قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والتسعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والتسعون

رواية أترصد عشقك الجزء الثاني للكاتبة ميار عبد الله الفصل الثاني والتسعون

ماذا تفكر هي؟
هل ستختطفها؟ بل وتتهمه بأنه الرجل السئ.
غمغم بصوت أجش
-آسيا فوقي، ملهاش لازمة تروحي دلوقتي، كدا كدا مش هتشوفيها بسبب ابوها
مالت برأسها وعينيها تلمع بمكر شديد لتهمس بهدوء
- الحيوان ده هعرف اتصرف معاه
هدر تلك المرة بأسمها وعينيه ينضح منهما خوفا رأته آسيا
- آسيااا
والقرب الذي بادر به اجفل اسيا وهي تعيد رأسها للخلف تنظر اليه بريبة جعل لؤي يقلل من همجيته وتتحول لمساته إلى مراعية.

يده الاولي تحتضن خصرها والأخرى تمرر على وجنتها حتى عنقها مما جعل اسيا تزدرد ريقها بتوتر وهي تراه يهمس بصوت منهك
- مزهقتيش
ازاحت يده التي تداعب وجهها بحدة، من يظنها هي
استستسلم من مجرد مداعبات منه لينسيها عما تخطط له
أو أنها ستلهث خلف فتات منه
لم يخلق بعد من يسخر من ذكائها
استمعت إلى صوته الاجش وهو يدفن وجهه في عنقها مرسلا عدة قبلات جعل جسدها يلين بين يديه.

- بنلعب نفس اللعبة يا آسيا، بنلف وبندور وبنوصل ايه في الاخر
رفع رأسه وعينيه التمعت بعاطفة لم تراها منذ فترة، دفعته بعيدا عنها
مبتعدة عن حصاره الناعم
لتقول بنبرة مرتجفة
- ودلوقتي هتحط الغلط عليا انا، آسيا اللي بدمر، اسيا اللي بتنهي، آسيا الشريرة اللي لازم تاخدوا بالكم من شرها مش كدا
ادارت بجسدها عنه وهي تحاول ان تكون صلبة أمامه وليست حمقاء غبية
تضعف امامه.

لم يعد لؤي السابق الحنون الذي يحتضنها ويطمئنها أن الغد سيكون بخير
بل أقرب لعدو، غمغمت بنبرة حادة
- عارف يا لؤي، أوقات بحسك فاهم كل حاجة، بس للأسف وجد الوحيدة اللى فهماني
زفر لؤي بسخط وتعامل رفضها لقربه بروح رياضية
يعلم ان اسيا لن تستسلم ان لبي ما ترغبه، ستراه انه يستغلها
غمغم بحدة
-آسيا انتي عايزة كل حاجة
واجهته وهي تجيبه بسخرية.

- عايزة كل حاجة، لان ده حقي، انا ايه اخدته يا لؤي، ولا حاجة ولا حاجة بص كويس وقولي ايه اللي اخدته
نكس رأسه أرضا لتشيح آسيا وجهها للجهة الأخرى
هذا ما تحصل عليه
يصمت ثم يرحل، غمغمت باختناق
- انا قرفت بجد من الخناقات دى
تقدم نحوها لعدة خطوات ثم احتضنها بقوة وظهرها يقابل صدره ليغمغم بصوت أجش
- اسف
انزلقت دمعة من عينيها وهي تحاول أن تظل صلبة كما عاهدت نفسها
الا ان صوت لؤي كان يزيد من عذابها.

- اسف على كل اللي فقدتيه بسببي يا اسيا، واللي فقدتيه
التفت هي الأخرى لترفع يديها تحتضن وجهه هامسة
- انا تعبت يا لؤي، مش عايزة اخسرك
سألها بلوم وعتاب
- خايفة تخسريني بعد اللي بتعمليه
عضت على باطن خدها وهي تقر باعتراف
- الحاجة الوحيدة اللى مخلياني أفضل اتنفس يا لؤي، عايزاك ترجع لؤي اللي اعرفه
جذبها نحو عناق سريع
يعيد أواصر عشق قديمة
يراها تتمسك به بخوف وتشد من قربه.

وهو يمرر يديه على سائر ظهرها ينحر الخوف، ليبتعد لاهثا وعينيه تنظران نحو أثره على شفتيها ليسألها بعتاب
-بتعملي فينا كده ليه
أجابته بنبرة لاهثة ونبضات قلبها غير منتظمة تزيد من جنون لؤي
- اسأل نفسك
غمغم لؤي بصرامة
- اسيا، انا مش هفضل طول عمري هكون عايشلك، عايزك تبقي وسط عيلتك، عيلة تقدر تساندك وتقويكي وانت في حمايتهم
لن يكذب ويقول انه لم يرى الخوف في عينيها، ثم البرود حينما علمت رسالته لتجيبه.

- انا مش عايزة حماية حد
غمغم بهدوء
- بس الواحد من وقت للتاني محتاج طبطة يا اسيا
هزت اسيا رأسها وهي تجيبه بتهكم
- عندك حق، انت بطلتها
القي اليها نظرة ذات مغزى، وكأنها لا تعلم انها تملك مفتاح لحل جميع مشاكلها
هي التي بيدها ان تنهي وصلى الفراق التي لا يعلم إلى أين ستصل
- عايز بس اصدق انك فعلا اتجاوزتي كل حاجة
هزت رأسها بيأس
- لؤي
امسكها لؤي من ذقنها وهو يجيبها بحدة.

- مش عايز خطط يا اسيا، خلي عقلك يوقف عن الخطط، مش هتأذي حد غير نفسك بالنهاية
زفرت آسيا بحدة وهي تقول بنفاذ صبر
- عارفة
اتسعت عينا لؤي باندهاش، وهو لا يصدق انه اخيرا وجدها تتفاعل معه
بل تخبره انها تعلم انها ستؤذي نفسها، سألها بلهفة
- بتعملي ليه كده في نفسك
هزت كتفيها ببساطة تجيبه
- يمكن اتعودت على الألم
****
في حي عاصي،.

في ظل اقتراب الخطبة، وعدم وجود أي شئ ينغص حياة حفيدها الحبيب، لم تجد بدا سوي أن تجلب زوج حفيدها المستقبلية الى منزلها، وفي ظل انشغال عاصي بعمله في المشفي وجدت الطريقة المثلي باتصالها بوجد.

وحسنا تعترف ان الفتاة تقلق من أقل سعال وانين اصطنعته لتأتي على وجه السرعة الى منزلها، ابتسمت تحية بفخر شديد أن تلك الاعيب الصغيرة تجدي نفعا مع مرور السنوات، وقد كانت تتصنعها منذ زواجها بالمعلم حتى مع حفيدها ورغم علمه بانها تصطنع التعب الا أنه ما زال يقلق..
تنهدت تحية وابتسامة ناعمة تزين ثغرها وهي تحمل الصينية لتضيف العروس وحالما رأتها وجد اسرعت بحمل الصينية منها قائلة بنعومة.

-يا توحة مكنش ليه لزوم تعبك بجد
ضيقت تحية عيناها نحو قد العروس النحيف، ألم تحاول حتى أن تزيد بعض الكيلوجرامات
حفيدها ثور ناطح والفتاة لن تتحمل، تخشى أن تحدث فضيحة صباح يوم الزفاف
ستحدث حفيدها عن نحافة الفتاة تلك الغير مطمئن، اتسعت ابتسامتها قائلة وهي ترتب على ظهرها بمودة
- كفاية والله كلمة توحة منك، بتنسيني كل التعب.

كتمت توحة شهقة كادت تفضحها، هل احست بعظام ظهرها أم انها تتخيل؟!، لم تدري وجد بما يدور في خلد تحية لتضع الصينية على المنضدة لتقترب منها قائلة باهتمام
- فيه حاجة وجعاكي يا توحة، قوليلي بجد نروح عند دكتور ونطمن عليكي
ابتسمت تحية بارتعاش شديد وهي تجلس على المقعد قائلة بتمني
- انا بخير، مستنية بس وقت ما تتجوزوا وتملو البيت ده بعيالكم.

تلون وجنتي وجد بالحمرة، وفكر انها تتزوج بعاصي وأن تحمل طفل منه تجعل جسدها رغما عنه يرتجف اثارة وخجلا لتسمع تحية تمتم قائلة
-تعرفي كنت زمان زعلانة على حال عاصي، خصوصا انه مكنش متحمس لموضوع الجواز، بس دلوقتي عرفت
عبست وجد بعدم فهم لتسألها بفضول
-عرفتي ايه
انشرحت اسارير تحية وهي تتأمل قسمات وجه وجد المليح، وطيبة قلب الفتاة التي لا تتأخر دقيقة لتقدم يد المساعدة لتقول بابتسامة عابثة.

- انه بس كان مستني نصه التاني
ثرثرت بمرح ووجد تلتصق على المقعد المجاور لها وهي تتأملها بشغف وفضول شديد
- خدي نصيحة يا بنتي، ولا اقولك اصلا انا متأكدة انك هتعرفي تتعاملي معاه
ظهر الخيبة على وجه وجد حينما رأت تحية بترت عبارتها التالية لتسألها بفضول
-شوقتيني يا توحة، قوليلي
تنهدت تحية بقلة حيلة تحت نظرات الفضول في عيني وجد لتستسلم لفضولها قائلة.

- مش هكدب عليكي واقولك ابني صعب الإرضاء، بس ابني أوقات بيطلع عليه جنان زي المرحوم متعرفيش ازاي تسيطري عليه
التزمت تحية الصمت وهي تتمنى أن يكون المعنى وصل لها جيدا، الا ان صوت وجد المتسائل بعدم فهم احبطها
-قصدك ايه يا توحة
ربتت تحية على ظهرها قائلة بصراحة
- جنون غيرة يا روح توحة، اكيد فاهمة اقصد ايه، اصله طلع زي جده ربنا يرحمه مخدش اى حاجة من ابوه.

رفعت تحية وهي تتمنى أن يكون وصل المعنى لوجد وحينما رأت احتقان وجنتي وجد جعلها تبتسم، يبدو ان حفيدها لا يزخر وقت ليريها بعض جنون زوجها المرحوم التي ورثها منه
- فاهمة يا توحة
غمغمت بها وجد بحرج وهي تتذكر مشاهد غيرته الفاضحة واخرها حينما جاء متطفل في الصالة الرياضية التي تتدرب فيها وتعامل هو مع الأمر بخشونة شديدة وعناد كبير، لكن بالنهاية اعتذر على فظاظته الغريبة معها.

انتبهت وجد على صوت تحية وهي تخرج صندوق خشبية يبدو عليها أن السنوات حفرت علامتها بها
- بالمناسبة انا جيبالك هدية خطوبتك
اتسعت عينا وجد بانبهار حقيقي، وهي تنظر الى الصندوق الخشبي، يبدو مثل الصناديق الزينة التي كانت تشاهدها في الأفلام الكلاسيكية لتشهق بانبهار الى الطقم الماسي وهي تمده لها لتهز وجد رأسها رافضة
-ملهاش لازمة يا توحة بجد.

لكن يبدو ان تحية لم تكن بكامل عقلها تماما، اناملها مرت على الطقم الاخير الذي صممه والدها وبه طبع خاص لأسمه، اغرورقت عيناها بالدموع وهي لا تصدق تلك السنوات مرت بسرعة.

منذ ان استلمت ذلك الطقم من والدها صبيحة زفافها من حبيبها، حتى جاءها اليوم الذي سلمته لأبنتها وبعد وفاتها عاد اليها مرة اخري، وكانت تمني نفسها انها ستسلم الطقم الماسي لزوجة حفيدها ان كانت تستحقه فعلا، وإن لم تستحقه فكانت ستتركه كأرث للعائلة في خزانة البنك الخاصة بها، سحبت خاتم يبدو مختلفا عن الطقم لتتأمله مليا وهي تتذكر حينما كانت صغيرة تثير صخب في معمل والدها.

تتذكر هذا الخاتم تحديدا دونا عن غيرهم، كانت تساعده وقتها لتصميم خاتم بل وكانت مساعدة نجيبة له لتنسل منها ابتسامة حنين هامسة
- عايزة اقولك الخاتم ده بابا اللي يرحمه كان عامله بأيده، وسلمته لبنتي قولت تسلمه لعروستها، بس ربنا يرحمها معشتش اليوم ده
عضت وجد على شفتها وهي تشعر انها فتحت بوابة ذكريات لتحية لتمتم هامسة بحزن
- الله يرحمها ويغفرلها.

سارعت تحية بمسح دموعها وهي تغلق الصندوق وتسلمه لها قائلة بابتسامة ناعمة
- عايزاكي تحتفظي بيه وتلبسيه، لحد لما تسلميه لبنتك يوم فرحها
تسلمت وجد الصندوق برهبة شديدة، وهي تشعر أنها اقتحمت داخل ذكريات وقدسية تلك الذكريات، غمغمت بجدية
-أنا بوعدك بده يا توحة
هزت تحية رأسها باستحسان، ليهدر صوت اسماء العالي وهي تطرق على باب منزلها
- يا توحااااا
استقامت من مقعدها وهي تتوجه نحو الباب لتفتحه قائلة بحدة.

- تعالي يا اخرى صبري
ابتسمت اسماء بمرح وهي تعلم فظاظة تحية ما هو إلا وجه مصطنع منها، همت بقول شئ ما إلا أنها حينما وجدت وجد انشرحت اساريرها قائلة بمودة
- العروسة هنا، يا اهلا وسهلا نورتي الحتة
تفاجئت وجد من استقبال اسماء البشوش لها، بل تعجبها الاشد حينما احتضنتها بقوة كادت أن تسمع قرقعة عظامها، لكنها حافظت على ابتسامتها قائلة
-بنورك يا اسماء.

انفجرت اسماء ضاحكة، وهي تمرر وجهها على بشرتها التي تحسنت كثيرا بعد نصائحها، مما جعلها أكثر ثقة بنفسها لتقول
- مش عارفة اشكرك ازاى على النصايح بتاعة البشرة، ضيعتلي كل الحبوب في شهر
هزت وجد رأسها وهي تغمغم بجدية
- اهم حاجة المداومة يا اسماء، والاهتمام بالبشرة
اومأت اسماء موافقة على كلامها لتجلس على المقعد وهي تغمز بمشاكسة لتحية قائلة.

- متقلقيش، ده انا كل مرة بطلع عند توحا بعمل ماسكات البشرة عشان. مسمعش اي تعليقات اي بنت خصوصا ان بيتنا مفتوح لأي سبيل عابر
ابتسمت تحية وهي تري ملابس اسماء المخالفة للموضة والذوق كعادتها لتهمس بحدة
-عقبال ما نخلص من ألوان الطيف اللي بتلبسيها.

زفرت اسماء يائسة، وهي تتذكر نصائح تحية ووجد حينما جلبت ملابس رياضية انثوية كما اقترحتا، لن تنكر ان الملابس الانثوية كانت تحدد تفاصيل جسدها بدون فجاجة أو وقاحة، لكن الثياب تجعل الأعمى يعلم أن من ترتديه انثى وليس جعفر
لكن ما أن رآه عادل حتى هاجت شياطينه، وكأن أحدهم دعس على ذيله لتغمغم بحنق
- يووه يا توحة ما قولتلك وقت ما البس اللي قولتيلي عليه، لقيت عادل بيزعق في وشي وبيقول ايه الهباب اللي بلبسه ده.

مصمصت تحية شفتيها بعدم استحسان لخضوع الفتاة لخطيبها لتقول بحنق
- وانه بيزعقلك يخليه يتحكم فيكي
فغرت اسماء شفتيها بصدمة وهي تقول باقتناع
- يا توحة مش متعودة البس كدا
ابتسمت وجد بحرج مغمغمة لتحية قائلة
- خليها على راحتها يا توحة
تصاعد رنين هاتف اسماء، وحينما علمت أن المتصل عادل تلونت وجنتيها بالحمرة قائلة بتعجل
- طيب أنا مضطرة امشي دلوقتي، عادل بيزن عليا من الصبح.

سارعت اسماء بمغادرة البيت بسرعة تعجبت لها وجد، لكن هدوء تحية جعلها هي الأخرى لا تلقي بأي تعليق، استقامت من مجلسها هي الأخرى مستأذنة بالذهاب لكن أطرافها تخشبت على إثر نداء عاصي الأجش
- انا جيت يا توحة
لم ينتبه عاصي لها من كثرة الحقائب البلاستيكية التي وضعها على الطاولة، لكن صوت تحية الساخر جعله ينتبه انه ليس بمفرده
- اي يا واااد فيه ضيوف هنا.

رفع عاصي رأسه بدهشة ليندهش من وجود وجد في منزله، حسنا حينما هاتفها صباحا لم تخبره انها ستكون في بيته، عقد حاجبيه بريبة تجاه توحة التي أدارت بوجهها الأخرى، ليهز رأسه بيأس ليتقدم نحوهما قائلا
- وجد! انتي مقولتيش انك هتكوني هنا
تلون وجنتي وجد بالحرج، وهي تشعر بفظاظة سؤاله التي اكتشفت انه شئ وطبع خاص به ولا يقصد احراجها مطلقا
لكن هذا طبع خاص به
وجدت تحية من تجيبه بحدة قائلة.

- وتقولك ليه، ثم انت جيت ليه بدري
هل سيشكلان تحالف نسائي عليه، هذا ما سأله عاصي سرًا وبدي مجئ وجد مفاجئا له حتى لمح صندوق تحية الخشبي، ابتسم بمرح وهو يقول بمشاكسة
- انا غلطان اني جايبلك الكيس بتاع كل شهر
تبدلت ملامح تحية مائة وثمانون درجة لتقترب منه قائلة بفضول وعينيها تلمعان ببريق
- فيه العسلية ولا شايله.

توجه عاصي ليحمل الكيس البلاستيكي المليء بالعديد من المقرمشات والحلوى الذي وضعه منذ قليل على الطاولة ليقدمه لها قائلا
- لا حاطه، بس المرة دي هناكله بمواعيد
لمعت عينا وجد بتأثر شديد، وهي تشعر ان المشهد امامها كأب يجلب الحلوي لأبنته، حماسة تحية وابتسامتها الملتصقة بثغرها وهي تبحث عن حلوها داخل الكيس جعل وجد تبتسم بحنين شديد
و غصة مريرة في حلقها.

لم تجرب أن يكون لها والدا ويجلب لها جميع حلوياتها المفضلة داخل حقيبة بلاستيكية
عمتها كانت ترفض الحلويات المفسدة للجسد وكانت تتبع قواعد صارمة لتغذيتها، انتبهت على صوت تحية وهي تقدم حلوها المفضلة العسلية قائلة
- اكيد متعرفيهوش، خدي دوقيه
شكرتها بلطف وهي تحاول لملمة شتاتها ومغادرة المكان بسرعة قبل ان تبكي أمامهم لتهمس
- لا يا توحة بالهنا بجد انا شبعانة.

شهقت تحية باستنكار شديد، لتضع الحلوى في يديها قائلة بحدة
-يا بنتي هو انتي فيكي ايه، ده انتي عضم على جلد، خدي اتغذي شويتين
لم يفت تعابير وجه وجد من ابتسامة، وشرود، وحزن اكتنف تعابير وجهها
رأى في عينيها الفراغ، والوحدة، ليقول بنبرة ذات مغزي لتحية
- يا توحة ملوش لازمة الكلام ده
صمتت تحية وهي تقضم قطعة من العسلية بحدة، لتنظر وجد في ارجاء المنزل بتيه شديد قبل أن تهمس بتعجل
- مضطرة امشي دلوقتي، عن اذنكم.

خروجها كان أقرب بالفرار من المكان، دمعة خائنة سقطت من عينيها مسحتها سريعا وهي تهبط السلالم بتعجل لتتوجه نحو سيارتها بأسرع وقت ممكن...
لم يخفي عاصي قلقه عليه، ليغمغم بصوت قلق وهو يلحقها خلفه
- هوصلها
ابتسمت تحية بسخرية وهي تتلذذ بتناول عسليتها لتقول قائلة
- طبعا، طبعا عشان متتخطفش.

خرج عاصي بتعجل من منزله ولحقها وهو يهبط من السلالم بسرعة الا انه لم يجدها، سارع بالخروج من العمارة ليسمع محرك سيارتها، توجه نحوها قائلا بصوت آمر
- استني متمشيش
شهقت وجد بذهول وهي تمسح دموعها بحدة لتضيق عينيها قائلة
- عاصي
أمرها بصوت أجش
-خليكي مكانك.

هممت بسؤاله إلا أنها وجدته يتوجه نحو سوبر ماركت، عقدت حاجبيها بدهشة وهي تنتظره عدة دقائق وحينما خرج وجدته يحمل حقيبة بلاستيكة ضخمة ويفتح باب سيارتها المجاور لها ليضعه على المقعد المجاور لها، الجم لسانها الصدمة ثم سألته بعدم فهم
- ايه ده
ابتسم عاصي وهو ينظر اتجاهها بعاطفة دافئة، مهدئا روعها، ومؤازرا محنتها ليقول بصوت دافئ
- ده كيس بتاع اول شهر من القبض، فيه انواع كتير، لاني معرفش بتحبي اي نوع.

انفرجت ابتسامة ممتنة وقلبها يذوب عشقا لهذا الرجل، لا تصدق ان رجل مثله فهم ما يدور بخلدها
رغم أنها لم تشعر سوى بالغبطة تجاه توحة، وحزن لعدم وجود شخص في حياتها يجلب لها مثل تلك الأشياء
لكن هذا الرجل
اسطوري
رجل انتهي من مثله في هذا الزمن، امسكت ساعده لتضغط بكلتا يديها عليه هامسة بامتنان وعينيها مغرورقة بالدموع
- ربنا يخليك ليا يا عاصي.

ربت على يدها وهو بلباقة يزيح ساعده عن يديها ليغلق باب سيارتها ويحادثها من النافذة قائلا
- بداية كل شهر هتبقي عادة اني اجيبلك الكيس ده، بس تقوليلي ايه اكتر نوع بيعجبك عشان اكتر منه
انفجرت في بكاء حار وهي تمسح الدموع سريعا وعلى شفتيها ابتسامة عاشقة جعلته يبث لها دعما خفيا لتهمس اسمه بنعومة تطيح بتعقله
- عاصي
ولولا انه في مكان عام، وليست حلاله بعد.

لطالبها مرارا أن تعيد نداء اسمه بصوتها الأبح، وتثقله بأغراء مميز ليجد أن نطق اسمه فريدا منها
- نعم
غمغم بها بخشونة وعينيه غامت بعاطفة ارسلت القشعريرة من منابت رأسها حتى أخمص قدميها، ظلت لمدة تحدق نحو عينيه وملامح وجهه الرجولية المحببة لها لتهمس بتهور شديد
- انا بحبك
جحظت عينا عاصي ليشعر بأن العالم يدور من حوله، والأرض أصبحت رخوية وحينما هم بالرد عليها وجدها هربت بسيارتها
مخلفة غبار بسبب سيارتها.

اغمض عاصي جفنيه ليضم قبضته بقوة، محاولا التحكم والسيطرة على أي فعل متهور سيقدم عليه معها
ألم يحذرها من عدم نطقها
يبدو انها لا تعلم مغبة فعلتها المتهورة
جز على اسنانه بفقدان سيطرة، وهو يحاول تهدئة ثور ناطح راغبا في التحرر
ليهمس بتوعد شديد وعينيه تغيم بعاطفة مميزة
- اهربي يا اميرة، اهربي
سيدعها اليوم
لكن الغد ستكون له!
*****.

ترجل وسيم من سيارته الرياضية ساحبا باقة من الزهور في يده، وتقدم نحو مؤسسة السويسري ملقيا تحية للحارسين في الخارج..
القي تحية صباح لموظفة الاستقبال التي لم تخفي تعجبها لباقة الزهور في يده، سألها عن سيد معتصم لتجيبه عن حضوره منذ ساعة
شكرها بابتسامة دبلوماسية ليتخذ طريقه نحو المصعد و يستقله لطابق صاحب المؤسسة
لن ينكر ان مماطلة حماه ارهقته كثيرا
لكنه صبور
صبور ولديه نفس طويل حتى يحقق مراده.

هو فقط لا يعلم متى تحول حماه من شخص كان في السابق لا يدع حديث سوي ويذكره باعجابه الخفي بصغيرته ويخبره انه فقط ينتظر حركته الأولى
وحينما أعطى حركته الأولى واتخذها تراجع حماه وتخاذل
انفتح باب المصعد لتتسع ابتسامته وهو يتوجه نحو مكاتب السكرتارية ليراها بثيابها العملية
تجهم وجهه حينما رأي فتحة تنورتها الخلفية وما زاد الطين بلة هو ضيق التنورة ليظهر بسخاء منحنيات انوثتها.

التفت بجسدها اليه لتنفرج عن شفتيها ابتسامة ناعمة، عدلت هندام سترتها لتجحظ عيناه وسيم بشدة حينما نحرها البض وبداية صدرها مكشوف أمامه
امسك باقة الزهور بقوة غاشمة يكاد يحطمها قبل أن يمسك رأس الحمقاء ويحطمه
القي باقة الزهور حرفيا في يدها لتستلمه متعجبة من خشونته وفظاظته معها
-نقدر نقول مبروك للانسة جيهان السويسري على منصب السكرتيرة.

زفرت جيهان بحدة وهي ترمي الباقة جانبًا قبل ان تحاول سحب البلدي القصير أعلى كي لا يتهم بأنها عاهرة في المؤسسة، لعنت هذا الصباح الثياب العملية ومن يرتديهم، لما لا ترتدي جينز وتيشيرت فقط
لما مجبرة أن تقيد بارتداء تنورة مستفزة تقيد حركتها!
لمحت نظرات وسيم المتجهمة والتي تدقق النظر على ما تفعله، لتترك يديها سريعا متنحنحة بحرج
- اتريق يا وسيم
انفجر ضاحكًا بسخرية شديدة قائلا بتفحص.

- بالعكس فخور بيكي جدا، بس مش شايفة ان البدلة ضيقة
هذا شئ توقعته في بداية هذا الصباح، لما اتبعت هي صيحة الموضه اللعينة
لم تكن تتوقع أن البادي سينزلق ليكشف بداية صدرها، لو علمت لما ارتدته
زفرت بيأس شديد وهي تطلب المساعدة من شقيقتها لترسل لها شئ من ثيابها لتستطيع أن تكمل به اليوم، لكنها لم تظهر أي من حنقها
بل جلست على طرف المكتب الخاص بها قائلة بسخرية
- انت عارف جيباها بكام دي اللي بتقول عليها ضيقة.

لوي وسيم شفتيه بنزق، ولو يملك السلطة لوضعها في جوال وحملها إلى منزله
النيران في عينيه لم ترحمها
ان تستعرض جزء من جسدها يجعل جزءه الشرقي ينتفض غيرة وحمائيه، انتفض يهدر في وجهها بحدة
- مبين جسمك يا جيهان مش عاجبني
صاحت بنزق بالغ وهي تكتف يديها على صدرها
- اعمل ايه دلوقتي
تمام ببساطة
-غيريه
بتلك البساطة ينطق بها!
قلبت عينيها بملل لتقر باعتراف
- معنديش لبس محترم للشركة.

وضع وسيم يديه في جيب بنطاله يعتصر قبضة يده، لو انتظر لدقيقة أخرى معها سيرتكب جناية بحقها وبحقه
جسده ينتفض ثورة رغما عنه
وغيرته تتفحص ثيابها ثم يدور بعينيه ان كان احد يسترق النظر لعرض الاغراء الصباحي
- اعتقد ان ده رسالة اننا نغير دولابك
قالها ببرود لتجز جيهان على اسنانها صائحة
- وسيم مش وقت هزارك دلوقتي
هز راسه ببرود مغمغما
- انتي لاقيه حد يشتريلك هدوم ببلاش.

همت أن تلقي بالدباسة في وجهه إلا أنها تعجبت من برودها وهي تسأله بجفاء
- وتجيبلي هدوم بمناسبة ايه
أجابها ببساطة شديد وهو يجلس على المقعد قائلا
- جوزك
اتسعت عينا جيهان بدهشة لصراحته وبساطته في اللقب المستقبلي الذي سيصبح عليه، لتصرخ في وجهه بسخط
- لما تبقي يا حبيبي انت مستعجل ليه اصلا انك تشتريلي، كدا كدا هفلسك كل شهر
الصق وسيم ابتسامة باردة، مجيبا اياها
- فداكي.

لمعت عيناها بالمكر الشديد، لتتوجه نحو مقعدها لتجلس عليه قائلة بمكر
- هنشوف كلامك وقت لما تلاقي البنك بيقولك انك فلست
سألها بريبة
- هتخليني متشرد يا جيجي
انتبها على طرق باب المكتب بحدة لترفع جيهان عينيها نحو والدها الذي صاح بخشونة
- مش كفاية غراميات على الصبح
انفرج عن شفتي وسيم ابتسامة متسلية، محاولا نفض صورة ملكة الاغواء الجالية على المقعد
- حبيبي يا حمايا.

زفر معتصم بسخط شديد، لن ينتهي منه مطلقا، غمغم بحدة
- نقصاك انت كمان، انت مش وراك مصالح روح شوفها
ابتسم وسيم ببرود شديد ليقول
- جاي ابارك على وظيفة جيهان يا عمي
ألقي نظرة ممتعضة تجاه ابنته التي التزمت الصمت ليوجه ببصره تجاه وسيم ليقول بحدة
- تبارك ايه يا ابني، هي ارتقت، دي بتشتغل سكرتيرة
انفجر وسيم ضاحكا بمكر ليقول
- وماله لما نشجعها أنها تصعد سلم المجد لحد لما توصل لكرسيك يا باشا.

زفر معتصم بسخط شديد ليقول بصراحة شديدة معبرا عن استيائه
-هو انا مش هخلص منك
اقترب من حماه وهو يقول ببرود
- ما انت بس تديني الاشارة وانا هجيب عيلتي ونكتب الكتاب هواا
التفت نحو جيهان متوردة الوجه ليسألها بصراحة
- انتي رأيك ايه في كلامه
اخفضت نظرتها ورضا وهي تجيبه بصوت ابح
- اللي تشوفه يا بابا
لوي معتصم شفتيه وهو يدمدم بجفاء
- لا والبت مكسوفة وهي بتقولي
وضع وسيم يده على يد معتصم قائلا بتعجل.

- قولي انت بس امين وانا والله هتجوزها
القي نظرة نحو جيهان التي تخفي ابتسامتها ليصر مغادرا من الغرفة ليلحقه وسيم الذي يتبع خطاه، فتح باب مكتبه سائلا من الله الصبر كي ينتهي من رجلين لجوجين
التفت معتصم إليه ليقول إليه بحدة
- متبقاش يا ولد خفيف كده
ابتسم وسيم وهو يجيبه بنبرة ذات مغزى
- من حقها يا عمي انها تشوف سعي وحبي ليها وان فعلا محتجلها.

لم يخفي معتصم امتعاضه وشئ من الضيق يعتريه حينما يجد شاب يعرب عن حبه لأبنته، الأمر رغما عنه يجعله يستشيط في غضبا، غمغم بغضب
- لما نشوف يا خويا
صاح وسيم بتوسل
- انت بس اديني الموافقة، وهعمل حفلة خطوبتنا يا حمايا
هدر معتصم بحدة
- يا واااد براحه عليا، مش شايف اختها بترتبط بواحد اجنبي، استني اطمن عليها
جز وسيم على اسنانه، ليقول بنفاذ صبر
- يا عمي انا مش هستحمل استني كل ده
واجابة معتصم لم تثلج صدره.

- اللي مخليك مستحمل كل السنين، هتستحمل الفترة الجاية
عقد وسيم حاجبيه ليسأله بوجوم
- يعني ايه
اجابه معتصم ببرود شديد
- اصبر واتقل
***
الإضاءة هادئة
والحوائط بيضاء
جالسة بهدوء تنتظر انقضاء الوقت حتى ترى النتيجة
مررت فرح عيناها نحو الحوائط ثم عادت تنكس رأسها وهي تترك الاختبار جانبا
تواجه صراعا ضخما تحاول التهرب منه
هي لن تستطيع ابدا ان تواجه ما سيحدث بعد النتيجة.

لن تتحمل، وهي بالكاد تحاول الاستقامة على الارض دون حاجة مساعدة من أحد
عقلها يعيدها الى اخر جلسة خضعتها مع الطبيب النفسي
-لسة خايفة يا فرح
قالها الطبيب بهدوء وعينيه تتفحصانها بثبات شديد دون أن يرمش بجفنيه حتى يسمع جوابها الذي أتاه بعد فترة مترددا
-لأ
وهي تكاد تموت رعبا إذا عثر عليها، لكن جزء منها يخبرها انه لن يقترب
هو ما كان ليفعل فعلته الدنيئة تلك سوي وهو ما سيعقبه من نتائج.

انتبهت من شرودها على سؤاله الثاني
-بتهربي من مين
رفعت كفي يديها تتأملهما لتجيبه بأنهاك وهي تريح برأسها على مسند المقعد الخاص بها
-من نفسي القديمة
رأته يدون شيئا ما ثم عاد يسألها بمهنية شديدة
-ولحد امتي
انفجرت ساخرة وهي لا تكاد تصدق ان هذا ثالث طبيب تجربه وحتى الآن لم تجد شخصا تستطيع أن تبث لشخص همومها براحة
-لحد لما اطلع واحدة جديدة
رفع الطبيب رأسه وهو ينظر اليها بملامح غير مقروءة اتبعه قائلا بهدوء.

-المفروض تكوني متصالحة مع شخصيتك القديمة يا فرح وتتقبليها، كون انك تبني شخصية والأساس مش موجود، انتي كده بدمري نفسك
زفرت فرح بيأس شديد لتسأله
- والمفروض اعمل ايه
اجابها بسهولة شديدة
- تتصالحي مع ذاتك القديمة
انفجرت منها ضحكة ساخرة، اتبعها وهي تقلب عينيها بملل لتقول بتهكم
- وانت فاكر انه بالسهولة دي
اجابها بصراحة شديدة جعلت فرح تكاد تخبط رأسها في اقرب حائط من ردوده المستفزة
-مقولتش انه سهل.

رفعت عيناها للسقف تعد من واحد للعاشرة، كي لا تثور في وجهه لتقر باعتراف
- مش بتساعدني خالص
ابتسم الطبيب تلك المرة وهو يسألها بهدوء
- انا بحاول اعرف انتي عايزة ايه
فأجابته بدون تردد
-ابقي قوية
هز الطبيب رأسه ليعيد تدوين شيئا ما ليقول بنبرة ذات مغزى
-عشان تواجهيه
التمعت عيناه حينما استحوذ على انتباهها اخيرا، ليجد في عينيها التردد في البوح او الكتمان ليسترسل بهدوء
-مش شرط انك تواجهيه، المهم انتي.

عادت تضحك بسخرية وهي ترمقه باستخفاف من كلماته لتقول له
- بتقول كلام وبس يا دكتور، انتو سهل جدا تقول كلام مشجع بس مش بتساعدوا حد
ألقت ما جعبتها وهي تلتفت اليه بحدة لتستقيم من مقعدها قائلة
- لازم اواجهه
هز الطبيب رأسه وهو يسألها بنبرة فضولية
-هتستفادى ايه
رفعت رأسها بإباء شديد لتجيبه
- هرجع ذاتي اللي اتكسرت
تأمل الطبيب وحدق النظر في عينيها ليقول
- تفتكري كده ده الحل
هزت رأسها موافقة قبل أن تلتفت مغادرة غرفته.

- ايوا ده الحل
انتبهت على صوت المنبه الذي أعلن عن انتهاء وقت المدة، لتنتفض وهي تمسك بالاختبار تنظر الى نتيجته
اتسعت عيناها بجحوظ
وانفرج شفتيها بصدمة
لترمي الاختبار أرضا
وهي تضع يدها على ثغرها تكتم شهقتها
والدموع اتخذت مجراها للخروج..!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة