قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الخامس عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الخامس عشر

رواية إغواء قلب للكاتبة ميرا كريم الفصل الخامس عشر

استفاقت هي بنشاط على غير عادتها عازمة الذهاب للسنتر الخاص بها فبعد تلك القرارات الحاسمة خاصة أمس زادتها عزيمة وحب للحياة، و رغم أن خالتها احزنتها ولكن مراضاة صقر لها هونت عنها الكثير.
فبعد انتهائها من روتينها اليومي وارتداء ملابسها تدلت الدرج بخطوات سريعة قاصدة تتجنب مقابلة خالتها وإن همت بفتح الباب والخروج أتاها صوتهاوهي تصيح بغضب:
رايحة فين يا هانم بدري كده؟

زفرت فدوة بخفوت والتفتت لها تجيبها: رايحة السنتر ياخالتو
وبتتسحبي ليه كده هو انتِ فاكرة أن بعد الكلام الفارغ اللي قالو صقر امبارح عن فسخكم لخطوبتكم ان انا مش هيبقالي حكم عليكِ ولا ايه
انا مقولتش حاجة ياخالتو.

هدرت هند بجبروت وبنبرة متحكمة: لأ كمان قولي ما ده اللي ناقص يابنت اختي اسمعي الكلام يا فدوة وتحطيه في دماغك مش هتتجوزي غير صقر ومش هتخرجي من تحت طوعي طول ما انا عايشة فاهمة واول ما صقر يرجع تقوليله انك رجعتي في كلامك وميعاد الفرح زي ما هو.

غامت عين فدوة بحزن من تحكمات خالتها التي لم تعير أي اهتمام لرغبتها ولا مشاعرها وهدرت بنبرة مختنقة وهي تحاول كبت دمعاتها: مش هعمل كده يا خالتو أنا مش لعبة تحركيها زي ما تحبي انا بني ادم وعندي احساس ومشاعر
ردت هند ساخرة: ده من امتى يافدوة طول عمرك بتسمعي الكلام ايه اللي جد!

غمغمت فدوة بعدما طفح بها الكيل: من ساعة ما بصيت لحياتي من زاوية تانية كنت غافلة عنها واكتشفت اني ممكن ابني حياة نظيفة من غير طمع ولا مطاردات ومن غير تحكمات.

لتستأنف بعدما انسلتت دمعاتها دون إرادة: انتِ فاكراني مش عارفة ايه غرضك من جوازي من صقر، لأ انا فاهمة ياخالتو بس كنت بكدب نفسي انك مش عايزاني اطالبك بميراثي من امي بس احب اطمنك انا هسيبلك كل حاجة وهسافر مش عايزة منك حاجة غير انك تسبيني اعيش زي ما أنا عايزة.

تأففت هند وقالت بتبجح: ميراث ايه اللي انتم طالعين لي فيه ده انتِ اصلاً ملكيش حاجة عندي ده حقي دي فلوس ابويا اللي ديمًا كان بيفضل امك عليا ويدهالها
همهمت فدوة من بين دمعاتها: ياخسارة ياخالتو كنت شيفاكِ حاجة كبيرة قوي في نظري وكنت بسمع كلامك علشان كنت فكراكِ بتحبيني وعايزة مصلحتي لكن انتِ خالفتي كل توقعاتي
رفعت هند يدها وهوت على وجنتها بصفعة مدوية آلمتها وارتدت على اثرها الى الخلف.

وتلاها صراخ هند بوجهها: إنتِ قليلة الأدب وانا معرفتش اربيكِ
رفعت فدوة نظراتها المنكسرة لها ولم تتفوه بشيء بل ركضت بخطوات غير متزنة الى الخارج وشرعت بركوب سيارتها تنطلق بها بسرعة متهورة.

أما عنه بعد ذلك الخبر المشؤوم خاصة الأمس لم يغمض له جفن وظل الغضب يتأكله طوال الليل وهو يجلس بسيارته أمام قصر العزازي ينتظر خروجها بفارغ الصبر الى أن انتبه لأنطلاقها بسيارتها بسرعة فائقة من أمامه ليشعل المحرك ويتبعها، أما هي كانت تقود ودمعاتها تنساب بلا إنقطاع ومع كل شهقة منها كانت تزيد من سرعتها بشكل خطير للغاية، زفر بضيق وهو يحاول ملاحقتها بعدما ضرب المقود بيدة عدة ضربات بغضب جامح فسرعتها تلك قد تعرضها للخطر و حمد ربه ان الطريق كان يخلو من السيارات وعندما أقترب قليلًا من سرعتها ظل يطلق من بوق سيارته ضجيج بلا انقطاع يحسها على التوقف وعندما وصل إلى سرعتها سبقها بمسافة صغيرة وقام بتغير مسار سيارته لتعترض طريقها لتشهق هي بقوة بعدما انتبهت له و دعست على المكابح بقوة لتتوقف السيارة على بعد خطوة واحدة منه، زفر هو بإرتياح وترجل من سيارته بعصبية مفرطة وتوجه لها ولكن ما أثار ريبته أنها لم تخرج توبخه كعادتها تقدم نحو سيارتها بخطوات حذرة وحين وقع نظره عليها تجمدت اوصاله من هيئتها وتناسي غضبه منها ليصيح بقلق وهو يفتح باب السيارة: فدوة انتِ كويسة.

جثى بالأرض أمام مقعدها وظل يهز بها لعلها ترد عليه لكن دون جدوى فيبدو أنها فقدت الوعي ليهدر من جديد بضيق و بنبرة هستيرية: فدوة مالك علشان خاطر ربنا متعمليش فيا كده تطلع هو الى شحوبها والى آثار الصفعة على وجهها بضيق شديد ليعدو الى سيارته ويحضر زجاجة العطر الخاصة به من تابلوه السيارة ويهرول إليها من جديد
ينثر بعض من عطره النفاذ بيده ويظل يمررها أمام أنفها يحاول أن يفيقها.

تململت هي قليلاً بعدما تهجمت معالم وجهها من رائحته التي تسللت لأنفها
وهمهمت بتقطع وبغير اتزان: أك، مل...
ابتسم بسعادة مطلقة بعدما تفوهت بأسمه وشعر ان قلبه زاد عدد نبضاته وجميعها تصرخ بإسمها ليهتف بلهفة:
حبيبتي انا هنا معاكِ وعمري ما هسيبك تاني يافدوتي.

رفرفت بأهدابها عدة مرات وهي تحاول أن تستعيد وعيها تدريجياً وحين شعر هو بأنها بخير وانها إغماءة عادية زفر بإرتياح وجثى بالأرض مقابل لها وهو يهيم بها بعدما احتضن كفها
وان استعادت وعيها كليًا انتفضت بقوة ودفعت يده بعدما استقامت بجلستها، ليهمهم هو بنبرة عاشقة يشوبها القلق وهو مازال يجثو أمامها: بقيتي احسن يافدوتي
ابتسمت هي ساخرة بعدما رمقته بغيظ وغمغمت بوهن: متقوليش زفتتي دي تاني وانت مالك يهمك في ايه؟

أجابها منفعل: لأ يهمني وانتِ عارفة ليه، ليتنهد بقلة حيلة بعدما طال صمتها: طب على الأقل قوليلي مين اللي عمل في وشك كده، اوعي يكون صقر قسم بالله اروح اقتله
ردت هي بسخرية مريرة وهي تستند على عجلة القيادة برأسها: مش كفاية انك ندل، وجبان طلعت كمان قتال قتلة ثم تنهدت بسأم واستأنفت وهي ترمقه باشمئزاز: ياريت تبعد عن سكتي علشان عايزة امشي لتشعل محرك سيارتها من جديد.

ليمنعها هو بعصبية مفرطة وهو يتمسك بباب سيارتها: لازم نتكلم مش هسيبك تمشي
هتفت هي بسأم: مفيش كلام ما بينا ينفع يتقال
ابتسم هو من بين أسنانه
وقال بخبث: يبقى انتِ اللي جبتيه لنفسك يا فدوة
وإن همت تستفهم ما يقصده كان هو يكمم أنفها بمنديل مخدر لتسقط هي في سبات عميق
ويبتسم بإنتصار وهو يضع يده خلف ركبتيها بعدما انحني بجزعه عليها وقام بحملها وتوجه الى سيارته ومددها على المقعد الخلفي ثم أنطلق بها.

في مشفى الجارحي
دخلت الى غرفة الصغير زين وهي تحمل بيدها أغراض كثيرة احضرتها خاصًة له، تهللت اسارير زين وظل يصفق بسعادة حين دلفت اليه
لتهتف هي بمشاكسة: صباح الخير يا زين الرجال
ابتسم الطفل بسعادة من ذلك اللقب الذي اطلقته عليه ورد: انا زين الرجال. الله الأسم ده حلو اوي يا ميوش
غامت عيناها بحزن لوهلة بعدما تردد على مسامعها ذلك الأسم الذي كان يخصها به هاشم دائمًا( ميوش).

ولكنها ازاحت حزنها وتحدثت وهي تضع ماتحمله بيدها على فراش الصغير قائلة: شوف بقى انا جبتلك ايه علشان انت اثبتلي انك قوي وسمعت الكلام.

اتسعت عين الصغير بحماس وهو يفتح الحقائب لتتهلل أساريره بعدما وجد كم هائل من المثلجات بجميع النكهات المفضلة لديه وأما بالحقيبة الأخرى كان يوجد لباس تنكري خاص بتلك الشخصية الكرتونية المحببة لدى الأطفال ليهتف بسعادة: وااااااااو ده لبس سوبر مان انا مبسوط اوي يا ميوش وحبيتك اوي انتِ احلى صاحبة في الدنيا ليقوم بأحتضانها بقوة في حين ربتت هي على ظهره
بحنان وقالت بمشاكسة: طب يلا البسه ووريني البطل الهمام.

ضحك زين بقوة بعدما طلع من احضانها وذهب الى الحمام ليغير ملابسه في تلك الأثناء كان هو يمر على المرضى مثل عادته كل يوم وعند وصوله لغرفة زين تسمر بمكانه بعدما سمع صوتها بالداخل و انتابه الفضول ليرى كيف تتعامل مع الصغير
أما هي رتبت الفراش ووضعت
العابه جانباً وانتظرت خروج زين
ليندفع الصغير اليها بقوة وهو يقفز من السعادة هاتفًا: الله انا مبسوط اوي دي ماما مش هتصدق اني بقيت خارق واقدر أطير.

ضحكت هي بصخب على طفولته وقالت من بين ضحكاتها: خارق ايه يا زين الله يخليك دي شخصية كرتونية يا حبيبي و مش حقيقية ومينفعش نقلدها إحنا بني ادمين ومعندناش اجنحة علشان نطير بيها ربنا خلقنا كده لكن في طيور تقدر تطير لكن احنا لأ
مط فمه بطفولة وقال بضيق وهو يكتف يده على صدره: يعني مش هطير زي سوبر مان
هزت رأسها بنفي قاطع واستأنفت: انت تقدر تعمل حاجات تانية بيعملوها الأبطال وربنا كمان ميزنا بيها.

اتسعت عينه بحماس ورد بعفوية مطلقة: عرفت انا هساعد الناس اللي محتاجة مساعدة وهسمع كلام ماما
ابتسمت هي وقامت بتقبيل رأسه بخفة وقالت: براو عليك يازين الرجال يلا بقى ناكل الأيس كريم قبل ما يسيح
أومأ لها وظلو يتناولون المثلجات بنهم
واستمتاع شديد وهم يتبادلون الأحاديث بينهم أما عنه ظل يتأملها خلسة من خلف الباب بقلب متألم وعيون غائمة بالمشاعر المتخاذلة إلى أن فاجأه صوت والدة زين:.

اتفضل يا دكتور واقف كده ليه؟
تلعثم هو بعدما شعر بالحرج من وقفته التي دامت كثيرًا دون أن يشعر: انا كنت جاي اطمن على الولد بس لقيته مبسوط مرضتش ادخل
ابتسمت والدة زين بمغزى بعدما لاحظت تلعثمه وتوتره البائن وقالت: اتفضل ادخل يا دكتور ولا يهمك
لتدفع الباب وتسبقه
ليلحقها هو بخطوات عملية بعدما استبدل ملامحه للجمود التام.

استقامت هي عند رؤيته وظلت تتحاشى النظر له أما الصغير ظل يهلل لوالدته ويقص عليها ما أخبرته به مي لتقول والدته: انا ممنونة ليكِ وعلى اهتمامك بزين
أجابتها مي بعفوية وهي تبعثر شعر الصغير بأناملها: قصدك زين الرجال حبيبي
ضحكوا سويًا غير عابئين بذلك المتجهم من قولها ويجز أضراسه بغيظ ليقطع ضحكاتهم بنبرته العملية التي صدرت منه حادة دون شعور: يلا يا زين تعالا اكشف عليك علشان اكتبلك على خروج.

هز زين رأسه بقوة وقال: لأ مش عايز اخرج وأسيب ميوش
زفر هاشم بتأفف بعد تفوه الصغير وهدر بعصبية لم يعلم سببها: مسمهاش كده اسمها دكتورة مي الجارحي
انكمش الصغير بذعر وهو يحتمي بها لتربت هي على ظهره بحنان وتقول بشراسة افحمته: انت مالك يقول اللي هو عايزه انت ازاي تتعصب على الولد كده وبعدين مفروض يبقى عندك صبر يا دكتور أمال على أي اساس بتحب الأطفال.

ابتلع ريقه ببطئ شديد بعدما تفهم على ماذا ترمي بحديثها وهمهم: مكنش قصدي اتعصب عليه
ليوجه حديثه ل زين: أنا أسف يا زين متزعلش
عن اذنكم هبقى أمر عليه بعدين
لينصرف وهو يلعن غبائه وتسرعه
لتنظر والدة زين لأثره وتقول بهدوء موجة حديثها ل مي: على فكرة بيحبك وبيغير عليكِ ده مستحملش الولد يدلعك قدامه اوعي تفرطي فيه
ابتسمت مي ببهوت وردت بنبرة متحسرة: هو اللي فرط فيا مش انا.

لتستأنف بسأم بعدما انشغل الصغير بألعابه: عن اذنك اشوف شغلي وحمد الله على سلامته لتنسحب بهدوء تاركة والدة زين تدعو لها بصلاح الحال.

كان يجلس برفقة صديقه داخل شركته يباشر أمور العمل، إلى ان قاطعهم دخولها محملة كوبين من الشراب الساخن وعلى ثغرها ابتسامة ساحرة خطفت انفاسه لتتحدث وهي تضع ما بيدها على المكتب: عملتلك الخلطة السحرية علشان معدتك وكمان عملت شاي لمستر اكرم
همس صقر بإمتنان وهو يتمعن بها: تسلم ايدك يافتون انا بجد كنت محتاج حاجة دافية
عضت طرف شفتها السفلية بخجل بعدما التقطت تمعنه بها وأردفت: تسلم، تأمرني بحاجة تانية.

تناوب اكرم النظرات بينهم بريبة وهو يتنحنح ويرفع كوب صقر لفمه بتلذذ قائلًا: لما نشوف يطلع ايه المشروب السحري ده
ليمنعه صقر بحدة متمسك بكوبه: انت يا زفت مش قدامك كوبايتك
ليجيبه أكرم بخفة: لا ياعم انا عايز من ده طعمه حلو
ابتسمت فتون بهدوء واقترحت: خلاص هعملك غيره
أومأ لها بأمتنان وإن همت بالانصراف استوقفها صقر: فتون هاتي شنطتي علشان في ملف هياخده أكرم يستلم بيه المعدات.

ابتلعت ريقها بتوتر وزاغت نظراتها وهي تنفذ طلبه وتناوله ذلك الملف التي كادت أن تعبث به من قبل ولكنها تراجعت بأخر لحظة
لفت نظره توترها الزائد ورجفة يدها
ليتسائل بقلق: انتِ كويسة يا فتون مالك؟
رفعت عيناها له وظلت متجمدة بأرضها لحين هدر بأسمها: فتون
اجابته هي بتوتر: هااا انا كويسة عن اذنك اشوف شغلي ثم انسحبت بهدوء وتركته ينظر لآثارها بريبة
ليتحدث اكرم بيقين قوي: انا كنت شاكك من الأول.

تسأل صقر بتوجس: شاكك في ايه يازفت؟
أجابه اكرم: انك بتحبها يا صقر عينك بتلمع لما بتشوفها ده غير لهفتك عليها اللي باينة زي عين الشمس
رد صقر بثقة: نقطني بسكاتك مش ناقصك وبعدين اه بحبها و هتجوزها كمان ارتحت
هدر أكرم بذهول: بتقول ايه انت اكيد مش في وعيك
رد صقر بإصرار: لأ في كامل وعي وبقولك حضر بطاقتك علشان هتشهد على العقد.

حاول أكرم تعقيله: انا عارف أن البت جامدة وانا بنفسي حاولت معاها بس كانت بتصدني بس اكيد انت محبتهاش لدرجة انك تعادي امك وتسيب فدوة بسببها
زفر صقر بغضب وهو يتوجه له ويقبض على مؤخرة رأسه و أرجحه للأمام بخفة هاتفًا بجدية: اولًا مسمهاش بت ثانياً وده الأهم دي هتبقى مراتي ولو سمعتك بتقول كلمة عليها هعلقك من قفاك مفهوم ولا لأ ثالثاً بقى انا وفدوة سبنا بعض.

برقت عين أكرم ونطق بذهول مشككًا: هو ده بجد ولا انت بتهزر!
أجابه صقر بثقة عارمة وهو يتركه ويعدل له هندام ملابسه دون تكلف: لأ بجد انت عارف مليش في الهزار ويلا بدل ما أنت عارف هعمل ايه فيك
تراجع أكرم خطوتان للخلف وقال بيأس فهو يعلم صديقه لا يطيق النقاش بأمر مقتنع به: ياعم انت اصلًا بتتلكك علشان تعلقني بس اقول ايه ربنا على المفتري انا همشي احسن واللي انت شايفه غلط اعمله
ليسحب الملف بعد توقيع صقر عليه.

ويغادر وهو يتأفف بعدم رضا من قرار صديقه المتسرع.

بعد خروج أكرم شعر هو بغرابتها بعد أن ذكر أمر ذلك الملف لم يعلم سبب توترها ولكن لم ينكر أن انتابته بعض الشكوك نحوها ولكنه طرد أفكاره وقام باستدعائه اليه
دخلت هي وعلى وجهها ابتسامة باهتة لم تصل الى عيناها وقالت بنبرة هادئة: طلبتني يا صقر أومأ لها وهو يؤشر على الطاولة وتحدث: الصندوق ده علشانك
تساءلت بريبة: ايه ده ياصقر
مش عارف شوفي انتِ كده.

شعرت بالحماس عندما سقطت عيناها على الصندوق فكان مبهر بلونه الأسود الأنيق ويحاوطه شريط أحمر لامع يخطف الأنفاس تقدمت نحوه وحلت الشريط من حوله لتشهق بقوة و تصفق بسعادة بعدما فتحت ذلك الصندوق الأسود بانبهار فكان يوجد بداخله كميات هائلة من الشوكولاتة الفاخرة بجميع أنواعها لتقول بسعادة:
الله انا بحب الشوكولاتة اوي بس انت جايب كتير اوي كل ده ليا.

ابتسم بعشق وهو يطالع سعادتها التي بدت عليها وقال بنبرة حنونة بعدما اقترب منها: حبيبتي انا مش عارف انتِ بتحبي ايه فجبتلك كل الانواع وانتِ شوفي اللي تحبيه وابقى اجبلك منه علطول.

تمسكت بيده ورفعت عيناها الغائمة اليه وقالت بنبرة عفوية صادقة نابعة من قلبها: انا عمر ما حد جابلي حاجة بحبها حتى لما كنت صغيرة مفتكرش ابويا عمره جابلي زى الاطفال، انا بحبك اوي يا صقر انت بتعوضني عن حاجات كتير انا اتحرمت منها وأولها الأمان اللي عمري ما حسيته غير معاك اوعي تسبني ياصقر مهما حصل
جذبها وقال بهمس عاشق وهو يقبل مقدمة شعرها: انا عمري ما أقدر أسيبك يا فتون انا روحي فيكِ.

لتتنهد براحة عارمة وتهيم به وهي تشعر من أن يتمثل به كافة أحلامها وآمالها
ليشاكسها بمرح وهو يرجع أحد خصلاتها خلف اذنها: هو الصندوق ده مفيهوش غير شوكولاتة بس ولا ايه ماتيجي نفتش كده يمكن نلاقي حاجة تانية
ضحكت هي وهمهمت: هو في حاجة تانية!

رفع منكبيه وهو يؤشر لها أن تتفقده بنفسها فقد حملته وجلست به على الأريكة وقامت بإفراغ محتوياته لتنتابها صدمة عارمة بعدما وجدت علبة صغيرة مخملية اللون لتتسائل بعدها: ايه ده ياصقر
سحبها من يدها وفتحها أمام عيناها لتلمع عيناها ببريق ذلك الخاتم الماسي البراق الذي خطف أنفاسها
ليتحدث هو بنبرة هادئة: ده خاتم خطوبتنا وعلى فكرة ده غير الشبكة
شبكتك انتِ اللي هتختاريها بنفسك.

وإن قام بسحب يدها يريد وضعه ببنصرها تمنعت هي بخجل: بس الخاتم ده شكله غالي اوي
اجابها ببسمة حانية: حبيبتي مفيش حاجة تغلى عليكِ
هزت رأسها بعدم اقتناع وقالت بتوتر: انا مقدرش أقبله منك ياصقر خليه معاك وابقى ادهولي لما نكتب الكتاب
عقد حاجبيه وتسائل: ليه يافتون فهميني؟
أجابته بتوتر: ريحني علشان خاطري وبعدين انا مش شبكتك امبارح بخاتم ماما ولا علشان هو فضة مش عجبك.

ابتسم وهو يتطلع لذلك الخاتم الذي بيده وهدر: بالعكس ده عجبني اوي وحسيت تصميمه مميز جدًا
ابتسمت له عندما سحب يدها بين كفيه وقال بتسأل: قوليلي ليه ديمًا بتتكلمي عن مامتك وعمرك ما ذكرتي باباكِ هو متوفي هو كمان...
زاغت نظراتها وانقبض قلبها بشدة من مجرد تذكرها له لتهمهم بنبرة ضعيفة متوجسة خيفة من القادم: لأ عايش ياصقر وهحكيلك كل حاجة بس علشان خاطري مش دلوقتي سيبني اتمتع بقربك واشبع منك.

لتستند برأسها على ذراعه بعدما تشابكت أناملها بخاصته تحاول أن تستمتع بقربه وتطرد أفكارها السوداوية جانبًا أما عنه لم يعلم لما راودته الشكوك من نحوها وظل يضع بذهنه كل الإحتمالات الواردة قاطع تفكيره صوت رنين هاتفها الخلوي لتبتسم هي بأتساع وتناست ضيقها عندما رأت رقم شقيقتها التي دائما تحاكيها منه
لترد بلهفة: فرحة وحشتيني انا زعلانة منك كده متجيش في الاجازة اللي فاتت.

وانتِ كمان يا تونة بس اعمل ايه امتحناتي قربت وبنقعد انا والبنات نذاكر المهم طمنيني عليكِ
الحمد لله ياحبيبتي مش ناقصني غيرك
هانت ياتونة بقولك مفيش اخبار عن بابا زاغت نظراتها وجف حلقها من سيرته لتجيبها بإقتضاب: لأ مفيش
نفسي اطمن عليه ياتونة وعايزة ازوره
انتِ بتقولي ايه انتِ اتجننتي؟
عقد حاجبيه باستغراب من كلماتها التي بدت له أنها تتعمد أن تكون مختصرة لتستأنف فتون بعدما لاحظت تركيزه معها: صقر بيسلم عليكِ.

ابتسم بسمة عابرة لم تصل لعينه ثم سحب الهاتف منها وتسائل برزانة: ازيك يافرحة اخبارك ايه؟
ردت فرحة بعفوية وتسرع دون تفكير: الحمد لله يا صقصق انت اخبارك ايه اوعى تكون مش بتاخد بالك من تونة انا عارفة انكم في الشغل مش مقصرين معاها يعني سلمتوها شقة وعربية ده غير المرتب الكبير اللي بتاخده وبتدفعلي منه مصاريف المدرسة بس ده ميمنعش انك برضو تاخد بالك منها.

جمدت معالم وجهه لثوانِ يحاول أن يستوعب ما تتفوه به لينظر لفتون بنظرات ثاقبة ويهمهم بثبات: فتون في عيوني يافرحة
ابتسمت هي بعدما سحبت الهاتف مرة أخرى: خلي بالك من نفسك وابقي كلميني لما تاخدي الأذن
حاضر مع السلامة علشان عندي حصة وخايفة اتأخر عليها
أغلقت معها وهي ترمقه بتوجس بعدما تركها وجلس على مقعده الدوار وقام بإشعال سيجاره وينظر لها بنظرات غريبة لم تتفهم المغزى منها اقتربت منه بهدوء وسألته:.

مالك ياحبيبى ايه اللي حصل هي فرحة قالتلك حاجة زعلتك انت عارف انها بتحب تهزر
قاطعها بحزم وبملامح جامدة: مفيش حاجة بس عندي شغل كتير محتاج تركيز ممكن تعمليلي قهوة
هزت رأسها بطاعة دون أن تشكك بشيء: من عيوني يا صقر ثواني واعملك احلى فنجان قهوة لتقترب منه بخفة وتضع قبلة خاطفة على وجنته وقالت وهي تركض وبيدها الصندوق: شكراً ياحبيبي ربنا يخليك ليا.

تنهد تنهيدة مثقلة وهو ينظر لآثارها وبداخله يقين قوي أن شكوكه ستكون حتمًا بمحلها.

تململت هي بضعف في نومتها ورمشت بأهدابها عدة مرات حتى استفاقت لتشهق بقوة بعدما وجدته يجلس بجانب فراشها يتأملها وهو ويلتهم سجائره لتهدر بعصبية وهي تنهض بقوة: انا فين وايه اللي جابني هنا؟
استند على ظهر مقعده بأريحية واجابها ببرود استفزها: اهدي يافدوة انتِ في الشاليه بتاعي اللي في الساحل
شاليه ايه؟ انت جبتني هنا أزاي؟
اجابها ببسمة واسعة وكأن ما يقوله شيء عادي: خدرتك علشان لازم اتكلم معاكِ.

شهقت هي بقوة واندفعت الى الباب الموصود تحاول فتحه: انا عايزة امشي حالاً افتحلي الباب
هدر هو بهدوء زاد من استفزازها: مفيش خروج من هنا غير لما تفهميني ايه موضوع سفرك ده
التفتت اليه وقالت متهكمة وهي تكتف يدها على صدرها: عرفت بالسرعة دي لأ براو عليك
أقترب منها وتسائل بنبرة راجية: ردي عليا وريحيني
أجابته وهي تدعي الثبات: اه هسافر ومش هتقدر تمنعني.

جز نواجذه بغضب بعد تفوهها وصرخ بغضب وهو يقبض على ذراعها: مستحيل اسيبك تبعدي عني انتِ فاهمة مفيش سفر وقسم ب الله لو فكرتي بس تبعدي خطوة عني لهوريكِ ايام اسود من شعر رأسك
ابتسمت هي بسخرية وهدرت بتحدي: وريني هتقدر تعمل ايه يا أكمل يا صرفي.

زفر بضيق وهو يحاول التغاضي عن تحديها السافر له وحاول جاهداً جماح غضبه ليهسهس أمام وجهها بعدما اقترب منها قرب مميت: مش هتكوني غير ليا وبكرة هثبتلك ده وبلاش تتحديني علشان انتِ عارفاني كويس
هتفت هي بشراسة بعدما نفضت يده واستندت على الحائط خلفها: اعلى ما في خيلك اركبه يا أكمل وقولتلك بدل المرة الف ابعد عني وحكايتنا خلصت.

زئر أكمل بغضب أرجفها وقال بنبرة متألمة نابعة من قلبه بعدما ضرب بقبضته الحائط خلفها: انتِ ليه مش عايزة تفهمي اني لسه بحبك وندمت على اني سيبتك والسنين دي عدت عليا بالعافية وانا براقبك من بعيد ومش قادر اقربلك سامحيني واغفري وريحي قلبي اللي تعب من فراقك.

هزت رأسها بنفي قاطع وهدرت وهي تدعي الثبات تتغاضى عن تأثير كلماته عليها: مش هيحصل انا مش لعبة في ايديكم انا زهقت منكم كلكم ومعنديش استعداد اتحمل اكتر من كده اقترب أكثر منها بشكل مخيف أربكها ورفع يده ويتحسس وجنتها بهدوء هامسًا بعدما استند بجبهته على خاصتها:
متعمليش فيا كده يا فدوة انا محتاجلك والله ندمت على فراقك
اغمضت عيناها بقوة من تأثيره الطاغي وتعالت أنفاسها مهمهمة بضعف: ابعد عني يا أكمل.

اقترب اكثر وهو يتحدث بهمس مثير للغاية أمام وجهها: بحبك يافدوتي متسبنيش لينخفض ويتلمس بشفتيه وجنتيها، لتتهدج أنفاسها بعدما شعرت بأنفاسه الحارة تلفح جانب وجهها وان همت برفع عيناها له تلامست شفاههم معا ليلتقط هو شفاهها بنهم وتلهف شديد واشتياق دام لسنوات رغبة منه أن يروي صحراء قلبه من فيض نبعها، انهارت هي بين يديه وفي لحظة ضعف منها بادلته لهفته دون وعي بعد ان مررت أناملها بخصلاته القصيرة وذلك ما أثاره بشدة وجعله يتعمق أكثر بقبلته وأن قام بمحاوطتها وجذبها اليه أكثر تنبهت هي لبشاعة ما اقدمت عليه لترفع ساقها بحذر وتضربه بين ساقيه بقوة، صرخ هو لتدفعه عنها وتستغل تلويه من الألم وتهم بتفتيش سترته الموضوعه على المقعد تبحث عن مفاتيحه وحين عثرت عليها توجهت الى الباب وقامت بفتحه وركضت الى الخارج بسرعة متناهية لتستقل سيارته وتنطلق بها تاركته هو مازال يتلوى ويصرخ بأسمها كي تعود.

أما عنه بعد وصوله الى قصره ظل يسبح داخل بركة السباحة دون انقطاع يحاول ان يهدئ ثورة افكاره التي كادت تطيح به فما تفوهت به فرحة آثار شكه بقوة وما زاد الأمر سوءٍ هو هيئتها المرتبكة وحديثها المتلعثم معه، فبعد وقت دام لعدة ساعات عاد الى غرفته واستبدل ملابسه وقام بتناول هاتفه وطلب رقم أكرم: الو ازيك يا أكرم
رد أكرم بريبة من الطرف الآخر: تمام ياصقر خير في حاجة ولا ايه اول مرة تكلمني بليل.

إجابه صقر: عايز استفسر منك على حاجة
قول
تسأل صقر والشكوك تعصف برأسه: فتون مين اللي شغلها في الشركة
استاذ حامد مدير التسويق هو اللي اختار المتعينين الجداد وهو كمان اللي رشحها لي علشان تبقى المساعدة بتاعتك
بكرة الصبح عايز الملف بتاعها على مكتبي وعايز حامد تحت عنيك تعرفلي شغله ماشي ازاي وترجعلي كل ميزنياته مع قسم الحسابات
رد أكرم بطاعة: حاضر ياصقر
وهنا أغلق مع صديقه وهو يدعو ربه أن يخيب ظنونه نحوها.

في صباح اليوم التالي في الچراج الخاص بشركة العزازي
صفت هي سيارتها وترجلت منها وهي تطالع ساعة يدها فقد تأخرت على دوامها بضع دقائق ليستوقفها نبرة رجولية تمقت صاحبها و تعرفه تمام المعرفة:
والله وليكِ واحشة يا بت العايق
تسمرت بمكانها و شحب وجهها و نطقت بذهول وكل خلية بجسدها تنتفض: جمال...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة