قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والثمانون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السادس والثمانون

لفافة تبغ تتبعها الاخرى
والحريق ما زال مستعر بصدره
ليس من مهوسي السجائر، لكنه يشربها وقتما يشعر بالضيق والعجز
مرر عاصي سبابته على ذقنه وبدا العجز يسيطر عليه و يفقد رشده، اللعنة، متي سيتوقف عن التفكير كصبي أحمق عاجز عن رؤية حبيبته سعيدة.

بل متي يأتي اليوم يجدها داخل جدران منزله، تنشر عبيرها في أرجاء حدود منزلهما الصغير، ركل حصوة صغيرة عرقلت طريقه وعينيه يتابعان المارين في الطريق، فبعد أسبوع من العمل في المشفى الذي أكتشف أنه ليس مملا كما توقع، فالكثير من الناس كانت تنتظر شخصا يحتاجون السماع اليه وان كانوا لا يودون سماع نصيحة او حل لمعضلتهم،
غامت خضراوة عينيه بحزن عميق وهو يتذكر رفضها للزواج منه، وسبب منعها للقيام بتلك الخطوة.

فرغم شعوره كرجل عليه أن يقدر مشاعر امرأة مرهفة الحس كوجد، كل يوم يزداد تعلقا بتلك المرأة، وإن أصبح أسيرًا لها فيا ويله هو منها!
ازداد صدره اختناقا ولم يعد التبغة حله الوحيد لخروجه من غرق كان ينتشله سابقا
لكن اليوم
هو يغرق
ينسحب عميقا الى ذكرى أسبوع كما لو انها ذكرى امس
الدموع في عينيها، انتفاخ وجهها وعينيها المتورمتين كاد يجعله يفقد سيطرته ويسارع باحضانها إلا أنها قتلته بخنجر مسموم في صدره.

-انا اسفه مش هقدر اتجوزك!
وقتها لم يكن يمتلك من الشجاعة ما يكفي للصراخ في وجهها، لم يعتاد أبدا على الجرح والحرمان، حرمان سعادته
وجرح حبه
فقط عينيه تكتمان انفعالات صدره والظلال الاسود يحيط بعينيه، قبض انامله بعصبية وهم بالقيام إلا انه تفاجئ بها تمسك بذراعه بلهفة طغت عينيها الناعمتين كرقة ونعومة ملمس يدها على ذراعه
- عاصي، انا مش هقدر اتجاوز اللي حصل، صدقني صعب، محدش حاسس باللى جوايا.

ازداد تقطيبه وجهه وانتفخ أوداجه وهو يرى علانيتها برفضه، ليهم بالاستقامة الا ان تشدد يدها عليه جعله ينظر اليها بجنون سيطر عليه وما قالته سكنت وحوشه
- انا نفسي ابقى مراتك يا عاصي، حقيقي عايزاك تحضني طول الوقت وتطمني، بس انا عارفة انه ميحقليش، انا نفسي ابقى مراتك دلوقتي يا عاصي، بس عمتي مش هنا سافرت مقدرش اخلي اليوم اللي حلمت انها تجهزني فيه اعمله من غيرها.

ارتجفت يدها الموضوعة على ذراعه لتسارع بسحبها محتضنة اياها بجوار يدها الاخرى، وجهها محتقن بالحمرة وعينيها المنتفختين المتهربتين من النظر اليه ليسحب نفسا عميقا والروح ردت إليه ليسمعها تغمغم وعينيها المغويتين تسترق النظر إليه خلسة.

-هيكسرها يا عاصي، عمتي يمكن معرفتش معدنك زي ما انا عرفته وجدو عرفه بس صدقني هتقدر مع الوقت تشوفك بنظرة تانية، هي اه بتهتم بالشكليات، بس مش عشان تفخر بنفسها ولا بيا ولا بأي حد، احنا بنعيش في حالة حرب دايما، مفيش وقت حد ياخد فيه الراحة، القوي لازم يفضل قوي عشان الضعيف ميتمردش عليه ويحاول يهاجمه، والبيئة اللى اتربيت فيها كلها حروب بس انا تعبت يا عاصي وعايزاك تبعدني عن العالم ده.

صمتت وجد وبقت تمسك قلبها بين يديها محدقة النظر إليه، تخشى رفضه
تملله
نزقه
غضبه
كل شئ، أى رد فعل إلا الصمت هذا المقلق والمتلف لأعصابها، عيناها تزداد جرأة وهي تمر على صفحات وجهه الرجولية الجذابة محدقة الى عينيه الخضراوين اللتين اول ما لفت انتباهها منذ مقابلتهما الأولى
تتأمل قسمات وجهه الهادئة وجسده المسترخي على المقعد لتهمس برجاء
- ارجوك متمشيش وتسبني.

فغرت شفتيها وجف حلقها وهي تحاول منع دموعها من السقوط، لن تتحمل هجر هذا الرجل ابدًا
ستقتل نفسها ان رحل دون أن يطمئنها بكونه سيظل جوارها، لكن دموعها رأى آخر
فانفجرت في البكاء متفهمة موقفه هو الآخر، ليس سببه انها ولدت دون أب أو أم، فأمها عمتها ووالدها جدها وأخويها أولاد عمامها
استمعت إلى صوته الأجش
- مش هسيبك.

رفعت رأسها بصدمة محدقة نحوه، لتنفرج شفتيها ونبضات ناعمة سريعة تتسلسل الى أوردتها لتمسح دموعها سريعا وابتسامة سريعة تحتل ثغرها لتقول
- انا متمسكة بيك يا عاصي، صدقني كنت غبية جدا لما جريت وسبت المكان يوم ما جيت ومدافعتش عنك وعن حقي بس اوعدك اني مش هكررها تاني.

زفر عاصي بخشونة وما تقوله تلك الأميرة يكاد يفقد سيطرته ويفلت بلجام هدوءه، عينيه تقعان على باب الغرفة المفتوح ليهمس اسمها بخشونة جعلتها تشهق رغما عنها
- وجد
توردت وجنتيها وجرأتها الان ذهبت في ادراج الرياح، أين هي منذ قليل حيث كانت تدافع عنه كلبؤة مفترسة تخشى أحد أن يقترب من زوجها، همست والحرج يغطيها
- نعم
غمغم بنبرة صادقة وعينيه تعدانها بجنة أرضه التائقة للذهاب اليها.

- ربنا يحفظك ليا ويديمك نعمة في حياتي
كلمات بسيطة جلبت السكينة لقلبها ونحر ذعرها، وطمأنة فؤادها
كلمات بسيطة كان لها الأثر العظيم لقلبها ومشاعرها حيث انها ترى فارسها النبيل الشجاع، يحافظ على سلامتها وصحتها في سبيل صحته
بقدر ما يقدر راحتها ستحرص هي على طمأنة قلبه، وبقدر ما ترى يأسه ستحرص على إزالتها سريعا،
طفرت دموعها ولم تعد تتحكم بأعصابها ليقترب منها مغمغما بصوت أجش
- بتعيطي ليه.

ازدادت وتيرة بكاءها وهي تحاول ازالة دموعها بيديها وحينما وجه علبة مناديل ورقية سارعت بأخذها لتمسح دموعها سريعا قائلة
- مسمعتش حد قالهالي قبل كدا، انى أكون نعمة في حياة حد
انزوت هي في حرجها التام اسفل نظراته الداكنة لتجلي حلقها بتردد وهي تسمعه يهمس بصوت هامس دب القشعريرة في سائر أطراف جسدها
- انتي نعمتي، هديتي من ربنا اللى بعتهالى.

خلق قلبها بجنون وهي تحدق داخل عينيه ترى مكانتها عنده التي لن تستطيع أى امرأة بلوغها، طمأنها قائلا
- صدقيني مهما حصل، لازم ناخد موافقة الأم اللى ربتك مش كدا
هزت رأسها تحت تأثير عينيه، ليحاول منه يده من لمس وجهها قائلا
- عايزك تهتمي بنفسك وتهتمي بصحتك، صدقيني الزعل وحش وبيتعب القلب
لم تعد تملك الوقت لكتمها بعد الآن
ستعترف بسحبها الآن، هو يستحق سماعها
يستحق سماعه لوعدها الذي لن تكسره لتهمس
- انا ب...

انفجر في وجهها قائلا بصوت أجش صارخ
-اياكي تقوليها
انتفضت بذعر محاولة السيطرة على خفقان قلبها لتضع يدها تهدا نبضات قلبها لتقول بعتاب
- عاصي
انتبه عاصي على وجود الجد بالقرب من الباب ليميل إليها هامسا محافظا على وعده
- مش دلوقتي، مش دلوقتي يا وجد، صدقينى هتبقى احلى لما تبقي في مملكتنا
اتسعت عيناها الداكنتين بانبهار واللمعة في عينيه جعلته يزخر الوقت المتبقي للتغزل بهما بعينيه، سمعها تهمس مرددة بذهول.

- مملكتنا!
انتبه على كلمته التي نطقها سهوا، فالطبع وقت الأميرة والفارس انتهى عصرهم منذ قديم الأزل ليقول
-عش الزوجية
همت بالرد عليه الا انها تفاجئت بنحنحة خشنة جعلها تسمع الى تعليق عاصي الضاحك
- واضح ان غالب باشا بينبهني بميعاد الزيارة اللى خلصت
عاد يتطلع بقلق إلى رقودها على الفراش بوهن أهلك أعصابه ليهمس وهو يضطر بدفع جسده دفعا للخروج من الغرفة
- خلي بالك من صحتك ارجوكِ.

اومات بطاعة وهي تهديه ابتسامتها التي لا تدخر وقتا الا وبعثها له كل مرة لرؤيته لها
-حاضر
استفاق من ذاكرته على صوت عادل الخشن وهو يلكزه من خاصرته قائلا بنبرة فكاهية
- اللى سرحان وناسينا
القي عاصي نظرة زاجرة، واكتفي فقط بتلك النظرة ليعود النظر نحو الفراغ مستعيدًا صورة تلك الأميرة
رغم ما يشعره من يأس وانتظار طال لأكثر من أسبوع، إلا انه لا يملك سوى هذا الانتظار.

انتظار حتى يأتيه تصريح بدخول مملكتها، عليه الآن النظر الى مكان شرفتها من بعيد متمنيا فقط نظرة أو لفتة تستطيع أن تشبع ظمأه منها
سحق لفافة التبغ بحدة ليلتفت نحو عادل قائلا بمزاج متعكر
-عادل مش فايق هزارك
انفجر عادل ضاحكا بسماجة وحاجبيه يتلاعبان بمشاكسة وهو يتقدم نحو صديقه الذي توجه نحو الصالة الرياضية ليقترب منه قائلا.

-ليه يا دوك، دا انا جاي ابارلك على دخول القفص معايا، بس واضح انك مش في المود هي لحقت تنكد عليك
قلب عاصي عيناه بملل وهو يرى أسماء التي رفعت رأسها عن مستندات ورقية تراجعها، لتنظر نحوهما بعبوس مما جعل عاصي يقترب من عادل قائلا
- اعتقد خطيبتك لو سمعت كلامك مش هتخلص منها.

اتسعت عينا عادل بذعر ليلقي نظرة نحو السماء التي تتفحصهما بريبة مما جعله يهديها ابتسامة كبيرة سمجة جعل الشك يتلاعب بقلب اسماء وهي تأمره أن يخرج هو وصديقه من الصالة الرياضية ليشير إليها بيض دقائق قليلة، التفت الى عاصي هامس. ا بخوف مصطنع
-وعلى ايه الطيب احسن، يلا نلحق نطلع عشان متعملش فينا بوفتيك على العشا.

توجه عاصي ناحية ركن القهوة ليسرع بتحضير قهوة سريعة له وعينيه يتفحصان الصالة الرياضية الشبه هادئة خصوصا ان تلك الفترة خصصت للسيدات، نظر نحو الغرفة المغلقة و اصوات الموسيقى الصاخبة تصدح منها ليلتفت إلى صديقه وهو يلتقط كوب القهوة ويتخذ خطواته خارج الصالة الرياضية مرة اخرى حتى انتهاء وقت السيدات
- انت عارف المفروض اليوم خطوبتي بس غياب العمة مأثر.

لوى عادل شفتيها حانقا وهو ينظر الى صديقه اليائس، من كان يظن حوت الحي سيصبح عاجزًا امام حبه، التمعت عينا عادل ب مشاكسة جعل عاصي ينظر اليه بعبوس
- طب ما تخطفها
قالها عادل ثم انفجر ضاحكًا بخشونة التفت لها بعض المارين مما جعل عاصي يزجره بحدة قائلا
- مش فايقلك يا عادل دلوقتي
ربت عادل بسخرية على جسد صديقه وهو يرى عضلاته الضخمة لا تجعله يقدم على فعل واحد فقط، ليقول بتهكم.

-ما انت عاملى فيها شهيد، مع انك تقدر تخلص كل الحوارات دي
ارتشف عاصي من القهوة ليبصقها وهو يستنكر طعم القهوة، امتعضت ملامح عاصي وهو ينظر نحو عادل باتهام الذي سرعان ما نفي تهمته وأشار برأسه ناحية الصالة ليزفر عاصي بسخط وهو يلقي الكوب الورقي في القمامة وارتسمت ملامحه الجدية قائلا
- مشاكل العيلة دي وانا مليش حق ادخل فيها، الأستاذ غالب بلغني انه وقت رجوعها هيكون لينا مقابلة نتفق فيها على كل حاجة.

فكر عادل لثواني معدودة قبل أن يقول يفرقع باصابعه وهو يقول بمزح
- تحب نخطف عمتها
اسودت ملامح عاصي قتامة، وأسرع بإشهار قبضة يده لينفجر صائحًا بضيق
- مش ناقصك يا عادل
تنهد عادل وهو ينظر بيأس نحو صديقه ليقترب منه ينغاشه في إحدى المناوشات الشجارية الطفيفة، لكن عدم استجابة عاصي جعل عادل يتنهد باستسلام ليلمح بعينيه فتاتين مائعتين يسيرن بتبختر وعيونهم تقع عليهم ليلكز عاصي عدة مرات وهو يقول بجدية.

- طب بقولك ايه، فك كدا هااا، مش عايزين بنات حي الزمالك والأحياء المجاورة تمشي بسبب وشك ده.

رفع عاصي رأسه محاولا التحكم في أعصابه قبل أن يلقيها في وجه هذا المازح الخنيق، ألم يكتفي هو جدته التي لم تتركه وحيدا حين عودته من المستشفى وأصرت عليه أن يخبرها بسبب عودته واجم الوجه وحينما رضخ واخبرها برحيل عمتها بدأت جدته تلقي سبابا ووصلة شتائم أصيلة لم يكن يعلم أن توحة تواكب الجيل الحالي من مشاجراتهم الكلامية، وحينما انتهى به الأمر ليرفع صوته طالبا منها الصمت والهدوء، اصرت هي على زيارتها ولم تنتظر رأيه بل سارعت بالاتصال يجدها واخذت ميعاد لزيارتهم في منزلهم واخبرته بألا يتعب حاله ليصطحبها، فحينما ذهب هو ولم يخبرها عن مرضها قررت الانتقام منه بالطلب من عادل الذي وقتها بدأ يزداد كل يوم عن الاخر، انفجر في وجهه قائلا بقلة حيلة.

- انت حد مسلطك عليا النهاردة
هز عادل راسه بيأس قائلا وهو يربت على ظهر صديقه
- لولا انى عارف الحب بهدلة يا صديق مكنتش جيت حاولت اهزر معاك، بس ماشاء الله عليك دبش في كلامك مش عارف مستحملاك ازاي
هم عادل بمتابعة بانتقاد عاصي إلا أنه بتر باقي عباراته وعينه تحدق في اتجاه محدد جعل عاصي هو الآخر ينظر بفضول ليتصلب جسده وهو يحدق نحوها
هل هي أمامه حقا ام يتخيل؟
بل أمامه.

تبتسم، أميرته تبتسم واناملها الرقيقة تحاول ازاحة خصلات شعرها المتمردة، تقف امامه بخجل وثيابها الانيقة المحتشمة جعلته ينظر باستحتسان شديد ليزيح جسد عادل بعيدا وهو يقترب منها هامسًا بصوت أجش
- وجد
ازداد وجه وجد توردا لتحاول السيطرة على ارتجاف يديها وهي تهمس بحلاوة
-صباح الخير.

ابتسامتها الواسعة نقلت كعدوى إليه، عينيه الخضراوين تنظران بعمق إلى سعادة الاميرة الطاغية على ملامحها، الا ان وجودها هنا في هذا المكان تحديدا وعلمها بكونه هنا جعله ينظر بدهشة، فهو لن يتعجب جدته التي أرسلتها اليه، بل من سبب مجيئها، تسائل ببعض الفظاظة
- بتعملي ايه هنا
عضت وجد باطن خدها لتهمس بحرج
- قررت اجي اشترك في الجيم ده خصوصا انى عرفت انه بيعمل فترة نسائية مناسبة لوقتي.

اتسعت عينا عاصي باستنكار شديد، ليحدق نحو ساعة يده قبل أن يغمغم بعدم فهم
- عايزة تقوليلي انك سبتي الجيم القريب من البيت وقررتي تيجي الجيم اللي بعيد من مكان بيتك حوالى أكتر من ساعة الا تلت عشان فيه فترة نسائية مناسبة لوقتك.

تمنت وجد وقتها لو شقت الارض وابتلعتها، فهي جاءت متأنقة اهتمت بثيابها وحرصت على غيرة رجلها وحاولت أن تنسق كنزتها الصفراء مع تنورتها السوداء التي تكاد تصل لأسفل ساقيها، ولكي لا تثير غضبه ارتدت اسفله جوربين سوداوين سميكتين، لتقر بأعتراف في نهاية الأمر
- ايوا
عيناه هبطت نحو ساقيها الشبه عارية ليعود النظر إلى تورد وجنتيها وكنزتها الصفراء التي أظهرت هشاشة جسدها ليقول بنبرة متلاعبة
- يعني مش جاية علشاني.

نظرت اليه بيأس شديد ونبرته الماكرة لم تستغيثها لتقول بنبرة مترددة
- وجودي هيزعجك
هز رأسه نافيا و انشرحت أسارير وجهه قائلا
- ده انتى تنورى المكان كل يوم يا وجد
ابتسمت بخفر ثم حاولت التحكم في أعصابها كى لا تقفز وتعانقه، حاولت الهدوء والتروي قليلا وهي تقول بتسرع.

- الصراحة انا جاية عشان حاجة كمان، مم، أطبقت شفتيها بيأس لتعدل كلمتها قائلة عمتي جت النهاردة البيت، حالتى النفسية مش كويسة بس واثقة انها مش هتخليني اخسر سعادتي بسببها
رغم سعادتها الواضحة والبادية على قسمات وجهها، تنهد عاصي وهو لن يكون متفائلا مثلها، ليس متفائلا بالقدر الذي تحاول بثه لعروقه، غمغم قائلا
- ثقتك كبيرة يا وجد
تجهمت ملامحها لترفع حاجبها الأنيق وهي تهتف بثقة.

- انت متعرفش وجد المالكي ممكن تعمل اي لحاجة عايزاها
انفرج عن شفته ابتسامة ناعمة ليهز رأسه قائلا
- هنشوف
ارتفع حاجبها الانيق بشرر جعله ينفجر ضاحكا وهو يرى عبوس وجهها، لتزم شفتيها بحنق بائس وهي تلتفت مغادرة الا انه سارع بوضع جسده كحائل محاولا إرضاء أميرته، وتحت إلحاحه وكلماته وعينيه الخضراوين استسلمت وهي تتجه داخل الصالة الرياضية وهو خلفها يفتح الباب لترفع رأسها تبتسم له وهي ترفع رأسها متسائلة بمزح.

-على كدا هتفضل تفتح في الابواب ولا ده لفترة مؤقتة
ابتسم وهو يجيبها بنبرة دافئة
- طول ما انا عايش
توردت وجنتيها وهي تسرع بالدخول مما جعل عاصي يهز رأسه، يبدو أن الأميرة لم تخلف وعدها قط!
وعلى بعد مسافة كافية، كانت زوجين من العيون تراقبهم ليتلفت وسيم نحو عمته قائلا
-اعتقد انه المفروض تديله فرصة.

صمتت جميلة وهي تحاول استعادة المشهد السابق ثانية، ثانية، من تبدل معالم وجهه الرجل وعينيه التي لم يستطيع اشاحة عن مرمى بصر وجد، بل لغة جسد كليهما كانت متناغمة بطريقة جعلتها تستنكر كيف حدث كل هذا دون علمها؟
كيف؟ ومتى؟ وأين؟ وأين كانت هي؟

التفت إلى وسيم تنظر اليه بامتنان، لا تعلم كيف اقنع غالب باستحضارها مرة أخرى الى المنزل ورغم تبدل ثواني اللعبة وشعورها بأن البساط ببساطة سحب منها، الا انها لم تنسى ان وجد استقبلتها بعناق حار كاد يذيب أطرافها وإن كانت قد تخلت عن كلمة مماة، لكن كان الهنا كافيا جدا لها لتمهيد الطريق بينهما، همست بصوت مستنكر
- وجد بتحبه
ابتسم وسيم بحنان ليميل اليها قائلا بنبرة جادة.

-وهو بيحبها، انتي شوفتيه انه مرضاش يسيبها تمشي زعلانة
اكتفت بالصمت وسمح لنفسه بالتحرك والعودة الى المنزل، هذا افضل شئ فعله في حياته
لن ينتظر فأرته المجنونة أن ترفضه للمرة الثانية فهو اقسم ان رفضته سيتزوجها قسرًا، و لنرى إلى أي مدى تستطيع فأرته المقاومة!

في قصر السويسري،
ظل وسيم يتحرك جيئة وذهابا ينظر الى معتصم حماه المستقبلي يحدجه بنظرات نارية ثم يهز رأسه بيأس متابعا قراءة صحيفته الورقية، تردد وسيم للحظات وهو ظن أنه جلبه لكوب قهوة المحظورة في المنزل ستجعله يلين قليلا ويقبل الحديث معه بهدوء، خصوصا أنه سيصبح حليفه للحروب القادمة!

كاد التوتر يتلف بأعصابه وهو يحدق بنفاذ صبر اليه، بعد ان تقدم بطلب رسمي تلك المرة الى الرجل الذي أتى بأغرب ردة فعل على الإطلاق
لا الفرح غطى معالم وجهه ووافق، ولا عبس مكشرا وجهه رافضا
بل يحدق به بوجوم وحدة، جعل وسيم يزدرد ريقه، وتلك المرة متأكد ان القهوة بها مشكلة
ربما ليست من النوع المفضل الذي يشربه، لكنه اشتراه من افضل مطعم يستطيع تحضير قهوة على مستوى العالم، هم بندائه الا معتصم قاطعه بنبرة أجشة.

- وايه اللي غير رأيك دلوقتي يا وسيم وجاى تطلبها منى
احتقنت وجنتي وسيم ليقترب من معتصم وهو يجلس في الكرسي المقابل له قائلا
-عايز الصراحة يا عمي
اسودت معالم وجه معتصم قتامة، اللعنة لا ينقصه الان عريسين يختطفان ابنتيه منه مرة واحدة.

فهو كان يستطيع تقبل وسيم وليس لوسامته التي جعلت ابنته تسقط في حبائله، بل لكون منزله امامه وسيكون بالقرب منها، لكن الان مع احتمال اختطاف ذلك الايطالي اللعين لأبنته وحرص والديه على جعل الزيارة اقرب مما توقع، شعر انه محاصر، بل هو محاصر ولا سبيل للنجاة!
انفجر في وجه وسيم صارخا بغلظة
- متقولش عمي، متجننيش انت كمان، هجبك منك ولا من التاني.

التمع القلق في عيني وسيم وهو يحلل كلمات معتصم الساخطة ليهب من مقعده واعصابه المتوترة لم تساعده مطلقا لينفجر هادرا بحدة
- تاني مين!، هو حد اتقدم لجيجي؟
رمقه معتصم بسخرية، هل وقت الان الغيرة ذلك الاشقر يستعرضها أمام وجهه!
زفر معتصم وردد محوقلا ليلتفت إليه قائلا بحدة
- متعملش فيها سبع البرومبة انت كمان، اتنيل جتك خيبة، البت بقالها فوق ال 15 سنة في وشك جاي تخطبها مني.

حك وسيم مؤخرة رأسه بتوتر، لتحتقن أذنيه وهو يعود جالسا على المقعد قائلا
- يا عمي اتجوزها، خطوبة ايه بس دي، ده انا اللي مغيرلها البامبرز مع طنط ثريا
اجلي وسيم حلقه بعدما رأى النظرة النارية التي حدجه بها معتصم، هل سيقتله الآن أم ماذا!
نظر بهلع اليه وهو يري معتصم يرمي الصحيفة جانبا ليستقيم واقفا مقتربا منه، امسكه معتصم من تلابيب قميصه ويتساءل بنبرة مميتة
- غيرتها البامبرز.

ابتسم وسيم بحرج ورفع كفيه مستسلما ليقول بنبرة فكاهية
- هو انت كنت مخلينا اعدي الفيلا لما ولدت، المهم وغلاوة هانم ثريا عندك جوزهالي
حاول وسيم اقناعه بيأس، لينظر معتصم الى عيني الرجل الزرقاء الماكرتين، هو لا يحب العيون الملونة، ولا يحب اللسان المعسول، ولا اللسان الاجنبي، لا يحب أي شئ من هذا!
ازاح معتصم يديه وتوجه عائدا الى مقعد خلف مكتبه، مستفزا اعصاب الرجل الذي أمامه.

رغم محاولاته برشوته، لكنه لن يرتشي بكوب من القهوة منعت من المنزل، نظر الى الكوب بعيون تلمع بالنهم، ليحاول الصبر لعدة دقائق يخرج هذا الأحمق وينفرد بالقهوة بمفرده، الا أن خططه غادرت أدراج الرياح مع دخول ماهر الى الغرفة وهو يقول بنبرة ضاحكة
- انت جاي تشحت هنا ولا ايه
انفرج شفتي وسيم ابتسامة ناعمة ليقترب منه قائلا
- يا كابتن انت دوقت العسل سبوني ادوق منه شوية.

انفجر ماهر ضاحكا وهو يربت على ظهره ليجلس على المقعد وهو يلتفت إلى ابيه قائلا
- كلامك ايه يا بابا، نسيبه يشوف قرصة النحل قبل ما يدوق العسل
لم يحاول الاب مجاراة دعابة ابنه، وهو ينظر اليه بنظرات قاتلة، جعل الابن يعبس ناظرا بعدم فهم الى تلك النظرات القاتلة، انتبه الى رائحة القهوة لتتسع عيناه بأدراك تام لينظر اليه ابيه بعتاب جعل الأب يحاول مداراة حواراتهم قائلا بحدة.

- جتهم خيبة هما الاتنين، بقولك ايه يا ولد انا مش ناقص وجع دماغ فيا اللي مكفيني
استقام ماهر من مجلسه يمسك بكوب القهوة يرتشفها بتلذذ شديد تحت أنظار والده الساخطة، وهو يرمق كلا من الرجلين بقلة حيلة ليقول وسيم بترجي
- يا معتصم باشا ده انا مستعد اجيب المأذون والعيلة كلها النهاردة، انت بس اديني الموافقة
زفر معتصم ساخطا، يبدو ان الاشقر إلحاحه أشد من ابنته ليسأل بتهكم
- ويا تري الهانم قالت ايه لما عرضت عليها.

رسمت ابتسامة لعوب على شفتي وسيم قائلا
- لا ما انا مش هاخد رأيها، هي عارفة ومش معارضة ومستنية موافقتك
تنحنح ماهر بحدة ناظرا نحو وسيم بحدة، ليرى أنه زاد الوضع سوءا يغمغم معتصم بحنق
-والله عال جيل اخر زمن
رفع معتصم نظراته ناحية وسيم الذي ينظر اليه بترجي وتوسل يقرأه لعيني الرجل لأول مرة مما جعله يزفر بحنق قائلا
- تعالا اخر الاسبوع اكون خلصت من التاني.

تنهد وسيم زافرا بحرارة لينتفض قلبه يدق بعنف ليسارع بالخروج قائلا
- من النجما هكون عندك
توجه وسيم خارجا من المنزل قبل أن يستمع إلى رفض الرجل، توجه نحو الساحة الخارجية ليشعر بيد انثوي يجذبه من مرفقه، التفت وسيم ناحية جيهان التي ترمقه باستنكار شديد لتقول بحدة
- بتعمل ايه هنا
غازلها بعينيه الزرقاوتين مما جعل جيهان ترفع حاجبها بتهكم وهي تسمع يردد أسخف جملة قالها بحياته
- جاي اشوف القمر.

رأى الوجوم يغطي ملامح وجهها، لتغمغم جيهان متسائلة ببرود
- وسيم انت اخر مرة عاكست امتي
لوى وسيم شفتيه بيأس، يبدو ان المعاكسة لم تعجبها ليرد بصراحة
- معاكستش الصراحة قبل كدا
اشمأزت معالم وجه جيهان، وطغى الإحباط يأسر فؤادها
اللعنة هل سترتبط برجل لم يغازل امرأة، بقدر ما جعل الامر يزيد من غرورها الانثوي كونها المرأة الاولي.

لكن جانب اخر منها تمنت ان يتعلم المغازلة كي يستطيع طرب اذنيها، لكنها ستجعله يدرس فنون المغازلة، قالت باشمئزاز واضح
- ده انتي نيلة خالص، بقولك ايه عاكس عدل يا متعاكسش
دفعته بعيدا عنها وهمت بالمغادرة الا انه جذب ذراعها قائلا حينما رمق ثيابها
- ايه النشاط ده كله
علت ملامح الكره والحنق على وجه جيهان لتقول
- رايحة مشوار مهم، كان متأجل لفترة
همت بافلات يده الا أنه شدد على يدها قائلا بحدة.

-رايحة لمين يا بنت، ابوكي عارف بخروجك المتسحب زي الحرامية ده
علا الاستنكار على وجه جيهان، لتكشر وجهها قائلة بحدة
-ايه ابوكي عارف دي!، وسيم هتوصلني ولا اخد تاكسي ويخطفني وساعتها لا هتحصل جواز ولا خطوبة حتى
علت الجدية على ملامح وسيم لينظر نحو الباب ثم إليها، ليرضخ بنهاية الأمر إليها
فمهما كان، لن يتركها تذهب الى الجحيم بمفردها، قال بنبرة صبغت الأمر
- اسبقيني، اسبقيني والله مش متفائل من اللي هيحصل.

هزت جيهان رأسها بطاعة وتوجهت ناحية سيارته الرياضية، لترى وسيم يفتح باب السيارة جالسا على مقعد السائق ليقول بنبرة ساخرة
-البرنسيسة تحب تروح فين
صمتت جيهان لبرهة من الوقت قبل أن يحتل وجهها علامات الثأر قائلة بصوت مميت
- اطلع على الفندق الرئيسي لمجموعة الغانم
ضيق وسيم عيناه وهو يدير محرك سيارته قبل أن ينطلق بسرعة قصوى الى وسط المدينة قائلا
- هتقابلي مين هناك.

لعبت ابتسامة ماكرة على شفتي جيهان، قبل أن ترسم ابتسامة قاتلة على شفتيها قائلة
- هو فيه غيره، البيج بوص
علا الحيرة على قسمات وجه وسيم قبل أن يضربه الأدراك وهو ينظر الى جيهان التي هزت رأسها بايجاب مما جعل وسيم يضغط على دواسة البنزين مزيدا من سرعته
لقد وقع الأسد داخل المصيدة!

كرة مطاطية تعبث بالأرجاء
يطلقها لتخبط بالحائط ثم تعود مرة أخرى في قبضة يده
هكذا الأحوال مع سائر أموره، يطلق سراحها لبرهة من الوقت ثم يستعيد قبضتها
نجت فرح من أشياء كثيرة، من نوبات جنونه ربما
ومن نوبات شياطينه المتراقصة في عقله
ومن نوبات فقدان سيطرته فلا يعلم من هو؟ ولا إلى أين سيصل بمستوى جنونه
ظن أن عقله به عضال، لكنه بصحة جيدة، بل أكثر من جيدة في الواقع.

هو فقط اعتزل الجميع مغلقا جميع وسائل الوصول اليه، مخبرا سكرتيرته ان سأل عليه أحد حتى أفراد عائلته يخبرونه بأنه سافر
المشكلة تكمن هنا، انه لم يستطيع السفر!

ولا يعلم إلى أي مكان يلجأ إليه، والصغيرة شمس يعلم أنها غاضبة منه كثيرا، دائما يتصل بها ويخبرها انه منشغل بالعمل لتبدأ وصلة صراخ وبكاء لا نهائين يعدها هو في اخر الاتصال بأنه سيعود جالبا بيت الباربي الجديد الضخم، والفتاة تصمت، ومر اليوم والثاني والثالث حتى الخمسة عشر يوما حبيس غرفة مكتبه.

لا هو يباشر أعماله المتوقفة وارسل جميع الملفات لمكتب وقاص الذي من المؤكد ما أن يراه سيقتله، انتبه من أفكاره الشاردة لأقتحام احدا الباب وما إن هم بالصراخ ليتفاجأ بصوت اسرار الحاد
-اقدر افهم ايه اللي حصل
رفع رأسه وغمغم بنبرة خشنة وهو يستل لفافة تبغ يشعلها بهدوء مغيظ
-حصل ايه
انفجرت اسرار صارخة بحدة، وحينما التقطت رائحة السجائر حتى سارعت بالسعال الشديد
-نضال.

انتفض نضال قائما من مجلسه وهو يضع لفافة التبغ في المنفضة ليتوجه نحو اسرار التي لم تتوقف عن السعال للحظة، لاعب الخوف بفؤاده وهو يرى وجهها الأحمر ليسارع بجذبها خارج مكتبه وهو يسألها بقلق
- أسرار انتي كويسة.

صرخ لعامل فجأة بجلب زجاجة مياه، ليدفع اسرار الجلوس في احدى المقاعد وهو ينظر الى وجهها الذي يستعيد لونه الطبيعي، وما ان جلب العامل زجاجة المياه التقطها منه بعنف وصرف العاملين بالطابق الخاص بمكتبه، لتنظر اليه اسرار بعتاب شديد وهي ترى العاملين والعاملات يهرعون الى خارج الطابق، زفرت اسرار بيأس تجاه بروتوكولات نضال الخنيقة الشبيه بسراج لتقول.

- أروح البيت اذا الخدامة تقولي انك مرجعتش من البيت من وقت المحكمة، وايه شغل التلفونات المقفولة دي يا نضال من أمتي بنقفل تلفونات
قلب نضال عينيه بملل واستقام من مجلسه بعدما اطمئن على صحتها ويبدو ان لسانها يعمل بكفاءة عالية ليقول ببرود
- عايزة ايه يا اسرار
جذبته اسرار بعنف من ذراعه لتستقيم واقفة وهي تحدق نحو عينيه بألم
- انا خايفة عليك يا نضال، حالتك مش طبيعية.

رفع نضال رأسه بصلابة، وشموخ اعتادت عليه ليقول بصوت بارد خوى من أى مشاعر
- ما انا طبيعي اهو، كويس وبصحة حتى اقدر اتجوز بدل واحدة تلاتة
تساءلت أسرار بشك
- ومن امتي نضال الغانم لما بيخسر في حرب بيتكسر
رفع حاجبيه وبدى صوتها المتحدي يجذب شيطانيه للخروج ليقول بصوت قوى
- نضال الغانم مبيتكسرش ولا هيتكسر
وهذا دليل شديد على أنه ليس بخير، تمسكت بساعده لتهمس بقلق
- طمني عليك ارجوك
ربت على خدها قائلا بنبرة فاترة.

-الموضوع ببساطة انى مش متعود على الخسارة، انا دايما بكون الامر والناهي تيجي هي ببساطة قدام المحكمة اللي قررت تتعاطف معها وترأف بيا مخليني الزوج الشرير وعن حكمهم انها هتطلق، عارفة يعني ايه حد ملهوش سلطة على حياتك يجي فجأة في مكان ضيق يقرر انه يطلقها مني، ضد إرادتي أنا
ازداد صوت نضال قسوة، وغلف وجهه بلون الغضب، وانفعل جسده بطاقات سلبية أستشعرتها أسرار لتسأل
- كل الطاقة الداخلية غضب بس يا نضال؟

زفر نضال ساخطا ليقول بحدة وهو يعود جذبها داخل مكتبه الآمن
-غضب وقلة حيلة، مش بأيدي اعمل حاجة يا اسرار
سارت اسرار بجواره وهي تتشبث بساعده ليطمئنها نضال ببسمة صغيرة لم تريح قلبها، لتهمس اسرار
- كأنك عايزها في حياتك
أجاب بنبرة عادية وهو يهز رأسه بيأس لينزع يدها متوجها ناحية مكتبه ليلتقط الريموت يفتح المكيف
- خلاص اتعودت اني افضل لوحدي
زفرت اسرار بيأس، وبدى بروده وهدوءه غير طبيعيين لشخصيته لتغمغم بحنق.

- بس انت اذتها كتير يا نضال، محاولتش تخليها تقرب منك كفاية وتتعرف عليك انت
اقتربت منه وهي تحاول الاعتياد على رائحة التبغ التي تغلف المكان، تعلم ان نضال لا يستطيع البوح جهرا خصوصا امام مكان حساس كفندقه، بدأ هواء التكييف يسحب رائحة التبغ ليضع نضال معطر جو ناعم محاولا التخلص بسرعة، لتقول أسرار بلهفة.

- انت لو بطلت تفكر بسلبية ولو لمرة واحدة في حياتك وتتمسك باللى يهمك صدقني هيختلف الموضوع، تقدر تقولي لو قررت فجأة اسيبك وابعد عن حياتك كنت هتسمحلي
انقبضت معالم وجه نضال ليقول بخشونة
- ما جوزك عايز كدا ولو عليا نفسي اديله علقة محترمة يفوقه من نفسه
زفرت تهز رأسها بقلة حيلة لتسرع قائلة بلهفة
- ولو رهف قررت تسيبك
ارتسمت ابتسامة ناعمة على شفتيه ليقول بنبرة ممتعضة.

- رهف ربطاني كل يوم اجبلها ورد، الموضوع اللى عمرى ما عملته لأي حد
ارتسمت ابتسامة على شفتي أسرار لتسأله بتوجس
- وشمس
اشتعل الجنون بعيني نضال، ليضم قبضتي يديه محاولا السيطرة على تلك الفكرة التي انبثقت من غياهب عقله
خروج شمس من حياته
ستكون تلك القاسمة، نيران تأججت داخل أحشائه واستحوذت على عروقه ليقول بنبرة هادرة
-هكسر رجليها قبل ما تفكر تسبني
استغلت غضبه العنيف لتسأله بهدوء
- وفرح.

خبط على سطح مكتبه بقوة، وما فعله ذلك اليوم لم يهدئه مطلقا، اللعنة بل اشعل فتيل نيرانه
لأول مرة لم تبادله، حينما فرغ منها سارعت بالقئ وتركته واقفا يتابعها بصمت تحاول لملمة شتات نفسها وتهيئة نفسها قبل الخروج
أى قوة تولدت من تلك المرأة؟!
أى طاقة مكنتها من رفع رأسها مرة اخرى والدخول كما لو كانت ملكة متوجة على الأرض داخل القاعة، جمود ملامحها وتصلب جسدها، إلا من ارتعاشة طفيفة في جسدها كلما سمعت اسمه.

نزول دموعها بعد سماع القاضي لحكمه بالطلاق، وتلك الابتسامة التي حفرت وجهها قبل ان تسارع بالخروج صاح بعنف
-كنت، صمت، صمت مطولا ورفع رأسه يحدق ناحية أسرار التي تنتظر بتلهف ليسترسل قائلا بسخرية شوفتي حتى دي بقت ماضي
هزت أسرار رأسها بقلة حيلة لتحاول الاقتراب من قشرة ابن عمها الا انها تفاجئت بأعصار قوى يقتحم الغرفة وصوت انثوي حاد يهز أرجاء الغرفة الساكنة
- اه يا جبان يا خسيس.

هجمت جيهان على نضال ورفعت يدها مستغلة دهشته ومحاولة العودة الى الواقع لتهبط بصفعة مدوية على وجهه لم تشفي غليلها لتبصق في وجهه قائلة بقرف
- هو انت فاكر عشان تخلي حد مكانك ينزل الصور القذرة على الميديا انى مش هعرف ان انت السبب
شهقت اسرار بذعر تجاه الفتاة التي شدت ذيل الليث الجريح من عرينه.

ويا ويل من عبث بالليث الجريح، لتسارع بوضع جسدها كحائط سد منيع من انقضاض نضال للفتاة لتصرخ في وجه الفتاة التي لم تدخر وقتا للسباب في وجهه ولعنه بأقذر الألفاظ
- صور ايه
رمقته جيهان من منابت رأسه حتى أخمص قدميه لتنظر الى ابنة عمه لتقول بقرف مشمئز
-البيه، الاب الفضيل مفبرك صوري وهكر اكونتاتي ومخليني ولا واحدة بشتغل في الدعارة.

صيحة استنكار خرجت من شفتي أسرار التي سرعان ما نفت هذا الخبر وهي تلتفت الى نضال الذي حتى الان اثار اعصابها بصمته، همست باسمه
- نضال
رفع نضال عينيه وقد تلون الدماء بهما لتهتز الأرض ويدور العالم من حولها من نظرة عينيه
محال!
نضال فعلها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة