قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثالث والأربعون

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء 2 بقلم منال سالم

رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثاني بقلم منال سالم الفصل الثالث والأربعون

في منزل تقى عوض الله
أغلقت فردوس باب المنزل وهي في حيرة من أمرها.. وسارت بخطوات متهادية في الصالة المتواضعة لتلقي بجسدها المرهق على أقرب أريكة..
وضعت يديها على رأسها، ولطمت بحسرة عليهما قائلة:
-يا خوفي يكون كلامه بحق وحقيق، ساعتها أنا مش عارفة هاعمل ايه، ولا اتصرف إزاي ؟ ده قادر وايده طايلة، واحنا لا حول لينا ولا قوة.. آآه.. ليه كده بس يا تقى، ليه توقعينا معاه، لييييه !

أنزلت يديها ووضعتهما في حجرها، وهزت جسدها بحركة خفيفة ثابتة وهي تتابع قائلة بتوجس:
-المرادي جت من عند ربنا ومشى، طب.. طب لو جه تاني مين هايحوشه عننا ! يا مصيبتك يا فردوس، مش ملاحقة على المصايب !

في منزل الجارة إجلال
أحضرت إجلال كوباً مليئاً بالمياه، وجثت مجدداً على ركبتيها بجوار تقى، ثم أسندته على الأرضية، ومدت ذراعيها لترفعها إلى صدرها، ثم تناولت الكوب مجدداً، وهي تقول بهدوء:
-خدي اشربي يا بنتي !
ثم قربت الكوب من شفتيها المشققتين، وأجبرتها على إرتشاف بعض رشفات صغيرة، وتابعت قائلة بأسف:
-كبدي عليكي، شايفة الغلب من يومك !

ثم تنهدت في إنهاك، ونظرت في إتجاه تهاني الباكية، وزمت ثغرها بحزن.. ومن ثم عاودت النظر إلى تقى، وأردفت قائلة بنبرة حانية:
-ايدك معايا يا تقى تقومي تقعدي على الكنبة بدل أعدة الأرضي دي يا حبيبتي !
كانت تقى مستسلمة تماماً لما يحدث معها، لا تشعر بجسدها الضعيف، ولا بساقيها الهلاميتان.. ولكنها تجاوبت مع إجلال، ونهضت بحذر عن الأرضية، وجلست منكمشة على نفسها..

اتجهت إجلال نحو تهاني، ومدت يدها نحوها وهي تقول بصوت خافت:
-قومي يا تهاني، شوفي بنت اختك
رفعت تهاني عينيها المغرورقتين بالدموع قائلة بحسرة:
-راح مني خلاص
ربتت إجلال على كتفها وهي تواسيها قائلة:
-استهدي بالله كده، واجمدي عشان خاطرها..!
إنتحبت وهي تجيبها بحزن عميق:
-معدتش فيا حيل لحاجة !

زمت إجلال شفتيها في إشفاق، وهتفت قائلة بهدوء حذر:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، ماتقوليش كده، ربنا هايكرم، بس اصبري !
تنهدت بآسى وهي تهز رأسها مستنكرة:
-أنا تعبت، مافيش فايدة !
هتفت إجلال بجدية وهي ترمقها بنظرات ثابتة:
-لا إله إلا الله، قومي يا تهاني، وخدي تقى على شقتكم، هي زي ما انتي شايفة، مش قادرة تصلب طولها، وإنتي شرحها.. ارتاحوا، وانسوا، وربك بيدبرها !

ذرفت عبراتها عفوياً وهي ترد عليها بإستنكار:
-أنسى ! هو في حد بينسى ضناه..
ثم لطمت على صدرها، وهي تصرخ بمرارة:
-آآآه، يا حرقة قلبي
ظلت تهاني تغمغم بندم وحسرة على عدم رؤيتها لإبنها، وساعدتها إجلال في إيقافها على ساقيها..
ثم هتفت قائلة بحماس مفاجيء بعد أن طرأ في عقلها شيء ما:
-تهاني، مش انتي بتقولي إن الجدع ده ابنك ؟

ردت عليها تهاني بتلهف وهي توميء برأسها عدة مرات:
-اها.. هو.. أيوه
أضافت إجلال قائلة بنبرة رزينة وهي تشير بيدها:
-طب ما هو كان بيتخانق مع اختك، يعني هي أكيد عارفاه
فغرت تهاني فمها في ذهول ب:
-هاه، فردوس !
لقد أضاءت إجلال بحديثها المفاجيء هذا تفكير تهاني، وأهدتها لأول طرف الخيط لتمسك به..
وسريعاً أعادت ترتيب ما حدث في رأسها..

فأختها كانت تتشاجر معه بشأن أمر ما خطير يصل إلى حد المشادة الكلامية الحادة والتهديدات المخيفة، إذن فهي على صلة ما قوية به وتعرفه معرفة سابقة جعلته يأتي إلى هنا بنفسه مهدداً إياها، ومتوعداً لها..
إذن فهناك إحتمال قوي بأن أختها تعرف مكان إقامته.. وبالتالي سيسهل هذا عليها مسألة العثور عليه..
قاطع تفكيرها صوت إجلال وهي تتابع بإهتمام:
-اسأليها وهي آآآ...
لم تصغْ تهاني إلى بقية الجملة حيث دب فيها حماس رهيب، واندفعت نحو الخارج بعد أن فتحت باب منزل جارتها..

في منزل تقى عوض الله
دقت تهاني على باب منزل أختها بقوة وهي تهتف بصوت مرتفع:
-افتحي يا فردوس، افتحي أنا تهاني !
إتجهت أختها نحو الباب، وفتحته على عجالة وهي تجيبها بتوجس رهيب:
-انتوا جيتوا، شوفتوا اللي آآآ..
قاطعتها تهاني متسائلة بتلهف ب:
-مين اللي كان عندك ؟

عبس وجهها إلى حد كبير، ثم أولتها ظهرها وهي تجيبها بضيق:
-انتي عرفتي ؟ أكيد أهل الحارة قالولك، عندهم حق ما هو آآ..
قاطعتها تهاني مرة أخرى متسائلة بعصبية:
-قولي يا فردوس مين ده ؟
إستدارت أختها لتواجهها وهي تشير بيدها قائلة بحنق:
-ده واحد جبار ومفتري، مايقدرش عليه إلا اللي خلقه
صرخت فيها تهاني بصوت محتد وبنظرات متسعة ب:
-اسمه ايه يا فردوس ؟
ردت عليها فردوس بإستغراب ب:
-اسمه أوس
جحظت عينيها أكثر وهتفت قائلة بذهول:
-ايييه ! أوس.. !

ثم حدثت نفسها بخفوت لتتابع قائلة بعدم تصديق:
-يبقى هو.. هو !
ضيقت فردوس عينيها في إستغراب، وسألتها بقلق وهي تميل برأسها للجانب:
-أومال البت تقى فين ؟ مش كانت معاكي ؟!
غمغمت تهاني مع نفسها ب:
-يعني هو اسمه أوس
تجهم وجه فردوس، وأستشاطت غضباً وهي تهتف بتذمر:
-أنا بأقول ايه وانتي بتتكلمي في ايه، فين البت تقى ؟

في نفس اللحظة دلفت الجارة إجلال وهي تحاوط تقى بذراعها مسندة إياها حتى لا تسقط، وردت عليها بصوت خافت وهاديء:
-تقى معايا يا ست فردوس !
أسرعت فردوس ناحيتها وهي تهتف بإندهاش واضح على تعبيرات وجهها:
-حاجة إجلال
أضافت إجلال قائلة بهدوء مريح وهي تساعدها على الجلوس:
-خشي يا بنتي !
وقفت والدتها قبالتها، وصرخت فيها بجدية:
-تقى !

نظرت لها بأعين مذعورة ولم تجبها، بل بدأت في نحيبها وأنينها المكتوم، فتابعت والدتها متسائلة بصوت متشنج:
-إنتي متجوزة اللي اسمه أوس ؟
إستدارت تهاني برأسها فجأة في إتجاه الإثنتين لترتسم علامات الصدمة على محياها وهي تنطق بنزق:
-ايييه، متجوزاه !
صرخت فيها فردوس وهي تهزها من كتفيها بعنف بعد أن أجبرتها على النهوض قائلة:
-ردي يا بت، انتي اتجوزتي الجدع ده ولا لأ ؟
إهتاجت تقى وهي تجيبها بصرخات هيسترية مذعورة:
-لأ.. لأ.. لأ.. ابعدوه عني !
نظرت لها الجارة إجلال بإستهجان، وهتفت مستنكرة:
-اهدي يا ست فردوس، بالراحة ماينفعش اللي بتعمليه ده !

تجاهلتها فردوس وتابعت صراخها المعنف ب:
-انطقي، هو جوزك ؟
صاحت تقى بإهتياج قائلة وقد تشنجت عضلاتها وإرتعش جسدها أكثر، وأغمضت عينيها وهزت رأسها بعصبية جلية:
-خدني غصب، خدني غصب ودبحني !
صعقت تهاني مما سمعته للتو من شفتي ابنة اختها قائلة بصدمة وهي تضع يديها على فمها
-اييييييه !
لقد كانت مفاجأة صادمة بحق.. فمن تعدى بوحشية على تلك البريئة هو ابنها الوحيد، ومن افترسها بلا رحمة هو من أنجبه رحمها..
ومن نال من شرفها ودمر ما تبقى من روحها، هو من أعطته السبيل للحياة..

لطمت فردوس على وجهها بعنف وهي تصرخ بحسرة:
-يعني ماطلعش بيكدب، يادي النصيبة، يالهوي على اللي هيجرالنا منه !
ثم نظرت إلى إبنتها بقسوة وأكملت بنبرة مرتعدة:
-إنتي عارفة كان جاي ليه ؟ عشان ياخدك معاه، ومش ناوي يسيبك أبدا، سامعة مش هاسيبك ولا هاسيبنا !

إتسعت حدقتي تقى في رعب واضح عقب عبارة والدتها الأخيرة، فبكلماتها تلك أصابتها في مقتل.. وجعلت قلبها بخفق عن ذي قبل بذعر رهيب..
هو ينوي أن يأخذها قسراً ليجعلها تعاني مرة أخرى وتعايش تلك التجربة من جديد..
وفجأة أخرجت هي صرخة مخيفة من صدرها لتهوى بعدها على الأرضية فاقدة للوعي ومنهارة من كم الضغط العصبي والنفسي الذي واجهته وستواجهه..

في منزل ممدوح الجديد
فتح ممدوح باب منزله بعد أن سمع قرع الجرس، ورسم على ثغره إبتسامة رضا، ونظر إلى تلك الواقفة أمامه بنظرات متفحصة لجسدها، ثم هتف قائلاً بمكر:
-في ميعادك مظبوط، وأنا أحب أوي الدقيق في مواعيده !
مضغت رحمة العلكة بطريقة مثيرة وهي تتغنج بجسدها أمامه قائلة بصوت مغري:
-طبعاً، ده الباشا يؤمر، وأنا أنفذ !
إزدادت إبتسامته المغترة إتساعاً وهو يمسك بيدها ساحباً إياها برفق للداخل قائلاً بهدوء:
-تعالي يا حلوة.

سارت بخيلاء وبمياعة وهي تلج للداخل، وجابت ببصرها المكان متأملة فخامته بإنبهار واضح على تعابير وجهها الملطخ بمساحيق التجميل..
لف ممدوح ذراعه حول خصرها المشدود، ورفع كفها إلى فمه مقبلاً إياه، فإبتسمت له برقة، ثم مال على أذنها وهمس لها قائلاً بلؤم:
-مش يالا بقى بدل ما نضيع وقت !
هزت رأسها بخفة، وردت عليه بجدية:
-أها.. بس أخد على المكان الأول
مط فمه قائلاً بخبث:
-أكيد.. تعالي أوريكي أوضة النوم
سألته بدلال وهي تهز جسدها لتثيره قائلة:
-على طول كده ؟
غمز له قائلاً بثقة:
-ماهي دي البداية !

مطت شفتيها بطريقة مغرية لتجيبه بإستسلام:
-ممم.. وماله يا بيه
تنهد بحرارة وهو يجوب بعينيها شفتيها المثيرين:
-آآآآخ !
اصطحبها ممدوح للداخل، ولم يرفع عينيه عن جسدها الممشوق والبارز من أسفل فستانها الأحمر الضيق الذي يصل إلى ما قبل ركبتيها، وفتحه صدره التي تلهب مشاعره برؤية مفاتنها تبرز منه...

في منزل تقى عوض الله
تعاونت فردوس مع إجلال في حمل تقى ووضعها على فراشها بعد أن إنهارت على الأرضية..
ثم دثرتها أمها بالملاءة، ونظرت له بحزن وهي تزم فمها بإمتعاض..
نظرت لها إجلال بضيق معاتبة إياها ب:
-ماكنش ليه لزوم تضغطي على البت وهي كده، كنتي استني شوية !

لوت فردوس فمها في ضيق، وقالت على مضض:
-هاعمل ايه بس، ما هو أنا هاتجنن وأعرف الحقيقة، ده جوزها ولا بيقول كده والسلام !
تنهدت في إرهاق، ورمقتها بنظرات عميقة وهي تقول بخفوت:
-مش بالشكل ده، كفاية اللي تهاني عرفته عنه !

ضيقت فردوس عينيها بحدة، وهتفت بنزق
-هي عرفت ايه يعني، ما هو على يدها، من يوم ما آآآ...
قاطعتها إجلال قائلة بجدية شديدة دون أن تطرف عينيها:
-استني بس، مش البيه ده طلع ابنها
فغرت فردوس فمها للأسفل مصدومة وهي تقول:
-مين ؟
أشارت إجلال بعينيها وهي تتابع حديثها الجاد ب:
-الراجل اللي كان عندك من شوية
اتسعت حدقتيها بإندهاش واضح وهي تسألها بتلهف:
-انتي بتقولي ايه، ايه الكلام ده ؟!

ردت عليها إجلال بخفوت:
-ده اللي اختك بتقوله
هزت فردوس رأسها مستنكرة، وتشدق ب:
-مش معقول، دي كدبة جديدة ولا ايه ؟
أضافت إجلال قائلة بنبرة حذرة وهي تشير بكف يدها:
-اسأليها، بس مش دلوقتي، وحاولوا تلموا الدور عشان خاطر الغلبانة دي، والله هاتروح منكم، شوفي لون وشها بقى مخطوف ازاي، ودبلانة، وكل يوم بحال !
لم تنتبه فردوس لما تقوله جارتها، فبالها أصبح مشغولاً بفكرة أن يكون ذلك المتسلط ذي السلطة والجبروت هو ابن أختها الذي تتحدث عنه..

في منزل ممدوح الجديد
أمسك ممدوح بالمنشفة القطنية في يده، ونظر إلى جسد رحمة الممدد على فراشه بنظرات شهوانية.. فقد نجحت في إثارته بجسدها شبه العاري، وبحركاتها المغرية التي تجيد فعلها.. ثم أردف قائلاً بحماس:
-هاخد دش يا حلوة على السريع وراجعلك
لفت جسدها نحوه لتنام على بطنها، ثم حركت ساقيها بحركة خفيفة في الهواء، وأجابته بصوت ناعم للغاية:
-براحتك يا باشا !

ثم صمتت للحظة قبل أن تكمل بخفوت مغري:
-أنا مستنياك هنا على.. على نار !
تقوس فمه بإبتسامة وضيعة، وغمز لها قائلاً بتشوق:
-مش هتأخر !
ثم إتجه نحو المرحاض تاركاً إياها بمفردها في الغرفة..
عبث رحمة بخصلات شعرها، ولفتها حول إصبعها، ثم نهضت عن الفراش، وتأملت الغرفة بنظرات دقيقة..
وتحسست بإعجاب التسريحة الكبيرة، وسلطت أنظارها على خزانة الملابس العريضة..

ثم إبتسمت لنفسها بمكر وهي تقول بثقة:
-بكرة يبقى كل ده عندي
ثم إتجهت ناحية خزانة الملابس لتفتحها، وتملي عينيها بما تحتويه من ملابس كثيرة.. ولتزيد من رغبتها في إمتلاك منزل كهذا يحوي أثاثاً باهظاً..
وقعت عينيها على ذلك الصندوق الموضوع بالأسفل وهي تتفحص محتويات إحدى الضلف..
فإنحنت بجسدها للأسفل، ومدت يديها لتمسك بالصندوق لتخرجه منه، ثم عاودت الجلوس على الفراش، وهمست لنفسها قائلة بفضول:
-أكيد عاين هنا مجوهرات ودهب أد كده !

فتحت رحمة الصندوق وهي تتلهف لرؤية محتوياته التي ظنت أنها قيمة للغاية.. ولكن سريعاً ما تبدلت تعبيرات وجهها للإحباط واليأس حينما رأت ما بداخله..
لوت فمها قائلة بسخط وهي عابسة الوجه:
-إيه ده ! صور وورق قديمة إخص !
ثم عبثت بالصور وهي تتنهد في ضيق:
-أل وأنا اللي كنت مفكرة إني هالاقي دهب اد كده جوا، حسرة عليا، فقرية من يومي..!
ولكن لفت أنظارها صورة ما.. فعقدت ما بين حاجبيها في إستغراب بعد أن ضيقت عينيها، ثم أخرجتها من الصندوق، ودققت النظر بها، وهتفت قائلة بنبرة مدهوشة:
-الله ! مش دي صورة الولية المجنونة تهاني...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة