قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

قال الطبيب بنبرة عملية:
البقاء لله.
نظر إليه كمال بعيون زائغة وهو يقول:
مين اللى مات؟
قال الطبيب:
للأسف مقدرناش ننقذ الأم و الجنين.. ربنا يرحمهم.. عن إذنكم.

ثم غادر لتكتم نجوى بيدها صرخة كادت أن تنطلق من شفاهها وعيونها تمتلئ بالدموع.. بينما نظر إليها كمال قائلا:
الراجل ده بيقول إيه.. ها.. بيقول إيه يانجوى.. بيكدب صح؟
نظرت إليه نجوى فى ألم تنهمر دموعها بصمت وهي تمد يدها لتربت على كتفه لينتفض بعيدا عنها قائلا:
انتى بتعملى إيه إنتى كمان.. إبعدى عنى.. علياء مماتتش.. مسابتنيش لوحدى.. انتى فاهمة ولا لأ؟

قالت نجوى بنبرة حزينة منهارة:
إستهدى بالله ياأخويا.. ده قضا ربنا.
نظر إليها بإستنكار قائلا:
قضا ربنا؟.. قضا ربنا إنه ياخد الملاك ده عنده ويسيبنى.. طب كان ياخدنى أنا ويسيبها هي.. كان ياخدنى انا ويسيبها هي.
ثم إندفع إلى حجرة العمليات.. لتنهار نجوى وتجلس فى المقعد قائلة:
لا حول ولا قوة إلا بالله.. لا حول ولا قوة إلا بالله.

... دلف كمال إلى حجرة العمليات ليجد الممرضة تضع الغطاء على وجه محبوبته.. ليهدر فيها بغضب قائلا:
إنتى بتعملى إيه ؟.. إطلعى برة.
قالت الممرضة:
وجودك هنا ممنوع ياأستاذ.
صرخ بها قائلا:
قلتلك إطلعى برة وسيبينى معاها ياأصورلكم قتيل فى المستشفى دى.

أسرعت الممرضة بالهروب من أمامه وهي تدرك انه جن تماما
.. ليقترب كمال من السرير ويمد يد مرتعشة يرفع الغطاء عن وجهها الحبيب ليجد عيناها مازالتا مغمضتين ليقول بعتاب:
علياء.. ياحبيبتى.. انتى زعلانة منى صح؟.. وعشان كدة مش راضية تصحى وتكلمينى.. طب قومى وأنا أصالحك.. أنا مش قلتلك عاقبينى بأي عقاب إلا الخصام أو البعد عنى.

لتنزل دموعه وهو يستطرد قائلة:
ليه دلوقتى طيب بتبعدى عنى.. ليه عايزة تسيبينى لوحدى.. ده أنا روحى فيكى ياعلياء.. ده انتى هدية ربنا لية.. أخدك منى تانى ليه.. لييييه؟
ليغمض عينيه وهو يقول بإنكسار:
لأ.. أنا عارف أخدك ليه.. بيعاقبنى.. بس ده عقاب قاسى أوى.. كان ياخدنى أنا.. أنا المجرم اللى أستاهل أتحرم من الدنيا بس إنتى لأ.. لأ ياعلياء.
فتح عينيه ينظر إليها ليهز رأسه رافضا وهو يهزها قائلا:
لأ.. متموتيش ياعلياء.. قومى بقى.. عشان خاطرى قومى.. متسيبينيش لوحدى.. ده حكم بالإعدام.. والله حكم بالإعدام.

لم تجبه ليمد يده ويمسك يدها قائلا بهذيان:
برده مش عايزة تردى علية؟.. طب أنا مش هسيبك.. أنا قاعد جنبك لغاية ما تسامحينى وتردى علية ياعلياء.
دلف الأمن مع الطبيب والممرضة فى تلك اللحظة ومن خلفهم نجوى لينظر كمال إليهم قائلا بغضب:
واقفين كدة ليه.. عايزين تاخدوها منى صح؟.. محدش هياخدها.. محدش هيبعدها عنى.
نظرت إليه الممرضة بأسى بينما انهمرت دموع نجوى حزنا على شقيقها.. ليتجه الطبيب إليه قائلا بهدوء:
احنا مش هناخدها منك.. احنا بس عايزينك ترتاح شوية عشان شكلك تعبان.

قال كمال:
أنا مش تعبان.. أنا عايز بس أفضل جنبها.. أنا وعدتها أفضل جنبها ومسيبش إيدها أبدا.. وعدتها إنى...
لم يكمل جملته وهو يشعر بيد الطبيب عليه وتلك الحقنة التى وضعها الدكتور فى كتفه وأفرغ ذلك الدواء ليسرى فى دمه على الفور ويشعر كمال بالدوار يغمره فى ثوان ثم يسقط بين يدي الطبيب فاقد الوعي.

نادى وليد عليها مجددا قائلا:
ميار.
تجاهلته تماما وهي تقرأ كتابها.. لتنتفض عروقه غضبا وهو يتجه إليها بسرعة يمسك ذلك الكتاب من يدها ويمزقه أمامها.. لتنهض من مكانها وقد اتسعت عينيها بصدمة وهي تقول:
انت إزاي تعمل كدة؟انت أكيد مش طبيعي.

أمسك ذراعها بقوة يضغط عليها وهو يجز على أسنانه قائلا:
أنا اللى مش طبيعى برده؟ انا الست اللى جوزها راجع من السفر وبينادى عليها وهي ماسكة كتاب ومش معبراه.. بدل ما تستقبله وتقوله كلمة حلوة.. مين فينا اللى مش طبيعي ياهانم؟

تجاهلت ميار ذلك الألم فى ذراعها وهي تقول له ببرود:
انت ناسى ان الست اللى بتتكلم عنها دى جوزها ضربها ووقعها وخلاها تفقد جنينها.. عايزها تعمل إيه.. ها؟تقابلك بالأحضان.. تفرشلك الأرض ورد.. تسمعك كلام عن شوقها ليك.. لأ ياأستاذ وليد.. الست دى إنت إنتهيت بالنسبة ليها.. وبقيت مش أكتر من إسم موجود فى ضهر بطاقتها وبس.. وحتى الإسم ده ميشرفهاش كمان انه يكون مرتبط بإسمها.

إلتمعت عيون وليد بغضب شعرت به يهز كيانه ليقترب منها قائلا بصوت كالفحيح:
بقى كدة؟
ليلقيها على السرير وهو يخلع عنه حزامه قائلا:
فعلا زي ما ماما قالت.. إنتى محتاجة حد يربيكى من أول و جديد.. ويسعدنى ياميار إنى أكون الحد ده.
اتسعت عينا ميار فى رعب قائلة:
انت بتعمل إيه؟

رفع تيشيرته ليظهر نصفه العلوي عاريا وهو يقول ببرود:
هربيكى ياميار.
جثم فوقها فجأة لتصرخ برعب فوضع يده على فمها وهو يقول:
صرخى أد ما تصرخى.. خلاص يا ميار.. كبرت فى دماغى وانتى اللى جيبتيه لنفسك.
ليقبل عنقها بعنف ثم يمزق فستانها يوصم جسدها بقبلاته العنيفة.. تقاومه بكل ذرة فى كيانها ولكن بنيته القوية وبنيتها الضعيفة حالت دون مقاومتها ليكمل هو ما بدأه حتى النهاية ويده على فمها تكتم صرخاتها المستنجدة.. حتى لفها الظلام ليرحمها من ذلك العذاب الذى مرت به.

لم تستطع تمارا النوم.. تتقلب فى فراشها.. لتعتدل وتلقى نظرة على ريان لتجده مستغرقا فى نومه.. نهضت ببطئ واقتربت منه بحذر حتى توقفت أمامه تماما.. جلست على ركبتيها بجواره تتأمل ملامحه الوسيمة والتى تبدو الآن مسالمة للغاية.. عيونه وهي مغلقة الآن تماثل جمال عيونه عندما يفتحهما وينظر إليها.. هكذا تماما.. انتفضت وهي تدرك أنه مستيقظ بالفعل وينظر إليها لتقول بإرتباك:
أنا.. كنت.. يعنى.. قلقانة ومش عارفة أنام.. فقلت أصحيك تقعد معايا شوية نتكلم.. بس الحقيقة لقيتك نايم فاترددت.

ابتسم مما زاده جاذبية فوق جاذبيته ليصرخ قلبها مستنجدا.. واعتدل ليمسك يديها بين يديه يرفعها بهدوء لتنهض.. ثم يجلسها بجواره بحركة هزت كيانها وجعلتها تذوب عشقا.. لينظر إليها قائلا:
فى أي وقت مش عارفة تنامى فيه.. صحينى ومتتردديش.. وأنا أطول بس ياستى.. ان تمارا هانم تقعد وتتكلم معايا للصبح.. ده حلم.
نظرت إليه قائلة فى حيرة قائلة:
يعنى انت لسة مزهقتش منى ومن مشاكلى يا ريان؟

نظر إليها باستنكار قائلا:
زهقت منك.. ده انا كنت ميت قبل ما أقابلك وانتى حييتينى.. رجعتينى عايش من جديد.. اديتينى حماس عشان أقوم الصبح وأشتغل بكل قوتى.. انتى اديتينى أمل لبكرة.. ولحظات سعادة مابيكملش يومى من غيرها.

استسلمت تمارا الآن تماما.. وسلمت نبضات خافقها إليه يفعل بهم ما يشاء، فنبضاتها الآن ترقص على نغمات كلماته.. ولكنها مالبثت أن أصابها الإحباط مجددا.. فقد أدركت أنها كتمارا لم تمنحه كل ذلك بل منحته إياه ملامح غزل.. لتطرق برأسها أرضا تخفى دموعا ترقرقت بعينيها.. مد يده إلى ذقنها يرفع وجهها إليه فهاله منظر دموعها ليقول بقلق:
طب ليه دلوقتى الدموع ياتمارا؟

شردت تمارا فى ملامحه وكادت أن تقول.. كنت اتمنى لو أحببتنى كما أحببت غزل ولكن كل ما يتمناه المرء لا يدركه.. ولكنها تراجعت فى اللحظة الأخيرة على صوته يقول بنعومة:
تمارا.. روحتى فين؟
قالت وهي تشيح بعيونها عن عينيه:
كنت بتمنى لو ماجد كان حبنى زي ما انت حبيت غزل.
ماجد.. ماجد.. أمازالت تحب ذلك النذل بعد كل ما فعله بها؟أحس بقلبه يتمزق فى ثوان.. كان للتو سيعترف بحبه لها.. لتقول تلك الكلمات فتوأد كلماته فى صدره.. تبا كم يشعر بالألم.

قال لها بصوت حزين:
غزل كانت ملاك ولازم تتحب بالشكل ده.. وإنتى كمان ياتمارا ملاك زيها وأكيد فى يوم هتلاقى حد أحسن من ماجد يحبك من كل قلبه وتبقى انتى بالنسبة له أغلى أمانيه.

نظرت إليه نظرة طويلة غامضة تصرخ فى أعماقها بأنها وجدته.. وجدت من هو أفضل من ماجد ألف مرة ولكنه مع الأسف.. قلبه مشغول بفتاة أخرى.. لتنهض قائلة:
أنا.. أنا هنام دلوقتى.. آسفة لو أزعجتك.. وتصبح على خير.
تابعها بعينيه قائلا:
تلاقى الخير.

تمددت تمارا فى فراشها وشدت غطاءها عليها للحظات ثم قالت:
ريان.. تفتكر ميار هتجيبلنا الورق ؟
قال ريان فى هدوء يخالف ثوران مشاعره:
مش عارف ياتمارا.. بجد مش عارف.

أومأت برأسها واضجعت على جانبها الأيمن.. تحاول أن تسترق بضع ساعات من النوم ولكن هيهات.. فكلامها مع ريان يدوى فى رأسها كالمطرقة يحول دون نومها بينما يماثلها ريان.. وهو يتقلب محاولا النوم فلم يستطع.. ليدرك الاثنان أنها ستكون ليلة طويلة...طويلة جدا.

إستغل عزت عدم وجود صافى بالمنزل وذهابها للنادى مع صديقاتها ليدلف إلى الحجرة ويمسك المفتاح ليفتح به خزانتها.. نظر إلى تلك المجوهرات بالداخل وذلك المال والذى يكفيه لسنوات لتلتمع عينيه بسعادة وهو يفتح تلك الحقيبة ويعبئ بها الأموال والمجوهرات.. أمسك عقدا ثمينا بيد ورزمة من المال باليد الأخرى قائلا:
عشان تبقى تهددينى كويس ياصافى.. شوفى بقى إنتقام عزت منك شكله ايه.. وإبقى ور...

قاطع كلماته دلوف صافى إلى الحجرة فى تلك اللحظة وهي تبحث فى حقيبتها عن شئ ما.. ليتجمد تماما وهي تقول:
نسيت آخد فلوس عشان ادفع إشتراك...
توقفت عن الكلام وهي ترفع وجهها وتشاهد هذا المنظر أمامها.. عزت يمسك بمجوهراتها وأموالها وخزانتها مفتوحة على مصراعيها.. لتدرك وبكل صدمة أن عزت يسرقها.. لتشعر بالغضب ويظهر ذلك الغضب فى كل ملامحها قائلة:
إنت بتسرقنى ياعزت؟

ترك عزت مابيده وهو يسرع إليها قائلا:
إفهمينى بس.. أنا...
قالت بحدة:
إنت حرامى.. حرامى وندل.. آمنتك على نفسى وبيتى وخنت الاتنين.. هستنى إيه بس من ويتر حقير أنا اللى نضفته ولميته من الشوارع.. أكيد فى الآخر هيطلع حرامى ونصاب كمان.

قال عزت بغضب:
ماتتلمى بقى.. كل شوية تقولى نضفتك.. نضفتك.. ويعنى انتى مقبضتيش التمن من شبابى وصحتى.. انتى ياولية مش شايفة نفسك فى المراية.. مش آخدة بالك من سنك.. ده انتى حيزبونة كبيرة.. احمدى ربنا انى قبلت أتجوزك.
إنتفضت عروق وجهها وهي تقول:
بقى كدة.. ماشى ياعزت..

لتمسك هاتفها وتتصل برقم ما مستطردة:
أنا بقى مش هسيبك وهبلغ عنك...
أخذ منها الهاتف عنوة وألقاه بكل قوة ليقع وينكسر.. لتتسع عينيها قائلة:
انت أكيد اتجننت وأنا هوريك.
إلتفتت مغادرة لتجده يمسك بشعرها من الخلف بقوة يرجعها إلى مكانها لتكاد تصرخ فكمم فمها وهو يقول بغضب:
رايحة على فين.. عايزة تبلغى عنى مش كدة؟

حاولت أن تتملص من يده فلم تستطع ليرفع يده التى تكمم فمها ليشمل بها أنفها فإزدادت مقاومتها عنفا وهي تشعر بالإختناق وإزداد هو تمسكا بها وهو يقول لها بجوار أذنها:
مكنتش حابب النهاية تكون كدة.. بس إنتى اللى إخترتى ياقطة.

لتهمد حركتها بعد فترة ويثقل جسدها ليدرك عزت أنها ماتت.. جرها حتى السرير ثم ألقى بجسدها عليه وأسرع يفرغ ما فى خزانتها فى الحقيبة.. اغلق الخزانة ومسح بتيشيرته البصمات من عليها.. قبل ان يتجه للخارج بهدوء.. إلتفت ينظر إلى جثة صافى.. قبل ان يبصق ويخرج من الحجرة مغلقا الباب خلفه ببرود.

نهضت ميار تشعر بألما شديدا فى جسدها لتلقى نظرة مشمئزة على زوجها النائم على بطنه بجوارها.. خرجت من السرير واقتربت من التسريحة لتلقى نظرة على صورتها بالمرآة.. صورة باهتة لها.. كدمات زرقاء فى كل انحاء جسدها.. أغلقت عينيها بألم تتذكر تلك اللحظات البشعة والتى عانت منها منذ وقت قليل.. لتفتح عينيها على إتساعهما وهي تدرك إحساس تمارا بعد فعلة هؤلاء الحيوانات بها.. لتلتمع عينيها بقسوة وهي تقرر الإنتقام لها ولنفسها ولكل فتاة إستباح وليد حرمة جسدها.. لتذهب إلى بنطاله المرمي على الأرض..

تفتشه بحذر قبل أن تلمع عينيها وهي تجد مفاتيحه.. وضعت دثارا عليها ثم هبطت إلى الأسفل واتجهت إلى حجرة مكتبه.. لتدلفها بهدوء.. ثم تتجه إلى خزانتها.. فتحت ذلك المصباح الصغير على المكتب لينير لها.. ثم فتحت الخزانة وفتشت بسرعة عن تلك الأوراق التى أخبرتها عنها غزل.. لتلتمع عينيها فى إنتصار وهي تجدها.. أغلقت الخزانة بسرعة وأطفأت المصباح.. ثم عادت إلى حجرتها بهدوء.. فتحت دولابها ووضعت الأوراق بين طيات ملابسها..

ثم أعادت المفاتيح إلى مكانها.. وخلعت عنها دثارها وهي تدلف إلى الحمام تفتح المياة الساخنة وتملأ البانيو ثم تتمدد فيه وهي تغلق عينيها لتدع المياة تشفى ألم جسدها أما ألم قلبها وروحها.. فلا علاج لهما أبدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة