قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل العاشر

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل العاشر

رواية ابن رستم للكاتبة ياسمين عادل الفصل العاشر

خرجت متعجلة من المخفر تحاول اللحاق بخطواته السريعة التي أشبهت الركض بالنسبة لها، وما أن عبرت بوابة المخفر الخارجية صاحت: - هو انا هجري وراك ولا إيه!
ف توقف فجأة والتفت يحدجها بنظرات مغتاظة يود لو يطبق على عنقها يخنقها: - هو انتي كمان ليكي عين تتكلمي!، مش كفاية دخلت القسم بسببك لأول مرة في حياتي!

ف حاولت أن تغطي على فعلتها و: - أنا عايزة اعرف انت عرفت تقنع حسام بالتنازل عن المحضر وخرجنا من هنا إزاي؟
ف جاب أعلاها وأسفلها ب استخفاف و: - تقريبًا انتي ناسية أنا مين!
وكاد يسير في طريقه لولا إنها أردفت: - انت رايح فين؟ ظافر جاي في الطريق
ارتفع حاجبيه ب اندهاش و: - وإيه اللي عرف ظافر!
ثم ابتسم ب سخرية و: - طبعًا لسانك الطويل اللي مش بتعرفي تمسكيه.

ثم سألها وقد تذكر ذلك الشاب الذي أبرحه ضربًا: - مين ال ×××× اللي ضربته ده!
ف أشاحت بوجهها و: - ملكش فيه!
- ماليش فيه! انتي عبيطة يابنتي!
لمح أضاءة سيارة ظافر المعروفة ف اعتدل في وقفته وهو يردد بتشفي: - وريني بقى هتبرري لأخوكي إزاي؟
ازدردت تمارا ريقها عندما لمحت رستم يجلس بالمقعد الأمامي، وأطبقت جفونها تستدعي شجاعتها و: - يارب قويني على الكذب اللي هكذبه ده.

ترجل رستم من سيارته ب انفعال ومضى نحوها مندفعًا وقد انتوى أن يلقنها درسًا لن تنساه، ف استبقته هي وسارت نحوه متعجلة وهي تهتف مستغيثة: - بابا!
ثم ركضت خطوتين وارتمت في أحضانه وهي تشكو: - شوفت الحيوان عمل إيه، اتعرضلي وانا خارجه من الكورس ولولا مروان كان موجود بالصدفة معرفش كان هيعمل إيه.

جحظت عينا مروان غير مصدقًا ما تفعله، بينما رقّ رستم سريعًا بدافع غريزة الأبوة التي سرعان ما انتعشت لرؤيتها مذعورة هكذا، وانتقل غضبه على الفور لذلك الذي يبغضه: - إبن ال ×××× الو××××، ده انا هضيع مستقبله
ف تدخل مروان وهي ينظر إليها ب امتعاض: - خلاص ياعمي إحنا ما صدقنا اتنازل عن المحضر، لو مكنتش تمارا في الموضوع كنت قولتلك اعمل اللي يريحك.

ف ربت ظافر على كتفه شاكرًا و: - تسلم يامروان، لو مكنتش طلبت منك تروح تجيبها عشان السواق مش موجود الله أعلم كان عمل إيه!

تفاجئت تمارا بعلمهم لحضوره ولكنها أخفت ذلك، بينما سألها رستم وهو يربت على كتفها: - كان عايز إيه منك!
فأجابت ببراءة تُناقض تورطها في الأمر: - عايزني أعمل تأثير على حضرتك عشان توافق على خطوبتنا
فصاح فجأة لتبتعد هي عنه: - ارتباط إيه وزفت إيه! ده حتة عيل، هجوز بنتي عيل!
ثم تابع وهو ينظر ب إتجاه مروان: - أنا عايز راجل أثق فيه.

ف ابتسم مروان حينما تبدلت ملامح تمارا لأخرى وحاولت الفرار من هذا التلميح البشع بالنسبة لها: - آ، طب عايزة اروح، أنا تعبت من كتر الوقفة
ف سحبها ظافر برفق نحو سيارته و: - تعالي ياحببتي
وقادها نحو السيارة بينما مشى مروان من خلفهم ببطء وهو يتمتم: - ده انتي مصيبة ماشية على الأرض، مش سهله خالص!

واستقر كل منهم في مكانه بسيارة ظافر، وتماثلت تمارا للنوم للتهرب من أي حوار أو مواجهة منهم، ف لن تصمد كثيرًا أمام كذبتها، حيث إنها خالفت أوامر والدها ب عدم التواصل بأي شكل مع هذا الشاب، وإن تم اكتشاف الأمر لن يكون خيرًا، فقط مروان هو الذي لم يثق بحديثها ولكنه تستر على الأمر مؤقتًا.

دخل بهدوء لمنزله ليلًا غير متوقع إنتظار چيهان له، فهي غالبًا ما تكون نائمة في هذا التوقيت الليلي بعد إنهاء يوم شاق، ترك مفاتيحه وكاد يسلك الردهه المؤدي لغرفة النوم لولا ظهورها المفاجئ، كانت ترتدي فستان ضيق للغاية لم ترتديه منذ زمن، وقد مشطت شعرها وتركته على ظهرها بجانب استخدامها لمساحيق التجميل البسيطة، رمقها متعجبًا وهو يتسائل: - انتي رايحة فين بالشكل ده ياچيهان؟

- أنا مستنياك من بدري، مكنتش اعرف إنك بقيت تيجي متأخر أوي كده
ف ابتسم بسخرية و: - طبعًا وانتي هتعرفي منين! بقيتي بتنامي مع عيالك من العشا.

جذبته برفق نحو الطعام حيث أعدت مائدة كاملة من المأكولات الطيبة التي يحبها، ولكنه رغم ذلك كان فاترًا بشكل ملحوظ، جلس على رأس المائدة وهي بجواره، وعندما أحست بهذا البرود البادر منه حاولت أن تلطف الأجواء قائلة: - عمر أخد شهادة تقدير من المدرسة عشان درجاته في الأنجليش كانت عالية في ال 3 شهور اللي فاتوا، كان فرحان أوي ومستنيك عشان يقولك بنفسه بس مقدرش يسهر.

أومأ برأسه متفهمًا ومدّ يده يسحب صحن الحساء الكريمي، ثم بدأ بتناوله بدون أن يعقب على ما قالت، ف سألته: - انت كويس ياعلي!؟ شكلك مش طبيعي
- ماله شكلي! ماانا عادي أهو
- ماهي دي المشكلة، إنك عادي
ف ترك الملعقة ونظر إليها وهو يردف: - مش فاهم فين المشكلة؟
فقالت وشعور الحزن قد تمكن من قلبها: - إنك حتى مبتسمتش في وشي ولا شكرتني على اللي عملته!

فأجاب جوابًا صادمًا جعلها تتجمد بمحلها: - أشكرك على إيه!؟ انتي معملتيش حاجه زيادة، ده واجبك وانتي بتأديه
حدقت فيه غير متوقعة إنه سيجيب جوابًا مجحفًا قاسيًا گهذا، وبقيت لثوانٍ مدهوشة، متى تحول زوجها الحنون العطوف لرجل فظ هكذا؟!
لم تجد جوابًا مقنعًا كي تتغاضى عن عبارته التي ألمتها، ف سحبت نفسها ونهضت تاركة المائدة بكاملها، ودخلت غرفتها لتستر الجدران دموعها التي انسابت بصمت رغمًا عنها.

توقعت أن يفعل كما يفعل دائمًا، أن يهرول لمصالحتها والإعتذار عما بدر منه من قول ثقيل، ولكنه لم يفعل، مرّت ساعات بدون أن يدخل حتى غرفته، بينما عاشت هي لوعة الإنتظار لساعات طويلة، حتى غفت بفعل الإرهاق، غفت بدون حتى أن تُبدل ثيابها.

منذ أن استمعت تمارا قرار والدها القطعي بمنع رحلتها التي كانت قد حصلت على موافقته عليها بصعوبة شديدة، باتت في حالة حزينة للغاية، حاولت بشتّى الطرق أن تستحوذ على رضاه من جديد، ولكن رأسه گالحجر الذي لا يتفتت ولا يلين.
زفرت تمارا ب انزعاج وقد تقلصت تعابير وجهها بحزن وهي تعترض قائلة: - حضرتك وافقت وانا خلاص حجزت الرحلة، مينفعش تقولي لأ دلوقتي.

ف صاح وهو يحدجها بنظرات حازمة: - قلت مفيش سفر يعني مفيش سفر ومفيش كلام تاني
كادت تبكي كي تستعطفه و: - حرام والله، دي أول رحلة أطلعها في حياتي مع صحابي وحضرتك كنت واعدني بيها
نهض رستم عن جلسته و: - أمسي الموضوع ده، أطلبي مني أي حاجه تانية وانا انفذهالك، إنما سفر مع صحابك وتبقي بعيد عن عيني بعد اللي حصل ده مش هيحصل.

وخرج من غرفة المعيشة كي يدخل غرفته، تاركًا إياها تغوص في حزنها وهمّها الجديد، فقد أصبحت كذبتها سبب كافي لإعلان الحظر عليها، شعرت الآن أن الكذب ما كان سوى انتصار لحظي انقضى به الأمر حينها فقط، بينما توابعه وعواقبه ستعاني منها لبعض الوقت.

حتى عندما استيقظت صباح اليوم التالي كان علي قد انصرف منذ البكور حتى بدون أن يعيرها اه تمامًا، مازالت تعيش حالة من الصدمة للمرحلة المتأخرة التي وصلت إليها علاقتهم وهي لا تدري.! متى تكونت هذه الفجوة بينهم؟ متى أصبح متبلدًا تجاهها بهذا الشكل؟، يبدو إنها أهملت التفكير في الأمر حتى تطور معه.

اصطحبت أطفالها وقررت زيارة منزل والدها علها تنسى الأمر قليلًا، ولكن ملامحها كانت مفضوحة بكل كبير، خاصة أمام ظافر الذي سرعان ما أحس بوجود أمر ما بها.
كان مستعدًا للخروج لولا حضورها، ف اضطر الإنتظار معها قليلًا، حيث تجاهلت سؤاله عن حالها وماذا بها و: - بس إيه الشياكة دي على الصبح ياظاظا، رايح فين كده؟
ف نظر لهيئته وهو يجيب: - مشوار كده على السريع.

ثم حاوط كتفها بذراعه وجذبها نحو غرفة الإستقبال و: - تعالي نقعد شوية وسيبي الولاد مع تمارا
سارت معه وشعور الرغبة في البوح والشكوى يطغى عليها بشكل غير طبيعي، أحتمالية أن تضعف مع أول سؤال منه كبيرة، فهي ترغب في التخلص من هذا العبء ب إلقاءه على شخص آخر، ف لم تجد أفضل منه في الإستماع، جلس بجوارها وبنبرة صوته العذبة أردف: - مالك ياچيهان، وشك مش عاجبني.

ف أجبرت محياها على رسم ابتسامة مزيفة وهي تجيب بنبرة تكاد تنفجر صارخة: - مفيش ياحبيبي سلامتك
حرك رأسها لتكون نظراتها نحوه وسأل من جديد وهو مرتكزًا ببصره عليها: - لأ في، لو هتحكي ليا هتلاقي مين تحكيله
وإذ بالدموع تتجمع فجأة في مقلتيها وراحت تفيض من عينيها، ف انقبض قلبه وهو يزيل تلك العبرات التي أزعجته عنها وتسائل بقلق: - في إيه اللي حصل ياچيهان!؟

تلك الغصة التي تؤلم قلبها سيطرت على حلقها الذي أصبح مريرًا گالعلقم وهي تعترف بالحقيقة المُخذلة: - علي، على بيخوني ياظافر، بيعرف عليا واحدة تانية.

لم يرمش حتى وهو ينظر إليها مذهولًا مما سمع، هل يعقل أن يفعل زوج شقيقته فعلة شنيعة گهذه في حقها وحق أبنائهم الذين في عُمر الزهور، انتابه شعور بعدم التصديق، ولكن رؤيتها في هذه الحالة جعله يحس ب امتعاض شديد من هذا الذي آلمها وإن كان زوجها، فهو الشقيق الأكبر والوحيد لها، ل طالما كان عضدًا لهن وحماية، جدار من فولاذ يستندن عليه أيُما احتجن له، لذلك أحس بغريزة الأخوة تتحرك وب بقوة، ليرغب في سماع الحكائة كاملة منها.

كانت تمارا تحاول الحفاظ على توازنها أمام شغب يَزِن الصغير، وهو يجذب شعيراتها ويخدش عنقها ووجهها، ولكنها تعشقه رغم ذلك، إنه أصغر عضو في العائلة حتى الآن، ولهذا له مكانة خاصة لدى خالته الصغرى.
ابتسمت تمارا مبتلعة شعور العصبية كي لا تنفجر في وجهه، وأردفت: - ربنا يهديك ياحبيبي لحد ما مامي تخرج عشان خلاص شوية وهحدفك من الشباك وننزل نجيب أشلائك.

ثم نظرت ب تجهم نحو عمر وهو يشاهد قنوات الكرتون بتعلق شديد و: - مش المفروض تمسك أخوك شوية ياعمر عشان أقوم انا!
فأجاب وهو ينظر لشاشة التلفاز المسطح: - خليه ياخالتو معاكي هو بيحبك، أنا بتفرج على توم وچيري
أخفضت تمارا بصرها نحو يَزِن لتجده يبتسم إليها، ف انفرجت شفتيها بسعادة وهي تداعب أنفه: - حبيب خالتو ياخواتي بيضحك لي، إيه العسل ده.

وهمّت تُقبل شفاهه الصغيرة، ولكنها صرخت فجأة حينما قام الصغير ب عضّ شفتيها ب أسنانه الأمامية الحديثة، ابتعدت بوجهها وهي تتألم و: - يابن العضاضة، أمك كانت عضاضة برضو سبحان الله
ونهضت وهي تحمله لتفتح الباب عقب أن استمعت لطرقات عليه، فوجدت مروان يبتسم بسخافة و: - ناديلي أخوكي ياشاطرة
ولمح قطرة من الدماء على شفتيها، ف اختفت ابتسامته وهو يُقبل عليها بقلق وتسائل: - إيه الدم ده!

وكاد أصبعه يلمس شفتيها لولا إنها ضربت ذراعه ودفعته عنها وهي تقول: - إيدك يابابا أحسن توحشك
ف عقد حاجبيه و: - wow! أنا خوفت حقيقي
ف ناولته الصغير يَزِن فجأة بدون أن يستطيع أن يرفض ذلك و: - أتفضل شيل، وانا هدخل أنادي ظافر
ف نظر مروان للصغير ب ارتباك وهو يراها تنصرف و: - أستني هنا أنا مش بعرف أتعامل مع الأطفال
ف همست وهي تبتعد: - يارب يربيك في شويه.

ونظر للصغير الذي كان يلوح بيده في الهواء، ف ابتسم مروان وهو يقربه منه، ليجد صفعة فجائية على وجهه من تلك الأصابع الصغيرة التي تؤلم رغم صغرها، ف حدق مروان و: - يبقى انت اللي عملت فيها كده، صح؟، شاطر يازيزو
تنهد ظافر لا يعلم بماذا يجيبها بعد ما علم بكل ذلك، ولكنه وجد نفسه محايدًا: - لازم تواجهيه، واقعدوا اتكلموا مع بعض واسمعي منه ليه عمل كده، بلاش تحكمي عليه من غير ما تسمعي.

ف رمقته بعدم رضا و: - انت أخويا ياظافر وبتقول كده! مهما كانت أسبابه مش من حقه يعمل كده
- عارف، وعندك حق طبعًا، بس ده ميمنعش إنك لازم تسمعيه
دخلت تمارا وهي تقول: - ظاظا تعالى شوف صاحبك برا
- حاضر هخرج له
خرجت تمارا بينما تابع هو: - بصي ياچيهان، الزوجين لازم يحلوا مشاكلهم بنفسهم ومرحلة تدخل الأهل دي تبقى آخر مرحلة يلجئوا ليها، و...

قطع صوته مع سماع صوت أنثوي يصيح بالخارج، ف دقق مسامعه وهو يردف: - نرمين؟ ده صوت نرمين!
ونهض مسرعًا نحو الخارج ومن خلفه چيهان مهرولين لرؤيتها، حيث إنها تقضي أجازة زواجها شهر العسل ولم تنتهي بعد..
وما أن رآها ظافر في هذه الحالة المنفعلة نطق بأسمها مذهولًا: - نرمين!
ف صاحت بعصبية مفرطة: - أنا عايزة اطلق ياظافر، أنت اخويا ومن حقي عليك إن تتصدرلي وتقف جمبي.

مازال الشدوه مؤثرًا عليه وهو يقول: - انتي بتهزري يانرمين! طلاق إيه ده انتي مكملتيش أسبوع جواز
- هو كده، هنطلق يعني هنطلق، أنا مش هعيش معاه دقيقة كمان
نظر ظافر لهاتفه ليجد رقم الأمن المسؤول بالفندق، ف اضطر أن يجيب على عجل لعل الأمر خطير: - أيوة، في إيه؟
فوجد الأمن يبلغه ب: - هايدي هانم لسه معدية قدامي دلوقتي يافندم ودخلت الفندق، وقولت لازم ابلغ حضرتك.

مؤكد إنها أتت من أجل هذا الأمر الذي تورط فيه، كان يشعر إنتا ستقوم بفعل گهذا، ولكنه مع ذلك أحس بضرورة التدخل كي لا يصبح الأمر ساحة معركة لكلاهن، سيراها في هذه الحالة حتمًا، وكم هكا ثقيل على قلبه!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة