قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والعشرون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والعشرون

رواية أحيت قلب الجبل للكاتبة ياسمين محمد الفصل الثاني والعشرون

نزلت خارجة من البناية بلا مبالاة وكأنها من احدى قاطنيه. وكأنها لم تكن مرتكبة لجريمتين قتل. الأولى قتل رشدي. والثانية قتل انسانية. اخلاق. وربما في قاموس من مثلها تكتب بالهمزة. تفاجأت بمن يقبض على رسغها قائلا بسخرية.
: على فين يا حلوة.
نظرت له ولمن بجواره بخوف مرتبكة قائلة
: ايه ده في ايه.؟ انتو مين.؟
نظر لها قصي بإشمئزاز بينما تحدث شريف يحذرها قائلا
: مش عايز اسمع حسك يابت. امشي معايا.

ومن نبرته ولكنته في التعامل معها قد علمت هويته. تبعته بثرثرة معتادة.
: في ايه يا باشا. انت واخدني على فين.؟
نظر لها بإذدراء قائلا
: على المكان اللى كنتي فيه يا روح أمك.
اذدردت ريقها بتلعثم قائلة
: ها. مكان ايه ياباشا.؟
لم يرد. حيث وقف امام باب شقة رشدي. وهي تقبض على حقيبة يدها بزعر. تضع يديها على صدرها. حيث موقع سلاح الجريمة
طرق شريف الباب. رن الجرس. لا استجابة
نظر لها يبتسم بغموض قائلا
: افتحي الباب.

لترد بخوف. وقد اخذ هو ما يريده في شبه اعتراف منها بترددها على تلك الشقة
: مش معايا مفتاح.
زعق بها قائلا
: اومال دخلتي ازاي يا روح امك.
نظرت له وقد وصل خوفها الى عدم القدرة على النطق بحرف واحد آخر.
قد استطاع شريف من رؤية ذلك الخوف بعينيها ادراك انها نفذت ما خطط له باسم وأمرها به في مكتبه. وما سمعه هو من خلال جهاز التصنت.

دفع شريف الباب بقوة. دفعة بجسده كليا. حتى استطاع فتح الباب. وبمجرد ان فتح اخذت تلك الدوسة تصفع وجنتيها في زعر. دفعها قصي الى الداخل ثم وقف يسد عليها المخرج. دلف شريف ينظر جيدا بترقب في انحاء المنزل. قد لمح كأسين على الطاولة احداهما فارغا. توجه الى غرفة النوم. بخطوات بطيئة حريص على عدم لمس الأشياء من حوله. دفع بابها بقدمه ببطء. لم يتفاجأ. بجثة رشدي في مشهد نهاية بشع. بشع بكل ما تحمله الكلمة من معاني. خرج ينظر الى قصي. يؤكد له بعينيه حدوث ما استمعا اليه عبر ذلج الجهاز. اخرج هاتفه يتصل بقوات الشرطة للإبلاغ عن جريمة قتل. بينما قصي كل تفكيره فيها. ماذا ستكون ردة فعلها عندما تعلم موت والدها. يريد وبشدة. الوجود اثناء لحظة علمها. استحوذت بدون ادراك منه على تفكيره. خيالاته. نبضات قلبه. كيانه كله. ربما كانت له المعنى الحقيقي لإسمها، ربما كانت له الحياة...

استمعت الى رنين جرس الباب. فعلمت انه عبد السلام. فتحت الباب تنظر له بإبتسامة انتصار، وقف ينظر اليها. الى عينيها مباشرة. يبحث فيهما عن حبه. عن لمحة انسانية. لم يجد سوى حرائق تلقي بشراراتها من حوله. دخل الى المنزل فأغلقت زهيرة الباب. تتبعه الى الداخل. وقف ينظر حوله في استكشاف. جلست امامه تضع قدما فوق الأخرى تبتسم وكأنها امتلكت العالم بين يديها. وكأنها تمتلك زر التحكم بجميع من حولها. جلس عبد السلام ينظر لها بحسرة داخليه.

: عملتي ايه يا زهيرة.؟
اختفت ابتسامتها من وجهها لتحل محلها نظرة تفر منها شياطين الأرض فرا.
: عملت اللى كان لازم اعمله قبل ما أسافر. كان لازم اتخلص منها.
ثم اردفت بنبرة ذات مغذي
: اصل ما فيش حد ليه امان اليومين دول.
اتسعت عينيه يستقيم بزهول قائلا بصوت خافت
: قتلتي يا زهيرة.؟
نظرت اليه بلا مبالاة ليعاود سؤالها مرة أخرى وتتحول النبرة الخافته الى اخرى زاعقة. مستنكرة
: قتلتي يا زهيرة.؟

رجعت الى الوارء مستندة على ظهر المقعد تنظر اليه بدون التفوه بكلمة واحدة. وهو ما زالت عينيه على اتساعهما زهولا ومن بين اسنانه تحدث غاضبا
: ليه.؟ ليه بتعملي فينا وفي نفسك كده.؟
نطق شراها. بنبرة لا تعير اهتماما لغضبه.
: ده اللي كان لازم يحصل من زمان.
تحولت النبرة الى زعقة مرة اخرى منه
: ليه. ما تسيبيهم في حالهم. سيبيهم يعرفو ابنهم اللي حرمتيهم منه وعذبتيه معاكي.

والنبرة الزاعقة. كانت منها تلك المرة. نبرة محترقة. نبرة كنصل حاد. كبركان غاضب تنصهر في جوفه اصلب المعادن. صرخت قائلة
: لاء.
وقفت على اطراف قدميها الأمامية. تفتح كفيها بتشنج وكأنها على وشك خنق احدهم. متسعة العينين. نظرتها سوداء. لا يمكنك التفريق بينها وبين شيطانة تسكن بين عينيها. وربما تسكن داخلها.
: مش هسيبهم. مش هسيبهم يا يسري. مش هسيبهم يرتاحو في حياتهم. لو اضطريت اقتل ابنهم هقتله.

نظر اليها بزهول اين كان يخفى عنه كل ذلك السواد بداخلها. اين كان عقله عندما القى عيله القلب تعويذة تقيد. عندما استمع الى شرطها الوحيد للزواج منه. ونفذه. تحولت نظرة الزهول بعينيه الى سخرية عندما ادرك انها نطقت بإسمه الحقيقي قبل تجريده من الإنسانية. وبنبرة تجسد بها كل انواع الحسرة. الندم. التمني بالرجوع الى لحظة واحدة. لحظة معينه فارقة.

: يسري ضاع. تاه مني من زمان. ويمكن مات على المينا قبل ما يطلع بطفل خطفه من امه وابوه عشان يرضيكي. انا مش يسري.
اختفت ابتسامته الساخرة وحل الألم بمعالم وجهه. سكن نظراته مردفا
: انا واحد استخدمتي حبه ليكي لرد كرامتك. بعد ما منصور طردك من اوضته.
ارخت يديها ترجع خطوة الى الوراء وكأنه صفعها بحقيقة معرفته بالأمر. كم بدا الحديث الأن عبارة عن مهزلة.

: انا واحد حبه عماه انه يشوف حقيقتك. واحد شايل ذنب ناس كتير اوي.
بدأت دموع الحسرة تتجمع بعينيه مردفا بنبرة زاعقة
: شايل ذنب اب ضهره مكسور من فقد ابنه. شايل ذنب قلب ام بيتحرق كل ثانية على ابنها. شايل ذنب تعذيب طفل مالوش ذنب في اي حاجه ما بينكم. ولحد دلوقتي مش عارف انجده من اللى انا زرعته فيه.
صمت ينظر اليها بشرود. دموع عينيه تتساقط سريعا. ثم تحدث ببطء مردفا.

: شايل ذنب عيالي. عيالي اللي اخترتلهم واحدة. ما ينفعش يتقال عليها ام.
زهقت هنا كرامته نيابة عنه مردفا
: واحدة كل همها تنتقم لحبها القديم. تنتقم من منصور عشان رفضها وداس عليها بالجزمة. منصور وحنان اللى ما أسائوش ليكي في شيء.
اخذ صدرها يعلو ويهبط بمعالم وجه قاتمة. ونظرة سوداء. تحولت الى ترقب عندما اردف عبد السلام
: انا مش هقول لمنصور وحنان عن ابنهم. ولا هقول لقصي حاجة عن امه وابوه الحقيقين.

ثم القى بوجهها قنبلة منزوعة الفتيل. كلمة النهاية. الخاتمة
: انا هسلم نفسي واعترف بكل اللى حصل.
ثم تركها مغادرا. تركها تستوعب ما القاه بوجهها. ومع لحظة ادراك منها بعدم وجوده صرخت زاعقة من جوف داخلها المحترق كالجحيم
: يسري.

لم تجد استجابة. ركضت ناحية الباب تناديه. نزلت درجات السلم سريعا خارجة من المنزل لا ترى عينيها سواه. تريد اللحاق به. ايقافه عن ما ينوي عليه. وفي لحظة واحدة. لا تري امامها سوى انتقامها. وعبد السلام يشير لها في هلع بالرجوع على الجانب الآخر من الطريق. و بوق سيارة يصدر صوتا كالموت. وانتباهة منها. وشبه التفاتة بعد فوات الأوان. واصتدام جسدها بالسيارة...

جلس في مكتبه يعيد لحظات مقابلته له في ذاكرته. يتذكر نبرة صوته. معالم وجهه وملامحه. طوله. وأخيرا لون عينيه. فهو نفس درجة لون عيني حنان. ابتسم بدموع يرفع الهاتف الى اذنيه يهاتفه. يحث نفسه على التريث و الهدوء. عليه أن يتأكد اولا. وليس امامه سوى حل واحد. يعتبر مجازفة حياة او موت. عليه اقتناص انفعال. ردة فعل. للتأكد. وبمجرد ان استمع الى صوته هاتفيا. لم يستطيع السيطرة على دموع عينيه التي تنهمر كالشلال. يجهل مصدرها. ابتلع غصته يحاول الإعتدال في صوته ومجاراته في حديث عادي بشأن صحته الآن.

وبعد تبادل التحية والسلامات المقيدة بأغلال لعينة. تحدث منصور قائلا
: انا عازمك عندي هنا في البيت. محتاج اتكلم معاك شوية.
علي الجانب الآخر ابتلع قصي ريقه بخوف. هل سيطلب منه إنهاء عقد الزواج. رد قائلا
: تحت امرك.
ثم تنحنح مردفا
: في حاجه عاوز اقولها لحضرتك.
انتبه منصور اليه بكل جوارحه على الجانب الآخر وقد تأهبت حواسه الى الاستماع اليه ظنا منه انه سيتحدث في ذلك الأمر. فأردف قصي
: رشدي. والد حياة. اتقتل.

اتسعت عيني منصور بصدمة. يسأله
: اتقتل.؟ ازاي.؟
رد قصي من الجهة الأخرى
: باسم الشرقاوي هو اللي ورا قتله.
نظر منصور امامه بزهول مستغربا تدابير القدر عندما قص عليه قصي ما حدث بالتفصيل.
اغلق الهاتف على موعدا معه. موعد مواجهة. مواجهته بوالدته الحقيقية. واقتناص ردة فعله. للتأكد.

جلست على الفراش بغرفتها يتآكل قلبها قلقا عليه. ترى هل اخذ جرعة دوائه. هل يؤلمه جرحه. انقبض قلبها عندما آتتها طرقات الباب. دخل منصور بمعالم وجه آسفة. اشتدت خفقاتها تدوي داخلها كصرخات مستغيث. تقدم منها منصور يجلس على الفراش جوارها. يبتسم لها بحزن. ملس على شعرها جاذبا ايها الى داخل احضانه. في عناق ابوي يدرك انها لم تتذوقه يوما سوى بأحضانه. ، اتسعت عينيها تتنفس بصعوبة عندما آتاها صوته قائلا.

: عاوز اقولك على حاجة.
اعتدلت جالسه تنظر اليه بترقب، اتسعت عينيها بصدمة عندما تحدث قائلا
: رشدي. مات
وقد أخفى عنها انه قتل في موضع مشين. غير آدمي.
شهقت تضع يديها على فمها. هو لا يعني لها الكثير. وربما بموته تكون بمأمن اكثر و اطمئنان. لكن رهبة الموت. الفقد. الفقد بعنى آخر. فقد الأمل بالرجوع عن الخطأ او إصلاحه. دمعت عينيها تبكي حزنا. ليس على فقدها لأبيها. ولكن لفقده هو الفرصة. فرصة الرجوع الى الله.

اخذها منصور مرة آخرى الى داخل احضانه. يربت على كتفها. يفكر في امر ذلك الزواج الذي لا تعلم هي عنه شيئا. ماذا لو لم تتقبل الأمر.؟ ماذا لو اكتشف انه ولده حقا. هل سينهيه.؟ ام سيدعم ان يكون زواجا حقيقيا يدر عليه بالأحفاد...
علم خبر القبض هلى تلك الفتاة وضبتها متلبسة بجريمه قتل رشدي. اخذ يجهز حقيبته وجواز سفرة مسرعا.
يلعن بداخله رشدي وكل ما يخصه. التقط هاتفه عندما استمع الى رنينه يتحدث بلهفة قائلا.

: ايوة ياباشا.
ليأتيه رد زعيمهم من الجهة الأخرى
: ايه اللي عملته ده.
رد باسم بتلعثم قائلا
: ياباشا ااا انا. قولت نخلص منه لما حصل حواليه شوشرة
آتاه رد زعيمهم غاضبا
: مش انت اللي تقول ياباسم. بتقرر منك لنفسك؟ جريت ورا حتة عيلة جابتك الأرض.
هم باسم ان يتحدث فقاطعه رئيسه مردفا
: تاخد اول طيارة وتجيني فورا. قبل ما رجلك تيجي في الموضوع.

ثم أغلق الخط. نظر امامه يذدرد ريقه بتوتر وخوف. ثم اخذ حقيبته خارجا من المنزل...
انتهي المساء بسطوع شمس تضوي. تلقي بأشعتها في الأنحاء. تبدد ظلام الليل.
ذهبت سارة الى الشركة لمتابعة بعض الأعمال القليلة نيابة عن حياة ومنصور. جلست في المكتب تنهى مراجعة بعض الأوراق، طرقت سناء الباب تخبرها قائلة
: الإجتماع جاهز يا فندم.
نظرت لها سارة بإستنكار قائلة.

: نعم. إجتماع ايه.؟ لاء اجليه لما انكل يجي او حياة. انا ماليش في الاجتمعات دي
نظرت لها سناء بأسف قائلة
: للأسف يافندم العميل جه ومستني في اوضة الإجتماعات.
زفرت سارة بحنق تحدث نفسها. ما الذي آتى بها الى هنا اليوم. هي لا تعلم كيف تدير تلك الإجتماعات. نظرت الى سناء بيأس قائلة
: طيب يا سناء. قوليلهم اني جاية وراكي.

بينما على الجانب الآخر بغرفة الإجتماعات جلس كل من آدم وحمزة. يراجعان اوراق ذلك المشروع خاصتهم. دلفت سناء الى الغرفة قائلة بإبتسامة عمليه
: الباشمهندسه جاية حالا يا فندم.
اومأ لها كل منهم بابتسامة روتينيه. نظر حمزة الى آدم يميل قليلا الى جواره يهمس له قائلا
: باشمهندسة.؟ انت مش قولتلي هنقابل مدير الشركة.؟ مين بقى الباش مهندسة دي.؟
اجابه آدم يخرج من جيب سترته معطر الفم قائلا وهو يغمز له بعينيه.

: باش مهندسه باش مهندسة. هنقول لاءه.
ضحك حمزة ينظر له بيأس قائلا
: انت لسة ما توبتش يا دوك.
نظر له آدم بابتسامة فخر قائلا
: انت تعرف عني كده.؟

ليضحكا سويا يضربان كفا بعضهما البعض. وتلك الواقفة امام باب الغرفة تنظر اليهم بإستغراب. ثم اليه خاصة بزهول. شيئ ما. مجرد شيء بداخلها. انتفض اثر رؤيته امامها. وفرحة عارمة. بداخلها ايضا. وابتسامة وئدتها على نصل شفتيها قبل ان تولد. دخلت بعمليه تامة الى الغرفة. ليتنحنح آدم يهمس الى حمزة الذي ينظر لها بصدمة من وجودها هنا قائلا
: ايه ده. دي شكل الغفر اللى بشوفهم في المسسلات المصرية.

نظر له شذرا. ثم بابتسامة صغيرة وقلب راقص تحدث قائلا بإستغراب
: سارة.؟ انتي بتعملي ايه هنا.؟
تنحنحت سارة تنظر الى سناء بغيظ لتردت سناء قائلة تعرفهم بها
: دي باش مهندسة سارة فؤاد حافظ المسؤلة عن الشركة في غياب منصور بيه.

رحبت بهم ثم اقترب جالسة على طاولة الإجتماعات. جلس حمزة يستغرب بداخله من تلك المصادفة. وآدم. ما زال واقفا. ينظر اليها بزهول. وكأنه بعالم آخر. نظرت له بعدم فهم ثم نقلت نظرها بتسائل الى حمزة الذي يستشيط غضبا من صديقه لتحديقه بها بهذا الشكل. جذبه بعنف ليجلس على مقعده. نظر له آدم بتيه. ثم نقل نظر مرة اخرى الى سارة يمد لها يده قائلا
: دكتور آدم محمود المصري.

نظرت سارة الى يديه الممدودة ثم ابتسمت رافعة احد حاجبيها. حسنا ايها الوسيم اذا لم تحسن والدتك التربية. فسأتولى انا المهمة. ربعت يديها تنظر له ببرود قائلة
: اهلا يا دكتور. مابسلمش.

ارتسمت هلى شفتيه ابتسامة اعجاب جانبية سريعا. ابتسامة اشعلت نيران الجالس بجواره. جلس آدم تأسر سارة نظرات عينيه اليها. مما جعلها تشعر بالحنق لتطفل نظراته. جز حمزة على اسنانه كاد يسحقها. لتصرفات صديقة. فتحدثت سارة توجه حديثها الى حمزة تهمل آدم عن قصد
: اهلا بيكم يا دكتور حمزة. تقدروا تعرضوا المشروع بتاعكم للمناقشة
مرر آدم نظره بينهم قائلا
: انتوا تعرفوا بعض قبل كده.؟

تنهدت سارة بضيق تجيبه بإبتسامة صفراء قائلة بإقتضاب
: ايوة.
نظر آدم الى صديقه بشرود قاطعته سارة قائلة تنهي اي حديث آخر خارج العمل
: ممكن نتكلم في المشروع بعد اذنكم.؟
نظر لها آدم يومأ لها بإعجاب.
ينظر له حمزة بنظرات حادة.
عرضوا عليها مناقشة مشروعهم. وانتهى الإجتماع لكن لم تنتهي وصلة النظرات بينهم. استأذنت سارة منهم قائلة
: المشروع هيتعرض على انكل منصور وهيبلغكم بالرد بنفسه. شرفتونا.

ولم تنتظر خروجهم اولا. بل اندفعت خارجة من الغرفة. ليوقفها آدم بندائه لها قائلا
: آنسة سارة. لوسمحتي
اغمضت سارة عينيها تعض هلى شفتيها بغيظ. ثم استدارت تبتسم بمعالم وجه غير مقرؤة قائلة
: افندم.؟

تقدم آدم حتى وقف امامها. وبخطوة واحدة. سحرية. تخطى حمزة طاولة الاجتماعات وصولا اليهم. يمرر نظره بينهم بترقب. بنظرات تشتعل غضبا. نظر له آدم بإستغراب. بينما سارة رجعت خطوة الى الوراء من اندفاعه. وربما من تلك الشرارات المنطلقة من عينيه عندما تحدث آدم قائلا يخرج هاتفه من جيب بنطاله
: ممكن رقمك.
نقل شرارته اليها لتلطقتها هي كالرادار. ولم تغير نظرة عينيه التي مفادها إياكي قرار الرد عليه. فردت قائلة.

: لاء. مش ممكن. مع حضرتك ارقام الشركة تقدر في اي وقت تتصل تتابع المشروع او تستفسر عن اي شيء.
ثم تركت كلاهما وذهبت مسرعة.
ونظرة الإعجاب تحولت لشيء آخر امام عيني ذلك العاشق. دفعه حمزة بعنف قائلا بحنق
: ما تلم نفسك بقى.
ثم تركه وذهب خارجا من الشركه.

نظر له آدم يستغرب عنفه. سرعان ما ابتسم بغموض مدركا مصدر انزعاجه. غالبا صديق عمره. عاشق لتلك الفتاة بإعتبار سابق المعرفة بينهم. لكن.؟ هل تبادله هي ذلك العشق. هذا ما سيتأكد منه. ولا عليه لومة لائم...

وقف امام غرفة العمليات منذ ليلة امس. حيث الحالة حرجة. الحالة حرجة منذ زمن بعيد. كان عليه علاجها. وقف يبكي دموع الخوف والقلق عليها. رغم كل ما فعلته. مازال ذلك اللعين النابض بداخله يعشقها. يتألم لفقدها. يحبها وهي لم تلتفت مجرد التفاتة اهتمام لذلك الحب. ابتسم بسخرية. حب اعمى. اعماه هو عن كل شيء سوى رغبتها. وحب آخر. حب اسود. أو ربما حب لا مسمى له. اعماها هي عن رؤية قلوب تفني لها روحها فداء. قلوب محبة. كنز لم تستطيع استعادته مرة اخرى. حيث ألقت به بكل رضى في محيط عميق. محيط حقد ابتلعه حتى القاع. انتبه الى خروج الطبيب. نظر اليه يصم اذنيه عن ما يقال. يخفق قلبه بشدة. وكأنه على وشك اصدار حكم انتزاع روحه. توقفت نبضاته. عندما تحدث الطبيب قائلا...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة