هذه المحنة وكان نحيب ورده ودعاء عادل ليحفظ لهم إبنتهما يتقطع له نياط القلب

وردة ببكاء: بنتي بتضيع مني ياعادل إحتضنها عادل وإختلطت دموعهما ببعضها حزنا على فلذة كبدهما

 

عمرو بصدمه: يانهار ملحوس دي هي منهارة خلقه لوحدها تقوم إنت تيجى تكمل عليها

غمر بحزن: قلبي واجعني عليها أوي

عمرو: طيب إتصلت بيها

غمر بحزن ومازال على شروده وذهوله: آه بس للأسف موبايلها مقفول

عمرو بأسف: بصراحة أنا قلبي مش مطمن

غمر بحزن: والله ولا أنا

فوجئ الإثنين بطرقات متلاحقة على باب المكتب...

 

وصلت شقتهم وطرقت على الباب وهى فى حالة نفسية سيئة وما إن فتحت أمها الباب حتى دخلت غرفتها

وأغلقتها على نفسها وبدأت دموعها الحبيسة تنساب على وجنتيها الورديتين رأت رقم صديقتها تقى على

شاشة الهاتف

تقي: لي أخبارك إيه

ليلة بصوت مختنق: الحمد لله

تقي: مالك ياليلة صوتك فيه حاجة

ليلة وقد أطلقت لدموعها العنان: غمر يا تقى غمر

تقي: ماله حصل له حاجه

ليلة بصوت باكى: طلع بيحب ومرتبط

ودخلت فى موجة من البكاء الشديد

وأخذت تقى تهدأ من روعها

تقي بهدوء وحنو: أنا قلتك من الأول متعلقيش نفسك بيه ياليلة ربنا اكيد كاتبلك الأحسن وأصبري

ليلة وقد زاد إختناق صوتها من البكاء: مخنوقه أوي ياتقي ومش عارفة أعمل إيه

تقي: الحمدلله إنك إكتشفتى الحكاية دى بدرى وإنتى لسه على البر

ليلة: بدري إيه ياتقي أنا بقالي تلات سنين وأنا متعلقه بحبه؛ معقوله ماحسش بيا الفترة دى كلها

تقي: الحمدلله إنه ماعرفش وإلا كان جرحك هيبقى أكبر


فتحت خزانتها وأخرجت من بين ملابسها ألبوم صور أولادها فى سن الطفولة وجلست على حافة سريرها

وأخذت تقلب فيه وتتأمل صور غمر طفلا كم كان جميلا بوجهه الملائكى وشقاوته الخفيفة وتتذكر كلام

ياسين الذى كان قاسيا ولكنه نطق الحقيقه للأسف كم كنت ظالمه له قاسية عليه أهملته صغيرا وكبيرا ولولا

والده الذى أفاض عليه من حنانه بدلا عنى؛ ماذنب هذا المسكين حتى أبخل عليه بأمومتى ليبحث عنها عند

جدته التى لم أرى أقسى منها ماذا ننتظر منه بعد ذلك يتم من الأب وفقدان حنان من الأم وقسوة من الجدة

لابد ان تكون النتيجة قلب تملؤه القسوة التى عاشها فى كنف جدته لماذا ألوم عليه فى جفاءه لى وهو لم

يرى منى إلا الجفاء فى الوقت الذى كان فيه أحوج مايكون لحنانى وعطفى لقد تعذب بسبي كثيرا كم مرة

مرضت يابنى ولم تجد أمك بجانبك وأخذت تلمس آخر صورة له في عمر الخامسه والعشرين وكأنها تلمس

وجهه فى الوقت التى هربت فيه من عينها عبرة لتسكن على وجهه فى الصورة وكأنها تريد ان تغسل هموم

السنين من قلبه وتزيل عن وجهه قساوته الشديدة ودعت الله أن يملأ قلبه بالحب وينسيه كل عذاب رآه من

طفولته

في بيت نور

رؤى: إنتي عارفه ياستي هو دايما بييجي عليه وقت كل شويه كدا وتلاقي مزاجه بقى عامل زى مزاج

الأطفال يزعل من أى حاجة ومن أقل حاجة

نور وقد بدأ تشتعل غضبا: يعنى إيه مزاج عيال وهو كبر وبقى زى الشحط

رؤى مهدئه نور: والله ياستي بقاله يومين ثلاثه مش بيتصل بيا حتى ولما إتصلت بيه لقيته بيختصر فى

الكلام

نور وقد إشتعلت غضبا أكثر: دا أنا لما يقع تحت إيدى هابهدله هو فاكر نفسه فين عايش فى فندق داخل

خارج ولا على باله حتى إنى فى حد موجود فى البيت

رؤى بعد تفكير: مش يمكن ماما زعلته

نور مازالت غاضبة: لا كلمتها وقالتلي بقاله يومين مش بيتصل هو بس يرجعلي وشوفى هاعمل فيه إيه

نور وقد تذكرت شيئا زاد من غضبها: عندك إمبارح مثلا لقيت حاجه فرقعت دخلت جرى وأنا مرعوبه

لقيت البيه كاسر المرايا بموبايله ولما دخلت سألته إيه اللى حصل يرد عليا بمنتهى البرود أصل إتعصبت

فرميت الموبايل فاتخبط فى المرايا والله كان هاين عليا أكسر بقيتها فوق دماغه

رؤى محاولة تهدئة نور: والله يانونو أول مايرجع وتشوفى إبتسامته منوره وشه هاتخديه في حضنك ولا

كأن حصل حاچه

نظرت إليها نور وأومات متنهده

 

وقف غمر وعمرو لاينطقان ببنت شفه من أثر صدمتهم عندما رأوها تدخل عليهم مهرولة

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة