رواية تحت جنح الظلام الجزء الثاني للكاتبة أسماء صلاح الفصل السابع
عندما جاءت ناهد، خرجت روانا و مرام من الغرفة، ابتسمت ديمة و قالت:
-كنت خايفه متجيش
ابتسمت ناهد بحزن مش كفايه ابوكي خدك مني كمان تيام هيخدك و مش هعرف اشوفك تاني
ديمة باستغراب:
-ليه بتقولي كدا؟
-عشان اللي عايز يتجوزك دا هددني بأنه هيدمر سمعتي بيكي و انا عشان كدا وافقت مش هينفع أفرط فيكي، مستقبلك أهم حاجه عندي...
ديمة بعدم استيعاب:
-لا تيام مستحيل يعمل كدا.
ناهد بسخرية:
-ثقة فارغة، شوفتي ابوكي عمل اي زمان خدك مني و رماكي لعمتك و تيام هخدك و يرميكي و هيتجوز خطيبته
لم تتحمل ديمة ما تتفوه به والدتها فحتى اذنيها لا تتقبل سماع ذلك و قالت:
-لا هو مش هيعمل كدا
-هتشوفي أن كلامي صح و بعدين انتي سايبه حاتم الراجل المحترم و بتحبي الزبالة دا فوقي يا ديمة لأنك بجوازك منه هتبقى بتدمري نفسك.
فركت يداها بتوتر قوي و ذهبت لتخرج من الغرفة مسرعة، ابتسمت ناهد فبذلك وصلت إلى ما إرادته
كان وجهها ممتلئ بالدموع و تبحث عن تيام و خرجت إلى الخارج لم يراها أحد فكانت روانا تنشغل مع زين و مرام كانت تفكر في حالها الذي انقلب في لمح البصر...
شعرت بيد تكتم انفاسها و لم تستطيع الخلاص منها...
و بعد مرور دقائق ذهبت ناهد بسيارتها بعد أن باركت لتيام بخبث...
صعدت روانا عندما عملت بأن ناهد غادرت و عندما فتحت الغرفة لم تجد ديمة بداخلها...
هبطت الدارج بسرعة و قالت:
-تيام ديمة مش موجودة فوق...
تيام بدهشة:
-يعني اي؟
-والله مش موجوده
فهم تيام بأن ناهد من وراء ذلك فهي بالطبع لم تستلم بسهولة و ذهب مسرعاً فبالتأكيد تنوي فعل شئ...
افاقها حاتم و هو يمرر تلك الرائحة النفاذة على أنفها، استيقظت ديمة بفزع و هي تتذكر ما حدث سريعا و عندما وجدت حاتم قالت:.
-حاتم ماما كانت بتقولي كلام غريب و فجأة لاقيت حد بيكتم نفسي هو انا جيت هنا ازاي؟
تنهد حاتم و قال:
-مامتك كلامها صح و فعلا تيام هددها بكدا قدام عيني و انتي عارفه كويس انه مينفعش
تجمعت الدموع بعيناها و قامت تقف و قالت بصراخ:
-انتم مالكم انا حره...
قام حاتم و وضع يداه على اكتافها و لكنها أنزلتها مبتعدة عنه و قالت بغضب:
-متقربش مني انت كمان كداب.
-بجد انا كداب و تيام هو اللي صادق على فكرة و لا ابوه و أمه يعرفوا تقدري تقوليلي هو عايز يتجوزك ليه؟
نظرت له ديمة و قالت:
-و انت ليه؟
-لاني جنبك بقالي اربع سنين و حاولت أقولك كتير مع انك كنتي رافضة، و اول ما ظهر تيام بقيت كل حاجه عادي
فهمت ديمة ما يقصد بحديثه و شعرت بضيق تنفسها و جلست على الاريكة و قالت:
-انا مش عايزة من حد حاجه و أمي اللي افتكرتني بعد سنين مش عايزاها.
دخلت ناهد إليهم و قد استمعت إلى حديثهم و قالت:
-كل دا عشان تيام اومال لو كان عدل، صحيح انتي متعرفيش حاجه
ديمة بسخرية:
-لا انتي اللي متعرفيش حاجه عني و تيام اللي انتم بتتكلموا عنه دا هو اللي كان معايا
صفقت ناهد بيداها و قالت بتهكم:
-متنسيش انه ممثل شاطر و انتي عيله هبله.
ديمة ببكاء هو انتم ليه بتعملوا معايا كدا، انا حتى عمري ما كلمتك و طلبت منك حاجه عيشت ايام زي الزفت مع مرات ابويا و في بيت عمتي و فضلت ساكته اتعملت معامله الايتام و متكلمتش و دلوقتي بتقوليلي تيام
-يا بنتي انا قلبي عليكي مش عايزاكي تتدفعي تمن غيرك
ضحكت ديمة بسخرية و بعد ذلك اعتلى صوت نحيبها و قالت:
-بجد هو انا لسه هدفع تمن غيري، مش بقولك متعرفيش حاجه...
-كنتي هتتجوزي حاتم هو قدر يغير رايك في يوم.
نظرت ديمة لحاتم و قالت:
-و حاتم عايز يتجوزيني ليه؟ انا مش عايزة اشوفكم تاني...
همت ديمة لتخطو و لكنها اندهشت بيد حاتم التي قبضت على ذراعها بقوه و قال:
-مش هتمشي
ديمة بذهول:
-حاتم...
عقدت ناهد ساعديها و قالت:
-زمان المأذون على وصول
ديمة بتعجب:
-مأذون أي؟
-ما هو انا مش هسيب بنتي تتجوز واحد زي دا.
نظرت ديمة إلى حاتم و قالت برجاء:
-لوسمحت يا حاتم سيبني...
-للأسف يا ديمة مش هينفع.
بكت ديمة بشده و كانت تحاول نزع ذراعها من يده و قالت:
-انا بكرهك انتي أسوأ ام شوفتها بجد...
-يا بنتي فوقي بقا من الوهم دا و بعدين تفتكري ليه تيام هيتجوز واحدة مجنونة و كانت في مصحة مع انه خاطب واحده عاقله، انتي عارفه هو هيخليك اي؟
هزت ديمة رأسها نافيه و تخلصت من قبضة حاتم لتجلس على الأرض و تضم ركبتيها إلى صدرها، و وضعت يداها على اذنيها و صاحت بهم بقوة مش عايزة اسمع حاجة
رتب حاتم عليها و قال:
-ديمة.
تزحزحت بعيدا عنه فهي لا تريد سماعه
دفع تيام الخدامة التي فتحت له الباب و دلف إلى الداخل و هو يتطاير الشرار من عيناه و صاح بصوت عاليا:
-يا
التفتت ناهد بصدمة و قالت بجدية:
-انت جاي تشتمني في بيتي؟، بقولك اي انت مش هتاخد بنتي و وريني هتعمل اي؟
زفر تيام بحنق و سحب السلاح الذي وضعه في خصره و قال:
-و انتي روحك رخيصة زيك...
كانت ديمة تراقب المشهد بذهول فهي لا تعلم لما تيام يحدثها بتلك الطريقة.
التفتت ناهد إليها و قالت:
-اهو اللي انتي عايزاها
تقدم حاتم بخطواته و وقف أمامه قائلا مش صح انك ترفع علينا سلاح لاني بجد مش هسكت
و قبل تقدمه خطوة أخرى كان تيام ضغط على الزناد لتستقر الرصاصة في ركبته و سقط على الأرض متألما
اتسعت عيناها بدهشة و قالت:
-انت مجنون
-انتي فاكره اني هعدي اللي أنتي عملتي؟ و الأفضل انك تنسيها...
نظر إلى ديمة التي كانت مصدومة مما يحدث أمامها و قال:
-قومي و روحي اركبي العربية...
ناهد بعصبية:
-بتغلط كتير يأبن المصري و انا جيبت أخرى
-و انا بقولك اني هخدها حتى لو هقتلك...
اتجه تيام إلى ديمة و مد يده إليها، ابتلعت ريقها بصعوبة
تنهد تيام و قال:
-قومي.
لم تمد يدها له فهي قد شعرت بالخوف منه، حملها تيام بين ذراعيه و خرج في ظل نظرات ناهد المشتعلة
و اتجهت إلى حاتم قائلة:
-هطلب الدكتور...
انتهوا من كتب الكتاب و بعد ذلك ذهبوا إلى شقتهم، قفل تيام الباب فشعرت ديمة بالارتباك و قالت بتوتر:
-تيام.
-ديمة ادخلي غيري هدومك و بطلي هبل
-هو انت هددتها بأنك...
قطعها تيام و قال ايوه يا ديمة عملت كدا بس محصلش حاجه من دي كله كلام
-بس كان ممكن
قطعها هو و قال مش هعمل كدا مع واحدة هتجوزها و بعدين دي ثقتك فيا
ديمة تعجب:
-بجد؟ تيام انت لو حد قالك حاجه هتصدقها و انا كل مرة بتخدع فيك
-كنتي تقدري ترفضي يا ديمة، المأذون سألك موافقة و لا و قولتي موافقة
ديمة بسخرية:.
-بجد؟ تخيل لسه شايفك رافع سلاح و ضارب واحد بالنار و انا هرفض ازاي.
-لأنك عايزة توافقي و بلاش توهمي نفسك و بعدين احنا فيها فترة و هنطلق و خلال الفترة دي انتي حره
بعد ذلك تنهد بسئم و اتجه ليذهب الا انها قالت:
-رايح فين يا عريس خير
زفر تيام بحنق و قال:
-نازل يا ديمة...
نظرت له ديمة و قطبت حاجبياها بضيق و دلفت إلى الغرفة
نفخ هو بضيق و دلف خلفها قائلا:
-بتتدخلي و بتسيبني.
لم ترد ديمة عليه و فكت دبابيس طرحتها و قالت بتذمر:
-فستان و زفت و لا كأني متجوزه واحد بحبه
-حصل، حتى امبارح اثبتي دا
التفتت ديمة إليه و قالت بضيق:
-قصدك اي؟ و بعدين دا ملهوش علاقة بدا
تنهد تيام و قال:
-يعني كنت اعمل اي اسيبك معاهم و امشي
-أي اللي بينك و بين امي مش طبيعي اسلوبك معاها و كمان حاتم في بينكم عدواه
-يعني انتي شايفه ان دا الوقت المناسب للكلام دا؟
لم ترد ديمة عليه فهي تريد معرفة أسباب ذلك و من الواضح بأنه لم يعطيها جواباً
و قالت بحدة:
-تمام اتفضل اطلع برا بقا و على فكرة انا كمان يومين هروح اقعد في شقتي ملهاش لأزمة اقعد معاك هنا
-لا عادي هسيبلك البيت
ديمة بضيق:
-يبقى أفضل و في حاجه تاني جوازنا هيفضل على ورق و إياك تفكر تلمسني
جز على أسنانه بغضب فهو وصل إلى نهاية صبره و هي مازالت تحاول استفزازه و قال:
-عندك حاجه تاني.
-اليوم اللي هتتجوز في سيا هتكون مطلقني و ان رفضت استحمل اللي هيحصل بقا
-ديمة لاحظي اني استحملتك كتير
-محدش قالك تتجوزني و ممكن تقولي السبب عادي
نفخ بضيق و خرج من الغرفة، صافعاً الباب خلفه بقوة، تنهدت ديمة و أخذت انفاسها المضطربة فهي تعلم بأنها استفزته، خرجت خلفه لتتأكد بأنه مازال بالخارج.
-هتفضلي تلفي زي النحلة كدا؟
انتبهت ديمة إليه و قالت:
-نسيت حاجه.
خلع تيام سترته و ألقاها على الاريكة بغضب، انتفضت ديمة عندما وجدته يشمر عن ساعديه و رمقته بتوتر
زفر تيام بحنق و دخل إلى الغرفة، خلع قميصه لاحظت ديمة تلك الندبة بخصره فهي لم تراها من قبل و اقتربت منه قائلة:
-انت عملت عملية؟
-و انتي مالك؟
قطبت ملامحها بتذمر و وضعت يدها على موضع الندبة و قالت:
-مش بقالها كتير...
ابعد تيام يدها و قال بزمجرة:
-متشغليش بالك
صمتت ديمة و مرت من أمامه...
-مش عايزة مساعدة؟
التفتت إليه و قالت بتساؤل:
-مساعدة في أي؟
-السوستة
ديمة باقتضاب:
-الحمد الله الفستان من غير سوستة ريح نفسك...
عقد تيام حاجباه و خرج من الغرفة بهدوء، زفرت ديمة بحنق و بعد ذلك اتصلت بروانا قائلة:
-هو تيام عمل عملية قريب
روانا باستغراب:
-ديمة انتي هبله في واحده تسيب جوزها يوم فرحهم و تسأل علي العملية اللي عملها
عضت ديمة على شفتيها بحنق و قالت:.
-بصراحة كدا انا خنقته بس يستاهل، المهم بقا اي العملية اللي عملها عشان اكون عارفه
-يا بنتي أنتي شاغلة بالك ليه و بعدين متقلقيش اخويا زي القرد
ابتسمت ديمة و قالت بتوتر:
-روانا انا خايفه تيام ميعملش اللي في دماغي
-لا انتي بس اقرفي و هو هيتعدل اصل اخويا كدا مبيجيش غير بالعند و اوعي تخلي يقرب منك خليكي ماشيه على مبدأ شوق و لا تدوق و حتى أن داق تبقى لحسه بسيطة كدا.
ضحكت ديمة و قالت:.
-تمام بس انا نكدت عليه جامد و كفاية اللي ماما عملته بصراحة يعني هو انا خوفت منه شوية
روانا بسخرية مرحه:
-لا هو واقع على الآخر فنكدي عليه براحتك...
-تمام
قالها حيدر بهدوء و بعد ذلك أغلق المكالمة فهو كان يعلم بأنها لم تفعل ما طلبه منها و قد حسب ذلك و قام بمراقبة تحركاتها...
استقل سيارته و ذهب إلى المكان الذي علم بأنها به...
انتهت الماكينة من تحضير القهوة و أخذ تيام المج، اتسعت عيناه بدهشة عندما وجدها تدلف إلى المطبخ بذلك القميص القصير الذي كان ترتدي فهو بالكاد وصل إلى فخذها و تجاهلت نظراته إليها و كأنه غير موجود.
و بعد ذلك تحدثت ببرود شكرا على القهوة
و أخذت منه المج، فاق تيام من شروده بها و قال بضيق:
-أي اللي انتي لابسها دا
-الجو حر
حك تيام طرف ذقنه بنفاذ صبر و قال: بجد.
و لم يكمل حديثه و اخرج هاتفه من جيب سرواله لكي يرد و عندما رأى اسم المتصل تجمدت ملامحه و ارتبك من وجودها أمامه.
-ما ترد
-هرد
فتح تيام الخط و رد قائلا:
-خير؟
-وحشتني على فكرة، بابا حدد ميعاد الفرح
كانت ديمة وضعت المج على الرخامة و كانت تقف أمامه و هي تعقد ساعديها
رد تيام بارتباك طيب
-تيام بقولك فرحنا
-ممكن نتكلم بكرا يا سيا.
سيا بضيق و انت بتعمل اي دلوقتي؟
-و لا...
لم يكمل حديثه بسبب تلك القبلة التي وضعتها على شفتيه، نظر لها تيام بغضب
فقالت بدلال يلا يا حبيبي عشان عايزاك.
استمعت سيا إلى الصوت و قالت بغضب: -مين دي؟
خرجت ديمة من المطبخ سريعا فقد خشت رد فعله على ما فعلته
و لم يرد على سيا و أغلق في وجهها و خرج ليبحث عن ديمة...