قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة بجميع فصولها

رواية امرأة وخمسة رجال للكاتبة شاهندة الفصل الثالث عشر

قال علاء بحدة:
يعنى إيه يانجوى مش هتقدرى تيجى.. هو لعب عيال؟
قالت نجوى بسرعة وهي تخفض صوتها حتى لا يسمعها أحد:
اهدى بس ياعلاء واسمعنى.. مش بإيدى والله إنى مجيش اشوف مامتك بكرة.. خالتى ماتت النهاردة وكلنا رايحين الفيوم عشان ندفنها ونحضر العزا.

زفر علاء قائلا بهدوء.. وهو يخفى غضبه الشديد لإفساد مخططه:
الله يرحمها يانجوى.. وعلى كدة هتقعدوا هناك لحد امتى؟
قالت نجوى بسرعة:
تلات أربع أيام.. مش أكتر ياعلاء.. اعتذر لطنط بالنيابة عنى وبإذن الله لما أرجع نحدد ميعاد تانى.
قال علاء فى غيظ:
تمام يا نجوى.. هقولها.. خلى بالك من نفسك.

قالت نجوى فى حب:
وانت كمان ياحبيبى.
كاد أن يغلق الهاتف عندما استوقفه صوتها يقول فى همس:
علاء.
قال علاء:
معاكى يانجوى.
قالت نجوى:
هتوحشنى أوى.

قال علاء بضجر:
وانتى كمان ياحبيبتى.. هتوحشينى أكتر.. سلام مؤقت.
قالت:
سلام.
ثم أمسكت الهاتف وهي تضمه إليها بشوق وهي تغمض عينيها.. تتساءل فى صمت عن كيفية قضاءها لتلك الأيام دون ان تراه أو تسمع صوته.

بينما على الجانب الآخر أغلق علاء هاتفه وألقاه بعصبية على السرير قائلا:
يعنى حبكت خالتك تموت دلوقتى يانجوى بعد ماكنت قربت أوصلك.. يلا.. مش مشكلة.. كلها كام يوم وترجعى وساعتها مفيش حاجة هتقف قصادى.. وهاخد منك اللى أنا عايزه بأسهل مما تتصورى ياحبيبتى.

كانت تمارا تجلس فى سريرها تتابع برنامجا تليفزيونيا شهيرا.. تحاول ان تلهى به نفسها عن أفكار غمرت كيانها.. أفكار أشعرتها بالقلق.. فلقد ظلت ساهرة طوال الليل.. تفكر فى ذلك الشعور الذى يجتاحها بالقرب من ريان.. شعور هو مزيج غريب من الألفة.. الارتياح.. وإحساسا هائلا من الأمان والطمأنينة.. تفكر إذا كانت ستغادر المستشفى وسيكون ذلك عاجلا أم آجلا.. فكيف ستتخلى عن ذلك الشعور؟.. كيف ستتخلى عن وجوده بجوارها.. لم تعد ترى من ذلك البرنامج شيئا وهي تغرق مجددا بأفكارها..

تشعر بالحزن، بألم شديد فى صدرها، فلقد اعتادت على وجوده بحياتها، حتى أنها شعرت بأنفاسها تسحب منها عندما غاب عنها فى اليومين الماضيين.. أحست أنها تائهة من دونه.. انتابتها وحدة قاتلة وخوف مبهم.. ولكن ربما كان رحيلها هو الخيار الأفضل فى هذه الحالة.. قبل أن تتعلق به أكثر ويصبح ابتعادها عنه مستحيلا.. تعلم أن سر تعلقها به هو اختلافه كلية عن كل من عرفتهم من الرجال.. وربما لإحساسها بأنها وحيدة تماما فى تلك الدنيا وقد وجدت فيه سندا وملجئا..

تخشى فقدانه.. حتى أنها البارحة حلمت بكابوس.. كانت فيه تغرق ولم تجده بجوارها لينقذها رغم أنها ظلت تصرخ بإسمه مستنجدة ولكنه لم يكن موجودا.. فقط لم يكن موجودا لتغرق وتسكن أنفاسها.. وعندما إستيقظت لم تستطع أن تنام مجددا وشعورها بأنه سيبتعد عنها ويفارقها.. أطار النوم من عينيها.. أفاقت على صوت طرقاته على الباب.. نعم.. طرقاته هو.. فقد باتت تعلمها علم اليقين.

...طرق ريان باب حجرة تمارا ليسمع صوتها الرقيق يسمح له بالدخول.. ليدلف الى الحجرة ويرى ابتسامتها الرقيقة والتى تمنحه شعورا غريبا بالارتياح.. ابتسم بدوره قائلا:
صباح الخير.
اتسعت ابتسامتها قائلة:
صباح النور.

اقترب منها يلاحظ بعض الاسمرار تحت عينيها مما يدل انها قضت ليلة مؤرقة.. ليقول بهدوء:
يعنى ملامحك رجعت طبيعية وبشرتك مبقاش فيها أي أثر للعملية.. تقومى تسهرى وتبوظيها بالشكل ده؟ايه بس اللى صحاكى تانى أنا سايبك نايمة؟

نظرت إليه فى دهشة تتساءل كيف عرف بسهرها.. ليقول بابتسامة وهو يشير إلى تحت عينيها:
من السمار اللى تحت عنيكى ياأستاذة.

اتسعت عينيها من إجابته لسؤال لم تسأله لتقول بعد لحظة:
انت بقيت خطر علية على فكرة.. يعنى عارف حكايتى وكمان بتقرا أفكارى.. خايفة تعرف كمان أنا ناوية على إيه؟

عقد حاجبيه وهو يقف قبالتها مستندا بيده على حافة السرير قائلا:
انا فعلا عندى فضول أعرف.. ياترى ناوية على إيه ياتمارا وخايفة إنى أعرفه؟

أطرقت برأسها وهي تقول:
ناوية على حاجات كتير ياريان.
لترفع رأسها وتواجه عينيه الحائرتين قائلة:
وأولهم إنى خلاص بقيت كويسة ولازم أخرج من هنا.

أحس ريان بقبضة حديدية تعتصر قلبه.. تؤلمه بشدة حد الموت وهو يتخيل أنها ستبتعد عنه ولن تكون قريبة منه مجددا.. ليقول بحزن:
خلاص زهقتى مننا ياتمارا.
قالت تمارا بسرعة:
بالعكس...

لتصمت عندما نظر إليها ريان بحيرة.. تدرك انها أظهرت لهفتها أمامه.. لتقول بارتباك:
أنا قصدى.. انى مرتاحة أوى هنا.. وكلكم بتعاملونى كويس.
لتتغلب المرارة على نبراتها وهي تستطرد قائلة:
أحسن ما أهلى عاملونى.. بس...
صمتت ليستحثها قائلا:
بس إيه ياتمارا؟

أطرقت برأسها قائلة:
بس أنا كدة أبقى طماعة لو فكرت أقعد كمان يومين.. أنا خلاص بقيت كويسة وأقدر أخرج وأعيش حياتى.. عشان أقدر أنتقم من اللى قتلونى.

عقد ريان حاجبيه قائلا:
وهتنتقمى منهم إزاي وإنتى لوحدك؟وبعدين انتى مش قلتى متعرفهمش.. هتجيبيهم إزاي بس؟وهتعملى معاهم إيه؟
رفعت رأسها إليه ليهاله منظر عينيها الدامعتين وهي تقول فى إحباط:
مش عارفة ياريان.. مش عارفة.. بس لازم أبدأ وساعتها ربنا هيساعدنى.

كاد أن يتحدث عندما رأى عينيها تتسعان بشدة وهي تميل برأسها تنظر إلى نقطة ما خلفه لتظهر على ملامحها الصدمة.. نظر خلفه ليرى شاشة التلفاز التى تعرض لقاءا تلفزيونيا مع أحد رجال الأعمال والذى يعرفه ريان ليعود بنظراته إلى تمارا التى أشارت إلى التلفاز قائلة وقد بدأت دموعها بالانهمار على وجهها:
هو ده.. هو ده اللى كان سايق العربية ياريان..

نظرت إلى ريان الذى عقد حاجبيه بشدة وقبض على يده بقوة وهي تقول مستطردة بإنهيار:
هو ده اللى دبحنى.. هو وأصحابه ياريان.. هو ده.
اقترب منها على الفور وهو يلاحظ أنها على وشك أن تنهار.. وأن مشاعرها المكبوتة منذ الحادث ظهرت مع أول ظهور لأحد المعتدين عليها.. ليقول محاولا تهدئتها:
طب اهدى ياتمارا.. اهدى عشان خاطرى.

صرخت فى وجهه قائلة:
أهدى إزاي.. انت مش شايف؟
لتخبط على صدرها قائلة:
انا ضعت وهم عايشين حياتهم ولا على بالهم.. انا ضعت وهما عايشين ومرتاحين.
وظلت تضرب على صدرها مرددة كلماتها المنهارة.. ليضطر ريان إلى إمساك كلتا يديها بيد بينما يخرج هاتفه باليد الأخرى ويتصل برقم.. لتصرخ قائلة وقد بدا أنها تهذى:
سيبونى ياكلااااب.. سيبوووونى.

أدرك ريان أنها لا تراه هو وإنما ترى المعتدين عليها.. لذا أحكم قبضته على يديها.. وهو يقول لمحدثه على الهاتف بسرعة ممزوجة بالقلق:
حقنة مهدئة فى أوضة ١٤.. حالا.
ليترك هاتفه وهو يمسك يديها بكلتا يديه يمنعها عن ضرب جسدها وهو ينظر إليها فى ألم و...لوعة.

كانت ميار تجلس فى شرفة حجرتها تنظر إلى الحديقة فى شرود عندما انتفضت على صوت وليد وهو يضع يده حول عينيها قائلا:
انا مين؟
ابتسمت ابتسامة باهتة وهي تقول:
وليد.
رفع يده عن عينيها وهو يتجه إلى المقعد القابع بجوارها قائلا:
الجميل سرحان فى إيه؟

نظرت إليه تتأمل ملامحه الوسيمة وهي تقول بهدوء:
شكلك مزاجك رايق النهاردة على الآخر.. أول مرة أشوفك بتهزر من زمان.
ابتسم وهو يرجع بظهره متمددا على كرسيه قائلا بارتياح:
فعلا.. صفقة خلصناها.. كانت معقدة أوى بس الحمد لله تمت.. وهتدخل للشركة أرباح هايلة.

تأملته للحظة قبل أن تقول:
هو انت مفيش حاجة بتبسطك غير الشغل والفلوس ياوليد؟
رنا إليها بنظراته للحظة قبل أن ينظر إلى الأمام قائلا فى برود:
فى وقت من الأوقات كان فيه حاجات تانية غير الشغل بتهمنى وبتسعدنى أوى بس مع الأسف.. الحاجات دى راحت وراحت معاها الفرحة اللى من القلب.

عقدت حاجبيها فى حيرة وهي تلاحظ ذلك الشوق يغمر نبراته.. بالتأكيد يتحدث عن ذلك الوقت الذى كان فيه عاشقا.. اذا وليد لديه مشاعر كباقى البشر.. حاولت أن تخرج منه اعترافا لتقول بهدوء يخالف مشاعر ثائرة تغزو كيانها كإمرأة تدرك ان زوجها واقع بحب غيرها:
وياترى إيه هي الحاجات دى ياوليد؟

نظر إليها بارتباك ثم قال متهربا من الإجابة:
قلتلك حاجات وراحت.. خلاص مبقاش يفيد نتكلم فيها.. المهم جهزى نفسك عشان فيه عشاء عمل مهم أوى وعايزك معايا.

أومأت برأسها لينهض مغادرا بهدوء تتبعه عيناها فى ألم وهي تقول:
مش قادر تنساها ياوليد.. كدة أنا إتأكدت إنى مش ممكن يكون لية مكان فى قلبك.. وإنى هعيش طول عمرى معاك فى عذاب...

لتربت على بطنها قائلة فى حزن:
طب انت ذنبك إيه ياحبيبى؟.. ذنبك إيه تعيش مع أب وأم عايشين مع بعض بس عشان المظاهر.. ومفيش حاجة بتجمعهم غيرك انت؟
لتغمض عينيها على دمعة سقطت منها وهي تقول:
قادر ربنا يريحنا من عذابنا ياحبيبى.. ويعوضنا بالخير كله..
لتفتح عينيها ناظرة للسماء وهي تقول فى رجاء:
يااارب.

تأمل ريان ملامح تمارا النائمة بهدوء كالملائكة منذ أن أعطاها تلك الحقنة المهدئة.. يشعر بقلبه يتمزق حزنا عليها فقد كان اليوم هو أول يوم تواجه فيه حادثها الأليم وتستسلم لمشاعر خبأتها كثيرا داخل طيات قلبها.. فكان الإنفجار مدويا.. رفع يده يزيح خصلات شعرها والتى التصقت بجبينها المتعرق ليرجعها خلف أذنها بهدوء.. ثم يخرج منديلا من جيبه ويمسح به جبينها بحنان.. لترتعش شفتيها.. تأمل شفتيها كثيرا..

أراد الاقتراب.. أراده بشده.. لينهض بسرعة وهو يضع المنديل بجيبه قابضا على يديه بقوة يشيح بوجهه عنها.. وذكرى قبلاته لتلك الشفاه تغمره مرارا وتكرارا.. يمنع نفسه بقوة عن أن يميل تجاههم يتذوق شهدهم ربما للمرة الأخيرة.يذكر نفسه أن تلك ليست غزله.. بل انها فتاة غريبة عنه.. أصبحت تشبهها فى الملامح وربما أخذت قليلا من روحها ولكنها بالتأكيد ليست هي.. ذهب إلى تلك النافذة ووقف أمامها يفكر فى شرود..

ربما ما قالته تمارا قبل إنهيارها هو الحل الوحيد لمعضلته.. رغم الألم الشديد الذى سينتابه لفراقها.. ولكن فراق مؤلم الآن.. خير من فراق قاتل سيأتى عاجلا أم آجلا.. حانت منه إلتفاتة إليها لتحنو نظراته.. إقترب منها ووقف أمامها تماما قائلا بهمس:

هتوحشينى ياغزل.. بس لازم تبعدى.. عشان خاطر تمارا وعشان خاطرى.. غصب عنى بشوفك فيها وغصب عنها هتتعذب معايا.. ما هو مفيش واحدة فى الدنيا هتستحمل تكون مع واحد شايف غيرها فيها.. وأنا مش شايف فيها غيرك ياغزل.. قلبى ده ملكك إنتى وهيفضل ملكك طول العمر.

مد يده وربت على يدها بحب ليشعر بارتجافة يدها تحت يده.. فأمسك الغطاء ودثرها به بحنان.. قبل أن يتركها ويغادر الغرفة ولكنه توقف كعادته ينظر إليها نظرة طويلة.. يشبع عينيه من ملامحها.. طالت تلك النظرة فى تلك المرة وكأنه يودعها بعينيه قبل أن يغلق الباب خلفه بهدوء.

لتفتح تمارا عينيها فى تلك اللحظة وتسقط منها دمعة وهي تقول فى همس حزين:
مفيش فى الدنيا دى زيك ياريان.. الرجالة اللى زيك بقوا قليلين أوى.. بس مع الاسف حظهم بيبقى قليل.. ومع الاسف برده.. الدنيا دى مليانة رجالة وحشة.. قاسيين وغدارين.. حيوانات فى صورة بني آدمين.. زي إسماعيل وماجد...

لتقسو عينيها وهي تقول بحقد:
ووليد...وليد السيوفى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة