قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس والعشرون

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل السادس والعشرون

بين كسب القلوب وكسرها، خاطر يُجبر. إبتسامة صادقة تأتي وسط دموع أصدق ف يتبدل الحُزن إلى حُب...

إحتاج فمها إبتسامة لم تصل إلى عينيها وهنا أرخت مفاصل يديها عن رابطة عُنقه وهي تبتلع غصة في حلقها من جفاف نبرته لها، تلعثمت في باديء الأمر ومن ثم أغلقت عينيها تتنفس الصعداء وراحت تردف بخفوت صلب:
مش فاهمة؟! يعني أيه مش هينفع نتجوز!
تنهد آسر بقوة ليردف بنبرة أكثر ثباتًا: أنا مش هكون جدير بيكِ يا فداء!، مش هسامح نفسي لو إتجوزتك علشان...

انسابت الدموع من عينيها وقد غاب صوابها في الحال لتهتف بعصبية مُفرطة: علشان أيه؟ إنت واحد مش مفهوم ولا فاهم نفسك.

تنحنح آسر قليلًا وقد افتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة وراح يقبض على ذراعيها بخفة وهو يقترب من أذنها اليُمنى هامسًا: علشان أنا راجل شرقي، ما أقبلش إن مراتي يكون ليها حق عند حد وما أرجعهوش. حق مراتي يرجع الأول وبعدين أخطفها لبعيد علشان ما ينفعش أقول لابني ربنا خلق الراجل سند ل مراته وراجل ليها مش عليها وإنتِ حقك لو ما رجعش يبقى أنا كدا بنافق ابني.

أبعدت وجهها عنه قليلًا لتلتفت إليه تنظُر في عينيه مُباشرة بصدمة، فقد لعب على أوتار قلبها وظنت بأنها ستواجه أوجاعها مرة أُخرى لم يكُن أمامها سوى أن أصدرت شهقة صغيرة وقد عجز لسانها عن النطق او آثرت هي ذلك حتى لا تنهال عليه بجمرات غضبها. أسرع آسر بتقريب فمه من إحدى عينيها وراح يُقبل جفنها بحنو، تنشقت فداء الهواء داخلها ومن ثم وضعت ذراعها على صدره تدفعه بقوة وهي تصرخ به بإستهجان: ليه؟ استفدت أيه دلوقتي؟ هزارك بايخ وبتهزر في حاجة عارف إنها هتوجعني ثم إنك هتحميني من مين؟

أطلق آسر قهقهة خفيفة ثم أردف بنبرة هادئة يهديء من روعها: أهدي يا أم ملاك. دا هو بُرص صغير هنضربه على دماغه بالشبشب مرة واحدة بس وهيموت.
رفعت فداء أحد حاجبيها وبنبرة غاضبة قالت: إنت بتكلمني بألغاز ليه؟ إنت مش كُنت ماشي؟ إتفضل!

لم يحفل آسر بغضبها وغيظها مما فعله حيث استدار حتى وقف خلفها وراح يضع كفيه يُغطي عينيها وبنبرة حانية أردف: أنا ما كُنتش ماشي. إنتِ اللي بتطرديني عيني عينك يا هانم.
فداء بتوجس: إنت بتعمل أيه؟
آسر بنبرة ثابتة: أمشي وإنتِ ساكته وهتعرفي.

انصاعت فداء لحديثهِ وبدأت تتحسس خُطاها امامه وما هي إلا ثوانٍ عندما أبعد كفيه عنها وقد لاذ بالصمت كُليًا. نظرت فداء أمامها ومن ثم نحت ببصرها إليه تردف بتوجس: أيه دا؟
آسر وهو يصر على اسنانه غيظًا: ما هو دا اللي كُنت خارج علشانه. بوظتي لي المُفاجأة ونسيت أشيل الفرش عنها.

حدقت فداء إليه بشدوه وهي تجد أمامها سيارة قد غُطت بفرشِ قُماشيٍ كبير، سار آسر إليها ومن ثم جردها من غطائها وسط ذهول فداء بما ترى، ذأبت في خُطواتها نحو السيارة تارة تنظُر لها وأُخرى له حيث يرمقها بنظرات دافئة وما أن إقتربت من السيارة حتى بدت الرسوم المطبوعة على جُدرانها تتضح لها لتشهق بفرحة وراحت تتحسس هذه الرسوم بأناملها فاغرةً فِيها: الرسمة دي نفس ملامحي! و وو ودا ديك!

آسر بضحكة جذابة: لا دي إنتِ ودا زغلول الديك. قُلت إنك هتفتقديه ف جيبته لك القاهرة.
أفتر ثغرها عن إبتسامة سعيدة وهي تضم كفيها إلى بعضهما تُشبع عيناها بالنظر إلى هذه السيارة البيضاء والمُصممة بأسلوب راقي دون سقف عُلوي لها وقد نُقش على جُدرانها بعضٍ من الذكريات التي عاشتها في شكل رسوم كاريكاتيرية. إلتفتت فداء بكامل جسدها لهُ ومن ثم هرولت صوبه فيما.

فتح ذراعيه لها يستقبلها بحنو جارف لتصرخ هي بفرحة: بحبك بحبك وفرحانة أوي، أول مرة حد يهتم بتفاصيلي الصغيرة بعد إخواتي، إنت أحلى حاجة حصلت ليّ في حياتي بجد.

ظلت مُتشبثةً بعُنقه يدوران سويًا في سعادة فيما تابع آسر بهُيام: أنا أساسًا موجود في حياتك علشان التفاصيل دي. كُل واحد فينا بيكمل نقص التاني.
حررت عُنقه في هذه اللحظة من بين ذراعيها ومن ثم أردفت بنبرة رقيقة حالمة: حبيبي، بليز عاوزة أسوقها!
آسر بنبرة مُرحبة وهو يلتفت بجسده كُله ناحية السيارة: إنتِ تؤمري يا أم ملاك وانا أنفذ.

تهللت أسارير وجهها فرحًا، أخذت تقفز في مكانها بحماس ومن ثم استتبعت خُطواته صوب السيارة. وصل إلى السيارة أولًا ليتنحى ببصره إليها يدعوها تشغل مقعد القيادة، أومأت فداء برأسها مُتحفزةً لتجلس خلف المقود فيما جانبها هو بالمقعد المُجاور وبنبرة ثابتة تابع: طبعًا إنتِ بتعرفي تسوقي أحسن مني أنا شخصيًا، ف خُدي لك لفة علشان نرجع نسلم على قُصي وعنود قبل ما يروحوا الأوتيل.

هزّت رأسها إيماءة خفيفة أعقبها ضحكة مشكوك بها لتردف بنبرة ذات مغزى: مُستعد يا أبو ولادي!
رفع آسر أحد حاجبيه مردفًا بتوجس: أبو ولادي!، هو انا مقلق من الجُملة. بس هي حلوة أوي، قوليها كدا تاني!

كادت عيناه تستعر ألعابًا ناريةً من فرط سعادته فيما تخضبت وجنتها تتصنع الخجل وبنبرة خافتة أردفت تُكررها: أبو ولاااااادي.
آسر بإبتسامة واثقة وهو يُهندم من ياقة قميصه أسمر اللونِ: حملة ما تقاطعيش، هنجيب ملاك وعلى وهادي وسلوى وفادية.
رفعت فداء جانب شفتها السُفلى لترمقهُ شزرًا وبنبرة مُغتاظة أردفت: هو إنت هتتجوز أرنبة!

آسر بنظرة ثاقبة: لا، كُل التخطيطات دي علشان أحقق لك طموحاتك، مش إنتِ بردو عاوزة تشكلي فريق كورة.

تنحنحت فداء قليلًا قبل أن تُردف بنبرة سادرة: والله لو هيكونوا كُلهم زملكاوية، ليه لأ؟! أما بقى لو القلة المُندسة دخلت بيني أنا وعيالي. عارف!

أومأ آسر برأسه نافيًا وهو يرمقها بنظرة مُترقبة ينتظر استئنافها الحديث ليجدها تُحدق إليه بإنزعاجٍ ليقول بتساؤل: أيه يعني اللي هيحصل ساعتها!

تنشقت فداء الهواء داخلها ومن ثم فردت ظهرها بإستقامة تامة لتضغط على دواسة السيارة وتستخدم بيديها المقود وراحت تنطلق بالسيارة بسرعة البرق ليرتد هو للأمام في قوة يفصل بين رأسه وزجاج السيارة بعض السنتيمرات التي لا تُذكر. وهنا أرظف بنبرة مذهولة: أيه اللي إنتِ بتعمليه دا؟!، في حد بيسوق كدا. هنموت!

فداء وهي تصرخ عاليًا بحزم لتزيد من سُرعة إنطلاق السيارة: ماحدش بيموت ناقص عُمر يا أبو العيال، مش إنت بقى كُنت عاوز تعرف. اللي هيحصل للقلة المُندسة!، واقسم بالله.

توقفت عن إستمرارية حديثها لوهلة ومن ثم أخذت تدور بالسيارة في دوائر حول نفسها. تكاد إطارات السيارة أن تنفصل عنها لتصرخ فداء في مرح جاد: لن أرحم أحد!

رفع آسر كفه يتحسس جبهته التي أصابها الدوار وبدأت قطرات العرق تتصبب منها ليهتف بنبرة مُغتاظة: يا بنت المجنونة! إطارات العربية هتنفجر وانا دوخت. بت!
فداء وهي تُقهقه عاليًا حيث أبعدت كفيها عن مقود السيارة وراحت تُصفق بمرح: حلو أوي العربية يا ما سورتي؟!، عقبال فرحتي بفرحنا بقى.
آسر وهو يصر على أسنانه حنقًا: دا مين ابن المجنونة اللي هيتجوزك دا؟

في تلك اللحظة أزادت فداء من سرعة السيارة أكثر عن ذي قبل وأخذت تندفع بالسيارة للأمام ثم تتقهقر بها للخلف ثانيةً، ظل جسدهُ يروح ويجيء كمن يتراقص جسده على إحدى الأُغنيات الشعبية ليردف بصوتِ حانق: لسة في حركة تانية ما جربتيهاش؟!، تقريبًا بيقولوا إن ممكن العربية تقف على العجلتين اللي ورا والتابلوه ونحلق إحنا في الفضاء.

فتحت عينيها واسعًا لتردف بنبرة مُصدقة: واو!، طيب ما نجربها.
أسرع آسر بالإقتراب منها ثم وضع كفيه على مقود السيارة كي يتحكم في حركتها حتى تقف وبنبرة حادة أردف: دا يخربيت اللي يعمل لك مُفاجأت. ربنا ياخدني والله علشان فكرت أعاملك برومانسية يا بتاعة المِش بدوده يا معفنه.

تمكن أخيرًا من إيقاف السيارة ليدفعها بخفة وبلهجة آمره هتف: إنزلي يا بومة!، دا بكفر عن ذنوبي وانا معاكِ. وسعي بقى لأرجع في وشك قلبتي ليّ معدتي.

قام بصفع الباب بقوة ما أن ترجلوا خارج السيارة ليقف آسر في زاوية من الطريق يشتم الهواء قليلًا فقد قلبت معدته رأسًا على عقب في حين أنها وقت بالقُرب منه وقد جدحته بنظرة ظافرة عاقدة ذراعيها أمام صدرها: واحد واحد يا ماسورتي!، وعلشان لما نجيب بنوتة أقولها الراجل اللي يعمل فيكِ مقالب علشان يشوف دموعك رديها له الصاع صاعين وعلشان ساعتها ما أبقاش بكذب.

آسر وهو يجدحها بثبات وراح يضرب كفًا بالآخر: بنوتة! منين يا حسرة. هي فيها عيال بعد الخضة والشقلباظات دي؟

ومن ثم استئنف حديثه وهو يحثها على القدوم مُلوحًا بأصابعه: تعالي اسنديني بقى، علشان جسمي متكسر!

أطلقت فداء قهقهة عالية وراحت تعود بخُطواتها للوراء ثم استدارت وأخذت تهرول مُبتعدةً عنه وبنبرة عالية قالت: لا يُلدغ المؤمن من جُحرٍ مرتين.

افتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة ليهرول خلفها مُحاولًا اللحاق بها وسط ضحكاتهما المرحة. وصلا إلى باب القصر من جديد لتُنادي فداء على حارس البوابة حتى يذهب لإحضار السيارة في الحال وهنا توقفت عن العدوي وهي ترى عائلتها تترجل خارج الباب الداخلي للقصر. ذأبت فداء في سيرها إليهم فيما أعاد آسر شخصه العاقل ما أن رأهم ليتجه هو الآخر صوبهم...

سالم بنبرة لائمة: روحتي فين وسيبتي إخواتك؟!
فداء وهي تُلقيه بقُبلة في الهواء ثم تلتفت ببصرها ناحية آسر الذي وقف عاقدًا ذراعيه أمام صدره بثبات: كُنت بشوف الهدية اللي جابها ليّ مستر (آسر).

أنهت تبريراتها ثم مشت خُطوتين حتى وقفت أمام شقيقتها (عنود) ومن ثم راحت تحتضنها مُردفةً بنبرة حنونة: هتوحشيني الأسبوعين دول، مش مُتخيلة قصر العامري من غير عنود وضحك عنود ونكد عنود. انا في اللحظة دي أحب أقولك إني مع بابا جدًا في قرار رفضه سفرك لوحدك. انا فهمت مشاعرهُ دلوقتي. الفُراق وحش وخصوصًا فراق حد بتحبيه حتى لو كان مؤقت. لكن اللي مهون عليا غيابك هو إنك في إيد أمينة، قُصي قادر يحطك في عينه وكُلنا عارفين إنه أد الأمانة.

عنود وقد افتر ثغرها عن إبتسامة حانية وقد جال الدمعُ في عينيها: وانا هفتقد أُمي الروحية، الحُضن اللي بيضمني وانا نايمة وبيستحمل مزاجيتي المُتقلبة. إدعي ليّ أكسب وأرجع فرحانة يا فيدو.

تأثرت بيسان بهما كثيرًا لتقرر الإنضمام إليهما حتى ألقت بنفسها بينهما ليضحكن سويًا لتردد بيسان بنبرة هادئة: إن شاء الله تعبك مش هيروح هدر يا عنقودة، ربنا مش بيحط الإنسان في مكانة إلا وعارف إنه قدها وهيوصل وكُلنا بندعي لك.

تنهدت مُنى بحرارة وقد ترقرقت عيناها بالدموع لتردف بنبرة مُتحشرجة متوجهة بحديثها إلى قُصي: خلي بالك منها يا قُصي؟!، أوعى تزعلها وإلا كُلنا هنزعل منك.
يامن وهو يهتف عاليًا بحزم: في أيه يا جماعة هو إحنا مجوزينها مصاص دماء، ماهي مراته وطبيعي هيخلي باله منها، وبعدين كفاية دراما بقى. ثم إن عنود وقُصي واكلين الجو وماحدش فكر يقولي مبروك يا عريس ولا خلي بالك من بيسان. دي تفرقة عُنصرية!

سالم بنبرة مازحة: وتخلي بالك منها ليه؟، هو إنت خيالك وِسع وأفتكرت انك هتتجوزها رسمي النهاردا وهتاخدها وتمشي!

يامن بإبتسامة مُستجدية: لو مافيهاش إساءة أدب يعني يا خالي!، ربنا يطعمك ما يحرمك يا سُلم ويسترك ما يفضحك!

أثارت كلماته ضحكاتهم جميعًا ليردف جمال بإبتسامة سعيدة: أصبر يا (يامن) شوية، براحة على سالم مش هناخدهم منه مرة واحدة. مش كفاية بيودع واحدة! وانتوا يا ولاد خدوا بالكم من بعض.
قُصي بإبتسامة هادئة: خير، إن شاء الله.

مُراد بنبرة مُتحشرجة وقد أوشك على البُكاء: هو أنا هفضل في ثانوية عامية دي كتير، مش هحب ولا هتجوز ولا هسافر دُبي! طيب ودوني حتى أهرامات الجيزة وانا مرضي!

مُنى بنبرة حانية وهي تطبع قُبلة على وجنته: خلاص فات الكتير وما بقى إلا القليل، شهر وكام يوم ونشوفك أحلى مُهندس وساعتها شاور وإحنا نوديك في أي حته.

إنتهى حديثهم مع العروسين وتوديعهم ليصطحبها قُصي إلى سيارته مُنطلقًا حيث الفُندق الذي سيقضيان فيه اليوم التالي قبل سفرهما إلى دُبي لحضور (العرض)، دلف الجميع إلى داخل القصر من جديد، فيما استأذن آسر والدها ثم اصطحبها لقضاء اليوم معه بحُجة أن هُنا حديث هام بشأن علاقتهما يود الحديث عنهُ...

جلس يامن بصُحبة زوجته على المقاعد الخشبية الموجودة بحديقة القصر، قام يامن بمُحاوطة كتفيها بذراعه حتى ضمها إليه وبنبرة حانية أردف: ها؟!، مبسوطة!

مطت بيسان شفتيها بحُزن طفولي وراحت ترفع أصابعه أمام مرأى عينيه مُباشرة مردفةً في هدوء: إزاي بقيت عروسة من غير دبلة!، ولابوكية ورد. وبعدين في لون الكرات اللي قولت لك تلبسه؟!

قالت جُملتها الأخيرة وهي تعتدل في جلستها تجدحه في حنقٍ وعينين يتطاير منهما الشرر، ليرفع هو أحد حاجبيه قائلًا بتوجس: أيه القلبه اللي من غير مُقدمات دي؟!، في الحقيقة يا بيسو أن مالقيتش عندي كرات لونها بمبي! وبعدين انا ما كُنتش مخطط ل كتب الكتاب. الحكاية جت كدا تساهيل من عند ربنا.

بيسان وهي ترمقهُ بعينين دامعتين: ماليش دعوة أنا عاوزة دبلة؟!، وبوكية ورد وبيتزا وأيس كريم انيليا وشيكولاته وعصير ميكس شيكولاته بردو وجولدن شويبس أناناس و...
يامن فاغرًا فاهه: مش عاوزة قصبة رجلي، تحلي بيها؟!

بيسان بنبرة حانقة: على فكرة بقى إبنك اللي عاوز الحاجات دي مش أنا.
يامن جاحظًا بعينيه: ابني مين؟، هتوديني في داهية!

رمقتهُ بيسان شزرًا ومن ثم رددت بنبرة حزينة: أوديك في داهية ليه؟، ما إنت جوزي.

يامن مؤيدًا إياها: أه صحيح انا جوزك، بس يا بيسو ماينفعش كدا إحنا كتب كتاب بس، وبعدين إنتِ لازم تقلدي أي جُملة بتتقال، قولي مثلًا لو ما أكلتنيش دلوقتي هسخسخ وأهي مقبولة بردو.

بيسان وهي ترمقهُ بإستغراب لتردف بتساؤل: يعني أيه هخسخس!

يامن وقد إنفجر ضاحكًا وبنبرة متفكهة قال: يعني بتاكلي خس كتير وتنتقمي مني وتبقي شبه الراجل الأخضر كدا وتطلعي ليّ بالليل تخوفيني.

بيسان بإقتناع لتعود تضع رأسها بين أحضانه، ضيق يامن عينيه بإستغراب من سهولة إقناعها وسلامها الداخلي ليردف بنبرة ثابتة وهو يهز رأسه عدة إيماءات خفيفة: ما شاء الله. إنتِ إقتنعتي باللي انا قولته، هي الرقة بتجيب هبل، ما قولتليش بقى بتحبي البيتزا تكون بأيه؟

قاد السيارة في حالة صمت داهمت الأجواء بينهما، لم يلتفت إليها مُطلقًا. ظل طوال الطريق يُمعن النظر في الطُرقات دون أن ينبس ببنت شفةٍ، أخذت تختلس إليه النظر بين الفينة والأُخرى، توترت كثيرًا وهي ترى تجهم وجهه ويجتاح قلبها خفقانًا قاسيًا عليها. تنهدت تنهيدًا ممدودًا بعُمقٍ ومن ثم أشاحت بوجهها عنه وقررت النظر من نافذة السيارة المُجاورة لها فقد إعتادت مُنذ طفولتها بأن توجه انتباهها كُله حيث اللافتات المُعلقة بالشوارع تقرأ ما دُون عليها بمرح طفولي طوال رحلتها، لاحظ قُصي إندماجها التام في اللافتات ليداهم ثغرهُ إبتسامة هادئة وهنا أردف بثبات: جوعتي؟!

لم تنتبه لحديثه ولم تسمعهُ مُطلقًا، ظل يُكرر حديثه إليها عدة مرات وفي الأخيرة رفع صوته عاليًا مُردفًا بصوتِ أجشٍ: عنود!

وأخيرًا تمكنت من سماعه لتلتفت إليه مُردفة بنبرة رقيقة وقد إمتزجت ملامح وجهها ببراءة قاتلة لتردف: نعم؟!
لم يكُن تساير الغضب عن وجهه سهلًا وبالأخص وأنه ظن بأنها تتجاهلهُ، شعر بذوبان قلبه قبل ملامحه التي هدأت للغاية ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة حانية مردفًا: بقولك جوعتي؟!
قطبت عنود ما بين حاجبيها تقطيبة مُريبة من تغيُر حاله في فترة قصيرة لتقول بهدوء: لأ، ميرسي.

أومأ قُصي برأسه في ثبات ومن ثم عاد ينظُر أمامه من جديد وقد باغتها بسؤال: كام واحد من طاقم العمل هيسافروا معانا العرض؟!

عنود بتلقائية شديدة: خمسة ومن ضمنهم إحنا الإتنين وصابرين.
قُصي بسؤال آخر قائلًا بثبات: وأيه أسامي االتانين؟!
قطبت عنود ما بين حاجبيها بإستغراب وبنبرة سادرة تابعت: تقريبًا ما تعرفش حد منهم، واحد من قسم التنفيذ والمُصمم المُساعد ليّا.
رفع قُصي كفه ليمسح على ذقنهِ بثبات ومن ثم أردف يسألها للمرة الثالثة وقد اثار إستغرابها لكونه شخصًا لا يهتم بهذه الأشياء أبدًا: أيه دا، إنتِ معاكِ مُصمم بيساعدك؟!

عنود وهي تهزّ رأسها إيجابًا: أه، كان بيشتغل معايا في شركة هانيا ولما طردته لجأ ليّ.
قُصي بثبات: جميل؟ اسمه أيه؟!
عنود بهدوء: شاهين.
تنحنح قُصي قليلًا قبل أن يُكرر الاسم مُجددًا بنبرة ثابتة وقد شرد لموقف ما في وقت سابق: شاهين!

فلاش باك، التصاميم في إيدي دلوقتي. هصورها لك وابعتها لك على البريد. ما تقلقيش انا عارف بعمل أيه؟!

أردف ذاك الشاب بنبرة متوترة قليلًا وهو يتحدث إلى شخص ما هاتفيًا، لم يكُن حديثه مُنكشف كثيرًا مع الطرف الأخر ليردد بنبرة حاسمة: أنا هقفل دلوقتي بقى، ونتقابل بالليل، سلام.

استوقفه الكلام وهو يقف أمام المصعد المُغلق بالطابق الأرضي لتصله هذه الكلمات الغامضة مع الموقف دون أن يقصد الإنصات إليها، أحس من هذا الحديث بشيء لا يُحمد عُقباه ولكنه لم يتصور أبدًا أن هذا الشاب يُدبر لأمر ما قد يصل إلى سرقة مجهودها. قام قُصي بفتح المصعد ومن ثم رمقهُ بنظرة جامدة توتر الشاب على أثرها وقد ظن بأنه سمع ما قاله. أحس قُصي ما يدور في ذهن الشاب ليقطع عنهُ الشك مُردفًا بثبات: نسيت تشغل الأسانسيري أيه!

الشاب مُتلعثمًا: شاهين يا باشا.
Back، وقف بالموتور أمامها مُباشرة، أمسك بالخوذة بين يده وبنبرة ثابتة أردف: جاهزة؟!
إلتقطت فداء منه الخوذة لتضعها تحت إبطها ومن ثم تنفست الصعداء قليلًا وراحت تردف بنفاذ صبرٍ: أولًا عاوزة أعرف إحنا رايحين نقايل فايز ليه؟ وإتعرفت عليه إمتى!

سارع آسر بإلتقاط الخوذة منها من جديد ليرفعها بكفيه ثم أدخل رأسها فيها وبنبرة ثابتة قال: قُصي عرفني عليه. ورايح أقابله علشان لأول مرة همارس الشُغلانة اللي المُجتمع وصمني بيها.
فداء بعينين جاحظتين ونبرة عالية: نعم؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة