قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني

يا وردات قلبي، اسمعن مواويلي. قد فقدتها وبكُن تُعازيني، لم تتركني وحدي في الدُنيا لجراحي تواسيني، ف طابت روحها (ملاكًا ) في أحلامي تناديني، أهواك أنت وحدُك وهُن ل حُبنا مُكملات. فكُن سندًا لهن وقريبًا نلتقي.

أراح ظهرهُ علي مسند المقعد الخشبي، ينظُر أمامه بشرود وهمّ، نسمات الهواء العليل تُداعب جفونه التائهه في تفاصيل (مُحبته المفقوده )، يتواجد حوله الكثير من الورود والزهرات الفواحة الناضجة. ولكنه لم يرَ ك نضوج إخضرار عينيها مثيلًا، فما كان منهُ إلا أن زفر زفرة مهمومة ونزل بعينية إلى صغيرته التي تجلس أرضًا وتضع رأسها علي قدميه تنظُر له كطفلة بريئه ما أن أحست بحُزن والدها حتى بدأت تستغل رقة ومحاسن وجهه لعقد الصُلح بينهما:.

بابي. علشان خاطري خلاص، صدقني كانت مُجرد فكرة هبلة. مش عاوزة أكون dancer خالص، بس وحيات ماما عندك، ما تشتكيها مننا علشان ما تزعلش مننا، مش إنت كدا قايل لي. انك لما بتقعد لوحدك في الجنينة بتبقي زعلان وبتتكلم إنت وهي!

افتر ثغره عن إبتسامة حانية، ليمسح علي خُصلات شعرها الأحمر القصير، كانت تنظُر له بوداعة فجّه، لم تكُن تتصنعها أبدًا، فهي تلك الرقيقة المُشاكسه التي مهما صنعت من الأفعال ما لا يليق بها، تفعله من دون درايه فقط كي لا يكون لأحد عليها من سلطة، أما هي فصاحبة نية صافية وقلب ألماسي ك شقيقاتها ووالدتها ولا ننسي قوة شخصيتها. لذلك دائمًا ما يُذكرانه بها، مازال تنظُر صوب عينية بإستفهام، كانت الإضاءة شديدة الخفوت، لا يظهر من ملامح (عنود) سوي عينيها الرماديتين تلمعان ببريقِ مُبهج، وهنا رفع أحد حاجبيه ليقول بإبتسامة صادقة:.

ما بعرفش أغلبك أبدًا، أقعدي بصيلي زيّ الحمل الوديع كدا، لحد ما أضعف قدامك وأصالحك!

عنود وهي تلتقط كفه ثم تُقبله بهُيام: بعشقك أوي بجد، وزعلك بيوجعني. كأن حد أخذ المانيكير والفساتين بتاعتي.
سالم بقهقه خفيفة: مانيكيرك وفساتينك مرة واحدة؟ ما قولتيليش مش ناوية ترجعي الشُغل في الشركة مع هانيا الرفاعي تاني؟!

لوت عنود شدقها بإمتعاض من ذكر هذا الاسم أعقبها إيماءة خفيفة رافضه لتقول بضيقِ:
مُستحيل يا بابي، هم اللي خسروني. غلطي من الاول اني ما أسست شركة لنفسي وقبلت أكون مصممة لشركتها تتحكم فيا زيّ ما هي عاوزة وياريتها بتوصل لنفس موديلاتي، بل بالعكس الموديلات من تصاميمها بتفضل في المخازن مش لاقية اللي يشتريها لحد ما بيبيعوها بأبخس الأسعار.

سالم وهو يوميء برأسه في تفهم: حقك حبيبتي، بإذن الله أنا معاكي في أي خُطوة هتاخديها. يوم ما تلاقي مُنصف للشركة (شريك) أو مبني رئيسي، الفلوس هتكون بين إيدك في الحال.

في تلك اللحظه نهضت عنود عن الأرض ومالت إليه تحتضنه في سعادة غامرة وهي تقول: ربنا يخليك ليّا يا بابتي، بحبك.
سالم وهو يحتضنها بحُب: وانا كمان يا سيدة قلبي.
إبتعدت (عنود) في الحال فيما أردف سالم بتساؤل: فاضل ساعة علي الماتش، أمال فين فيدو مش شايفها؟

استدارت عنود ناحية الجهه الأُخري، ومن ثم صوبت إصبعها السبابة ناحية إحدي الغرف (الغرفة المُخصصة لمساعدي الفتيات وهي حجرة مُنفصلة عن مبني القصر )، ومن ثم تابعت بضحكة مكتومة: هنا يا بابي.
سالم قاطبًا ما بين حاجبيه بإستغراب: بتعمل أيه في الأوضه هنا؟!

مطت عنود شفتيها للأمام قليلًا ثم رفعت كتفيها علامة التجاهل، سار سالم بخُطواته ناحية الغرفة وكذلك تبعته عنود، كان الباب مواربًا قليلًا حين استرق سالم السمع إلى داخل الغرفة فيما مالت عنود للأمام تنظُر من فتحة الباب، يارب نكسب يارب، لو كسبنا هجيب خروف وأدبحه ومش هأكل سالم منهُ علشان أهلاوي وبيفرح فيّا. لا لا، أنا أسفه يارب، ما هو أبويا بردو لازم نستحمله.

أردفت فداء بتلك الكلمات وهي تجلس القُرفصاء علي الفراش الصغير تمسك الريموت بين كفها وتستمع إلى أحد برامج الكورة (الإستديو التحليلي للمُباراة )، وهنا رفعت منديلًا ورقيًا إلى أنفها تمسحه وباليد الأُخري تمسك أحدي ثمرات الخيار تأكلها بنهمّ، وهنا قام سالم بفتح الباب علي غفلة، لتقول عنود بإشمئزاز: يع يا مُقرفة.

فداء بنظرة حانقة: جايين هنا ليه؟ وبعدين في أيه يا بت؟، هم اللي بينفوا بيكون فين يعني. هتعمليلي فيها بنت أثرياء. وأقسم بالله أمسك فستانك الجميل دا وأنف فيه.

هرولت عنود ناحية والدها تحتمي خلفه وبنبرة مُغتاظة تابعت
بنت أثرياء of course (طبعًا)، إنتِ اللي ألفاظك سوقية وشوارعية. مش معقول يا بابي دي تبقي أُختنا؟!

سالم بقهقه خفيفة: ركبي نظارة يا حبيبتي. لولا شعركم وإن بلاء بتلبس لبس رجالة كان من الصعب عليا أفرقكم، للأسف المرير هي أُختك.
تنحنحت فداء قليلًا لتسير بخُطي وئيدة ناحية والدها، يقف حائلًا بين الإثنتين فيما مالت فداء برأسها قليلًا علي جنب تنظُر إلى شقيقتها المُختبئه وبنبرة جامدة تابعت:.

لأ أنا أُختك يا فرولاية مُنحرفة إنتِ، ولولاش إن الراجل الطيب دهون واقف زيّ السد العالي بينّا كُنت أرأشتك بين سناني يا بتاعه بابي. مالها أبويا يعني، قالت لأ؟

عنود وهي تتشبث بوالدها ثم تشيح بوجهها بعيدًا: بابي. بلاء بتبحلق ليّ.
سالم بنبرة خبيثة: ما تبحلقيش لأختك يا بنت، إنتِ عارفة انها بتخاف. وبعدين كُل دا بسبب الماتش وإنكم هتخسروا زيّ كُل مرة، وبعدين بتعملي أيه في أوضه المُساعدين؟، بتستخبي من التحفيل ها؟

عبرت قسمات وجهها عن الإمتعاض، لتردف بنبرة ثابته ومفتخرة: إحنا بفضل الله ما بنخافش، وهنكسبكم يا سالم يا عامري وساعتها لن أرحم أحد وخاصة بنتك المُنحرفة دي.

ما أن أنهت جُملتها حتى رفعت ذراعها للأعلي قليلًا ثم صوبت ثمرة الخيار نحو شقيقتها حتى إصطدمت برأسها لتصرُخ عنود بتأوه وهنا هرولت (فداء) للخارج حتى لا يستطع والدها رد إعتبار شقيقتها لتقول وهي تهرول خارج باب القصر: انا بلاء العامري. أعمل اللي انا عاوزاه.

bonjour Monsieur yamen، ( صباح الخير، مستر يامن )
أردفت النادلة بتلك الكلمات وهي تضع الطعام إلى الطاولة دون أن يطلبه منها، فقد أصبح يامن معروفًا لدي مسؤلي الفندق والعاملين عليه لكثرة التردد إليه وأيضًا هو من ضمن مجموعة من الأطباء المصريين في مجالهم والذي لا غني عنهم من قِبل نقابة الأطباء ب (فرنسا). لإتقانهم مهمتهم والكد بها والسعي نحو النجاح الدائم ليُذاع صيته في أرجاء فرنسا كاملة...

نحا ببصره عن الجريدة بين يديها وراح ينظُر لها يرمقها بنظرة هادئة قائلًا وهو يطوي الجريدة ثم يُلقي بها أمامة: bonjour، comment ça va ellisa!
( صباح الخير، كيف حالك إليسا؟! )
الفتاة بنبرة ودودة فهو الطبيب القائم علي علاجها مُنذ أن كانت تُعاني آلام بقدميها وكذلك وحُزنها الشديد لأنها مازالت صغيرة للغاية والأمر جاء عندما تعرضت لحادثة: ça va bien docteur.
( بخير، دكتور ).

أومأ (يامن) برأسه إيجابًا وهو يري إبتسامتها الرقيقة تُنير وجهها ليفهم رغبتها في الإمتنان وسعادتها بعودتها إلى حياتها الطبيعية ليردف بتساؤل من بين إبتسامة شفتيه: prenezvous votre treatment régulièrement!
( هل تتناولين أدويتك بإنتظام؟! ).

أومأت الفتاة برأسها إيجابًا لتقول وهي تفرك كفها بالآخر وعينيها مازالت ترمقاه بسعادة وكأن نظراتها لا تنم عن حالة إمتنان فحسب ثم تُجيب بإبتسامة رقيقة: oui، je le fais.
(نعم أفعل ذلك ).
يامن بنفس إبتسامته: Je vous souhaite un prompt rètablisse ment.
( أتمني لكي الشفاء العاجل ).

تنحنحت الفتاة قليلًا لترمقه بنظرة مُطولة ومن ثم تستدير حتى غادرت الطاولة فيما إبتسم هو من جانب فمه وهو يتذكر حديث هذه الفتاة له عندما كانت تُخبره دائمًا أثناء جلسه العلاج، بأنها تعشق ملامحه الشرقية الفذّه وكثافة أهدابة ولحيته المُنمقه، هزّ رأسه بهدوء فهذه الفتاة لن تهدأ حتى تقولها صريحة ولكنه لن يقبل بهكذا شيء، ف قلبه ليس فارغًا. بل قلبه ليس مِلكه مُنذ أمد بعيد. يُحبها حد الجنون، ولكنها لم تُبادله يومًا هذا الشعور الخفي من قِبله. حزن كثيرًا عندما خُطبت لآخر، أحس بأن هدوئها الحالم ما هو إلا إطار خارجي فهي أقوي من مُجرد كلمة هدوء. فقد هزّت عرش قلبه مرتين، الأولي عندما أحبها فأحس وكأنه يُحلق عاليًا والثانية عندما فقدها وأصبحت لآخر، ولكنه مُنذ متي وكان يمتلها في الأصل؟!، مد يدهُ يلتقط هذا الدفتر الأسود حيثُ يأتي هنا كُل صباحِ يكتب لها وعنها ولا يري كتاباته سواه. فتح الدفتر بهدوء من مُنتصف أوراقه حيث خبأ صورة تجمعهما بين ثنايا هذا الدفتر، ابتلع غِصة في حلقة وهو يتذكر هذا اليوم، عندما أخذا صورة من كاميرا الهاتف الخاصة به (سيلفي) فكان وقتها في الثامنة عشرة من عُمره. أي مر وقت طويل لم يرها فيها، عشرة سنوات كاملة، ولكنه شديد الحُزن علي ما حل بها. كانت نيران الغيرة تأكل أحشائه حتى صار داخله رمادًا ولكنه لم يتمنَ يومًا بأن يُصيبها أذي، مسح علي ملامحها في الصورة بأطراف أصابعه وبنبرة تحترق شوقًا لها تابع:.

وحشتيني! كان نفسي تكوني حاسه إنك وحشتيني يا بيسان. بس مش مهم، قريب هشوفك ولهفتي تخف.

لا لا، إحنا التشكيله بتاعتنا جامدة، الحمدلله الفريق أخيرًا وقف علي حيله من جديد، أتمني المُدرب دا يفهم دماغ اللعيبه كويس ومكانهم الصحيح في الملعب، وبعدين يا سالم الكُورة مكسب وخُساره، خلي عندك روح رياضية وما تحلمش إن المكسب يكون لكم المرة دي.

أردف جمال الدمنهوري بتلك الكلمات في حماسة وهو يُحادث صديقه الحميم (سالم العامري )، فهما من نفس القرية. عندما غادرها سالم لتربية بناته في جو أهدأ فيما تمسك جمال ببقائه فيها وأصبحا رفيقا عمل كذلك، أطلق سالم قهقة عالية فكثيرًا ما يسمع هذا من فم صديقه، وفي كُل مرة يبقي الحال علي ما هو عليه وراح يقول:
يا جمال ما تدخلش بقلب جامد كدا يا صاحبي، دا كلام كُل مرة!

جمال بثقه: بقولك أيه، هنكسب إن شاء الله، قُضي الأمر الذي كُنتم فيه تستفتيان. إنت واخد راحتك في الكلام عن الفريق، شكل فداء مش جانبك؟

سالم بتأييد: لا، خرجت من نص ساعه بعد خناقة مع عنود وشكلها هتسمعه عند حد من صاحبتها، المهم قُصي عامل أيه دلوقتي؟

جمال بتنهيدة خفيفة: الحمدلله علي كل حال، بحاول آهله نفسيًا حتى إقترحت عليه يعمل شركة وهو قالي هيفكر. هو دلوقتي راح يسمع الماتش مع فايز علي القهوة. هرجع لك بعد الماتش بقي.

سالم بنبرة خبيثة: بس ما تقفلش الفون يا صاحبي!

عااااااا. شوط. شووووط، هييييه، ضربة جزااااء. ضربة جزاء يا قهوة.
أردفت فداء بتلك الكلمات وهي تجلس داخل إحدي القهاوي بحي المُعز. رمقها مُنير بنظرة مُغتاظة فهو أهلاوي صميم، ورغم إختلاف ميولهما، فهما أصدقاء عمل ورفاق ضرب بقوة، أخذت فداء تهزّ حاجبيها له وكأنها تثير حنقه حينما تابع بنبرة مُنفعلة قليلًا: ضربة جزاء في أول دقيقتين!، أه يا ولاد المحظوظه.

إلتفتت فداء من جديد ناحية شاشة التلفاز الكبيرة، لتجد نفسها تقف في مكانها تأهبًا لتسديد الهدف القادم وما أن شاطها اللاعب حتى صرخت بفرحة: جوووول. جوووول.
في تلك اللحظه إلتفت لها جميع من بالقهوة ويبدو علي وجوههم العبوس والحنق، أخذت تُثير حنقهم وهي تهتف بنبرة تُخفض رويدًا رويدًا: جول، جووول. وجبنا جول.

وهنا سمعت صوت أحدهم يهتف بنبرة غاضبة متوجهًا بالحديث إليها: هي دي أثار حرمان ولا أيه يا حلوة؟، وبعدين إنتِ أيه مقعدك علي قهوة تتابعي الماتش؟

إلتفتت لهُ فداء تجدحه بنظرة صارمة وهي ترفع أحد حاجبيها وبنبرة جامدة تابعت: الحلوة دي تبقي ماما يا حيلتها. وبعدين هو مكتوب علي القهوة (للرجال فقط)؟

نهض فايز من مكانه مُتجهًا ناحيتها، ليأتي صاحب القهوة علي الفور وبنبرة عالية بعض الشيء قال: بس يا أُستاذ. دي فداء هانم، من زباين المكان وصاحبه فكرة الوايت نايتس للبنات، والقهوة تتشرف بيها في أي وقت.

فايز وهو يذم شفتيه بإستهزاء: هأ!، فكرة الوايت نايتس للبنات! إنتِ أخرك عن الكورة إنها مدورة يا قُطة؟

بدأت فداء في فك الشال الفلسطيني الموضوع حول رقبتها بشكلِ دائم وبنبرة ثابتة تابعت وهي تقترب أكثر منهُ: عندك حق، تعرف إنت بقي الهجمات المُرتدة؟

وما أن إنتهت من جُملتها تلك حتى لكمته علي وجهه بغيظِ، كان قُصي يُتابع الحوار بإبتسامة ضاحكة، لم تأتي لهُ فرصة وأن يُقابل فتاة تهوي الكورة هكذا، وما أن وجد شقيقه يرتد للخلف حتى جحظت عيناه بذهول وهرول إليه ليهتف بها بصوتِ أجشٍ: بت. أيه الهبل اللي بتعمليه دا؟، بتضربي الراجل يا جحودك؟
مال قُصي علي صديقه يعاونه علي النهوض وهنا تابع فايز بصوتِ خفيض: قولها إن أنا ضابط وخوفها يا عم؟

إلتف الجميع حولهم، شعرت بالإمتعاض من إنشغالها عن المُباراة، لتهتف بنبرة عالية قائله: ما خلاص يا عم إنت وهو، كُل واحد يقعد في حاله، تموتوا في المصايب إنتوا.
مُنير وقد صدرت منه ضحكة عالية قائلًا: معلش يا أُستاذ. أيه رأيك في الهجمة المُرتدة، دي ولا أحلي من اللي في الماتشات.

فايز بنبرة جامدة: أنا مش عاوز أمد إيدي عليكي علشان إنتِ بنت.

إنتهي فايز من قول كلماته تلك ليصرخ المُعلق مُعلنًا عن مجيء هدف آخر لنادي الزمالك، أخذت تهتف بفرحة وتفرد ذراعيها في الهواء ثم تُحركهما يمينًا ويسارًا تضرب كُل من تلقاه بوجهها، لينل (مُنير ) من الضربات ما يكفيه ل سنه قادمة، رمقها كُلًا من قُصي وفايز نظرات مذهولة ليتابع فايز بنبرة خفيضة خشية من أن تسمعه: يما!، دي حُرمه صعرانه. اسندني يا عم أقعد بعيد عنها.

قُصي بضحكة عريضة: فرحان فيك. علشان أهلاوي، خايف من البت يا حظابط؟!
فايز بغيظِ: يا عم مش خايف ولا منيل، يعني أضربها مثلًا. أفرد طلعتلي موس من بؤها، أفرح أنا!

قادهُ قُصي حتى المقاعد البعيده عنها، أخذت تنفعل مع الأجواء تهتف جزعًا وتُحفز اللعيبه، راقبها قُصي بين الحين والآخر ليقول من بصوتِ خفيض: البت دي شكلها رد سجون يا فايز، دي البت علمت عليك. ولا أحلي هجمه مُرتده. كان لازم تتفذلك عليها وتحسسها إنك هتعلم عليها، أهي علمت عليك يا كبير. إحمد ربنا إن ما حدش يعرف إنك ظابط.

جدحه فايز بنظرات حانقة ليلتفت ناحية (فداء)، يرمقها بنظرات مُتوعدة وما أن لاحظت هي ذلك حتى برقت له ليعود يلتفت أمامه من جديد وبنبرة خافتة تابع: يا بنت المجنونة.
قُصي وهو ينظُر لها بإعجاب: هي مجنونه، بس مُزة يا صاحبي.

يا تري بو، هترجع لبيتها تاني؟، أهيء أهيء، أنا زعلانه عليها.
أردفت (بيسان) بتلك الكلمات وهي تنظُر إلى شاشة التلفاز بتأثر، رمقتها عنود بنظرة حانية. ف بيسان معشوقة شقيقاتها، في حين تابعت بيسان من جديد: السلحفاه دي عاوزة تموتها، بس أكيد شلبي هينقذها.

تركت عنود القلم من يدها لتضع الدفتر جانبًا، حيث كانت تُشغل وقت فراغها ببعض التصاميم خاصةً بعد مُغادرتها لعملها. مدت ذراعها تحتضن شقيقتها المُمددة في الفراش وبنبرة هادئه بعدما ضيقت عينيها تنظُر للتلفاز تابعت: دي مش سلحفاه. دا تعبان صغنن.
بيسان وقد قطبت ما بين حاجبيها إعتراضًا: لأ طبعًا. التعبان جسمه طويل عن كدا، مش إنتِ شوفتيه في ( ناشيونال جيوجرافيك)؟

عنود بتذكُر: تصدقي عندك حق، أمال أيه دا؟
مطت بيسان شفتيها وكأنها لم تصل إلى الجواب بعد وسرعان ما نحت ببصرها ناحية شقيقتها ثم أردفت بسعادة: فيدو شكلها مش هتختار الفستان معايا. يبقي إنتِ يا معالي المصممة البارعة أكيد هتساعديني في إختياره.

عنود بإبتسامة حانية: فستان أيه دا؟
بيسان بلهفة وقد تهللت أسارير وجهها: إبراهيم قرر يخرجني لأني وحشته، وطبعًا عاوزة أكون أجمل بنت في عينه.
تسايرت السعادة عن وجه عنود، إبتلعت غصة في حلقها تنظُر إلى شقيقتها بشفقة وإختناقِ فيما تابعت بيسان بإستغراب: ها، هتختارية معايا؟
قامت عنود بتقريب رأس شقيقتها منها ثم إحتضنتها وسالت قطرات دموع من عينيها وهي تتنهد بقوة قائله: من عيوني.

مش معقول كمية السعادة دي. إنت ناسي إن لسه في شوط تاني ولا أيه؟!
قالها سالم وهو يمسك بالريموت بين كفه، يُخفض من الصوت قليلًا في حين تابع جمال بسعادة غامرة: خلاص النتيجة إتحسمت، الشوط التاني اللي بتتكلم عنه دا، مش هيفرق معانا في أي حاجة.

سالم بنبرة ضاحكة: الا بصحيح، انت كُنت بتقول إن قُصي عاوز يدخل في إدارة الأعمال ويعمل شركة. طيب ما أنا عندي فكرة كويسة جدًا!

لم يتسني لصديقة السؤال عن هذه الفكرة حينما دلفت مُني لداخل حجرة المكتب، تنتحب في فزعِ وبنبرة باكية تابعت: إلحق يا سالم. فداء إتخانقت مع شباب كانوا بيعاكسوها، وهي دلوقتي في القسم!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة