قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الخامس

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الخامس

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الخامس

فُتح الباب ودلفت منه الخادمة تحمل بيدها صنية طعام، وضعتها على الطاولة في صمت، ثم وقفت بجوارها، جلست حياة تتنفس الصعداء، كانت تظن انه باسم، لفت زراعيها حولها تحتضن نفسها علها تبث إلى قلبها بعض الامان، تحمحمت الخادمة قائلة
: البيه قال طلعي الاكل للهانم. و استني لحد مااتأكد انك اكلتي.

بكت حياة عند سماعها تلك الكلمة الهانم جلست على الفراش مطرأة براسها والدموع تتساقط من عينيها كالشلال لا يتوقف، رق قلب الخادمة لها فاتجهت اليها بخطوات مترددة، ربتت على كتفها، اما حياة فكأنها كانت تستجدي المواساه من ايا كان، تتشوق إلى من يواسي روحها، إلى من ياخذها بين احضانه مذيلا ذالك الخوف الذي يسيطر عليها، إلى من يربت على راسها محطما ذالك العجز وتلك القيود التي تقيدها، القت بنفسها فجأة باحضان الخادمة، تبكي وتنتحب كالاطفال تطلق آه خافتة من خلال بكائها، بكت الخادمة بدورها، ضمتها اليها اكثر، شعرت وكأن تلك المسكينة كل ماتحتاجه فقط ضمة تطمئنها انها ليست بمفردها، تشبثت حياة باحضانها تنتحب وبكائها تعلو وتيرته.

تشرق الشمس باشعتها شيئا فشيئا، ويتبدد الظلام شيئا فشيئا، في منزل المنياوي يعم الحزن الأرجاء،
لم يغفو منهم احد منذ امس فحنان لم تنقطع عن الصلاة والدعاء، سارة مازالت في صدمة وزهول غير مصدقة لما يحدث، اما منصور فيشعر وكأن روحه معلقة برؤيتها أمامه سالمة، اتصل بجميع معارفه، و من لا يتمني فقط خدمة منصور المنياوي؟، وبرغم من ذالك لم يعثرو عليها،.

استقام منصور يتوجه نحو نافذة المكتب، لم يتوقف عقله عن التفكير، شرد قليلا، وفجأه. اتسعت عينيه لاخرهما، تذكر مقابلته لرشدي في الشركه وكلمته
هتيجي تبوس رجلي قبل ايدي انتفض مسرعا يلتقط مفاتيحه وتفكيره يهيئ له اسوء الخيالات التي من الممكن ان يفعلها رشدي بحياة، و صورة اخته امام عينيه غارقة بدمئها، الغضب تمكن منه، انفاسه تحترق يتوعد لرشدي بالهلاك، خرج مسرعا، ركب سيارته وانتطلق بها كالبرق يسابق الريح.

استمع إلى نداء ربط احزمة الامان فالطائرة على وشك الهبوط إلى ارض مصر، يشعر بشعور غريب، راحة بداخله توهجت فور وصوله، ربما شعور الانتماء إلى موطنه الاصلي، و ربما الابتعاد عن ما يؤرقة و يطفئه،
نزل من الطائرة متوجها نحو صالة المطار يهاتف صديقه يوسف فاخبره انه عالقا في إزدحام المرور وطلب منه انتظاره
فجلس على احدى طاولات المطار ينهي بعض الاعمال من خلال حاسوبه الخاص.

دلف إلى غرفتها وجدها تغفو جالسه تستند بظهرها إلى عارضة الفراش مريحة رأسها على ركبتيها اقترب منها بخطوات بطيئة يتأمل وجهها وبقايا دموع، بعضها جف على وجنتيها والبعض الاخر مازال عالقا باهدابها، اقترب اكثر يمد يده إلى وجهها، يتحسس وجنتيها، ففتحت عينيها فجأة تنتفض شاهقة بخوف، ترجع بظهرها زاحفة إلى الوراء، فسقطت من اعلى الفراش، نهضت مسرعة رغم آلام ظهرها تتراجع إلى الخلف متسعة العينين، تشتد خفقات قلبها رعبا وكانها تتسابق، حتى لامس ظهرها حائط الغرفة، تحفزت جميع جوارحها لاي حركه تصدر منه.

اما هو وقف يشاهد زعرها وخوفها بانتصار فذالك سيسهل عليه مهمته كثيرا، اقترب منها ببطئ شديد يزيد من توترها وخوفها، لتلتفت هي تنظر حولها تبحث عن شيء تحتمي به اخذت تمثال صغير بجوارها ووجهته نحوه في تهديد له بعدم الاقتراب أكثر، ابتسم ابتسامة انتصار. سخرية. اعجاب، لم تستطيع ان تفسر تلك الابتسامه سوي بانها بغيضه، كم بغضتها، كم تود تشويه ذالك الوجه وتلك الابتسامة بضربة واحدة،
نظر لها نظرة مقذذة قائلا.

: اجهزي عشان هنتحرك دلوقتي
لمح بعينيها نظرة تمرد، عناد، فاردف قائلا
: وماتنسيش. ان بمكالمة واحدة مني وتقري الفاتحة على روح خالك
تساقطت دموعها تنتحب ببكاء مرير، فاردف قائلا
: وماتخفيش انا مش هقربلك.
توقفت عن البكاء تشهق شهقات متتالية، تذدرد ريقها ناظرة اليه، تتأكد من صدق قوله
ليبتسم ابتسامة مستفزة قائلا
: هنا. مش هقربلك هنا. اعملي حسابك اول ما نوصل هنتجوز رسمي
اردف وهو يرفع كفي يده بجوار كتفه.

: عشان تعرفي ان انا حقاني،
ثم خرج ضاحكا من الغرفة يوصد الباب خلفة
خرت حياة باكية ارضا لا تعلم ماذا تفعل، وأي كارثة وقعت بها، رفعت نظرها إلى السماء تردد
: ياااارب. ياارب
توجهت حنان ناحية المكتب تتفقد منصور فهي تعلم انه لم يغفو طوال الليل قلقا وخوفا على حياة، دلفت إلى الداخل فلم تجده شعرت بالقلق، التقطت الهاتف تتصل به، فرد عليها
حنان بلهفة: انت فين. عرفت حاجه عن حياة.

منصور وهو يصك اسنانه ببعضها غضبا والشرر يتطاير من عينيه
: رشدي. مفيش غيره
اتسعت عيني حنان تقبض على صدرها فهي تعلم تماما ما بين رشدي وزوجها، انقبض قلبها بشدة، تهدأ من روعه قائلة
: منصور. ما تتهورش، ده مهما كان ابوها مستحيل يأذيها
ارتسمت معالم السخرية على وجه منصور ليتكلم زاعقا
: اب ايه.؟! اب ايه يا حنان؟ انت نسيتي هو عمل ايه؟
اغمضت حنان عينيها تحاول تهدأته فهو على وشك ارتكاب جريمة قتل.

حنان: ما نستش يامنصور. مانستش بس ارجوك اتصرف بعقل
لتصمت قليلا ثم اردفت تنبهه
: حياة محتجالك. ماتسيبهاش لوحدها
زعق منصور على الجانب الاخر من الهاتف قائلا
: اقسم بربي لو هو اللي ورا اختفائها ده ما هرحمه
ثم اغلق الهاتف ضاغطا على مكابح السيارة اكثر يزيد من سرعتها للوصول اليه.
تفاقم الخوف بقلب حنان لتدعو الله في قلقل قائلة
: يارب هات العواقب سليمة يارب. يارب احفظها ونجيها يارب.

وقفت السيارة امام المطار، نزل منها ليفتح الباب ناحيتها، وهي جالسه لم تتوقف مقلتيها عن زرف الدموع، فتح باب السيارة قائلا
: انزلي
لم تصغي له، فجذبها من زراعها انزلها قائلا لأحد رجاله
: زي ما فهمتك تفضل هنا لحد ما اديك الاوامر انكم تمشو
فأومأ له قائلا
: تمام ياباشا اوامر معاليك.

جذبها متجها إلى داخل المطار تبكي. تتساقط دموعها لا سبيل للنجاة هي بحاجة لمكالمة واحدة، فقط عدة ثواني لتخبره بمكان وجودها ملاكها الحارس وملجأها الخاص حيث الامان والحماية خالها دلفت تحت قبضة يدية
الي داخل المطار، انهي جميع الاجراءات وهما الان في انتظار موعد رحلتهما إلى الجحيم من وجهة نظرها.

وصل منصور امام البنايه التي يسكن بها رشدي اوقف السيارة، لم يهتم بصفها، نزل بخطوات تكاد تكون ركض ناحيه البنايه طلب المصعد وهو يتحفذ لقتله اذا كان له ولو شبه خيط في اختفاء حياة، وقف امام باب شقته، لا يطرق الباب. بل يهدمه، وكم يتمني لو كان رشدي يقف خلفه.

استيقظ رشدي فزعا اثر صوت الطرق نظر إلى النائمة بجواره في عالم اخر، فظن ان احد سكان البناية رآها تدخل اليه مساء امس فأبلغ الشرطة، اخذ يوقظها سريعا وهو يلتقط ملابسه من الارض يرتديها مسرعا قائلا
: قومي الله يخربيتك هتوديني في داهيه
استيقظت الفتاة مزعورة ترتدي هي الاخري ملابسها مسرعه.

، ذهب ناحيه الباب مترددا ينظر من خلال عين الباب فوجده منصور، اغمض عينيه يتنفس الصعداء، اتسعت عينيه فجأة حين تذكر امر باسم الشرقاوي وحياة، يتسائل في نفسه من اخبره؟ كيف علم؟، نظر إلى ساعه الحائط، ابتسم فعلي ما يبدو انهم الأن على وشك ركوب الطائرة، فتح باب شقته، ثم، اعصار. اعصار غاضب ضرب رشدي بصدره إلى اخر الحائط،
امسكه منصور من تلابيبه صارخا
: حياة فين.
رشدي وهو يتنفس بصعوبة
: معرفش
لكمه منصور ثم اردف.

: انطق يا رشدي احسنلك وديتها فين
دفعه رشدي ثم انحني يستند بكفيه على ركبتيه يلتقط انفاسه.
لمح منصور فتاة في عمر حياة تقريبا او تكبرها ببضع سنوات تقف خلف باب الغرفة خائفة، علم من هيئتها ماهيه وجودها هنا، بسق على رشدي زاعقا
: انسان مقرف. هتفضل طول عمرك مقرف عمرك ما هتنضف
استقام رشدي يصرف الفتاة بحركة من رأسه
فاردف منصور بغضب شديد
: حياة فين يارشدي. لو جرالها حاجه مش هيكفيني فيها عمرك.

توجه رشدي بخطوات متمهلة إلى الداخل قائلا ببرود ولا مبالاة
: معرفش.
ثم جلس فاردا زراعيه على ظهر الاريكة واضعا قدمه فوق الاخري قائلا
: بس لو عاوزني اعرفلك. كله بحسابه
يعلم منصور تماما لاي مستوي من الخسة والقذارة ينحدر رشدي، لم يكتفي فقط بالانحدار بل وصل إلى القاع و التصق به، وهو على استعداد اعطاء حياته لذالك اللعين مقابل سلامة حياة.
منصور وهو يشتعل غضبا بداخله
: عاوز ايه يارشدي.

رشدي وهو يبتسم ابتسامه جانبية بشر
: شركتك. و نصيبك في الصفقة
نظر اليها نظرة انتصار وكأنها غنيمة قد حاز عليها اخيرا، فهو يراها فاكهه نضجت وحان وقت اقتطافها وقضمها وليس لاحد حق القضمة سواه،
فاجئه نداء باسمه في احدي ميكروفنات الصالة لتعديل بعض البيانات، نظر لها محذرا
باسم: لو حاولتي تفكري مجرد تفكير انك تهربي ماتلوميش غير نفسك.
نظرت له في اشمئزاز قائلة.

: مش عيب عليك لما تتجوز واحده اد بنتك. انت مش شايف نفسك
ليرد عليها في برود وبنظرة استفزاز
: انا شايف. اما انتي لو حابة تشوفي ماتستعجليش. كلها ساعات ونبتدي شهر العسل وبحركة مقززة ارسل لها قبلة في الهواء.
اما هي فاصطبغ وجهها بالون الاحمر غضبا وليس خجلا من ذالك الدب القطبي كما تلقبة بشعره الابيض الذي يخفيه تحت سوادٍ مستعار.
تركها وذهب إلى تعديل البيانات.

فرصة. نعم هو مستدير يوليها ظهره اذا هي فرصة جيدة، لكن ليست للهروب فجميع حرسه يقفون بالخارج ينتظرو اوامره بالانصراف فور ركوبهم الطائرة لكنها ستحاول، نظرت حولها، كل ما بحوذتها بضع دقائق لتفكر ماذا ستفعل. فقد اخذ حقيبتها وهاتفها الخاص، اخذت تفكر حتى التمعت في رأسها فكرة، ذهبت إلى الطاولة المجاورة وجدت بها شخص واحد يبدو عليه الانشغال بمحادثة احدهم هاتفيا فقالت سريعا.

حياة: لوسمحت ممكن تليفون اعمل مكالمة. ارجوك ضروري
نظر اليها، تقابلت اعينهم، ولوهلة اضطربت خفقات قلبه، انهي اتصاله وهو مازال ينظر اليها، اعطاها هاتفه دون كلمة واحده، يبدو عليها الخوف و التوتر الشديد.

اما هي كانت تحفظ رقم خالها عن ظهر قلب لكن الان لا تتذكره مطلقا حسنا. اغمضت عينيها و اخذت تتنفس بهدوء، الهاتف بين يديها، بدأت تتذكر الرقم، كتبته ثم وضعت الهاتف على اذنيها، توجه نظرها إلى شباك بيانات المسافرين، و هو ينظر لها في ترقب لا يخلو من الاستغراب فهي يبدو عليها الاحترام والاحتشام فتاة على مايبدو في عمر ال20 ترتدي فستانا فضفاضا يعلوه حجاب، ويبدو عليها آثار بكاء، وجهها خالي تماما من مساحيق التجميل. مؤكد فهي لا تحتاج اليها نفض تلك الفكرة سريعا من عقله واخذ يتابعها بعينيه.

، انتفضت فجأة الدموع تتساقط من عينيها تنتحب، يتهدج صوتها
: الو. خالو انا حياة الحقني
قبل لحظات
منصور: موافق
اخرج رشدي ورقة وقلم من درج الطاولة امامه، تقدم اليه منصور بخطوات مسرعه، استمع إلى رنين هاتفه برقم غير مسجل فتح الهاتف ليأتيه صوت حياة باكيه اشتدت خفقات قلبه وكأنه دبت فيه الحياة مرة اخري
اتاها صوت خالها مزعورا متلهفا من الجهه الآخري
: حياة انتي فين. انتي كويسة؟!
ردت حياة من بين بكائها.

: انا في المطار. انكل باسم الشرقاوي خطفني امبارح من قدام الكلية، و بيقول اني مراته، انا خايفة اوي ارجوك تعلالي بسرعه الطيارة خلاص هتطلع، ورجالته واقفين في كل حته
وبرغم من انه على وشك الزواج بها، او زوجها على حسب العقد المزيف الذي يمتلكه، إلا انها ما زالت تراه انكل
اتسعت عيني منصور زعرا، باسم شريكه، قد وضحت امامه جميع الخطوط الان، رد منصور من الجهة الاخرى.

: ماتخافيش ياحبيبتي انا جايلك حالا، حاولي تعطليه بأي طريقة انا مسافة السكة واكون عندك.
انهت المكالمه تنتحب كطفل تائه يعجز عن العثور على والدته، مسحت دموعها بظهر يديها ثم مدت يديها الاخري بالهاتف قائلة
: انا مش عارفة اشكر حضرتك ازاي. متشكرة اوي.

استقام عندما راي ذالك الرجل على وشك انهاء ماكان يفعل فقد لاحظ توجه نظرها له اثناء المكالمة وبرؤيته قد فطن الامر، بالتأكيد هو المدعو انكل باسم الشرقاوي من كانت تتحدث عنه بخصوص اختطافها كما تقول هي، التقط هاتفه وحاسوبه قائلا
: تعالي معايا
نظرت اليه باستغراب
: اجي فين
وهنا لا مجال للنقاش، جذبها من يدها واخذ حقيبته مبتعدا بها عن مرئى ذالك الرجل.

يجلس رشدي متسع العينين يذدرد ريقه بخوف اثناء مكالمة حياة مع منصور، يتسائل في نفسه، كيف هربت، و يفكر فيما سيفعله به منصور المنياوي.
اغلق منصور الخط يتوعد لرشدي شرا قائلا
: قسما بربي يارشدي لهوريك النجوم في عز الضهر، وهدفعك التمن غالي اوي، انت والكلب التاني
ثم خرج مسرعا يركب سيارته متجها بها إلى المطار باقصى سرعة.
اسرع رشدي يلتقط هاتفه ليحادث باسم يخبره بما حدث،
رشدي غاضبا والعرق يتصبب مننه خوفا.

: باسم. البت هربت، منصور كان عندي و حياة كلمته
باسم وهو يشتعل غضبا منها
: انا هتصرف
اغلق رشدي الخط يفكر بانه عليه الاختفاء تماما حتى تستقر الامور ثم يظهر ليغتنم الفرص.
علي الجانب الاخر و بعد مكالمة رشدي، انهي الإجراءات وتوجه إلى مكانها، ضيق عينيه بخبث شديد كان يتوقع هروبها لكنه لم يكن يعلم انها بتلك الحماقة فرجاله يترصدون جميع مخارج المطار ومن المستحيل خروجها منه، ولن يتركها بعد ان نالها اخيرا،.

اجرى اتصالا بأحد رجاله فاكد له عدم خروجها من اي ابواب المطار، التفت بنظره إلى جميع الاتجاهات توجه نحو المرحاض الخاص بالسيدات، فلا يمكنه الدخول، ربما يظنون من بالداخل انه متحرش مختل في هذا السن توقف حتى لمح احدى السيدات تدلف إلى المرحاض فاوقفها قائلا
: لوسمحتي ممكن تشوفي مرا، اااا بنتي جوة دخلت واتأخرت اوي وانا قلقان عليها وانتي عارفه مش هينفع ادخل اشوفها.

تراجع في اللحظة الاخيرة من لفظ مراتي فربما تتعاطف معها وتساعدها اذا علمت انها متزوجه من رجل في عمر ابيها اما اذا كانت ابنته فهذا امر وارد، فبالتأكيد هي بالداخل لا مكان اخر ولم تخرج من المطار بعد.
علي الجانب الاخر تتربصه عيون كالصقر يتوارى خلف الزحام، جذبها متجها بها نحو المرحاض الخاص بالرجال اتسعت عينيها من الصدمة اغلقتهما فور دخولها المرحاض،
وضعت يديها على عينيها قائلة
: انت بتعمل ايه.

لم يكترث بالرد عليها، تاكد من احدي ابواب المرحاض انه مفتوح ثم جذبها إلى الداخل واغلق الباب.
ازاحت هي احدي اصابع يديها من على عينيها عندما استقرت الحركة وجدته امامها ينظر مباشرة اليها، انزلت يديها لتتسع عينيها اكثر واكثر فهي في احد مراحيض المطار الذي يحتوي على يافطة للرجال فقط
مع رجل لا تعرف عنه سوي،! حسنا، لاتعرف عنه اي شيء.

خرجت السيدة تخبر باسم بانه لا يوجد احد بالداخل فتوجه يتفقدها بمرحاض الرجال ربما تختبئ هناك.

استمعو فجأه لصوت طرق على باب المرحاض المجاور لتشهق هي بدورها خوفا فاسرع هو يضع يده على فمها وباليد الاخر يرفع سبابته امام فمه في حركه مفادها ان تلتزم الصمت فقد حدث ما كان يتوقع تماما، ذالك ال باسم لم يعثر عليها في مرحاض السيدات فحتما سيتفقدها في مرحاض الرجال هذا مالم تنتبه هي اليه اما هو فالتقطها كما هي عادته، انزل يده عن فمها واخذ يفتح حزام وسحاب بنطاله وهي تكاد عينيها تخرج من محجرهما اثر الصدمة وضعت كلتا يديها على عينيها واستدارت بوجهها إلى الحائط خلفها وما يدور بمخيلتها انه عاوز قلة ادب.

طُرق باب المرحاض المختبئون خلفه، لتلتفت له خوفا، ثم تستدير مرة اخري واضعة يديها على عينيها ما ان رأت بنطاله شبة منزوع و بكل هدوء وثبات انفعالي رد
: ايوه
همهم باسم
: انا. اسف
فتح باب المرحاض وخرج امامه يعدل من ملابسه فنظر له باسم في احراج ثم خرج يبحث عن تلك الشيطانة الصغيرة.
عدل من ملابسه ثم توجه اليها، وجدها كما هي تقف ووجهها للحائط مغمضة العينين، ابتسم ابتسامة جانبية سرعان ما اخفاها قائلا.

: خلاص خرج. ماتخافيش
التفتت له تنظر بجانب عينيها إلى ملابسه لتتأكد انه يرتديها، ثم نظرت له بترقب وهو يخرج هاتفه يتصل باحدهم.
فكر قصي سريعا، اخرج هاتفه يحادث يوسف قائلا
: يوسف. عدي على اي محل ملابس وانت جاي. اشتري عباية خليجي بطرحه...
لتأتيه اجابة يوسف على الجانب الآخر صمت، يقطعه قصي قائلا
: يوسف انت معايا؟
اغمض يوسف عينيه يهز رأسه بعنف قائلا
: قصي انت اتجوزت؟
زفر قصي على الجانب الاخر بنفاذ صبر قائلا.

: يوسف لما تيجي هفهمك. المهم بسرعه وماتتأخرش
اما هي تقف متسعة العينين، ماذا يفعل ذالك الغريب
وفيما يفكر، انهي المكالمة، نظر لها للحظات ثم اخفض بصره قائلا
: خليكي هنا واقفلي عليكي الباب
نظرت له، ونظرة عينيها تتكلم، تنطق. خائفة
تبخرت نظرة الخوف وحل محلها الاطمئنان عندما اردف قصي
: انا هستنا هنا
واشار إلى باب المرحاض الرئيسي، اومأت عدة مرات واغلقت عليها الباب.

اما هو وقف ينتظر اتصالا من صديقه يخبره بوصوله، تارة ينظر إلى الباب المغلق، وتارة ينظر إلى الخارج
يقطع المسافه بينه وبين المطار كالبرق، تلتهم عجلات السيارة الطريق، تتصلب شراينه غضبا وقلقا، اتاه اتصالا فتح مباشرة دون النظر لاسم المتصل ليأتيه صوت حنان يبدو عليها القلق
: منصور؟ انت فين وعملت ايه
اتسعت عينيها، خفق قلبها بشدة عندما قص عليها منصور ما حدث بأختصار
ردت عليه تتوسله ببكاء.

: منصور انا عاوزة بنتي، عاوزة حياة يامنصور
وهو لن يتحمل خسارة اخرى، لا يفكر سوى بمرأى حياة امام عينيه سالمة، عقله لا يستجيب لأي احتمال آخر ايا كان، رد عليها
: هترجع. هرجعها يا حنان
اغلقت الخط معه تربط على قلبها بقبضة يديها واثناء اغلاقها للهاتف كان دخول سارة متسائلة عما يحدث
: في ايه يا طنط. عرفتو حاجه عن حياة
حنان ودموعها تسبقها بالرد
: حياة اتخطفت ياسارة. اتخطفت.

وضعت سارة يديها على فمها تكتم شهقة بكاء قائلة
: ازاي ومين عمل كده
قصت لها حنان ما اخبرها به منصور عن مكالمة حياة لترد عليها سارة قائلة
: احنا لازم نروحلها ياطنط مش هنقعد كده مستنين اي خبر
رمشت حنان بعينيها تفكر، وهنا التفكير مستبعد بالعقل تماما، و يتولي المهمة القلب وحين يتولى الاخير امر ما فلا مجال للتفكير من الاساس
نهضت مسرعه تلف حجابها حول رأسها تتبعها سارة إلى خارج المنزل متجهين إلى المطار.

اما هو يشتعل غيظا، غضبا، يتحرك يمينا ويسارا يمشط المكان بعينيه لا اثر لها هاتف احد رجاله زاعقا
: انتو فين يا بهايم. مالهاش اثر في المطار
ليأتيه الرد الذي اشعل نيران غضبه أكثر
: يافندم مافيش نمله خرجت من المطار احنا مفتحين عنينا كويس
اغلق باسم الخط يبحث مرة اخرى، فقد اوشك موعد الطائرة على الاقلاع، وهو مخير بين امرين احلاهما مر بالنسبة اليه.

اما تركها تهرب من بين يديه بعد ان نالها اخيرا وإما مكوثه ومواجهة منصور المنياوي، وفي هذه الحالة تنتصر الرغبة، ظل يبحث غير عابئا بموعد الطائرة يتوعد لها بأسوء الامور، كانت تحت قبضته، سلمت له ولأنيابه، وفجأة تسربت من بين يديه كالماء، لن يستسلم فرغبته بها فاقت جميع الحدود.

يبدو له الطريق وكأنه لا ينتهي، يتصبب عرقا، يذكر الله كثيرا باذكارا عدة، يدعوه ان يصل في الوقت المناسب، التقط هاتفه يعاود الاتصال بالرقم الذي هاتفته منه حياة، رد بلهفة حينما استمع لجواب قصي على الجهه الاخري
: الو.
قصي وهو يبدو على صوته الثبات
: ايوه
رد منصور بلوعة اب، و كلامه غير مرتب
: ارجوك. انا اسف البنت اللي اتكلمت من تليفونك من شويه. موجودة قدامك
اذدرد قصي ريقه ثم رد
: لاء.

بهتت ملامحه، تتسع عينيه بصدمه، دمعة نزلت مسرعه من عينيه، خفق قلبه بشدة، او ربما توقف عن النبض هو لا يعلم، انتبه عندما اردف قصي
: ما تقلقش. انا معاها.
ظل يومأ له والهاتف معلق بأذنيه وكأنه يراه، لم يستطع النطق، دموعه تتسابق الواحدة تلو الاخري ابتلع غصة بحلقة يردد
: الحمد لله. الحمد لله
اغمض بشدة مزيلا تلك الدموع عن عينيه ليرى الطريق امامه قائلا
: ارجوك خليك معاها. ماتسيبهاش، انا في الطريق.

رد قصي وهو ينظر إلى الباب القابعه خلفه حياة
: ماتقلقش، كلمني اول ما توصل.

اغلق منصور الهاتف انفاسه تحترق، تتصلب يديه على عجلة القيادة كم يتمني الان ان يمتلك التحكم بالوقت، كم يتمني ان يتوقف كل شيء حولة عن التقدم ليسرع هو يلبي نداء صغيرته، ضغط على المكابح اكثر مزيدا من سرعة السيارة، ليتفاجئ امامه بإحدى سيارات النقل العملاقة تقطع الطريق امامه، تسير ببطء، لن يستطيع التحكم في مكابح سيارته ليوقفها فجأه، فضغط على زامور السيارة مصدرا صوتا مرعب، لم تفلح محاولته بتنبيه السائق، فحرك عجلة القيادة حركة دائرية ناحية اليسار منحرفا بسيارتة خارج الطريق، لكنه تأخر، قد فات الاوان، اصتدمت السيارتين فأخذت سيارته تتقلب عدة مرات حتى استقرت على ظهرها عجلاتها للأعلي، وهو غارقا في بركة من الدماء. تمنى ان يتوقف كل شيء حوله عن التقدم. وقد كان...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة