قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رواية جميلتي الصهباء للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

الماضي يؤرقنا ف تارة تهفو النفس لهُ وأخري تزدرده، أما هي فلربما أخذت من ماضيها تجربة لتكن بحاضر أقوى، ففي طيات الانتكاسة ربما توجد استفاقه من جديد ولكن لا بأس ببعض التغيير حينما يكون في صالح المُعادلة.

صدح صوت شُكري بقهقه ساخره، مد ذراعه ناحيه (آسر) ليربت علي كفه بثبات وصوت أجش: تخلص مني؟ ومين قالك إن مش انا اللي هخلص عليك الأول!
أزاح آسر كفه بقوة وتنافس ليجابهه بنظرات حادة قائلًا: جميل أوي. واللي يرجع في كلامه يبقي عيل!، بس إنت ما كذبتش عليا في النقطة دي بس. البنت دي بتاخد حقها منك ل سبب تاني أنا مش عارفه. بس يا خبر بفلوس بكرا يبقي ببلاش. بس ساعتها عداد اللعب هيجري.

وهنا رفع إصبعه السبابة مُشيرًا به إلى جانب رأسه قائلًا: دي بنت يا مذيع الملايين!، يعني آسر ما يكسبش بطولة علي شرف (بنت).

إشتدت حدة عينيه وهو يجدحه بنظرة ثابتة فيما زاغ الآخر بنظره للبعيد، ليبتعد آسر عنهُ ومن ثم يستدير مغادرا...

أحم أحم. شكرًا يا مدام ناهد، أدينا الغرض بيهم ورجعنا العهده.
أردفت فداء بتلك الكلمات وهي تضع مُعدات الطهي على الطاوله التي تتوسط غرفة إعداد الطعام، كتمت ناهد ضحكتها داخلها ثم أردفت بإبتسامة هادئه: تقريبًا كدا. ما أفادتكيش جامد!
في تلك اللحظه استدارت فداء بجسدها ناحية المبرد (الثلاجة) ثم فتحت بابه وهي تقول بنبرة ثابته للغايه: يعني إصابه خفيفه كدا، الحج بس هزار تقيل حبتين.

استأنفت حديثها وهي تلتقط بين كفيها مجموعة من البيض لتتجه بهم إلى الموقد، قامت بإلتقاط طاسه من الرخام ووضعتها علي نار الموقد وهنا دلفت مني هي الأخرى، قطبت ما بين حاجبيها في استغراب لتردف: فداء؟ بتعملي أيه في المطبخ!، دا حدث نسجله في التاريخ.
رفعت فداء أحد كتفيها بتفاخر، لتمسك بيضتين بين كفيها وبنبرة هائمه تابعت: بعمل فطار علشان هاخده لحد عزيز عليا ونفطر سوا.

رفعت مني أحد حاجبيها، نظرت إلى ناهد والتي بادلتها نفس النظرة التساؤلية، إقتربت فداء من الموقد ومن ثم قامت بضرب البيضتين ببعضهما حتى أصدرتا طقطقه خفيفة اسرعت بتقريب كفيها إلى الطاسة بانتصار ليسقط ما بداخلهما علي سطح الموقد، فغرت فداء فاهها بصدمة وشدوه ومن ثم رفعت بصرها إلى الاثنتين وبضحكة متوتره تابعت: إتدلقت؟ غصب عني طبعًا. هطلع غيرها ومش هتقع ما هو بردو لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين.

مني بنبرة مازالت الصدمة تختلجها: أعمله لك أنا يا حبيبتي؟
فداء وهي تلتقط بيضتين من جديد وبنبرة مُصره تابعت: ماينفعش! لازم أعمل الأكل دا بإيدي.

أعادت صدم البيضتين ببعضهما من جديد، وهي تقرب كفيها من الطاسة بشدة وما أن فعلتها حتى سقط البيض بقشرته، صفقت بفرحة لتهتف قائله: واو. أخيرًا ما وقعوش علي الأرض. عفارم عليكِ يا فيدو يا عسل.
قامت ناهد بوضع كفها علي فمها، إكتسحت خلجات وجهها الصدمة لتقترب من الموقد وكذلك فعلت مُني. جدحتا ما بداخل الطاسة بشدوه لتقول مني بتلعثم:
إنتِ واثقه إن الشخص اللي هتودي له الفطار دا عزيز عليكِ؟!

فداء وهي تنظر لوجهيهما المصدومين في غيظ لتردف: ما في أيه يا وليه انتِ وهي!، مش مقدرين اني ما بعرفش أطبخ كدا خالص!

مني وهي تُشير بإصبعها ناحية الطاسة: بس الاومليت بقشره؟!
إنكمشت قسمات وجهها بتقطيبه متحيره لتحك خُصلات شعرها وتردف بنبرة شك: هو مش بيتعمل بالقشر صح؟
الإثنتان تومأن في آن واحد وقد أردفتا بنفي: لأ.
فداء بنبرة صارخة: وانا أيش دراني، أمال انتوا دوركم أيه هنا؟ مش علشان ترشدوني! ستات أخر زمن. وسعي يا ست انتِ وهي وخلوني أشوف هعمل ايه تاني جنب البيض. يلا ما فيهاش شوية مِش حتي!

مني باسبهلال: مِش؟

تيجي نعدهم؟!
قال جُملته تلك وهو يقف خلفها فيما ظلهُ يسبقه للأمام، طالعته هي بنبرة مُتسائلة ومن ثم تابعت بتساؤل وضحكة خفيفة: نعد أيه بالظبط؟
إقترب أكثر منها حتى وقف بمُحاذاتها، نحا ببصره صوب السماء ومن ثم تابع بتنهيدة حارة: نعد النجوم، أصلي شايفك مركزة في السما أوي!
رمقتهُ بنظرة طفولية فذّه وكأنها تؤمن علي فكرته، بادلها بإبتسامة عابثة لتقول هي بنصف عين: أتمني الضحكة دي ما يكونش وراها حاجه!

افتر ثغرهُ عن إبتسامة عريضة ليرفع كفه يمسح به علي خصلات شعرها ويقول وهو يلتفت حول نفسه: لا خالص مش بتريق.
هي وقد ذمت شفتيها غيظًا: شوف بقي، أهو إعترفت بنفسك.
تغيّرت معالم وجهه مُتصنعًا الجديه في حديثة، ليقترب منها بهدوء حتى وقف علي بُعد سنتيمترات قليله خلف مقعدها ثم امسك ذراعها ورفعه عاليًا، قائلًا: ها! يالا بقي نعد.

انصاعت هي ل فكرته، بدأ إصبعها السبابة ينتقل بين النجمات التي أضاءت السماء من حولها. تُسارع في إحصائهم وكأنها في سباق وجب الفوز به، قرّب وجهه ناحية أذنها قليلًا يُتابع حركة اهدابها وضيقها من فشل العد في كُل محاولة، بينما هي مُنشغله بما تفعله كان هو يتأمل ( حُسن ابداع الخالق في خلقه )، ليقول بنبرة حالمة:.

حي علي الجمال. سُبحان من زرع في السماء نجومًا ومُكملات لها بالأرض، نجوم تضيء السماء. وأُخريات يُضيئن قلب العبد حتى يشتعل، فلا ينطفيء المرء بوجودهن، فيسود الحُب ولم يعُد. مُجرد خيال...

انتبهت لنبراته الساخنة التي تلتفح أذنيها، أخفضت أصابعها بهدوء صاف ومن ثم رفعت بصرها ترمقه من علي جانبها الأيمن قائله: حلو أوي الشعر دا يا (يامن). إنت بتعرف تقول شعر؟
استدار يامن حتى وقف امامها مُباشرةً، إلتقط كفها ثم رفعه إلى فمه يلثمه بحنو وهُيام ليردف: حلو علشان مُلهمته انتِ. يعني بكتب علي قدي.
بيسان بنبرة فرحة: أنا بجد بحبك أوي يا يامن، دايمًا بتخاف علينا وبتساعدني أمشي من تاني.

تسارعت دقات قلبه علي أثر كلماتها، أغمض عينيه يتذوق احساس الكلمه منها فيما تابعت هي بنبرة هادئه: إبراهيم سافر وهيرجع يوم عيد ميلادي ولازم أعرفك عليه. أنا بعشقه وهو حنين عليا زيك. بس بنتخانق كتير ولكن أنا مش بزعل منهُ.

كبا لون وجهه للصُفرة الباهته، تسايرت معالم البهجة عن وجهه ليفلت كفها من بين راحتهُ وبإختناق مُفجع تابع: إبراهيم؟
قال كلمته هذه وهو يُكور قبضة يدهُ في إنهيار داخلي رغم الثبات الجسدي له، مشى بخُطواته بعيدًا عنها لتردف بنبرة مستغربة: يامن إنت رايح فين؟، مش هنكمل التدريب
إلتفت بوجهه إليها وبنبرة فاتره تابع: كفاية كدا النهاردا. هروح أشوف خالي، علشان وصله ضيف من شوية وشكله كان متضايق من وجوده.

إنتهي من حديثها ليستكمل سيره، لم يتسنى لها فرصة الرد ليهتف هو بصوتِ أجشٍ: نور! نووووور؟
جاء الفتى مُهرولًا ليقف أمامه مُباشرةً فيما أردف يامن بثبات: خُد آنسه بيسان علي أوضتها.

علي الجانب الآخر ، وأدي الشيك بالمبلغ المُتفق عليه. ياريت ما تحاولش تتعرض للبنت أو أهلها تاني، وبكفاياك تقلل من سنك يا حج سعفان، هتتحاسب علي كُل واحده انتهكت براءتها علشان تعملك لُجمه؟!

أردف سالم بنبرة ذات مغزى وكأنه يخاطب الجانب الانساني به، فيما جدحه العجوز بمتعاض ليلتقط المبلغ المُدون علي الورقة منهُ، يقرأه من جديد بثبات وراح يقول بنبرة حاده:
ما جولتلك جبل سابج. انا ما بضربش حد علي إيده. وفي إيديهم يرفضوا!
في تلك اللحظه قام يامن بفتح باب الغرفة وبنبرة ثابتة تابع: خالي، تحتاج حاجه؟

اومأ سالم برأسه إيجابًا ومن ثم نحا ببصره إلى العجوز الذي مازال جالسًا علي المقعد ليردف بنبرة ثابتة: نورتنا يا حج سعفان.
تنحنح سعفان بتثاقلِ من شدة السمنه التي تُحاوط جذعه العلوي، وقف مُستندًا إلى المقعد ومن ثم استأذن للذهاب، قام يامن بإغلاق الباب من بعده علي الفور وبنبرة متسائله تابع: مين الراجل الغريب دا؟

تنهد سالم بعُمق ومن ثم اخرج زفيرًا ساخنًا وأردف بهمّ: أهو أبو قردان دا. مش وراه غير جواز القاصرات، العزبه كُلها علي نفس الوتيره والموضوع كتر وبقيت حاجه تقرف.

ظهر الامتعاض والتقزز علي مُحياه ليجلس إلى المقعد المقابل ل خاله وبنبرة يخالطها الحيّرة تابع: وفين الناس دي من القانون؟
سالم بنبرة هادئه: يابني الناس دي غلابه مش وش بهدله. هم بس محتاجين توعية تجاه المواضيع الحساسة اللي زيّ دي وانا مُتأكد انهم هيستجيبوا.
يامن بتفهم: طيب ما جميل. حضرتك ممكن تكون فريق توعية للقرية دي بقيادة (فداء)، دي صحفية والتوعية جُزء لا يتجزأ من شُغلها.

سالم برفض قاطع: مين ياخويا؟، فداء!، دي مش بعيد تعلق للرجاله حبل المشنقة وتعدم لها كُل يوم اد سته كدا. قال توعيه قال.

يامن بضحكة خفيفة: صدقني فداء تقدر تعمل دا، وفكر في الموضوع تاني بتأنِ.
هزّ سالم رأسه هزة خفيفة، تنحنح قليلًا في ثبات قبل أن يردف بحزم حاسمًا لأمره: طيب انا كُنت عاوزك في موضوع تاني بخصوص بيسان؟!
ركز يامن انتباهه ناحية حديث خاله بكُل جوارحه، فكُل ما يخصها يقع تحت طائل مسؤليته، جلت علي ملامحه علامات التساؤل ليردف بقلقِ: مالها بيسان؟

سالم بنبرة مُختنقه: انت عارف طبعًا يابني ظروف بيسان. من ساعة الحادثة وموت إبراهيم خطيبها الله يرحمه وهي بتتوهم بوجوده، أنا يابني كبرت في السن وخايف يصحوا يوم من غير ما أكون جنبهم. ملاك اللي يرحمها سابت ليّ مسؤليه كبيره أوي، بس أنا لما بشوفهم فرحانين بحس إن هم وغُلب الدنيا كله يهون علشانهم. انا نفسي أسترهم وأفرح بيهم وبالأخص بيسان. البنت دي مش هتعرف تكمل لو مُت.

يامن بلوم ونبرة ثائره: بعيد الشر عنك، ربنا يبارك لك فيهم. وتشوفهم بالفساتين البيضا وتشيل أولادهم كمان.

سالم بنبرة أكثر همًا: يابني دي أقدار أكبر مني ومنك، الدكتور اللي بيتابع حالتها النفسية قالي إنها لازم تعيش مشاعر جديده عليها وتكون أقوى من اللي عاشتها علشان تنسى الماضي. انا محتاجك تكون جنبها لحد ما تفوق من صدمتها. مش عاوزك تمثل عليها الحُب او كُل الكلام دا، أنا بس عاوزك تهتم بيها أكتر تحاول ترجعها ل عالمنا تاني. وأكون مشكور لك أوي.

ابتلع يامن غصة في حلقه ليرفع بصره إليه وبنبرة ثابتة تابع: وأمثل ليه؟ ما أنا بحبها فعلًا؟!

المكان جميل، لأ دا لُقطة بجد و attractive جدًا. (جذاب)
أردفت عنود بتلك الكلمات في سعادة غامرة، حيث وقفت في شرفة المكتب الكبيرة تتأمل المنظر الطبيعي امامها. وقف هو الآخر شاردًا ليقول بثبات:
اليلا دي اللي عيشت واتربيت فيها مع أُمي، ولما ماتت فضلت مهجورة مش بيدخلها حد ولا حتى أنا. كُل دقيقه بكون فيها هنا بفتكرها وانا مش عاوز أفتكر.

نحت عنود ببصرها إليه ليفتر ثغرها عن إبتسامة مُتحيّره لتقول بإستغراب وافر: في حد بيبعد عن أي ذكرى له مع والدته؟
قُصي بنبرة جامده: أه انا.

لوت عنود شدقها بإمتعاض واستغراب مما يقوله، ظل شارد الخُلد في البعيد، استشعرت صلابة شخصيته بعيدًا عن الجانب المرح به ولكنه ما أن يُزرع داخل بؤرة الجدية تجدهُ صلب التعامل بل قاس، أخذت ترمقهُ بنظرات فضولية، مالت برأسها جانبًا حتى تتمكن من رؤية ملامحه الغامضه عليها. يمتلك أهداب كثيفة يُحركهم بفتور زادته لحيته غموضًا. سرحت قليلًا في ملامحه الصغيره المنحوته علي بشرة داكنه، فلأول مره يُقابلها هكذا وجه يتأرجح بين القوة والمُزاح وعلي غُرة منها إلتفت يرمقها بنظرة ثابتة قائلًا: شكلي عاجبك؟

شهقت عنود بصوت مكتوم، استقامت في وقفتها تتنفس الصعداء وبنبرة جامدة تابعت: انت سرحت فجأه. وبعد ما كُنت بتضحك، كشرت! ف انا استغربت والفضول خدني.

افتر ثغرهُ عن إبتسامة هادئه ليقول بثبات: لا يا شيخة؟
عنود بنظرة مستنكره، تسخر من تفكيره بها: اه والله تخيل؟ وبعدين ربنا أذن بأنها تسيب عالمنا، أقرأ لها الفاتحه ولا خُد لها بوكيه ورد وحطه علي قبرها، اكيد هي كمان محتاجه دعوة منك.

أطلق قهقة عالية علي حديثها، سار صوب باب الحجرة وبنبرة ساخرة تابع: لا أُمي ماتت في عيني وقلبي. لكن هي لسه بتتنفس ولسه في عالمنا.
رمقتهُ عنود بعينين جاحظتين لتردف بإمتعاض: انت غريب اوي علي فكره ومش فاهماك؟
ما خلاص بقى! كلمه زيادة وهتخرجي برا المكان دا. ولا مشروع ولا غيره.

تقلصت عضلات وجهها امتعاضًا بشكل لا إرادي، ذأبت في سيرها حتى تخطته وهمّت ان تترجل خارج الحجره ليقبض علي ذراعها قائلًا بثبات: مش قاصد. ما تزعليش. يالا نشوف الجنينة علشان هتكون المكان اللي هنعرض فيه شغلنا.
رجعت بجسدها للخلف ومن ثم أسرعت تحرر ذراعها من بين قبضته لتردف بتحذير: انت فاكر نفسك مين يا بتاع انت؟ كُل شويه هلغي الاتفاق! هو شغل عيال وبعدين انت مين إداك الحق تلمسني كدا؟

قُصي وهو ينظُر لها بعينين جامدتين: يعني معاليكِ شريفه؟ وعُمر ما حد مسك إيدك؟!

حدقت إليه بنظرة مصدومه. تتحسس باب الحجره بذراعها ومازالت تنظُر له. لم تستعب بعد كلماته التي التهمت أذنيها بقوة لتقول بنبرة احتقارية: إنت مريض؟ مش ممكن تكون بني آدم طبيعي!

أنهت حديثها ومن ثم استدارت لتغادر المكان بأكمله. علي نية بإلغاء كُل ما تتوق نفسها لتحقيقه، ولكن فليذهب كُل شيء للجحيم ان كانت ستتعامل مع هكذا نوعية. ابتلعت غصة في حلقها وهي تنظُر إلى حلمها الذي وقع صريعًا في نفس الحظة التي وُلد بها.

جلست إلى الكنبه الخشبية الموضوعة امام منزله، تتأرجح قدماها التي لم تطيلا الأرض، إمتعق وجهها حُزنًا وهي تجد الوقت يمر عليها وهو لم يأت حتى الآن، أخذت تجوب ببصرها بين الرجال الذين يتنقلون حول منزله بثبات حاملين سلاحًا، ولكنها أصبحت ضمن رواد المكان ولا يستطع أحد التعرض لها بأمر منه. في تلك اللحظه ترجلت هذه الفتاه خارج المنزل والتي رددت بعنجهية قاطعه تنظُر لها شزرًا:.

هو انتِ هتفضلي قاعده كدا؟ قولت لك مش هييجي دلوقتي. عدى اربع ساعات ومافيش جديد
رمقتها فداء بنظرة حانقة، لتنظُر صوب الطريق الذي سيأتي منه لتقول بنبرة واثقه: بقولك أيه يا اسمك أيه انتِ؟، انا مش قاعده قُدام بيتك وأخفي من وشي بقى. أنا أصلًا ياختي مش عارفه انتِ بتعملي أيه مع شاب أعزب في بيت واحد؟

الفتاة وهي تقف امامها ثم عقدت ذراعيها أمام صدرها تردف ببرود: اسمي نجوى، ومين انا بنت خالته وهو اللي مربيني من صُغري ومش عايشين لوحدنا بس، دي المربيه بتاعتي موجوده والخدم. وكمان هكون مراته قُريب.

لوت فداء شدقها بغيظ، أشاحت بوجهها بعيدًا للجهة الأخري لتجده قادم من بعيد، تهللت أسارير وجهها فرحة وقد نست ما قالته الفتاه منذ وقت قليل، وضع كفيه في جيبي بنطاله، حيث شرد أثناء سيرهُ تأخذه قدماه إلى المنزل. أخذ قلبها يصدر اضطرابًا ثائرًا ما أن رأتهُ، تضحك ببلاهة لتتفحص ملامحهُ الشارده بهُيام منها. فلم تتخيل لحظة بأنها من هؤلاء اللواتي تتخبط قلوبهن من فرط العشق، ولكنها وجدت به ذاك الغامض. بل الشرس الحنون، فأكثر ما تعشقه رؤيه إبتسامته التي ينتج عنها بروز طابع الحُسن بذقنه. هو صاحب لحية صفراء داكنه ك لون شعره وتتميز عينية بلونها الأسود الحاد كعيون صقر واثق...

خرج من شروده علي صوتها وهي تصرخ بجانب أذنيه في مرح: ماسوره!
انتبه لها ليجدحها بعينين مشدوهتين من وجودها وخاصةً بعد الشد والجذب في بيتها، استكمل سيرهُ حيث المقاعد وما أن جلس حتى ردد بثبات وصوت غليظ: انتِ أيه اللي جابك هنا؟

جلست فداء إلى جانبه. لتكشف عن الطعام الموضوع علي الطاولة الخشبية امامها وبنبرة ثابتة اردفت: اصل انا بصراحة قولت أجي أصالحك علي اللي حصل أمبارح. وعملت لك فطار بإيدي، لأ وأيه عديت علي الوليه أم شريف صاحبتي وجبت لك من عندها طبق مِش بس موحوح.

أسبلت جفونه وكذلك ارتخت القسمات القابعة علي جبينه ليقول وهو ينظُر للطعام: أُم شريف وموحوح؟
ضمت كفيها علي بعضهما في خجل لتقترب وهي جالسة منه أكثر وبنبرة أُنثوية تابعت: شهتاكل معايا؟ يرضيك أزحل؟
آسر وهو يرمقها بنصف عين: شهاكل وتزحلي؟ أمال فين بلاء!
فداء وهي ترمقه بحنق لتعتدل في جلستها قائله بغيظ: يؤ! يعني هتاكل معايا ولا أخد أكلي وأمشي؟

في تلك اللحظه قطع حديثها صوت نجوي التي رددت بغيظِ وحدة: مين دي يا آسر، هي هتفضل تتلقح كُل يوم علينا كدا؟
وقبل ان يتسنى له الحديث وجدها تقف في مكانها وبنبرة حانقة تهتف: ما في أيه يا حلوة؟ دي حتى النجوى من الشيطان. إتكلي علي الله وانتِ شبه دودة المِش كدا.

آسر وهو يهتف بنبرة حادة: خلاص انتوا الاتنين، روحي يا نجوى إعملي لنا شاي ونبقى نتكلم بعدين.
نجوى وهي تتابع علي مضض: ماشي يا حبيبي.
فداء وهي تتابع بنبرة خفيضة: حبك بُرص وبقيت شبهه وامشي أضربك بالشبشب وأخد حسنات.
آسر بنصف عين مُرددًا: بتقولي حاجه؟
اومأت فداء برأسها سلبًا، ومن ثم طفقت تلتقط لُقيمات صغيرة من الطعام تلتهمها بنهم فقد انتظرته لوقت طويل، صلب نظراته بها للحظات ومن ثم أردف بنبرة ثابتة:.

شكُري نجيب أذاكي بأيه تاني؟، غير أنه حاول يعتدي عليكِ!
كحت بطريقة حاده أثناء تناولها للطعام ما أن باغتها بهذا السؤال، إلتفتت ببصرها إليه وبنبرة مُتلعثمة تابعت: ولا أي حاجة تاني، هو دا الموضوع بس.
ضغط آسر علي عينيه بقوة وكأنه يكظم غيظه ناحيه كذبها الذي جلىّ بوضوح في نبرتها ليهتف بنبرة أكثر جمودًا: لو عاوزه يكون بينّا صداقة. لازم تأمنيني علي سرك، ماينفعش يكون في بينا أسرار.

عادت بظهرها للوراء قليلًا بعد أن تركت الطعام من بين كفها، حاولت الهرب من زاوية عينيه الحادتين فيما هتف يستعجلها الإجابة: أيه سرك اللي ماحدش يعرفه لحد دلوقتي؟
تلألأت الدموع في عينيها، ابتلعت ريقها بصعوبة لترفع عينيها إليه وبنبرة ثابتة أو ربما مهزوزة قليلًا تابعت:.

لفق ليّ قضية تسريب معلومات عن مجلس الوزرا. ودخلت السجن سنه. ماحدش يعرف أنه السبب بس لحظة ما حاول يعتدي عليا، إعترف بكُل الحقيقة. كان فاكر أنه هيقتلني وسرهُ هيموت معايا. بس ماكانش يعرف ان السجن اللي رماني فيه علمني إزاي أحمي نفسي من أمثاله،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة