قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عندما يعشق الرجل لـ شيماء محمد الفصل 17

رواية عندما يعشق الرجل لشيماء محمد الفصل السابع عشر

حاول وليد أن يمنع نفسه كثيرا من التحرك والتوجه إليهما لكنه لم يستطع الصمود أكثر وتصاعد غضبه عندما رأى ذلك ال نزار يمسد بيديه على يدها فتحرك مبتعدا عن كرسيه بسرعة وتوجه إليهم ...انعكست مصابيح المطعم على جسده ووقف كالشبح أمامهم وعيناه تلتهب من الغضب ووضع يديه على الطاولة ناحية ايميلى ومال بجسده قليلا نحوها قائلا ببرود وسخرية واضحة فى صوته...مرحبا آنسة ايميلى ...أوه يا الله كم هى صدفة رائعة رؤيتكما.

رفعت نظرها إليه وعيناها تضيقان بشدة وتكسو ملامحها بعض الذهول من وقوفه أمامها وحضوره إلى هنا ...ابتسم نزار ابتسامة جانبية وهو يتابع نظرات هذان الاثنان ...فتح وليد زر بذلة سترته وشد الكرسى وجلس بينهما فى المنتصف قائلا بانزعاج وأسف كاذب ...آسف أن كنت قطعت عليكما العشاء ...لكن حقا رايتكما فأحببت أن ألقى عليكما السلام واتشارك معكما العشاء أن كنتما لا تمانعان بالطبع ...فأظن انكما تتحدثان عن العمل ...أم إننى قطعت خلوتكما قالها بمكر
"كاذب"قالها نزار فى نفسه فهو متأكد أن وليد تعمد الحضور أو ربما كان يعلم باجتماعهما هذا ...وما هو متأكد منه أكثر أن وليد لن يسمح له بالاقتراب مجرد أنملة من ايميلى لكنه أحمق لا يعلم بأن الفتاة بالفعل قد صدته ...ربما ايميلى تكن له مشاعر بالفعل لكن هل حقا هو يحبها أم أنه يتلاعب بها ولا يستحق أن يقترب من ايميلى يعلم أن وليد زير نساء كما يقولون سمع عنه الكثير رغم أنهما لا يتقابلان كثيرا إلا أن وليد مثل الأسد إذا أراد شيئا يحصل عليه ...طلبوا شراباً بارداً بعد الانتهاء من تناول الطعام والصمت يعم بين الثلاثة وكلا منهم ينظر إلى الآخر نظرة جانبية ...تحركوا مبتعدين عن الطاولة وتوجه نزار لدفع الفاتورة بنفسه ووليد لم يحاول منعه أو حتى عرض دفع الفاتورة هو ...حقا أنه بخيل قالها نزار فى نفسه ...يستطيع دفع كل أمواله بصدر رحب. ...لكن ما أن رأى ابتسامة وليد اللامبالية التى استفزته كثيرا جعلته يتمنى لو يذهب إليه ويقول له بتشفى. ...اذهب وادفع ثمن عشاءك بنفسك ألا يكفيك انك جعلت العشاء كارثياً بحضورك ونظراتك لايميلى وفوق كل هذا قطعت علي عشاءى الهادئ معها لربما كان حصل على نظرة أمل فى عيناها أنها ربما تفكر فيه يوما ...دفع الفاتورة على مضض وذهب وراءهما. ...رأى كلاهما واقفان فى موقف السيارات حيث تصطف السيارات ووليد يضع إحدى يديه فى جيب سترته ينظر إلى ايميلى بجرأة ...اقترب منهما ووقف قبالة ايميلى قائلا بهدوء ...هيا لكى أقوم بايصالك آنسة ايميلى فنظر إليه وليد بغضب مكتوم وقال بنبرة حادة حاول أن تكون هادئة ...لا داعى أن تتعب نفسك سيد نزار ...الآنسة ايميلى سأقوم بإيصالها بنفسى فهناك موضوع أريد أن أتحدث به معها...قالها وهو ينظر إليها وعيناه تلمعان مكرا وتشفى...فنظرت إليه بتساول فهتفت بحدة لم تقصدها. ...ما هو الموضوع الذى تريد أن تتحدث به معى ...فقال بعدم اهتمام ...أنه بخصوص العمل ...لذا لا تقلقى ستعلمى عاجلا أم آجلا ...

فاخفضت رأسها ثم رفعتها إلى نزار وماكادت تنطق حتى بادرها بالقول وابتسامة على ثغره ...حسنا لا داعى سأذهب أنا ثم اقترب منها وأمسك يدها وهو يلثمها برقة قائلا بخفوت ورقة ...تصبحين على خير ...سارت قشعريرة فى جسدها وشعرت بوجنتيها اصبحتا حمروتان من الخجل. ...على عكس وليد الذى تصاعد الغضب إلى وجهه جعله مسودا للغاية ...ثم انسحب نزار بهدوء ونظرات ايميلى تتبعه ...أشار وليد بيديه حيث سيارته قائلا بهدوء ...هيا لكى نستطيع التحدث ...
اشتدت قبضة يديها على الحقيبة التى بين يديها حتى قالت بقوة ...يمكنك التحدث هنا ...لن أصعد لسيارتك
-ايميلى لا تخرجينى من تحضرى...قالها وهو يغمض عيناه مصتكا على أسنانه ثم تابع وهو يزفر بقوة ...لذا من الأفضل لكى أن تتبعينى بهدوء وإلا لن تعرفى ما الذى سافعله بكى
-كيف تتجرأ على التحدث معى هكذا ..لن أصعد سيارتك ...قالتها بغضب عاصف ...
لوى فمه وحاجبه يرتفع ثم اقترب منها وأمسك بمعصم يدها بقبضة فولاذية قوية ومؤلمة فى نفس الوقت لها مما جعلها تصرخ لكنه وضع يده الأخرى على فمها وقبض على جسدها وهو يضع يد على فمها وأخرى تمسك بيديها الاثنان ...وحركها بعنف حتى وصل إلى سيارته الفارهة وادخلها بعنف قاومت بكل قوتها لكنه كان اقوى منها ادخلها للسيارة ثم أغلق بابها بقوة وتوجه حيث مقعد السائق بسرعة وغضب ...ما أن صعد للسيارة حتى حاولت أن تدير مقبض السيارة وتخرج لكنه قام باغلاقها من أزرار السيارة وقبض على كلتا يديها بيد واحدة واليد الأخرى كانت تدير السيارة منطلقا بأقصى سرعة ...صرخت بقوة لكنه لم يبالى بصراخها...أوقف السيارة بسرعة من شدة صراخها والتفت إليها قائلا بحدة ...لماذا تصرخين
فصرخت فى وجهه قاءلة ...لماذا أصرخ ...هل أنت مجنون ما الذى تفعله الآن. ...
أغمض عيناه وقال بهدوء ...حسنا فلنتحدث بهدوء ...ايميلى تعلمين أن طريقتك تلك فى ايغاظتي ليست صحيحة ...
رفعت إحدى حاجبيها وقالت بتهكم. ...اغاظتك هل جننت. ...نظر إليها بنصف عين ثم عدل من نفسه وقاد السيارة غير مهتم بها ...حتى وصلا أمام باب منزلها وما كادت تدير مقبض السيارة لتخرج حتى وجدت يده تمسك بمعصمها فالتفتت إليه بتساول فقال بهيام ومكر ...انتى مثلى تماما تشعرين بالانجذاب الذى بيننا لماذا تكابرين...لماذا لا تشعرين بى...بلعت ريقها بخوف وهى تراه يقترب منها يحاول أن يقبلها شعرت بأنفاسه الساخنة وهو يقول قرب شفتاها...اجعلينا نستمتع وبعد ذلك فلنفكر فى أى شئ ...اقترب حتى أوشك فمه أن يلتقط شفتاها لكنها أبعدت جسده عنها بيديها وهى تصرخ قائلة ...لا ...ثم أدارت مقبض باب السيارة وخرجت وهى تلعن بخفوت...
قبض بيديه على المقود وهو يشتم ...هل اخطاء بفعلته تلك ...لكنه أرادها نعم ارادها ويجب أن يحصل عليها ...من هذه التى تقف فى وجهى ...ستاتين إلى شئتي أم ابيتى بقدميكى ...أخرجه من تفكيره رنين الهاتف الذى أخرجه من جيب سترة بذلته ثم وضعه على أذنه وهو يقول بفرح ...مرحبا أخى الكبير اشتقت إليك حقا
-فأتاه الصوت الآخر ضاحكا ...حقا لو كنت اشتقت إلى لكنت أتيت لرؤيتى. ...أم أن فتيات لندن تمنعك
فتنهد وليد تنهيدة طويلة جعلت أخاه يسمعها و يعقد حاجبيه باستغراب قائلا بنبرة متسائلة ...ماذا بك يا وليد ...

-هناك فعلا فتاة تستعصى على أخاك ...أنها عنيدة جدا وجميلة جدا وقوية جدا ...قالها بتنهيدة
فضحك أخاه بخفوت ...إذا ما المشكلة
لوى وليد فمه ...المشكلة أنها صعب الحصول عليها ...فهى على مايبدو شخص لا يرتبط إلا بالزواج ...وكما أنت تعلم اخاك لا يمكن فى يوما من الأيام أن يتزوج ...
-لماذا يا وليد ...لماذا لاتتزوج فربما هى فتاة مختلفة عن من قابلتهم سابقا ...ألا تتمنى أن تكون عائلة سعيدة ...
فقاطعه وليد بسرعة ...أنت من تتحدث عن الزواج والاستقرار ...أفعلها أنت اولاوتزوج فأنت الأكبر ..ثم تابع بمكر ...وحينها سافكر فى الزواج ...
فزمجر أخاه هاتفا باحتقان. ...أخى الأكبر أخى الأكبر ..حقا تحتاج إلى صفعة قوية على وجهك لكى اجعلك تتذكر أن ما بينى وبينك هو عام واحد أيها الغبى. ...ثم هدأت نبرته قائلا. ...أما بالنسبة للزواج فأنا لم أجد المرأة المناسبة بعد ...من يدق لها قلبى حقا ...فأنا لست مثلك اركض وراء الفتيات بل هن من يركضن وراءى. ...هل فهمت ...قالها بغرور...ومن ثم أغلق الهاتف دون أن يستمع لكلمة من وليد ...أبعد الهاتف عن أذنه وهو ينظر إليه ببلاهة تبعتها ضحكة مجلجة. ...حقا أنه لن يتغير ...قالها وهو يدير السيارة منطلقا بسرعة ...يفكر كيف يستطيع إيقاع تلك الشرسة الصغيرة ...
أغلقت ستار النافذة الكبيرة بعد أن كانت تراقب وقوفه وعدم ذهابه مباشرة عندما دفعته بقوة وهو يحاول تقبيلها. ...حتى وإن كانت تكن له القليل من المشاعر فهذا لا يعنى أن تخضع وتستسلم له ...رغم أنها متأكدة أنه يتلاعب بها لكنها لا تستطيع حقا أن تمنع نفسها كما قال من الانجذاب الذى يحدث بينهما ...وخير دليل على ذلك هى رفضها لمشاعر نزار نحوها ...هى لا تستطيع أن تفكر فى رجل غيره ...لكن لماذا هو بالذات من بين كل الرجال قالتها بأعين حائرة وهى تدفن وجهها بين راحتى يديها الباردة ...

ترجل من سيارته وجسده متصلب بشدة ما ان فتح السائق باب السيارة الخلفى له ووجهه مكفهر من الغضب ...وجبينه وحاجبيه منعقدان بشدة وعيناه تنظر بحدة لكل من كان يقابله من موظفيه الذين كانوا يحيونه برسمية وبشاشة لكن ما أن يلمحوا نظراته وجبينه المنعقد وعيناه التى تنم عن غضبه حتى تتغير ملامحهم إلى التساول فقليلاً جداً ما يكون رئيسهم بهذا الشكل ...ركب المصعد حتى وصل إلى الطابق الاخير حيث غرفة مكتبه خرج منه ...ما أن رأته سكرتيرته حتى همت واقفة باحترام منتظرة أن يبتسم لها كالمعتاد حتى وان كان لم ينطق بكلمة حينها ...لكن هذه المرة لم يفعلها بل كان وجهه يوحى بمزاجه السئ الذى لن يكون جيد اليوم ابداً ...بلعت ريقها داعية الله أن يمر اليوم بسلام فهى أول شخص ينال من غضبه عندما يكون بهذا المزاج ...تنهدت بقوة وامسكت الأوراق بين يديها وابتعدت عن مكتبها ووقفت أمام باب غرفة مكتب الرئيس عدلت من هيئتها وأخذت نفسًا عميقاً ثم أخرجته بهدوء تحاول أن تكون قوية وشدت علي قبضة يديها في محاولة بائسة منها لدعم روحها الخائفة و الشد من ازر نفسها ثم ارختها وبعدها بدأت بدق الباب دقات خفيفة وعلى وجهها ابتسامة عريضة ...لم تستمع لرده فدلفت هى بهدوء ...اقتربت منه بخطوات مدروسة حاولت أن تكون ثابتة ثم وضعت الأوراق أمامه بهدوء ...فلوح بيديه لها علامة الانصراف فخرجت بسرعة وأغلقت باب المكتب وزفرت بارتياح ...انتفض جسدها بخوف ما أن سمعت صوت التكسير بالداخل ...وهى تتمتم بخوف وتذمر ويديها على خدها بقلة حيلة ...من هذا الذى اغضبك وجعلك بهذه الحالة وما ذنبى أنا ...لقد كنت جيدًا الأيام الفائتة ما الذى حدث لكل هذا ولماذا أنا من تنال من غضبك وتبقى فى هذا الخوف ...

-هل جننتى...تتحدثين مع نفسك ...قالها ماجد باستغراب
فزفرت الأخرى بقوة وقالت وهى تقترب منه ...الرئيس ليس بخير ...مزاجه سئ للغاية ...
التفتا الاثنان نحو الباب ما ان سمعا صوت الأشياء التى تكسر بالداخل ...عقد ماجد حاجبيه بشدة ...فقالت هى بسرعة ...هل سمعت ...أرجوك أفعل شئ ...أنه ليس بمزاج جيد ابدًا...دلف ماجد إلى المكتب مباشرة فوجد سيف يقف أمام النافذة وظهره متصلب بشدة ويديه فى جيبه ...
-ماذا بك ...هل حدث شئ ...سأل ماجد
فالتفت سيف بجسده وهو يهتف بقوة ملقيا بعض الأوراق على المكتب بقوة ...تبا ...هذا ليس وقتها ...
-ماذا ...ما الذى حدث ...ومن هذه ...هتف بها ماجد بهدوء
جلس سيف على كرسى مكتبه ودفن وجهه بين يديه يحاول أنها يتمالك نفسه وإلا يخرج غضبه على صديقه ...دينا ...
رفع ماجد حاجبه وصمت منتظرا من صديقه ان يتابع ...فتابع سيف بصوت منخفض ...دينا أرسلت العقود التى تمتلك من خلالها الشقة وذلك المحل ...
-إذًا ما المشكلة
-المشكلة أنها لا تعرف ان أسامة هو من قام باعطاءها كل شئ وأنا كنت أقوم فقط بما كان يطلبه منى ...ثم جلس مرة اخرى على كرسيه قائلاً بحدة. ...لدى ما يكفينى وأنا لا أريد أن اتدخل بين هذان الاثنان ...
هدأه ماجد قائلا. ...لا تقلق ساتصرف أنا ...ولكن لا أظن أن هذا ما يزعجك ...هل هناك شئ آخر يجعلك بهذه الحالة ...
-لا ...لا شئ قالها سيف وهو يبعد وجهه عن صديقه ...تنهد ماجد مطولا ثم خرج من المكتب فهو يعلم أن صديقه لن يتفوه باى شئ طالما هو بهذه الحالة ...من الأفضل أن يتركه قليلاً وبعد ذلك سيتحدث معه ...لكن الأهم الآن بالنسبة له هو الذهاب إلى دينا ...ليعلم سبب كل هذا منها ...ولماذا كل هذا فجأة ما ان خرج ماجد حتى دفن سيف وجهه بين يديه
...وما زالت كلماتها تردد فى أذنه ...ما أن لمح ضوء الشمس حتى تحرك مبتعدا عن السرير بدل ملابسه وخرج. ...لا يعرف كيف استطاع النوم بجوارها ليلة أمس...طيلة الليل وعيناه لم تذوق طعم النوم ...يفكر فى كلماتها التى كالسين فى جسده ...حتى وإن كان مغصوبا على هذا الزواج وهى مثله كذلك ألا أنه شعر بجرح شديد فى قلبه ...هل أصبح يكن لها مشاعر وكيف لا يفعل وهى زوجته شرعا ...كيف استطاعت نطق تلك الكلمات بلسانها حقا أنها امرأة تحتاج إلى التهذيب ...ويجب عليه ان يضع حدا لكل هذا قالها بتصميم. ..

 

مسحت بيديها قطرات المياه التى تجمعت على مرآة الحمام وهى ترى انعكاس صورتها بها ثم مررت بيديها على بشرة وجنتيها القمحية وبعض النمش مرسوم عليها ...وهى تلاحظ شحوبة وجهها أهو بسبب إرهاقها أم لأن آثار تقدم العمر بدأت تظهر عليها ...نعم فهى لم تعد صغيرة حتى أن بعض الشعيرات الرمادية تظهر على فروة رأسها قالتها وهى تمرر يديها على شعرها الكستنائي ... فتنهدت بضعف وهى تذكر نفسها بأنها يجب أن تذهب إلى صالون التجميل لتصبغ شعرها قبل أن تنتشر تلك الشعيرات أكثر ...لقد أصبحت فى منتصف الثلاثين ...من فى مثل عمرها الآن وربما أصغر منها لديه طفلان أو ثلاثة ...وهى بقت وحيدة بدون أنيس أو سكن أو حتى طفل يجعلها تتحمل وحدتها القاتلة تلك ...عندما كان يأتي سيف إليها لم يكن هو الوحيد من يحتاجها بل هى أيضا احتاجته حتى وإن كان ياتى كل فترة إلا أنها كانت سعيدة عندما تشعر بأنفاسه الساخنة فى شقتها التى امتلأت بالبرودة ...يعيد إليها الدفء الذى فقدته منذ زمن ...لن تكذب او تخدع نفسها وتقول أنها أحبت سيف لكنها كانت تحتاجه تحتاج إلى رجل تحتمى خلفه عندما تكون خائفة او إلى حضن دافئ يحميها برد الشتاء القارس الذى لم تعد تحتمله ...لقد أصبحت تخاف الشتاء بوحدته وبروده ...بعد سفر أسامة وموت والدها و فقدانها لكل شئ لم تجد غيره من تحتمى به أول شخص مد لها يده أول شخص أخذها بين أحضانه ...أهذا حقا هو الحب يا دينا...أيتها الحمقاء هو لم يفعل كل هذا لأنه أحبك لقد ساعدك باسم الصداقة وخير دليل على ذلك هو عدم التفاته لكى عندما تزوج فهو لم يسأل عنك ...لقد انتهى كل شئ وانتهت قصتها مع سيف يجب أن تبدأ حياتها بعيدا عن أى شئ ...انكمشت ملامح وجهها ومقلتيها امتلاتا بالدموع وهى تتذكر أسامة وهل هى حقا نسته لقد كانت تتذكره فى كل معنى لطيف ورقيق ...لم تستطع أن تكره يوما أحبته بكل كيانها لكنه تركها تركها ولا تستطيع أن تسامحه لابتعاده عنها كل هذه السنين ...لم تعتقد أنه سيعود ويفتح جروحها مرة أخرى ...لقد ودعت الهوى منذ ان تركها ...ضمت جسدها بيديها تحاول تدفئة جسدها البارد ...خرجت من الحمام وهى تستمع لرنين هاتفها الذى يأبى السكوت امسكته وهى تعقد حاجبيها عندما رأت المتصل فوضعت الهاتف على اذنها حتى قال الصوت ما ان انتبه لردها. ...دينا أريد مقابلتك
-لماذا يا ماجد ...
-هناك شئ أريد أن أتحدث به معك لذلك ما رأيك ان نتقابل فى مطعم (...)خلال ساعة
رفعت حاجبيها وهى تستمع لكلماته الأخيرة التى انتهت ب سأنتظرك لا تتاخرى ...أغلقت الهاتف وهى تتسال عن سبب رغبته برؤيتها ...اتجهت حيث دولابها وأخرجت بنطالا رماديا وقميصا اسود ..

 

منزل محمود السيوفى...
انتفض من نومه وهو يستمع لصوت دقات الباب المتلاحقة التى تكاد تكسر باب الغرفة وعيناه تضيقان بشدة لكنها سرعان ما لانت...عندما رأى وجهها الغارق فى النوم وجسدها يقبع بين يديه بسلام بدون دفع او غضب منذ ليلة أمس ...عيناه ذاقت النوم بعد عذاب طويل وهو يقاوم مشاعره المتأججة من رغبته الشديدة فى تقبيلها وعناقها بشدة ...عادت الدقات المتتالية على الباب مرة أخرى فتأفف بغضب وهو يراها تستيقظ لكن الابتسامة عادت إلى محياه وهو يرى مقلتيها تتفتحان كالزهرة التى على وشك التفتح ما ان فتحتهما حتى رأى ذلك البحر الذى أسر قلبه وجعله عاشقا له ...يا الله سيصاب فى يوما من الأيام بسكتة قلبية من رؤيته لها هكذا ...لقد أصبحت مرضه الذى لن يشفى منه وكذلك دواءه لكل شئ ...رآها وهى تفتح عيناها وتغلقهما تحاول استيعاب ما يحدث حتى أبعد رأسها عن يديه بابتسامة وتحرك من السرير بتذمر يلعن من قطع عليه صباحه هذا حتى قال الطارق بغضب مكتوم ...يا مالك ...يا نور عينى والدتك استيقظ أنها الثانية عشر إلى متى ستنام هكذا ...فلوى فمه فما كان الطارق غير والدته السيدة كوثر ...وما كاد يدير مقبض الباب حتى تسمر مكانه وإلتفت إليها بذعر هاتفا بصوت منخفض ...والدتى
فرفعت أحد حاجبيه بتهكم وما زال آثار النوم على وجهها فاقترب منها مرة أخرى هاتفا بارتباك ...أمى بالخارج ...
-وما شأني أنا ...هتفت بها ريم غاضبة
فأشار إلى فستانها قائلا ...انتى ترتدين ثوب الزفاف ...اذهبى بسرعة إلى الحمام قبل أن تراكى هكذا ...فهى لن تمر الأمر بسهولة ...قالها وهو يلتفت مرة إليها ومرة أخرى إلى الباب الذى لم تتوقف والدته من الدق عليه ...فامسك بيديها بسرعة وهو يقول بهدوء ...هيا بسرعة ...فأدخلها للحمام وأغلق بابه وعدل من قميصه البيتي الأخضر واتجه حيث الباب فاتحا إياه بابتسامة عريضة ...
دلفت والدته مباشرة إلى الغرفة وعيناها تتجول فى الغرفة بعد اهتمام ثم التفتت إلى مالك وهى تقول بسخرية واضحة فى صوتها...أين العروس
فسعل بخفوت وقال بهدوء ...تبدل ملابسها ...
فرفعت أحد حاجبيها وقالت بحدة ...حسنا يكفيكما نوما...هل ستظل نائمة بدلاً من أن تستيقظ وتساعدنى تنام ثم تابعت وهى تضع يدهاعلى وجهها مدعية البكاء ...ألم تقل لى أنك ستتزوج فتاة تساعدنى ...فقربها إليه وقال وهو يقبل رأسها ...بالطبع ستساعدك ومن غيرها سيفعل ... فأمسكت بيده وهى تسحبه ورائها قائلة. ...حسنا هيا لكى تتناول الفطور ...فقاطعها مالك بحنو. ...لا داعى س...فقاطعته بسرعة وهى تسحبه ورائها مرة أخرى ...لا تقلق هى ستأتي خلفنا ...هيا ومن ثم اخذته وخرجت ...
بعد ثوانى خرجت ريم من الحمام وهى ما زالت بفستانها الأبيض تراقب الباب الذى خرج منه زوجها ووالدته ...جلست على طرف الفراش تنظر حيث موضع قدميها بحزن ...هل هى ستكون مجرد خادمة لوالدته ...كيف ستكون حياته فى هذا المنزل ؟
تنهدت بقوة وهى تخرج عباءة من الدولاب ثم توجهت نحو الحمام مرة أخرى ...بدلت فستانها بعباءة بيضاء واسعة مطرزة اوصتها جدتها بارتدائها ...لذلك ارتدتها تحسبا لمجئ جدتها فى اى وقت ...فهى لا تريد جدال معها ...وجلست على كرسى طاولة الزينة
دلف إلى الغرفة ثم أغلق باب الغرفة بقدمه وهو يحمل بين يديه صينية مرتص عليها أصناف من الطعام بعد جدال طويل مع والدته بأنه اليوم فقط سيتناول مع عروسه الإفطار فى غرفتهما ...وما كاد ينطق هذا حتى اشتعلت غضبا وهى تنهره بقوة إلا يقوم بتدليلها هكذا حتى لا تتمرد عليه وسيكون مثل الخاتم فى إصبعها...لذلك يجب أن يكون شديداً معها ويريها قسوته فى يوم زفافهم الأول ...طال الجدال بينه وبين والدته فتركها بهدوء بعد أن قبلها على رأسها لعلها تهدأ فهو يعلم جيداً بحبها الشديد له
...راءها تجمع شعرها فى عقدة قوية ...
فقال بابتسامة بعد أن وضع الصينية على الطاولة الصغيرة ...ما الذى تفعلينه
نظرت إليه بسخرية من خلال مرآة الزينة وقالت بعصبية لم تقصدها. ...مثلما ترى
بلع بصعوبة عصبيتها وطريقتها تلك فى التعامل معه وقال بنبرة محبة ...حسنا تعالى لكى تتناولى الفطور ...فقالت وهى تبتعد عن كرسى طاولة الزينة وهى تغطى شعرها بطرحه وردية اللون تدارى شعرها بأكمله تحتها فعقد حاجبيه بشدة وشدد من قبضة يده وقال بغضب مكتوم وهو يرى فعلتها ...ما الذى تفعلينه
فردت بفتور. ...ما هو الذى أفعله ...
فاقترب منها وهو يضع يده على رأسها ثم رفع بيده الأخرى تحت ذقنها يرفع وجهها لكى تنظر إليه فتتقابل عيناهما...فقال بألم فى صدره وحزن فى عيناه وهو يراها قريبة منه لكنه يعلم أن الوصول إليها أصعب من صعود الجبل ...لماذا تخفين نفسك عنى ...لماذا تحرمينى من رؤية جمالك الذى سحرنى منذ أن رأيتك ...فبلع ريقه بصعوبة وهو يتأمل وجهها عيناها الزرقاء أنفها الصغير وفمها الورى المكتنز ...حاول أخذ أنفاسه لكنه لم يستطع غير أن يقرب رأسه منها لعله ينال من شفتاها ... لكنها ابتعدت عنه بسرعة وقالت بعصبيتها المعتادة ...لن أتناول شئ لست جائعة
وتوجهت حيث السرير ...
فظهرت شبح ابتسامة على وجهه رغم حزنه من عدم قدرته على أن ينالها ... وجلس على الأريكة التى فى الغرفة وبدأ فى تناول الطعام الذى سقطت فى جوفه كالحجارة...

 

توجهت حيث المطعم الصغير الملحق بالشركة ...فاحضرت من هناك كوب من القهوة لعلها تعيد إليها نشاطها فهى لم تنم جيداً ليلة أمس وأيضا كانت ليلة زفاف ريم مرهقة بسبب مساعدتها لها...وقفت أمام أحد الشرف الموجودة فى الطابق الثالث للشركة وهى تنظر إلى الغيوم البيضاء التى تسبح فى السماء فضحكت بخفوت وهى تتذكر نفسها عندما كانت صغيرة تتخيل هذه الغيوم على شكل قطة أو كلب وربما أحيانا كثيرة كانت تتخيلها على شكل مخلوقات عجيبة ليس لها وجود ...عندما كانت صغيرة كانت تمشى وهى تنظر إلى السماء ولا تبعد نظرها عنها حتى أنها وقعت مرة فى بركة من المياة الممتلئ بالطين ووالدها قام بتانيبها بشدة فى ذلك اليوم ...
ارتشفت القليل من كوب القهوة القابع بين يديها و عيناها تتغيران نظراتهما إلى حزن وشرود لما حدث ليلة أمس ...بعد الشجار الذى حدث فى الزفاف بين المدعوان كاسر وأدهم خرجت نور من القاعة تحاول استنشاق بعض الهواء كانت الأجواء مكهربة للغاية رغم أن سيف بدى صارماً للغاية ...وبينما هى كانت تقف شعرت بمن يعانق ظهرها من الخلف بشدة ارتعبت وذعرت فابعدته عنها بسرعة
جحظتا عيناها وهى ترى مازن أمامها فقالت بحدة رغم المفاجأة ...مازن ...
-نعم مازن ...اشتقت اليكى يا نور ...قالها بشوقاً جارف وهو يحاول التقرب منها مرة أخرى
-ابتعد عنى ...إياك أن تقترب منى ...قالتها بفتور وقسوة
-وما بيننا يا نور
- أ بيننا شئ...لم يعد بينى وبينك شئ...أبتعد قالتها بصراخ ودموعها تترقرق فى مقلتيها
وضعت يدها المهتزة على عيناها تحاول أن تمنع دموعها من السقوط ...فضمها إليه عنوة وانفاسه تلفح بشرة رقبتها وهو يردد بحب جارف ...
-أحبك ...أحبك ...أحبك يا نور
كانت كلماته وأنفاسه كالنبيذ الذى يجعلها كالسكير بين يديه بدون إرادة او قوة حاولت الابتعاد ...لكن أنفاسه كانت أقوى منها تمنعها الابتعاد لثوانى وربما لدقائق
-سأترك هايدى ...واتزوجك ...أنا أحبك
كانت هذه الكلمات بمثابة دورق الماء الذى إيقظها من غفلتها وخمورها بين يديه ...فتح عيناها بسرعة وحاولت ابعاده عنها حتى نجحت فى ذلك ...
هتفت بقوة لم تكن تشعر يوما بأنها تملكها
-ابتعد عنى ...وإياك ان تقترب منى مرة أخرى هل فهمت ...وابتعد من امامى حالاً ...او قسما سأصرخ وأجعل كل من فى هذا الحفل يلقونك درساً لن تنساه طيلة عمرك ...ابتعد وأذهب إلى زوجتك ...وإياك ان تقترب منى مرة أخرى ...هتفت بتحذير وهى تعطيه ظهرها ...
جحظتا عيناه وهو يراها لأول مرة هكذا ترفض حبه لها ... لكنه تحرك مبتعدًا وهو مطأطأ الرأس
هاوت بجسدها وجلست القرفصاء تضم قدمها إليها تتساءل بخفوت وألم ...لماذا يحدث لها ذلك ...لماذا عندما أحبت شخصا تركها وفعل بها هذا ...نزلت دموعها حارة على وجنتيها ليست رثاء على ترك مازن لها لأن المرأة تحب فى لحظة وعندما تكره تكره أيضا فى لحظة ...وهو لم يعد له وجودبقلبها ...لكن تبكى خوفا من عدم إيجادها لذلك الذى يسمى حبًا...هل ستجد من يحبها حقا ...قالتها فى نفسها وهى تنظر إلى السماء وغيومها التى تنذر بقدوم الشتاء ...
لم تكن تشعر بذلك الواقف على بعد خطوات منها يحترق شوقا لعناقها...لكن ما رآه ليلة أمس جعل قلبه قاسيا بعد ان كسر وينعى حبه لها ...رآهاوهى خاضعة مستكينة هادئة بين يدى حبيبها الذى تركها بعد ان جرحها ...لم يستطع الوقوف ومشاهدته عناقه لها ...قلبه لم يتحمل فهرب بعيداً ينعى حظه ...
يبدو أنها ما زالت تحبه ...او ربما حقاً قد حدث بينهما أكثر من ضمة يد او قبلة ...نعم فقد قالها مازن ولا يمكن أن يكون قد قالها هكذا ...نعم قلبها وجسدها كان ملكا لمازن فقط ...وهو يجب عليه الابتعاد ...نعم فحبك الصامت لها يجب أن ينتهى وتبتعد ...قالها بقوة ...عندما خرج ورائها ليلة أمس وجد ان الفرصة سانحة له لكى يتحدث معها ولكنه وجد مازن يعانقها وهى تبكى شوقا وحزنا على فراقه لها ...لقد كانا ملتحمان كالجسد الواحد ...شعر بغصة مريرة فى قلبه ولم يستطع الوقوف أكثر وهرب يحاول أن ينعى قلبه ونفسه على حبها الذى لن يكون يوما له ...
سأرحل...نعم يجب ان أعود يكفينى بقائاً هنا ...قالها بعزم وملامحه تنطق بصمت لما يجول فى نفسه ...

 

جلست على كرسى الطاولة فى ذلك المطعم كما قال لها ماجد ...وهى تمرر إصبعها على كوب العصير الذى أمامها وتنظر إليه تارة وتارة أخرى تنظر إلى باب المطعم ...حتى التقطت أذنها بعض الهمهمات والهمسات من الطاولة التى خلفها يتحدثون عن حفل زفاف أحد أفراد عائلة السيوفى وما حدث ليلة أمس وعن زوجة حفيد سليمان الحسينى التى تقول للقمر قف وأجلس مكانك تحدثوا عن جمالها وأناقتها حقا تستحق أن تكون زوجة لسيف ...والبعض الآخر تحدث عن أجواء الحفل المنمقة والعظيمة وكأنه كان زفاف لأحد الملوك والعروس التى كانت غاية فى الرقة والجمال والأنوثة ...وأيضا بدأوا يتطرقون إلى المشاجرة التى حدثت أمس ...انعقد حاجبى دينا بقوة وهى تستمع لكلمة مشاجرة ...هل يمكن أن يكون سببها سيف ...لكنهم ذكروا اسم كاسر ...نعم هى تعرفه لقد سمعت هذا الاسم من قبل تقريبا أنه كاسر إمام الحسينى ابن عم ريم ...سمعت من قبل أنه شخصًا جالبًا للمشاكل ...
شعرت بالظل الذى يقترب منها ويجلس قبالتها فعلمت أنه ماجد ...فقال ببشاشة. ..
-كيف حالك دينا؟
-بخير قالتها بهدوء ...ثم تابعت وهى تنظر إليه ...حسناً ماذا هناك ...
فضحك بخفوت وقال ...حسنًا ...ما هذا الذى فعلتيه علمت جيداً أنه يقصد أوراق الملكية للشقة والمحل ولكنها ردت بهدوء ...ما الذى فعلته
-تعلمين جيدا ما أقصده قالها وهو ينظر إليها بتركيز
أخذت نفسا عميقا ثم قالت وهى تمرر بسبابتها على أطراف الكوب ...ما فعلته يا ماجد ...كان يجب ان أفعله منذ زمن ...لقد أرسلت له ما هو ملكه ...وأيضا شكرته على ما فعله معى ...قالتها بابتسامة ...ثم تابعت بهدوء ...وأيضاً أنا لم أعد صغيرة لقد كبرت و آن الأوان لأن اعتمد على نفسى
فزفر بقوة قائلا. ...وكيف ستعتمدين على نفسك
شعرت بالسخرية فى صوته لكنها سرعان ما بلعتها وقالت بابتسامة ...سأبحث عن عمل فى أي مكان ...ساعتمد على نفسى وأترك الشقة أنها كبيرة على للغاية وقد وجدت شقة تناسبنى ...وسانتقل إليها قريباً
سخر بقوة وهو يهتف بغضب ...ماذا ...إذا أنتِ كنتِ تخططين لكل شئ منذ البداية ...
نظرت إليه بقوة وهى تنهره بعيناها من صوته العالى الذى جعل من حوله ينظران إليهما ...فخفض من صوته وقال ...دينا فلنتحدث بتعقل هل تعتقدي أن ما ستفعلينه صحيحا ...أنه أكبر خطأ ...كيف ستعتمدين على نفسك وهل يوجد أحد غيرنا بجوارك ليساعدك
كلماته أحزننها فخفضت رأسها بحزن ...مرر ماجد يده على وجهه وهو يؤنب نفسه على ما لفظه ...أخذ نفسا عميقا وهو يقول
-دينا نحن أصدقاء منذ فترة طويلة وربما أيضاً أكثر من ذلك ...لذلك ارجوكى لا تحزنى أو تغضبى من كلماتى أنتِ بالنسبة لى أختى وصديقتي ...لذلك كان قرارك هذا من أن تبتعدى عنا خطأ ...وإياكي أن تعتقدي أن ما فعله أيا منا معكى شفقة أو إحساناً لا بل لأننا أخوة ...
-أفهم جيداً كلماتك هذه ولكن حقا أنا بحاجة إلى الابتعاد ...بحاجة أن اعتمد على نفسى هل تفهمني يا ماجد ...أريد أن أصل إلى ما أريده بدون مساعدة أحد ...قالتها بتصميم
-أفهم كلماتك وشعورك جيداً ...لكن حسب ما اخبرتنى به أنتِ لم تجدى عمل بعد ...ما رأيك أعرف إمراة كانت تعيش بالخارج منذ مدة وعادت إلى القاهرة منذ فترة ...وهى تريد أن تبدأ عملها الخاص وتبحث عن أحد ما ليشاركها فى مشروع صغير أيا كان ...ما رأيك أن أتحدث معها
-ماذا قالتها بتساؤل
فرد بسرعة ...لا تقلقى. ...أنا اعرفها أنها امرأة رائعة وهى تبحث عن أحد لديه خبرة ...ارجوكى لا ترفضى طلبى اشعرينى بأننا ما زلنا أخوة وأصدقاء ...قالها برجاء
- حسناً. ...قالتها بقلة حيرة
فرد بسرعة وفرح ...حسنا ما رأيك أن أحدد موعد معها وتتقابلان غداً أو اليوم أن أرد
-ماذا بهذه السرعة
-نعم أنها تبحث عن شريك منذ أن أتت
-لا فلتجعله غداً ...سيكون أفضل ...قالتها بهدوء وابتسامته تتسع أكثر
جلسا قليلاً يتحدثان إلى أن استأذنت منه وغادرت
بعد مغادرتها بدقائق اقتربت منه امرأة ترتدى فستانا أسود طويل و ما زالت تحمل رونق الشباب رغم سنواتها ترافقها خادمتها البدينة كظلها...جلست على الكرسى الذى كانت تجلس عليه دينا تقول وهى تبعد نظارتها الشمسية عن عيناها ...حسنا أخبرني بما حدث
فضحك بخفوت قائلا ...هل رأيتها سيدة نوال
فابتسمت نوال وقالت ...أنها جميلة ...لكن اخبرنى أولا هل أخبرتها بما اتفقنا عليه
-لا تقلقى ستقابلين زوجة ابنك المستقبلية غداً ...قالها بتأكيد
فضحكت ضحكة بشوشة. ...حقا لا تعلم كم أنا اتحرق شوقاً لرؤيتها والحديث معها مباشرة ...لقد تعب أسامة معى وأريد أن أجعله سعيدا
أنتِ امرأة رائعة قالها وهو يربت على يديها ...وتابع هو بضحك ...سيقتلنى أسامة إذ علم ما نخطط له ...
-لا تخف لن يجرؤ على الاقتراب منك طالما أنت معى قالتها بثقة

 

أنهت عملها وتوجهت مباشرة إلى المنزل ...دلفت إلى المنزل وأنفها يشم رائحة طعام شهية ...تتبعت الرائحة حتى وصلت إلى المطبخ فرأت والدها يقف عند المقود فاقتربت ببطء وفى نيتها أفزاعه فقالت بصوتا عالى ...ياسييييييين
فضحك بشدة وأخرج طرف لسانه لها قائلا بمكر. ...لقد سمعت صوت خطواتك أيتها الحمقاء...فزمت شفتاها إليها بشدة وقالت بدلال ...لقد فشلت خطتى
فقهقه عاليا قائلا بسرعة ...حسنا اذهبى وبدلى ملابسك بسرعة ...لقد أعددت لكى طعام ستأكلين أصابعك وراءه من روعته ...لذلك هيا بسرعة قبل أن يبرد وأنا سأرتب كل شئ
دلفت إلى غرفتها وبدلت ملابسها وجلست هى والدها يتناولا الطعام بشهية كبيرة ...وبعد ذلك قامت نور بجمع الأطباق ورتبت المطبخ ...ودلفت إلى غرفة والدها رأته يستند بظهره على السرير وعيناه شاردة ...وعندما انتبه لها دعاها إلى احضانه فلبت بسرعة تستنشق رائحته يضمها إليه بشدة ووضع قبلة على رأسها بدفء ابوى وحنان كانت فى أشد الحاجة إليه ...قرأ الاثنان كتابا ما عن القانون ...ثم بدأ هو بالحديث قائلا...لقد اشتقت لبقاءنا سويا منذ فترة يا نور
-وأنا أيضا اشتقت إليك أيها المستشار ...لقد كنت أحتاج حقا إلى حضنك هذا للغاية
-فرفع ذقنها إليه وهو يقول بحنان ...ماذا بك يا نور ...أشعر إنكِ حزينة ...هل أنتِ بخير حبيبتى
فحركت رأسها بالنفى. ...لا تقلق على ابنتك ...ولكن تأكد إننى أصبحت أقوى مما سبق ...ابنتك قوية
رغم أنه لم يفهم شئ من كلماتها إلا أنه سعد بكلامها وضمها إليه أكثر وهو يقول بمكر ...حازم شخص جيد ...ما رأيك به ...
فضحكت بخفوت وقالت وهى تعلم جيداً مقصد والدها ولكن ما لا يعلمه أن ذلك ال حازم لن يلتفت لها يوما فهو لم يرفع نظره إليها يوما ...أنه مغرور ومتكبر قالتها ببرود
فضحك ياسين بشدة ...ماذا مغرور ومتكبر أنتِ من تعتقدينه هكذا لكنه شخص رائع... أتمنى حقا بأن يحبك شخصا مثله ...
فنظرت إليه بغضب ...فصمت يحاول كتم ضحكته ...حتى قالت وهى تنظر إلى يديها ...أبى
فألتفت إليها بإنتباه فقليلا جداً ما كانت تدعوه بأبي ...فقالت بخفوت ...أبى ...هل والدتى ...فرفعت عيناها إليه ...لن أسألك ان كانت موجودة أم لا ...لكن هل كنت تحبها ...كيف هى ...ما شكلها ...اخبرنى أى شئ عنها ...قالتها بأعين دامعة وهى ترى ملامح والدها الجامدة ...فنظرت إليه برجاء ...أخفض رأسه وقال بتأكيد ...أريد أن أخبرك بشئ يا نور تأكدي إننى لم أحب امرأة مثلما أحببت والدتك ...لكن الظروف وأحيانا القدر يكون أقوى من الإنسان ...ام بالنسبة ان كانت تشبهك ام لا ...فتابع بابتسامة ...ما رأيك هل تريدين رؤيتها
فالتمعت عيناها بفرح ...فقال بسرعة ...قفى أمام المرأة يا نور
تحركت كما طلب ووقفت أمام المرآة ...فقال بألم حاول اخفاءه. ...ماذا ترين يا نور
نظرت إلى المرآة وهى ترى انعكاس صورتها بها ...ففهمت ماذا يقصد فقالت بصوت مكتوم وحزن ...هل أنا اشبهها لهذه الدرجة
-أنتِ هى ...أنتِ صورة طبق الأصل منها ...
من دون أن تشعر نزلت دموعها الحارة على وجنتيها ولكنها مسحتها بسرعة والتفتت إلى والدها وجدته هو الآخر يمسح دمعة خائنة على خده ...ركضت إلى أحضانة ولم تستطع كبت دموعها فبدأت شهقاتها تعلو أكثر وأكثر ...

 

-ماذا ...هتفت بها نورا وهى تستمع إلى إقتراح حازم ...فتابعت بحزن ...تريد العودة إلى لندن يا حازم ...ستتركنى بعد ان عدت إلى لماذا يا بنى تفعل هذا بى
-أمى أرجوكي أنا أحتاج إلى الابتعاد قليلاً ...قالها وهو يدفن وجهه بين يديه ...يحاول أن يفهم والدته ضرورة سفره
فجلست بجواره وهى تربت على ظهره وهى تقول بصوت دافء حانى...لماذا ...ماذا بك حبيبى ...هل يوجد شئ يزعجك ...
فابتعد عنها وهم واقفاً وهو يقول بقلة حيلة وعدم صبر وهو يمرر أصابعه بين خصلات شعره السوداء ...فقط يجب أن أسافر ...ثم جلس القرفصاء عند قدميها ...لا تقلقى سأعود ...أقسم إننى سأعود إ ليكي
-متى ...متى ستعود...قالتها بألم
-لا تقلقى سأبقى قليلاً هناك فقط وبعد ذلك ساعود
فقالت وهى تضع وجهه بين راحتى يديها ...ماذا بك ابقى معى ...أريدك أن تكون بجوارى عندما أموت ...أنت ...أنت ...قاطعة كلماتها وهى تغمض عيناها بشدة ونزلت دموعها على وجنتيها. ...ثم تابعت بحزن شديد وهى تبتعد عنه و تقترب من باب الغرفة ... عندما يخبروك أن والدتك ماتت تعالى لرؤيتى ولا تنسانى يا حازم ...قالتها ثم خرجت من الغرفة
-أمى قالها بتنهيدة طويلة ...أنا حقا أحتاج إلى الرحيل ...أرجوكي لا تمنعينى ...قالها بخفوت.

كانت تجلس على طرف السرير وهى تحمل بين يديها أحد الكتب تطالعها باهتمام شديد فاقترب منها بخطوات ثابتة وجلس على الطرف الآخر وهو ينظر إليها وهى ما تزال كما كانت صباحا بعباءتها البيضاء وحجابها زفر بقوة وهو يلاحظ عدم اهتمامها او التفاتها له فاقترب منها أكثر ووضع أصابع يديه الحارة على يديها التى تفاجأ من برودتها الشديدة ...عندما شعرت بلمسته انتفض جسدها فاقترب أكثر وأغلق بيده الكتاب الذى كان بين يديها قائلا بهيام وتنهيدة طويلة من قلبه ...أحبك ...اخفضت أهدابها بخجل جعل ابتسامة مالك تتسع أكثر

وأمسك بذقنها لتنظر إليه وبدأ فى فك حجابها المعقود وما أن خلعه عن رأسها حتى تناثر شعرها على كتفيها كالحمم البركانية ...زادها جمالا وانوثة...بلعت ريقها بخوف وارتباك وهى تسنشق رائحة عطره الرجولية التى جعلت مشاعرها مضطربة تائهة ...هل تستكين وتخضع له أم تبتعد ...نظراته كانت تاسرها. ...لكنها ما ان تذكرت كلماته لوالدته حتى أبعدت يده عنها بحدة وقالت بقوة وهى تقف مبتعدة عن السرير ...حسناً أخبرني أين تريد النوم ...الأريكة أم السرير
-ماذا هتف بها باستتكار
-عليك أن تختار أين تريد النوم لكى أعرف أين سأنام أنا طوال فترة بقائي هنا
- ماذا ...هل تمزحين. ...نحن متزوجان قالها وهو يقف مبتعدا عن السرير
فبدأت بصمت بأخذ أحد المفارش ووضعته على الأريكة مستعدة للنوم
فسحبها بقوة إليه وحملها بين يديه والقاها بشدة على السرير وهو يكبل يداها بيديه يمنعها التحرك ...ظلت تحرك يديها وقدميها تحاول التخلص من قبضة يده وجسده القابع فوقها لكن دون جدوى ...ظل يراقب تعابير وجهها وكأنها تقاتل شخصا ما تنفر منه ...وربما أكثر من هذا شخصا تكره
نظر إلى عيناها فوجد الرعب بهما تألم قلبه ورجولته من خوفها منه ...فأسند جبهته على جبتها قائلا بحزن وخفوت وعيناه مغمضتان ...لست أنا الرجل الذى يفرض نفسه على امرأة ...وخصوصاً... تابع وهو ينظر إلى عيناها ...وخصوصاً إن كانت حبيبته وزوجته ...قالها ثم ابتعد عنها نام على طرف السرير يعطيها ظهره ...دقات قلبها تسارعت نبضاتها ونامت هى الأخرى فى مكانها وكلا منهم يعطى ظهره للآخر ... وكلا منهم يفكر فى شيئاً ما هى بمشاعرها وأفكارها المضطربة ...وهو يحاول كبت شوقه للنائمة بجواره ولا تشعر به ...

 

دلف إلى المنزل بعد أن أخبرته الخادمة بنوم السيدة منذ الصباح وعدم استيقاظها حتى الآن فنظر إلى ساعة يده وجدها تتجاوز التاسعة فعقد حاجبيه بشدة لماذا هى نائمة حتى الآن ...صعد درجات السلم ...وتوجه إلى غرفة نومهما مباشرة ...وجدها تغط فى نوم عميق ...فخلع سترة بذلته والقاها على السرير بقوة تبعتها ربطة عنقه ...وخلع ساعته والقاها على الكومود بجوار السرير لكن لا حياة لمن تنادى ...لم يرمش لها جفن وظلت كما هى ...فبدأ بفك أزرار قميصه وهو يقترب منها يناديها بصوتا شبه عالى ...اروى ...لكنها لم تستجيب فرفع نبرة صوته أكثر ...اروى ...فبربشت باهدابها بتعب قاءلة بخفوت ...ماذا ..أريد النوم ...فرفع أحد حاجبيه
وقال بحدة ...تحركى واعدى لى الطعام
فاعطته ظهرها وهى تقول بنبرة خافتة ...اجعل الخادمة تعده ...
فتعالى صوته أكثر قائلا. ...بسرعة تحركى ...
فجلست على السرير وهى ترجع بيديها شعرها للخلف تبعده عن عيناه قاءلة بتعب ونعاس ظاهر على وجهها ...ماذا هناك ...أريد النوم إلا تستطيع أن تطعم نفسك... كانت نبرتها مستهزة مما جعله يقترب منه ويمسك بزراعها بشدة ...قائلا بقوة ...عندما أقول لكى تحركى فلتتحركى لن أعيد كلماتى مرة أخرى هل فهمتى. ...هتف بها بقوة
مما جعل اوصالها ترتجف ...ورائحة عطره جعلت معدتها تضطرب جعلتها تشعر بنفور منه فابتعدت عنه بسرعة راكضة إلى الحمام ...وهى تفرغ كل ما فى جوفها ...وجهها اصبح شاحبا وبعض حبيبات العرق على جبهتها من التعب ...لم تضع شيئا فى فمها منذ الصباح وشعرت بتعب شديد جعلها نائمة حتى الآن ...
-ماذا بك ...قالها بلهفة حاول إخفائها وهو واقف عند باب الحمام
فقالت وهى تخرج منه غير ابهة بوقوفه وعادت إلى السرير مرة أخرى ودثرت نفسها وبدأت فى النوم مما جعله يعقد حاجبيه بشدة .

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة