قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

رواية إستسلام غير معهود (مواجهة الأسد ج2) للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والعشرون

كانت عيناه تتسع رويدًا رويدًا تبتلع ذاك المشهد الصادم بين الجفون فلم يكن سوى شرارة حارقة مميتة!
أمسك وجهها بين يديه يهزها بقوة صارخًا بهيسترية:
-شهد، شهد فوقي، شههههد
وكأن عقله توقف تمامًا عن العمل فلم يدري ماذا يفعل...!
ينظر للدمار وهو يقترب ببطئ مثير للشفقة، ويأذن للموت أن يتمهل في تعجيزه!؟

واخيرًا إستطاع الحركة فنهض مسرعًا يركض نحو المطبخ ليجلب زجاجة مياه وتناول العطر وهو في طريقه للفراش ليبدأ برش قطرات عليها مسرعًا يكاد يرجوها أن تحقق النتيجة المرجوة...
قررت إعفاءه من شبح الجنون الذي كاد بتلبسه فبدأت تفتح جفناها ببطئ شاهقة من المياة، فأسرع عمر يساعدها على الجلوس وهو يهتف بلهفة:
-شهد، شهد إنتِ كويسة؟!

هزت رأسها موافقة دون أن تنطق، فكان هو الأسرع ليحتضنها متشبثًا بها بقوة وكأن أصبح يخشى الأذى أن يلاحقها كما يفعل دومًا...
أن ينتشلها من بين براثن دنيا لم ترحم الضعف الفطري الذي تستند عليه حياتها!
وهي لم تمانع فارتكزت على صدره مغمضة العينين بأرهاق نفسي متلاحق حتى بدأ يتزعزع للجسد عله يخف حمولة الضغط الدائمة...
فيما ظل يهمس عمر بصوت واهن مصدوم وقلق حتى تلك اللحظة:.

-حرام عليكِ والله كنت هموت، إيه اللي حصلك؟!
لم ترد عليه فنهض يبعدها برفق قائلاً بصوت حازم:
-أستنيني هنا هروح أتصل بالدكتور وجاي على طول
هزت رأسها نافية بهدوء، لتجبر نفسها على النطق بصعوبة ونبرة واهية:
-لا لا أنا كويسة، هو بس نزيف من مناخيري بيجي لي لما أتوتر كتير او اتضايق من حاجة
جلس لجوارها مرة اخرى يسألها متعجبًا:
-إزاي؟! دي اول مرة تحصل لك من ساعة ما اتجوزنا!
لم تنظر له وهي تتشدق بسخط:.

-مهو أنا مش عايشة حياتي بتضايق واتوتر للدرجة دي أكيد!
شعر بمرارة الذنب ترتكز بقوة بين ثناياه، هل فرح الان بتلك الحالة التي وصلت لها؟!
أمسك وجهها بين يديه يقبل جبينها هامسًا بحنان دفين:
-أنا أسف، إنتِ عارفة إن ده بسبب خوفي عليكِ بس، وبعدين إنتِ بتاخدي له دواء او عرفتي السبب يعني؟
إبتعدت عنه ببطئ لتسأله مباشرةً بثبات:
-أنت كنت فين يا عمر؟
قال متجاهلاً سؤالها:
-هتصل احجز بالدكتور نروح نشوف الموضوع ده بكرة.

كررت سؤالها كازة على اسنانها بغيظ:
-كنت فييين يا عمر؟
حدث ما يخشاه وكاد يسقط في - المصيدة - يناجي الفرار..
ف تنهد بقوة عميقة قبل أن يخبرها بهدوء متردد:
-كنت عند حنان
زاغت عيناها في أنحاء الغرفة تتقازفها السخرية، هي كانت تموت قهرًا حتى نزفت دماؤوها بغزارة، وهو مع تلك يعتني بها ويجلس معها!
وكأنه شعر بها فأمسك ذراعها برقة يكمل:
-كانت تعبانة جدا فكان لازم أروح لها
حاولت النهوض فأسرع هو يمسك بها هاتفًا بقوة:.

-اقعدي هنا إنتِ رايحة فين!
صرخت فيها بغيظ:
-ابعد عنيييي يا عمر، اوعى من قدامي
حاول إحتضانها، تطويقها بين ذراعيه كما كان يفعل، ولكنها كانت كالكهرباء لا تمتزج مع الخشب ابدًا!
وهو قلبه لم يكن صلبًا بالمعنى الحقيقي، وإنما صلابة تُحطم من غيوم خوف مفاجئ...
ولكنها أبعدته عنها تدفعه بكل قواها التي نتجت عن سلبيات تتمحور حول الحياة بأكملها:
-ابعد بقاااا، مش عايزاك تقرب مني أنت إيه!

إبتلع الغصة المريرة في حلقه وراح يحاول تهدأتها:
-طب اهدي يا حبيبتي انا اسف، قوليلي إيه اللي يرضيكِ وأنا اعمله
هتفت دون تردد:
-تطلقني!
صرخ هو بالمقابل مصعوقًا:
-إيه!
اومأت مؤكدة بقسوة:
-أيوة، طلقني و روح ل بنت خالك وعيش حياتك، لكن بعيد عني وعن ابني، انا مش هقبل إني اكون زوجة تانية ابدا
أقترب منها ببطئ وهي تعود للخلف حتى تسطحت على الفراش، فاقترب بشفتاه من أذنها يعضها قبل أن يهمس بصرامة محببة:.

-ده لما تشوفي حلمة ودنك، إنتِ واللي ف بطنك مش هتبعدوا عني لحظة واحدة حتى!
ثم نهض بهدوء ليغادر دون كلمة اخرى، يحاول أن يعطيها المساحة الكافية لتفرش مشاعرها المكممة، وهنا يصدر القرار الصائب، والذي محتمل ألا ينال إعجابه، إطلاقًا...!

كانت أسيل تتسطح على الفراش لجوار جاسر، تحديدًا تستند برأسها على صدره العاري الصلب...
وهو يحيطها بيداه وكأنه هكذا يحافظ على إتزانها النفسي والذي نال إستحسانه وبجدارة!
رفعت رأسها ببطئ لتضع ذقنها على صدره، ثم سألته متوجسة من تلك الإجابة التي ربما تعيدهم لنقطة الصفر او تنتهي مرحلة العذاب ويغلق بابها للأبد، :
-هتعمل إيه يا جاسر؟

نظر للأعلى بشرود يتنفس بصوت عالٍ ينم عن صراع نفسي قوي كاد يُذيب قواه، ثم اجاب:
-مش عارف يا أسيل مش عارف، الناس زمانهم على وصول وانا اديتهم كلمة وامي فرحانه وكلهم بيجهزوا و..
ثم استدار ليواجهها بجسده مكملاً بصوت اشبه للهمس تشع منه حرارة عاشق تُذيب جليد الظروف:
-وفي نفس الوقت أنا متأكد إني حتى لو اتجوزتها مش هقدر اقرب من واحدة غيرك هزت هي رأسها نافية بسرعة:
-وانا مش هقدر أشوفك متجوز اصلًا ولو بالأسم!

أغمض عينيه مستمتعًا بذاك الشعور الذي تسلل إليه ليضمها له اكثر، هامسًا:
-حاسس إني ف حلم هفوق منه على واحدة بتصرخ أبعد عنييي أنا مش طايقاك
ضحكت هي بخفوت لترد:
-تؤ تؤ، الواحدة دي خلاص مابقتش موجودة
فما كان منه إلا أن يلتهم شفتاها مسرعًا وكأنها ستطير من بين يداه، مال عليها بجسده كله يشبعها تقبيلاً فحاولت ابعاده بيداها هامسة:
-جاسر، كفاية خلينا نشوف حل احسن.

نهض فجأة يرتدي ملابسه على عجالة من امره، فهتفت تسأله بقلق:
-في إيه يا جاسر؟
أشار لها مسرعا بصوت يكاد يسمع:
-قومي إلبسي ولمي هدومك في أقل من ساعة
ضيقت ما بين حاجبيها بعدم فهم:
-لية يعني أحنا هنمشي؟
إرتسمت أبتسامة ساحرة منتعشة على وجه أمواج متقلبة راقت لتوها وهو يقول بخشونة هادئة:
-ايوة، بس مش هنروح بيتنا، هنروح شالية بتاع واحد صاحبي في مطروح.

كادت تسأله مرة اخرى، ولكن الوقت الذي يمر يصنع حاجز بينهم وبين خططته السريعة، فأردف بحزم:
-قومي يا أسيل مش وقت اسئلة هفهمك في الطريق
اومأت موافقة مسرعة لتنهض ترتدي ملال فيما غادر هو وهو يخبرها:
-هروح اخلص كل حاجة مع ابويا لحد ما إنتِ تخلصي لم الهدوم، وإياكِ حد يعرف إننا ماشين
اومأت موافقة، ليخرج هو مغلق الباب خلفه، ف ظلت تقفز هي عدة مرات وكأنها تقتسم مقدار سعادة العالم كله داخل صدرها وتهمس:.

-Yes yes yes
فتح جاسر الباب فجأة يتابع مشاكسًا:
-بس يا هبلة وخلصي الشنط
كتمت ضحكاتها بصعوبة لتبدأ بالفعل بأعداد حقائبهم...
ولكن بعد دقائق معدودة سمعت صوت وصول رسالة ل هاتفها، مالت على الكمودين تمسك به وهي تفتح الرسالة بهدوء، لتصطدم عيناها بما كاد يشلها عن الرؤية تمامًا!
وكان محتوى الصدمة صورة ل جاسر وفتاةٍ ما بين احضانه يحتسون الخمر سويًا ...!

دلف أحمد من باب المنزل يفك رابطة عنقه، واخيرًا طلق رودينا رسميًا، وكأن جبلاً ثقيلاً كان ضد إعتراضات راغبة والان حدثت معجزة ليتزحزح عنه!
سمع صوت موسيقى تأتي من غرفتهم، إتجه نحو الغرفة ليفتح الباب ببطئ شديد فصُدم من مظهر مها وهي تتراقص على بعض الأغاني الشرقية ببراعة...
ظل يحدق بها لمدة دقيقتان تقريبًا، فقد كانت اول مرة يراها تتراقص هكذا وهي منغمسة بين الألحان وكأنها تفصلها عن ذاك العالم المُشوه!

إنتبهت له مها فأسرعت تعدل من هندامها سريعاً وتغلق الأغاني، اقترب احمد منها ببطئ مصفقًا بيده وهو يهتف بنبرة ساخرة حوت بعض الخبث في طياتها:
-وقفتي لية، كملي يا فنانة كملي، ده انا طلعت عايش مع رقاصه صغيرة وانا مش حاسس
شهقت مها، لترد بحنق:
-إيه رقاصه دي! حسن ألفاظك، يا بيئة على رأي الواد سيف
سحبها فجأة من خصرها يجذبها له ليقرب وجهه منها هامسًا بأنفاس حارة تكاد تكون حارقة ل أي مزاح في وضع كهذا:.

-رقاصه ده اية قُطع لسان اللي يقول عليكِ رقاصه، دي الرقاصة تتعلم منك يا معلمز
عضت على شفتاها السفلية بخجل مصطنع لتسحبه من لياقة قميصه مغمغمة امام شفتيه:
-كدة يابو سيف هتشوه سُمعتي باللقب ده؟!
أبتعد عنها قليلاً ليفك ازار قميصه مسرعًا وهو يردف غامزًا لها بخبث:
-لا انا بقول نغير سيف بقا نشوف غيره، هو احنا مابننتجش غير سيف بس ولا اية
صرخت بهيسترية مرحة:
-بتعمل اية يا مجنووون!

شغل ذاك التسجيل ليجلس على الفراش يضع قدم فوق الاخرى متابعًا بخبث دفين مع إنطلاقة الاغنية:
-ورقصني يا جدع
تلعثمت في البداية ولكن بدأت تمحور حركاتها الأنثوية على نغمات الموسيقى وتغمس هي افكارها التي تزعجها دافنة اياها في محيط الصمت...!
وبعد دقائق سحبها أحمد له لتسقط على حجره، فهمس امام شفتيها:
-أنا بقول كفاية كدة نخش على المرحلة اللي بعدها
تمتمت ببعض الحياء:
-احمممممد.

جعلها تتمدد على قدماه ونصفها الاخر على الفراش، ليستطرد برقة رومانسية وقد بدأ في إلتهام قسماتها قبل أن يصل لشفتاها:
-حبيبة احمد، وحياة احمد، ونن عيون احمد
انهى كلمته بقبلة كاسحة يأكل فيها شفتاها ويداه تنزع عنها تلك الملابس ببطئ مثير، بعد غياب حارق دام لفترة قد تكون طويلة، كثيرًا!

صباح اليوم التالي..
أنهى عمر لقاؤوه مع الضابط بعدما سلمه چودي في القسم، ولكن هذه المرة بضمان ألا تخرج من القضية قبل مرور سنتان او اكثر!
إتجه بسيارته إلى المنزل، ورغمًا عنه كانت ذاكرته تحوم في ذكريات اليوم الماضي بعدما نقلها للمستشفى ما إن وجدها تنزف بغزارة...

فلاش باك
كان ينتظر امام غرفة الطوارئ، والقلق كاد يتآكله بلا رحمة، رغم أي شيئ وكل شيئ رابطة الدم تظل كوحشًا لا يهدئ إلا برضاه!
واخيرًا خرج الطبيب فأسرع له يسأله:
-خير يا دكتور؟
سأله بجدية:
-أنت جوزها؟
تردد كثيرًا ولكنه أجاب مؤكدًا:
-ايوة انا، في حاجة ولا إيه يا دكتور؟
تنهد الطبيب قبل ان يخبره بأسف:.

-للأسف يا استاذ احنا خسرنا الجنين، الرحم عندها ضعيف جدًا فمقدرش يستحمل حدوث الحمل، أنا كتبتلها شوية ادوية تلتزم عليها وتتابع في عيادتي الخاصة
ثم ربت على كتفه هامسًا:
-وربنا يعوض عليكم ان شاء الله
بااااك.

لا يدري هل من المفترض أن يسعد الان!
ام يُشق قلبه نصفين احدهما حزين على تعمق جراح تلك المسكينة والاخر يكاد يتراقص فرحا بتخلصها من اكبر مشكلة تقف كعقبة في منتصف طريق حياتها!؟
بدأ يشعر أن حياته اصبحت مجرد مغزى لطوفان لا يقل ولا ينتهي...
كمرحلة طويلة الامد تمامًا!

مسح على شعره عدة مرات، وصل إلى المنزل فترجل من سيارته بهدوء إلى أن دلف مغلقا الباب خلفه، اتجه على الفور إلى غرفتهم فأخترق اذنيه صوت شهد تدندن بخفوت قرب المرحاض..
اتجه له ليُصدم من تلك التي كانت تقف امامه شبه عارية...!
نقطة ومن بداية السطر، لفحة ساخنة جدًا شعر بها تكاد تخنقه في حلقه، وكأن نفس القبضة الملتهبة تعتصر قلبه الملهوف دومًا..

لم يمنع نفسه من الدلوف من الباب الكبير للمرحاض، ويغلقه خلفه ثم ينظر لتلك التي كادت تنزع جميع ملابسها فصرخت فيه:
-انت مجنون! اطلع بره
هز رأسه نافيًا، واخيرًا استطاع اخراج حروفه:
-لا طبعًا، اطلع بره ده اية، ده احنا هنبات هنا النهاردة
رغمًا عنها كست الحمرة وجهها وهي تحاول مدارة جسدها عن عيناه التي كادت تلتهما بالنيران التي اشتعلت بين مركزي عيناه، فاقترب منها ببطئ...
فيما اشارت هي له بأصبعها:.

-خلي بالك أنت مش هتقرب لي فمتحاولش ويلا عشان عايزة استحمى، أكيد مش هتستحمى معايا!
خلع التيشرت بحركة سريعة وهو يهتف بخبث مشاكس:
-طب عليا الطلاق منا طالع يا شهد
هجم عليها فجأة يحاوطها ملتصقًا بها وهو يكمل:
-وأنا معنديش إستعداد أطلق!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة