قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الثامن والعشرون

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي بجميع فصولها

رواية حب افتراضي بقلم دعاء الفيومي الفصل الثامن والعشرون

استفاقت عاليا تدريجياً، وفتحت عيونها ببطئ؛ فوجدت عمها، وزوجته، وجدتها حولها ينظرون لها بقلق، تحول بابتسامه عندما نظرت لهم.
اقتربت فاطمة بكرسيها وأمسكت كف عاليا، وهتفت بلهفة: الحمد لله على سلامتك يا بتي إكده تجزعيني عليكي ياعاليا؟
ابتسمت نصف ابتسامه، وهتفت بهدوء: الله يسلمك ياستي، معلش غصب عني.
إيمان بهدوء: المهم انك بخير يابتي شيدي، حيلك إكده.
كامل: هتبقى زينة ان شاء الله الدكتورة طمنينا.
عاليا بابتسامه ضعيفة: ان شاء الله.

نظرت حولها لترى أين بدر فلم تجده؛ فتعجبت، وشعرت بالإختناق؛ فراود أفكارها حديث ليلى لها عن بدر، وانها لم تحب كريم يوماً ما بل كان، ومازال بدر هو الحب الحقيقي.
شردت قليلاً، وتذكرت شعورها بالحزن عندما تركها في الصعيد، وسافر دون أن يخبرها، وأيضاً قلقها الشديد عندما تأخر في مهاتفتها، فهى الأن تشعر بنفس الخوف، والقلق.

ثم تذكرت عندما اختطفها علوان لم تفكر بكريم مطلقاً؛ بل كل من شغل تفكيرها هو بدر، وكيف سيتقبل الأمر هى لا تنكر أنها ذهلت عندما أتى لانقاذها؛ فهي لم تتوقع أنه سيأتي بهذه السرعة، ويخاطر بحياته لأجلها كما وعدها بأنه سيظل بجانبها دائماً.
أيضاً تذكرت الكلمة التي نطقها حين دلف لإنقاذها، وكأنها تسمعها الأن ولأول مرة( حبيبة عمري) عندما قالها لأول مرة لم تعطي لها بالاً رغم نفضة قلبها حين سمعتها؛ لكن اعتقدت أنه قالها من شدة قلقه عليها، أو بمعنى أدق تأكدت الأن أنها من أرادت أن تفسرها كذلك.

أغمضت عيونها، وأكملت شرودها عندما تحدثوا بقلوبهم في السيارة أثناء عودتهم للإسكندرية، وكيف أنهت هذه المشاعر بصدمة منها لبدر.
تذكرت شعور الاختناق الذي داهمها عندما علمت بقدوم ميرفت لزيارتهم، وتلميح زوجة عمها باهتمام والدتها، بهم، وببدر خصوصاً، قبضت ملامح وجهها عندما تذكرت كلمات بدر الرقيقة لميرفت، وأسلوبه الهادئ معها، وهو يعرض مساعدته.
حدثت نفسها متسائلة .

معقول يا عاليا الحقيقة اللي فضلتي تهربي منها طول عمرك، ومن وانتي صغيرة لعند ما اترسخ في عقلك، وقلبك ان بدر أخ مش أكتر تظهرلك تاني دلوقتي علشان تقولك أنا الحقيقة، ولو فضلتي طول الوقت تحاولي تضيعيني في متاهات عقلك، مش هتوه، وأديني ظهرت تاني، وزي ما هاجمت قلبك، واحتليته، دلوقتي بهاجم عقلك علشان افوقه من وهم الحب الافتراضي اللي عيشتي نفسك فيه سنين.

روحت عملت نفسي بحب واحد نسخة منك يابدر في ملامحه، وزي ما كنت متخيلة في أخلاقك، وطبعك، بس الحقيقة طلعت إن قلبي كان بيدور عليك فيه، قلمي لما رسم، وهو مسلم لقلبي رسمك انت وبهيئتك انت.
معقول كنت هدفن كل الحب ده علشان أسباب طلعت في عقلي انا وبس؟!

بس انتي جاية تفوقي بعد إيه يا عاليا، الظاهر إنه مل منك، ومن تجاهلك ليه، وضغطك بكل جبروت على قلبه... قلبه اللي مش هتلاقي سكن يحميكي من كل الأخطار زيه، كلامه مع ميرفت بيدل انه بدأ يميل ليها، وهو قالي انه بيفكر يتجوز ويستقر.
انسابت دمعة من مقلتيها دون إرادتها؛ فرفعت يدها، وضعتها على وجهها، وهزته عدة مرات، ونطقت دون أن تشعر: لا لا لا.
فزع كل من في الغرفة، واقتربت منها إيمان، وفاطمةالتي هتفت بلهفة: مالك ياضنايا فيكي حاجة؟
إيمان: أنادي الدكتور يا عاليا؟

أزالت يدها، ومسحت دموعها سريعاً وهدأت بعد أن أدركت ما فعلته، وهتفت بهدوء، وهى تعتدل على الفراش: لا أبداً انا أسفة بس إحممم افتكرت الامتحانات اللي قربت؛ فحسيت بتوتر.
قبل أن يتحدث أحد سمعوا دقات على باب الغرفة؛ فتناولت عاليا حجابها، وهندمته سريعاً، وسمح كامل للطارق بالدخول، وما كان إلا الطبيبة ليلى، وخلفها بدر؛ لكن المفاجأة في من تبعته، والتي جعلت كل هرمونات الغضب تعلوا دفعة واحدة عند عاليا؛ فقد كان معها بالخارج إذن! لذلك لم يهتم متى سأستفيق
هكذا حدثت عاليا نفسها بغضب، وهى تنقل نظراتها بين بدر، وميرفت.

بدر بابتسامه هادئة: الحمد لله على السلامة يا عاليا.
ثم نظر لميرفت: اتفضلي ياميرفت ادخلي.
رحبت بها إيمان بشدة، وفرحة كبيرة فقد سعدت بحضورها، ودخول الغرفة بصحبة ولدها.
ميرفت بابتسامة: أنا كنت بكلم بدر، بطمن عليه لأنه كان مصدع شوية لما جالي عند المدرسة الصبح، وعرفت منه إن عاليا تعبانه، وانكم كلكم هنا؛ فقولت لازم أجي أطمن عليها.

نظرت لعاليا وابتسمت ابتسامة واسعة، وهتفت: ألف سلامة عليكي يا عاليا خضيتينا عليكي.
زمت شفتيها محاولة تهدأة نفسها؛ فهى من أضاعت حبها الحقيقي بيدها، والأن لا داعي للندم؛ فمن الواضح أنهم تفاهموا، ووجدوا السبيل لبعضهم، نظرت لموضع يدها كي تهرب بعيونها التي امتلأت بالدموع؛ لكنها أبت السماح لهم بالخروج؛ فابتلعت ماء فمها لتوقفهم، وهتفت بصوت منخفض، وباقتضاب: الله يسلمك.
إيمان بابتسامة واسعة: والله صاحبة واجب، وذوق يا ميرفت يا حبيبة قلبي، ربنا يحميكي يابتي.

ميرفت بدلال: ربنا يخليكي يا طنط متشكرة أوي، أي حاجة تخصكم أكيد لازم أسعى إني أكون معاكم إحنا عمرنا أهل .
كامل بضيق من حضور ميرفت بمفردها: والدك، ولا والدتك مجوش معاكي ليه يابتي احنا بقينا بعد المغرب دلوك، وميصوحش تمشي وحديكي.
قبل أن ترد ميرفت سبقتها إيمان: جرا إيه ياحاج كامل ميرفت ما شاء الله عليها مدرسة قد الدنيا، ويعتمد عليها بس علشان تبقى مطمن أكتر بدر هيوصلها، ويبقى يروح يرتاح هو شوية بقى تعب من الصبح، مش إكده يابدر.

أغمضت عاليا عيونها تعتصرهم، وكادت أن تكسر أسنانها من الضغط عليهم عندما سمعت رد بدر: طبعاً يا أمي هوصلها معقول أسيبها تروح لوحدها، بس هبقي ارجع تاني علشان لو محتاجين حاجة.
تعجبت فاطمة من كلام بدر، وطريقته، وكأنه ليس العاشق الذي كاد يموت قلقاً منذ ساعات قليلة؛ فهتفت: وهو يصوح تروح مع بدر وحديهم؟! روحي معاهم يا إيمان اني هبات مع عاليا الليلة.

عاليا مسرعة: لا معلش يا دكتورة ليلى انا بقيت أحسن دلوقتي وحابه أروح ممكن بعد اذنك؟
ليلى بابتسامه؛ فقد وصلت ل هدفها كما أرادت: طبعاً انا معنديش مانع، بس اوعديني تيجي تزوريني تاني علشان اطمن عليكي ماشي؟
عاليا بتأكيد: أكيد هاجي يا دكتورة لأني محتاجة أخف من التعب اللي انا فيه فعلاً.
إيمان بتعجب: هى فيها حاجة تستدعي المتابعة يادكتورة لا قدر الله؟

تداركت ليلى أن ايمان، وكامل لا يعلمون أنها طبيبة نفسية؛ فهتفت بهدوء: لا هي الحمد لله بخير بس شوية انيميا ضعف يعني هنعالجه بسرعة، ممكن تسيبوني مع مريضتي اطمن عليها بقى قبل ما نكتب ليها خروج.

خرجوا جميعاً من الغرفة، ونظرت ليلى للشاردة أمامها بابتسامه نصر حيث أنها وصلت للنقطة التي أرادت، وهى سحب صورة كريم تدريجياً من عقل عاليا ليحل محلها صورة بدر بكل ما تمنته من شهامة، وحب، واحترام، كي يتطابق ما يريد العقل مع ما تمناه القلب منذ زمن وينهون الصراع الذي كاد أن يدمر صاحبتهم؛ كما أنها أرادت أن تجعل عاليا تشعر أن بدر ليس أمر مسلم به بل له طاقة، وسيأتي الوقت الذي يبتعد عنها لينجوا بقلبه؛ فالأن إن تأكدت من حبها له عليها إثبات أن قلبه ليس له ملجأ سواها.

جلست بجوارها على الفراش فلم تجد منها انتباه وكأنها لم تشعر بوجودها؛ فهتفت بصوت هادئ: تعرفي إن كريم كان عايز يجي يزورك، ويفهمك سوء التفاهم.
استمعت عاليا تلك الكلمات؛ لكنها تحدثت بما كان يصارع تفكيرها؛ وكأنها لم تفهم ما قالت ليلى: تفتكري بدر بدأ يميل ل ميرفت، وفعلاً هيسمع كلامهم، ويخطبها؟!
ابتسمت ليلى، وهتفت: طيب ومتقوليش ليه انه بيحبها.

نظرت لها بغضب، وهزت رأسها بالنفي، وهتفت: لا طبعاً حب إيه مستحيل، هو بس ممكن اتأثر بكلام طنط إيمان وحابب يريحها.
ليلى بهدوء: الله أعلم ممكن أه وممكن لا اللي يحدد ده هو بدر نفسه، المهم كنت بقولك على كريم حابب يفهمك اللي حصل علشان متكونيش زعلانه من حسناء.
أغمضت عيونها، وهزت رأسها بالرفض: لا معلش أنا خلاص فهمت كل اللي حصل، وصحيح زعلانه إني عيشت نفسي في وهم؛ بس أنا حاسة انك هتقدرى تساعديني وميتكررش ده معايا، وكمان لما فكرت كويس عرفت إن حسناء ملهاش ذنب؛ بالعكس دي حاولت تبعد نفسها، وتنهي بداية مشاعرها بارتباطها بعمر زي ما قولتي، والأخر ظلمته، وظلمت نفسها..،

يمكن لو كانت عرفتني مشاعرها، وشكها ان كريم معجب بيها هيا يمكن كنت فوقت لنفسي؛ بس خلاص أكيد مش ههرب من القدر، واللي حصل ده كله ربنا ليه حكمة فيه وهى اني أعرف حقيقة مشاعري، وأن تفكيري كان غلط،وحتى علشان أعرف أن والدي مكنش ذنبه في جسمه.
ليلى بسعادة: أنا سعيدة جداً جداً بكلامك ده ياعاليا، وزي ما دخلتي نفسك في شبكة الوهم برفضك للواقع، انتي كمان بسرعه قدرتي تساعديني أخرجك منها، وتقبلي الواقع، بس اتمنى بعد ما تخرجي فعلاً نفضل على تواصل فترة علاج بسيطة.

عاليا بتأكيد: حاضر إن شاء الله.
دلف عليهم الطبيب المعالج لعاليا، وهتف بابتسامة: أخبار مريضتنا إيه ممكن نقيس الضغط؟
بعد أن انتهى هتف: لااا ده كده بقينا تمام، انا قولت لدكتورة ليلى اني ممكن اخرجك النهاردة عادي تحبي تخرجي بس هتهتمي بالغذا شوية عن كدا، ولا تشرفينا نغذيكي بطريقتنا .

قال كلماته وهو يشير للمحلول المعلق بجوارها ومفصول عن ذراعها؛ فردت مسرعة: لا خلاص أرجوك كفاية كده أجهزه هتغذا كويس جداً.
ابتسم لها، وهتف: تمام اتفقنا.
خرجت عاليا من غرفتها يمسك يدها عمها كامل، وبجوارهم إيمان تدفع فاطمة بناء على رغبتها، ويتبعهم بدر بجواره ميرفت يتهامسون بصوت منخفض، فكانت عاليا تشعر بالغضب، والغيرة، وتلتفت لهم من حين لأخر بنظرات حزينة.

همست ميرفت لبدر: الظاهر كلام دكتورة ليلى صح يابدر شوف نظرات عاليا لينا، وطريقتها فوق في الأوضة.
بدر بهدوء: والله يا ميرفت ما عارف أفرح ان كلامها صح وان عاليا ممكن تكون بتحبني فعلاً، ولا ازعل علشان زعلها ده، واحساسي اني مضايقه.
ميرفت بهدوء: اقولك حاجة انا معرفش إيه القصة، وليه عاليا مذبذبة ومش قادرة تحدد مشاعرها؛ بس اللي بأكده ليك انها بتحبك جداً كمان باين اوي عليها، وكمان بأكدلك ان اللي طلبته مني دكتورة ليلى صح لان الغيرة بتحرك مشاعر الحب؛ في البداية استغربت انها كلمتني وهى مين، لكن لما عرفتني انها دكتورة، ورقمي خدته منك، وانها طالبة مساعدة ليك مترددتش أبداً.

نظر لها، وهتف بابتسامه: متشكر جدا يا ميرفت.
ميرفت مسرعة: انا المفروض اشكرك انك فهمت مشاعري، وقدرت حبي ل إياد ووعدتني تساعده بإنك تجبله شغل في شركتم كمحاسب، وبراتب كويس كمان علشان يقدر يتقدم بقلب جامد، وكمان هتقنع بابا بيه.
ابتسم لها، وأشار لها بأن تصمت فقد خرجوا من المشفى، ووصلوا عند السيارة.
ساعد جدته في الجلوس بالمقعد الخلفي، وبجوارها عاليا، وفتح كامل الباب الأمامي لإيمان، وهتف موجهاً حديثه لبدر: وصلهم البيت يابدر، وانا هاخد تاكسي، وهوصل ميرفت لعند بيتهم، واحصلكم.

تجلس في غرفتها أمام المرآه، تنظو لوجهها الذي يشع نوراً ليس بجمال، ورقة ملامحه فقط؛ بل بسبب سعادة قلبها الذي كاد أن يطير من بين ضلوعها ليحلق في سماء الحب الذي طالما حلمت به، وتمنت أن يتحقق على أرض الواقع، وها هو اليوم؛ يوم ارتباطها الحقيقي بمن تعلق قلبها به من أول نظرة.
دق باب الغرفة فأذنت للطارق بالدخول، وقفت، والتفت مبتسمة عندما وجدت أخاها ينظر لها بعيون تلمع من فرحته بها.

اقترب منها، و احتضنها،ثم نظر في عينيها، وهتف: ما شاء الله عليكي يا ملك، تعرفي ياملك أنا عمري ما شوفت الفرحة في عنيكي، زي النهاردة حتى في...
قطع كلامه، وصمت؛ فهو لم يريد أن يذكرها بالماضي
فأكملت هى مبتسمة: حتى في جوازي الأول صح؟

مفيش مشكلة دي كانت مرحلة في حياتي ومش معقول هتتمحي، لأنها واقع؛ بس انت عندك حق الأول مفرحتش كأني عروسة كنت فرحانه علشان هبعد عن معاملة أمي القاسية، رغم إني مكنتش اعرف أنا رايحه لمين، ويتعامل معايا إزاي، إنما المرة دي أنا فرحانة بكل ذرة فيا؛ لأن حسيت أخيراً بحب أمي، وفرتها ليا، وكمان يعني عمر زي مانت عارف ياخوي شهم، ووقف معانا يعني أخلاقه باينه عليه، وكفاية انه صاحب بدر، وأكيد بدر واثق فيه، وإلا كان هيقولك ترفض.

كلماتها الأخيرة عن عمر، وهى في قمة خجلها؛ فقد أنزلت عيناها للأسف؛ فمد سالم يده، ورفع وجهها، وقبل جبينها، وهتف: عندك حق ربنا يسعد قلبك، وأيامك كلاتها ياخيتي؛ ومعلش الخطوبة على الضيق احنا، وعمر، واهلنا القريبين بس علشان يعرفوا بخطوبتك، وأننا كمان مسافرين بكرة اسكندرية؛ فيمكن حد منهم ميقدرش يحضر الفرحة الكبيرة؛ بس وعد مني ليكي فرحك هيكون هدية مني وهيكون في أكبر مكان في اسكندرية، وهنعزم كل حبايبنا إهنه، وسفرهم على حسابي كومان لأجل عيونك ياغالية.

ملك بسعادة: ربنادميحرمنيش منك ياخوي.
هنا سمعوا صوت عبير من خلفهم تقترب منهم، وتهتف، بسعادة، وعجالة في آن واحد: مش بكفاياكم عشق في بعض لعند إكده، وننزل للعريس اللي عينه مافرقتش السلم كانه رايد يطلع ينزلكم بنفسه.
خجلت ملك مرة أخرى فاذداد تورد وجنتيها؛ فهتفت عبير بحب، وابتسامة: ايه القمر ده يا ملوكة، مع انك مرضتيش تحطي حمرة كتير كيف كل العرايس بس ما شاء الله كأنك بدر في تمامه.

ملك بحب، وسعادة: تسلمي لي يا خيتي يا حبيبتي، والله ما نقصنا غير وجود عاليا، وبدر.
عبير بتأكيد: أيوه والله كان نفسي يكونوا معانا، بس امتحانات عاليا قربت، واهو هنروح ليهم احنا، وكويس ان بدر قال لعمر، وسالم يعملو الخطوبة إهنه، علشان حبايبنا، وأن شاء الله عدتك تخلص هناك، وعاليا تكون خلصت امتحانها، ونعملك أجمل فرح، ويكونوا معانا.
نظر لها سالم بحب، وهتف بنبرة تشوبها الغيرة: طيب هى كي القمر، وانتي أقول إيه على جمالك اللي هيخليني أحبسك في الأوضة، ومنزلكيش علشان محدش يشوفك غيري.

ابتسمت عبير بخجل، وفرحة من كلامة الرائع الذي يمطرها به دائماً، وكأنه يقوم بتعويضها عن الفترة العصبية التي مروا بها من قبل، وهتفت مسرعة لتداري خجلها: لااااا تحبسني دا إيه، النهاردة شبكة خيتي حبيبة قلبي ياله بقى امسك يدها، ونزلها علشان تسحر الكل بجمالها.
أمسك سالم يد ملك، ووضعها في ذراعه الأيمن، ثم قوس ذراعه الأيسر كي تتأبطه عبير؛ فابتسمت، وفعلت ما يريد بسعادة أعادت البهجة لقلبها، والنور لوجهها.
هبطوا على الدرج، وقام سالم بمصافحة عمر الذي وجده يقف أسفل الدرج وعيناه مثبتة عليهم من أوله، وهتف مداعباً: إيه ياعم احنا لسه في الخطوبة، واحنا صعايدة دمنا حامي هطخك عيارين.

رفع يده باستسلام، وهتف بمزاح: لا ياباشا الله يباركلك عايز افرح بشبابي واكمل نص ديني الأول،وبعدين هو حد قالكم تسكنوا القمر معاكم في البيت مش ذنبي.
خجلت ملك بشدة من مغازلته الريحة أمام أخيها، ووضع سالم يده على سلاحه ونظر بتهديد لعمر؛ فاحتضنه عمر مسرعاً، وهتف: خلاص بقى يا سالم ياخويا، وخليك فرفوش النهارده خطوبتنا.
ابتسم سالم، وربت على ظهره، وهتف وهو يسلم له ملك: ربنا يسعدكم.

علت الزغاريد وملأت المنزل، وكانت نوارة سعيدة للغاية، تتنقل بين أقاربهم المحدودين تقدم الضيافة، وترحب بهم، وعندما رأت ملك دمعت عيناها كما حدث معها في زيجتها الأولى لكن حينذاك لم تسمح لتلك المشاعر أن تظهر حين تذكرت ما حدث معها ومن تكون ملك؛ أما الأن فقد أيقنت أن الأم هى من قامت بالتربية، والرعاية، وليست من وضعت الطفل فقط، وتأكدت من هذا حينما أوشكت أن تفقدها.

اقتربت منهم واحتضنت ملك، وهتفت بسعادة: ألف مبروك يابني ربنا يسعد قلبك، ويريح بالك، ويجعل أيامكم كلاتها فرح.
شددت ملك من احتضنها، وهتفت: الله يبارك فيكي يا أمي، ربنا يباركلي فيكم ويديمك نعمة في حياتي.
تركتها نوارة، بعد أن باركت عمر هو الأخر، وأكملت ما كانت تقوم به.
جلست ملك بجوار عمر على استحياء من نظراته المحبة، والواضح بها الإعجاب.

قام عمر بالإشارة لعبير التي اقتربت وناولته علبة من القطيفة قد كان أعطاها إياها عند دخوله، وفتحها أمام ملك، وهتف: ياارب ذوقي يعجبك يا قمري، ولو فيه حاجة مش حلوة نبدلها عادي، معلش انتِ بقى اللى مرضتيش تختاري، وأصريتي اشتريها وحدي.
ملك بابتسامة هادئة: لأن دي أول هدية منك وحبيت تكون على ذوقك وعلى فكرة مش بجماله، لا دول قيمتهم غالية عندي لأنك جبتهم بحب، وحطيت كل تركيزك فيهم وانت بتختار علشان تجيب حاجة رقيقة وتعجبني؛ علشان كده هى عندي أغلى من جواهر الكون كله، وعلى فكرة انت ذوقك جميل جداً.

كانت الشبكة عبارة عن طقم من الذهب على شكل فراشة مطعمه ببعض الخرزات الملونة.
شعر بالسعادة تتخلل كل ذرة في جسده، وليس قلبه فقط، وتأكد أنه اختيار قلبه هذه المرة صحيح، وأن ملك بالفعل هى العوض الجميل له.
ألبسها الشبكة، وسط سعادة الجميع ومباركتهم، ثم وقف واتجه لسالم وهتف: سالم بعد إذنك ليا طلب واتمنى مترفضش.
عقد حاجبيه، وهتف بتأكيد: اتفضل طبعاً.

رفع يده بتوتر، ومسح على فمه؛ فهو يعرف طبع سالم، وعدتهم؛ لكن قرر المحاولة هتف بصوت منخفض: احنا عندنا لما بنعمل خطوبة العرسان بيرقصوا رقصة هادية كده وانا حابب أهدى أغنية لملك ممكن؟
ضيق عينيه، ونظر له ولم يتحدث، كان يفكر، ثم هتف: شوف ده مش عوايدنا، والناس ممكن تتحدت بس اني حالف النهاردة اعمل أي حاجة تسعد ملك، واكده ولا أكده الكل بيتحدت.

موافق، وكومان هعتبر محدش إهنه، وهرقص معاكم أني وعبير.
سعد عمر بذالك كثيراً، واحتضن سالم بسعادة، وهتف: والله انت أجدع أخ في الدنيا.
تحرك عمر، ومد يده لملك التي نظرت سريعاً لأخاها، فهز رأسه بالموافقة؛ فوضعت يدها في كفه بتوتر، وخجل، ونهضت معه.
وتوجه سالم لعبير، وأخذ منها ذياد وأعطاه لوالده، وامسك يدها وسط تعجبها، وأشار لعمر؛ فقام بفتح موسيقى لأغنية ما على هاتفه، ووضع كل منهم يده في وسط حبيبته، وبدأوا يتمايلون على صوت عمر الذي أبهرهم.

نظر عمر في عيون ملك مباشرة، وهو يغرد.
اول مره اتقابلنا
والربكه الي في كلامنا
كانت بتقول في بينا هتكون عشره سنين..
.طيبه قلبك وخوفه والرقه الي في كسوفه
خلوني مشوفش غيره لو مهما شفت مين..
..اول مره اتقابلنا
والربكه الي في كلامنا.

كانت بتقول في بينا هتكون عشره سنين.
...طيبه قلبك وخوفه والرقه الي في كسوفه
خلوني مشوفش غيره لو مهما شفت مين.
.ً.مين غيرك هلقي مين
بجمال قلبك ده فين
ده مفيش غيرك معايا هيعيش يا مليه العين.
ده انتي الي جوايا دلوقتي او بعدين.

حبك غير حياتي ولقيت فيكي امنياتي.
وبعيش جنبك يوماتي بحلم وافرح كتير.
خليتي لعمري معني حبك ليا ده نعمه.
حبك عالم كبييير .
.اول مره اتقابلنا
والربكه الي في كلامنا
كانت بتقول في بينا هتكون عشره سنين...
انتهى الحفل بعد فترة، والجميع يشعر بالسعادة، واستعد سالم، وعائلته ليوم جديد الذي يحمل معه حياة جديدة لهم في بلد أخرى، بجوار من يحبون...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة