قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الثالث عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الثالث عشر

رواية دواعي أمنية للكاتبة منال سالم الفصل الثالث عشر

راقب باسل المدخل الخاصة بالبناية المتواجدة بها إيناس، وما إن رأها تتحرك خارجها حتى قست ملامح وجهه بشدة وتحولت للشراسة، وأظلمت نظراته، وضغط على شفتيه بقوة محاولاً كبح غضبه وهو يترجل من سيارته..
في نفس الوقت كانت إيناس شاردة الذهن تفكر في توابع جريرة هدير الشنيعة، ولم تنتبه لوجود باسل في الجوار..

تحرك هو صوبها، وهو ينتوي شراً، ثم فجأة أطبق على ذراعها بأصابعه القوية، فشهقت مذعورة من أثر اللمسة القوية المباغتة عليها، والتفتت برأسها لتنظر إلى من فعل هذا، فوجدته أمامها، فجحظت عيناها بهلع كبير..
أحكم باسل قبضته عليها، وسحبها معه بقوة وهو يصر على أسنانه قائلاً بصوت آمر و غليظ:
-تعالي معايا!
تجمدت الكلمات على شفتيها، واختفى لون بشرتها، وارتعدت أطرافها بالكامل وهي تتحرك مسلوبة الإرادة خلفه..

حاولت نوعاً ما أن تحرر ذراعها من قبضته حينما اقتربا من سيارته، لكنه زاد من قوة ضغطته وهو يحذرها مهدداً:
-احسنلك تمشي معايا بهدوء
لم يكن أمامها أي مفر للإعتراض، فأومأت برأسها ممتثلة..
فتح باب السيارة الأمامي لها، وأشار بعينيه القاتمتين لتركبها، فابتلعت ريقها بتوجس، وصعدت على متن سيارته خانعة لأمره الصامت..
صفق الباب خلفها بقوة، فانتفضت أكثر، وظلت معلقة أنظارها المذعورة عليه حتى ركب إلى جوارها..

ضغط بعنف على دواسة البنزين لتنطلق السيارة مسرعة في طريقها العكسي..
رأتها هند وهي تذهب معه، فقطبت جبينها مندهشة، واعتلى ثغرها ابتسامة إعجاب وهي تقول لنفسها:
-واو، ده المز طلع جامد على الأخر، ليها حق هدير تموت عليه!
مطت فمها لتضيف بمكر:
-أما أتصل أكلمها واقولها اللي شوفته، أكيد هتتغاظ لما تعرف!

وبالفعل أخرجت هاتفها من جيب بنطالها الجينز، وعبث بأزراه، ثم وضعته على أذنها، وانتظرت بشغف رد هدير على اتصالها...

في كافيه ما،
استشاطت هدير غضباً بعد مكالمة هند لها، وتحول وجهها لحمرة محتقنة، وكزت على أسنانها لتقول لنفسها بغل:
-بقى كده، أنا أبوظ الدنيا بينكم، وهو يجري عليكي!
ضاقت نظراتها، وزادت حدتها وهي تتابع حديث نفسها:
-عاجبه فيها ايه عشان يلاحقها كده!
نظرت لها والدتها الجالسة قبالتها بإندهاش، وسألتها وهي تتفرس تغير تعابير وجهها:
-في ايه يا هودو؟
ابتسمت هدير بتصنع وهي تجيبها بإمتعاض:
-مافيش يا ماما.

سألتها والدتها بإلحاح وهي تدقق النظر فيها:
-وشك شكله متغير، في حاجة حصلت؟
ردت عليها هدير بتوتر قليل:
-هاه، لأ
عاودت سؤالها بفضول:
-اومال هند كانت عاوزاكي في ايه؟
ارتبكت هدير قليلاً، فبالطبع لن تخبرها عن سبب غضبها الحقيقي، فحاولت إختلاق عذر مقنع كي تفر من أسئلة والدتها، لذا تنهدت بإنهاك وهي تجيبها:
-دي، دي بتقولي على المستر والهوم ورك اللي ورانا
هزت والدتها رأسها متفهمة، وقالت بهدوء:
-أها، اوكي.

أظلمت نظرات هدير، وتحولت ملامحها للشراسة وهي تقول لنفسها بتوعد:
-ماشي يا إيناس، الحوارات بينا لسه مخلصتش!

في سيارة باسل،
صدمت إيناس حينما رأته بتلك الحالة، لكنها كانت تتوقع هذا من نبرته العدائية في الهاتف فور أن سمعت صوته وعرفت بهويته..
فالأمر ليس بالهين، وما ارتكبه هدير يعادل إلقاء قنبلة شديدة الإنفجار بعد نزع فتيلها، ومع من مع باسل..
ما أخافها حقاً، وجعلها تنكمش في مقعدها هو ابتعاده بها عن منزلها، وسيره في طرق أخرى لا تعرفها..

دار في رأسها عشرات الأسئلة حول ردة فعله، وفشلت في تخمين ما سيقوم به معها..
ظل باسل صامتاً طوال الطريق، لكن تشنجات جسده تعبر عن حالته المتأججة، و تحاشت هي النظر إليه..
تعمدت إلصاق جسدها بالباب لتترك أكبر قدر من المسافة الفاصلة بينهما..
وفجأة ضغط على المكابح بقوة لتتوقف السيارة في مكان شبه هاديء، فإرتدت بعنف للأمام، وارتطم جسدها بالتابلوه..
تأوهت بأنين خفيض، وزادت رجفتها مما هو قادم..

انتفض هو صارخاً فيها بصوت جهوري أرعبها:
-ايه الجنان اللي عملتيه ده يا إيناس، انتي!
فزعت في مكانها، وردت بتلعثم وهي تحاول تجميع حروف ما ستنطق به:
-أنا، آآ..
قاطعها قائلاً بصوت عنيف وهو يحدجها بنظرات نارية:
-كان ممكن أتخيل أي واحدة *** معندهاش تربية ولا أخلاق تعمل الحركات ال **** دي، لكن المصيبة إنها تطلع إنتي!

اتسعت حدقتيها، وزاد توترها من عصبيته المفرطة، وحاولت الدفاع عن نفسها، وتبرير موقفها أمامه، فخرج صوتها مذبذباً متردداً وهي تقول:
-والله آآ..
قاطعها مجدداً متساءلاً بغضب:
-عاوز أفهم عملتي كده ليه؟
ابتلعت ريقها بخوف وهي تتوسله بصوت مرتجف:
-اديني بس فرصة أحكيلك، وأنا آآ..
صرخ بها بصوت هادر جعل جسدها يجفل بقوة:
-انطقي!
أدمعت عيناها خوفاً، وهمست بصوت شبه مختنق وهي تشير بيدها:.

-آآ، بس والله العظيم أنا معملتش حاجة
استدار باسل برأسه في اتجاهها ليرمقها بنظرات مخيفة قبل أن ينطق بصوت آمر وهادر:
-إيناس، اتكلمي
ابتلعت ريقها بفزع وقد زادت رجفتها منه، وبدت على وشك البكاء وهي تحاول سرد مع حدث..
أصغى هو لها بوجهه الصارم، ولم ترتخي نظراته أو تعبيراته القاسية للحظة، ولكن كان داخله مستعراً..
ما أثار حنقه بحق هو طريقة تفكير الفتيات الصغيرات، والتي تخطت حدود المألوف والعرف المتبع..

شدد من قبضته على عجلة القيادة، فلاحظت هي حالة الإنفعال التي مهددة بالإنفجار في أي لحظة..
وبصوت متحشرج ومرتجف همست:
-أنا ماليش دعوة والله!
ضرب بيده المقود بقوة شديدة، وأطلق سبة معيبة، ثم استدار ناحيتها ليرمقها بنظرات احتقارية وهو يقول بإستنكار:
-أنا مش عارف أقولك ايه؟!
صمتت للحظات محاولة السيطرة على نوبة بكائها، ودار في عقلها عدة سيناريوهات مرعبة حول تصرفه معها، فسألته بخوف وهي ترمش بعينيها الباكيتين:.

-طب، طب انت ناوي على ايه؟
احتدت نظراته، وعبس وجهه بشدة، ولوى ثغره وهو يقول بتهكم:
-ده اللي هامك؟!
ازدردت ريقها، وهمست بصوتها المختنق وهي مطرقة رأسها للأسفل مبدية ندمها:
-أنا عارفة إني غلطت إني وثقت فيها وآآ...
قاطعها قائلاً بشراسة وهو يلوح بذراعه بعصبية:
-إنتي دماغك كانت بتفكر إزاي لما وافقتي على كلام صاحبتك القذر ده!
رفعت رأسها لتنظر نحوه، وردت بتلعثم:
-م، آآ..
هدر بها بصراخ مستنكر:.

-أنا لحد دلوقتي مش مصدق، إيناس تعمل كده، أخت صاحبي!
تهدل كتفيها، وتكورت على نفسها، وسألته دون وعي:
-هو، هو إنت هاتقول لمسعد؟
توقف عن الحديث، والتفت برأسه ناحيتها لينظر لها بنظرات أكثر قوة بثت الرعب في نفسها، وسألها بسخط
-قلقانة إني أقوله؟
ردت مدافعة بنحيب:
-لأ، أنا م، معملتش حاجة عشان آآ...
ضرب بيده المقود بعنف فقطمت حديثها، وانتفضت في مكانها في هلع من ثورته الهائجة، وصرخ بجنون:.

-اللي هايجنني وهايطير برج من دماغي إنك تفكري إني أبصلك ولا حتى أبص لواحدة من أصحابك حتى!
فغرت شفتيها مشدوهة مما قاله تواً..
بينما تعمد هو إهانتها بصورة مبالغة، وحقر من شأنها بصورة أوجعتها، بل حط منها لدرجة جعلتها تنظر له بصدمة كبيرة شاعرة بمدى الخزي والذل الذي أصبحت فيه..
أضاف قائلاً بقسوة وهو يرمقها بنظرات إحتقارية:
-إنتي، إنتي مجرد زبلة عندي، فاسلة ماتسواش، استحالة حتى أحطك في جملة مفيدة!

هبط قلبها في قدميها من هول كلماته الجارحة، ورددت بلا وعي وقد تلاحقت أنفاسها:
-أنا؟
نظر لها بإحتقار قبل أن يتابع بنبرة متهكمة ساخرة منها:
-ده انتي عندك شنب وسوالف زيي!
ارتفع حاجبيها للأعلى بصدمة، ووضعت يدها عفويا على فمها لتتحسسه، فقد جرحتها عبارته القاسية..
أكمل باسل قائلاً بجموح دون أن يعبأ بمشاعرها ولا ردة فعلها منه:
-هابصلك انتي ولا يجي في بالي حتى أفكر فيكي لثانية، ده أنا أخلف ادك.

لم تتحمل إهانته المستمرة لها، ولا إستهزائه الفظ من هيئتها، فقد كانت كلماته موجعة، بل تصيب في مقتل، فبلا تفكير وضعت يدها على مقبض الباب لتفتحه، ولكنه قبض على ذراعها بكفه ليمنعها، وسألها ببرود:
-استني رايحة فين؟
لم تستدر برأسها نحوه، وهتفت بصوت منكسر:
-ماشية!
هزها بعنف لتلتفت رغماً عنها نحوه، وشدد من غرز أصابعه في ذراعها، وهتف محذراً بنبرة عدائية صريحة:
-اياكي تفكري بس تفتحي الباب!

تلوت بذراعها محاولة تحريره، وصرخت فيه بصوت متشنج وباكي:
-إنت عاوز ايه مني؟
تأمل هيئتها المتعصبة بجمود عجيب، بينما تابعت هي بنشيج وهي تبكي بمرارة:
-كفاية اهانة لحد كده
رمقها بنظرات باردة وهو يضيف بنبرة أكثر قسوة:
-انتي ماسمعتيش لسه حاجة مني
حركت إيناس ذراعها بعصبية أشد محاولة إفلاته، وصاحت بصوتها الباكي:
-مش عاوزة اسمع
أرخى قبضته عنها، ونظر لها ببرود مستفز، ثم هتف بنزق:
-عشان الكلام مش عاجبك، بيوجعك صح!

صرخت فيه بتوسل ليكف عن إيلامها نفسيا:
-بس بقى
صاح بها بصوت آمر وهو يشير بيده:
-اخرسي واسمعيني كويس!
نهج صدرها علواً وهبوطاً من شدة بكائها، فأكمل بنبرة إحتقارية متعمداً إذلالها:
دي نظرتي ليكي يا أخت أعز أصحابي، إنتي مجرد عيلة مالهاش لا شكل ولا منظر عشان يتبص عليها، بت هبلة ومتخلفة!
آلمتها بقوة عبارته الموجعة، وخفق قلبها قهراً منه..
أكمل باسل بنفس القسوة:.

-وأمور المراهقة دي متتعملش لا معايا ولا مع غيري، ولولا العشرة وإني عارف هو ممكن يعمل فيكي ايه في لحظة طيش قسماً بالله كان زماني قايله وطالقه عليكي!
صرخت فيه إيناس بتحدٍ زائف بعد أن فاض بها الكيل من إهاناته المتتالية والتي لا تنتهي:
-خلاص روح قوله بدل ما تقل أدبك عليا!
رد عليها بجدية أخافتها:
-قلة الأدب لسه مجاتش، بس ناقص حاجة أخيرة هاتخليكي تفكري مليون مرة قبل ما تعملي ده تاني!

نظرت له بتوجس، وسألته بصوت منتحب:
-ايه هي؟
باغتها باسل بصفعة قوية وعنيفة على وجنتها، فشهقت مصدومة مما فعله، وحدقت فيه بذهول جلي..
ثم وضعت يدها على صدغها المتألم غير مصدقة أنه صفعها بالفعل..
تابع هو قائلاً بشراسة:
-القلم ده عشان يفوقك، واحمدي ربنا إنه حصل معايا مش مع غيري!
هتفت بعدم تصديق وهي تبكي:
-إنت، إنت ب..

لم يمهلها الفرصة لإتمام جملتها، بل أطبق على فكها بكف يده، وزاد من ضغطته بشراسة عليها، وهدر محذراً وعيناه تنطقان شرراً:
-اللي حصل ده كله يتنسى، ويتمحى من مخك للأبد، وعلاقتك بالبت دي تتقطع نهائياً، فاهمة!
اعتصر الآلم فكها، وزاد من قوة ضغطته لتفهم هي رسالته، فهزت رأسها مستسلمة من فرط الوجع...
بكت إيناس بمرارة وهي تطالعه بنظرات حزينة، نظرات أزعجته للغاية رغم جموده الزائف..

فقد تلقت اليوم أقسى درس في حياتها الصغيرة..
أرخى هو أصابعه عنها، ودون أن ينطق بكلمة إضافية، أعاد تشغيل السيارة، وانطلق بها عائداً إلى منزلها..
انسابت عبراتها بغزارة، وظلت تمسحها بكفها وهي تنظر إلى النافذة الملاصقة لها، فالإهانة هنا فاقت قدرتها، بل تخطت توقعاتها..
ورغم صعوبة الموقف عليه، إلا أن باسل أراد أن يكون صارماً معها منذ البداية حتى لا تكرر خطئها مرتين..

ندم بداخله على تطاوله باليد عليها، فهي لم تكن تستحق هذا، هي لديها مكانة في قلبه، وأخت رفيقه، لكنه كان يخشى عليها، وبرر لنفسه فعلته المتهورة تلك بأنها عقاب ملموس ليذكرها دوماً بألا تنجرف وراء حماقات الغير...

في المشفى العسكري،
اضطر مسعد أن يصطحب معه سابين إلى المشفى بعد أن أبلغها بحالة الفريق ضياء الصحية، فإنهارت مصدومة واصرت على الذهاب معه، فهو واحد من اثنين فقط ممن يعرفون بهويتها الحقيقية وبظروف تواجدها في القاهرة..
وهو لم يكن ليتركها بمفردها في الوحدة وهو يعرف بنوايا فادي اللئيمة..
لذلك كان أسلم حل هو الذهاب سوياً إلى المشفى
وقف كلاهما خارج غرفة العناية المركزة، وتأملا هيئته بنظرات أسفة..

شرد مسعد في أحلامه المهددة، فقد كان يعول على قائده لتزكيته عند الخبيرة ليظفر بمكان ضمن الحرس الرئاسي..
بينما بكت سابين في صمت حزناً على حالها وهي محدقة به، فوضعها الأمني أصبح في ظروف غامضة، ولم تعد تعرف كيف ستتصرف إن ساءت حالته..
تنهد مسعد بعمق، وأشاح بوجهه بعيداً وهو يتراجع خطوتين للخلف..
انتصب فجأة في وقفته حينما وجد أحد القادة – ذوي الرتب العسكرية العالية – يقترب منه..

أدى له التحية العسكرية وهو يردد بجدية:
-تمام يا فندم
-استرح
قالها القائد بصوت جامد وهو يوميء برأسه إيماءة خفيفة
انتبهت سابين إليه، وكفكفت عبراتها بأطراف أناملها..
استطرد القائد حديثه قائلاً بهدوء:
-في جديد يا مسعد؟
هز راسه نافياً وهو يجيبه:
-لا يا فندم، الحالة زي ما هي!
زفر القائد بعمق وهو يقول:
-ربنا يشفيه، الفريق ضياء من أكفأ القادة عندنا!
أومأ مسعد برأسه موافقاً وهو يرد عليه:
-ده حقيقي يا فندم.

وضع القائد يده على كتف مسعد، وتابع حديثه بنبرة جادة:
-طبعاً في الظروف اللي زي دي هانضطر إننا نولي حد تاني القيادة مؤقتاً لحد ما نطمئن على الفريق ضياء!
لم يتفاجيء مسعد من كلماته، فقد توقع هذا، لأنه الإجراء الطبيعي في مثل تلك المواقف الطارئة، لذا تنحنح بصوت خشن، ورد بتوتر قليل:
-احم، اكيد
أضاف القائد قائلاً بصرامة:
-عامة في ظرف 24 ساعة هايكون في قائد مؤقت للتشكيل الجديد، ده غير بعض التكليفات لشوية منكم!

انتصب مسعد بجسده، ورد عليه بثقة:
-احنا جاهزين لأي حاجة يا باشا
التوى ثغر القائد بإبتسامة باهتة وهو يضيف:
-ده المتوقع منكم، أنا رايح الوقتي أسأل واطمن أكتر عن الفريق ضياء، خلص الزيارة، وارجع وحدتك تاني!
رد عليه مسعد بنبرة رسمية:
-تمام يا فندم
انتظرت سابين رحيل القائد حتى تقترب من مسعد، وسألته بقلق:
-هاتعمل ايه موسأد؟
زفر بإنزعاج، وشبك يديه أعلى رأسه، ثم أجابها على مضض:.

-مش عارف والله يا صابرين الدنيا هاتمشي ازاي، بس لازم نشوف الوضع الأول هايتظبط ازاي!
أدركت سابين أنها في وضع حرج، فوضعها على المحك الآن، لذا تساءلت بنبرة أكثر قلقاً:
-وأنا؟
رد عليها بسخرية:
-انتي نفسك مشكلة لوحدك!
لم تعي مقصده جيداً، فسألته مستفهمة:
-مش إفهم موسأد
ردد بنبرة حائرة وهو يفرك وجهه براحة يده:
-لازم أفكر في بديل ليكي لحد ما الفريق ضياء يفوق.

وضعت سابين يدها على ذراعه، فشعر بلمستها عليه، ونظر لها بنظرات غريبة، بينما تابعت هي متساءلة بخوف:
-موسأد، بليز قولي إنت بتفكر في ايه؟
رد عليها بإهتمام وهو يطالعها بنظراته:
-بأفكر لو بعتوني مهمة في أي وقت لأي مكان، إنتي هاتعملي ايه لوحدك!
ضغطت سابين بأصابعها على ذراعه، وتوسلته بخوف قليل بادي في نبرتها ونظرات عينيها:
-مش سيبني موسأد، بليز، be with me ( كن معايا ).

فغر فمه مشدوهاً نوعاً ما من حركتها المفاجئة والتي أثارت في نفسه إحساساً غريباً أربكه...
تابعت هي قائلة بإرتباك:
-أنا هاف ( أخاف ) أكون وحدي، أنا مش أعرف حد
تمتم مسعد بصوت خفيض للغاية وهو يطالعها بنظرات شبه والهة:
-هو أنا بعد البؤ ده أقدر أسيبك!
نظرت له بتمعن، وسألته بعدم فهم لعبارته الأخيرة التي لم تسمعها جيداً:
-ايه؟
ابتسم لها قائلاً بصوت مطمئن:
-شوفي احنا نرجع الوحدة، ونفكر سوا في حل للمشكلة بتاعتنا.

هزت رأسها إيجاباً وهي تردد بإيجاز:
-اوكي
أشار لها بيده وهو يقول بنبرة حاسمة:
-بس الأول لازم أبلغ باسل باللي حصل، عشان يتصرف معايا
ردت بتفهم وهي تبتسم قليلاً له:
-أها، اوكي.

أوقف باسل سيارته على مقربة من بناية رفيقه، وبنبرة جامدة وبوجه خالي من التعبيرات صاح بصوت آمر:
-انزلي
لم ترد عليه إيناس، بل أسرعت بفتح الباب، وترجلت من السيارة لتصفقه خلفها بقوة، ثم ركضت نحو مدخل بنايتها دون أن تستدير للخلف، و صوت نحيبها يعلو أنفاسها، ويضني القلب..

لم يستطع باسل منع نفسه من النظر إليها، فقد أوجعه ما فعله بها، وضغط على فمه بقوة شديدة ليقاوم انفلات أعصابه، ثم ضرب المقود بيده بعنف، وزفر بصوت غاضب، وانطلق بالسيارة وهو يطلق عدة شتائم لاذعة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة