قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد وأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وواحد وأربعون

الحب
وويل لمن أصابه الحب..
الحب ليس تلك المشاعر الناعمة التى تغلف القلوب، وتستكين أى مشاعر غيرة
وليس ذلك الشعور بالطمأنينة والراحة
بل على العكس
كونك تحب
أى أنك تعيش حياة محفوفة بالمخاطر، ما بين كراهية وعداوة وبغض تمنعك من الوصول للحبيب
وأضف ياعزيزي، بهارات الغيرة والتملك التى يتفرد بها العاشق ليتحول الى شخص بدائي بربرى...
الحب طاقة مستنفذة من قلب نابض، ليتحول الى شبح شخص ليس ما كان عليه فى الماضى..

الحب
مصدر لتهلكة كل قلب
الحب
مصدر شقاء لكل روح
الحب، وويل الحب لمن أصابته بسهامها.
الدموع جفت مآقيها، وحالة الحداد التى أعلنتها آسيا منذ إصداره شفهيًا بالطلاق جعلها مذبذبة
تشعر انها فقدت جميع توازنها الداخلى، وبقت تترنح يمينًا ويسارًا بحثًا عن قبس شئ تستند عليه لتستعيد توازنها
لكن منذ متى وهي بتلك الحالة!
منذ أن عاد حبيبها وهو ليس بحبيب، ومنذ أن عادت هى ليست ب هى القديمة!

هو محق لقد تغيرت، وصار بالمثل، ومنذ متى يصبح الإنسان على ما هو عليه على مر السنوات..
تأوهت بقهر شديد وهى تدفن وجهها فى وسادة فراشها تستعيد يوم طلاقها ليلة زفاف وجد...

بدأ عدد الضيوف يقل تدريجيًا والعصفوران يستعدا للرحيل بعد مغادرتهم القاعة منذ قليل، لم تملك شيئا سوى أن تبقى ملتصقة بجوار غالب كما رغب منها منذ منتصف الحفل، معطيًا لضيوفه مساحة واسعة للاحاديث عنها وهى ما زالت بجواره تلصق ابتسامة مصطنعة كالمحيطين..
غلف الصمت طريق العودة للمنزل، وبدى غالب أكثر انسانية متخليًا عن قناع البرودة والعملية محدثًا إياها عن أول حفيدة من الجيل الثاني شمس.

الفتاة تملك طاقة قوة وحب لا ينبضان جاعلة غالب يتخلى عن حوافظه وتبقى الفتاة بين ذراعى الجد، لوهلة خيل اليها ان الدموع تغلف مآقي غالب سرعان ما استعاد صلابته مرحبًا بمارية التي تعاملت بتوتر وكفيها مستقرة في أحضان زوجها، وبين برودة وعملية كانت واقفة كتمثال شمعى مبهر للبصر للمحيطين وخاصة الاطفال وهم يرونها كأميرة هاربة من الشاشات التلفزيونية والفضل يعود لوجد.

هبطت من السيارة لتتحرك متجهة الى بوابة المنزل، الا ان خطواتها تخشبت ما ان أبصرته
شعرت بغصة مؤلمة فى حلقها وهي تتفحصه مليًا
بدى مهلكا لها ولقلبها الذى كان متيم ولا زال
ربما تلك المعضلة الوحيدة التى لن تنكرها، وهذا ما يجعله يستغله لأسوأ مرحلة..
عيناها كانتا شفافتين له، رجفة جسدها، ونظرة التيه التي سكنت حدقتيها مخالطًا الشعور بالوجع جعله يقترب منها، معطيًا فقط هزة رأس من جده الذي تحرك تجاه المنزل.

جده كان عند وعده حينما أعطاه فرصة لهما، فرصة أخيرة كي يناقشا بتعقل كما رغب، متمنيا زوال اى شوائب فى حياتهما، لكن لمعة التصميم في حدقتيها جعلته يهز رأسه بيأس واضعًا يديه فى جيب بنطاله
يقف امامها بسطوته التى لا تنكرها، بعضلات جسده الرجولية الضخمة التى كانتا حنونتين فقط فى أشد لحظاتهما العاطفية التى لم تستمر طويلاً.

فغرت شفتاها وهى تحدق فى عينيه وهى ترى العزيمة التى لم تقتله، عزيمة لكى تكون تحت سطوته، مهما حدث ما زال رافضا أمر الطلاق
هو لم يستسيغ تلك الكلمة حينما رددتها على مسامعه، ووعودهما التي نصت أن كلمة الطلاق لاغية من قاموس حياتهما
غمغم بسخرية لنفسه، ألم يكن هو أول من حطم أساس علاقتهما؟!

وما زاد الطين بلة انه يتهمها بهذا الامر، بدلا من محاولة احتوائه وقد كان معذور يقسم مئة مرة أنه لم يكن ليحاول أذيتها ولو على حساب نفسه
لكن كل ما يفعله فى سبيل سعادتها وحدها
ولكن بدلا من احتواء الأمر، لقد تضخم حتى ما عاد شفتيه قادرة على التحدث كما رغب جده..

همت آسيا بالتحرك حينما وجدته واقفًا كتمثال صخرى صلب، بدا جامدًا متصلبًا لا شئ يبدو به بشريًا سوى من عينيه التي تتفحصانها من منابت رأسها حتى اخمص قدميها باعجاب لم يخجل بإظهاره.
تحركت مبتعدة عنه الا ان يده الخشنة التى امتدت لكفها كان بمثابة جرس انذار طوارئ ليصيب كلا جسديهما بشرارة، رفعت وجهها بتجهم قابله الآخر ببسمة وهو يضغط زندها بقوة قائلاً بنبرة متسلطة
-محتاجين نتكلم.

ضيقت حدقتيها به بحدة وسؤال لعين يلح عليها، لماذا لم يحضر الحفل؟! هبطت نظراتها لزرائر قميصه المحلولة مبرزة صدره العضلى لترفع عينيها تجاهه وهي تلمس ضعف رجولى منه لأنثاه فقط، ضعف رجولى جعلها بدلا من الرفض والنفور تقترب منه هامسة بنبرة جاهدت لتصبح باردة، جافئة، لكن خرجت متحشرجة، لاهثة!
-انت عارف الساعة كام دلوقتى يا لؤى.

تلك المرة لم يحاول أن تصده عنه بل كل ما فعله أنه أرخى يده الحرة على ظهرها ليقرب الانشات الفاصلة بينهما لتصطدم بجذعه العضلى قائلا بنبرة خشنة
-محتاجين نتكلم
استفز كل حواسها، ولهاثه الذي يضرب وجهها لا يفلح باستعادة جمودها امامه، حاولت الفكاك من حصاره بجسدها الذي استسلم طواعية لصاحبه ومالكه الوحيد، وعينيها التى حاربت تلك المرة بضراوة كى لا تسقط فى سحيق عينيه المظلمتين
- اتفضل.

همست بها بحدة والوضع بينهما بدى حميمى، حميمي لدرجة أن أنامله ارتفعت على طول ظهرها حتى وصل لعنقها، تصلبت شعيرات جسدها وهى تسمعه يغمغم بنبرة دافئة
-لا بعيد عن الناس، مش عايز حد يقاطعنى
تهدجت أنفاسها وهى تنظر اليه بتيه شديد، ولمساته لموطن ضعفها الظاهرة جعل ساقيها تتحولان لساقين هلاميتين كادت أن تميد بها الأرض، لولا ذراعه التي أحكمت حصاره على خصرها ليصبح جسده داعم لجسدها الرخو!
غمغمت باستفسار.

-مش فاهمه ماله مكتب غالب؟
غمغم تلك المرة بيأس وهو يحاول صرف عقلها عن العمل كى تستلم طواعية فقط حتى يصلا لبر آمن لحديث طال نقاشه، غمغم اسمها بحدة
-آسيا
زفرت بيأس وهي تسلمه جسدها لبرهة من الوقت، تستعد لحرب نفسية ستخوضها لا محالة وتركته يدفعها لسيارته وما ان جلست على المقعد حتى تحرك هو يستقل مقعدًا وانطلق بسيارته وعينا غالب يهز راسه بألم للنتيجة التي سيعلمها صباح الغد!

مرت تنظر الى الشوارع بملامح واجمة، والضيق يعتريها من كونها أسلمت حصونها سريعًا له
الأحمق يعلمها كخطوط كفيه، ويعلم كيف يلين أمامها لترضخ بسهولة له، شدت بقامتها وهى تلتفت له بكامل جسدها قائلة بحدة
-هتودينى فين
اجابها بهدوء وعينيه معلقة على الطريق
-متقلقيش هرجعك
انفجرت تضحك بسخرية، وكبحت لجام الدموع كي لا تظهر أمامه لتغمغم ببرود.

-صدقنى دى اخر حاجة ممكن أفكر فيها، ورايا شغل بكرا لوحدى، غالب مش هيقدر يروح المؤسسة، وانت، نقدر نقول بقيت زى الشبح، خلتونى اشيل مسؤولية ناس وسبتونى.

ابتسم لؤى بهدوء وهو يلتمس عصبيتها من حديثها الحاد، تلقى اللوم عليه وعلى غالب كونهما تركا عمل المؤسسة على عاتقها بمفردها، والحق يقال كان يعلم أن امرأته ستستطيع أن تعمل بكفاءة دون وجودهما وهذا ما اقترحه لغالب الذى كان قلقا على رمي بكامل ثقلهما عليها، لكن طمئنه، أن اسيا لن تدع أي أمر دون أن تفرض مدى جديتها واستيعابها لتحمل المسؤولية، ألقى نظرة سريعة نحوها بفستانها الملكى الأزرق باعجاب لم يداريه ليغمغم.

-غالب مكنش هيسيب الشغل، لو كان عارف انك مش قد المسؤولية
عبست آسيا وهو تضم ساعديها على صدرها قائلة بحدة
- بمعنى
رفع لؤى عيناه عن الطريق وشبع عينيه من ملامحها الفاتنة ليهمس لها بصوت أجش
-انتى وانا اللى هنشيل مسؤولية شغل العيلة، لحد لما يشرف الجيل الجديد ويمسكوا المسؤولية
شعرت بشئ يدغدغ معدتها لتنظر اليه بعبوس حافظت عليه قائلة ببرود أشد مدفوعًا بالفضول
- مجتش الفرح ليه.

رفع حاجبيه بتسلية شديدة مجيبًا إياها بغموض
-مين قالك انى مكنتش موجود
علم انه يستفزها لاقصى حد، وهذا ما ظهر جليًا على محياها الحسن لتغمغم بحدة
-تقصد جيت لما الفرح فضى.

هز لؤى رأسه بيأس، لن يخبرها انه كان فى ركن قصى جدًا عنها، يراها، يتمتع بطلتها التي فاجأته، لقد فاجأته وجد حين اخبرته ان امر الفستان على حسابها، لقد خشى أن يكون عارى خليع المنظر ووقتها لن يلومه شخص على تأديبه لزوجته، لكن ما أن أبصرها بفستانها الملكي فقد خلبت لبه حتى نهاية الحفل.

جسده كان يعصيه ليتقدم ويختطفها بين ذراعيه بدلا جلوسها كالجماد بجوار جده الذى يربت على ظهرها بين الفينة والأخرى، وهذا سبب اخر جلب له البسمة لشفتيه
آسيا
الشيطانة المهلكة، بدأت تسقط دروعها أمام جده الذي يلتمس راحة حينما شعر أنه على بداية طريقه للصلح معها..
تنهد مجيبًا إياها بهدوء
-جيت فى النهاية يا آسيا.

لكن عقلها لم يصدق انه كان بجوارها دون أن تشعر به، تشعر بأن هناك شئ اخر يخفيه عنها، ومنذ متى لم يخفى ذلك الضخم شيئًا!
ابتسمت بمرارة شديدة وهى تهمس بتهكم
-ايه اتجوزت من ورايا، ووراك التزامات تانية عشان مقدرتش تيجي فرح بنت عمك
التزم الصمت من جانبه لتتابع هى تبث قلة حيلتها معه، تدفعه لاقصى مراجل غضبه كى يعطيها ورقة حريتها
-انت عارف الناس هتقول ايه على غيابك.

زمت شفتيها وهى تراه صامت، جامد لا يقوم بأدنى حركة، اقتربت منه وهي تلكزه على صدره هادرة بغضب ناري
-ما ترد عليا
ألقي نظرة عليها قبل أن يتنهد مصطفًا بسيارته على جانب طريق مقفر، لينظر نحوها قائلا بنبرة ذات مغزى
-ساعات الكلام مش بيكون ليه لازمة، لطالما التانى على ضلاله
تلك المرة انفجرت آسيا ضاحكة، وصدى ضحكاتها مريبة، مرعبة لآذان السامعين
خفتت ضحكاتها رويدًا لتنظر اليه وملامحها الفاتنة تتحول الى وحشية قائلة.

-ضلاله! وانت بقى الحمل الوديع اللى انا بعلق شماعات الغلطات عليه مش كدا! رد عليا واياك الكدب
التفت لها بكامل جسده وهو يغمغم لها قائلا ببرود
- ليه بتنسى يا اسيا أننا بشر، مش طول الوقت مثالين
ويخبرها بوقاحة أنه بشر، هل هذا يعني أن يستدرجها ويخدعها وهى لم تجرأ للحظة على خداعه، غمغمت بجفاء
-عندك حق
تركته يخرج ما فى جعبته ليتابع حديثه قائلاً
- لؤى اللى انتى عايزانى ارجعله صعب يا اسيا، إحنا بنتغير مع الزمن.

ابتسمت له بسخرية شديدة، جعله ينظر اليها وهو يلاحظ فتورها من الاستماع اليه، عزيمتها على الاخذ ما طالبت بحقه، إلا انه لم يملك سوى أملاً خافتًا بين جنبات صدره
برغم كل شئ لا يملك سوى هذا الأمل!
شبك أصابعه وهو ينظر اليها قائلا بهدوء
- حتى انتى يا آسيا، انتى بنفسك مش زى زمان
زمت شفتيها ببرود شديد ناظرة إلى عينيه قائلة
- مين اللى بدأ اللى وصلنا ليه حاليا
لم يجيبها وهذا ما توقعته، لتقترب منه قائلة بحدة.

- اتجرأ وقول انا يا لؤى
اطبق لؤى شفتيه مفكرًا وهو لا يرى جدوى من حديثه، تنهد مجيبًا إياها علّها ترتاح حينما يعترف بما ترغب بسماعه
- الكبرياء مش هيفيدك بحاجة، انا بعترف انى غلطت فى حاجات كتير، انتى بقى ايه وضعك
حدقت عينيها داخل حدقتي عينيه الداكنتين
وتمنت انها لو لم تثق به
لم تضع ربع ثقتها حتى بهذا الشخص الذى باتت لا تعلمه
الدموع احتشدت فى مآقيها لتهمس بصراحة
- اتمنى فى يوم لو معرفتكش يا لؤى.

اتسعت عينا لؤى ذهولا ودهشة، وألم نابض طعن فى فؤاده مباشرة، لم يتوقع ان تقولها ابدًا
تلك الكلمة كما لو كان سيف حاد خرج من غمده وطعن فى صدره بقوة!
أشارت إلى موضع قلبها ودموعها لم تسيطر عليها لتجهش فى البكاء قائلة
- ده بيوجعنى، بيوجعنى بكلامك وافعالك، بتجرحنى كتير وانا غبية عشان بسامحك مية مرة بسبب حبى ليك
تلك المرة اندفع غضبه يخرج امامها، ليمسك رسغها بقسوة هادرًا فى وجهها بحدة.

- بتسامحينى ازاى يا آسيا وانتى كل مرة عايزة تدمري عيلتى، عايزاني اسكت
هطلت الدموع تحاكى وجعًا نيابة عن لسانها، ما زال يضعها فى تلك البؤرة باجحاف دون وجهه حق، نظرت الى رسغها التي أصبحت في قبضة يده، لتتحرر منه بقوة هادرة فى وجهه بصراخ تام
-فين اذيتهم يا لؤى، بص في عيني وبطل غبائك ده، انا فين قدرت أأذيهم ها انطق ورد عليا!

كانت تدفعه بعيدًا عن متناول جسدها، تكيل اليه اللكمات والضرب على وجهه وصدره وكل ما يطيله، وكان هو جامدًا متلقى ضرباتها بصدر رحب، محاولا أن تمس وجهه ليراها تتراجع بتعب على ظهر الباب وهى تشير بيدها الى نفسها هامسة
- انت بنفسك كنت عايز تحطنى فى خانة الخاينة مش كدا!

اكتفى من ترديدها كالببغاء ليقترب منها الا انها اشارت له بالنفى، وضعت يدها على موضع رحمها تبكي بقهر شديد لترفع عينيها تنظر اليه بقهر وألم شديدين هامسة
- حتى حتة طفل، طفل بتمناه، فاكرنى هساومك بيه، مش كده!
اضطربت عيناه وهو يراها تنظر اليه بغضب، اجلى حلقه وهو يسمعها تضحك بسخرية لتتابع همسها الخافت قائلة بجفاء.

- اعترف انك مش واثق فيا لحد دلوقتي خايفة اغدر بيك يا لؤى، عشان كدا كنت بتستخدم وسائل منع الحمل بدون علمي، اوعى تفتكر معرفتش بموضوع حبوب الحمل اللى كنت بتدهاني من ورايا
هم تلك المرة أن يسحبها لاحضانه، ليخبرها أنه كان مجبور لفعلها على أوامر الطبيب النفسي، وأنه يموت الف مرة لفعل هذا، الأمر لم يكن سهلا له وهى تخبره بين يقظتها وسباتها انها ترغب بطفل منه، ترغب ان تجلب العديد من الاطفال ويكون هو والدهما.

كانت تنمى به شعور الابوة والفخر كون تلك المرأة تناجيه ليزرع طفلا فى رحمها
لكن بالجوار يجب عليه أن ينفذ تعاليم الطبيب الذي يستشيره لكلاهما، وقد طالبه بتأجيل امر الحمل حتى تستقر حالتها النفسية
انتبه لها وهي ترمقه بقسوة لتهمس بنبرة خافتة
- زى ما قولت احنا بشر، كلنا بنغلط، بس دى الحاجة الوحيدة اللى عمرى ما هسامحك عليها، فاهم ليه طلبت الطلاق، لان انا كمان خايفة منك.

اشاحت وجهها للجهة الاخرى، محاولة التقاط انفاسها، ضمت يدها بقوة على موضع رحمها، لا تعلم الى من تأتمن بالحديث معه فى هذا الحديث
ومن كان المفترض الاقرب الى روحها، طعنها بخسة ودناءة منه
لم يسأل مشورتها حتى، لم يصارحها بأى شئ، تركها على ضلالها ملاحقة سراب!
اقتربت منه تلك المرة ممسكة بتلابيب قميصه هادرة فى وجهه بغضب.

-متخيل شكلى ازاى لما الدكتور قالى عن الموضوع ده، وانا الغبية اللى استبعدتك، بس ازاي استبعد اول واحد دايما بيكون فى بؤرة الاتهام مش كدا ولا لأ يا زوجى العزيز!
رفع يداه ليلمس جانبى وجهها قائلاً بأسف
-الموضوع ده كان غصب عنى
واجابته كانت خاطئة
تبريره لما فعله، وارتكبه بحقها كان جواب خاطئ منه لتهدر فى وجهه واناملها تضغط بعنف على قميصه
-اياك تتجرأ وتقول غصب عنك، غصب عنك فى ايه، رد عليا وجاوبنى.

وضع يديه على خصرها لتجلس على فخذيه، ولم تكن هى فى كامل وعيها لما يفعله، كل ما ترغبه هو التبرير ثم القصاص بحق طفل ربما يكون الآن داخل رحمها
اجابها بصراحة مغمغمًا
- انتى مكنتيش فى كامل وعيك يا آسيا، والموضوع ده عملته مضطرًا مش بايدى بس كنت عايزك تبقى كويسة الاول، تتخلصى من حقدك وتبقى مستعدة لطفل ولحياة زوجية مستقرة
تركت اناملها قميصه وهى تحدق به بشرود.

أيحسبها مختلة؟ مجنونة؟ اذا لما لم يرسلها بنفسه الى المصحة كى تتعالج من مرض الانتقام الذى يسكن روحها!
ان كان سعيها للانتقام من عائلته يؤرقه، فليستعد للحرب التي ستشنها له ذلك الكائن العضلى، عديم الرحمة والقلب
ضربته بعنف على صدره هادرة تلك المرة بجنون
-حياة زوجية مستقرة، انت مجنون، انت بنفسك هدمت آخر طوبة فى البيت
حاول ان يتحكم فى فرط حركتها، خاضعًا إياها الى سلطانه الا انها ابت ان تستسلم له.

تأوهت بوهن ما ان جثم عليها بكامل ثقله لترى نفسها انها جالسة على المقعد وهو بكامل هيئته يسطو من فوقها، زمجرت بوحشية تهم أن تخدش وجه ليصرخ تلك المرة بقوة
-آسيا
دفعته عنها بيأس، لا ترغب بأى لمس ولو عرضى لذلك المنافق، القاتل لها
هسهست بحدة وهي تزيح جبلا من فوقها
-وجودى هنا ملهوش لازمة من الاول، انا مش عارفة انا ايه اللى جابنى هنا.

لم يملك حدًا لإخماد ثائرتها سوى بقبلة نارية بينهما، لثوانى اهتزت آسيا وهى تشعر به يعاقبها بقبلته
تأوهت بوجع وهى تزيح شفتيه عنها، لتنظر اليه بازدراء قابله الاخر بعزيمة ليعود مقتنصًا شفتيها مداعبًا مواطن ضعفها، خرجت صرخة جريحة من حلقها وبدى لها محاولاته
كمحاولة انتهاك جسد تحت مسمى عقد زواج!

حينما يأس من أن يلاحظ تجاوبًا منها ولو قدر ضئيل ابتعد عنها لاهثًا يهم بالاعتذار الصادق، وقد بدا أمامها كصورة وحش غاب يفترسها، إلا أنها فاجأته بالصفعة التي تردد أثر صداها في أرجاء السيارة
ابتعد اسيا بقدر المستطاع عن متناول يده، وبدت غاضبة، حانقة، لا تعلم كيف جرؤ على ما قام به ذلك الحقير
هل يظن ان المشكلة هينة ليحلها بقبلة او علاقة حميمة؟!

هدرت فى وجهه بوحشية دون ان تلاحظ وجهه الذى اسود قتامة أو عينيه التى اشتعلا بثأر
- انت اتجننت، انت فاكر باللى بتعمله معايا هيأثر فيا، انتى عارفه عملت فيا ايه، دبحتنى لتانى مره يا لؤي، لتانى مرة بصقفلك باعجاب، مطلعتش فى الاخر انا الشيطانة، طلعت انت يا لؤي
تهدجت أنفاسها حين همست اسمه، نظرت الى ملامح وجهه التى لم تستطيع قراءتها وظلت على حالها الثائر، وهى تطالبه بقسوة
- طلقنى.

لم تستمع الى هدير انفاسه، ولا حتى الى أنامله التى اطبقها بعنف على جانبيه ليسألها بصوت خافت
- ده اخر كلامك!
زئرت بوحشية وهى تضربه فى صدره هادرة بعنف والخلاص من قيده
-وانت فاكر هرجع فى كلامى، طلقنى دلوقتى، والا عزة جلالة الله من بكرا لارفع قضية خلع وساعتها هخلى اللى ما يشترى يتفرج
نظر دون أن يأتي بأي رد فعل انساني لها، مال فقط نحوها لتجفل مبتعدة عنه الا انه امسك بذقنها لترفع رأسها بكبرياء وقوة.

حدقت بعينيه التى تنظران نحو عينيها بأسف، وشريط ذكريات يمر بينهما، م
أسند جبينه على خاصتها لتجفل آسيا منه وهمت بالتحرك مبتعدة إلا أنه ثبتها ممسكًا بكف يده الحرة خلف رأسها ليهمس لها قائلاً
- انتى طالق يا آسيا
وكانت تلك آخر جملة نطقها، بعدها انطلق بسيارته غلفهما الصمت عائدًا بها إلى منزل عائلته!

عودة للوقت الحالى،
رفعت وجهها حدة حينما شعرت بمن اقتحم خلوتها فى الغرفة، رفعت عيناها تجاه مارية التى تنهدت بيأس وهى ترى ملامح وجهها الشاحبة لتقول بحدة
- ميستاهلش يا آسيا.

رفعت اسيا عيناها بعدم تصديق، لا تصدق بمجرد ما اخبرت به شقيقتها عن كونه يدس الحبوب اللعينة تلك فى طعامها حتى تصدر القائمة السوداء، وطلبت منها ان تظل عدة ايام في منزلها حيث ان ماهر منشغل برحلة طويلة نظرًا لعمله ولم تستطيع تلك المرة أن تلحقه ففضلت البقاء مع ابنتها، أصدرت ضحكة ساخرة وهي تهمس
-دلوقتى ميستاهلش يا مارية.

زمجرت مارية بوحشية وهى تتمنى لو ترى هذا المدعو بزوجها امامها كى تقوم بقتله، هسهست بقسوة
- انا مكنتش اعرف اللى عمله، لو كنت اعرف صدقينى كنت قطعته بسنانى
جذبت آسيا رأسها بعيدًا عن الفراش لتحدق فى ملامح مارية القلقة، ابتسمت وهي تربت على ظهرها مطمئنة إياها لتهمس مارية بتردد
- هتسيبى البلد يا آسيا
احتدت عيناها بقسوة وهى تغمغم
- بعينه، انتى فاكرانى هخاف منه، بالعكس هخلينى قدامه ولا يعرف يطول منى حاجة.

تصاعد صوت مارية الساخر
-انتى بتضحكى على نفسك مش كده!
امسكت آسيا بكف مارية ووضعته على نبضات قلبها، لتقول بقهر
-خانى يا مارية، عارفة وجع الخيانة انا حاسة بيه دلوقتى، الالم عمره ما بيخف لأ مضطرة استحمله
جذبتها مارية الى عناق اخوى، بكت اسيا بقهر ومارية عيناها تلمعان بعزم شديد لتهمس
-بكرا يجيلك راكع، متقلقيش.

لم تكن لتحظى اسيا بعناق كهذا من شقيقتها او دعم سوى من تلك الحادثة، ابتسمت بامتنان شديد لشقيقتها وهى تفكر فى ذلك الاحمق
يظنها تلحق الاذى بعائلته وهى لم تستطع ان تقوم بأى شئ حفاظًا على حبه
لكن الأحمق، ستريه ذلك الكريه، هركليز الجسم، صغير العقل
ستريه ما يعني الانتقام الحقيقي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة