قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والأربعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل السابع والأربعون

في قصر المالكي،.

طار النعاس من عيني وجد لتنتفض من مضجعها راكضة نحو الحمام تستعد لبدأ يومها الجديد، رغم ذهابها إلى المؤسسة كل يوم، لكنها تعترف أن غيابه به وحشة شديدة لروحها ولقلبها الذي بات متعلق به، ذهابها لمنزله كان درب من دروب الجنون، لا تعلم كيف أقدمت وذهبت لترى جدته وتراه هو بنظرات عينيه الحانية وتكون على طاولة واحدة تتناول الطعام تتجاذب أطراف الحديث مع جدته، وهو متخذ الصمت، يسترق النظرات خلسة كما تفعل هي، تورد وجنتيها لتنكس رأسها بخجل من خيالاتها الناعمة..

هل سيكون تعلق جديد أم حب؟!، دق قلبها بعنف شديد وهي تتذكر أنه أوصلها خصيصا مع سيارة اجرة لرجل يعلمه من أهل المنطقة، طالبا من السائق أن يهاتفه ما إن يوصل الانسة إلى منزلها، كانت تنظر اليه مشدوهه من تصرفاته، هل لتلك الدرجة قلق؟!، لما لم يطلب منها ان تتصل به وتهاتفه، شعرت بحزن غلف قلبها لكن سرعان ما نحت أي أفكار سيئة، بالطبع يوجد لديه مبرر لذلك وان كانت هي غافلة عنه...

هبطت من درجات السلم بسرعة وهي تشعر انها بالكاد تلامس قدميها الارض لتقترب نحو جدها الجالس على مقعده متصفحا الجرائد كعادة كل صباح، صاحت بنبرة رقيقة وهي تطبع قبلة في خده
-جدو.

استشرقت معالم وجه غالب ليكسو وجهه الحنين وهو يتطلع إلى ملامح وجد المشرقة المشبوبة ببعض الخجل، وتلك اللمعة في عينيها الجديدة عليه جعل عينيه تضيق باستفهام!، هل تجاوزت صغيرته رفض لؤي لتسارع بالقاء نفسها لرجل آخر، انتفض قلبه بهلع لتلك النقطة، لكن تراجع صامتا، ان كانت ستحظى صغيرته بالسعادة التي تستحقها لن يقف حائلا لسعادتها يكفي ما تعانيه عائلته، ابتسم بتوتر وبعض الخوف عليها ليقول.

- حبيبة جدو، صباح النشاط
اغمضت وجد عينيها الداكنتين لتقول بسعادة متوهجة في ملامح وجهها
- حاسة اني مبسوطة اوي يا جدو
رقت ملامح وجه غالب ليقول
- ربنا يبسطك يا روح جدو كمان وكمان
قدمت عاصفة هوجاء متمثلة في جميلة التي قالت بنزق
- افتكرت انك نستينا، ولا كأن فيه أهل هنا
ابتسمت وجد بهدوء شديد وهي تقترب تميل محتضنة اياها لتقول
- مقدرش يا مماه طبعا، صباح الخير.

نظرت جميلة نحوها ببعض البرود إلا أنها تضعف من أي ابتسامة لتلك الصغيرة لها، جلست على المقعد المخصص لها واتعبهم صوت وسيم الذي يتثاءب ليقول بصوت خشن
- وأنا يعني مليش صباح الخير
هزت وجد رأسها في علامة للتحية اتبعها هو الجلوس على مقعده شارعا في تناول طعام الإفطار بنهم شديد، جزت جميلة على أسنانها بغيظ
حاولت أن تتصنع البرود اللامبالاة كوسيم وعمها.

وان تكون غير مكترثة مثل وجد، لكن لم تستطيع، ليلة رفض تلك المدعوة بجيجي شطرت كبريائها نصفين، غمغمت ببعض الحدة
- انا مش حارق دمي غير بنت السويسري
القي غالب نظرة محذرة نحوها لتتسم جميلة الغيظ وهي تنظر إلى وسيم الذي قال بشقاوة وهو يمضغ الطعام
- يا ماجي ده انتي القلب، متشغليش بالك هتصرف
اشمئزت جميلة من رؤيته يخالف جميع القواعد لتقول بنبرة جادة
- مش ناوي تبطل شغل الإذاعة
هز وسيم رأسه نافيا وقال.

- لا سايب كل حاجه للوحش لؤي، انا مليش في الحاجات دي
توقفت وجد عن ارتشاف عصير البرتقال وظلت تحاول معرفة مدى شوق آثر اسم شخص عزيز على قلبها، لكن لا شئ
العجيب في الأمر، إنها تراه ابن عم لها فقط، اذا ماذا كانت تلك السنوات السابقة، ودوافعها المستميته لايقاعه في حبها؟!
انتبهت على صوت جدها من شرودها الزخم بالأفكار التي تقتات من روحها
- كلي يا وجد
ابتسمت ببعض التوتر وهي تستقيم من مجلسها لتقول بتعجل.

- مش هقدر، محتاجة تروح المحل وبعدين اروح المؤسسة
اتسعت عينا جميلة، صغيرتها اصبحت مبتعدة عنها وبدأت تتحجج بالكثير من الحجج والأعمال، صاحت ببعض الغضب
- انتي كمان بطلتي التنس
هزت وجد رأسها نافية وقالت
- بعلم الأطفال يا مماة
قلب وسيم عينيه بملل، الن تتوقف عن تلك الكلمة المائعة، أصبح يتقزز منها بشكل انه اوشك على التقيؤ، ودعتهم وجد بابتسامة ناعمة
- يلا اقابلكم بليل.

استدارت وجد وقلبها يدق بعنف شديد، ستقابل جدته، توردت وجنتيها وهي ترفع هاتفها تنظر اذا ما بعث لها رسالة، لكن لا شئ!
أصابها بعض الاحباط والحزن ليخيم عينيها، لما هو يتعمد إبعادها عنه، هل كان متضايقا لانها زارته؟!
تسائلت بريبة لكن سرعان ما هزت رأسها نافية، قرأت في عينيه الخضراويين الامتنان والسعادة لدرجة شعرت بفراشات تداعب بطنها، انتبهت على صوت اجش
- صباح الخير يا وجد.

شهقت وجد ترفع عينيها عن الهاتف لتنظر إلى كتلة عضلية لابن عمها لؤي، دققت النظر في عينيه ثم بدأت تنتظر مشاعر تطفو فوق ملامحها، لهفة، اشتياق، وحشة؟!
لكن لا شئ!
اتسعت عيناها بجحوظ مخيف وهي ترد بابتسامة مهتزة
- صباح الخير يا لؤي.

توقف لؤي ناظرا الى ملامح وجه ابنة عمه، يراها كيف بدت بعد حرصه لايام واسابيع على الا يتقابلا أو يجتمعا في مجلس واحد، هو ممتن لانها بدأت تكرس اعمالها وبدأت تعمل في مؤسسة خيرية كما سمع من جده...
لم يفته تلك اللمعة في عينيها ثم التورد الطاغي على وجنتيها لتستأذن قائلة بهمس
- مضطرة امشي
هز لؤي رأسه وازاح مسافة لها قائلا
- اتفضلي
ألقي نظرة نحو عائلته المتجمعة ونظرات جميلة المتفحصة لهما ليقول بنبرة اجشة.

- انا ماشي
زفرت جميلة بحدة وهي تترك شوكتها على الطاولة لتنظر إلى عمها الذي يقرأ جريدته معلنا رفضه عن إبداء أي حديث، لتنظر إلى وسيم وقالت بحدة
- انت قاعد ليه
اجابها بملء فيه قائلا
- جعاااان
تقززت وهي تراه يجيبها والطعام في فمه، لتشيح برأسها تفكر في سمير وشهيناز، لم يطمئنها أحد منذ فترة ولا ترى أي تقدم في علاقتهما، تساءلت بهمس
- شهيناز مطمنتنيش ليه لحد دلوقتي، ليكون غير رأيه واحرجت تبلغني.

استمعت الى صوت غالب الخشن المحذر
- جميلة
ابتسمت جميلة بتوتر شديد، وعقلها يعمل بلا هوادة، ماذا سيحدث ان رفض سمير؟! ومن سيكون المرشح التالي، غافلة عن وجد أصبح قلبها متعلق بصاحب العينين الخضراوين!

هائمة في مضمار فلكها، العقل يعمل كطاحونة والقلب وقف في منتصف الطريق، ماذا جني لؤي من حبسها سوى من زعزعة سلامها النفسي، لكي يسهل من عملية دخولها إلى مستشفى الأمراض العقلية...
من له الأحقية لدخولها، ذلك العجوز الخرف ثم ذلك الهركليز، هو ينتظر أن يبلغ صبرها منتهاه ولكنها صابرة، صامتة، تستفز غلاف قشرته الباردة...

رفعت عينيها الزرقاوين تحدق في أنحاء الغرفة بأثاثها البسيط، لتميل شفتيها ساخرة تحدق في السقف، تنظر نحو الأفق وخيالها يصل لعنان السماء، الثأر تغذي عليها وبات متصلا لا تقدر على إنهائه في يوم وليلة..
إن كان سيظل لؤي على غبائه ستعلن كفايتها وتخرج وتمارس لعبتها، ربما إن وجدت العجوز الخرف مات قبل أن تمد انامل انتقامها يكون أفضل له من ويل ما سيتلقاه هو وتلك الحقيرة المدعوة بجميلة...

جميع العائلة يجب أن تحرقهم في أقرب نفاية حتما، حتى تريح البشرية منهم، وقع اقدام مختلف ذو رنة مميزة خاصة بأنثي جعلها تنتبه من أفكارها الشريرة لتشم عبير عطر نسائي، هل المجنون أتي بامرأة أخرى هنا ليختبر غيرتها؟!
إن كان هذا اختبار غيرة، فهو نجح بجدارة، التفتت بحدة تنظر الى المرأة التي نادت اسمها بهدوء
-آسيا
نظرت آسيا من منابت رأسها إلى أسفل قدميها بسخرية لتقول بوقاحة متعمدة
- وانتي مين بقي.

ارتسمت اغبي ابتسامة رأتها اسيا قبلا لتحتد عينيها وهي تجيبها بهدوء
-جاية اساعدك يا آسيا
انفجرت اسيا تضحك بهستيريا جعل المرأة تعقد حاجبيها بتوتر، هي طبيبة نفسية نعم، المرضى يأتون بملئ ارادتهم الحرة، ولم تكن لتأتي لولا اصرار ذلك الرجل الضخم معرفا أن زوجته تمر في حالة سيئة للغاية وتحتاج لمن يضعها في بداية الطريق...
توقفت آسيا عن الضحك فجأة لتستقيم من جلستها وهي تصيح بشراسة.

- لا ضحكتيني، ضحكتيني، قومي يا حلوة امشي من وشي
ثم علت بصوتها وهي تنفض الاتربة العالقة في جلبابها العنابي لتقول
- وقولي اللي جايبك انا مش مجنونة عشان تجيلي واحدة مش عارفة تتكلم جملتين على بعض
رغم قسوة اسيا في الحديث الا أن الطبيبة هزت رأسها ببرود قائلة
- خلصتي
لمعت عينا آسيا بمكر وبعض الخطر الشيطاني، تميل برأسها وهي تهمس بنبرة خطرة
- انتي عايزة تتهزقي بقي.

ارتجف بدن الطبيبة، وهي تشد من قامتها تقول بحدة وبعض الحزم
-ممكن تهدي وتبطلي دفاعتك، انا مش همشي من مكاني
هذا ما جنته تلك المسكينة، عقدت اسيا خصلات شعرها السوداء لتقول بنبرة هادئة
- وماله
اقتربت منها خطوة وقالت بشراسة تسكن زرقة عينيها الحالكة
- بس افتكري انتي اللي جتيلي برجلك.

أقل من الثانية أمسكت اسيا خصلات شعر المرأة بعنف، تجرها بعنف والمراة تصرخ باستجداء، تحاول تارة أن تتخلص من براثن تلك المجنونة التي اخذتها على حين غرة، تفاجئت بلكمة في وجهها، لتصرخ بوجع، جعل اسيا تتلذذ من سماع انينها وصراخها.

تتخيل تلك الحقيرة جاءت مع هركليز، اصطحبها وجلسا في مكان مغلق، ثم هل ذلك الغبي يظنها مختلة، لتريه الجنون على أصوله، لن تردعه، الغضب تفشى في كل خلية من جسدها، ولم تشعر سوى بذراع ضخمة احاطت خصرها ليبعدها عن متناول خصلات شعر تلك الحقيرة لكنها تشبثت بكل عنف في خصلات شعرها لتنفجر المرأة في بكاء موجع زادها نشوة
صاح لؤي بصرامة وهو ينظر اليها، يحدجها بنظرات مميتة
- سبيها.

نظرت اليه باستخفاف ونيران مندلعة في حدقتيها لتشد من خصلات شعرها بحزم جعل المرأة تصرخ بألم، هدر لؤي في وجهها بقسوة
- سبيها يا آسيا
لم تتركها، ولم يملك لؤي حل سوى أن بعض ذراعها بقوة جعل اسيا تفلت أسر خصلات تلك المجنونة، لتتأوه بألم وهي ترفع عينيها المحتقنة بالغضب
- انا لا يمكن تقعد هنا ثانية.

انتبهت على صوت المرأة وهي تفر هاربة من الغرفة، لتنظر اسيا بغضب وهي في اسر ذلك الضخم محاوطا بخصرها ملصقا جسدها بجذعه العضلي...
تنفست آسيا بهدر وهي تخدشه بأظافرها في عنقه ووجهه بعنف، كقطة انقلبت على صاحبها بعد أن منعتها من لعبتها
- شايفني مجنونة عشان تجبلي المجنونة دي
حاول أن يقيد كلا معصميها الا انها كانت كأفعى تتلوى بجسدها برشاقة وليونة شديدة ليصيح بحدة يكاد يفقد طور هدوءه
- آسيا.

هجمت عليه ليختل بوزنه ويقع ارضا ساحبا اياها معه، اغمضت اسيا جفنيها وهي تنكمش بوجهها في عنقه، متحملا بجسده الصلب السقطة، زفرت بحدة وراحة كونها لم تتوجع بشئ، استلم بجسده الصلب لقاءه بالأرض
شهقت بذعر حينما بدل الأوضاع لتصبح في أسفله وهو مشرفا عليها بعلو
يكاد يبلغ ناطحة سحاب، مالت برأسها وهي تري قناع برودة وجموده يتصدع
- فوقى بقى
رفعت حاجبها ساخرة وهي تجيبه بنبرة محتدة
- مش هفوق، ملكش دعوة بيا، سيبني بقي.

زفرت بحدة وهي تشعر بأنامل قاسية تضغط على خصرها، وانامله الغليظة تمسك برأسها ليقول بنبرة نافذة الصبر
-هتفوقي غصب عنك
زمت اسيا شفتيها بحنق لتصيح في وجهه بحدة
- مين دي اللي تجرأت ودخلتلي يا لؤي
نظر لؤي اليها مليا، عيناه اشتاقت وقلبه يكاد يفتضح شوقه، يعلم انها لن تنسى ولن تغفر وهو يحتجزها داخل أربعة جدران، لكنه معلق بين أذيال الماضي وحاضر كئيب ومستقبل سوداوي.

ربما لم تكن بداية خطيئته هو، لكنه سار متجاهلا جرس تحذيرات عقله ليكون لقلبه صاحب السلطة العليا، ثم ما الذي جناه؟!
لا شئ تحديدا، يحاول أن يمسك خيوط اللعبة في يده، يعلم صمتها المريب واستسلامها ما هو سوى بداية لحرب شعواء لا تبقي شيئا ولا تذر
- فيه حاجه مهمة من عمي طالبني اني ادهالك وقت ما تكوني مستعدة
قالها مخرجا آخر ورقة في تلك الحرب التي لن تنتهي، تلك ورقة نجاتها الاخيرة
أو نجاته هو منها!

طالعته آسيا بنظرة زائغة، لينقشع ذلك الجمود وتظهر آسيا، تلك الصغيرة المرتعدة حينما كانا يجمعهما سقف واحد..
المتطلبة للمشاعر، تلك الغيورة المحاربة بأستماته عن أرضها وأحقيتها به
تحشرج صوتها وهي تنظر إلى عينيه تحاول ان تستشف صدقه من كذبه
-بابا
زفر لؤي متنهدا بيأس ليقول
-قولتي ايه، ناوية تسيبي الانتقام اللي ملهوش طعم وتفوقي لحياتك.

لم تكن اسيا منتبه وقد سلب حواسها وهي تتذكر ملامح أبيها المحافظة بذاكرتها رغم صغر سنها، كان الوحيد الذي يدللها، بل لم تذق الدلال سوى على يده وأول ايام زواجها من لؤي، همست بنبرة متلهفة
- بعت ايه
أزاح لؤي بجسده عنها، يتعجب كيف اختل بتوازنه وسقط وهو بذلك الحجم!، ألقي نظرة نحو آسيا الغارقة في سحابة ذكرياتها ليمد يده مررا على خصلات شعرها حتى وصل لوجنتيها، ارتعش جسدها اثر لمسته لتنظر اليه بعينين ناعستين.

طالبة وصاله
ازدرد ريقه وهو يسحب كفه ليقول بقسوة، يعاقبها بكل حدة على خداعها تلك الفترة، ما زال غير متقبلا فكرة أنها قدرت على خداعه كل تلك الفترة و تساومه بكل قذارة
- عارفة، غريب جدا اني ملاقيش حد لغاية دلوقتي بيسأل عليكي طول الفترة دي، ايه العلاقات الهايلة اللي كونتيها دي
ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها، لتمد بيدها ترفع أطراف جلبابها النبيذي كاشفة عن ساقيها لتقول بمكر.

- ملكش دعوة بيا، انت بتيجي هنا ليه ها، ولا عشان وحشاك
القي نظرة عارضة إلى ما تعرضه عليه، لينظر اليها بغضب
هل تعرض نفسها عليه؟! ابتسم بشراسة وهو عاقدا جبينه وملامح واجمة
- سيبك مني دلوقتي، وميكنش ليه انتي اللي عايزاني
انتفضت آسيا تعتدل في جلستها لتقترب من لؤي قائلة بنبرة متملكة عنيفه وهي تسحب سترته باطراف اناملها لتقربه منها
- انت عارف لما بعوز حاجه بتاعتي باخدها من غير ما اطلبها.

رأت اسيا العاطفة الكامنة في عينيه، يكابر ولما؟!
لا تعلم، يخشى منها أو يخشى أن تجرحه، ستجرحه على ما فعله منذ قليل!
تمتمت بنبرة قاسية وهي تميل هامسة في اذنه
- وانت حقي انا يا لؤي
انتفض قلبه يد كطبول الحرب وهو ينظر إلى عينيها الداهية والي ملامح وجهها الفاتن، كيف يتحمل قلبه امرأة بكل ذلك الأغراء والفتنة، بكل ذلك الحاد والعقل الشيطاني، بكل تقلباتها من طفلة تائهة وحيدة إلى امرأة جلمود لا تنحني أمام ريح!

-متحاوليش
يعجبه أنها تعلن حقها به، رفع عينيه ينظر إليها بملامح خالية من التعابير
- فكري مرتين قبل ما تتكلمي
ضربته صدره الضخم بحدة لتقول بغيرة شرسة
- القمورة اللي جبتها دي، جبتها ليه يا لؤي
سحبها بحدة لتسقط في احضانه، احتضنها بقوة
محتاجا لذلك العناق، محتاجا الشعور بها
أن تكون قريبة منه، قريبة كما كانت سابقا
زفر وهو يشعر بتخشبها بين ذراعيه، ليقول بصوت هادئ
- بتغيري يا آسيا.

لم يكن يسأل، بل كان تقرير منه، رفعت اسيا عينيها وهو يري التخبط في زرقة عينيها لتجيب بحدة
- قولتلك انك حقي يا لؤي
اجاب ببساطة وهو يزيح بجسده عن جسدها، مكتفيا بذلك القدر ليطفئ لهيب شوقه
- ملكيش أحقية يا آسيا بعد ما زورتي موتك وخبتي عليا كل السنين دي
زمجرت آسيا بجنون، هاجت وماجت الشياطين لتضربه بكل غل في صدره لتصرخ في وجهه.

- وانت كمان ملكش أحقية أنك تتصرف على مزاجك بعد ما خدعتني كل الفترة دي لحد ما اخدت اللي عاوزة مني
هل يخدعها، يستدرجها بعاطفة ويخبرها عن وجود شئ لوالدها ثم تلك اللمسة والعناق اختبار منه لها، رفعت رأسها بحدة حينما قال بنبرة متهكمة
- انتي متأكدة اني اخدت اللي عاوزه
رفعت حاجبها بتسلية لتجيبه بنبرة وقحة
- والايام اللي بينا دي كانت ايه يا هركليز
نفض لؤي الاتربة التي لوثت سترته ليقول بجفاء متعمد.

- كنت على استعداد اني اطلعك للنور، بس واضح ان الضلمة عجباكي يا آسيا
استدار راحلا ليوقفه صوتها الهادر الملئ بالوعيد
- وحياة اغلى حاجة عندي لأندمك على الحبسة دي
ألقي نظرة ساخرة وهو يلفها بنظرة مستخفة، عالما انها عقل داهية
- لما تطلعي يبقي نتكلم وقتها
جزت اسيا على اسنانها بغل، لقد نفذ صبرها كونها حبيسة بين أربعة جدران، ستمزقه اربا وتمزق وجهه الساخر المستخف بها.
قالت...

أتدري يا عزيزي، لسن نساء ذكيات و لكننا أيضًا لسن غبيات، بل ماكرات نتلاعب كيفما نشاء و نُلقي النرد ف نخسر عن قصد، و الربح ما هو إلا حقيقة مؤكدة
سلاحنا ذو حدين و الجسد يملك السطوة الكُبرى ف ما بالك إن أقرنت فتنتي ب مكري، ألن أكون الصيد الأكثر ربحًا!
خاطرة بقلم الجميلة اسراء على.

توقفت سيارة الأجرة أمام محل تجاري في إحدى المناطق الراقية، نظرت توحة ببعض التعجب ثم الترقب لذلك الحي، كانت تتذكر أن تلك المنطقة كانت صحراء، كيف تحولت لمنطقة مليئة بالمتاجر والمباني الراقية، ترجلت من سيارة الاجرة تبعتها اسماء ببنطلونها الرمادي الواسع فوقه تي شيرت رياضي احمر وسترة رياضية بيضاء مع وشاح أسود ملفوف حول رأسها، تمتمت اسماء بتأفف شديد وهي تضع يديها على صدرها.

- انتي جيباني هنا ليه يا توحة
امتعضت ملامح توحة وهي تقارن ثيابها وثياب شابة مارة بفستانها الربيعي لتشيح رأسها محاولة أن تعد للعاشرة، يجب أن تتحملها، يجب أن تتحملها كي تتخلص منها وتزوجها، زمجرت بحدة
- اخرسي، انتي يا بت مش طايقة اسمع صوتك بعد لبسك ده، فيه انسه محترمة خطوبتها اخر الاسبوع تعمل في نفسها كدا.

نظرت اسماء بعدم فهم إلى ملابسها الرياضية التي اشترتها منذ شهر، يعتبر أكثر طقم رياضي حديث تملكه، لتقول بتقزز وهي ترى فتاة مائعة تسير بتبختر أمامها
- يوووه يا توحة، ماله شكلي، وبعدين انتي عايزاني احط احمر واخضر واتمرقع قدامه وهو عارف مبحبش حركات المسهوكة دي.

احتدت نظرات اسماء لترتعب الفتاة وهي تفر هاربة لتنظر إلى توحة بتعجب، منذ متى توحة لم تخرج من المنطقة، وطلبتها في عجالة لمشوار هام، كادت توحة ان تلطم على وجنتيها وهي تقول بسخط
- ما تسهوكي يا منيلة، ما تسهوكي، الرجالة بتحب ستاتهم تتسهوك عليهم
هزت اسماء رأسها نافية لتقول بكبرياء
- انا كده عاجبه عاجبه، مش عاجبه نفضها سيرة
اخرجت توحة شهقة مصرية معتبرة، تعلمتها بعد أن انغمست في المنطقة الشعبية لتقول.

- والله العظيم لو مطواعتنيش لحد لما تتجوزي وتريحينا، رجلك دي متعتبش عتبة باب بيتي وتنسي توحة
ارتبكت معالم وجه اسماء، لتقترب منها وهي تقبل رأسها قائلة
- خلاص يا ست الكل، هاتي راسك نبوسها، بس انتي جيباني الحتة الهاي دي ليه
اجابتها توحة بصراحة متعمدة وهي تتوجه نحو اسم المحل التجاري تتبعها اسماء بتيه
- عشان تنضفي شوية وتبطلي القرف ده.

تقدمت شابة بملابس عملية تنظر إلى السيدة عجوز مرتدية عباءة تبدو ثمينة وبجوارها كارثة الوان، فتاة قلبت موازين الموضة حرفيا بالوانها، ارتسمت ابتسامة عملية لتقول
- مساء الخير، تحب أخدم حضرتك بحاجة
فغرت اسماء فاها وهي تحدق في المرآة من منابت رأسها حتى أسفل قدميها، المرأة تبدو خارجة من إحدى المسلسلات الدرامية، شعرت بلكزة توحة على خاصرتها لتتأوه بتوجع وهي تسمع همس توحة المحذر.

- اقفلي بقك، شايفة البنات هنا، ليه حق حبيب امه يبص برا
اشتعلت اسماء تكاد تنفجر ساخطة، لتقول
- يا توحة
ابتسمت توحة بحدة لتميل قائلة بتحذير
- اتكتمي خالص انتي، ما هو لو ملقاش الحاجات دي في بيته ابقي انسي انه يبص في خلقتك
نظرت الفتاة بقلق بين المرأتين لتتسع عيناها بريبة حينما ابتسمت السيدة العجوز في وجهها قائلة بنبرة بشوشة
- اهلا يا بنتي، انسه وجد موجودة.

اشرقت ملامح توحة حينما تقدمت وجد بكل دلالها وغنج فطري متأصل بها تقول بنبرة ناعمة بها بعض الحزم
- روحي على شغلك يا شيماء، وخلي ال office boy يبعت الضيافة
رفعت الفتاة رأسها بدهشة، متعجبة ان رئيستها على معرفة بهما، هزت رأسها لكن الفضول جعلها تسير بتباطؤ لتسمع ترحيبها للمرأتين
- نورتيني يا توحة، طمنيني عنك وصحتك اخبارها ايه.

حدجتها اسماء بحدة وبعض الغيرة وهي ترى نظرة الاهتمام من عيني الفتاة الراقية التي تبدو خارجة من إحدى عروض الأزياء التي تشاهدها على التلفاز بتقزز، ملابسها مكونة من بلوزة وردية هادئة اسفلها تنورة قصيرة من اللون الأسود، ثم ذلك الكعب الذي يجعل النساء ينافسن برج خليفة! هي بقصر قامتها لا ترتديه وهي بطولها ماذا تحتاج من طول لترتديه!، استمعت إلى همس توحة
- شايفة يا اخرة صبري
ابتسمت توحة قائلة بنعومة.

- بخير الحمدلله يا حبيبتي
وجهتهما وجد نحو غرفة مكتبها، وقفت اسماء تشعر ببعض الغيرة الطفولية وهي تري انبهار توحة بتلك المرأة، تبعتهما على مضض لتجلس على المقعد بلا مبالاة وهي تسمع توحة تقول
- بصي عشان مش عايزة اعطلك، البنت دي اعتبريها زي بنتي، انا اللي مربياها بالضبط زي عاصي حبيبي اسمالله ربنا يحفظه ويصونه.

توردت وجنتي وجد حينما استمعت لاسم عاصي، وددت أن تسألها عنه لكن خشيت أن تفهم استفسارها خطئا، ألقت توحة نظرة زاجرة لتعبس اسماء شفتيها بملل لتقول توحة ببعض الحرج
- خطوبتها اخر الاسبوع، وزي ما انتي شايفة مفيش حاجه عجباها وامها غلبت معاها، فجيتلك وانا متأكدة انك تحولي دي لأنسة
شعرت اسماء بأن كرامتها أهينت لتصيح قائلة
- توحة
زجرتها توحة بنفاذ صبر
- اتكتمي خالص.

نظرت وجد ببعض الحرج لتخرج جهازها اللوحي المحتفظة به تصاميمها لتقول بنبرة رقيقة
- طيب اسبوع ده مدة قليلة جدا يا توحة وخصوصا ان فيه حاجات كتير محتاجين نعلمها، بس انا هوريكي مجموعة عملتها وهي تختار فستان يعجبها ونضبط الفستان على مقاسها
أعطت جهازها اللوحي لأسماء التي كانت على وشك الرفض بوقاحة الا ان نظرة توحة الزاجرة جعلتها توافق على مضض وهي تقلب الفساتين بملل لتقول
- مش عاجبنى حاجه.

استقامت توحة من مجلسها وهي تنظر بوعيد لها، خطفت منها الجهاز اللوحي وقلبت في الصور حتى استقرت على فستان وقالت بتحدي
- هناخد الأزرق الفاتح ده
عقدت اسماء حاجبيها لتجيب بنفي
- مش عاجبني دي خطوبة مش فرح، كله ترتر
نظرت توحة نحو وجد بقلة حيلة، لتتدخل وهي تعرض عليها فستان هادئ ذو حمالات عريضة، لتقول بابتسامة مشجعة
- طب ايه رأيك في اللون ده.

ألقت اسماء نظرة ممتعضة، لا تنكر انه هادئ خصوصا انه ليس مبهرج لكن قالت باشمئزاز
- بصلي! لا طبعا وحش جدا
اتسعت وجد عينيها وهي تنظر إلى لون الفستان السيموني، لتقول مستنكرة
- بصلي!
افتعلت توحة ضحكة ممازحة لتقول بنبرة خشنة
- متأخذنيش، هناخد البصلي وكلمة واحدة هكسر دماغك
نظرت وجد بتوتر وقالت
- ناخد رأي العروسة
هزت اسماء رأسها بعدم مبالاة
- مش بطال
ارتسمت ابتسامة متوترة على شفتي وجد لتقول.

- طيب هبعت التصميم ده عشان نقفل الجزء اللي فوق ويناسبها مع الحجاب خلال يومين ويكون جهز، الف مبروك
نظرت اليها اسماء بترفع قائلة
- شكرا
زمت شفتيها حينما رأت نظرة الشرر المتلألأة في عيني توحة، لتقول ببعض الحدة والتوتر المصاحب لها
- متأخذنيش، بس اول مرة هلبس فستان ومش عايزة حاجة مبهرجة ولا ترتر كتير
ابتسمت وجد بنعومة وهي تجيبها بهدوء
- متقلقيش، متأكدة انه هيعجبك لما يتضبط
هزت اسماء رأسها ثم قالت بنبرة هادئة.

- مستنين نشوفك في خطوبتي اخر الاسبوع
ثم استأذنت بالمغادرة وهي لا تصدق ما فعلته توحة، نظرت توحة إلى وجد ببعض الحرج لتقول
- معلش هي كدا، مغلبانا كلنا
ثم استرسلت توحة بنبرة هادئة
- بمناسبة سعر الفستان
سارعت وجد تقول بعفوية شديدة
- دي هدية مني ليها يا توحة، متقلقيش
صاحت توحة في وجهها بحدة
- الفستان هدفع سعره، شايفاني مش هقدر ادفع سعره يعني
تفاجأت وجد من هجومها المباغت لتتلعثم وجد قائلة بحرج.

- مقصدش يا توحة، انا بس حبيت افرحها
شمخت توحة رأسها بكبرياء لتقول
- هطلع برا وادفع مقدم للفستان، وتنوريني في خطوبة اسماء، ولا انتي شايفة ان الخطوبة مش من مقامك
رفرفت وجد أهدابها وهي تلعن غبائها، ابتسمت وجد قائلة بحرج
- العفو يا توحة بس انا معرفش حد هناك، هكون محرجة وانا الغريبة وسطكم
قالت توحة بنبرة مزمجرة
- لطالما من طرف توحة، محدش هيفتح بقه بكلمة.

هزت وجد راسها باستسلام لتلتفت توحة مغادرة إلا أنها سرعان ما عادت تقول بنبرة هادئة
- المنطقة هناك محافظة شوية يا بنتي، مش عايزاكي تتضايقي من تعليق حد
عقدت وجد حاجبيها بعدم فهم لثواني ثم سرعان ما نظرت إلى ثيابها ثم إلى نظرة توحة الممتعضة بعض الشئ، توردت وجنتاها بخجل قائلة
- حاضر يا توحة
انشرح قلبها من صوتها لتقول
- حضرلك الخير، يلا هستأذن انا.

اوصلتها وجد حتى باب المتجر وحينما همت ببعث سائق خاص لايصالهما، رفضت اسماء بتهذيب شديد، لكن العناد الاكبر لوجد التي طلبت منهما ان ينتظرن في غرفتها يتناولن ضيافتهم حتى يأتي سائق يوصلهم، ظلت توحة صامته طول الوقت وهي تشعر بالفخر لزوجة حفيدها المستقبلية، كم أحسن حفيدها الاختيار حقا لأختيار زوجته، صبر فنال.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة