قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وخمسون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل مئة وثمانية وخمسون

يقولون
المحُب إذا وقع في العشق جُن
فما لي أنا كلما أراك تفقدين طور صوابى
حتى بات الجميع ينادونني بمجنون يا حبيبتى
أيعجبك إلى ما وصلت إليه؟
وإذا خذل المحُب قُتل
وأنا لم أقم سوى بخذلانك فى أكثر لحظة كنت فيها بحاجة إلىّ
هل من سماح؟
فالعاشق يرتكب الكثير من الحماقات
وحماقتي، أليس لها سبيل من جنات غفرانك؟!
داخل المشفى
أتعلمون ما هو أكثر شئ يدفع الأنسان للموت
الملل.

الملل قاتل صامت، يتوارى بين ظلمات العقل، يحاكى بين دهاليز النفس، يثابر للسيطرة والأحكام التام على الجسد.
وهذا ما يشعر به وهو مقيد الآن، عودته بعد أيام عاشها يراضي برتقاليته، وارضاء حماه المستقبلى الذى لم يكن راضيًا تمامًا على تلك العلاقة
يخبره بفظاظة أن ابنته لن تترك شبرًا من وطنها، وإن كان يرغبها ويتمناها فعليه الخضوع لهذا الأمر
وحاليًا هو مستسلم، راضى بالأحكام التى يسوط بها حماه خلف ظهره بقسوة!

اخبره أن ينسى أمر عقد قران، فهو لا يأمنه نهائيًا حتى يستطيع ببساطة الوقوف على قدميه كما تشدق هو مغترًا بحماقة
اللعنة عليه!
واللعنة على مدى سوء الوضع الحالى مانعًا إياها من عدم قرب برتقاليته ومؤازرتها له، بل كونها لم تصبح زوجته قولا وعرفًا كما تقضيه العادات لما أصر على العلاج أولاً؟!
جسده يتصبب عرقًا من فرط المجهود المضاعف، جسده يستصرخه طالبًا بالرحمة.

حتى ساقيه اللذان بالكاد يشعر بهما تتوسله بالتوقف عن التعذيب الجسدي
وكافة اجهزته العصبية تئن بحاجة للراحة..
لكن أين سبيل للراحة؟ وهي بعيدة عنه
انزلق جسده رغمًا على الأرض الصلبة وقد أرهقت كفيه لإستناد على الحامل زفر بيأس وضيق يعجز عن اطلاقه امام الطبيب وشقيقه الذى ينظر اليه بتسلية ليهدر بحنق
-انت يا احمق كف عن النظر إلى هكذا، أليس لديك شيء لتفعله أهم من النظر إلى.

رفع سامر حاجبه بتسلية نوبة الغضب التى تلازم شقيقه فى كل جلسة فيزيائية جعلته يتهكم منه قائلا بسخرية
-تتحدث وكأني أنظر لإمرأة تعجبنى
زمجر سرمد بحنق وهو يمرر أنامله فى خصلات شعره التى استطالت، جعله اشبه بقرصان بحرى حينما تراه غيداء وتخبره أنه يجب يحلق شعره ويهذب لحيته
- أحمق.

اقتربت الممرضة لمساعدته إلا أنه هز رأسه برفض تام، وحاول تلك المرة القيام بمفرده، أمام نظرات الطبيب وتوجس الممرضة سمح لها بإعطائه فرصة واحدة
والحق يقال كان القيام من مرقده جحيمًا لا يطاق
استنفذ المتبقى من جسده كليًا، لينتهى به حال الأمر مستسلمًا ليد شقيقه الذى استند عليه للجلوس على كرسيه المقيد لحريته مؤقتًا.

طالما تعامل مع الكرسى كوضع مؤقت سينتهى منه ما إن يستطيع السير على قدميه، وحينما يسأل الطبيب متى حتى سيستطيع أن يستخدم عكاز؟
يخبره بكل بساطة ان جسده غير قابل فى الوقت الحالى لإستخدام عكازين، وأنه بحاجة ان يستثمر كل طاقة داخلية به وألا يستنفذها، يعامله كأنه بطارية شحن وليس انسان طبيعى مر بحادثة!

تراخت كامل عضلاته ما ان حط جسده على الكرسي، ليغمض جفنيه بإرهاق متأوهًا بوجع حينما ضغط سامر بمكر على صدغيه صارخًا فى وجهه
- وغد
نظرت الممرضة بقلق تجاه المريض وشقيقه الذى أصر على متابعة العلاج الفيزيائى، لتحط بصرها نحو الطبيب الذى يدون فى الملف دون أن يبدى أى اهتمام بما يفعله المجنونان هذا، يتراشقان بكلمات بذيئة، تخدش اسماع الجميع ليتصدر صوت أنثوى حازم
- كفا عن الصراخ.

صمت كلا من سرمد وسامر ناكسى رؤوسهم بخجل واضح، لتقترب غيداء تجاه الطبيب متسائلة بلهفة
- هل تحسنت حاله؟
ابتسم الطبيب مجيبًا اياها ببسمة مطمئنة، يحتاجها دائمًا لبث الدعم النفسى لعائلة المريض
- بدأ جسده يستجيب نسبيًا للعلاج الفيزيائى، أتوقع خيرًا فى الجلسات القادمة، بقى القليل يا بطل.

وجه آخر كلماته تجاه سرمد الذى انقبضت معالم وجهه وهو يراه يحدثه كأنه طفل صغير قد ضمد ساقيه، بل رجل على وشك الزواج حتى أن بدى يشك أنه رأى خصلة بيضاء في شعره هذا الصباح؟!
ابتسم بجفاء حينما غادر الطبيب والممرضة، لينظر الى والدته التى عقدت ساعديها على صدرها ناظرة اياه بحدة، جعله يعبس جبينه قائلاً بتساؤل
- ماذا يا غيداء؟
اقتربت غيداء ممسكة بشحمة اذنه بقسوة مما جعله يتأوه صارخًا تجاه لهجتها الحازمة.

- أأنت أحمق، ماذا أخبرتك حينما تذهب للمرأة؟، ألم أخبرك كيف تتعامل معها؟
تأوه سرمد بوجع حقيقى تحت ابتسامات سامر الشامتة، لينفجر مقهقهًا تجاه رد سرمد الذى زاد من غضب والدتهم
-أمى الفتاة لم تبدى اعتراضًا
احتقن وجهها غضبًا لتترك أذنه قائلة بانفجار حاد قاسى.

- وكيف تبدى اعتراضًا وانت لا تدع لها متنفسًا للتفكير بمنطق، انت يا أحمق هذا الأمر لن يسير على خير فى الزواج، شادية عاطفية وانت احمق ووغد كبير تدفعك عواطفك للتحكم بك، حينما تحدث مشاجرة بينكما يجب أن تفصل عواطفك وتتعامل مع امرأتك بلين وحكمة عقل وليس بعواطف تغرق كلاكما، أفهمت يا أحمق
صمت سرمد لبرهة من الوقت، متشربًا كلمات غيداءه، ليقر بداخله ان والدته تستطيع قراءته كما تستطيع قراءته
برتقاليته.

فقط يضع يداه على ذلك الواشى الحقير، وبعدها ستكون له كافة أسراره مع برتقاليته، لا امه ولا والدها سيعلمان بها..
غمغم بنبرة عابثة وهو يطمئن على سلامة اذنه
- غريب لم أرى هذا يحدث مع زوجك
تلونت وجنتيها بحمرة قانية وهى تنظر اليه بحدة، لا فائدة ترجى من ابنائها، لقد ورثوا جميع صفات ابيهم المتهورة لتمتم بغضب
- تحدث بتهذيب مع أبيك، فكر قليلا ما تتفوه به يا أحمق.

هدأت غيداء لبرهة من الوقت بعد اتصالها منذ قليل بصديقه وطلبت معرفة ما قام به بسفره الأخير، ليخبرها أن ابنها الأحمق قام بفعل أحمق كعادته تجاه المرأة التي يحبها
لم تسأل عن التفاصيل
ولا حتى معرفة من هو الجانى، فإبنها حينما يدخل أى معادلة يكون هو الكفة الرابحة دون أدنى شك!
تبدلت سحنة وجهها، ورقت تعابير وجهها المتحفزة لتضم براحتى يديها وجهه قائلة بصوت دافئ.

- يا صغيرى، الحياة الزوجية ستختبرك فى السنة الأولى جميع الصعاب وسيوجد الكثير من العراقيل وتتصادم أفكاركم، أريدك أن تكون انت الأرض الثابتة لا تهتز مع أى عوامل خارجية، أريدك أن تكون نعم الزوج والأخ والسند الذى تبحث عنه حينما تحتاج إليهم
تجمعت العبرات داخل مقلتيه، وكل كلمة كطرقات حديدية ساخنة على جسده، برتقاليته تستحق منه الأفضل
برتقاليته تستحق رجلاً أفضل مما هو عليه، غمغم بخشونة
- حسنًا أمي.

تصلبت ملامح وجهها تجاه كلمته المكررة فى كل مرة، ثم ينكثها ببساطة حالما يحط عيناه نحو حبيبته، زمجرت بحدة
- لا اريد وعود مزيفة، انت يا احمق ان وجدت أى شئ لم يعجبني سأفسخ الخطبة، ما فعلته سابقًا لا اريد تكراره، أنت ابنى، لكنها ابنتى ايضًا التى تمنيتها طوال عمرى
كادت دمعة تسقط من مقلته لكنه بادرًا سريعًا بإزالتها قائلاً بمشاكسة كى لا تتحول الجلسة لدراما تركية تحب والدته مشاهدتها فى منزلهم.

- حسنًا يبدو أنكما ستتفقان كثيرًا علىّ، وسأكون الوحيد فى المواجهة
هزت غيداء رأسها بدفاع قوي تجاه برتقاليته
- نعم، لأنني سأخذ صفها منذ تلك اللحظة
دفع كرسيه متجهًا نحو طاولته آخذًا هاتفه بلهفة، ليتخشب جسده نحو صوت والدته الهادئ.

- المرأة حينما تعطيك فرصة أخرى يا صغيرى، تقدم ورقتها الأخيرة لك، أى حماقة صدقنى ستغلق بابها امام وجهك وهي مسرورة ولن تبكى على الأطلال كالسابق، ستتخطى الأمر وستمر تلك التجربة بحلوها ومُرها ثم تفيق لذاتها من جديد، أفهمت!
اغمض جفنيه بقسوة وقد تغضن جبينه بألم، هز رأسه محاولا التخلص من تلك مرارة الحنظل فى حلقه قائلاً
- أفهم وأعى جيدًا
طبعت قبلة دافئة على جبينه متمتمة بهمس ناعم.

- جيد، جيد جدًا، تذكر ما أقوله جيدًا حينما تقبل على أى فعل مجنون
رغمًا عنه ابتسم امام وجهها الدافئ، عيناها لمعت بسعادة تخفى بهما دموعها، لقد كانت أكثر شجاعة منه، أكثر عقلانية ومنطقية، ربما هذا هو سبب استمرار زواجها بوالده فهو وأخيه ورث بطباعهم جميع خصال والدهما وعائلتهم وقد كانت والدتهم تصرخ كمدًا كونها لم تتخلص من واحد حتى تتعامل مع نسختين متشابهتين له، سألها على مضض
- أيمكننا تقديم الزواج؟

نظرت اليه بحدة الا ان النظرة القاتلة فى عينيه
تطلب وحاجة ماسة لإتخاذ طلبه على محمل الجد، جعلها تزفر قائلة بهدوء
- حالتك الصحية تتطلب العلاج فى الوقت الحالى، قف على قدميك وسأتى معك محددين موعد الزواج
طبعت قبلة ناعمة على وجنته لتستدير مغادرة، ليغمغم بحدة
- سأقتل الوغد الآخر.

لو لم يهاتف ذلك الأحمق والدته لكان ببراعة استطاع أن يستميل قلب والدته ولم تكن لترفض طلب خاصة، هي الأخرى مشتاقة لقدوم كائن أنثوي لعائلتهم..
تبخرت جميع توعداته الحمقاء ما ان وجدها نشرت صورة جديدة تجمعها مع طاقم عملها، ارتسمت ابتسامة فخورة على شفتيه وهو يرى امرأته ناجحة بقوة فى عملها، توجه نحو قائمة الاتصال مهاتفًا اياها، ولم يستغرق الاتصال طويلاً لتجيبه بهمسها الناعم
- كيف حالك؟

اغمض سرمد جفنيه ضاغطًا بكف يده الحرة على مسند مقعده المتحرك، الحمقاء تتطلب منه ألا يتصرف بتهور
وهى بجميع همساتها وندائاتها تتوسله القرب
تصرخ بعينيها البعد، ولكن جسدها كله مشتاق لضمة ذراعيه
اسند رأسه على رأس مقعده مغمغمًا بإشتياق أجش
-مشتاق إليك.

سرت رعشة كهربائية كادت أن تسقط بها هاتفها، لولا انها تداركته فى الثانية الأخيرة، تهدجت انفاسها بتوتر ولا تدرى لما ابسط كلمة منه ترعب جسدها الذى يستجيب لنداءات همسات جسده للأقتراب منه، تكاد تخبره انها اشتاقت اليه اضعافًا
لكن لسانها تحرك بحرية هامسة
- كيف تقضى يومك؟
غمغم بملل
- لا شئ، أكون دمية بين يدي الطبيب وأمى
ضحكة ناعمة تسربت عبر الأثير، لتنتفخ أوداجه مطالبًا بالصبر لقد صبر كثيرًا
يستحق الثناء.

متى إذا الوصال؟
متى؟!
سمعها تتحدث بجدية
- سرمد أنا أتحدث عنك أنت، ماذا تفعل فى وقت فراغك؟
غمغم دون أدنى تفكير، يفاجئها بعاطفته الفجة
- أفكر بك
ألجمتها الصدمة لبرهة من الوقت جعلها تهمس اليه بعدم تصديق
- حقًا!
هز رأسه كما لو انها تراه، وهو متأكد تمام الثقة انها تشعر بجميع اختلاجاته ولو على بعد أميال قائلاً بمداعبة لطيفة
- نعم لكن أفكارى ليست بريئة مثلك.

شهقة خافتة افلتت من شفتيها، الوقح يخبرها ببساطة انها تفكر به وان لم تتفوه بها فى وجهه، عضت باطن خدها متجاهلة حديثه تمامًا قائلة
- وماذا تفعل أيضًا غير هذا؟
اجابها بالصمت، سوى من زفرة حارة خرجت من شفتيه جعلها تصبح تلك المرة مبادرة فى الحديث
- أتعزف على الغيتار كما أخبرتنى مسبقًا؟
اتسعت عينا سرمد مفكرًا ان هذا الأمر لم يخبرها به سوى مرة واحدة، تمتم بدهشة
- انتى لم تنسين!

وهى ببساطة أعادتها على مسمع اذنيه المشتاقتين لتلك الجملة
- لم انسى مطلق حديث بيننا سرمد
سكينة غمرت وجدانه، وادفئ الصقيع فى روحه، ليهمس لها بصراحة اعتادها دائمًا معها
- لم المسه منذ مدة يا شاديااه، لا أعلم لما أجد بينى وبينه حاجزًا
عضت شادية باطن خدها بأسى على حاله، رفرفرت بأهدابها تمنع انزلاق تلك الدموع الغبية فى كل مرة تتحدث بها معه لتهمس بصوت متهدج.

- وماذا عن عملك سرمد، لما توقفت عن التصوير؟ انا لا أرى أى شئ تنشره فى حسابك بعدما أغلقته لمدة ثم عدت فتحه وان لم تكن تنشر شئ سوى بضعة صور قديمة للعائلة
احتدت انفاسه بقوة وهو يقاطعها قائلا بخشونة
- توقفت
طرفت عيناها عدة مرات متسائلة بصوت هامس
-لماذا؟
وتسأله الحمقاء
عض على نواجذه يمنع سبة وقحة تخدش حياءها من التلفظ بها، أجابها بحدة حينما وجدها متطلعة للإجابة
ألتلك الدرجة ما زالت ترغب فى جلده أكثر؟
تعذيبه؟

إعادة الصدع بينهما؟!
- لأننى كدت أخسرك بسببه
اجفلت شادية لرده لتضم شفتيها بقوة تكاد تدميهما بأسنانها، وذكرى تداعب عقلها عنه، نفضت رأسها بقوة متحاشية عن تلك الذكرى قائلة برجاء
- سرمد أرجوك لقد وعدتنى ألا
قاطعها بخشونة، وصوت يكاد يفقد حافة سيطرته، وعقال الحكمة تتطاير دائمًا فى حضرتها.

- أعلم، لكن يا برتقالية مهما حاولنا ادعاء النسيان، إلا أن هذا الأمر سيظل محفور فى ذاكرتنا، كحاجز وهمى بينى وبينك ادافع دائمًا لإختراقه
وحينما تعجز عن الرد
يتعثر لسانها عن ايجاد كلماته
تستسلم هامسة اسمه
- سرمد
كلمة واحدة، متشعبة الأستخدامات
تستخدمها دون وعى بمدى تأثير مناجاتها العظيمة بأسمه، ان كانت غاضبة، حانقة، أو ثائرة فى وجهه، وان كانت حزينة، قليلة الحيلة كالآن!

وقع اسمه كالسحر فى أذنيه يجعله صاغرًا ملبيًا لطلباتها بتدلل تستحقه منه، اجابها بهمس
- لا استطيع ممارسة شئ كهذا مرة آخرى
يستشعرها حزينة باكية، كيف تحزن تلك المرأة على حاله
وهى من المفترض ان تسعد كون سبب ذبحها قد محى تمامًا بينهما، يحاول أن يخبرها بدون كلمات جوفاء
أنا أتغير لى ولكِ
أتخلى عما كاد يدفعنى لخسارتك من أجلك
لكن
حمقاءه البرتقالية غمغمت بتيه وصدمة برز فى صوتها.

- لكن عملك يا سرمد ومشروعك الضخم الذى ظللت لسنين تجتهد به؟
تمتم لها ببساطة
- توقفت عنه واعتذرت
فغرت شادية شفتيها بصدمة، الغبى ماذا يفعل هذا؟
كيف يتخلى هكذا عن مشروعه الضخم الذى ظل لسنوات يعمل به، تمتمت بهدوء حاولت التحلى به فى نقاش كهذا الذى سيسبب برفع ضغط دماءها
- هل رضوا؟
التوى شفتيه ببرود مغمغمًا بعدم اكتراث.

- ليس كثيرًا تفهموا حالتى الصحية واعطونى مهلة لا بأس بها، لكننى وقتها رفضت الأمر واخبرتهم أن يجدوا بديلاً عنى فأنا لم أعد متاح بعد الآن
تمتمت بنفس الصبر الطويل الذى تختبره فى الوقت الحالى بدلا من الصراخ فى وجهه
- وماذا ستفعل الآن؟
زفر مداعبًا خصلا شعر ذقنه قائلاً ببساطة
- سأعمل مع والدى، عمله لا يتطلب الحركة كثيرًا استطيع العمل فى البيت.

رمشت شادية اهدابها عدة مرات، أيخبرها ببساطة انه تنازل عن شغفه وسيؤدى عمل روتينى يومى؟!
همت بسؤاله ان كان يمزح معها، أم يتحدث بجدية، الا انه أدار دفة الحديث تحاهها متسائلاً
- ماذا تفعلين؟
تمتمت بإرهاق وهى تحرك بجسدها على فراشها الوثير
- فى فراشى، متعبة بعد العمل
انفجر فى وجهها تلك المرة صارخًا اياها من مغبة حديث لن تكون ندًا معه ابدًا
- شادياااه انت حقًا لا ترغبين أن أتخيل ما ترتدينه فى الوقت الحالى.

عضت باطن خدها بخجل عاجزة عن الرد، لقد اخبرته بحسن نية، ذلك الأحمق ما ذنبها انه يستغل أى شئ ضد مصالحه الوقحة
ران صمت مربك من طرفها، وجحيمى من طرفه، مخبرًا شياطينه بالتراجع
لقد وعدها وعد شرف
ووعد الشرف لن يتنازل عنه تلك المرة
تلك المرة بحاجة إليها لتصدق انه تغير بحق، سألها بإهتمام
- لما ستنتظرين كل تلك المدة حتى شفائى؟

ودت لو تخبره انه هو الأحمق من حدد وقتًا بينهما، هى من عرضت عليه سابقًا الزواج وهو فى حالته السابقة، أستهتم الآن لو يستخدم كرسى متحرك
لما لا يرى نفسه بعينيها؟
تراه رجلاً كاملاً لا تشوبه شائبة فى مواصفاتها
تمتمت تجيبه بنبرة لائمة لسؤاله
- لأننى علمت أننى مهما أدعيت اخراجك من عقلى سأكون كاذبة
لمعت عيناه ببريق ماكر وبرتقاليته باتت تجيد التلاعب اللفظى، غمغم بابتسامة ماكرة.

- طريقة ماكرة جدًا يا شاديااه لعدم إخبارى عن مدى حبك لى
اجابته بمكر
- ولن أخبرك بها ببساطة، لأنك ستنتظر فترة طويلة من الوقت
عض على شفته السفلى يمنع سبة وقحة تلك المرة، لن يستطيع أن يجارى تلك شاديااه الجديدة معه فى الحديث، حتمًا سيقبلها وليحترق أى شئ فى الجحيم، ربما يكون هذا هو ما سيدفع والدها لتعجيل زواجهما، تمتم بسؤال ماكر
- تعاقبينى يا برتقالية
وهى اندفعت بكل بساطة تجيبه
- نعم أعاقبك يا سرمد النجم.

تنهد قائلا ببساطة كجندى يستقبل أسهمًا فى صدره طالمًا سيدفن فى وطنه
- وانا طوع بنانك يا برتقالية، افعلى بى ما شئتِ
انفجرت تلك المرة ضاحكة قائلة بصوت عابث
- سأفعل، لا تقلق ابدًا
برتقاليته الماكرة حتمًا تعاقبه، يعدها بوعده الذى يختبر أقصى طاقات صبره لتلاعبه هى بألفاظ كلماتها المراوغة، تتعامل معه بأنوثة فطرية جعلته يهمس لها بعشقه للمرة الثانية
- تعلمين أن حبيبك يحبك حبًا جمًا.

ابتسامة واسعة زينت ثغرها وقلبها يصرخ بمدى وقوعها مدلهة فى عشقه لتهمس بخجل
-أعلم
استرسل حديثه قائلاً
- وانه أحمق كبير، ووغد
انسلت ضحكة كتمتها سريعًا وهى تجيبه بجدية
- وغد نعم لكن ليس أحمق كبير، بل قليل الأدب
ارتسمت ابتسامة ناعمة، وقد اصبحت تلك المرأة خطر على حياته، أمنع نفسه كل تلك الفترة بحماقة عن دلالها ومكرها الأنثوى له؟!
أجابها بصراحة متعمدًا التلاعب بكلماته.

- قليل الأدب، حبيبتى أنا لم أفعل أى شئ معك فى تلك المكالمة البريئة، ان كنت هكذا قليل الأدب، ماذا ستفعلين حينما أتغزل بك بوقاحة؟
تمتمت بهمس حانق، لكنه بعيد كل البعد عن الحنق بل همس مدلل
- سأحظر رقمك
انفجر ضاحكًا وهو يجيبها بجدية فى كلماته
- لا تتجرئى يا حبيبتى، لقد سمحت لك المرة السابقة لأننى أعلم أثرت خجلك واحراجك، لكن الآن بينى وبينك بلاد، اياك ان تفعليها، اقسم سأكون فوق رأسك ثانى يوم.

تأففت من نبرته الجادة، وودت لو انه امامها لتهشم الهاتف فى رأسه نهائيًا، الا ان صوت تأوه موجع جذب انتباهها قائلة بقلق
- ماذا حدث؟
تأوه تلك المرة بوجع حقيقى وهو يجيبها بهمس مطمئن
-شاحنة صغيرة مرت علىّ
استبد القلق بمعالم وجهها، لتنتفض من مجلسها عابسة لمغزى كلماته المتسلية قائلة بعدم فهم
- ماذا؟!
تمتم لها بإطمئنان وهو يلاحظ نبرة الذعر فى صوتها
- لا تقلقى أخى الوغد فقط امامى.

الا ان الوجع تلك المرة أكثر من احتماله، ليسب بلغة الأم صارخًا
- اللعنة انها تؤلم
تأوه سرمد بوجع حقيقى حينما قرصته والدته من اذنه، لتزمجر فى وجهه
- اعطنى الهاتف يا احمق
الآخرى كانت تائهة، لا تدرى ما اصاب الرجل معها، هل انزلق؟ هل تعب بعد انتهاء الجلسة؟ جاء صوت والدته الحانق لتهدأ من نوبة الذعر التى اجتاحتها، فالآن يوجد بجواره شخصًا يعتنى به، غمغمت غيداء بلطف لشادية.

- حبيبتى، انا اعتبر امه صحيح، لكننى والدتك ايضًا واسمحى لى أن أخذ هذا الشرف
ابتسمت شادية والدفء فى صوت والدته تسرب اليها حد التخمة، قائلة برقة
- بالطبع لا أمانع
تمتمت غيداء بجدية داعمة زوجة ابنها
- اذا قام بتصرف أى فعل أحمق، انا معك وبجوارك ومناصرتك الأولى، وأى عقاب تفضلينه سأدعمه بكل قلبى
تدلى فك سرمد بصدمة، هل تكون الحزب النسائى الذى تمنته والدته قائلة كونها كرهت العيش بين ثلاثة ذكور؟!

صاح بحنق وهو يراها تسترسل فى الحديث معها
- امى، اللعنة ما هذا!
تجهم معالم وجه امه لتهدر فى وجهه بصرامة
- لا تطلق الفاظ بذيئة امام امك مرة آخرى
عبس مجيبًا اياها بهمس حانق
- لست طفلا فى العاشرة
ابتسامة ساخرة اعتلت شفتى والدته والهاتف موضوع فى اذنيها قائلة
-تصرفاتك تجعلنى اراك هكذا، وليس رجلا على وشك الزواج
غمغم بسخط حقيقى
- اللعنة ارغب العودة للوغد الأخر، ستتحملنى والدته.

تمتمت والدته ببساطة وهى تتمتم بعض الاحاديث الخافتة مع برتقاليته
- لن يتحملك احد بقدر امك يا تيس
والدته حتمًا ترغب فى انهاء خطبتهم
بحياته لم يرى أم تفعل هذا أمام زوجات اولادهن، صاح بسخط
- أمى هل حقًا ترغبين بهروب الفتاة منى بنعتك تلك الصفات لى؟ بدلا من أن تفعلى كباقي الأمهات يمدحن فى أولادهن ويعدون محاسنهم أمام زوجاتهم
رفعت غيداء حاجبها بسخرية قائلة ببرود.

- هرب؟! وكأنك ستتدعها، ثم ما ان تنضم لعائلتنا ستعلم ان تلك الصفات لا توفى بحقك، كن مهذبًا معها
انهت حديثًا لطيفًا لم يسمع منه أى شئ بسبب تلك المراجل التى تغلى فى رأسه
اخذ الهاتف بقوة من يد امه، ليضع الهاتف فى اذنه ليسمع الى سلسلة ضحكات تكاد تكون أبدية
صمت تاركًا لها فرصتها للتعبير بحرية وما أن خفتت صوت ضحكاتها غمغم لها بلوم
- هل يعجبك ما يحدث يا شادياااه؟

كادت يندفع قلبها لتربت عليه، الا انها همست بمكر
- طنط غيداء محقة سرمد
اطلق صيحة ساخطة قابلها هو صوت شادية الناعم
- أمك تحبك جدًا لا تثر غضبها أرجوك
تبًا كلا المرأتين تحرصان على تقديم نصيحة بعدم اغضابهن، ما بالهن؟ أيرونه يصرخ فى وجوههن؟!
تمتم ببؤس مصطنع وهو يداعب خصلات ذقنه بملل.

- كلا، هى تحبك أكثر منى ومن شقيقى الأخر، انتى لا تعلمين كيف كانت تتشاجر مع والدى كونها لم تستطيع جلب فتاة لكى تتنفس بيننا بحرية، لكن كانت تصبر نفسها حتى نجلب انا وأخى زوجاتنا
عضت شادية باطن خدها محاولة منع ذلك الخجل، لقد اعتادت منه على ما هو أفظع من ذلك
لكن تلك المرة تصمت متشربة حلاوة تلك الكلمات فى أذنيها، تعيدها مرة تلو الآخرى دوم ملل، لتسأله بخفوت
- وماذا عن قريبك الآخر؟

عقد حاجبيه متسائلاً بعدم فهم
- من؟
تمتمت اسمه ببساطة
-داوود
اكفهرت ملامح وجهه ليتمتم بنبرة جافة
- لا أحب جلب سيرة هذا الشخص بيننا
وهذا يقتلها
لا تعلم سبب العداوة بينهما؟ ومدى هوس الآخر بتدميره وتحطيمه
لكن إذا رغب بتحطيمه حقًا، هل كان ليبعثها ببساطة الى المشفى التى يتعالج بها؟
تكاد تجن من كثرة التفكير الذى يدور فى دائرة فارغة، تمتمت بإرهاق
- ماذا حدث بينكما؟

يكاد يضغط بعنف على نواجذه، مانعًا نفسه من الذهاب للحقير هذا ويقتله تلك المرة حقيقًا، ليقول بجمود
- صدقينى ليس شئ يستدعى تلك الأهمية، مجرد غيرة حمقاء منذ الصغر تحول هو الى كرة حقودة تبث سمومها للجميع
تمتمت ببساطة
- قريبك يهتم بك، هو سبب حضورى وزيارتى لك فى المشفى
انسلت منه ضحكة جافة
فعل هذا من أجل عيون والدته وليس من أجله.

والدته هى الوحيدة التى تستطيع اخراج الجانب الجيد منه، او الذى يتظاهر بوجوده، لكن مع الجميع هو وغد يضع اهتمامه فوق إعتبار كل شئ
تمتم بكره لم يخفيه
- هذا حتى يزداد رصيده امام والدتى ليس أكثر
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتى شادية
والدته تستطيع اخراج الجوهر النقى فى كل شخص تحط عيناه عليها
تستشعر من صوته غيرة من الذى يستحوذ على اهتمام والدته وتملكه لها، لتهمس بنعومة
- انا احب والدتك.

ابتسم بامتنان كونها لم تحاول الالحاح بالحديث معه أكثر، شاكسها بعبث محبب
-وماذا عن ابنها؟ أليس له من جانب الحب نصيب؟
انسلت ضحكة منها وهى تهمس له بجدية
- أنا أرغب بالتعرف عليك عن قرب سرمد، بعيدًا عن العواطف ومدى انجذابى لك، أريد أن اتأكد انك ستكون خير لى عونا عند المحن
تضخمت مشاعره حتى كادت أن تنفجر.

برتقاليته تتخذ مجرى علاقتهما تلك المرة بجدية، وان كانت ترغب أن تصبح الجانب العقلاني فى علاقتهما كوالدته ووالده، فهو أكثر من مرحب للأمر
تمتم بجدية
-لا تتشككى بى مطلقًا، منذ ان اعطيتنى تلك انبثاقة الأمل بيننا، وانا أحاول ان اعيطك سرمد تستحقينه
زمت شادية شفتيها وهى تهمس له بحدة.

- انا لا اريد نسخة باهتة منك معدلة حسب أهوائى، انا اريدك انت، لقد قبلت بكل عيوبك بالفعل، اريد أن أعلم مدى ثباتنا حين صدور مصاعب ومشقات فى حياتنا
الفتاة تدفعه حتمًا للخطيئة معها
يرغب ان تكون امامه الان، ليثبت لها فعلاً كم يرغبها أن تكون زوجته
لعن شياطينه المعربدة، وطالبها بالصمت، وإلا ستكون خسارتهما وشيكة
يجب عليه أن يصبر لفترة وجيزة، حتى يدفعها هى من تطالب بإتمام الزواج لترابض جواره، غمغم بصوت أجش.

- انتى محقة يا برتقالية، محقة تمامًا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة