قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أسيرة ظنونه للكاتبة إيمي نور الفصل الأول

رواية أسيرة ظنونه للكاتبة إيمي نور الفصل الأول

رواية أسيرة ظنونه للكاتبة إيمي نور الفصل الأول

في داخل قصر السيوفي بينما كان الجميع علي قدم ليسود جو من الاستنفار والتوتر بين جميع ساكنيه
استعدادآ لاستقبال ذلك الغائب عن الوطن منذ اكثر من ست سنوات ليقرر اخير العودة والاستقرار نهائيا بعد كل سنين الغربة هذه
دخلت فجر إلى داخل المطبخ لتجد والدتها تقف امام الموقد تهتم بالطعام لتسير فجر بخفة من خلفها تقترب هامسة في اذنيها برقة: = القمر خلص ولا محتاج مساعدة؟

التفتت عواطف سريعا لتجد صغيرتها تقف خلفها تبتسم لها بسعادة وحب وما ان همت بالرد عليها هي الاخري بمرح حتى لاحظت الحالة المغبرة التي توجد عليها ملابسها لتهتف بدهشة وقلق: = فجر ايه اللي عمل في هدومك كده اوعي تقوليلي انها خلتك توضبي البيت مع ام جمال تاني.
اخفضت فجر راسها لتنظر إلى ملابسها ثم ابتسمت بعدم اهتمام قائلة
= اهو بسلي نفسي بدل ما انا قاعدة زهقانة واشغل وقتي.

تنهدت عواطف بحزن: =وقت ايه يا بنتي اللي تشغليه هو انتي بتقعدي من اول النهار لاخره وكل اللي بيعوز حاجة بيخليكي تعمليهاله ليتحشرج صوتها بالغصة قائلة: = سامحيني يا فجر انا لو كنت اعرف ان ده هيبقي حالك هنا انا مكنتش رضيت ابدا اننا نعيش في القصر ده وكان كفاية علينا بيتنا في البلد
اسرعت فجر بضمها إلى احضانها قائلة بحنان.

= متقوليش كده انا مش زعلانة ابدا وبعدين هو مين اللي كان يقدر يعصي لجدي امر وهو كان خلاص قرر اني اول ما اخلص الثانوي اجي للقصر وادخل الجامعة هنا والا مش هيصرف علينا
مدت يدها تمسح دموع امها المنسابة وهي تكمل
= ماما انا مش عوزاكي تشيلي همي كلها سنة واتخرج وساعتها هشتغل ونشوف مكان لنا بعيد عن القصر ده وان كان علي اللي في القصر انا بقدر اتعامل معاهم كويس المهم انتي متزعليش علشان صحتك.

جلست عواطف فوق المقعد بهم تشعر بالاوجاع تتراكم عليها وبانها السبب في كل ما تعنيه ابنتها من سوء معاملة من اقرب الناس اليها فلولا انها لم توافق فيما مضي علي هذه الزيجة من الابن الاصغر لعبد الحميد السيوفي منذ اكثر من واحد وعشرون عام لم تكن تظل حينها انها ستعاني الامرين حتى الان من تلك الزيجة وتجني ابنتها اليوم حصادها من سوء معاملة واهانة من اقرب الاشخاص لها منذ ان تزوجت بماهر السيوفي لتنجب له الذكور كما اخبرها والده يوم عقد قرانهم بعد وفاة الابن الاكبر لعبد الحميد اثر مرض الم به لم يكن له سوي طفله الوحيد عاصم بينما ابن عبد الحميد الاخر ماهر لم تستطيع زوجته انجاب سوي ابنة واحدة وعند محاولتها الانجاب مرة اخري حدثت لها مضاعفات ومشاكل ادت إلى استئصال الرحم لها ليقرر عبد الحميد قراره الصارم بتزويجه مرة اخري بمن تستطيع انجاب له الذكور لحمل اسم عائلة السيوفي ليقع اختياره علي عواطف لما كانت تتمتع به من جمال وشباب وقتها كما انها كانت من عائلة فقيرة فرحت بما عاد عليها من خير من هذة الزيجة ليتم الزفاف وقتها دون اي مظاهر لاحتفال سوي اشهار بمسجد قريتها ولم يكد يمر وقت بسيط حتى حملت عواطف بطفلها الاول ليسعد عبد الحميد بهذا الخبر والذي لم يبالي به ماهر زوجها فقد كان يعيش لملذاته وسهراته فقط غير مبالي باحد لتمر شهور الحمل سريعا إلى ان حان موعد الولادة لتأتي إلى حياتها فجر حاملة لها الفرحة والسعادة بشعرها الاصفر وعينيها السماوية الواسعة ووجهها الملائكي والذي لم يحرك في عبد الحميد او ابنه ذرة من المشاعر اليها فقد اراد الذكر الذي حلم به طويلا لحمل اسم العائلة مع حفيده الاخر ليصب غضبه فوق راسها مصدرا امرآ اخر لها بالحمل فورا مرة اخري حتى تحقق له حلمه ولكن تشاء الاقدار بوفاة ماهر في حادث سيارة اثر عودته مخمورا من احدي سهراته ليتم نفيها هي وابنتها في ذلك المنزل المتواضع في قريتها طوال تلك السنوات لا يأتي اليها احد سوي صلاح زوج شهيرة عمة فجر الصغري متوليا كل شئونهم دون اي اتصال بالجد حتى اتمت فجر مرحلتها الثانوية ليأمر الجد بحضورهم بالعيش في قصره وها هي منذ ذلك الحين تتم معاملتها هي و صغيرتها كاحد الخادمات وحتى اسوء تجبر نفسها علي الاحتمال حتى تكمل وحيدتها تعليمها وقتها ستغادر بعيدا عن هذه العائلة غير اسفة علي شيئ.

افاقت عواطف من رحلة ذكرياتها علي صوت ابنتها الهامس: = ماما انتي روحتي فين
رفعت عواطف عينين مغشيتين بالحزن والالم تنظر إلى ابنتها لتهتف فجر بأسف: = تاني يا ماما علشان خاطري بلاش تفكير في الماضي وخلينا في المستقبل وان شاء الله ربنا هيعوضنا خير.

اخذت عواطف تنظر إلى ابنتها بفخر وهي تري كل هذا النضوج والعقلانية امامها لتشعر بالخجل منها تنهض فورا تغتصب ابتسامة فوق شفتيها تحاول تطمئنتها: = خلاص يا حبيبتي انا كويسة متقلقيش عليا
بادلتها فجر الابتسامة بضعف ثم اسرعت تهتف: =يا نهااااار اما اروح اكمل باقي الجناح قبل ما الحيزبونة تاخد بالها اني نزلت.

ما ان اتمت كلماتها حتى دخلت زوجه ابيها ثريا تتبختر في مشيتها تنظر في ارجاء المطبخ ترتسم فوق وجهها علامات الاشمئزاز قائلة بتعالي موجهة الحديث إلى عواطف
= خلصتي الغدا يا هانم ولا قاعدة تتمرقعي من الصبح
اجابتها عواطف بجمود
= الاكل جاهز من بدري شوفي تحبي احضره امتي
رفعت ثريا يدها بحركة ترفع قائلة = خليكي مستعدة لامر مني وعاوزة كل حاجة تكون جاهزة وعلي احسن صورة فاهمة.

هزت عواطف راسها بالايجاب لتلتفت ثريا تهم بالمغادرة لتلمح فجر الواقفة في الطرف الاخر تنظر اليها بغضب مكبوت لتقرر ثريا القيام باستفزازها حتى تحصل منها علي ردة فعل حتى تستطيع بهاالشكوي منها إلى الجد لتتم معاقبتها فتشفي غليلها وحقدها منها لتقول باحتقار
= ماشاء الله واقفة عندك بتعملي ايه وسايبة ام جمال بتنضف لوحدها يلا يا حلوة شوفي شغلك بدل ما جدك يعرف بمرقعتك دي
ثم ابتسمت بخبث وتشفي تكمل.

=وانتي عارفة ساعتها هيعمل فيكي ايه
همت فجر بالرد عليها بحدة ردا مناسبا يجعلها تقف عند حدها لتتوقف في اخر لحظة تدرك محاولتها لاستفزازها لتبتسم بتصنع قائلة بهدوء
=حاضر يا ثريا هانم اي اوامر تانية
اخذت ثريا تنظر اليها بغيظ لفشل محاولتها ثم زفرت بحنق قائلة
= ايوه الشنط طلعت شوفيها الاول وتاكدي ان كل حاجة تمام وبعدين كملي تنضيف
لتغادر المكان سريعا بعد ما القت بذلك الامر لتنفجر فجر بالضحك بصوت حافض قائلة.

= انا حاسة هيجي يوم وتنفجر من كتر الغل اللي جواها ست ملهاش زي
ثم اتجهت إلى والدتها تقبلها فوق وجنتها برقة
= انا هطلع اكمل تنضيف وابعتلك ام جمال تساعدك وبلاش تجهزي انتي السفرة بدل ما تسمعك كلمة من كلامها السم ادام الموجودين
هزت عواطف راسها بالموافقة بضعف تنظر في اثر ابنتها حتى اختفت لتهمس بألم وحزن
= سامحيني يا بينتي بس هانت وربنا يصبرنا علي الأيام اللي جاية لينا هنا.

صعدت فجر الدرج وهي تعي للحالة التي عليها القصر من هرج ومرج والاصوات الأتية من قاعة الاستقبال بالقصر احتفالا بذلك العائد لتشعر بالحماس يعاودها تري بمخيلتها لقائها المنتظر به تصعد الدرج سريعا حتى وصلت إلى ذلك الجناح المخصص له والذي منذ حضورها إلى هنا وهي تقوم كل يوم بتنظيفه وتأهيله وذلك بناء علي امر مباشر من جدها فاصبحت تحفظه عن ظهر قلب مثلما تحفظ ملامح صاحبه.

التفتت تنظر في ارجاءه تنظر بعين الانتقاد محاولة الاطمئنان علي كل شيئ تري الحقائب متراصة بجوار الخزينة فوقفت تسأل بحيرة ماذا تفعل بها لتقرر اخيرآ تركها حتى تأتيها اوامر بخصوصها
وقفت تتنهد بتعب تشعر بمعاودة الدوار اليها مرة اخرى فهي منذ الصباح لاتشعر بأنها بخير لكنها تجاهلت الامر حتى تستطيع مساعدة امها دون اثارة قلقها لكنها الان لم تعد تستطيع المقاومة لتسير حتى الفراش تجلس عليه بتعب تتنهد قائلة.

= اقعد ارتاح شوية وبعدين اشوف هعمل ايه هما اساسا زمانهم بيتغدوا ومحدش حاسس بحاجة.

استدارت تتقلب ببطئ فوق الفراش لتنتبه لتلك الصورة الموضوعة داخل الاطار فاخذت تنظر إلى الشخص الموجود بها بعينيه شديدة السواد وحاجبيه المعقودين ووسامته وشبابه النسبى وقت التقاط الصورة لتتنهد باعجاب تمرر يدها فوقها كما لو كانت ملامحه هي ما تتجسد امامها فتظل تنظر اليها حتى سقطت في غفوة لم تشعر خلالها بشئ حتى صوت الباب وهو يفتح بهدوء ليتقدم عاصم بخطواته الواثقة إلى داخل الجناح ينظر حوله بتعب يحل ازرار قميصه ببطء بعد ان القي بجاكيت بدلته فوق المقعد.

ليفت انتباه ذلك الجسد الصغير المستلقي فوق الفراش براحة وهدوء تقدم منه محاولآ تبين هوية صاحبه ليتسمر مكانه حين وقعت عينيه علي كتلة من الشعر الاشقر الطويل المتناثر فوق الفراش يغطي وجه تلك النائمة بسلام فاخذ يمرر نظراته فوقها محاولا تبين هويتها وعند فشله تقدم ببطء وهدوء للجلوس بجوارها يمد يده مزيحا تلك الغيمة الذهبية من فوق وجهها برقه لتنكشف امامه ملامحها الرائعة ببشرتها ناصعة البياض وفمها الوردي المزموم برقة اثناء نومها كطفلة صغيرة فلم يستطع مقاومة ان يمرر يده برقة فوق بشرتها يتحسس نعومتها لتصدر عنها تنهيدة رقيقة تحرك وجهها تحت لمسات يده ليفيق عاصم من غيمة الاحاسيس التي اجتاحته عند ملامسته لبشرتها الرقيقة يتنحنح محاولا اجلاء صوته يمد كفيه يهزها برقة لكن شئ بداخله رفض ان يقوم بأيقاظها ليظل يتمتع برؤيته بجمالها النائم بهذا السلام.

هز عاصم راسه يرفض عاصم الاتجاه الذي سارت اليه افكاره يهمس بحنق لنفسه
= جري ايه يا عاصم عيل صغير انت علشان تتصرف زي المراهق اللي اول مرة يشوف ست
نفسه يكمل محدثا نفسه بهمس
= وبعدين مين دي وبتعمل ايه في الاوضة اصبحت ضرباته فوق كتفيها شديدة يحاول ايقاظها ليسمعها تتمتم محركة راسها فوق الوسادة ببطء
=حاضر يا ماما ثواني والله وهقوم.

ظهر شبح ابتسامة فوق شفتيه وهو يراها تتذمر كطفلة صغيرة ليحدثها برقة ينحني فوق اذنيها يهمس برقة
= والله كان بودي اسيبك نايمة بس للاسف السرير ده بتاعي ومينفعش نتشارك فيه.

اقتحم ذلك الصوت الذكوري الهامس سبات نومها فاسرعت بفتح عينيها تتسع بصدمة تحدق بذلك المنحني فوقها براحة ينظر اليها بتسلية لتدفعه في صدره بقوة مبعدة اياه عنها تهب سريعا ناهضة من فوق الفراش تتعثر في خطواتها وهي حاول تعديل وضع ملابسها هامسة بتلعثم
= انا، اسفة، غصب، عني روحت في النوم.

تراجع عاصم فوق الفراش يستند بمرفقيه عليه يراقب حركاتها المنفعلة وحرجها الشديد بتسلية قائلا بهدوء = اهدي، اهدي محصلش حاجة لكل ده
التفتت فجر تريد المغادرة هاتفة بارتباك
= طب عن اذنك انا هخرج حال...
واسرعت باتجاه الباب وما ان وضعت يدها فوق مقبضه حتى اتاها صوته القوي الامر
= استني عندك رايحة فين
توقفت حركتها تلتفت اليه ببطء تراه علي نفس الوضع المسترخي فوق الفراش لتهمس بارتباك وخوف
= هروح، اشوف ورايا ايه.

نهض عاصم يتقدم اليها ببطء حتى وقف امامها ينظر إلى عينيها بلونهم السماوي الرائع يسألها برقة
=انتي بتشتغلي هنا من زمان؟! اتسعت عيني فجر بصدمة من حديثه وظنه بانها احدي الخادمات بالقصر فمن الواضح ان لا فكرة لديه عمن تكون تدرك انه معه كل الحق في ظنه هذا بملابسها المغبرة وهيئتها المشعثة هذه
اخفضت راسها بخجل لاتدري اتصلح له خطأ ظنه ام تصمت لتقرر اخيرا الحديث قائلة بهمس وارتباك
= لا انا.

ليقطع كلامتها صوت الباب يفتح من خلفها فجأة تدخل الغرفة نادين اختها غير الشقيقةمنه وهي تهتف بسعادة وصخب
=عاصم حبيبي اتأخرت ليه الكل مست...
قطعت حديثها عند رؤيتها فجر واقفة متسعة العينين برهبة وارتباك يجاورها عاصم بقميصه المفتوح حتى منتصف خصره لتتغير ملامحها فورا إلى النفور توجه حديثها إلى فجر
= انتي عندك بتعملي ايه هنا وماما قالبة عليكي الدنيا انجري انزلي حالا علي المطبخ.

هزت فجر رأسها بالايجاب تسرع في المغادرة وما ان غادرت حتى التفت عاصم اليها بصوت غاضب يسألها بعنف
= في حد يفتح الباب بشكل ده مش تستأذني الاول
نادين بصوت لعوب
= اسفة يا حبيبي بس كنت جاية استعجلك خصوصا ان جدو مش مبطل سؤال عنك
ابتعد عاصم في اتجاه الحمام يكمل فتح ازرار قميصه قائلا بجمود
= طيب اتفضلي وانا هحصلك
اسرعت نادين بأتجاهه تقف امامه تمتد اناملها لتتلاعب بازرار قميصه تهمس بأغراء
= طيب تحب اساعدك؟

هتف عاصم بغضب وجمود
= قولتلك اتفضلي انزلي وانا جاي وراكي واظن انك تعرفي كويس اني مبحبش اكرر كلامي مرتين
شحبت ملامح نادين قائلة باسف
= عارفة يا عاصم عارفة
عاصم بجمود وقسوة
= ومدام عارفة لسه واقفة عندك بتعملي ايه؟!

نظرت نادين باستعطاف اليه في محاولة منها لتلين تلك القسوة المرتسمة فوق وجهه لكنها لم تجد منه اي استجابة لتتنهد بخيبة امل ثم تغادر الغرفة وهي تغلق الباب خلفها بقوة وعنف ليظل عاصم واقفا مكانه دون حراك لعدة دقائق تفوربداخله مشاعر النفور والاحتقار التي تثيرها لديه كلما وقع نظره عليها يزفر بقوة محاولا التخلص من تلك المشاعر وهو يتوجه بخطواته باتجاه الحمام يستعد لتلك المواجهة القادمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة